المواضيع الأخيرة | » أحمد محمد صالح : أثنوغرافيا الأنترنيت وتداعياتها الإجتماعية والثقافية والسياسيةالخميس أبريل 29, 2021 10:43 pm من طرف زائر » قارة آمال - الجريمة المعلوماتيةالإثنين أبريل 26, 2021 5:37 pm من طرف ikramg » معجم مصطلحات العلوم الإجتماعية انجليزي فرنسي عربي - الناشر: مكتبة لبنان - ناشرون -سنة النشر: 1982 الخميس أبريل 22, 2021 2:24 pm من طرف Djamal tabakh » سيكلوجية_المسنينالإثنين أبريل 19, 2021 4:46 pm من طرف Mostafa4Ramadan » ممارسة خدمة الفرد مع حالات العنف الاسرى دعبد الناصرالإثنين أبريل 19, 2021 4:45 pm من طرف Mostafa4Ramadan » جرائم نظم المعلوماتالسبت أبريل 17, 2021 3:39 pm من طرف Djamal tabakh » دور التعلم الإلكترونى فى بناء مجتمع المعرفة العربى "دراسة استشرافية" السبت أبريل 17, 2021 2:54 pm من طرف Djamal tabakh » أصــــــــــــــــــــــــول التربيةالسبت أبريل 17, 2021 5:02 am من طرف Djamal tabakh » نحو علم اجتماع نقديالإثنين أبريل 05, 2021 11:22 am من طرف ظاهر الجبوري » د.جبرين الجبرين: الإرشاد الاجتماعي في المجتمع السعوديالأربعاء مارس 31, 2021 4:25 am من طرف nahed |
أحمد محمد صالح : أثنوغرافيا الأنترنيت وتداعياتها الإجتماعية والثقافية والسياسية | الجمعة مارس 12, 2010 11:26 am من طرف nizaro |
أثنوغرافيا …
| تعاليق: 93 |
جرائم نظم المعلومات | الإثنين مارس 08, 2010 10:02 am من طرف فريق الادارة |
ضع ردا …
| تعاليق: 5 |
أصــــــــــــــــــــــــول التربية | الأحد يناير 03, 2010 9:37 pm من طرف فريق الادارة |
تهتم مادة (اصول التربية) بدراسة الاسس التاريخية …
| تعاليق: 146 |
نحو علم اجتماع نقدي | السبت يوليو 24, 2010 2:02 am من طرف فريق الادارة |
العياشي عنصر
نحو علم اجتماع نقدي
| تعاليق: 13 |
لأول مرة : جميع مؤلفات الدكتور محمد الجوهري - مقسمة علي ثلاث روابط مباشرة وسريعة | السبت أبريل 23, 2011 10:27 pm من طرف باحث اجتماعي | مدخل لعلم الأنسان المفاهيم الاساسية في …
| تعاليق: 283 |
أصل الدين - فيورباخ | الإثنين مارس 01, 2010 10:38 pm من طرف فريق الادارة |
أصل الدين - فيورباخ
| تعاليق: 223 |
العنف في الحياه اليوميه في المجتمع المصري-احمد زايد | الخميس يناير 14, 2010 10:27 am من طرف فريق الادارة |
[hide][url=http://www.4shared.com/file/196965593/6e90e600/______-_.html]…
| تعاليق: 43 |
مبادئ علم الاجتماع - للمؤلف طلعت ابراهيم لطفي | الثلاثاء ديسمبر 22, 2009 7:25 am من طرف فريق الادارة |
مبادئ علم الاجتماع
إذا أعجبك الكتاب اضغط لايك في …
| تعاليق: 264 |
نظرة في علم الاجتماع المعاصر - د. سلوى خطيب | السبت فبراير 06, 2010 11:31 am من طرف فريق الادارة | نظرة في علم الاجتماع المعاصر
د. سلوى خطيب
رابط التحميل …
| تعاليق: 39 |
التدين الشعبي لفقراء الحضر في مصر | الأربعاء مايو 26, 2010 4:14 am من طرف فريق الادارة |
التدين الشعبي لفقراء الحضر في مصر
[img]…
| تعاليق: 22 |
تدفق ال | |
|
| الفقر والبطالة | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
باحث اجتماعي عضو زهبي
التخصص : علم اجتماع عدد المساهمات : 1494 نقاط : 3052 تاريخ التسجيل : 01/01/2010 العمر : 54
| موضوع: الفقر والبطالة الثلاثاء مايو 24, 2016 5:27 am | |
| رابطة العالم الإسلامي **************
مؤتمر مكة العاشر 4-6/12 هـ 21-23 /2009م
مشكلات الشباب المسلم في عصر العولمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفقر والبطالة
بحث من إعداد دكتور/ محمد عبد الحليم عمر الأستاذ بكلية التجارة – جامعة الأزهر
تقديم ـــــــــــ بسم الله الرحمن الرحيم..الحمد لله رب العالمين..والصلاة والسلام على أشرف المرسلين..سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. وبعد
يأتى إعداد هذا البحث استجابة لدعوة كريمة من معالى فضيلة الأستاذ الدكتور/عبد الله بن عبد المحسن التركى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي للمشاركة به في مؤتمر مكة العاشر الذى موضوعه" مشكلات الشباب المسلم في ظل العولمة" فالفقر والبطالة من أهم وأخطر المشكلات التي تواجه الشباب وهما وإن كانا يدرجان تحت المشكلات الاقتصادية, إلا أنهما يؤديان لمشكلات اجتماعية ونفسية وفكرية, وبمعنى آخر يجعلان الحياة سيئة إلى حد كبير, مما يتطلب البحث عن حلول مناسبة لعلاجهما والحد منهما خاصة وأن حجم هذه المشكلة يزيد في ظل العولمة ويتزايد في العالم الإسلامي, وبالتالى تم تنظيم البحث بشكل يتماشى مع موضوع المؤتمرويحقق أهدافه, وهذا يتطلب توصيف المشكلة بالتعرف على المفاهيم الأساسية للفقر والبطالة وواقعها المعاصر وآثارها, ثم بيان الموقف الإسلامي من الفقر والبطالة وأهم الأساليب والآليات الإسلامية التي تسهم في الحد منهما حماية لشباب الأمة ومن المعلوم أن موضوع الفقر والبطالة من الموضوعات التي كتب فيها كثيرا ليس في الجانب الاقتصادي فقط وإنما في الجوانب الاجتماعية والفكرية والسياسية, لذلك سوف نحاول الاختصار وتناول ماله صلة بعناصر المؤتمر وعنوان البحث وبما يحقق الهدف العام له وهو تقديم مقترحات عملية مناسبة لظروف العصر لعلاج الفقر والبطالة بين الشباب وبما يجيب على التساؤلات التالية: ماهو الفقر وماهى البطالة وأنواعهما وآثارهما وواقعهما المعاصر في ظل العولمة؟ لبيان مدى خطورتهما وتقديم العلاج المناسب لكل نوع منها ماهى المجهودات التي قدمت في الفكر والتطبيق المعاصر لمكافحة الفقر والبطالة؟ وهل نجحت في ذلك أم لا؟ حتى تستبين الحاجة إلى تقديم حلول إسلامية - ما هو موقف الإسلام من الفقر والبطالة؟ لإزالة المفاهيم الخاطئة التي تزعم أن الإسلام يدعو للفقر والبطالة - ماهى الأساليب والآليات الإسلامية لعلاج الفقر والبطالة؟ وتحقيقا لكل ذلك تم تنظيم البحث كما يلى: المبحث الأول: التعرف على الفقر والبطالة الفرع الأول: المفاهيم الأساسية للفقر والبطالة الفرع الثانى: واقع الفقر والبطالة في ظل العولمة المبحث الثانى: العلاج الإسلامي للفقر والبطالة الفرع الأول:الموقف الإسلامي من الفقر والبطالة الفرع الثانى الآليات والأساليب الإسلامية لعلاج الفقر والبطالة
المبحث الأول: التعرف على الفقر والبطالة
إذا كان الهدف العام للبحث هو تقديم رؤية إسلامية لعلاج الفقر والبطالة, فإنه من المناسب البدء بالتعرف عليهما مفهوما وأنواعا وآثارا وواقعا, وهذ ماسيتم تناوله في هذا المبحث وذلك في الفروع التالية:
الفرع الأول: المفاهيم الأساسية للفقر والبطالة
المطلب الأول: مفهوم الفقر وأنواعه
