كان الطفل الصغير يلعب في الحقل المجاور لبيتهم لم يكن المسكين يدري ان الذي يحمله في يديه هو لغم ارضي سيغير حياته الى الابد , انفجر ﻔﺟﺄة في وجهه ﻜﺄلعاب عاشوراء , ليحمل على وجه السرعة الى المستشفى الكبير بالمدينة, كثبت له النجاة هذه المرة . لكن ﺃي نجاة مع الاعاقة التي ستحرمه من اللعب مرة اخرى مع اصدقائه . كان هذا مقتطف صغير من قصاصة اخبارية تكررت في ميادين حرب مختلفة من فلسطين والعراق ولبنان .
تشير الاحصاءات العالمية ان العراق البلد الاول في العالم من حيث المصابين بالالغام الارضية كل سنة تليه لبنان وفلسطين وتتبعه دول كثيرة في افرقيا ووسط اسيا افغانستان وباكستان بالتحديد ومناطق من جنوب الفلبين.
لا توجد الى الان احصاءات دقيقة عن حجم ضحايا الالغام الارضية . لكن تعود البدايات الاولى للوعي بخطورة الالغام الى فترة الستينات من حرب فيتنام والمشاهد المروعة للقرويين الجرحى والمعاقين من جراء الحرب .
وبرغم ان الالغام من الاسلحة المحرمة استخدامها في الحرب , لكنها تبقى المفضلة لدى الجيوش وحرب العصابات .
ويعتبر الاطفال الفئة المدنية الاكثراستهدافا من تفجير الالغام الارضية , فهم يتعرضون اكثر لاخطارها اثناء اللعب بجوارها ظنا منهم انها شيء يمكن اللعب به وهوما ينتج
تطورت اشكال هذه القنابل الارضية لتمويه العدو, لدرجة انه اصبح من الصعب تميزها عن اشياء اخرى نستخدمها في الحياة العادية . وهذا ما يفسر الاضرار الخطيرة التي تلحق بالمدنيين اثناء مرورهم من حولها .
ولا تنتهي خطورة الالغام الارضية مع انتهاء الحروب لكنها تستمر خطورتها بعد ذلك على المدنيين الابرياء , اذ لا يتم نزع هذه الالغام من اماكن الحروب بعد انتهاءها كما وقع في جنوب لبنان وفي حرب غزة .
وكل يتفق على ان الخسائر البشرية التي تنجم عن الالغام هي الموت بدرجة اولى والاخطر من ذلك هو البقاء على قيد الحياة باعاقة جسدية مستديمة .
ولم نرى اي تحرك رسمي للحكومات امام هذه الخسائر, سوى تحرك واحد من منظمات المجتمع المدني الدولية التي تبنت حظر انتاج , وتخزين , واستعمال الالغام الارضية , فقد نجحوا بشكل رائع اذ لم يقتصر الامر فقط على توقيع معاهدة حظر الالغام في العام 1997 , بل ان الحملة الدولية لمنع الالغام الارضية وممثلتها جودي وليامز من منحت جائزة نوبل للسلام.
وختاما يمكن ان نطرح سؤالا عن راحة الضمير التي تصيب هؤلاء المتصارعين في الحروب والمتسببين فيها , اذ يتم تمويل هذه الحروب غالبا من اطراف خارجية وكيف يتم الدوس على انسانية الانسان ببشاعة التي نراها في دول كثيرة لا يحسب للمدنيين اي اعتبار سواء قتلوا او هجروا او عاشوا باعاقة جسدية قد تمنعهم من اداء دورهم كاملا في المجتمع .