:bounce: :sleep: شهد القرن العشرين تطورا كبيرا في مجال رعاية المعاقين وﺘﺄهيلهم ٬ ويرجع ذلك الى وقوع حربين عالمتين كان من ﺃثرهما ما ظهر من نقص كبير في القوى العاملة في كثير من بلاد العالم ٬ وﻟﺠﺄت الدول الرﺃسمالية الى الاهتمام بالمعاقين ورعايتهم وﺘﺄهيلهم وﺇعدادهم للعمل ٬ يحدوها الى ذلك العوامل الاقتصادية التي ترتبت على ذلك النقص الكبير في اﻷيدي العاملة والمنتجة .
والى جانب ذلك ظهرت مشاكل اجتماعية في كثير من البلاد كنتيجة لعجز الكثييرين من ضحايا هاتين الحربين وتعطلهم عن العمل ٬ فكان لزاما عليها ان تبادر الى وضع البرامج لمساعدتهم ورعايتهم وﺘﺄهيلهم .
وﻟﺠﺄت بعض الدول الى وضع تشريعات تنظم هذه البرامج والخدمات ٬ وتكفل لهؤلاء المعاقين بعض المزايا والحقوق التي تكفل لهم الاستقرار في الحياة كمواطنين صالحين .
لذلك كانت الخذمة الاجتماعية من اهم الاساليب العلمية التي يمكن ان تعمل مع المعاقين لرعايتهم والاستفادة من قدراتهم المتاحة حتى تدعم سلوكهم الايجابي.
ونود ان نشير الى ان فئة المعاقين في اشد الحاجة الى تفهم بعض مظاهر الشخصية لديهم نتيجة لما تفرضه الاعاقة من ظروف جسمية او حسية او عقلية ٬ ومواقف اجتماعية ٬ وصراعات نفسية ٬ والى ان تتفهم اساليبهم السلوكية التي تعبر عن كثير من هذا التعقيد والتشابك ٬ وبالرغم من كل ذلك ﻓﺈن هذه الفئة لم تلقى حتى الان الاهتمام المناسب من الباحثين وخاصة في مجال الخدمة الاجتماعية .
وان هذا المجال محاولة علمية لا تستهدف مجرد اثراء للثراث العلمي للعلوم الاجتماعية ٬ وخاصة الخدمة الاجتماعية او امتداد ﻷبعادها ووظيفتها ٬ ولكنها استجابة لمتطلبات الواقع الذي تعيشه المجتمعات النامية والمجتمعات العربية خاصة في مواجهة مشكلة الانسان ٬ وصحته النفسية ومدى اهمية الثروة البشرية في هذه المجتمعات ٬ لتسهم ايجابيا في الشؤون التنمية التي يهدد بعض ابناءها نتيجة لتعرضهم للاصابة بالاعاقة .
كما نود الاشارة الى الاهتمام العالمي الذي يحظى به المعاقين في الوقت الحالي ٬ وذلك في الكثير من بلاد العالم المتقدم بصفة عامة والاهتمام الشعبي والرسمي الذي زاد في البلاد العربية بصفة خاصة ٬ حتى ان هيئة الامم المتحدة قد دعيت دول العالم الى اعتبار عام 1981 عاما دوليا للمعاقين ٬ وهذا ان دل على شيء ﻓﺈنما يدل على اهتمام العالم بممثليه في اكبر المنظمات الدولية بتلك الفئة من ابناء الانسانية .
І نظرة تاريخية لتطور رعاية المعاقين
في التاريخ القديم عانى المعاقين في كثير من الامم من الاضطهاد والازدراء والاهمال فكانوا يتركون للموت جوعا او يوﺃدون وهم اطفال ... شهدت على ذلك مجتمعات روما واسبرطة وكذلك الجزيرة العربية الى جانب عديد من القبائل في مختلف ارجاء العالم بينما كانوا يتمتعون بالرعاية في مصر القديمة والهند .
ثم جاءت الديانات السماوية بما تحمله من تعاليم المحبة والتسامح والاخاء بين البشر فكانت نبرات تستضيء بهداية البشرية مما ادى الى انتشار نظم الاحسان كنظام الوقف في المجتمع الاسلامي ونظام الملاجئ في فرنسا وغيرها ٬ واستمر هذا النظام عاملا اساسيا في رعاية المرضى والمعاقين عن طريق مساعدتهم ماديا دون ﺃي جهد في مساعدتهم على استرداد مكانتهم في المجتمع٬ولقد تميز المجتمع الاسلامي عن اروبا بنظرته الايجابية للمعاقين فخصص لهم من يساعدهم على الحركة والتنقل وانشاء المستشفيات العلاجية .