أولا- مفهوم الفقر: يدور مفهوم الفقر حول الحرمان من إشباع الحاجات لإنسانية اللازمة للمعيشة, وهذا الحرمان سببه الاختلال بين إمكانيات الإنسان المالية وبين احتياجاته المعيشية, وهذا ما يفهم من تعريف الفقر في كل من الفكر الإسلامي والفكر الوضعى وإن اختلفت الصياغة في كل منهما, فلقد عرف البنك الدولى الفقر بأنه" "عدم القدرة على الوصول إلى حد أدنى من مستوى المعيشة"() وأما في الفكر الإسلامي فإنهم ينظرون للحاجة والعوز(المعنى اللغوى للفقر) على مستويين هما الفقير والمسكين وبصرف النظر عن الخلاف حول من أشد منهما حاجة فإن مذهب الشافعية والحنابلة يقول بأن ": الْفَقِيرُ: مَنْ لاَ مَال لَهُ وَلاَ كَسْبَ يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِ، وَالْمِسْكِينُ: مَنْ لَهُ مَالٌ أو كَسْبٌ يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِ وَلاَ يَكْفِيهِ. أى أن كل منهما لايجد ما يحقق له تمام كفايته من الحاجات المعيشية, وهنا تبرز مسألة ماهى الاحتياجات المعيشية؟ بالاتفاق فإنه توجد ضروريات هى الطعام أو الغذاء والشراب والمسكن والملبس, وبالتالى فالفقير هو الشخص الذى لا يكفى دخله الحصول على الحد الأدنى من هذه العناصر, ويوجد اتجاه حديث بدأته الأمم المتحدة يضيف إلى هذه الاحتياجات كل: من الرفاه الاجتماعى, ممثلا في الحصول على قدر مناسب من الرعاية الصحية والتعليم, والتمكين بمعنى قدرة جميع المواطنين على المشاركة في الشؤون العامة للوطن سياسيا واقتصاديا, والبيئة المؤهلة بمعنى تحقيق التنمية المستدامة , وفى ذلك جاء تعبير البنك الدولى "إن الفقر لا يشمل فقط انخفاض الدخل والاستهلاك بل يشمل أيضا ضعف الإنجاز في مجالات التعليم والصحة والتغذية وغيرها من مجالات التنمية البشرية وليشمل أيضا انعدام الحيلة وعدم القدرة على على التعبير والتعرض للمعاناة والخوف" وهذا ما يوسع نطاق الفقر ليشمل إنواعا عديدة نذكر أهمها في الفقرة التالية:
ثانيا: أنواع الفقر: يختلف الفقر طبقا للحاجات المطلوب إشباعها وطبقا لمستوى المعاناة أو شدة الحاجة وبناء عليه توجد الأنواع التالية:
أ – من حيث نوع الاحتياجات يوجد الفقر المادى والفقر البشرى: فالأول يعبر عن عدم كفاية الدخل للحصول على ضرورات الحياة من غذاء ومياه ومسكن وملبس, والثانى يعبر عن عدم القدرة على تحقيق مقومات التنمية البشرية من صحة وتعليم وقدرة على المشاركة في شؤون الوطن وتحقيق بيئة مناسبة
ب - أما بحسب مستويات الفقر, فيوجد ما يلى:
الفقر العادى: وينظر إليه من زاوية الدخل الذى يحقق الحصول على مستوى أقل من الحاجات المعيشية الضرورية ويقدر عالميا بمن يقل دخله في اليوم عن 2 دولار أمريكى, وقدر هذا الرقم بناء على الرقم القياسى المعدل بالقوة الشرائية لأسعار الاحتياجات الأساسية اللازمة لمعيشة الفرد الفقر المدقع: وهو من لا يحصل سوى عل الحد الأدنى من الاحتياجات الغذائية فقط, ويقدر عالميا بمن يقل دخله عن 1.25 دولار أمريكى للفرد في اليوم الواحد فقر الجوع: وهو عدم حصول الإنسان على الحد الأدنى من الاحتياجات الغذائية كما أونوعا جـ - من حيث مدى القدرة على توفير الإمكانيات اللازمة لتمويل الاجتياجات ينقسم إلى: فقر العجز: وهو من ليست لديه ممتلكات وغير قادر على العمل للحصول على دخل يكفيه فقر القدرة: وهو من هو قادر على العمل ولكن لا يجده ويمكن تسميته بفقر البطالة الإجبارية فقر الدولة: عن توفير مقومات التنمية البشرية للمواطنين د- من حيث استمرارية الفقر: يوجد الفقر الدائم للعجزة, والفقر المؤقت لمن أصابته كارثة أو ظروف طارئة مثل مرض يحتاج لتكاليف لا يمكنه تدبيرها
هذا في ما يتعلق بمفهوم الفقر وأنواعه, أما البطالة فنتناولها في المطلب التالى.
المطلب الثاني: مفهوم وأنواع البطالة
أولاً: مفهوم البطالة: البطالة في اللغة "التعطل عن العمل " وفى الإصطلاح عرفت منظمة العمل الدولية البطالة من خلال تعريف العاطل وهو "كل قادر على العمل وراغب فيi ويبحث عنه ويقبله عند مستوى الأجر السائد ولكن دون جدوى وهذ المفهوم ينطبق على البطالة الإجبارية ولكن توجد أنواع أخرى من البطالة نذكرها في ما يلى:
ثانيا: أنواع البطالة , تنقسم البطالة إلى عدة أنواع نذكر منها ما يلى:: القسم الأول: بحسب رغبة العامل وتنقسم إلى 1- بطالة إجبارية:وهى التي ينطبق عليها التعريف السابق 2- بطالة إختيارية: وهى العزوف عن العمل رغم توافره, وعدم طلبة رغم القدرة عليه إما إعتمادا على دخل ريعى أوالعيش عالة على الآخرين
القسم الثانى: بحسب ظهور البطالة وتنقسم إلى 1- بطالة سافرة: وهى تمثل العاطلين عن العمل فعلاَ 2 - بطالة مقنعة: تتمثل في الذين يؤدون عملا هامشياَ أو الأفراد الذين يعملون معاَ في عمل يمكن أن يؤدية فرد واحد منهم
القسم الثالث: بحسب المدى الزمنى للبطالة و توجد فيها 1- البطالة الإحتكاكية : وهى ناتجة عن تنقل العمل ما بين الوظائف وذلك خلال فترة الإنتقال من وظيفة إلى أخرى وهذة مؤقتة 2- بطالة هيكلية: وهى الناتجة عن إختلال في هيكل الإقتصاد نتيجة الانتقال من مستوى أو شكل لآخر مثلما حدث أثناء الخصخصة والتحول لنظام رأسمالية السوق
المطلب الثالث: آثار الفقر والبطالة, وخاصة على الشباب
في البداية لا بد من التأكيد على أن كلا من الفقر والبطالة وجهان لعملة واحدة وأن العلاقة بينهما عضوية فالعاطلين فقراء والفقراء يصعب عليهم إيجاد فرصة عمل وحظهم في العثور على فرصة عمل أقل بكثير, هذا فضلا على أن الآثار المترتبة على كل منهما تتشابه إلى حد كبير وهى آثار سيئة وخطيرة ليس على الفقير والعاطل فقط ولكن على المجتمع كله اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا كما يتضح مما يلى: أولا: تتمثل الطاقات الاقتصادية في أى مجتمع في الموارد الطبيعية وفى القوى البشرية والمدخرات اللازمة للاستثمار, وانتشار البطالة يمثل طاقة بشرية غير مستغلة , كما أن وجود الفقر يقلل من المدخرات وبذلك يفقد المجتمع عنصرين هامين من العناصر اللازمة للتنمية وبذلك يستمر المجتمع في دائرة التخلف ثانيا: انتشار الفقر والبطالة في المجتمع يؤدى إلى نقص الطلب الكلى على السلع والخدمات مما يؤدى إلى الركود وبالتالى تقفل المصانع والمؤسسات التجارية أو تخفض أعمالها بما يعنى الاستغناء عن العمالة لديها وبذلك تزيد البطالة والفقر في دائرة خبيثة تغذى بعضها البعض ثالثا: ظهور سلوكيات منحرفة لدى الفقراء والعاطلين تمثل خروجا على القيم و الأخلاق و الدين مثل السرقة و أكل أموال الناس بالباطل وانتشار الجرائم الضارة بالمجتمع رابعا: تدهور الوضع الصحى للفقراء والعاطلين و إنتشار الأمية وعدم إمكان إنتظام أولاد الفقراء في المدارس وتدهور الوضع المعيشى وبالتالى ينخفض معدل التنمية البشرية, وبالتالى انخفاض القدرة على الإسهام في عملية التنمية خامسا: يؤدى الفقر والبطالة إلى الإحباط والاكتئاب مما يدفعهم إلى اللجوء إلى المخدرات بأنواعها و نظرا لعدم وجود مال لديهم يحاولون الحصول علية بطرق غير مشروعة مثل البلطجة والدعارة سادسا: الفقراء العاطلين يكونون فرصة أمام الجماعات الإرهابية لتنجيدهم للإنخراط في منظمات الإرهاب التي تمثل خطرا على المجتمع سابعا: إن عدم وجود دخل لدى الفقراء والعاطلين لبناء أسرة تدفع الشباب إلى الفساد الخلقى والزواج العرفى و عمليات الاجهاض ثامنا: تخريب الديموقراطية والمشاركة الإجتماعية الفعلية نتيجة شراء الأغنياء لأصوات الفقراء في الإنتخابات تاسعا: تدفع البطالة والفقر الأفراد إلى الهجرة خارج البلاد, ونظرا لضيق أبواب الهجرة الشرعية فأنهم يلجأون إلى سماسرة الهجرة غير الشرعية الذين يقودونهم إلى رحلات غير مضمونة كان من نتائجها غرق الكثيرين منهم في البحار دون الوصول إلى غايتهم إلى جانب تعرضهم لعمليات نصب بإسم الهجرة من السماسرة عاشرا: يؤدى الفقر والبطالة إلى انتشار الفساد في المجتمع وشيوع الممارسات غير الأخلاقية من رشوة واختلاس وغش تجارى
إلى غير ذلك من الآثار الخطير خاصة في ظل انتشار دائرة الفقر والبطالة التي تمثل سمة العصر كما تدل عليه الإحصاءات عن واقع الفقر والبطالة في العالم الذى نتعرف عليه في الفرع التالى.
