قضايا المرأة المصرية بين الواقع الاجتماعي والصحافة - دراسة مقارنة
2005
نبيلة تاجر خير الله ملك
"أولا : مشكلة البحث
لقد حظيت قضايا المرأة المصرية باهتمام من جانب الدراسات الاجتماعية والأنثروبولوجية والدراسات الاعلامية كلاً على حدة.
حيث لعبت الدراسات الاجتماعية والأنثروبولوجية دوراً رائداً في الكشف عن واقع المرأة المصرية ولا سيما التراث البحثي في الثمانينات والذي أبرز دور المرأة في القطاع الرسمي وغير الرسمي وكذلك أدوارها المأجورة وغير المأجورة ومدى معاناة المرأة في الطبقات الكادحة (علياء شكرى، 1988).
كذلك اهتمت بعض الدراسات الأنثروبولوجية في الوقت الراهن بالكشف عن قضايا المرأة في الواقع والتراث وذلك من خلال عرض لرأي المرجعية الدينية والقانون والموروث الثقافي (علياء شكرى ، 2003).
على الجانب الآخر يشهد التراث البحثي اهتمام بعض الدراسات الإعلامية والصحفية بالكشف عن صورة المرأة ، كما تعكسها الصحافة ولا سيما العديد من الدراسات التي أوضحت اهتمام الصحافة بالمرأة الحضرية دون الريفية والمرأة في الطبقات العليا وغياب المرأة في الطبقتين الوسطي والدنيا.
والاهتمام بالقضايا الخاصة بالجمال والموضة والأزياء أكثر من غيرها من القضايا الهامة التي تخص المرأة. فقد أوصت أغلب هذه الدراسات بالاهتمام بقضايا الجمهور المستهدف والاستفادة من الدراسات الخاصة بواقع المرأة (ليلي عبد الحميد ، 1990 : 57-81).
ورغم هذا التراكم البحثي إلا أن الجمع بين دراسة قضايا المرأة في الواقع وما تعكسه الصحافة لم يكن موضع اهتمام الدراسات السابقة، حيث ركزت معظم الدراسات الاجتماعية والأنثروبولوجية على قضايا المرأة في الواقع فحسب وركزت الدراسات الإعلامية والصحفية على صورة المرأة كما عكستها الصحافة فحسب.
ومن هنا انطلقت الدراسة الراهنة حيث حاولت أن تلقي الضوء على مدى اقتراب قضايا المرأة في الصحافة (متمثلة في صفحة المرأة بجريدة الأهرام خلال أربع أعوام من عام 2000 حتي عام 2003) من قضايا المرأة في الواقع. والكشف عن أولويات اهتمامات المرأة في الواقع والصحافة ، فإن هناك ندرة في الدراسات التي عالجت دور الإعلام كمؤسسة إجتماعية لها دور بارز في الاصلاح والتغيير الاجتماعي بشكل عام ، ولذلك فإن هذه الدراسة حاولت الكشف عن هذا الدور.
حاولت الدراسة الحالية المزج بين مناهج وأدوات المنهج الأنثروبولوجي ومن بيها منهج دراسة الحالة وأدواته وبين مناهج وأدوات الدراسات الإعلامية ومن بينها منهج تحليل المضمون وذلك للكشف عن صورة المرأة في الواقع والصحافة.
كما جمعت الدراسة أيضا نظريا بين إطارين نظريين الأول أنثروبولوجي وهو الاتجاه النسوى والثاني خاص بالدراسات الصحفية وهو اتجاه وضع الأجندة وهذا يدل على مدى تكامل العلوم وأن المنهج العلمي لا يتجزأ في كل فروع العلم وإن اختلف التخصص.
