الفصل الأول
المدخل إلي الدراسة
1- مقدمة الدراسة:
يعيش العالم الآن عصر تتدفق فيه المعرفة الإنسانية وتنوع مصادرها نتيجة للتطورات الهائلة في مجال التكنولوجيا وتعدد الإنجازات الفكرية والعلمية والثقافية والاجتماعية ونتيجة لذلك توثقت العلاقة بين الانتصارات العلمية التكنولوجية ومدي توافر نظم المعلومات في مختلف أوجه النشاط الإنساني وأصبحت الحصيلة المعرفية لأي مجتمع هي القوة التي تصوغ حاضره وتؤمن مستقبله وهكذا أصبحت الأمة القوية هي أكثر أمن وأمان لتحقيق الانتماء لدي أفرادها.
ونظراً لأهمية التعليم الجامعي في شتي المجالات الاقتصادية والاجتماعية والمعرفية التي يكون للجامعة الدور الأساسي في إثراءها فقد اعتبرته العديد من المجتمعات الركيزة الأساسية لإحداث التطور ولهذه الأسباب فهي مطالبة بأن تكون علي وعي تام بمسئوليتها ورسالتها في المجتمع وأي قصور في هذا الدور يجعلها عرضه للنقد من قبل المجتمع بسبب عدم الوفاء باحتياجاتها ( ).
لذلك فإن الجامعة في أي مجتمع كان لا يمكن أن تؤدي دورها الكامل في التغيير الاجتماعي بدون تحقيق التفاعل بين الفرد من ناحية والبيئة الاجتماعية من ناحية أخرى. وقد اعترف الكثير من المربين بعلاقة التعليم المدرسي والجامعي بالتغيير الاجتماعي لأنهما يقويان المهارات ويذكيان روح الابتكار لدى الفرد. إن التعليم الجامعي في المجتمعات النامية له أثر كبير في عملية الرقي الاجتماعي لأنها تساعد على تحسين أوضاع الطبقات الفقيرة من السكان وتيسر فرص العمل للأفراد وترفع مستوى معيشتهم. وكما قيل عن الجامعة أنها تؤدي كل الوظائف التي يفرضها المجتمع.
والجامعات في عصرنا الحاضر ارتفعت مسئولياتها وتعاظمت نتيجة لتغير أهدافها ووظائفها بما يتفق مع احتياجات المجتمعات للكفاءات والخبرات المختلفة ، وكذلك فتح باب القبول والدراسة للتعليم الجامعي أما أبناء تلك المجتمعات لتحقيق طموحاتهم للتعليم الجامعي ومن هنا تواجه الجامعة العديد من التحديات في هذا العصر الذي يوصف بأنه عصر السماوات المفتوحة والتي كثرت فيه شبكات الاتصال والمعلومات العالمية ، وسهلت التواصل بين الشعوب وفتحت المجال أمام الأفراد للوصول إلي قواعد ومعلومات ضخمة ومتنوعة بسرعة مذهلة مما جعل السباق الدولي محموما ً للوصول إلي التكنولوجيا المتقدمة والتي من المتوقع أن تكون المعيار الأساسي للقوة في نظام عالمي يتشكل بسرعة هائلة ولذلك يشكل مجموعة من التحديات أمام الجامعة في تحقيق رسالتها وتدعوها إلي استخدام الأساليب الحديثة داخل الجامعة .
وتعد الجامعة احدي أهم مؤسسات المجتمع حيث يتم فيها عملية التطبيع الاجتماعي وكذلك إكساب الطلاب القيم والمعتقدات، وتغير سلوكهم إذا كان سلوكا ً مرفوضاً من قبل المجتمع كما يقع علي عاتقها إكساب الطلاب ثقافة المجتمع من أجل التعايش مع المجتمع الأكبر.
كما أن الجامعة تسير في النظام الأكبر وهي الدولة التي تحتويها، وكما يشكلها المجتمع تتشكل الجامعة، وتشكل من ثم أجيالها في نفس القوالب العامة التي أعدها المجتمع لهذا التشكيل، وفاعليتها دائما ً مشروطة بفاعليات المجتمع ونظمه العامة فيه، ومع ذلك فقد تقصر الجامعة في دورها الوظيفي المنوط بها لأسباب خارجية وداخلية.