الفرع الثاني: واقع الفقر والبطالة في العالم
لقد تحول الفقر والبطالة من مجرد ظاهرة مقبولة إلى مشكلة بل أزمة عالمية وخاصة في ظل العولمة وبالأخص لدى الشباب, ولذا عنيت المنظمات الدولية بالعمل على إيجاد حلول لهما في عدّة برامج منذ مدّة , وفى هذا الفرع سوف نتعرف على واقع الفقر والبطالة في كل من العالم عامة والعالم الإسلامي خاصة, ثم نرى ماذا فعلت العولمة في هذه المشكلة وأخيرا نعرض لبعض المجهودات الدولية لعلاج الفقر والبطالة لنتعرف على مدى نجاحها من عدمه, وذلك في المطالب التالية:
المطلب الأول: واقع الفقر والبطالة في العالم:
يمكن القول اجمالا بأن الوضع العالمى للفقر يتمثل في وجود جزيرة من الأغنياء من حوله محيط من الفقر, فبالرغم من زيادة الثروات و كبر حجم الاقتصاد العالمى, إلا أن دائرة الفقر اتسعت بشكل كبير وزادت الفجوة بين الأغنياء و الفقراء إلى حد كبير, مما جعل الفقر ليس ظاهرة مقبولة وإنما تحول إلى مشكلة بل إلى أزمة عالمية و يزيد الأمر في العالم الإسلامي الذى تقع أغلب دولة في دائرة الدولة الفقيرة و هذا م يمكن التدليل علية من واقع الأرقام التالية:
أولا: واقع الفقر في العالم:- ويمكن التعرف عليه من خلال المؤشرات التالية.
أ- عدد الفقراء في العالم:- إن عدد سكان العالم حسب اخر احصائيات البنك الدولى 6.440مليار نسمة منهم 2.6 مليار نسمة تحت خط الفقر العادى ( أقل من 2 دولار أمريكى للفرد في اليوم) وبنسبة حوالى 40% من السكان, أما من يعيشون فقر مدقع ( أقل من 1.25 دولار للفرد في اليوم ) و يبلغ عددهم 2.4 مليار نسمة وبنسبة 22% من سكان العالم, أما عدد الذين يعانون من الجوع في العالم فيبلغ 1.02 مليار إنسان ويموت طفل كل 6 ثوان بسبب الجوع أو أمراض متعلقة به. ب- يبلغ عدد دول العالم 109 دولة مقسمة بحسب الدخل إلى أربع فئات هى: الدول ذات الدخل المنخفض وهى التي يبلغ متوسط دخل الفرد فيها 935 دولار فأقل سنويا و عددها 48 دولة. الدول ذات الدخل المتوسط الأدنى و هى التي يتراوح متوسط دخل الفرد فيها بين 936 - 3705 وعددها 52 الدول ذات المتوسط الأعلى وهى التي يتراوح متوسط دخل الفرد فيها بين 3706 – 1145 دولار سنويا و عددها 44 دولة الدول ذات الدخل المرتفع وهى التي يبلغ متوسط الدخل للفرد فيها 11456 فأكثر سنويا و عددها 65, والدول ذات الدخل المنخفض وذات الدخل المتوسط الأدنى تعتبر من الدول الفقيرة, أى أكثر من نصف الدول فقيرة جـ - أما عن الفجوة بين الأغنياء والفقراء فهى متسعة إلى حد كبير فأغلى دخل للفرد في العالم حوالى 65000 دولار في السنة وذلك في دولة قطر بينما أقل دخل 560 دولار في مالاوى أى بما يعادل 8% , ومن منظور آخر فإن 20% من دول العالم تستحوز على 80% من الاقتصاد العالمى ولا يتبقى لـ 80% من دول العالم سوى 20%, وفى طرح ثالث فإن ثروة 3 من أغنى أغنياء العالم تبلغ ما يعادل الناتج المحلى لأفقر 48 دولة وهكذا يتضح مدى حجم مشكلة الفقر في العالم, والتى تتزايد في العالم الإسلامي كما يتضح مما يلى.
ثانيا: واقع الفقر في العالم الإسلامي: تبلغ عدد الدول الإسلامية 58 دولة 27 في آسيا و27 في أفريقيا و 2 في أوروبا و 2 دولة في أمريكا الجنوبية ويبلغ عدد سكان دول العالم الإسلامي 1.453 مليار نسمة, وواقع الفقر فيها تدل عليه المؤشرات التالية. أ – تصنف الدول الإسلامية من حيث متوسط الدخل للفرد فيها كالآتى: 26 دولة ذات دخل منخفض – 20 دولة ذات دخل متوسط أدنى – 6 دولة ذات دخل متوسط أعلى – 6 دولة ذات دخل مرتفع, والدول ذات الدخل المنخفض هى دول فقيرة أى حوالى 45% من دول العالم الإسلامي دول فقيرة ب – 43% من الفقراء المدقعين في الغالم يعيشون في 31 دولة إسلامية جـ - 22 دولة من الدول الإسلامية تصنف ضمن الدول الأقل نموا في العالم والبالغ عددها 48 دولة, ويعيش فيها 781 مليون نسمة أى حوالى 50% من سكان العالم الإسلامي د – متوسط الدخل للفرد في العالم الإسلامي 2082 دولار في السنة بينما المتوسط العالمى 7439 دولار
ثالثا: الواقع المعاصر للبطالة من الجدير بالذكر أن البطالة تقاس البطالة بنسبة العاطلين إلى مجموع قوة العمل في الدولة حيث أن السكان في أية دولة يصنفون إلى من هم في سن العمل وهم السكان الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 65 سنة ومنهم من هم خارج قوة العمل مثل الطلاب والمجندين والعجزة والباقى يمثلون قوة العمل يطرح منهم العاملون فعلا قينتج عدد العاطلين وبنسبتهم إلى عدد من هم في قوة العمل تنتج نسبة البطالة والنسبة المقبولة للبطالة التي يمكن التعامل معها بسهولة هى في حدود 4,5% أما إذازادت عن ذلك وحتى 10% توجد مشكلة بطالة وإذا زادت عن ذلك توجد أزمة بطالة, وفى ضوء هذا البيان يمكن التعرف على أهم ملامح الواقع المعاصر للبطالة في العالم عامة وفى العالم الإسلامي على وجه الخصوص ثم بين الشباب وذلك من المؤشرات التالية:
أ - نسبة البطالة في العالم: يبلغ متوسط نسبة البطالة في العالم حوالى 7.5 % أى حوالى 1500 مليون عاطل من مجموع القوى العاملة ويعيش غلبيتهم تحت خط الفقر, و تزداد هذه النسبة في الدول الأقل نموا حتى تصل إلى حوالى 25% ب - يمثل الشباب العاطل نسبة تتراوح بين 48% : 60% من مجموع العاطلين حول العالم, حيث تبلغ نسبة البطالة بين الشباب 12% هذا مع العلم ج- أنه يوجد 1.2 مليار شاب في العالم منهم 85% منهم يعيشون في البلدان النامية التي تتزايد فيها نسبة البطالة
د – أما عن البطالة في العالم الإسلامي, فمن المعروف أن عدد سكان العالم الإسلامي يبلغون حوالى 1.45 مليار نسمة القوى العاملة منهم حوالى 500 مليون نسمة يعمل منهم حوالى 444 مليون نسمة وبالتالى يكون عدد العاطلين 56 مليون نسمة بنسبة 10 % من القوة العاملة وهذة النسبة ليست واحدة في جميع الدول ولكنها تبلغ حوالى 15% في أغلب الدول, وأقل نسبة بطالة حوالى 3% في كل من الإمارات العربية المتحدة و أوزبكستان و طاجستان, وتزيد هذة النسبة إلى 40% بالأردن , 30% في العراق , 50% جيبوتى تبلغ البطالة في العالم العربى 18% ويشكل الشباب 60% من سكان المنظقة العربية منهم 83% من العاطلين وبذلك يظهر أن الفقر و البطالة وخاصة بين الشباب وصلت إلى مرحلة الأزمة فما هى علاقة العولمة بذلك؟ هذا ما سنتعرف عليه في المطلب التالى:
المطلب الثاني: العولمة والفقر والبطالة
العولمة واقع قديم في ثوب جديد, فهى تعنى التواصل بين دول العالم وتأثر اقتصاديات الدولة بالاقتصاد الخارجى وهذا موود منذ القدم ولكن بصورة ضيقة وبطيئة , أما اليوم في ظل ثورة المعلومات والاتصالات والمواصلات فلقد اتسع نطاق العولمة وزادت مجالاتها وتسارعت وتيرتها وتم تنظيمها اقتصاديا بصدور اتفاقية الجات وإنشاء منظمة التجارة العالمية, ولقد أفرزت العولمة في صورتها الجديدة عدّة أمور كان لها دور كبير في تزايد الفقر والعولمة, ثم اءت الأزمة المالية العالمية بصفتها أحد إفرازات العولمة لتزيد مرة أخرى من مشكلتى الفقر والبطالة, وهذا ما سيتضح من التحليل التالى: أولا: تقلص دور الحكومات: من أهم إفرازات العولمة تقلص دور الحكومات الاقتصادي والاجتماعى حيث بدأت عملية خصخصة المرافق العامة من مياه وكهرباء ومواصلات واتصالات بل وصل الأمر في ظل نظرية تجزئة السلع العامة إلى تزايد نطاق تقديم الخدمات الصحية والتعليمية بواسطة القطاع الخاص وكذا قيام الحكومة بتقديم هذه الخدمات بمقابل تحت ما يسمى برسوم المستفيدين أو العلاج الاقتصادي والتعليم الموازى, وترتب على ذلك زيادة حرمان الفقراء من القدرة على الحصول على هذه الخدمات بسعر السوق والتى كانو يحصلون عليها مجانا مما أدى بالتالى إلى زيادة نطاق الفقر, ومن جانب آخر فإن قيام الحكومة بتقديم هذه الخدمات كان يستوعب جزءا كبيرا من العمالة وبتخليها عن ذلك زادت البطالة ثانيا: تحرير التجارة الخارجية, الذى يعنى فتح الأسواق المحلية على مصراعيها للسلع والخدمات ورؤوس الأموال الخارجية والعمالة الأجنبية, وبالتالى زادت الواردات ونظرا لعدم قدرة المنتجات المحلية على المنافسة أمام السلع الأجنبية اضطرت المؤسسات الوطنية إلى توقف نشاطها وتم إغلاقها بما أدى إلى طرد العمال وبالتالى زيادة عدد العاطلين والفقراء, ومن جانب آخر أدت سياسة تحرير التجارة الخارجية إلى استيراد سلع جديدة أدت إلى تغيير النمط الاستهلاكى في الدولة مما جعل الفقراء غير قادرين على إشباع حاجاتهم ثالثا: سيادة رأسمالية السوق الحرة, والذى أدى إلى خصخصة المشروعات الاقتصادية العامة بتمليكها للقطاع الخاص الذى قام بإعادة هيكلة العمالة وطرد بعض العاملين مما زاد من مشكلة البطالة, ومن جانب آخر كانت المشروعات العامة تبيع سلعها بأسعار اجتماعية ومع تحولها للقطاع الخاص بدأت تبيع السلع بأسعار اقتصادية وبشكل احتكارى في الغالب جريا على طبيعة الاقتصاد الرأسمالى مما حرم الفقراء من الحصول على احتياجاتهم وبالتالى زيادة معاناتهم