ولقد وقع اختيار الباحثة على الصحافة دون غيرها من وسائل الإعلام للأسباب التي ذكرها Doob دوب حيث أثبتت التجارب التي أجراها أن وسائل الإعلام كالكتاب ، والصحيفة ، والمجلة ، واللافتات لها مميزات هامة تجعلها تتفوق على بعض الوسائل الأخرى ، وأهم هذه المميزات أن القارئ أو المشاهد يستطيع السيطرة على الوسيلة بطريقة ملائمة ، ففي حالة الصحيفة يستطيع أن يقرأ بالسرعة التي تناسبه ، كما يتمكن من إعادة ما قرأه ومراجعته في أي وقت، لذلك فهذه الوسائل صالحة لنشر الموضوعات المعقدة والدراسات الصعبة في ذات التفاصيل المتشعبة ، علاوة على إنها تمكن من النقد المدروس والعناية بالتفاصيل الدقيقة ، فضلا عن أنها تخدم الأذواق المختلفة ، وتعبر عن الاتجاهات المتعددة (غريب سيد احمد ، 1996: 127).
أما عن اختيار جريدة الأهرام دون غيرها من الجرائد الأخرى فذلك لأنها إحدى الصحف القومية التي تحظي بأكبر توزيع على مستوى الوطن العربي، إلى جانب إمكانية الحصول على الأعداد السابقة عن طريق الاحتفاظ بها على الميكروفيلم بأرشيف المجلس الأعلى للصحافة. أما بالنسبة لاختيار ملحق الأهرام لأنه يخصص صفحة خاصة بالمرأة وتوجه لها ، وهي تنشر بشكل منتظم في يوم الجمعة من كل أسبوع. وهو يسبق صدور ملحق محبوبتي بجريدة الجمهورية.
وغني عن البيان أن الاقتصار على صفحة المرأة في الأهرام دون غيرها يرجع إلى اعتبارات إجرائية تتعلق بالرغبة في التركيز على هذا الباب الموجه إلى المرأة بشكل خاص وإن كانت الباحثة لم تغفل ما كتب حول المرأة بحيث تناولت الصحيفة تناولا شمولياً استنادا على رؤى أنثروبولوجية دعمت هذا الاتجاه حتي تأتي في المقاربة بين ما يكتب في الصحيفة والواقع مقاربة علمية إلى حد ما رغم الصعوبات التي تكتنفها. ولذا وقع الاختيار فقط على الفترة من عام 2000 حتي عام 2003 بحيث تشمل الفترة التي شهدت نشأة المجلس القومي للمرأة عام 2000.
أما فيما يخص الواقع فقد لجأت الباحثة إلى العديد من الدراسات الأنثروبولوجية السابقة ودراسة بعض الحالات المتعمقة التي تعكس الأبعاد الطبقية والعمرية والعملية والمهنية. وهو ما سوف يظهر جليا في الفصل الخاص بالإجراءات المنهجية.
ثانيا : أهميـة الدراسـة
1- الأهمية النظرية
تتبلور أهمية الدراسة من خلال اهتمامها باختبار مدى ملاءمة قضايا الاتجاه النسوى ومفاهيمه لتفسير الواقع الاجتماعي للمرأة المصرية في ظل الخصوصية الثقافية للمجتمع المصري. ومن هذه القضايا -على سبيل المثال- قضايا التمييز بين الرجل والمرأة ، وكيف تتشكل اجتماعيا من خلال التنشئة الاجتماعية، وكذلك اختبار بعض المفاهيم النسوية مثل مفهوم الاستغلال، والاضطهاد ، والتبعية ومعرفة مدى تجسد هذه القضايا والمفاهيم في الواقع الاجتماعي الذي تعيش المرأة المصرية في نطاقه ، ولذلك فإن الدراسة يمكن أن تسهم في محاولة رسم إطار تصوري لقضايا المرأة في ظل خصوصية المجتمع المصري، إلى جانب رسم لصورة المرأة كما تعكسها الصحافة ، والكشف عن أولويات قضايا المرأة في الواقع والصحافة لمعرفة مدى اقتراب المعالجة الصحفية لقضايا المرأة من واقعها الفعلى، بالاعتماد على اختبار المقولات النظرية لنظرية وضع الأجندة “Agenda Setting"" تلك التي يمكن أن تساعدنا في رسم تلك الصورة.
