انعكاسات ثورة 25 يناير على الثقافة السياسية للمصريين :
دراسة ميدانية على شرائح مختلفة من المجتمع المصرى /
مى حمدى محمد على رشوان ;
يعيش الوطن العربى منذ 2011 على واقع مرحلة جديدة إجتاحت بعض دوله موجه ثورات مست بصداها غالبية نظم الحكم العربية , وهى ثورات تحمل مطالب متعددة متعلقة بحقوق الإنسان , والعدالة الاجتماعية , فضلاً عن المطالب الاقتصادية , والسياسية خاصة تلك المتعلقة بمحاربة الفساد , والقضاء على استبداد الحكم ولكن على الرغم من أثارته هذه المظاهرالأحتجاجية التى إنتشرت فى المجتمع المصرى من تساؤلات حول دلالة هذه الأحتجاجات من حيث إذا كانت ترمز إلى تغيراً قد طرأ على الثقافة السياسية للمصرين , ولكن عندما قامت الثورة كسرت حاجز الخوف لدى المصريين , ورسخت ثقافة سياسية جديدة ,تحمل قيماً مختلفة تماماً عن قيم الثقافة السياسية خلال مرحلة ما قبل الثورة , فقد أجمعت نتائج الدراسات السابقة حول موضوع الثقافة السياسية على وجود مجموعة من القيم السياسية السلبية لدى المصريين تجاه السلطة وقد تمثلت هذه القيم السياسية فى : الخوف من السلطة , والطاعة المطلقة لها, والشك فيها , والأستسلام والخنوع لها وغيرها , وتنطلق هذه الدراسة من أفتراض مؤاده أن ثورة 25 يناير قد لعبت دوراً فى ترسيخ ثقافة سياسية جديدة للمصريين تحمل قيماً مختلفة عن القيم السابقة .
ثانيا : أهداف الدراسة :
1- يتحدد الهدف الرئيس للدراسة فى الكشف عن تداعيات ثورة 25 يناير على الثقافة السياسية للمصريين, ومدى ما أحدثته هذه الثورة من تغير وتحـــول فـــى قيـــم الثقافــــة السياسيــة للشخصية المصرية.
2- الكشف عن مدى التغير فى طبيعة وحجم المعرفة السياسية لدى المصريين بعد ثورة 25 يناير .
3- الكشف عن طبيعة قيم الثقافة السياسية للمصريين بعد ثورة 25 يناير وحجم التغير .
4- الكشف عن المستوى الثالث من مستويات الثقافة السياسية وهو المستوى المتعلق بالسلوك السياسى متمثلاً فى مدى الأقبال على المشاركة السياسية بعد ثورة 25 يناير.
5- الوقوف على مدى التباين فى الثقافة السياسية للمصريين بعد الثورة بإختلاف إنتماءاتهم الطبقية والاجتماعية ومراحلهم العمرية وأيضاً بإختلاف النوع , والسياق الأجتماعى (ريف-حضر) .
ثالثاً : تساؤلات الدراسة :
التساؤل الأول والرئيس للدراسة : ماهى أنعكاسات ثورة 25 يناير على الثقافة السياسية للمصريين ؟
التساؤل الثانى : ما طبيعة وحجم المعرفة السياسية لدى المصريين ؟ ومدى إختلافها بإختلاف خصائصهم وأنتماءاتهم الأجتماعية والطبقية ؟
التساؤل الثالث : ماهى طبيعة قيم الثقافة السياسية (التوجهات والآراء نحو السياسة والممارسة السياسية والسلطة) لدى المصريين ؟ ومدى أختلافها باختلاف خصائصهم وإنتماءاتهم الأجتماعية والطبقية ؟
التساؤل الرابع : ما مدى إقبال المصريين على المشاركة السياسية بصورها المختلفة ؟ ومدى إختلافها باختلاف خصائصهم وإنتماءاتهم الأجتماعية والطبقية ؟
رابعاً : الأجراءات المنهجية :
تناولت الدراسة منهج المسح الأجتماعى عن طريق العينة بالتطبيق على عينة قوامها (330) مفرده موزعه بالتساوى على محافظات أقليم القاهرة الكبرى بإستخدام ”إستمارة المقابلة الشخصية” كأداة لجمع البيانات , وضمت العينة شرائح مختلفة من المجتمع المصرى (عمال – موظفين – طلاب جامعات ودبلومات – حرفين – مهنيين – ربات منازل – عاطلين) وغيرهم من الشرائح المختلفة وذلك فى المرحلة العمرية من (18-50 فأكثر) موزعين على مستويات تعليمية مختلفة .
خامساً : نتائج الدراسة :
1- إرتفاع ملحوظ فى مستوى المعارف السياسية الخاصة بمستوى الأهتمام السياسى ومتابعة الأحداث والموضوعات السياسية العامة والمؤسسات السياسية , وإرتفاع مستوى المعرفة السياسية كلما أتجه المستوى التعليمى لأعلى ولا تختلف بالنوع ولا بالسياق الأجتماعى .
2- ارتفاع مستوى المعارف السياسية الخاصة بالقيادات السياسية العامة وإنخفاضها على مستوى القيادات السياسيــة المحلية ,وإنخفاضها أيضا على مستوى المعرفة بالقوانين والدساتير.
3- أحتلت وسائل الإعلام سواء (التليفزيون والأنترنت) المصادر الرئيسة التى يعتمد عليها المواطنين فى أستقاء معلوماتهم ومعارفهم السياسية .
4- تغير بعض قيم الثقافة السياسية متمثلة فى قيم (الطاعة المطلقة للسلطة – الإذعان والأستسلام – والقدرية فى مواجهة إستبداد الحاكم) كإنعكاس مباشر لثورة 25 يناير .
5- عدم تأثر بعض قيم الثقافة السياسية بثورة 25 يناير متمثلة فى قيم (الشك فى السلطة , الخوف من السلطة والتحايل عليها أو الطاعة الجبرية لها) , ويرجع ذلك إلى الخوف على الرزق ولقمة العيش دائماً .
6- إرتفاع مستوى المشاركة السياسية بصورها التقليدية وغير التقليدية على مستوى المشاركة فى المناقشات السياسية والتصويت فى الأنتخابات والأستفتاءات وإرتفاع صور المشاركة الغير تقليدية كالأشتراك فى المظاهرات والأضرابات والأحتجاجات والاشتراك فى الثورة , ويعد هذا من أهم إنجازات ثورة 25 يناير.
7- إنخفاض مستوى المشاركة السياسية على مستوى الأحزاب والجمعيات الأهلية وحضور الندوات التى تنظمها هذه المؤسسات لأدراك المواطنين عدم الجدوى من هذه المشاركة وعدم فعاليتها وغياب وجودها على الساحة السياسية حتى يتلمس المواطنين دورها فى الواقع المعاش .