رابعا: الأزمة المالية العالمية, ثم جاءت الأزمة المالية العالمية التي بدأت عام 2007 م وانفجرت عام 2008 لتزيد من حجم مشكلتى الفقر والبطالة, وتكفى الإشارة هنا إلى ماورد في تقارير كل من البنك الدولى ومنظمة العمل الدولية حيث جاء مايلى: "تشير أبحاث أجراها البنك إلى أنه خلال 2009 ستدفع هذه الأزمة مليون شخص آخرين إلى براثن الفقر عام 2009 م ,كما تشير تقديرات البنك الدولي إلى احتمال انكماش الاقتصاد العالمي بنسبة 2.9 في المائة عام 2009، وذلك لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية" وهو ماسيؤدى إلى زيادة حجم البطالة في العالم كما أكده تقرير منظمة العمل الدولية الذى جاء فيه " أن 90 مليون شخص سينضمون إلى طابور العاطلين في العالم عام 2009م , ويزيد الأمر بالنسبة للشباب فإذا كانت نسبة بطالة الشباب في العالم 12% عام 2008 فإنه يتوقع زيادتها في ظل الأزمة المالية العالمية من 14% إلى 15% عام 2009 م وإذا كانت مش كلتى الفقر والبطالة بهذه الخطورة, فما هى المجهودات التي اتخذت على مستوى العالم لعلاجها؟ وهل نجحت هذه المجهودات أم لا؟ هذا ما سنتعرف عليه في المطلب التالى.
المطلب الثالث: المجهودات الدولية لمكافحة الفقر والبطالة
من المقرر أن كل دولة تتبنى برامجها الخاصة لمكافحة الفقر والبطالة, ونظرا لعدم نجاح هذه البرامج وإدراكا من المنظمات الدولية لخطورة المشكلة فإنها تصدت لوضع برنامج شامل للمكافحة تحت مسمى" الأهداف الإنمائية للألفية الثالثة" والتزمت جميع الدول بالعمل وفق هذا البرنامج في بناء برامجها الذاتية لمكافحة الفقر والبطالة, فما هو هذا البرنامج الدولى؟ وهل نجح في مكلفحة الفقر والبطالة أم لا؟ هذا ما سنجيب عليه في الفقرات التالية. أولا: التعرف على الملامح العامة للبرنامج, في سبتمبر 2000م اجتمع ممثلو 189 دولة في قمة أطلق عليها "قمة الألفية الثالثة " وتم إعداد وثيقة أطلق عليها " إعلان الألفية الثالثة" ثم عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة دورتها السادسة والخمسين في سبتمبر 2001م وتبنت البيان التفصيلى لإعلان الألفية والذى تضمن ثمانية أهداف عامة لكل هدف منها غايات ومؤشرات تفصيلية ومد البرنامج 15 سنة تنتهى بحلول نهاية 2015م وهذه الأهداف هى: 1 – مكافحة الفقر المدقع والجوع وذلك بتخفيض إعداده إلى النصف عن ما هم عليه في بداية البرنامج وحتى عام 2015م 2 – تحقيق ضمان قدرة الأطفال من الجنسين على إتمام التعليم الابتدائى بحلول عام 2015م 3 – تقرير مساواة الجنسين وتمكين المرأة من أسباب القوة 4 – خفض معدل وفيات الأطفال دون الخامسة بمقدار الثلثين في الفترة من 1998 وحتى 2015م 5 – العنلية بالأمهات بتخفيض معدلات الوفيات بنسبة ثلاثة أرباع وتوفير خدمات الصحية الإنجابية للأمهات بحلول عام 2015م 6 – مكافحة الأمراض الوبائية ووقف انتشارها (الإيدز – الملاريا) 7 – استخدام الموارد بحكمة لكفالة الاستدامة البيئية 8 – تطوير شراكة عالمية من أجل التنمية بزيادة التعاون الدولى والمعونات للدول النامية
ثانيا: هل نجح برنامج الأهداف الإنمائية للألفية في تحقيق أهدافه وبخاصة في مجال مكافحة الفقر والبطالة؟ إن أصدق إجابة على ذلك هى ما جاء في أحدث تقرير صدر عام 2009، الذي يصدره البنك الدولي وصندوق النقد الدولي كل عام لتقييم مدى التقدم المتحقق تجاه بلوغ الأهداف الإنمائية للألفية، وبدون الدخول في تفاصيل التقرير والأرقام والمؤشرات التي يحتويها التقرير فإنه يكفى الإشارة إلى بعض الفقرات التي وردت فيه ومنها" الآن وقد انقضى أكثر من نصف المهلة الزمنية التي حُدِّدت عام 2000 لبلوغ الأهداف الإنمائية للألفية بحلول عام 2015، فإن أوجه التقدم الرئيسية التي تحققت في مكافحة الفقر والجوع بدأ يعتريها البطء بل وربما انعكس مسارها من جراء الأزمات الاقتصادية والغذائية التي حلت بالعالم، وفقا لما انتهى إليه تقرير مرحلي صادر عن الأمم المتحدة. ويحذر هذا التقييم، الذي أعلنه في جنيف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، من أنه على الرغم من أوجه النجاح الكثيرة التي أمكن تحقيقها، فإن التقدم الذي تم إحرازه إجمالا كان على درجة شديدة من البطء لايمكن معها بلوغ معظم الأهداف الإنمائية للألفية بحلول عام 2015. وعن مشكلتى الفقر والبطالة جاء"إ ن المكاسب التي تحققت منذ أوائل التسعينات من القرن الماضى في مجال القضاء على الفقر حينما تقلصت نسبة الفقراء من 20% إلى في الفترة 1990 إلى 1992م إلى 16% في الفترة من 2004 إلى 2006 نكصت في عام 2008 حيث يتوقع أن يقع في شرك الفقر 90 مليون فقير جديد عام 2009 كما يتوقع لمعدل البطالة أن يزيد بنسبة 7%
وهكذا يتضح أن برنامج الأهداف الإنمائية الألفية الثالثة لم يحقق ما كان مرجوّا منه في مكافحة الفقر والبطالة الأمر الذى دفع أحد كبار الخبراء بالبنك الدولى "جون بيج" إلى القول بما يلى" أنَّ من أهداف البنك الدولي إيجادَ آليات اقتصادية تفيد في مكافحة الفقر من جهة، والمساعدة على منع الناس من السقوط في الفقر من جهة أخرى. وإذا كانت هناك مبادئ دينية من أي ديانة تساعد على تحقيق هذه الأهداف، فنحن مستعدون لدراستها، على أن تكون ذات أبعاد اقتصادية وإنتاجية وليست مجرد هِبَات ربما لا تساعد الشعوب على تجاوز أزماتها"
ومن هنا تبرز أهمية تقديم المنظور الإسلامي لمكافحة الفقر والبطالة والذي نتناوله في المبحث التالي..
| |
| | | باحث اجتماعي عضو زهبي
التخصص : علم اجتماع عدد المساهمات : 1494 نقاط : 3052 تاريخ التسجيل : 01/01/2010 العمر : 54
| موضوع: رد: الفقر والبطالة الثلاثاء مايو 24, 2016 5:28 am | |
| المبحث الثاني: العلاج الإسلامي للفقر والبطالة
لقد تبين في المبحث السابق أن الفقر و البطالة يمثلان أزمة عالمية و المتوقع زيادة حدوثها في المستقبل نظراَ للأزمة المالية العالمية وأن ما بذل من مجهودات رغم أهميتها لم تأت بالنتيجة المرجوة للحد من الفقر و البطالة , ونظراَ لإستفحال هذة الأزمة في العالم الإسلامي وأننا مطالبون بأن نعتمد في تنظيم أمور حياتنا على أحكام و توجيهات الإسلام بدلاَ من حالة التناقض التي نعيش فيها من ناحية, ولكى نكون مشاركين في الحضارة الإنسانية بدلاَ من التبعية و التغريب من ناحية أخرى, لذلك سوف نتناول في هذا المبحث الفقر و البطالة من منظور إسلامي , حيث تبدأ بتناول موقف الإسلام من لبفقر والبطالة لبيان أن الإسلام يدعو أتباعه للعمل وتحقيق الكفاية لمعيشتهم ونرد على المفاهيم المغلطة التي تلصق بالإسلام زاعمة أنه يدعو للفقر والبطالة, وبعد ذلك نورد بعض الآليات الإسلامية لعلاج الفقر والبطالة وذلك في الفروع والمطالب التالية
الفرع الأول:الموقف الإسلامي من الفقر و البطالة
بحث الإسلام أتباعه على بذل كل ما في طاقتهم من أجل الخروج من رقبة الفقر ويحذرمن البطالة بالدعوة إلى العمل والسعى لتحصيل الرزق , كما أنة يحذر من التكاسل عن ذلك أو الركون إلى التفسيرات الواهمة لبعض القيم الإسلامية مثل التوكل على الله والزهد والقناعة وفى ذلك وردت أحكام وتوجيهات إسلامية عدة فيها ما يلى.