2- الأهمية التطبيقية
تتضح الأهمية التطبيقية للدراسة من خلال تقييم المادة الإعلامية التي تقدم للمرأة في صورة موضوعات صحفية متنوعة ، ومدى اقترابها من الواقع الفعلي الذي تعيشه المرأة المصرية. وانطلاقا من الدور الفعال الذي يمكن أن تلعبه الصحافة في المجتمع ، فإن نتائج هذه الدراسة يمكن أن تقدم بعض التوصيات للقائمين على وسائل الاتصال ممثلة في الصحافة ، وذلك بهدف توجيهها بشكل أكثر فاعلية نحو الواقع والاهتمام بمعالجة القضايا والمشكلات الحيوية.
ثالثا : أهـداف البحـث
تهدف الدراسة الراهنة إلى:
1- التعرف على القضايا التي تخص المرأة المصرية في الواقع.
2- التعرف على القضايا التي تخص المرأة المصرية ، كما تكشف عنها الصحافة.
3- الكشف عن مدى اقتراب القضايا الخاصة بالمرأة في الواقع من قضايا المرأة كما طرحتها الصحافة.
أما عن الأهداف الفرعية فهي :
أ- التعرف على أنماط القضايا الخاصة بالمرأة التي طرحتها الصحف في الفترة من عام 2000 إلى عام 2003.
ب- التعرف على أولويات هذه القضايا ، كما عكستها العينة الصحفية.
ج - معرفة خصائص النساء التي قامت الصحافة بمخاطبتهن. هل خاطبت كل فئات المرأة (الريفية ، والحضرية ، والمتعلمة ، والأمية العاملة ، وربة المنزل ، والشابة ، والمتزوجة) أم لم تفعل ذلك.
ومن ناحية أخرى:
- الكشف عن أهم القضايا التي تشغل بال المرأة المصرية في الواقع وأولوية هذه القضايا (قضايا الزواج والطلاق والتعليم والعمل والصحة…إلخ).
- التعرف على هذه القضايا ذات الأهمية بالنسبة للمرأة في الواقع ، ومدى اقترابها من قضايا المرأة كما تعكسها الصحافة.
رابعا : تساؤلات البحث
يتضح مما سبق اهتمام الدراسة برصد القضايا والمشكلات الخاصة بالمرأة في الواقع ، إلى جانب رصد هذه القضايا والمشكلات من خلال الصحافة؛ وذلك للكشف عن مدى اقتراب الصحافة من الواقع الحقيقي للمرأة المصرية.
وبناء على ذلك تنطلق الدراسة من تساؤل أساس فحواه هو: إلى أي مدى تقترب أو تبتعد القضايا والمشكلات الخاصة بالمرأة كما تقدمها الصحافة عن القضايا والمشكلات الواقعية للمرأة المصرية؟
ويندرج تحت هذا التساؤل الرئيسي عدة تساؤلات فرعية هى:
1- ما نوعية وأنماط المشكلات التي تواجه المرأة في الواقع المعيش ؟ وهل تتباين هذه المشكلات بتباين الخصائص الاجتماعية للمرأة كالطبقة ، والتعليم، والمرحلة العمرية…الخ ؟
2- ما أنماط ونوعية القضايا الخاصة بالمرأة ، كما تقدمها الصحافة المصرية؟
3- إلى أي مدى ترتبط قضايا المرأة التي تقدمها الصحافة بالمشكلات والقضايـا الواقعية التي تعيشها المرأة المصرية ؟
4- هل تعبر الصحافة عن قضايا المرأة في الفئات والشرائح الطبقية المختلفة أم أنها تولي اهتمامها لشريحة أو فئة معينة ؟
5- ما الفئات التي تركز عليها الصحافة ؟
أ- هل تخاطب الصحافة المرأة في جميع الطبقات أم ينصب اهتمامها على طبقة معينة ؟
ب - هل تهتم الصحافة بالمرأة الحضرية أم بالريفية أم بهما معاً؟
ج- هل تركز الصحافة على المرأة العاملة أم غير العاملة؟
6- ما أكثر أنماط القضايا التي تشغل اهتمام الصحافة ، وهل هذه القضايا تتفق بالفعل مع أكثر ما يواجه المرأة من مشكلات وقضايا في الواقع الفعلي ؟
7- ما مدى ملاءمة قضايا الاتجاه النسوى ومفاهيمه في تحليل الواقع الاجتماعي للمرأة المصرية وتفسيره، ثم ما مدى انعكاس هذه القضايا والمفاهيم في التناول الصحفي لقضايا المرأة ؟
خامسا : المفاهيـم الأساسيـة
يتناول هذا الجزء المفاهيم الأساسية للدراسة وبعض التعريفات الإجرائية المرتبطة بموضوع الدراسة وهي:-
- الواقع الإجتماعي .