ولقد عنى الخلفاء وحكام المسلمين بالمرضى والمعاقين ويبدو ذلك واضحا في اهتمام عمر بن الخطاب وعبد الملك بن مروان وعمر بن عبد العزيز وغيرهم من الخلفاء المسلمين وحكامهم بتوفير الرعاية الاجتماعية للمعاقين ٬ وقد بلغ من اهتمام عمر بن عبد العزيز بهذا المجال انه حث على عمل احصاء المعاقين ٬ وخصص مرافقا لكل كفيف ٬ وخادما لكل مقعد لا يقوى على القيام وقوفا او اداء الصلاة وقوفا .
وفي هذا المقام جاء قوله عز وجل في سورة النور :
﴿ ليس على اﻷعمى حرج ٬ ولا على اﻷعرج حرج ٬ ولا على المريض حرج ٬ ولا على انفسكم ان ﺘﺄكلوا من بيوتكم او بيوت ابنائكم ٬ او بيوت امهاتكم ٬ او بيوت اخواتكم ٬ او بيوت اخوالكم٬ او بيوت اعمامكم ﴾
والاسلام يوجب علينا الا نتجاهل المكفوف ولو لم يحس بوجودنا ٬ وفي هذا الصدد يقول رسولنا الكريم (ص) ﴿ ترك السلام على الضرير خيانة ﴾ .
وفي العصر الحديث عملت الثورات الاجتماعية على نشر الاهتمام بالانسان الفرد ٬ والاهتمام بحقوقه وتخليصه من الظلم مما ولد الاهتمام بالضعفاء والمعاقين ٬ والبحث عن وسائل رعايتهم ٬ وكان التقدم في وسائل تعليم الطفل المعاق حسيا بداية لمنطلق يدعوالى امكانية الاستفادة من طاقات المعاقين وتوصيل المعلومات لهم بطريقة تناسبهم فكانت طيقة البرايل لتعليم المكفوفين ٬ وطريقة قراءة الشفاه لتعليم الصم بداية هامة على هذا الطريق .
وفي اعقاب الحرب العالمية الاولى كانت الاعداد الهائلة من المعاقين الذين تخلفوا عن الحرب عاملا هاما في البحث عن وسائل جديدة لرعايتهم ٬ فبدﺃ اﻟﺘﺄهيل مصحوبا بصيغة اقتصادية تدعو الى الاستفادة من طاقات المعاقين المهنية في الانتاج وانشئت ﺃولى المعاهد اﻟﺘﺄهيل المهني بالولايات المتحدة الامريكية 1920 ٬ واستمرت هذه الدعوة الى اعقاب الحرب العالمية الثانية ٬ وصحب ذلك التطور الهائل في الجراحة الذي جاء نتيجة للتدمير البشري الذي حدث في الحرب العالمية الاولى ٬ والتطور في صناعة الاجهزة التعويضية الذي صحب التطور التكنولوجي بصفة عامة ٬ وجاء اعلان حقوق الانسان الصادر عن هيئة الاممم المتحدة نقطة تحول هامة في اتجاهات المجتمعات نحو ابنائها فحلت النظرة الاجتماعية الانسانية محل النظرة الاقتصادية واصبحت الدعوة لرعاية المعاقين وﺘﺄهيلهم اجتماعيا ليعودوا ﺃفرادا منتجين ومندمجين في مجتمعاتهم ٬ يتمتعون بالكرامة والسعادة وحقوق المواطنة كغيرهم من المواطنين .
لقد تضافرت جهود العلماء والمفكرين في سبيل توفير برامج اﻟﺘﺄهيل التي تساعد الفرد المعوق على استرداد اقصى ما يمكن من امكانيته في الحياة ٬ وذلك بتنمية ما يتبقى لديهم من قدرات ﻷقصى ما يمكن .
ويعمل الاطباء والمهندسون والاجتماعيون على البحث فيما يساعد الفرد المعاق من وسائل تكنولوجية واجتماعية ونفسية كي يحيا في بيئة مناسبة ٬ ويقوم ﺑﺄنشطته اليومية ﺑﺄقل جهد ممكن .
وتختلف التجارب في ما بين البلدان العربية في تحقيق لبرامج الرعاية الاجتماعية للمعاقين اذ تعتبر مصر رائدة في مجال التعامل العلمي والعملي في مجال الرعاية الاجتماعية من خلال انشاء معاهد في الخدمة الاجتماعية وﺘﺄسيس الملاجئ التي تسيرها جمعيات خيرية اسلامية واصدار ﺃول القوانين للضمان الاجتماعي في البلاد العربية عام 1950 خصص جزءا مهما ﻟﺘﺄهيل المعاقين واسرهم ٬ ولا يخفى ريادة مصر عربيا في تكوين متدربين واخصائين اجتماعين في مجال الاعاقة والعجزة والخدمة الاجتماعية ٬ كما انه صار على هذا النهج دول عربية اخرى مثل بلدان الخليج والمغرب العربي مستفيدة من ما حققته مصر في هذا المجال.
منقول
المرجع
كتاب - الرعاية الاجتماعية وخصخصة الخدمات – الدكتور محمد سيد فهمي – طبعة1 2005 المكتب الجامعي الحديث [/color]