المطلب الأول: الإسلام يدعو للعمل وتحصيل المال لقيام الحياة دليل ذلك ما يلى: أولاَ: مع الإيمان الكامل بقولة تعالى " وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ" فأن مفهوم الرزق هو ما ينتفع به وهو ما يسوقه الله تعالى للخلق من موارد للانتفاع بها في حياتهم وتفسير الرزق اقتصاديا هو الموارد الإقتصادية من أرض و نبات ومياه وحيوان ومعادن والانتفلع بها يحتاج إلى جهد للبحث عنها و إنتاجها في صورة سلع وخدمات لإشباع حاجاتة وفى ذلك بقولة الغزالى "اعلم أن الذي ينبت في الأرض من النبات وما يخلق من الحيوانات لا يمكن أن يقضم ويؤكل وهو كذلك، بل لا بد في كل واحد من إصلاح وطبخ وتركيب وتنظيف" و هذا يتطلب العمل المنتج للانتفاع من رزق الله تعالى, فتحصيل الرزق يتطلب السعى والعمل لقوله تعالى " هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ" ولذلك جعل الله سبحانه وتعالى العمل قرين الإيمان لتحقيق الحياة الطيبة الرغدة أى الوصول لمرحلة الرفاهية بالمفهوم الاقتصادي وذلك في قوله تعالى " مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أو أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ " وعطف العمل الصالح على الإيمان يقتضى المغايرة وبالتالى فهو يشمل العمل الاقتصادي ولا يقتصر فقط على الأعمال الدينية المحضة مثل العبادات كما بين الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أن العمل من أفضل وسائل الكسب حيث سئل عن أفضل الكسب, فقال: كل بيع مبرور وعمل الرجل بيده "
ب – يدعو الإسلام للغنى بتحصيل المال الذى هو قوام الحياة دينا ودنيا , فالعبادات من صلاة وزكاة وحج تتطلب المال , ولذا دعا الرسول الكريم ربه سبحانه وتعالى بطلب الغنى في الحديث الشريف " اللهم إني أسألك الهدى و التقى و العفاف و الغنى " كما دعا االرسول صلى الله عليه وسلم لأنس فقَالَ اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ" وكل ذلك يدل على أن الإسلام يدعو للغنى والبعد عن الفقر, وماورد من أحاديث للاستعاذة من الغنى إنما هى للاستعاذة من شر الغنى ومن شر الفقر معا وليست من الغنى على إطلاقه
جـ- لقد عبر القرآن الكريم عن الفقر بمعنى الشر والبأساء في قولة تعالى " وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إلى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ " ويقول عزّ وجلّ " لَا يَسْأَمُ الْإِنسَانُ مِن دُعَاء الْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُوسٌ قَنُوطٌ "يفسرها الطبرى بقولة "البأساء هى شدة الفقر والضيق في العيشة" (3) وفسرت البأساء بالفقر والشدّة , كما فسر الخير بالمال والشر بالفقر ولذا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم استعاذ من الفقر فكان يقول " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْفَقْرِ وَالْقِلَّةِ وَالذِّلَّةِ وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَظْلِمَ أو أُظْلَمَ" بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قرن في الاستعاذة بين الكفر والفقر " فكَانَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ:- فَقَالَ رَجُلٌ وَيَعْدِلَانِ- قَالَ: نَعَمْ د - أما البطالة فأن الإسلام يحذر أتباعه منها فبداية يقرر الفقهاء بأن البطالة حتى ولو كانت للتفرغ للعبادة مع القدرة على العمل والحاجة إلى الكسب لقوتة وقوت من يعولة تكون حراما " لخبر إن الله يكره الرجل البطال وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَال: إِنِّي لأََمْقُتُ الرَّجُل فَارِغًا لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ عَمَل دُنْيَا وَلاَ آخِرَةٍ (2) وَفِي الشُّعَبِ لِلْبَيْهَقِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سُئِل: مَا شَرُّ شَيْءٍ فِي الْعَالَمِ؟ فَقَال: الْبَطَالَةُ. و البطالة تهاونا و كسلاَ مع عدم الحاجة للكسب مكروة أيضا وتزرى بصاحبها وهكذا يتضح أن الإسلام يدعو للعمل والسعى لتحصيل المال والغنى والبعد عن الفقر ويحذر أتباعه من البطالة, وأن الالتزام بذلك مسؤولية دينية من شأن القيام بها تقليل الفقر والبطالة في المجتمع, أما ما يشيعه البعض على أن الإسلام يحث على الفقر والبطالة فنرد عليه في المطلب التالي.
المطلب الثاني: الرد على الشبهات حول موقف الإسلام من الفقر والبطالة
يوجد فهم خاطئ لدى غير المسلمين لبعض القيم الإسلامية العالية مثل التوكل على الله والزهد والقناعة بأنها تدعو للبطالة والفقر و بحجة التفرغ للعبادة, كما يمارسها و يروج لها بعض الفئات المحسوبة على المسلمين مثل المتصوفة , وهذا الفهم غير سليم وبعيد عن توجيهات الإسلام كما يتضح من الأتى:
أولا:- بالنسبة لقيمة التوكل على الله, فإن التوكل من الإيمان ولذا جاء " التوكل على الله هو الثقة بالله والإيقان بأن قضاءه ماض، واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم في السعي فيما لا بد منه من الأسباب من مطعم ومشرب وتحرز من عدو وإعداد الأسلحة واستعمال ما تقتضيه سنة الله تعالى المعتادة " (3) ولقد جاء في السنة النبوية الشريفة ما يؤكد أن حقيقة التوكل هى الثقة بالله عز وجل ثم الأخذ بالأسباب و ذلك ما يظهر في قول الرسول صلى الله عليه وسلم " لو أنكم تتواكلون على الله حق توكلة لرزكم كما يرزق الطير تغدو خماصاَ و تروح بطاناَ" فمع التوكل سعت الطير لرزقها , ولقد مر عمر بن الخطاب رضى الله عنه بقوم فقال ما أنتم؟ قالو:ا متوكلون, قال: بل إنتم متأكلون ,انما المتوكل من القى حبهفى الأرض و توكل على ربه " وهكذا يتضح أن التوكل على الله لاينافى الأخذ بالأسباب والسعى والعمل لتحصيل الرزق
ثانيا: بالنسبة لقيمة الزهد ,الزهد قيمة إسلامية عالية ولكنه لا يمثل ثقافة فقر وتخلف كما يدعى البعض، لأن حقيقة الزهد في الإسلام «هو انصراف الرغبة عن شيء إلى ما هو خير منه.. فأخذ البائع الثمن عوضاً عن السلعة يعد زهداً في السلعة ورغبة في الثمن لأنه من وجهة نظره خيراً له والعكس بالنسبة للمشترى»() وبالتالى فالزهد بهذا المعنى دعوة للإنفاق وتحريك المال وتشغيله وتوجيهه إلى الأعمال والأنشطة الأكثر خيراً ونفعاً، لأن الزهد خيار بين بديلين يختار الإنسان أنفعهما، ولا يتصور وجود هذا الخيار إلا إذا كانت البدائل ممكنة، والبدائل هنا هى تحصيل المال أو عدم تحصيله، وإجماع علماء المسلمين على أن تحصيل المال لقيام الحياة خير من ترك تحصيله، بل إن الأمر يذهب إلى أبعد من ذلك لأن حقيقة الزهد كما وضحها الرسول صلى الله عليه وسلم لا تنطوى على ترك المال فلقد جاء في الحديث الشريف «الزهادة في الدنيا ليست بتحريم الحلال ولا إضاعه المال ولكن الزهادة في الدنيا أن لا تكون بما يدك أوثق منك بما في يدى الله»()
ثالثا: بالنسبة للزعم بترك العمل الاقتصادي للتفرغ للعبادة, فهو زعم باطل لأنه بالرغ من أن العبادة من أفضل الأعمال إلا أنها ليست مبررا لترك العمل والسعى لتحصيل الرزق وفى ذلك جاء." ولهذا َذَهَبَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ إلى أَنَّ الْكَسْبَ الَّذِي لاَ يُقْصَدُ بِهِ التَّكَاثُرُ، وَإِنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ التَّوَسُّل إلى طَاعَةِ اللَّهِ، مِنْ صِلَةِ الإِْخْوَانِ وَالتَّعَفُّفِ عَنْ وُجُوهِ النَّاسِ، هُوَ أَفْضَل مِنَ التَّفَرُّغِ لِلْعِبَادَةِ مِنَ الصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ (2) ؛ لأَِنَّ مَنْفَعَةَ الاِكْتِسَابِ أَعَمُّ، فَإِنَّ مَا اكْتَسَبَهُ الزَّارِعُ تَصِل مَنْفَعَتُهُ إلى الْجَمَاعَةِ عَادَةً، وَالَّذِي يَشْتَغِل بِالْعِبَادَةِ إِنَّمَا يَنْفَعُ نَفْسَهُ ؛ لأَِنَّهُ بِفِعْلِهِ يُحَصِّل النَّجَاةَ لِنَفْسِهِ وَالثَّوَابَ لِجِسْمِهِ، وَمَا كَانَ أَعَمَّ فَهُوَ أَفْضَل، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أحبُ النَّاسِ إلى الله تعالى أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ " وهكذا تم دحض السبهات التي يقول بها البعض حول موقف الإسلام من الفقر والبطالة, والحقيقة أن الإسلام دين العمل الصالح الذى ينتفع الناس به في دنياهم وأن ترك العمل الاقتصادي المنتج وإهمال الموارد التي رزق الله سبحانه وتعالى العباد بها يعد كفرا بالنعمة عاقبته الجوع والخوف حذر القرآن منه في قوله تعالى " وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ "
المطلب الثالث: المنهج الإسلامي لعلاج الفقر والبطالة أولا: خصائص المنهج الإسلامي لعلاج الفقر والبطالة: ومن أهمها ما يلى: أ- الارتباط بالدين عقيدة وشريعة وأخلاقا: ففى مجال الزكاة وهى الآلية الكبرى لرعاية الفقراء نجد أن تشريعها يستند إلى الاعتقاد بأن اللَّه سبحانه مالك كل شىء، وأنه عزّ وجل أمر بتوجيه جزء من المال المملوك لـه والذى استخلف الأغنياء فيه إلى الفقراء, وبالتالى يجب أن ينفذ أمر الله سبحانه وتعالى لتصح عقيدة المؤمن، أما ارتباط هذه الرعاية بالشريعة فيظهر بشكل واضح في الزكاة بصفتها ركنا من أركان الإسلام، وعبادة مالية ثم الأحكام الشرعية للأدوات الأخرى مثل الوقف والنذور والكفارات وغيرها. وأخيراً ترتبط رعاية الفقراء بالأخلاق من جانب الصدقات التطوعية والوقف الخيرى وكل الأدوات التي تبنى على مبادرة ذاتية من المسلم, ومن شأن ارتباط رعاية الفقراء بالإسلام بهذا الشكل أن يجعل لها قيمة عالية حيث أن السلطة الإلهية العليا هى التي قررت وأمرت بذلك وأن الله سبحانه وتعالى قرر جزاءات مناسبة ثوابا وعقابا على مدى الالتزام بأمره ب- التعدد والتنوع: لم يعرف أى نظام رعاية اجتماعية في العالم قديما وحديثا مثل هذا التعدد والتنوع في أدوات رعاية الفقراء بما لا يجعل الأمر يتفاقم حتى يصبح مشكلة كما نراه الآن، فهناك الزكاة الواجبة والوقف والصدقات التطوعية وهكذا. ج- الإلزام والاختيار: حيث توجد بعض الأدوات يجب على المسلمين الالتزام بأدائها من الأصل مثل الزكاة، وبعضها يلتزم بها إن وجد موجبها مثل النذور، والكفارات، ونفقة الأقارب، وبعضها اختياريا مثل الصدقات التطوعية بجميع أنواعها ومنها الوقف، ومن شأن ذلك أن الإسلام يضمن حدا ثابتا متجددا من الموارد المالية لرعاية الفقراء عن طريق الأدوات الإلزامية، ثم يزيد عليه بفتح الباب أمام المسلمين لزيادة هذا المورد بما يتقربون به اختياراً إلى الله سبحانه وتعالى. د- المباشرة وغير المباشرة: ونعنى بهذه الخاصية أن بعض الأدوات الإسلامية تمثل علاقة مباشرة بين الغنى والفقير يعطيها له دون وسيط مثل الصدقات التطوعية و وبعضها يتم من خلال الدولة التي عليها القيام بواجب تحصيل الزكاة وصرفها في مصارفها الشرعية هـ- المحلية والمركزية: حيث توجد بعض الموارد تنفق في المنطقة أو البلد كشرط أساسى مثل الزكاة، ولطبيعتها مثل نفقة الأقارب وحق الجيران، وبعضها يمكن أن يتم على مستوى الدولة مثل الإسهام في المشروعات العامة الخيرية، مما يجعل نطاق عمل هذه الأدوات متسعاً يغطى كل أقاليم الدولة. توزيع أعباء رعاية الفقراء والعاطلين بين الدولة والأفراد والمجتمع ككل
ثانيا: نموذج تطبيقى للمنهج الإسلامي في علاج الفقر والبطالة, لقد قدم هذا النموذج رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في القصة التي رواها أبوداود وابن ماجة ونصها " سنن أبى داود - (4 / 449) 1398 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ الْأَخْضَرِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَنَفِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ فَقَالَ أَمَا فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ قَالَ بَلَى حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ وَقَعْبٌ نَشْرَبُ فِيهِ مِنْ الْمَاءِ قَالَ ائْتِنِي بِهِمَا قَالَ فَأَتَاهُ بِهِمَا فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ وَقَالَ مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ قَالَ رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ قَالَ مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ مَرَّتَيْنِ أو ثَلَاثًا قَالَ رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ وَأَعْطَاهُمَا الْأَنْصَارِيَّ وَقَالَ اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إلى أَهْلِكَ وَاشْتَرِ بِالْآخَرِ قَدُومًا فَأْتِنِي بِهِ فَأَتَاهُ بِهِ فَشَدَّ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُودًا بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَبِعْ وَلَا أَرَيَنَّكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَى بِبَعْضِهَا ثَوْبًا وَبِبَعْضِهَا طَعَامًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ الْمَسْأَلَةُ نُكْتَةً فِي وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِثَلَاثَةٍ لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ أو لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ أو لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ "
فمن هذه القصة يتضح ما يلى: أن الرجل قصد الرسول صلى الله عليه وسلم لحل مشكلة الفقر لديه , وهذا يظهر دور الحاكم ومسؤوليته عن علاج الفقر أن الرسول صلى الله عليه وسلم بدأ في حل المشكلة من خلال القدرات الذاتية للرجل أولا ثم وضح له في آخر الحديث أن اللجوء للزكاة بصفتها من الغير تأتى أخيرا بعد استنفاذ القدرات الذاتية أن الرسول صلى الله عليه وسلم وجد لدى الرجل القدرة البدنية على العمل ولكن ينقصه التمويل فسأله عن ممتلكاته فأجابه بوجود بعضها في صورة أثاث البيت فأمره بإحضارها وباعها, ورغم أهمية هذه الممتلكات لمعيشته إلا أن الرسول تصرف فيها بصفة مؤقتة, مما يعنى أن رأس المال الثابت يمكن الاستفادة به في حل مشكلتى الفقر والبطالة حينما باع الرسول صلى الله عليه وسلم الممتلكات بدرهمين وزعهما بين علاج مشكلة الفقر فقال:اشتر بأحدهما طعاما فانبذه أهلك, ووجه الدرهم الآخر لعلاج مشكلة البطالة بشراء آلة للعمل وأمره بالاحتطاب وحدد له مدّة خمسة عشر يوما ليرى نتيجة العمل أن الرجل جاء بعد المدّة وقد حقق كسبا كبيرا من عمله عوض به الممتلكات التي باعها وما يحتاجه لمعيشته مع ضمان دخل مستمر من عمله وهكذا يتضح أن الإسلام يبدأ في علاج الفقر والبطالة بالإمكانيات الذاتية للفقير والعاطل فإن كفت كان بها وإلا فإنه توجد آليات التكافل من المجتمع التي نظمها وفق قواعد وأسس من شأن تطبيقها الوصول إلى العلاج الكامل للفقر والبطالة, وهذا ما سنوضحه في الفرع التالى.
الفرع الثانى: الآليات والأساليب الإسلامية لعلاج الفقر والبطالة
كما سبق القول فإنه توجد العديد من الآليات الإسلامية المتنوعة لعلاج الفقر والبطالة وسوف نتناول أهمها في المطالب التالية:
المطلب الأول: دور الزكاة في علاج الفقر والبطالة
من المعروف أن الزكاة ركن من أركان الإسلام وأنها عبادة دينية يجب على كل مسلم مالك للنصاب إخراجها أداء الحق لله تعالى ورعاية للفقراء والمحتاجين ولسنا في حاجة إلى بيان أهمية الزكاة وبيان أحكامها التفصيلية, ولكنن ندلف مباشرة لبيان دورها في علاج الفقر والبطالة في الآتى.
أولا: دور الزكاة في علاج الفقر, يمكن القول إن الهدف الأساسى للزكاة هو علاج الفقر أيا كانت أسبابة وأنواعة ويظهر ذلك في أمرين هما:- الأمر الأول: أن المقصود من الزكاة كما يجمع الفقهاء هوسد خلّة المحتاج ودفع حاجتة وسد الخلة هو مايسد بة الفقر ويدفع ويكفى الحاجة وذلك مستفاد من الحديث النبوى الشريف الذى قال فية النبى (ص) في الفقير الذى تحل لة الصدقة " ورجل أصابتة فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو قال سدادا من عيش الأمر الثانى: أنة بالنظر في مصارف الزكاة الثمانية المنصوص عليهم في أن الصدقات نجد أنة يوجد ستة أصناف يستحقون الزكاة بسبب الفقر سواء كان فقراَ دائما مثل الفقراء و المساكينوفقرا مؤقتا مثل المؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل.