وانطلاقاً مما يشكله ضعف الانتماء لدي فئة الطلاب وخطورته وتأثيره السلبي علي المجتمع المصري كله ، يكون من المفيد والمهم إخضاعها للدراسة والبحث ففي ظل الانتماء يقدر الشباب المصري خطورة المسئولية التي ستلقي علي عاتقهم تحقيقا لما يفرض الانتماء من عمل مثمر من أجل الفرد والجماعة ( ).
2- مشكلة الدراسة :
يعد الانتماء قيمة من أهم القيم التي كانت ولا تزال موضع اهتمام معظم الفلاسفة والعلماء والمربين علي اختلاف العصور، لما يلاحظونه من نقص في معارف التنشئة والشباب، عن المجتمع ومؤسساته، وعدم الوعي بعملياته ، فضلاً عن تدني البرامج الدراسية التي تهتم بتعليم الحقوق والواجبات والمسئوليات المدنية في الجامعة والمجتمع ونظراً للبعد القيمى الكامن في "الانتماء " تتضح مسئولية الجامعة في تنمية قيم الانتماء وبناءاً عليه تمثلت مشكلة الدراسة في" ما هو دور التعليم الجامعي في تعزيز الانتماء لدى الطلاب؟"
2- أهمية الدراسة:
أولا:- الأهمية النظرية للدراسة :
إن هذه الدراسة تتعرض لدراسة تعزيز الانتماء في مؤسسات التعليم العالي، و تعد بمثابة طرح علمي تفتقر إليه مكتبة علم الاجتماع والعلوم الاجتماعية، مما قد يساعد علي إثارة التفكير العلمي في مفرداته وآليات تحقيقه وقياس نتائجه في مرحلة التعليم الجامعي بصفة خاصة ومراحل التعليم المختلفة بصفة عامة.
تأتي أهمية هذه الدراسة من أهمية المفهوم الذي يبحث فيه، بوصفه مفهوما يتأثر بالظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية السائدة في المجتمع المصري وكذلك ، من ضروريات بناء المواطن المصري وإنماء سلوكه الايجابي ( ).
تتناول هذه الدراسة موضوعا ً يرتبط ببناء الطلاب وإعدادهم للمساهمة في تحقيق التنمية والسلام الاجتماعي داخل المجتمع الذي يعيشون فيه وينتمون إليه( ).
ثانياً:- الأهمية التطبيقية للدراسة :-
تأتي أهمية الدراسة التطبيقية من خلال تقديم تصور مقترح لزيادة فعالية دور التعليم الجامعي في دعم الانتماء لدي الطلاب الجامعيين ، والكشف عن الأساليب التي تستخدمها الجامعة في تعزيز الانتماء للعمل علي زيادة جودتها ، والكشف عن المعوقات التي تعوق التعليم الجامعي عن القيام بدوره في عملية دعم الانتماء للعمل علي إزالة هذه المعوقات وزيادة فاعليتها في دعم الانتماء.
3- أهداف الدراسة:
أولا : الأهداف النظرية للدراسة :
1. التأصيل النظري لمفهوم الانتماء .
2. تقديم تصور مقترح لتفعيل دور التعليم الجامعي في تعزيز الانتماء.
ثانيا الأهداف التطبيقية:
ويتحدد الهدف الرئيسي للدراسة في :
"التعرف على دور الجامعة في تعزيز الانتماء لدى الطلاب" .
ويتفرع من الهدف العام مجموعة من الأهداف الفرعية وهي:
3. التعرف علي مفهوم الانتماء من وجهة نظر الطلاب؟
4. التعرف على الطرق والأساليب التي تستخدمها الجامعة في دعم الانتماء لدي طلابها؟
5. التعرف علي المعوقات التي تقف إمام الجامعة للقيام بدورها في دعم الانتماء؟
6. التعرف علي الرؤية المستقبلية لأفراد العينة لزيادة دور الجامعة في دعم الانتماء؟.
4- تساؤلات الدراسة :
انطلقت هذه الدراسة من التساؤل الرئيسي وهو:
"ما هو دور التعليم الجامعي في دعم الانتماء لدى الطلاب؟"
ويتفرع من التساؤل العام مجموعة تساؤلات فرعية وهي:
1. ما مفهوم الانتماء من وجهة نظر الطلاب؟
2. ما هي الطرق والأساليب التي تستخدمها الجامعة في دعم الانتماء لدى طلابها؟
3. ما هي المعوقات التي تقف إمام الجامعة للقيام بدورها في دعم الانتماء؟
4. ما هي الرؤية المستقبلية لأفراد العينة لزيادة دور الجامعة في دعم الانتماء؟
5- منهج الدراسة :
تم استخدام منهج المسح الاجتماعي عن طريق العينة، وذلك محاولة للحصول علي بيانات وصفية وتأويلها بهدف إعطاء صورة عامه وشاملة لجميع جوانب الدراسة.
6- أدوات الدراسة :
1- صحيفة الاستبيان: تم تصميم صحيفة استبيان تشتمل علي قسمين الأول : ويحتوي علي البيانات الأساسية لعينة الدراسة ، والقسم الثاني يحتوي علي مجموعة من الأسئلة تم صياغتها من أجل التحقق من أهداف الدراسة .
2- المقابلة : مع طلبة وطالبات جامعة سوهاج للحصول منهم علي المعلومات الخاصة بالدراسة .
7- عينة الدراسة :
تم اختيار عينة الدراسة بالطريقة العشوائية البسيطة وتم اختيار عدد (80) مفرده من طلاب جامعة سوهاج. وذلك لإجراء الدراسة عليها.
8 - مصطلحات ومفاهيم الدراسة:
حرص فريق البحث علي تحليل مفاهيم الدراسة ومصطلحاتها ضمن فصول الدراسة إلا أن المناهج البحثية تقتضي إلقاء الضوء علي بعض المفاهيم التي تتصدي لها الدراسة وذلك علي النحو التالي.
1- دور :
الدور لغة:" من دار يدور يدور دوراً ، أي تحرك باتجاهات متعددة، وهو في مكانه"
والدور هو" نموذج يتركز حول بعض الحقوق والواجبات ".
والدور " عبارة عن وظيفة الفرد داخل المجتمع "( ).
ويعرف فريق البحث الدور اجرائياً : بأنه جميع الممارسات والمهام والواجبات والمسؤليات التي تقوم بها الجامعة بهدف دعم الانتماء لدي طلابها.
2- الانتماء: Belongingness
يرجع مختار الصحاح الانتماء إلي اصل الفعل ( نمي ) ويقال نمي الحديث إلي فلان، أي أسنده له ورفعه، ونمي الرجل إلي أبيه أي نسبه وبابهما رميا، وانتمي هو (انتسب)، وقال الأصمعي نميت الحديث مخففا أي أبلغته علي وجه الإصلاح( ).
وباللغة الإنجليزية .Belonging وبداية عند تناولنا للمعنى اللغوي للانتماء سنجد أنه يقابل مصطلح Belong وهو مشتق من الفعل ولا بد أن يتمتع المنتمى بصفات اجتماعية معينة من أجل الاندماج في جماعة ما( ).
ويعرفه معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية بأن الانتماء هو" ارتباط الفرد بجماعة ويسعى علي أن تكون عادة جماعية قوية ، ويتقمص شخصيتها ويوحد نفسه بها ( كالأسرة – النادي – مكان العمل .. الخ ) كما يري أن الانتماء يرتبط بالولاء"( ).
ويعرف الانتماء بأنه "هو شعور داخلي يجعل المواطن يعمل بحماس وإخلاص للارتقاء بوطنه وللدفاع عنه. أو هو "إحساس تجاه أمر معين يبعث على الولاء له واستشعار الفضل في السابق واللاحق".
ويقدم فريق البحث تعريفاً إجرائيا للانتماء:
هو اتجاه إيجابي يستشعره الفرد تجاه وطنه ، مؤكداً وجود ارتباط وانتساب نحو هذا الوطن – باعتباره عضواً فيه – ويشعر نحوه بالفخر والولاء ، ويعتز بهويته وتوحده معه ، ويكون منشغلاً ومهموماً بقضاياه ، وعلى وعي وإدراك بمشكلاته ، وملتزماً بالمعايير والقوانين والقيم الموجبة التي تعلي من شأنه وتنهض به ، محافظاً على مصالحه وثرواته ، مراعياً الصالح العام ، ومشجعاً ومساهما في الأعمال الجماعية ومتفاعلاً مع الأغلبية ، ولا يتخلى عنه حتى وإن اشتدت به الأزمات .
3- التعليم الجامعي( العالي):( (University education
تم تعريف التعليم العالي، وهو الامتداد المتخصص للتعليم العام، بأنه "مرحلة التخصص العلمي في كافة أنواعه ومستوياته رعاية لذوي الكفاية والنبوغ وتنمية لمواهبهم وسدا لحاجات المجتمع المختلفة في حاضره ومستقبله بما يساير التطور المفيد الذي يحقق أهداف الأمة وغاياتها النبيلة"( ).
ويقدم فريق البحث تعريفاً إجرائيا للتعليم الجامعي:
بأنه هو مرحلة دراسية يمكن خلالها الحصول علي درجة علمية ( ليسانس – بكالريوس ) يستطيع بعدها الخريج العمل بكفاءة في مجال تخصصه.
4- الجامعة: University
الجامعة هي مؤسسة للتعليم العالي والأبحاث، وهي تعطي شهادات أو إجازات أكاديمية لخريجيها. وهي توفر دراسة من المستوى الثالث والرابع (كاستكمال للدراسة المدرسة الابتدائية والثانوية). وكلمة جامعة مشتقة من كلمة الجمع والاجتماع ، ككلمة جامع، ففيها يجتمع الناس للعلم( ).
و يطلق لفظ جامعة على مجموعة من المدرسين والطلبة الذين يتابعون في مكان معين هؤلاء الأفراد ويكونوا بترابطهم معا مجتمعا أو هيئة متضامنة لها سلطة منح الدرجات العلمية والامتيازات كما يشمل مصطلح الجامعة المباني والمعامل .
ولقد عرف "ارنست" الجامعة بأنها "معهد منظم يمنح الدرجات العلمية ويدرس فروع التعليم العالي المختلفة ويعمل على تقدمها و هو ذو طبيعة مستقلة ويدار إدارة ذاتية ."
ولقد عرفها دكتور "بروس ترو سكوت" بأنها هيئة أو جامعة هيئت نفسها للبحث عن المعرفة ومن اجل المعرفة نفسها( ).
وكثيرا ما يستخدم المصطلح في أمريكا استخداما غير دقيق ليشير إلى مدرسة ثانوية وكلية لبنين والبنات ومدرسة للخرجين والمهنيين وطلاب الدراسات العليا ومراكز الخدمة العامة( ).
يقدم فريق البحث تعريفاً إجرائياً للجامعة
هي مؤسسة تعليمة بها مجموعة من المدرسين المتخصصين ومجموعة من الطلاب الذين يريدون الحصول علي درجة علمية في احدي التخصصات العلمية .
9- مجالات الدراسة :
1. المجال الجغرافي: جامعة سوهاج
2. المجال البشري: عينة من طلبة وطالبات جامعة سوهاج
3. المجال الزمني :
من 1 / 2 / 2008 الي 10 / 4 / 2008. وهذه الفترة خاصة بالدراسة الميدانية .
10- نوع الدراسة وانتمائتها:
تعد الدراسة الحالية من الدراسات الو صفية الاستطلاعية، وتنتمي إلي أهم فروع علم الاجتماع وهو علم الاجتماع السياسي.
11- الصعوبات التي واجهت فريق البحث أثناء الدراسة:
لقد واجه فريق البحث أثناء إجراء الدراسة بشقيها الميداني والنظري العديد من الصعوبات التي أثرت علي الدراسة ومن أهم هذه الصعوبات:
1- قلة المراجع والكتب وذلك لأن الدراسة جديدة.
2- تخوف بعض الطلبة من الإجابة علي أسئلة الاستبيان.
3- استهزاء بعض الطلبة بموضوع الدراسة .
4- عدم فهم الطلبة لمفهوم الانتماء وأبعاده .