- الصحافـة.
سادسا: الإطـار النظري للدراسة
جمعت الدراسة بين اتجاهين من الاتجاهات النظرية الهامة: الأول هو الاتجاه النسوى feminism ، وهو من الاتجاهات الحديثة في دراسة المرأة، ويهتم بعدم المساواة النوعية التى مرت بتاريخ طويل بداية من القرن الثامن عشر، واستمرت للوقت الحالي، حيث تطور من مجرد محاولات لتغيير الصيغ القانونية إلى جهود ممتدة في كل مجالات الحياة ، فالاتجاه النسوى هو رحلة نضال مرت بمراحل متعددة وبنقاط تحول هامة على المستويات العالمية والقومية والمحلية (Badran, 1997: 12).
أما الاتجاه الثاني فهو اتجاه وضع الأجندة Agenda setting والذى يمثل نقطة تحول في الدراسات الاعلامية ، من التركيز على دور وسائل الإعلام في تغيير الاتجاهات والآراء ، أي ""الوظيفة الاقناعية لوسائل الإعلام، إلى التركيز على دور وسائل الإعلام في ترتيب أولويات القضايا العامة لدى الجمهـور، أى ""الوظيفـة المعرفيـة لوسائل الإعلام"" (بسيونى إبراهيم ، 1990: 53).
سابعا: الإطار المنهجي للدراسة
ويضم هذا الإطار مجموعة من المراحل والخطوات المنهجية التي اتبعتها الباحثة لتحقيق أهداف الدراسة.
المرحلة الأولي: اشتملت على مجموعة من الإجراءات المنهجية الأولية لتنفيذ الدراسة الميدانية ، وهي:
1- اختيار مجتمع البحث.
2- اختيار حالات الدراسة وخصائصها.
3- اختيار عينة الصحف المختارة للدراسة.
4- تحديد مناهج جمع المادة وأدواتها.
المرحلة الثانية: وهي مرحلة جمع البيانات ، باستخدام الأدوات المختلفة لجمع المادة الميدانية والصحفية. ففي هذه المرحلة تم جمع البيانات الميدانية من حالات الدراسة، وتم جمع المادة الصحفية الخاصة بقضايا المرأة من عينة الصحف المدروسة.
المرحلة الثالثة: وهي المرحلة الأخيرة التي تم من خلالها:
- تصنيف قضايا المرأة في الواقع.
- تصنيف قضايا المرأة في الصحافة ، في محاولة للمقارنة بينها.
محتويات الرسالة:
وقد جاءت الدراسة في شكلها النهائي في ثلاثة أبواب وعشرة فصول ، وقد جاء الباب الأول بعنوان الإطار النظري والمنهجي للدراسة ويتضمن ثلاثة فصول.
مقدمة الدراسة:
وعرضت فيه الباحثة مشكلة الدراسة والأهمية النظرية والتطبيقية وأهداف وتساؤلات الدراسة والمفاهيم الرئيسية.
الفصل الأول : بعنوان الإطار النظري للدراسة ، ويهتم بمناقشة القضايا النظرية التي تم تحليل المادة الميدانية وفقا لها.
الفصل الثاني : بعنوان الإطار المنهجي للدراسة ، وعرضت فيه الباحثة للمناهج والخطوات الإجرائية والصعوبات التي واجهت الدراسة.