أما كيفية تطبيق سد خلة للفقراء و العاطلين لعلاج الفقر والبطالة وربطاَ بأنواع الفقر السابق ذكرها فيمكن أن يتم كالآتى:-
أ: بالنسبة لفقراء العجز , أى الفقراء الذين لايستطيعون العمل كالمرضى المزمنين والأيتام وكبار السن والمعوقين فإن سد حاجتهم من الزكاة يكون بتوفير ما يكفى احتياجاتهم, ويمكن تنظيم ذلك على الوجه التالى: بالنسبة للحاجات المعيشية من طعام وشراب وما يتعلق بهما يقدم لهم دخل شهرى لشرائها, وفى ترتيب آخر يمكن استخدام ما يمكن أن نطلق عليه "بطاقة الزكاة التموينية" وذلك بأن يتم الاتفاق مع بعض المزكين من التجار الذين يبيعون المواد الغذائية والمهنيين على أن يخرج زكاته دوريا في صورة كميات من السلع لعدد من الأسر الفقيرة بموجب بطاقة يسجل فيها ما يأخذه الفقير دوريا على مدار السنة بالنسبة للسلع المعمرة أو الأصول الثابتة مثل المساكن والملابس والأثاث فيمكن اتباع ما ذكره أبو عبيد بن سلام في كتابه الأموال ما نصه " كرجل رأى أهل بيت من صالح المسلمين أهل فقر ومسكنة وهو ذو مال كثير ولا منزل لهؤلاء يؤويهم ويسترهم من كلب الشتاء وحر الصيف أو كانوا عراة لا كسوة لهم فكساهم ما يستر عورتهم في صلاتهم ويقيهم من الحر والبرد – ويعقب على ذلك بقوله – فجعلها من زكاة ماله, أما يكون هذا مؤديا للفرض؟ بلى, ثم يكون إن شاء محسنا, وإنى لخائف على من صد مثله عن فعله,.. فتضيع الحقوق ويعطب أهلها" بالنسبة للحاجة إلى خدمات التنمية البشرية مثل العلاج والتعليم فإنه يمكن تقديمها في صورة جماعية للفقراء بإنشاء مستشفى لعلاج الفقراء مجانا وقد صدر قرار بجواز ذلك من الهيئة الشرعية العالمية للزكاة كما أنة على رأى من يوسع تفسير مصرف في سبيل الله ليشمل "جميع القرب فيدخل فيه كل من سعى في طاعة الله وسبيل الخيرات إذا كان محتاجا" وهو رأى انفرد به الكاسانى من الحنفية"() وسار عليه بعض المعاصرين وإن تفرقوا بين الإنفاق من هذا السهم على المصالح العامة التي لا يختص بها فرد مثل بناء المساجد وتعميرها وبين تشييد الطرق والمدارس والمستشفيات وغيرها من المرافق العامة التي لا يختص بها أحد, أو المصالح الخاصة مثل مساعدة الفقراء والمساكين "().
ب - بالنسبة للفقر المؤقت نتيجة كارثة أو ظرف طارئ مثل الغارمين والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب يصرف من الزكاة مايسد خلتهم
ثانيا: بالنسبة لدور الزكاة في علاج البطالة:- ويظهر ذلك من عدة نواحى هى:
أ- إن قيام الدولة بواجبها نحو الزكاة بالتحصيل والصرف والإدارة من شأنة أن يؤدى إلى إنشاء جهة حكومية مثل مصلحة الزكاة في المملكة العربية السعودية أو ديوان الزكاة في السودان أو مصلحة الوجبات في اليمن والتى يتم فيها تشغيل مجموعة كبيرة من العاملين تمتص جزءاَ من البطالة.
ب- إن من شأن إقامة ركن الزكاة في المجتمع بطريقة منظمة وعلى مستوى الجميع أن يؤدى إلى الإنعاش الاقتصادي لما توفرة الزكاة من دخل للفقراء الذين لديهم ميل كبير للإستهلاك فيزيد الطلب على السلع والخدمات وبالتالى يتوسع الإنتاج مما يتطلب عمالة جديدة
ج- الزكاة تعمل على منع البطالة الإختيارية فلاتعطى الزكاة للفقير القادر على الكسب ولكنة لايعمل تهاوناَ أو كسلاَ كما جاء في الحديث الشريف في قولة (ص) "لاتحل الصدقة لغنى ولا لذى مرّة سوىّ" أى قادر على العمل
د- بالنسبة للعاطلين عن العمل اجبارياَ أى أنهم يبحثون عن عمل ولايجدونة فأنة يصرف لهم من الزكاه ما يعينهم عن العمل في صورة رأس مال مناسب للبدء في مشروع صغير, وسند ذلك فقها أنهم فقراء بطالة أى أنهم قادرون على العمل والكسب ولكنهم لايجدون وظيفة أو رأس مال, فلدى الشافعية والحنابلة أن الفقير والمسكين يعطى كفاية عمر غالب أى ما يخرجة من الفقر إلى الغنى حيث جاء "ويعطى فقيراَ ومسكيناَ كفاية عمر غالب وليس المراد أنهما يعطيان نقداَ يكفيهما تلك المدة لتعذره, بل ثمن ما يكفيهما دخلة " وكيفية تحقيق ذلك جاء في أقوال أخرى منها و من كان فقيراَ أو مسكيناَ وقد تعود التجارة أعطى كفايتة من رأس المال يكفية ربحه غالبا , ومن لة حرفة لايجد آلتهاأعطى ما يشتر به آلتها " ولدى الحنابلة نفس الرأى حيث جاء "يأخذ كفايتة دائماَ بمتجر أو آلة صنعة ونحو ذلك"
و بهذا يمكن للزكاة أن تعالج مشكلة البطالة في إطار مايعرف الآن بتمويل المشروعات الصغيرة التي بدأ الإتجاة اليها في جميع الإقتصاديات قوياَ ويتم تنظيم ذلك بإنشاء صندوق فرعى لدى الجهات المسؤلة عن الزكاة يسمى "صندوق تمويل المشوعات الصغيرة" يخصص لة جزء من الزكاة المحصلة ويتلقى طلبات المحتاجين وبعد دراستها جيداَ يقرر لة التمويل اللازم ثم يتم شراء الأصول لهذا المشروع , ويمكن أن يتم ذلك بشكل جماعى لمجموعة من العاطلين للحصول على شروط شراء أفضل , كما يمكن تمويل مشروع مشترك بين اثنين أو أكثر من الغاطلين.
المطلب الثاني:- دور الوقف في علاج الفقر والبطالة
الوقف من الصدقات التطوعية التي يستمر ثوابها للواقف طوال مدة الإنتفاع بالوقف وهو مشروع استثمارى يدخل دخلاَ أو منافع يستفيد منها الموقوف عليهم. ويمكن القول إن الوقف سواء من حيث أحكامة أو تاريخة كان موجهاَ بالدرجة الأولى لعلاج مشكلتى الفقر والبطالة بجميع أنواعها ومع أن الوقف بدأ يزدهر منذ عهد الرسول (ص) والخلفاء الراشدين وفى ظل إزدهار الحضارة الإسلامية بعد ذلك, إلا أنة في العصر الحاضر بدأ دوره يقل وذلك في صورة عدم إنشاء أوقاف جديدة وسوء ادارة الأوقاف ممثلة في ضآلة العائدو وتزايد حالات الإعتداء على أعيان الأوقاف وخراب الكثير منها إلى غير ذلك من المظاهر التي أضعفت دور الوقف, ونظرا لأهمية الوقف والحاجة إليه في هذا العصر الذى تزايد فيه الفقر وتقلص دور الدولة وبروز دور المنظمات غير الحكومية, قامت بعض الجهات في عدد من الدول الإسلامية إلى العمل على إحياء سنة الوقف والنهوض به وفى الفقرات التالية نوضح كيف يمكن للوقف الإسهام في علاج الفقر والبطالة
أولا- إن الوقف في حد ذاته مشروع استثمارى في صورة نقل ملكية أعيان أو نقود أو منقولات من الواقف إلى الوقف وإدراتها لتحقيق ريع أو دخل للموقوف عليهم , وهذا يتطلب تشغيل مجموعة من العاملين في هذا المشروع مما يمتص جزءاَ من البطالة
ثانيا:إن الغرض من اوقف هو صرف الريع في أوجه الخير , وبالنظر في هذة الأوجه إجمالاَ نجدها تعمل على علاج الفقر والبطالة كما يتضح مما يلى.