الفصل الثالث : بعنوان رؤية نقدية وتحليلية لأهم الدراسات السابقة التي استندت إليها الدراسة.
أما الباب الثاني فقد جاء بعنوان قضايا الأحوال الشخصية بين الواقع والصحافة. ويضم ثلاثة فصول ، واعتمدت البيانات الواردة بهذا الباب على الدراسة الميدانية لحالات الدراسة.
الفصل الرابع: بعنوان القضايا المرتبطة بالزواج وتم من خلاله عرضا للنقاط التالية:
أولا: الأسباب التي تدفع الفرد للزواج.
ثانيا : عقد الزواج
ثالثا : وثيقة الزواج الجديدة
رابعا: الزواج العرفي
خامسا: تعدد الزوجات
الفصل الخامس: بعنوان الطلاق والخلع بين الواقع والصحافة واهتم بعرض الشروط القانونية للطلاق ، وأسباب الطلاق كما ظهرت في الواقع الميداني ، وأسباب عدم طلب الزوجة التطليق من زوجها ، وإجراءات الطلاق ، ودور أسرة التوجيه في الإصلاح بين الزوجين وأسباب الخلع ومقارنتها بما نشر في الصحف.
الفصل السادس: بعنوان العنف ضد المرأة بين الواقع والصحافة ، واهتم هذا الفصل بعرض ثلاث قضايا فرعية وهي:
- العنف ضد الزوجة (ضرب الزوجات نموذجا).
- ختان الإناث.
- الزواج المبكر.
وقد جاء الباب الثاني: بعنوان قضايا تمكين المرأة بين الواقع والصحافة ويتضمن أربعة فصول.
الفصل السابع: بعنوان التعليم ويهتم هذا الفصل بقضايا تعليم المرأة في الواقع وكما تعكسها صحف الدراسة.
الفصل الثامن: بعنوان العمل ويهتم هذا الفصل بعرض قضايا عمل المرأة في الواقع كما كشفت عنه الشريعة الإسلامية والقانون وحالات الدراسة ، كما عكسته صحف الدراسة.
الفصل التاسع: بعنوان الصحة ويتناول هذا الفصل قضايا المرأة الصحية في الواقع الاجتماعي والصحافة.
الفصل العاشر: بعنوان المشاركة السياسية ويعرض هذا الفصل حق المشاركة السياسية في القانون والأسباب التي تعوق هذه المشاركة في الواقع ، وكما تعكسها صحف الدراسة.
الفصل الحادي عشر: بعنوان نتائج الدراسة الميدانية ، وقد قامت الباحثة فيه بمناقشة لأهم نتائج الدراسة في ضوء الإطار النظري والمنهجي مع عرض لأهم قضايا المرأة في الواقع والصحافة.
فإن هناك العديد من الدراسات التي اهتمت بصورة المرأة كما تعكسها الصحافة، ولكن ركز معظمها على تحليل مضمون المادة الصحفية دون الكشف عن القضايا والمشكلات التي تعاني منها المرأة في الواقع المعيش.
ومن هذا المنطلق ، قامت هذه الدراسة بالكشف عن قضايا المرأة في الواقع وتحليلها بالاعتماد على المنهج الأنثروبولوجي بأدواته ، والمزاوجة بين منهج دراسة الحالة بالاستعانة بدليل دراسة الحالة الذي يسبر أغوار الواقع، ومنهج تحليل المضمون لتحليل قضايا المرأة كما تعكسها الصحافة ، والوصول إلى الكيفية التي عالجت بها الصحافة قضايا المرأة . وتستطرد الدراسة بعد ذلك للكشف عن مدى اقتراب أو ابتعاد قضايا المرأة في الواقع من قضايـا المرأة كما تعكسها الصحافة.
وقد قامت الباحثة بتصنيف قضايا المرأة إلى أربعة أنماط ، هي قضايا الأحوال الشخصية ، وتضم (الزواج ، والطلاق ، والخلع ، والعنف ضد المرأة)، وقضايا تمكين المرأة وتضم (تعليم المرأة ، وعمل المرأة ، ثم قضايا المرأة الصحية، وأخيرا قضايا المرأة السياسية).
وقد توصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج الخاصة بقضايا المرأة في الواقع ، وأيضا كشفت الدراسة عن نتائـج خاصة بتحليل مضمون قضايا المرأة، كما عكستها صحف الدراسة. ومن خلال إجراء المقارنة بين هاتين المجموعتين خرجت الدراسة بالنتائج الآتية:-
أظهرت الدراسة الميدانية أنه على الرغم من كل المشكلات التي تحيط بموضوع الزواج بداية من الاختيار للزواج ، ومشكلة تأخر سن الزواج وأسبابها، ووثيقة الزواج الجديدة ، والزواج العرفي ، وتعدد الزوجات، إلا أن الصحافة افتقدت دورها الاجتماعي كأداة لعرض مشكلات الواقع ومحاولة وضع الحلول للتغيير من الوضع القائم ، وهو الدور الذي كانت تقوم به جريدة الأهرام في الماضي ، فقد كانت تفتح صفحاتها للقراء ليقدموا آراءهم في قضاياهم.
اتضح أيضا من خلال الدراسة الميدانية عدم وجود وعي بالقوانين عامة، وقوانين الأحوال الشخصية خاصة لدى المرأة في الطبقة الدنيا وبعض شرائح الطبقة الوسطي ، إلى جانب اعتقاد أغلب النساء بعدم ملاءمة بعض نصوص القانون الذي سن لصالح المرأة. فعلى سبيل المثال عدم ملاءمة بعض شروط وثيقة الزواج الجديدة كحق العصمة ، والتعليم، والخروج للعمل ، والسفر…الخ ، وأن وضع شروط قبل الزواج يعجل بنهاية هذا الزواج.
على الجانب الآخر لم تهتم عينة صحف الدراسة بنشر الموضوعات التي تقوم بتوعية المرأة ببعض حقوقها التي منحها لها القانون ، فعلى سبيل المثال لم تنشر عينة الصحف أي موضوع عن وثيقة الزواج الجديدة ، وبدلا من أن تعرض صفحة المرأة كل ما هو جديد عن حقوق المرأة وقضاياها والاستعانة بنتائج الدراسات والأبحاث وآراء رجال الدين والقانون تنازلت عن هذا الدور الهام ليبدأ باب مع القانون في نشر هذه الموضوعات عن رأي القانون في بعض القوانين الخاصة بالمرأة ، وصفحة فكر ديني لنشر بعض الموضوعات الخاصة بالمرأة ورأي الدين فيها.
كشفت الدراسـة الميدانية أنه بعد معاناة الحركة النسوية لتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة وتعديل بعض بنود قوانين الأحوال الشخصية أو إضافة بعض الشروط التي تضمن بعض حقوق المرأة ومنع التمييز ضدها ، إلا أن الواقع يكشف عن تأثير الموروث الثقافي والتنشئة الاجتماعية والفقر والأمية والتفسير الخاطئ لبعض النصوص الدينية كمبرر لسيطرة الرجل والنظرة الدونية للمرأة.
وقد دعم ذلك ما توصلت إليه نتائج البحث الذي أجرته منظمة حقـوق الإنسان Human Rights Watch من أن قوانيـن الأحـوال الشخصية تعامـل المرأة أساسـا باعتبارهــا قاصرا في نظر القانون وخاضعة على الدوام لوصايـة أفـراد الأسرة الذكـور ، وهـذه القوانيـن تعامـل المرأة باعتبارهـا جـزءا من تنظيـم مؤسسـة الأسرة ، لا باعتبارها فردا يتمتع بحقوقه المستقلـة أو المساوية لحقوق الرجل (htt:/www.hrw.org/arabic/reports/2004/egypt 204/2.htm)
يحسب للصحافة زيادة اعتمادها مؤخرا على بعض الأبحاث والدراسات العلمية التي تناولت قضايا المرأة ، لكنها أهملت تناول بعض الموضوعات الأخرى التي تخص المرأة في الواقع."
الخميس أبريل 29, 2021 10:43 pm من طرف زائر