1- الوقف على الفقراء و المساكين: وهو الأصل بل إنه إذا لم يحدد الواقف جهة صرف الريع أو جهلت مصارفه فإنة يصرف إلى الفقراء والمساكين
2- من أغراض الوقف, الوقف على المرافق العامة مثل المدارس والمستشفيات وآبار المياة والطرق والجسور والمساجد وإنشاء هذة المرافق للإنتفاع بها يسهم إلى حد كبير في علاج الفقر البشرى
ثالثا:- من الصور التي أجازها الفقهاء وقف النقود وقالوا في كيفية الإنتفاع بها أن يتم اقراضها أو دفعها للغير مضاربة, وبالتالى يمكن تقديم القروض الحسنة أو رأس المال مضاربة للعاطل للبدء في مشروع اقتصادى يعمل فية هو وغيره مما يسهم في حل مشكلة البطالة
رابعا: يمكن تنظيم اسهام الوقف في علاج الفقر والبطالة من خلال الترتيب التالى: أ- انشاء صناديق وقفية كل صندوق لغرض معين ب- طرح صكوك وقفية.للاكتتاب العام فيها بقيمة اسمية بسيطة ولتكن عشرة ريالات مثلاَ يشترى كل مسلم يريد المشاركة في الوقف من الصكوك حسب قدرتة ج- استخدام المال المجمع في علاج الفقر على الوجة التالى: بالنسبة لعلاج فقر العجز: يستثمر مال الوقف بصيغ استثمار شرعية ويصرف عائد الاستثمار في صورة دخل شهرى للأسر والأفراد والفقراء بالنسبة للفقر البشرى:يخصص العائد للانفاق على علاج وتعليم الفقراء كما يمكن انشاء صندوق وقفى لبناء المساجد والمساكن لسكن الفقراء والمستشفيات لعلاجهم وتوفير المياة النقية وانشاء مشاريع الصرف الصحى وهكذا مما يسهم التنمية البشرية وبالتالى علاج الفقر البشرى
د- إنشاء صندوق وقفى لعلاج البطالة من خلال تقديم القروض الحسنة للمشروعات الصغيرة , أو توفير رأس المال. للمشروعات المتوسطة
المطلب الثالث: آليات إسلامية أخرى لعلاج الفقر والبطالة
لا تقتصر الآليات الإسلامية لعلاج الفقر والبطالة على الزكاة والوقف, وإنما توجد آليات أخرى عديدة مثل القروض الحسنة وإحياء الموات وبذل الفضل والنفقات الواجبة للأقارب والكفارات والأضاحى والعقيقة.. وغير ذلك من الآليات وسوف نقتصر هنا على ذكر بعض الآليات التي يمكن القيام بها في شكل مؤسسى وهى:
أولاَ: دور القروض الحسنة في علاج الفقر والبطالة:-
القرض الحسن هو تقديم مال من شخص إلى آخر محتاج للانتفاع به ثم ردّه لصاحب المال دون الحصول من المقترض على زيادة عن القرض وإنما يكفيه الثواب من الله عز وجل فكأنه تصدق بمنفعة المال ولذلك يعد القرض صدقة بل إنه أفضل من الصدقة لما جاء في الحديث النبوى الشريف " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ مَكْتُوبًا الصَّدَقَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا وَالْقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَقُلْتُ يَا جِبْرِيلُ مَا بَالُ الْقَرْضِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ قَالَ لِأَنَّ السَّائِلَ يَسْأَلُ وَعِنْدَهُ وَالْمُسْتَقْرِضُ لَا يَسْتَقْرِضُ إِلَّا مِنْ حَاجَةٍ" ويمكن تفعيل دور القروض الحسنة في علاج الفقر و البطالة بإحدى طريقتين هما:
الطريقة الأولى:- القروض الحسنة من البنوك: تقوم البنوك بتجميع المدخرات من المواطنين وتوجيهها للتمويل الإستثمارى للمؤسسات الاقتصادية وللتمويل الإستهلاكى للأفراد وذلك في صورة قروض بفائدة في البنوك التقليدية ووفقا لصيغ الإستثمار والتمويل الشرعية في البنوك الإسلامية , وأيا كان نوع البنوك فإن الأموال المتجمعة لديها هى أموال المجتمع ويجب أن تعمل لخير المجتمع, ونظراَ لأن البنوك تحصل على بعض مواردها في صورة حساب جارى لاتدفع عنة عوائد , كما أنها مطالبة قانوناَ بإيداع نسبة من الودائع لديها لدى البنك المركزى بصفتة احتياطى قانونى(نظامى) لاتأخذ عنه عوائد , لذلك فأنة يمكن أن تزاد هذة النسبة بمقدار 1% من قيمة الحسابات الجارية يستلمها البنك المركزى ويخصص لها صندوق للإقراض الحسن للشباب العاطلين للبدء في مشروعات صغيرة يعملون فيها وبالتالى يعالج فقرهم وبطالتهم في آن واحد , فعلى سبيل المثال فأن الودائع الجارية لدى البنوك المصرية تبلغ 635 مليار جنية فلو خصص 1% فقط أنها للأقراض الحسن لتوفر مبلغ 6.3 مليار جنية وهو أكبر من المتاح لدى الصندوق الإجتماعى للتنمية الذى يعد أكبر جهة تقرض المشروعات الصغيرة ولكن بفائدة
الطريقة الثانية: اتباع أسلوب التمويل شبة الرسمى والذى يقوم على وجود تنظيم لمجموعة من الناس في شكل جمعية أهلية أو غيرها والتى تتولى تدبير المال اللازم للإقراض لأعضائها إما من البنوك في صورة قرض حسن أو من مؤسسات مانحة أو معونات من الحكومة وكذا اشتراكات من أعضائها وتنشئ صندوقا للإقراض الحسن تودع فية هذة الأموال ثم تقرضها لأعضائها مع ضمانهم لبعض ضماناَ تكافلياَ وهو أسلوب يتم اتباعه على مستوى العالم
ثانيا:إحياء الموات ودوره في علاج الفقر والبطالة:- وإحياء الموات من أساليب التعمير التي شرعها الإسلام, وهو كما يقول الإمام مالك" شق العيون وحفر الآبار وغرس الشجر وبناء البنيان و الحرث" والأرض الموات هى الأرض التي لامالك لها ولاينتفع. بها أحد وليست عامرة أو حريما لعامر , وبالتالى فمن احياء أرضاَ مواتاَ فهى له كما جاء في الحديث النبوى الشريف " من أحيا أرض ميتة فهى لة " بل إنه يؤجر على ذلك حيث جاء من أحيا أرضاَ ميتة له بها أجر وما أكلت منة العافية فله به أجر" وهذا يدخل حديثا في باب إستصلاح الأراضى , حيث يمكن للدولة أن تخصص مساحات من الأراضى غير العامرة وتوزعها على الجمعيات الأهلية كل جمعية مساحة منها و تمدها بالمرافق الأساسية من طرق و كهرباء ومياه ثم تقسم الجمعية المساحة إلى قطع صغيرة وتوزعها على الشباب العاطلين ليزرعوها ويبنوا لهم فيها مساكن بقروض حسنة ميسرة, وبذلك يتم استيعاب جزء كبير من البطالة وفى نفس الوقت يساهم الإنتاج من الأرض في سد الفجوة الغذائية التي تعانى منها الدول الإسلامية.
ثالثاَ: أساليب إسلامية لعلاج فقر الجوع: إن فقر الجوع من أخطر أنواع الفقر ولذا أهتم الإسلام بقضية علاج الجوع حيث جعل إطعام الطعام من أفضل الأعمال, فروى "أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْإسلام خَيْرٌ قَالَ تُطْعِمُ الطَّعَامَ وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ " والتقاعس عن ذلك من صفات المكذبين بالدين كما جاء في قوله تعالى "أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ " بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بأن التقاعس عن إطعام الجائعين من الممارسات التي توجب براءة الله سبحانه من العبد ففى الحديث الشريف "عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ احْتَكَرَ طَعَامًا أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَقَدْ بَرِئَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَبَرِئَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ وَأَيُّمَا أَهْلُ عَرْصَةٍ أَصْبَحَ فِيهِمْ امْرُؤٌ جَائِعٌ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ تَعَالَى" ولذلك قام الإسلام بتنظيم عملية سد جوعة الجائعين من خلال عدّة أساليب مثل بذل الفضل لقول الرسول صلى الله عليه وسلم " عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ فَجَعَلَ يُصَرِّفُهَا يَمِينًا وَشِمَالًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا ظَهْرَ لَهُ وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَضْلُ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ مِنَّا فِي الْفَضْل " ومنها الأضاحى و الهدى والكفارات وحق الجار, ويمكن تنظيم هذه الأساليب في شكل مؤسسى كما حدث بالنسبة للحوم الأضاحى في موسم الحج بالمملكة العربية السعودية حيث يتم تجهيز لحومها وتوزيعها على فقراء المسلمين في الدول المختلفة , ومثل ذلك يمكن أن يتم على مستوى كل دولة بل و كل مدينة, بل وعلى كل فرد بالنسبة لجيرانه القيام بهذا العمل, وتوجد تجربة في مصر قام بها بعض رجال الأعمال وهى تجربة " بنك الطعام" الذى أنشئ أولاَ لجمع الأطعمة الباقية من الحفلات في الفنادق وغيرها وإعادة تعبئتها ثم توزيعها على الفقراء وتوسع الأمر بعد ذلك بإنشاء مطابخ ومصانع للأغذية تمول من تبرعات عينية ونقدية وتجميع لحوم الأضاحى و توسع البنك إلى حدّ كبير فأصبح يقدم حوالى 4 مليون وجبة في السنة للجائعين وهكذا اتضح أن الإسلام غنى بالأساليب والآليات التي يمكن أن تحد من مشكلتى الفقر والبطالة إلى حد كبير , ويحتاج الأمر إلى التوعية و تنظيم القيام بها في شكل مؤسسى رعاية لأبناء المجتمع وإحياء لواجبات وسنن الإسلام.
| |
| | | | الفقر والبطالة | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |