المواضيع الأخيرة | » أحمد محمد صالح : أثنوغرافيا الأنترنيت وتداعياتها الإجتماعية والثقافية والسياسيةالخميس أبريل 29, 2021 10:43 pm من طرف زائر » قارة آمال - الجريمة المعلوماتيةالإثنين أبريل 26, 2021 5:37 pm من طرف ikramg » معجم مصطلحات العلوم الإجتماعية انجليزي فرنسي عربي - الناشر: مكتبة لبنان - ناشرون -سنة النشر: 1982 الخميس أبريل 22, 2021 2:24 pm من طرف Djamal tabakh » سيكلوجية_المسنينالإثنين أبريل 19, 2021 4:46 pm من طرف Mostafa4Ramadan » ممارسة خدمة الفرد مع حالات العنف الاسرى دعبد الناصرالإثنين أبريل 19, 2021 4:45 pm من طرف Mostafa4Ramadan » جرائم نظم المعلوماتالسبت أبريل 17, 2021 3:39 pm من طرف Djamal tabakh » دور التعلم الإلكترونى فى بناء مجتمع المعرفة العربى "دراسة استشرافية" السبت أبريل 17, 2021 2:54 pm من طرف Djamal tabakh » أصــــــــــــــــــــــــول التربيةالسبت أبريل 17, 2021 5:02 am من طرف Djamal tabakh » نحو علم اجتماع نقديالإثنين أبريل 05, 2021 11:22 am من طرف ظاهر الجبوري » د.جبرين الجبرين: الإرشاد الاجتماعي في المجتمع السعوديالأربعاء مارس 31, 2021 4:25 am من طرف nahed |
أحمد محمد صالح : أثنوغرافيا الأنترنيت وتداعياتها الإجتماعية والثقافية والسياسية | الجمعة مارس 12, 2010 11:26 am من طرف nizaro |
أثنوغرافيا …
| تعاليق: 93 |
جرائم نظم المعلومات | الإثنين مارس 08, 2010 10:02 am من طرف فريق الادارة |
ضع ردا …
| تعاليق: 5 |
أصــــــــــــــــــــــــول التربية | الأحد يناير 03, 2010 9:37 pm من طرف فريق الادارة |
تهتم مادة (اصول التربية) بدراسة الاسس التاريخية …
| تعاليق: 146 |
نحو علم اجتماع نقدي | السبت يوليو 24, 2010 2:02 am من طرف فريق الادارة |
العياشي عنصر
نحو علم اجتماع نقدي
| تعاليق: 13 |
لأول مرة : جميع مؤلفات الدكتور محمد الجوهري - مقسمة علي ثلاث روابط مباشرة وسريعة | السبت أبريل 23, 2011 10:27 pm من طرف باحث اجتماعي | مدخل لعلم الأنسان المفاهيم الاساسية في …
| تعاليق: 283 |
أصل الدين - فيورباخ | الإثنين مارس 01, 2010 10:38 pm من طرف فريق الادارة |
أصل الدين - فيورباخ
| تعاليق: 223 |
العنف في الحياه اليوميه في المجتمع المصري-احمد زايد | الخميس يناير 14, 2010 10:27 am من طرف فريق الادارة |
[hide][url=http://www.4shared.com/file/196965593/6e90e600/______-_.html]…
| تعاليق: 43 |
مبادئ علم الاجتماع - للمؤلف طلعت ابراهيم لطفي | الثلاثاء ديسمبر 22, 2009 7:25 am من طرف فريق الادارة |
مبادئ علم الاجتماع
إذا أعجبك الكتاب اضغط لايك في …
| تعاليق: 264 |
نظرة في علم الاجتماع المعاصر - د. سلوى خطيب | السبت فبراير 06, 2010 11:31 am من طرف فريق الادارة | نظرة في علم الاجتماع المعاصر
د. سلوى خطيب
رابط التحميل …
| تعاليق: 39 |
التدين الشعبي لفقراء الحضر في مصر | الأربعاء مايو 26, 2010 4:14 am من طرف فريق الادارة |
التدين الشعبي لفقراء الحضر في مصر
[img]…
| تعاليق: 22 |
تدفق ال | |
|
| المتغيرات الدولية و الأزمة المالية العالمية وتأثيراتها على تمكين المرأة في سوق العمل | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
باحث اجتماعي عضو زهبي
التخصص : علم اجتماع عدد المساهمات : 1494 نقاط : 3052 تاريخ التسجيل : 01/01/2010 العمر : 54
| موضوع: المتغيرات الدولية و الأزمة المالية العالمية وتأثيراتها على تمكين المرأة في سوق العمل الأربعاء يونيو 24, 2015 11:31 am | |
| المتغيرات الدولية و الأزمة المالية العالمية وتأثيراتها على تمكين المرأة في سوق العمل د.محمد عبد الشفيع عيسى أستاذ الاقتصاد وخبير تنمية الموارد البشرية، معهد التخطيط القومي بالقاهرة
عرض عام
حسب البيانات المستقاة من منظمة العمل العربية، ومن مصادر إحصائية متعددة على المستوى القطري والعربي العام، فإن مشكلة التشغيل تأخذ أبعادا ذات خطر، وخاصة إذا أخذنا في الاعتبار عامل "النوع الاجتماعي"، أي فيما يتعلق بعمالة المرأة على وجه التحديد، وخاصة المرأة المتعلمة وفي سن الشباب. وهكذا فإن الشابات المتعلمات هن الأكثر عرضة للبطالة، داخل قوة العمل العربي الكلية. وتتسق هذه الحقيقة مع ما أثبتته البيانات المتاحة منذ فترة طويلة، من المصادر الدولية والعربية المختلفة، حيث ترتفع البطالة في أوساط الإناث باكثر من الذكور، وأنها ترتفع بين الفئات المتعلمة بأكثر من الفئات التي لم تنل حظا من التعليم، وان البطالة تتدرج صعودا مع ارتفاع المستوى التعليمي والتحصيل الدراسي. كل ذلك في ضوء الحقيقة الديموجرافية الساطعة القائلة بارتفاع النصيب النسبي لصغار السن ( وخاصة الشباب بين 15 و24 سنة ) من إجمالي السكان العرب. وفي التقرير العربي الأول للتشغيل، الذي أطلقته منظمة العمل العربية في يوليو/تموز 2008 ، نجد أن معدل البطالة على المستوى العربي، بلغ في المتوسط 14% أو أكثر قليلا، حسب بيانات عام 2006. وتشتد أهمية هذه الحقيقة إذا علمنا أن عدد الداخلين الجدد إلى سوق العمل يقدر بنحو 4 ملايين شخص، حسب بيانات منظمة العمل العربية أيضا، مما يرفع من أعداد ونسب المتعطلين عبر الزمن، على المستوى العربي. وتتجلى خطورة هذه الظاهرة في حالة عدم انتهاج السياسات اللازمة واتخاذ الإجراءا ت الكفيلة بتوفير فرص العمل، لمقابلة البطالة المتراكمة من فترات سابقة، من ناحية، ومواجهة الزيادة السنوية المتوقعة في قوة العمل، من ناحية أخرى، حيث قدرت بعض المصادر الدولية إجمالي أعداد المتعطلين العرب بنحو 80 مليونا عام 2013.
لذلك، يمكن القول إن التقديرات الواردة في التقرير العربي الأول للتشغيل مرشحة للزيادة، خلال الأعوام الأخيرة، بحكم التغير الديموجرافي، و بافتراض الثبات النسبي في أنماط السياسات الاقتصادية المتبعة في الدول العربية. فما بالك، إن تم الأخذ في الاعتبار وقائع الأحداث ذات الطابع "الدراماتيكي"، على إثر الأزمة المالية العالمية التي انفجرت في أواسط عام 2008، وسبقتها أزمة الغذاء ولحقت بها أزمة تذبذب وانخفاض أسعار النفط؟. وما بالك إن أخذنا في الاعتبار عامل التركيب العمري للمتعطلين، كما سبقت الإشارة؟. وفي هذا المجال تذكر منظمة العمل العربية أن 25% من العاطلين في الدول العربية، هم من الشباب، وتصل النسبة في بعض الدول العربية إلى 66% . ولنعلم هنا أن نسبة الشباب (15-24 سنة) إلى إجمالي السكان العرب تصل إلى نحو 21%، و أن عدد من هم في سن الشباب، في الدول العربية، عام 2006، يضارع نحو66 مليونا، منهم 33,8 مليونا من الذكور ، و32,1 من الإناث. ومن جانب آخر، فإن معدلات البطالة بين الأميين، حسب منظمة العمل العربية دائما، هي الأدنى في غالبية الدول العربية، وترتفع هذه المعدلات لذوي التعليم الثانوي والجامعي لتبلغ عشرة أضعافها لدى الأميين في جمهورية مصر العربية مثلا، وخمسة أضعاف في المغرب، وثلاثة أضعاف في الجزائر. كل ذلك يصل بنا، كما أشرنا، إلى توقع اشتداد حدة الأزمة المرتبطة بضرورات توفير فرص العمل ومواجهة البطالة، في حدها الأقصى، بين أوساط الفئات الشابة والمتعلمة، وخاصة من النساء. وحسب مصادر متطابقة من منظمة العمل العربية وتقارير التنمية البشرية في الدول العربية، كما سيرد في متن هذه الدراسة، فإن بطالة المرأة تصل إلى حدود مفزعة في كثير من الدول العربية، على اختلاف سجلها الإنمائي ومستويات الدخول: فخلال الفترة من 1990 إلى 2005 بلغ معدل البطالة بين الإناث في الأردن 41,6% ، و39,6% في اليمن، وعمان 36,7%، وفي موريتانيا 27,4%، وفي مصر 25,1% ، وبلغت 23,9% في السودان. أما ماذا حدث ويحدث بعد انفجار الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، بالنسبة للمرأة بالذات في عموم الدول العربية، فهذه قصة أخرى أكثر "ماساوية". وكما ذكر في متن هذه الدراسة فإن أثر هذه الأزمة على عمالة وبطالة المرأة العربية، سوف يكون الأشد، وخاصة في ضوء بطء نمو قوة العمل، إن كان هناك نمو أصلا. ومن الملاحظ، تركُّز "التعيينات الجديدة" للعمالة–أو "خلق مناصب الشغل" – في ظل الأزمة بالمؤسسات العربية، العامة والخاصة، على الذكور أكثر من الإناث، بوجه عام، لعوامل تاريخية واجتماعية وثقافية. هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى، فإن موجة "الاستغناء" عن العمالة في ظل الأزمة، أو ما يطلق عليه "تسريح العمالة" تطال أول ما تطال، العنصر النسائي بالتحديد. لذلك كله، تتزايد أهمية تمكين المرأة في سوق العمل وتنمية مهاراتها المهنية من المنظور التنافسي وزيادة إنتاجية العمل لديها. ولنتذكر هنا – حسب بيانات منظمة العمل العربية- أن إنتاجية العمل في القطاع الصناعي العربي، لم تزد قيمتها في المتوسط في الدول العربية (بالأسعار الجارية، مقومة بالدولار) عن 14 ألفا تقريبا في عام 2002، و16 عام 2003، و20 ألفا عام 2004. وبرغم هذه الزيادة السنوية، إلا أن مستواها يظل بالغ التواضع بالمقاييس الإقليمية والدولية، مما يحتم رفع معدل الإنتاجية بنحو 10% سنويا، كما ورد في وثيقة (العقد العربي للتشغيل) المقدمة من منظمة العمل العربية إلى مؤتمر القمة الاقتصادية والتنموية والاجتماعية بالكويت (19-20 يناير 2009). ... وسعيا منا إلى استجلاء الحقائق المتعلقة بموضوع هذه الدراسة ( آثار المتغيرات الدولية و الأزمة المالية العالمية على تمكين المرأة في سوق العمل)، قسمنا الورقة إلى قسمين: تناولنا في القسم الأول أوضاع ماقبل وما بعد الأزمة المالية والاقتصادية الراهنة، و أتبعناها ببعض المتغيرات الدولية وخاصة فيما يتعلق بقضية فجوة النوع- بين الرجل والمرأة- ثم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وفي القسم الثاني، عرضنا للجانب الآخر من الموضوع: الحلول- فقدمنا نبذة عامة عن مقترحات الحل لأزمة البطالة وخاصة بالنسبة للمرأة، ثم فصّلنا في أمرين بالغيْ الأهمية في سياق تمكين المرأة في سوق العمل، وهما : المشروعات والصناعات الصغيرة والصغرى، و مدخل " الأسر المنتجة". وفيما يلي نقدم هذين القسمين بالتتابع.
القسم الأول
بعض المتغيرات الدولية المؤثرة على التشغيل وعمالة المرأة
-1- الأزمة الاقتصادية، ماقبلها وما بعدها، وبطالة المرأة
النمو الاقتصادي والتشغيل في مرحلة ما قبل الأزمة المالية والاقتصادية الأخيرة ( مرحلة الطفرة النفطية 2003-2007) خلال الفترة من 2000 إلى 2005، وخاصة بين 2003 و2006، حدث ارتفاع كبير في معدلات النمو الاقتصادي في معظم الول العربية. ومما يدل على ذلك، صدور تقرير دولي بعنوان: ( خلق فرص العمل في حقبة من معدلات النمو المرتفعة-2007). ويتضمن هذا التقرير، الذي أعده فريق من البنك الدولي- حقائق هامة عن العلاقة بين النمو والتشغيل في الدول العربية. وفي الصدارة منها، حقيقة أولى، تتضمنها العبارة التالية: [..مرت (المنطقة) بفترة تتسم بمعدلات النمو الاقتصادي العالية. وبالتوازي مع هذا النمو، ازدادت معدلات خلق فرص العمل الجديدة وهبطت معدلات البطالة. ويعتبر هذا مأثرة لافتة للنظر، في ضوء التوسع الذي تشهده القوى العاملة – وهو الأسرع على مستوى العالم..]. ويمضي التقرير منوّها بأن المنطقة- العربية- شهدت زخما قويا، متمثلا في معدلات قوية للنمو الاقتصادي؛ وأن من عوامل هذا الزخم : إيرادات النفط المرتفعة. ويسجل التقرير أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لدول المنطقة حقق نموا في 2006 بمعدل 6,3%، مقابل 4,6% في السنوات الأربعة الأولى من العقد الحالي. ويعتبر هذا الأداء القوي في مجال النمو الاقتصادي (العربي) من بين أفضل ما شهدته المنطقة منذ سبعينات القرن العشرين. ويعود هذا النمو الاقتصادي المرتفع إلى الزخم القوي المستمر في مجموعة الدول (الغنية بالموارد والمستوردة للقوى العاملة)-أي دول الخليج أساسا. وقد حدث تحسن أيضا في أداء مجموعة الدول (ذات الندرة النسبية في الموارد والوفرة في عنصر العمل)، وتشمل كلا من: مصر والأردن ولبنان وتونس والمغرب. بينما لم ترتفع معدلات النمو في دول المجموعة (ذات الوفرة في الموارد الطبيعية وفي القوة العاملة)، وتدخل فيها- حسب البنك الدولي-: اليمن وسوريا والجزائر. وتجدر الإشارة إلى أن قياس النمو الاقتصادي يمكن مقاربته بطريقة أفضل من خلال تتبع (متوسط نصيب الفرد من الدخل الوطني)، حيث يعتبر التغير في هذا المؤشر (ارتفاعا أو انخفاضا)، محصلة لكل من النمو الاقتصادي ومعدل النمو السكاني، ويمثل حسابيا من خلال عملية طرح المعدل الثاني من قيمة المعدل الأول. ويذكر تقرير البنك الدولي في هذا الصدد أن دول المنطقة حققت نموا لمتوسط نصيب الفرد عام 2006 بمعدل عام بلغ 4,2%، وهو أعلى معدل تسجله المنتطقة خلال "عشريتيْن" -أو عقدين- من الزمان. وقد أدى (النمو السريع) لدول المنطقة (العربية) إلى تضييق الفجوة بينها وبين المناطق الأخرى النامية متوسطة الدخل لا سيما في آسيا، إذ أصبحت معدلات النمو (العربية) تمثل 75% من مستوى معدلات النمو للمناطق الأخرى المذكورة، في حين لم تكن تتعدى 60% خلال النصف الثاني من عقد التسعينات المنصرم. وكما سبق ان أشرنا، فإن حركة النمو الاقتصادي العربي الأخيرة، في المرحلة السابقة على الأزمة الاقتصادية المركبة خلال عامي 2008 و2009، قد تمركزت حول النفط بصفة أساسية. وحسب مصادر البنك الدولي - في التقريرمحل العرض- فقد بلغت إيرادات النفط عام 2006 حوالي 585 مليار دولار، مقابل 510 مليارا عام 2005. وهذه الزيادة في الإيرادات النفطية صاحبها ارتفاع في حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لدول المنطقة (العربية) بما يتجاوز 24 مليار دولار عام 2006. وتركزت هذه التدفقات في مجموعة الدول (ذات الندرة النسبية في الموارد والوفرة في العمل) وهي، كما قلنا: مصر والأردن ولبنان وتونس والمغرب.
والآن.. كبف انعكست معدلات النمو الاقتصادي المرتفعة، على قوة العمل في مرحلة ما قبل الأزمة المالية والاقتصادية التي ضربت الاقتصاد العالمي والعربي خلال عاميْ 2008 و2009؟ إن معدلات النمو الاقتصادي القياسية خلال الأعوام الأخيرة، بين عاميْ 2000 و 2005 عموما، والمحققة بدرجات متفاوتة بين الدول العربية، رافقتها زيادة في معدلات خلق فرص العمل الجديدة، وهبوط في معدلات البطالة، وارتفاع في نسبة مشاركة المرأة في قوة العمل. فقد وصلت معدلات النمو في خلق فرص العمل الجديدة إلى 4,5% سنويا خلال الأعوام الخمس المشار إليها، وهو أعلى معدل بين كافة مناطق الدول النامية على الصعيد العالمي، كما ذُكِر آنفا. وحدث ذلك بوتائر متباينة بين الدول العربية، إذ تقع مجموعة الدول العربية (ذات الوفرة في العمالة والندرة في الموارد) على أدنى درجات السلّم من حيث خلق فرص العمل الجديدة، ويشار هنا إلى حالة مصر والأردن. أما من حيث معدلات البطالة، فقد هبطت نسبتها من القوة العاملة خلال نفس الفترة، من 14,3% إلى 10,8%، على مستوى المنطقة عموما. ولكن يلاحظ ان معدل البطالة لم ينخفض في الأردن، بل وارتفع المعدل في بلدين خليجيين هما الكويت والإمارات، وإن حدث ذلك (في حالة الكويت بالذات) من نقطة منخفضة أصلا لمعدل البطالة. ويقودنا هذا، إلى الحديث عن التشغيل ومستقبل أسعار النفط. وبعبارة أعم يمكن التساؤل: ماذا عن العلاقة بين النفط وقوة العمل العربية.؟ يذكر البنك الدولي، عن حق أنه إذا أراد صانعو السياسات استمرار التحسن في صورة قوة العمل، في حالة ما إذا حدث هبوط في أسعار النفط، فإنه يجب الاهتمام بنوعية وجودة فرص العمل الجديدة. وعموما، فإنه يجب سد الثغرات التي كشفت عنها التجربة في مجال تطور قوة العمل، وأبرز هذه الثغرات ما يلي: 1- رغم ارتفاع معدلات النمو في مجال خلق فرص العمل الجديدة، يلاحظ انخفاض نسبة مساهمة من هم في سن العمل في قوة العمل بالفعل. وبعبارة أخرى، يلاحظ : انخفاض معدل المشاركة في قوة العمل، أو تواضع نسبة "السكان المشاركين في النشاط الاقتصادي"، وتعود هذه الظاهرة بدورها إلى (الهيكل الفتيّ) للسكان، بفعل ارتفاع نسبة "صغار السن" ضمن (الهيكل العمري) للمجتمع، و إلى ارتفاع نسبة النساء المصنفات بدون عمل (رغم اشتغالهن خارج "سوق العمل" تحت مسمى "ربات البيوت"). 2- إن أغلب فرص العمل الجديدة تم توليدها داخل القطاعات التي تتسم بانخفاض الإنتاجية والقيمة المضافة في دول (المنطقة)، حيث استوعبت الزراعة 40% من قوة العمل الجديدة في كل من مصر والمغرب مثلا ( و20% في الجزائر). وقد شهد القطاع الزراعي بالفعل انخفاضا في الإنتاجية مع الزيادة في خلق فرص العمل. ومن هنا يجب زيادة القدرة على استيعاب العمالة في القطاعات ذات الإنتاجية المرتفعة، وهي الصناعة والخدمات المتقدمة علميا وتكنولوجيا. ويمكن أن تكون صيغة (المشروعات الصغرى والصغيرة والمتوسطة) سبيلا إلى ذلك، بشروط معينة. 3- إن الزيادة الكمية في التشغيل لم تصحبها، بصفة عامة، تحسن في "نوعية" العمالة، من حيث مستوى المهارة والمكوّن العلمي، والتكنولوجي-الابتكاري، و لم تصحبها زيادات مناظرة في إنتاجية العمل. والمهم هنا أن البنك الدولي يلفت انتباه صانعي السياسات العرب إلى ضرورة الاهتمام بالبعد الاجتماعي-الإنساني، كمدخل لرفع مستويات الإنتاجية. ويتحقق ذلك ببناء منظومات "شبكات الأمان"، من أجل تقديم غطاء الحماية الاجتماعية للفئات غير المشمولة في نظم التأمين الضمان الاجتماعي السارية، بالإضافة إلى الحماية من المخاطر المؤقتة المرتبطة بظروف العمل. وفي الختام، يحسن أن نقدم، فيما يلي، خلاصة مهمة عن التشغيل والنمو والنفط، كدرس أساسي مستفاد للدول العربية، حسب تعبير فريق البنك الدولي: [ إن إيرادات النفط القوية تتيح الزخم اللازم لاستمرار النمو القوي في المنطقة خلال الأجل القصير. ولكن في الأجل الطويل، ينبغي القيام بتغييرات هيكلية شاملة، بغرض التصدي لتحدي التشغيل وقوة العمل، وغيره من التحديات ].
عدل سابقا من قبل باحث اجتماعي في الأربعاء يونيو 24, 2015 11:34 am عدل 1 مرات | |
| | | باحث اجتماعي عضو زهبي
التخصص : علم اجتماع عدد المساهمات : 1494 نقاط : 3052 تاريخ التسجيل : 01/01/2010 العمر : 54
| موضوع: رد: المتغيرات الدولية و الأزمة المالية العالمية وتأثيراتها على تمكين المرأة في سوق العمل الأربعاء يونيو 24, 2015 11:32 am | |
| البطالة حسب النوع الاجتماعي- بطالة المرأة- على تخوم الأزمة :
ونقدم في هذا السياق، بدايةً، الجدول الآتي:
المصدر: المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم(الالسكو)، التنمية البشرية في الوطن العربي خلال الفترة 1990-2005، الفصل الثالث، ص 52 .
من هذا الجدول، نستطيع التوصل – على تخوم الأزمة عام 2005 ، والتي أطلت كاملة في عام 2008 - إلى النتائج التالية: 1- حسب البيانات المتوفرة، لقد ارتفعت معدلات بطالة المرأة في معظم الدول العربية خلال الفترة الممتدة من 1990 إلى 2005، بشكل عام. وربما لم تنخفض سوى في البحرين، من الخليج، والدول الثلاثة المغاربية: تونس والجزائر والمغرب. 2-من الصعب التحقق من مدى دقة ومصداقية البيانات السابقة، ولكن ربما تصلح مؤشرا تقريبيا على مدى المأزق الذي تواجهه المرأة العربية في سوق العمل، حتى في تلك الفترات "الذهبية" للنمو الاقتصادي العربي المدفوع بالنفط، منذ مطلع الألفية الجديدة حتى 2005 و2006 و 2007 أيضا. 3- لم تصدر بعد، بيانات على المستوى العربي حول أثر الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية الأخيرة على عمالة المرأة، وخاصة في ضوء الضيق النسبي للمساحة الزمنية الممتدة منذ اشتداد خناق الأزمة على الاقتصادات العربية أواخر 2008 سوى بعض البيانات على المستوى القطري ولفترات تمتد بين ثلاثة شهور وستة شهور كحد أقصى. ونحن الآن في مطلع يوليو/تموز 2009، وما زلنا بانتظار صدور "التقرير الاقتصادي العربي الموحد" عن عام 2009، لكي نقطع بأمر موثق، من خلال أحدث البيانات من مظانها الأصلية. 4- ومع ذلك، فإنه، بالاعتماد على الشواهد القطرية المتاحة، ومن خلال البيانات التاريخية، والمعلومات الثابتة عن اتجاهات أسواق العمل في الدول العربية، والمتغيرات الحاكمة لعمالة المرأة، يمكن الحكم، ولو مؤقتا، بأن أثر الأزمة الاقتصادية والمالية على عمالة المراة العربية، وبطالتها، سوف يكون أشد، بالمقارنة مع الأثر المفترض على عمالة الرجال. ويرجع ذلك إلى عوامل تاريخية واجتماعية وثقافية مختلفة. وعلى الأقل يمكن القول بأن موجة "الاستغناء" عن العمالة، أو ما يطلق عليه " تسريح العمالة"، تطال أول ما تطال، "العنصر النسائي" بالتحديد. 4- إن مدى اتساع وعمق موجة تسريح العمالة النسائية يتفاوت بين الشرائح المختلفة لهذه العمالة وتوزيعها القطاعي والتركيب المهني. ففي القطاعات والمهن التي يتزايد فيها "ثقل النوع" باتجاه المرأة، لعوامل اقتصادية وتقنية محددة (مستويات الأجور ونوع التقنية المستخدمة ومدى تحيزها للعنصر النسائي كأعمال الحياكة و "التريكو" في صناعة الملابس الجاهزة مثلا) أي حيث تنخفض درجة "مرونة الإحلال أو الاستبدال" للعمالة، فإن موجة الاستغناء والتسريح سوف يكون أثرها محدودا نسبيا على المرأة. أما حيث ترتفع درجة قابلية و "مرونة الإحلال" للعمل بين الرجال والنساء، فإن الموجة سوف يكون تأثيرها على المرأة ذا طابع "تدميري". 5- إن مدى تأثير موجة الاستغناء والتسريح على النساء، يتفاوت حسب الظروف المتفاوتة لشرائح العمالة النسائية، من حيث التركيبة العائلية، ومستوى الدخل والإنفاق، وعبء الإعالة داخل الأسر، وغير ذلك. ولكن الأثر الكلي للأزمة سيكون "أكثر تدميرية" على شريحتين من النساء: أ- شريحة "المرأة المعيلة"، أي المتكفلة بالإنفاق على آخرين، من باطن الأجر المكتسب من العمل في السوق. ب- شريحة النساء الفقيرات ذوات الظروف الاجتماعية الصعبة، من العجزة وكبار السن و الأرامل والمطلقات و "المهجورات" والمعاقات، واللائي يعتمدن على التحويلات الاجتماعية من الموازنات العامة والصناديق الحكومية للتعويضات ومعاشات الضمان الاجتماعي و نظم التأمين التي ترعاها الحكومة، وعلى توزيع السلع والخدمات المدعومة من الدولة. ومن المعلوم أن الأزمة المالية قد اجبرت جميع الحكومات العربية- حتى في الدول النفطية - على خفض مستويات الإنفاق العام، بما في ذلك: النفقات الموجهة إلى نظم التحويل والإعانات والتعويضات الاجتماعية، وعلى نظم الدعم السلعي والخدمي، وعلى القطاعين التعليمي والصحي الممولين من الحكومة. وسوف يكون أثر تخفيض الموازنات الحكومية والعامة، وبالتالي: النفقات الموجهة للأغراض الاجتماعية، ساحقا لهذه الشريحة الاجتماعية من النساء بالذات. ولذا يلزم ابتكار أساليب – أو التوسع في أساليب مطبقة بالفعل- من أجل تمكين المرأة في مجال العمل وكسب الدخول. ويكمن المنفذ الملائم لذلك في آليات "التشغيل الذاتي" من خلال المشروعات والصناعات الصغرى والصغيرة، والمشروعات والصناعات الفردية والأسرية، و تشجيع المبادرات الذاتية على اختلافها لكسب "الخبز مع الكرامة"، أو الخبز بدون "فقدان الكرامة" بالأحرى. وهذا ما سنعالجه بتوسع، في القسم الثاني من هذه الورقة.
-2- فجوة النوع أخذت تهتم المنظمات الدولية، الحكومية وغير الحكومية في الفترة الأخيرة، بما يسمى "فجوة النوع" أي الفوارق العملية بين الرجل والمرأة في مجالات الحياة المختلفة، بما فيها الحياة الاقتصادية وسوق العمل- ومن هذه المنظمات "المنتدى الاقتصادي العالمي" المسمى "منتدى دافوس" –نسبة لهذا المنتجع السويسري الشهير الذي تلتقي فيه نخبة رجال الأعمال والحكومات كل عام لتحقيق "منافع لهم". ويصدر المنتدى تقارير دورية عن "فجوة النوع" ومن أهمها، من زاوية التأسيس الفكري، التقرير الصادر عام 2006 حول فجوة النوع الاجتماعي The Global Gender Gap Report وكان التقرير الثاني من نوعه، بعد التقرير الصادر عام 2005 بعنوان (تمكين المرأة : قياس فجوة النوع العالمية). ومقابل 58 دولة يغطيها تقرير 2005، فإن تقرير 2006 غطي 115 دولة، منها ثمانية دول عربية على الأقل، هي المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية والكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين و اليمن والأردن وتونس. وليس هذا الاهتمام بما يسمى فكرة النوع أو (الجندر) وإدماجها في نظرية وسياسات التنمية بمستحدث على كل حال. ففي فترات ازدهار مدارس التنمية ذات التوجه الراديكالي في العالم الثالث خلال الربع التالي للحرب العالمية الثانية برزت قضية (تحرير المرأة) كجزء لا يتجزأ من عملية، بل ومعركة التحرر الاجتماعي والإنساني، والوطني أيضا. وبالتزامن مع ذلك، انتشرت كالنار في الهشيم مدارس التحديث الاجتماعي والسياسي والثقافي على النموذج الأوربي والغربي عموما. وتم اتخاذ المرأة الغربية نموذجا تحتذي به المرأة في العالم الشرقي في العديد من الدول المعنية. أما انخراط المرأة في سلك التعليم والعمل وفي النشاط الاجتماعي والسياسي فقد جرى (على قدم وساق) في كافة الدول العربية والإسلامية، بمعدلات متفاوتة، انطلاقا من التقاليد الحضارية في حقبة الازدهار العربي والإسلامي. ويقدم التقرير المتعلق بفجوة النوع عن عام 2006 تصورا خاصا به في هذا الصدد. وهو ينطلق من فكرة المساواة بين الرجل والمرأة معرفا إياها على النحو التالي :[ المساواة في الحقوق والمسئوليات والفرص للرجال والنساء وللفتيان والفتيات – بمعنى أن الحقوق والمسئوليات والفرص للنساء والرجال لا تعتمد على كونهم مولودين ذكورا وإناثا؛ وإنما يُنظر إلى المصالح والاحتياجات والأولويات لكل من الرجال والنساء على قدم التساوي]. وتنبثق من هذه الفكرة الجوهرية منهجية متكاملة لتعريف "فجوة النوع"، ولقياس هذه الفجوة بلغة الأرقام والبيانات الإحصائية. ويتم القياس باستخدام مؤشر عام تتفرع منه أربعة مؤشرات. والمؤشر العام هو مؤشر:اقتصادي- تعليمي- صحي- سياسي. أما المؤشرات الفرعية الأربعة فهي تغطي المجالات الأساسية التالية: 1- المشاركة والفرص، في الميدان الاقتصادي. 2- التحصيل التعليمي. 3- الصحة والعيش. 4- التمكين السياسي. ولكن من الملاحظ أنه بناء على هذا المنظور "المساواتي" المجرد بين الرجل والمرأة، مع "تفريغه" من قيود واعتبارات البيئة التاريخية والحضارية، كان من الطبيعي أن تتسنم المراكز الأولى على مستوى العالم بعض دول شمال أوربا، أو أقصى شمال الكرة الأرضية عموما. إن الدولة الأولى – حسب المؤشرات المذكورة- هي السويد، تليها النرويج في الرتبة رقم (2) ، ثم فنلندا (3) وأيسلندا (4). وتحتل الولايات المتحدة المركز رقم (22). أما في المواقع الوسطى فنجد روسيا (49) والصين (63). والمفاجأة أن تتأخر فرنسا إلى الرتبة (70) وإيطاليا إلى (77). ولكن من هم أولئك الذين يتربعون على المواقع الأخيرة ؟ للأسف فإن الميراث الثقافي للحضارات غير الغربية، لا يؤخذ في الاعتبار عند تصميم وبناء مؤشرات القياس العالمية لفجوة النوع. وتكون النتيجة أن الدول المنتمية إلى هذه الحضارات تحتل مواقع منخفضة نسبيا على سُلّم (إزالة أو تخفيف فجوة عدم المساواة بين الرجل والمرأة). وتلك – في التقرير المذكور- هي حالة مصر مثلا وإيران والهند. لا يعني ذلك أن الدول العربية والإسلامية قد فعلت ما ينبغي عليها لتحرير(نصف المجتمع) من ربقة عدم الإنصاف الذي استمر زمنا، وامتد مكانا، ليصل إلى حدود ظلم الإنسان لأخيه الإنسان. فما تزال المرأة في كثير من الدول الإسلامية – وغير الإسلامية- محجوبة ومحرومة. ما تزال الأسبقية في التعليم و في اكتساب الفرص الاقتصادية والتشغيل تعطى للذكور دون الإناث. وما تزال الأسر في بعض المجتمعات تتحيز ضد ولادة الإناث، وتمارس الإجهاض ، بل ووأد البنات، كعادة بعض قبائل العصر الجاهلي، وهو ما تفصح عنه البيانات الديموجرافية الراهنة في دولة ناهضة كبرى هي الصين مثلا. وما تزال مجتمعاتنا العربية والإسلامية أيضا تقدم الذكر على الأنثى، وخاصة في الأرياف والبوادي، سعيا إلى الاستفادة من الغطاء الذي يقدمه الرجل لأهله بحكم قدراته البدنية وحريته النسبية في العمل والحركة والانتقال. ولكن سنن التطور الاجتماعي تسير في اتجاه تقليل الوزن المعطى للقوة العضلية وما يرتبط بها من مكانة ذكورية، وفي اتجاه العدل والمساواة بين أعضاء المجتمع رجالا ونساء، فيرتفع الظلم الذي تنطوي عليه النظم الاجتماعية لكلا النوعين، ولن تبقى إلا آثار الفروق التي ترتضيها الطبيعة والشريعة. وعموما فقد تضمن التقرير المذكور، عن فجوة النوع العالمية، إشارات عن بعض ما تحقق من تقدم باتجاه التساوي أو التكافؤ في الفرص الاقتصادية والتعليمية والصحية والسياسية بين الرجال والنساء في عدد من الدول العربية، كما تفصح عنها البيانات المقارنة الحديثة. ويضيف التقرير العالمي، في هذا الصدد، أن الدول العربية قد استثمرت الكثير من المال على تعليم المرأة، ولكنها لم تجْنِ ثمرات هذا الإنفاق من الناحية العملية بعد، بالنظر إلى انخفاض مستويات مشاركة المرأة المتعلمة في الفرص الاقتصادية. وبهذه المناسبة فإن رتبة جمهورية مصر العربية على المؤشر الفرعي للمشاركة الاقتصادية لا تتعدى (108)، وتتدنى الرتبة على المؤشر الفرعي "للتمكين السياسي للمرأة" إلى (111)- وهو ما يتضح من انخفاض مستوى تمثيل المرأة في المجالس النيابية بصفة خاصة. وأما المملكة العربية السعودية، وكذلك الجمهورية اليمنية، فإنهما بالكاد تسدّان 50% من "فجوة" النوع لديهما، على المؤشر العام للفجوة. ... وإنها لمؤشرات ذات طبيعة نسبية كأدوات للقياس. وهي تقدم، بلغة الأرقام، وقائع مفيدة لصانعي السياسات ومتخذي القرارات التنموية والتخطيطية.. في الاقتصاد والتعليم والصحة وغيرها. ولكن هل تبرأ من شبهة التحيز الثقافي والقيمي .؟ هذه هي المسألة..!
-3- تكنولوجيا المعلومات والاتصالات .. وأين نحن منها ؟
عصرنا هو عصر تعاظم النزاع على الموارد، موارد القوة بمختلف صورها، وعصر تفجر التناقضات المادية والفكرية داخل وخارج المجتمعات. وهو عصر التقدم الاقتصادي والتكنولوجي المتسارع. وعلى ذكر هذا التسارع، ففي أحد أعداد (التقرير العالمي عن تكنولوجيا المعلومات) والتي يصدرها المنتدى الاقتصادي العالمي-دافوس، عدد 2006/ 2007 ، يقتبس عن عالم المستقبليات الأمريكي راي كورزويل Ray Kurzweil أن القرن التاسع عشر قد شهد من التغير التكنولوجي أكثر مما شهدت القرون التسع السابقة عليه، بينما شهد العقدان: الأول والثاني، من القرن العشرين، تقدما تكنولوجيا أكثر مما حصل طوال القرن التاسع عشر؛ وأما القرن الحادي والعشرون فسوف يشهد من التقدم ما يمكن أن يحدث في عشرين ألف سنة، وفق معدلات التغير الراهنة. ولن نسهم في ظاهرة (جَلد الذات) العربية والإسلامية، ولكن الحق يقال إننا بعيدون، بصورة عامة، عن طريق التطور العالمي الرئيسي، بمسافات طويلة، يتفاوت طولها بين هذه المنطقة أو تلك، وبين هذا البلد أو ذاك. قد انتقل العالم مثلا، على سُلّّم الثقافة المُحَوْسبةcomputerized إذا صح هذا التعبير، من مرحلة(جمع البيانات) إلى (تحصيل المعلومات) ثم إلى (اكتساب المعرفة). وانتقل نقلة موازية من تكنولوجيا المعلومات إلى تكنولوجيا الاتصالات على البعد telecommunications ثم إلى الاتصالات (عريضة النطاق عالية السرعة) عن طريق الوصول الميسر إلى شبكة الإنترنت للحواسب، والشبكات (الخليوية) للهاتف cellular، ضمن ما يسمي بالتكنولوجيا النقّالة (موبايل). وفي خط موازٍ آخر انتقل الاقتصاد المتقدم ككل من عصر الصناعة إلى عصر (ما بعد الصناعة) : عصر الخدمات، الذي سرعان ما تطور إلى ما أسموه (اقتصاد المعرفة) – أو الاقتصاد الجديد، وما لبث أن دخل طورا آخر يطلق عليه البعض تعبير (الصناعة الإبداعية)، على نحو ما يظهر من أعمال جون هارتلى وزملائه من كلية الصناعات الإبداعية بجامعة كوينز لاند للتكنولوجيا في أستراليا. ولقد قام خبراء (المنتدى الاقتصادي العالمي) – بالاشتراك مع الاتحاد الدولي للاتصالات- بمحاولة للقياس الكمي لقدرات الدول المختلفة على مؤشر أسموه (مؤشر الاستعداد التكنولوجي) أو (الجاهزية التكنولوجية) ورتبوا الدول وفق هذا المؤشر ترتيبا تنازليا محكما. ويكمن خلف هذا العمل إدراك بأن العالم المتقدم اقتصاديا قد عبر مرحلة (تكنولوجيا المعلومات والمعلوماتية) للثمانينات، والتي كانت في وقتها تمثل ما يشبه ثورة تكنولوجية، حينما ظهر ثم انتشر (الحاسب الشخصي) بفعل تكنولوجيا (المعالج الدقيق)، ودخل طور الفاعلية على مسرح المجتمع بدخول التكنولوجيا الجديدة للبرمجة (الناعمة) من (مايكرو سوفت) – برمجة النوافذ- بفعل بيل جيتس وأضرابه. وبعدها تجلت للعالم ثورة تكنولوجيا الاتصالات، في عقد التسعينات، بفعل تكنولوجيا الكوابل والشبكات الرقمية والألياف الضوئية والنقل عبر عالم الفضاء السيبراني بالأقمار الصناعية. وشهدت الاتصالات ثورة داخل الثورة، إذا صح هذا التعبير، أواخر التسعينات وأوائل الألفية الثالثة، عن طريق "التشبيك" Networking القائم على الكثافة والسرعة للدخول على الإنترنت، والمتفاعل مع الحاسوب والهاتف المحمول والبث المرئي، ليتكون منه البديل الجديد الذي يحل محل وسائط المعلومات السابقة (مالتيميديا). انطلاقا من ذلك إذن، عمل "نادي المتقدمين" في دافوس، ولدى ممثلي الشركات العملاقة للهواتف والبرمجة ومزودي خدمة الإنترنت وعمالقة (الإعلام الآلي) في كل ميدان، على ترتيب دول العالم المختلفة حسب المؤشر الجديد للاستعداد التكنولوجي في مجال العلومات والاتصالات. ويتكون هذا المؤشر من ثلاثة مؤشرات فرعية: مؤشر لقياس مدى توفر البيئة الدافعة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات بجانبيها الصلب والناعم، ومؤشر لقياس مدى تأهل الأطراف الفعالة لعملية "التشبيك" وهي الأفراد وقطاع الأعمال والحكومات، ومؤشر الاستخدام الفعلي للتكنولوجيا المذكورة من جانب الأطراف السابقة. فماذا كانت نتيجة تطبيق هذا المؤشر على المستوى العالمي والعربي والخليجي؟ على المستوى العالمي احتلت المراكز الخمسة الأولى – عام 2006/2007 الدول الآتية على التوالي: الدانمرك، السويد، سنغافورة، فنلندا، سويسرا. وتيها خمسة أخرى ليكتمل العدّ عشرة : هولندا، الولايات المتحدة، أيسلندا، بريطانيا، النرويج. ونلاحظ بصفة مبدئية أن الدول الاسكندينافية ودول شمال أوربا عامة وبعض دول غرب أوربا الصغيرة هي التي تتصدر المسرح: الدانمرك والسويد وفنلندا وسويسرا وهولندا والنرويج. ولنضع خطّاً تحت كلمة (الصغيرة) هذه، مساحة وتعدادا، فسوف تفيدنا هذه الكلمة حال التكلم عن الخليج في معظمه. وسبق أن حافظت تلك الدول على مواقعها المتقدمة عموما، مع اختلاف في الترتيب، خلال عامي 2005/2006، و 2004/2005. أما على المستوى العربي فقد كانت الدولة الأولى هي الإمارات العربية المتحدة وأخذت الموقع رقم 29 من بين مجموع الدول التي يغطيها التقرير وعددها 122 دولة ( ليس من بينها المملكة العربية السعودية وعمان ودول عربية أخرى). وتليها تونس، وترتيبها رقم 35 ثم قطر (36) ثم البحرين (50) فالكويت (54) ومن بعدها الأردن (57) وتتبعها بعد مسافة طويلة : المغرب (76) ومصر (77) فالجزائر (80) وأخيرا موريتانيا (87). ومن ذلك نعرف على المستوى الخليجي، باستثناء السعودية وعمان، أن الترتيب يتخذ تنازليا التسلسل التالي: الإمارات، قطر، البحرين، الكويت. وإنّا لنعلم أن تلك المؤشرات التي يدبجها خبراء المنتديات والمنظمات الدولية ليست منزهة عن الهوى والمصلحة لشركائها( وشركاتها) وليست تنزيلا من التنزيل، ثم أن هناك كثيرا من الملاحظات (التقنية) التي يمكن إيرادها من قِبل خبراء الاقتصاد والاجتماع والإحصاء والتحليل الكمي، والتي يمكن أن تقلل من مصداقية تلك المؤشرات والاستنتاجات المبنية عليها. وأقل ما يمكن أن يقال في هذا الباب : عدم الدقة في اختيار العناصر التي يشملها تصميم المؤشر، والأوزان النسبية التي قد تكون أعطيت لها، وكذا عدم دقة البيانات التي تم جمعها لغرض استخدام المؤشر. ولهذا فقد أصبحت تلك المؤشرات موضعا لمطاعن عديدة تبديها الدول المختلفة ومؤسساتها بل وشركاتها المعنية. ومثال ذلك، الضجة التي أثيرت في جمهورية مصر العربية، احتجاجا على (الترتيب المتأخر) لمصر على مؤشر الاستعداد التكنولوجي، وخاصة بالتطبيق على مجال الاتصالات وعلى (الحكومة الإلكترونية). وما يمكن استنتاجه من مثل هذا الجدل أن تلك المؤشرات يجب أن تؤخذ معطياتها بشيء من الحذر، وإن كان من المهم أن نعرف أنها – بحكم كونها مؤشرات – لا تتعدى وظيفتها المعرفية إيجاد طريقة معينة للاقتراب من الحقيقة، وأن هذا الاقتراب يصيبه ما يصيب الكثير من أبحاث العلم الاجتماعي من نواقص المنهج وأخطاء تطبيقه على الموضوع محل الدراسة. لذلك كله يمكن لنا الإجابة على السؤال المطروح : أين نحن من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ؟. ويمكن لنا أن نجيب باطمئنان : أننا بعيدون جدا عن امتلاك ناصية التكنولوجيا، برغم ما قطعه البعض منا من خطوات معتبرة على الطريق.
عدل سابقا من قبل باحث اجتماعي في الأربعاء يونيو 24, 2015 11:35 am عدل 1 مرات | |
| | | باحث اجتماعي عضو زهبي
التخصص : علم اجتماع عدد المساهمات : 1494 نقاط : 3052 تاريخ التسجيل : 01/01/2010 العمر : 54
| موضوع: رد: المتغيرات الدولية و الأزمة المالية العالمية وتأثيراتها على تمكين المرأة في سوق العمل الأربعاء يونيو 24, 2015 11:33 am | |
| القسم الثاني الحلول المطروحة للبطالة وتمكين المرأة
-1- حزمة الحلول المقترحة لأزمة البطالة عموما وبطالة المرأة خصوصا فيما يلي أهم مكونات حزمة من الحلول التي يمكن اقتراحها لمواجهة أزمة البطالة في الدول العربية، بمافيها بطالة المرأة العربية بصفة خاصة: أولا ضرورة توفير المزيد من فرص العمل الجديدة، لتشغيل المتعطلين(البطالة الصريحة) ولتشغيل "الداخلين الجدد إلى سوق العمل"- أو طالبي العمل لأول مرة. ووفقا للتقديرات المتاحة، يبلغ حجم فرص العمل التي يلزم توفيرها في الدول العربية، حتى عام 2020، نحو مائة مليون فرصة عمل.. وذلك لاستيعاب البطالة ولمقابلة الزيادة في قوة العمل عبر الفترة الزمنية المذكورة، كنتيجة للزيادة السكانية السريعة ومعدل النمو المرتفع لشريحة صغار السن ونصيبها من السكان العرب. ولكن من الملاحظ أن الدول العربية، على اختلاف ظروفها الاقتصادية، لم تطبق سياسات فعالة حتى الآن، في هذا المجال. وما زال استيعاب الأنشطة الاقتصادية لقوة العمل محدودا. فقطاع النفط مثلا، والذي يمثل المصدر الرئيسي لارتفاع معدلات النمو الاقتصادي العربي في السنوات الخمسة الأخيرة، بفعل تعاظم عائداته المالية، يتسم بأنه (قليل الكثافة لعنصر العمل)، و (كثيف الاستخدام لعنصر رأس المال). أي أنه يشكل صناعة معتمدة بصورة رئيسية على عنصر الآلات والمعدات، أكثر من اعتماده على تشغيل العنصر البشري. ثم أن القطاع العام أو الحكومي- الذي ما يزال له دور كبير في سوق العمل، سواء في الدول النفطية الرئيسية، وفي الدول ذات (القطاع العام السابق الكبير) مثل مصر وسوريا والجزائر- يركز على التوظف في مجال الجهاز الإداري ومجال البنية الأساسية والأشغال العامة. وكلا المجالين، رغم استيعابهما العالي للعمالة، إلا أن الإنتاجية فيهما ضعيفة. كما أنهما لا يعتبران من القطاعات "المنتجة" بصورة مباشرة، وإن كانا يقدمان يقدمان خدمات مفترضة للقطاعات المنتجة نفسها. أما القطاعات الأكثر استيعابا لقوة العمل فهي الزراعة، والبناء والتشييد، و"القطاع غير النظامي". وتقع هذه الأنشطة بالكامل تقريبا في إطار القطاع الخاص، المتوسط والصغير أساسا، ولكنها لا تلقى العناية والرعاية الواجبة من الحكومة والقطاع الخاص الكبير، وهما المصدر الأكبر للموارد المالية والتكنولوجية في المجتمع. وهكذا وجدنا أن الزراعة والبنية التحتية الريفية يتناقص نصيبهما من الاستثمارات الحكومية في جمهورية مصر العربية مثلا، بصورة مضطردة خلال السنوات الأخيرة. أما الأنشطة غير النظامية، فيما يسمى "القطاع غير الرسمي"، فلا تتوفر لها خدمة الإقراض الميسر من الجهاز المصرفي والمؤسسات غير الهادفة إلى الربح، ولا الدعم التقني والمؤسساتي اللازم. وتتمثل في المؤسسات والمشروعات الصغرى والصغيرة، والأنشطة الفردية والحرفية، التي تمارس في "الزنقة" و "الفريج، و"الحارات الضيقة"، بل وفي "اللامكان" تقريبا: في عرض الشارع، وعلى الرصيف، وفي مداخل ومخارج مواقف الحافلات و محطات القطارات. وهذه الأنشطة غير النظامية، ذات وضعية هامشية في الاقتصاد، ومنخفضة الإنتاجية والعائد، ومتخلفة إلى حد كبير في المستوى التكنولوجي و طريقة أداء الأعمال... رغم استيعابها للملايين من البشر، أو للآلاف المؤلفة على أقل تقدير.. ( يعمل 7 ملايين مشتغل في القطاع الخاص غير النظامي في جمهورية مصر العربية، مقابل 5 ملايين في القطاع الخاص النظامي)... ( ومن بين 872 ألف أسرة مصرية راغبة في الحصول على "قروض صغرى"، لم يتجاوز عدد الأسر المقترضة 256 ألف أسرة- حسب أرقام 2003). ثانيا مواجهة الظاهرة المزدوجة: (نقص التشغيل) من ناحية، (العمل في وظيفتين أو أكثر) من ناحية أخرى- رغم التباين في طبيعة كل منهما، نظرا لما يؤدي إليه هذا أو ذاك من التأثير السلبي على إنتاجية العمل، و"عدم الرضا" عن العمل. ثالثا مواجهة ظاهرة (تدنّي نوعية العمل)-و تتحقق هذه المواجهة من خلال: أ- رفع مستوى المهارة. ب-تعميق المكون العلمي-التكنولوجي للعمل. ج- تحسين القدرة على الابتكار. رابعا تحقيق التوافق بين العرض والطلب على العمالة، ليس بالمعنى الدارج لتكييف خصائص المشتغلين مع احتياجات السوق الراهنة، ولكن بإعادة هيكلة العرض والطلب معا، باتجاه: أ -هياكل إنتاجية أكثر تنوعا (تنويع هياكل الإنتاج في الدول النفطية خاصة). ب-توليد الطلب على العمالة الماهرة، ذات المكون العلمي-التكنولوجي المرتفع. ج-إعادة بناء نظم التعليم والتدريب والتأهيل. خامسا رفع مستويات الإنتاجية وتنافسية منشآت الأعمال، بالمقاييس الدولية. سادسا العمل، بصورة جادة،على تحقيق التناسب بين الأجور والأسعار والإنتاجية، في الأجل المتوسط والأجل الطويل.
-2- المشروعات الصغيرة : طريقنا المفقود إلى التنمية
يسود الاعتقاد، حتى بين المتخصصين، أن القواعد الإنتاجية في العالم تقوم على الشركات الكبرى أوالكبيرة وحدها. وهذا اعتقاد خاطىء للأسف. صحيح أن الاقتصاد العالمي تقوده الشركات العملاقة، التي يسميها البعض بالشركات الديناصورية، نظرا لعِظَم حجم الأعمال بها. وتفيدنا لغة الأرقام بأنه من بين سبعة وسبعين ألف شركة عابرة للجنسيات فإن عدد الشركات الكبرى المسيطرة من بينها لايتجاوز مائة شركة، وتتحدث التقارير المتخصصة عن سبعمائة شركة تقدم غالبية النفقات الموجهة للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي في العالم. وصحيح أن الشركات العملاقة تزداد (عملقةً) من خلال الاندماج فيما بينها و"استحواذ" بعضها على البعض الآخر ... ولكن من الصحيح أيضا أن الشركات الكبرى أخذت أهميتها في التناقص خلال الأعوام الأخيرة، لصالح الشركات المتوسطة والصغيرة.. وأن هناك الآلاف من هذه الشركات الأخيرة تستثمر وتبيع وتشغل العمالة في بلادها الأصلية وفي الخارج. بل إن دولة مثل اليابان تعتمد على الشركات الصغيرة في المبادأة والمبادرة إلى تقديم الابتكارات الجديدة من المنتجات وطرق الإنتاج [ومن هنا جاءت تسمية مثل هذه الشركات بالإنجليزية Start-ups ] ، ومن ثم تتسلمها الشركات الكبيرة لتدخلها حيز الإنتاج الفعلي ثم التسويق.. ولا ننسى أن الولايات المتحدة الأمريكية قد دخلت الميدان الواسع لتطوير الصناعات الإلكترونية في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية من بوابة المنطقة الصناعية بولاية كاليفورنيا المسماة (وادي السيليكون)، في إشارة إلى (الجواد الرابح) للإلكترونيات: تصنيع الدوائر الإلكترونية المندمجة، على الشرائح الرقيقة من مادة السيليكون. وبالمثل فعلت فرنسا وبريطانيا وكندا والدول الإسكندنافية، واليابان بالطبع. ومن بعدها دول الشرق الأقصى وخاصة كوريا الجنوبية وتايوان ثم الصين، والتي حذت جميعها حذو اليابان إبّان مرحلة "التنمية السريعة" في الخمسينات واوائل الستينات. وقد أسست بلدان الشرق الأقصى تلك قاعدتها الصناعية الأولى على تصنيع المنتجات كثيفة الاستخدام لعنصر العمل، من خلال الوحدات الإنتاجية الصغرى والصغيرة، وعلى النطاق العائلي والمنزلي أيضا؛ سواء في مجال إنتاج مكونات (الترانزستور) والدوائر المندمجة أو المتكاملة، و تجميع أجهزة المذياع الصغيرة و(معدات التسلية)، وكذا تفصيل وحياكة الملابس الجاهزة. وحينما نهضت الصين كدولة مصنّعة حديثا، في العقدين الأخيرين، فإنها وظفت الكم السكاني الكثيف وخاصة في مدن الشواطىء الشرقية والمناطق الصناعية الوسطى، من أجل أن تكون ( ورشة العالم) بحق : تزود فقراء الكون وأصحاب الدخول المنخفضة أينما كانوا ( ولو في أمريكا.!) بملابس الشتاء والصيف، وبأجهزة الراديو والتسجيل الصوتي والتليفزيون، وأخيرا بالسيارة.! وكأنها حلت محل اليابان في إنتاج وتصدير السلع الإلكترونية الاستهلاكية والمنسوجات، وإنْ بجودة أقل (مخطط لها فيما يبدو..! ) وبأسعار أدنى.. وكل ذلك بالاعتماد على وفرة العمالة والأجر الرخيص. أما الهند فقد تعلمت الدرس (من نهايته) فأقامت منطقة صناعية هائلة الحجم عظيمة القدر في ميدان الحاسب الآلي والبرمجيات، وذلك بمدينة (بنجالور)، تستفيد من فارق التوقيت مع أمريكا وأوربا وتزود مراكز الشركات العالمية الرئيسية، عن طريق الإنترنت، بالمهام المسندة إليها في البرمجة ونظم التشغيل. ولكن ماذا بالنسبة للدول العربية ؟ لدينا دول كثيفة السكان، أكثر احتياجا إلى التوظيف التنموي للكم السكاني على النموذج الصيني، وأبرز الحالات هي مصر، تليها دول كالسودان والمغرب والجزائر، وفيها معدل مرتفع للبطالة وخاصة بين الشباب، يتراوح بين 10% و25% من القوة العاملة.. ودول خفيفة السكان نسبيا ولكن لاتتوفر لديها الموارد الكفيلة ببناء جهاز إنتاجي قوي وواسع ومرن وقادر على استيعاب قوة العمل المتعطلة، وهذه حالة اليمن مثلا وموريتانيا.. ودول أخرى تتوفر لديها الموارد المالية ولكنها تعتمد على العمالة الوافدة في المهن ذات المكون المهاري، وتتركز العمالة (الوطنية) في الجهاز الحكومي، حيث تسود حالة من (البطالة المقنعة) في ظل انخفاض قدرة هذا الجهاز على استيعاب المزيد عبر الزمن، فينشأ نوع من "بطالة الخريجين" في قوة العمل الوطنية.. وهذه حالة دول الخليج وليبيا. ودع عنك البلاد العربية ذات الظروف الخاصة، حيث ترتفع البطالة إلى مستويات قياسية، مثلما في فلسطين (بمعدل للبطالة يزيد عن 50 % وخاصة في قطاع غزة) .. بالإضافة إلى العراق والصومال. ولكن الدول العربية جميعها تقريبا تفتقد إلى سياسة متكاملة لتشجيع المشروعات والصناعات الصغيرة والمتوسطة، القادرة على استيعاب قوة العمل الوطنية. ويسعى أغلبها إلى مجرد تخفيف التوتر المحتمل والناجم عن طاقة الغضب الشابة، فتتعثر الخطى وتتقطع السبل: مابين سياسات تفتقد التجانس و"النَّفَس الطويل" وتنقصها الموارد، فيعتورها العجز وربما الفشل، مثل تجربة (الصندوق الاجتماعي للتنمية) في كل من مصر واليمن، بمعونة من البنك الدولي.. وما بين سياسات ذات توجهات (مرفهة) ماليا، ولكن غير فعالة عمليا، كما في بعض الدول الخليجية. بيد أن بقعا مضيئة تلمع تحت الشمس في كل من : تونس( في قطاع السياحة وصناعة الملابس الجاهزة) و مصر (تصنيع وتصدير أنواع فاخرة من القمصان والمفروشات المنزلية إلى أوربا والولايات المتحدة) وفي سوريا والأردن (من المنسوجات والملابس الجاهزة). فإلام نحتاج إذن من أجل تطوير المشروعات الصغيرةن اقتداء بالتجارب الناجحة في العالم؟ أول ما نحتاج إليه هو وضوح السياسة والتجانس و(النّفَس الطويل)، كما أشرنا. ويحضرنا في هذا المقام محاولة إنشاء (وادي الأهرام) للصناعات الإلكترونية في صحراء الجيزة بمصر، عند مشارف الهرم الأكبر، في أواخر الثمانينات، وذلك على غرار(وادي السليكون) و(مدينة بنجالور). فقد تعثر المشروع دون أسباب واضحة.. ثم تلاه (وادي التكنولوجيا) شرقي مدينة الإسماعيلية، والذي أعدت له "دراسة جدوى" بمعونة من حكومة كوريا الجنوبية وخصصت الأراضي وبُدىء في توصيل بعض المرافق، ولكنه تعثر على حين غِرة، ثم توقف، وانتقل التركيز إلى مشروع غير واضح المعالم -بالنسبة لنا على الأقل- وهو مشروع (القرية الذكية) التي تضم بعض مشروعات الحاسبات والاتصالات بمدينة السادس من أكتوبر، بالإضافة إلى تجربة أولية لإقامة (الحاضنات التكنولوجية) كمواقع تجمع مشروعات صغيرة في المراحل الأولى من تطورها، تزودها معا ببعض ما ينقصها من موارد، حتى تبلغ مرحلة (النمو الذاتي). وفي كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة محاولات لتطوير المشروعات والصناعات الصغيرة والحاضنات التكنولوجية. ولكن انتعاش أسواق المال والأسهم في الدول الخليجية أضر بهذه المحاولات في نهاية الأمر، من حيث أنه شجع تحويل المدخرات الصغيرة للمستثمرين الأفراد باتجاه المتاجرة والمضاربة على الأسهم. وقد كانت أزمة سوق الأسهم في الخليج في أواسط واواخر العقد الأول من القرن الجديد، تشكل ما يمكن اعتباره (جرس إنذار)، للتوقف عن التمادي في الأنشطة المضاربية من أجل امتصاص واستيعاب المدخرات الفردية والعائلية، في ظل الرواج المصاحب لارتفاع أسعار النفط والغاز الطبيعي. ولم يزل أمامنا شوط طويل ينبغي أن نقطعه، من أجل تفادي السلبيات التي رافقت تجربة المشروعات والصناعات الصغيرة حتى الآن، والاستعانة بالدروس المستفادة من التجارب المحلية والعالمية. بل إن أمامنا تجربة لم نخضها بعد على نطاق واسع وعملي، وينبغي أن نخوضها بما تستحقه من جدية؛ وهي تشجيع المشروعات بالغة الصغر أو "الميكرو"، على غرار تجربة الإقراض المصغّر للفقراء المدقعين من خلال بنك "جرامين" في بنجلاديش.
عدل سابقا من قبل باحث اجتماعي في الأربعاء يونيو 24, 2015 11:37 am عدل 1 مرات | |
| | | باحث اجتماعي عضو زهبي
التخصص : علم اجتماع عدد المساهمات : 1494 نقاط : 3052 تاريخ التسجيل : 01/01/2010 العمر : 54
| موضوع: رد: المتغيرات الدولية و الأزمة المالية العالمية وتأثيراتها على تمكين المرأة في سوق العمل الأربعاء يونيو 24, 2015 11:33 am | |
| -3- الصناعات الصغيرة مدخل رئيسي لتشغيل الشباب والتمكين الاقتصادي للمرأة
لقد برزت صيغة المشروعات الصغيرة عامة، وفي المجال الصناعي خاصة، أي بالتحديد: الصناعات الصغيرة ، باعتبارها أحد مسالك الحل لتلك المشكلة المستعصية- مشكلة البطالة، وأحد الأساليب الإيجابية لدفع مسيرة التنمية، سواء من حيث رفع مستويات الإنتاجية، أوزيادة معدلات النمو الاقتصادي، وكذا تخفيف التفاوت بين الشرائح الاجتماعية بل وبين المناطق الجغرافية المختلفة. من هنا تتبدى أهمية بناء مناطق صناعية متكاملة مزودة بالمرافق ومقومات البنية الأساسية، وقادرة على تقديم الدعم التقني والتسويقي والإداري – التنظيمي، بل والمالي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وغيرها. ويحضرنا في هذا الصدد مثالان : المثال الأول هو (مدينة الملك عبد الله الصناعية) بالمملكة العربية السعودية، والتي نتوقع، ونأمل، أن يتضمن مخططها التنفيذي توفير مجمعات متكاملة للمشروعات والصناعات الصغيرة والمتوسطة، وإقامة "حضّانات"، على أحدث طراز، ومزودة بأدوات الدعم الكفيلة بالرعاية لتلك المشروعات في مراحلها الأولى من مسيرة النمو. بل ونأمل إنشاء قسم خاص للمشروعات "بالغة الصغر" والصناعات الحرفية العربية التقليدية، والقائمة على أشجار النخيل وعلى الجلود والوبر من الضأن والماعز، وصناعات الغذاء والملبس والمفروشات التقليدية، والأعشاب الطبيعية، لحمايتها جميعا من الاندثار، وتنميتها وفق الأساليب الجديدة، في ظل تطور برمجيات التصميم والإنتاج( CAD-CAM )، والفحص والتدقيق التقني، إن لزم. وأما المثال الثاني فهو مشروع (مدينة الحرير) في دولة الكويت. وقد تهيأت لهذا المشروع دراسات أولية متعددة ، بالإضافة إلى دعم سياسي، وذلك كجزء من مشروع أوسع يطلقون عليه مشروع (الربط القاري)، ما يزال في طور "الحدس" الذهني على كل حال؛ ويقصد به الربط بين قارت آسيا وأوربا وإفريقيا. ويتصل به المشروع - الفكري أيضا .! – حول (تنمية شمال الخليج). وهنا لمعت فكرة إعادة إحياء طريق الحرير القديم الرابط بين شرق آسيا والقارة الأوربية عبر نطاق ( آسيا الوسطى وغرب آسيا). وقد قُيّض لمشروع (إعادة إحياء طريق الحرير) اهتمام كثيف من قبل عدد من الدول الآسيوية وفي منطقة (أوراسيا)- بمافي ذلك روسيا ودول آسيا الوسطى الإسلامية. فلا بأس أن تشارك الكويت – وعراق المستقبل إن شاء الله- في إحياء شطر من ذلك الطريق التاريخي العريق، من إحدى بواباته العامرة، بوابة شمال الخليج. والملفت للنظر أن المشروع الكويتي يركز على بناء مجمعات للمشروعات والصناعات الصغيرة كنواة صلبة للمدينة المتوقع إنشاؤها، لولا ملابسات السياسة المحلية، وخاصة من جانب العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. بعيدا عن مدينة الملك عبد الله الصناعية و مشروع "مدينة الحرير" ، يوجد عدد من المحاولات في الدول العربية، بعضها نجح نسبيا، وبعضها الآخر لم ينجح، كما أشرنا آنفا. وبالإمكان تصور عدد من الدروس المستفادة من الخبرات العالمية والعربية في مجال المشروعات والصناعات الصغيرة، يجمل بنا نحن العرب أن نستخلص عبرتها، وأهمها : • توفر الإرادة الجادة، انطلاقا من إدراك دور المشروعات المذكورة في تطوير التكنولوجيا وابتدار الابتكارات الجديدة واستيعاب العمالة، على نحو ما تم في (وادي السليليكون) بالولايات المتحدة و(مدينة بنجالور) الهندية و (منطقة تشنجن) في الصين. • الربط بين الصناعات الصغيرة والصناعات الكبيرة. ونشير بهذه المناسبة إلى التصور الخاطىء لدى عدد من المسئولين التنفيذيين ومتخذي القرارات العرب، ذلك التصور الناتج عن الخلط بين الصناعات الصغيرة والصناعات الحرفية أو الصغرى. وتذكر المصادر المتخصصة عددا من معايير التمييز بين الجانبين، من أهمها معيار عدد العمال؛ حيث يقدرالعدد في مشاريع الصناعات الصغيرة بأقل من خمسين عاملا، وفي رأي آخر: أقل من مائة مشتغل؛ بينما يقدر العدد في حالة المشروعات الصغرى والحرفية بأقل من خمسة عمال، على الأغلب، وقد تقوم على مجهود فرد واحد أو أفراد الأسرة (النووية) الواحدة. وبينما يمكن تصور أن تقوم المشروعات الصغرى والحرفية بشكل منفرد، تجمعها "تعاونيات إنتاجية" ، فإن الصناعات الصغيرة بالمعنى الدقيق ينبغي أن تعمل في إطار العلاقة المنظمة والتعاقدية مع المصانع الكبيرة، من خلال صيغ معينة مثل "التعاقد الفرعي" أو (مقاولات الباطن)، كما حدث في اليابان وبلدان الشرق الأقصى الأربعة : كوريا الجنوبية وتايوان وهونج كونج وسنغافورة. وعلى هذا النحو تعمل مصانع الأجهزة الإلكترونية والمعدات المنزلية ومصانع السيارات في العالم الصناعي عموما، حيث تلعب المشروعات الصغيرة دور (الصناعات المغذية) للمصانع الكبيرة بقطع الغيار وبالمكونات المختلفة، أو تقوم بأعمال التجميع: للمذياع، مثلا، أوالتليفزيون وألعاب الفيديو، والحاسبات، والسيارات وغيرها. وقد اتسع نطاق هذه الظاهرة من خلال النشاط الموسع فيما يسمى (تدويل الإنتاج) للشركات عابرة الجنسيات، والتي لجأت إلى أسلوب (إسناد التشغيل للغير) Out-sourcing عبر شبكة دولية معقدة لكل شركة ( جنرال موتورز- تويوتا – باناسونيك ..إلخ) في كل أصقاع الأرض... بدءً من إنتاج البرمجيات وتصميم الملابس وتصنيع مكونات السيارة والأجهزة .. وغيرها، كلٌّ في مكان من العالم دون الآخر.. سعيا إلى استغلال ميزة العمل الرخيص والأجور المنخفضة وتوفر المهارات أوالمواد الأولية في البلدان المختلفة، والقرب من أسواق الاستهلاك. • إن وجود المشروعات الصغيرة على مستوى "العمق" الصناعي، وخاصة لإنتاج قطع الغيار والمكونات، وأداء عمليات إنتاجية معينة في مجال الإصلاح والصيانة كالخراطة واللحام، من خلال وحدات متخصصة على المستوى الصغير، يتطلب وجود صناعة (آلات الورش) Machine-tools والتي برعت فيها دول معينة مثل ألمانيا؛ فلا بأس من خوض غمار هذه الصناعة عربيا ولو على نطاق ضيق، تأكيدا لتكامل السلسلة الصناعية. ولكن ذلك لن يكون مجديا إذا شرعت فيه الدول العربية، كلٌّ على حدة، حتى المتطورة صناعيا من بينها، مثل مصر والسعودية. وإنما يلزم إقامة نوع من التكامل الصناعي للقدرات المتوفرة، وتبادلها على المستوى التجاري، لتفادي تكرار نفس الصناعة في أكثر من بلد عربي واحد. وتسمح بذلك اتفاقية (منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى) المنضمة لها الدول العربية كلها تقريبا. وما يزال في الإمكان عمل الكثير. ولكن ما لايدرك جله، لايترك كله، على أي حال..!
عدل سابقا من قبل باحث اجتماعي في الأربعاء يونيو 24, 2015 11:37 am عدل 1 مرات | |
| | | باحث اجتماعي عضو زهبي
التخصص : علم اجتماع عدد المساهمات : 1494 نقاط : 3052 تاريخ التسجيل : 01/01/2010 العمر : 54
| موضوع: رد: المتغيرات الدولية و الأزمة المالية العالمية وتأثيراتها على تمكين المرأة في سوق العمل الأربعاء يونيو 24, 2015 11:33 am | |
| -3- الصناعات الصغيرة مدخل رئيسي لتشغيل الشباب والتمكين الاقتصادي للمرأة لقد برزت صيغة المشروعات الصغيرة عامة، وفي المجال الصناعي خاصة، أي بالتحديد: الصناعات الصغيرة ، باعتبارها أحد مسالك الحل لتلك المشكلة المستعصية- مشكلة البطالة، وأحد الأساليب الإيجابية لدفع مسيرة التنمية، سواء من حيث رفع مستويات الإنتاجية، أوزيادة معدلات النمو الاقتصادي، وكذا تخفيف التفاوت بين الشرائح الاجتماعية بل وبين المناطق الجغرافية المختلفة. من هنا تتبدى أهمية بناء مناطق صناعية متكاملة مزودة بالمرافق ومقومات البنية الأساسية، وقادرة على تقديم الدعم التقني والتسويقي والإداري – التنظيمي، بل والمالي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وغيرها. ويحضرنا في هذا الصدد مثالان : المثال الأول هو (مدينة الملك عبد الله الصناعية) بالمملكة العربية السعودية، والتي نتوقع، ونأمل، أن يتضمن مخططها التنفيذي توفير مجمعات متكاملة للمشروعات والصناعات الصغيرة والمتوسطة، وإقامة "حضّانات"، على أحدث طراز، ومزودة بأدوات الدعم الكفيلة بالرعاية لتلك المشروعات في مراحلها الأولى من مسيرة النمو. بل ونأمل إنشاء قسم خاص للمشروعات "بالغة الصغر" والصناعات الحرفية العربية التقليدية، والقائمة على أشجار النخيل وعلى الجلود والوبر من الضأن والماعز، وصناعات الغذاء والملبس والمفروشات التقليدية، والأعشاب الطبيعية، لحمايتها جميعا من الاندثار، وتنميتها وفق الأساليب الجديدة، في ظل تطور برمجيات التصميم والإنتاج( CAD-CAM )، والفحص والتدقيق التقني، إن لزم. وأما المثال الثاني فهو مشروع (مدينة الحرير) في دولة الكويت. وقد تهيأت لهذا المشروع دراسات أولية متعددة ، بالإضافة إلى دعم سياسي، وذلك كجزء من مشروع أوسع يطلقون عليه مشروع (الربط القاري)، ما يزال في طور "الحدس" الذهني على كل حال؛ ويقصد به الربط بين قارت آسيا وأوربا وإفريقيا. ويتصل به المشروع - الفكري أيضا .! – حول (تنمية شمال الخليج). وهنا لمعت فكرة إعادة إحياء طريق الحرير القديم الرابط بين شرق آسيا والقارة الأوربية عبر نطاق ( آسيا الوسطى وغرب آسيا). وقد قُيّض لمشروع (إعادة إحياء طريق الحرير) اهتمام كثيف من قبل عدد من الدول الآسيوية وفي منطقة (أوراسيا)- بمافي ذلك روسيا ودول آسيا الوسطى الإسلامية. فلا بأس أن تشارك الكويت – وعراق المستقبل إن شاء الله- في إحياء شطر من ذلك الطريق التاريخي العريق، من إحدى بواباته العامرة، بوابة شمال الخليج. والملفت للنظر أن المشروع الكويتي يركز على بناء مجمعات للمشروعات والصناعات الصغيرة كنواة صلبة للمدينة المتوقع إنشاؤها، لولا ملابسات السياسة المحلية، وخاصة من جانب العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. بعيدا عن مدينة الملك عبد الله الصناعية و مشروع "مدينة الحرير" ، يوجد عدد من المحاولات في الدول العربية، بعضها نجح نسبيا، وبعضها الآخر لم ينجح، كما أشرنا آنفا. وبالإمكان تصور عدد من الدروس المستفادة من الخبرات العالمية والعربية في مجال المشروعات والصناعات الصغيرة، يجمل بنا نحن العرب أن نستخلص عبرتها، وأهمها : • توفر الإرادة الجادة، انطلاقا من إدراك دور المشروعات المذكورة في تطوير التكنولوجيا وابتدار الابتكارات الجديدة واستيعاب العمالة، على نحو ما تم في (وادي السليليكون) بالولايات المتحدة و(مدينة بنجالور) الهندية و (منطقة تشنجن) في الصين. • الربط بين الصناعات الصغيرة والصناعات الكبيرة. ونشير بهذه المناسبة إلى التصور الخاطىء لدى عدد من المسئولين التنفيذيين ومتخذي القرارات العرب، ذلك التصور الناتج عن الخلط بين الصناعات الصغيرة والصناعات الحرفية أو الصغرى. وتذكر المصادر المتخصصة عددا من معايير التمييز بين الجانبين، من أهمها معيار عدد العمال؛ حيث يقدرالعدد في مشاريع الصناعات الصغيرة بأقل من خمسين عاملا، وفي رأي آخر: أقل من مائة مشتغل؛ بينما يقدر العدد في حالة المشروعات الصغرى والحرفية بأقل من خمسة عمال، على الأغلب، وقد تقوم على مجهود فرد واحد أو أفراد الأسرة (النووية) الواحدة. وبينما يمكن تصور أن تقوم المشروعات الصغرى والحرفية بشكل منفرد، تجمعها "تعاونيات إنتاجية" ، فإن الصناعات الصغيرة بالمعنى الدقيق ينبغي أن تعمل في إطار العلاقة المنظمة والتعاقدية مع المصانع الكبيرة، من خلال صيغ معينة مثل "التعاقد الفرعي" أو (مقاولات الباطن)، كما حدث في اليابان وبلدان الشرق الأقصى الأربعة : كوريا الجنوبية وتايوان وهونج كونج وسنغافورة. وعلى هذا النحو تعمل مصانع الأجهزة الإلكترونية والمعدات المنزلية ومصانع السيارات في العالم الصناعي عموما، حيث تلعب المشروعات الصغيرة دور (الصناعات المغذية) للمصانع الكبيرة بقطع الغيار وبالمكونات المختلفة، أو تقوم بأعمال التجميع: للمذياع، مثلا، أوالتليفزيون وألعاب الفيديو، والحاسبات، والسيارات وغيرها. وقد اتسع نطاق هذه الظاهرة من خلال النشاط الموسع فيما يسمى (تدويل الإنتاج) للشركات عابرة الجنسيات، والتي لجأت إلى أسلوب (إسناد التشغيل للغير) Out-sourcing عبر شبكة دولية معقدة لكل شركة ( جنرال موتورز- تويوتا – باناسونيك ..إلخ) في كل أصقاع الأرض... بدءً من إنتاج البرمجيات وتصميم الملابس وتصنيع مكونات السيارة والأجهزة .. وغيرها، كلٌّ في مكان من العالم دون الآخر.. سعيا إلى استغلال ميزة العمل الرخيص والأجور المنخفضة وتوفر المهارات أوالمواد الأولية في البلدان المختلفة، والقرب من أسواق الاستهلاك. • إن وجود المشروعات الصغيرة على مستوى "العمق" الصناعي، وخاصة لإنتاج قطع الغيار والمكونات، وأداء عمليات إنتاجية معينة في مجال الإصلاح والصيانة كالخراطة واللحام، من خلال وحدات متخصصة على المستوى الصغير، يتطلب وجود صناعة (آلات الورش) Machine-tools والتي برعت فيها دول معينة مثل ألمانيا؛ فلا بأس من خوض غمار هذه الصناعة عربيا ولو على نطاق ضيق، تأكيدا لتكامل السلسلة الصناعية. ولكن ذلك لن يكون مجديا إذا شرعت فيه الدول العربية، كلٌّ على حدة، حتى المتطورة صناعيا من بينها، مثل مصر والسعودية. وإنما يلزم إقامة نوع من التكامل الصناعي للقدرات المتوفرة، وتبادلها على المستوى التجاري، لتفادي تكرار نفس الصناعة في أكثر من بلد عربي واحد. وتسمح بذلك اتفاقية (منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى) المنضمة لها الدول العربية كلها تقريبا. وما يزال في الإمكان عمل الكثير. ولكن ما لايدرك جله، لايترك كله، على أي حال..!
| |
| | | باحث اجتماعي عضو زهبي
التخصص : علم اجتماع عدد المساهمات : 1494 نقاط : 3052 تاريخ التسجيل : 01/01/2010 العمر : 54
| موضوع: رد: المتغيرات الدولية و الأزمة المالية العالمية وتأثيراتها على تمكين المرأة في سوق العمل الأربعاء يونيو 24, 2015 11:34 am | |
| -4-
مشروعات الأُسَر المنتجة كمدخل رئيسي لتمكين المرأة في سوق العمل
لعل من المعلوم أن ما يسمى (مشروعات الأسر المنتجة) هو نوع من الأُطُر الحديثة التي تتبناها أجهزة الدولة، من خلال أشكال مؤسسية مختلفة، في معظم الدول العربية، ومنذ فترة طويلة نسبيا، كتجديد عصري لممارسة عريقة: اشتغال العائلات، بقيادة أربابها وربات منازلها، في أنشطة اقتصادية تشغل وقت الفراغ، في عمل منتج، وتوجه منتجاتها للاستهلاك الذاتي في داخل الأسرة، أو للمبادلة – وحتى "المقايضة"- على نطاق المجتمع المحلي: الريفي والصحراوي والحضري، لافرق. ومن أجل مواجهة التحديات المتجددة والمتعاظمة، مع توجيه الجهود الدولية والوطنية نحو خلق فرص التشغيل وكسب الدخول، ومن ثم خفض معدلات الفقر، ومعالجة أزمة عجز الغذاء...يتجدد الحديث حول أهمية وضرورة دعم هذا النوع من المشروعات الاقتصادية-الاجتماعية التي يسمونها "الأُسر المنتجة".. وهناك عدة حقائق مهمة نوجزها في هذا المقام: فأوّلا، لقد اتضح أن مشروعات الأسر المنتجة تتميز بطابع خاص، نابع من ارتباطها المباشر بالمجتمع المحلي، وبحاجاته ومتطلباته الإنتاجية والاستهلاكية. والمبدأ الأساسي للأسر المنتجة، وللمشروعات الصغيرة التقليدية عموماً، هو (الإنتاج حسب الطلب)، حيث تتوجه منتجاتها غالباً إلى شرائح محددة ومعلومة من المستهلكين أو المستخدمين النهائيين. ولذلك يمكن القول أن الأسر المنتجة، تقليدياً، لا تواجه مشكلة تسويق. ولكن الواقع أن منشآت الإنتاج الصناعي الآلي الحديث، أصبحت تتحدى المنشآت الصغرى والعائلية والحرفية من عدة جوانب: 1- الجانب الأول، هو أن المنشآت الحديثة الكبيرة تنفرد بتحديد بل وتقرير أنماط الاستهلاك السائدة، من خلال (إغراق الأسواق) والإعلام التجاري والدعاية التسويقية المكثفة. إن ذلك ينسف من الناحية العملية مبدأ "سيادة المستهلك" المعروف في الأدبيات النظرية، ويعيد إلى الأذهان، جزئيا، أحد مبادىء الفكر الاقتصادي الكلاسيكي في القرن التاسع عشر، وهو ما يسمى (قانون ساي للأسواق): العرض يخلق الطلب المساوي له. 2- التحدي الثاني هو تحديد اتجاهات الأسعار، نظراً لتحول الاقتصاد الصناعي الحديث من حالة المنافسة إلى حالة الاحتكار بأشكاله المختلفة: من المنافسة الاحتكارية إلى احتكار القلة، بل والاحتكار المطلق أحياناً. ومعروف أن المنشآت الاحتكارية صانعة للأسعار بصفة أساسية، وليست مجرد "متلقية". 3- أما التحدي الثالث الذي فرضته المنشآت الصناعية الكبيرة الحديثة أمام المشروعات العائلية والصغرى والصغيرة فهو العمل بنظام (الإنتاج النمطي الكبير)، الإنتاج الذي قد يتجاوز الطلب نفسه، مما يخلق أمام هذه المشروعات مصاعب شديدة في مجال التسويق. 4- التحدي الرابع، ناجم عن التحول في البنية التنظيمية للشركات الكبرى، واتجاهها إلى (تجزئة العمليات الإنتاجية)، والتوسع في تطبيق أسلوب (التعاقدات من الباطن) و "إسناد التشغيل للغير". وأدى ذلك إلى مهاجمة المنشآت الصغيرة في عقر دارها، من خلال تطبيق أسلوب الإنتاج الموجه مباشرة للمستهلك" – بل ولمستهلك معين، وذلك في الوقت المضبوط in-the-time ولو عن طريق استخدام الإنترنت. وهنا وقعت المشروعات الصغيرة في مأزق تسويقي بالغ الصعوبة، ولم يعد أمامها إلا أحد طريقين. • إما أن تتجمد في مكانها، فتتم إزاحتها من السوق. • وإما أن تتطور، وتجاري التجديدات التكنولوجية والتسويقية وتحولات البنى التنظيمية للشركات الكبرى التي برعت في (تنويع المنتجات) وفي (تجزئة واقتسام الأسواق) Market-segmentation . وهذا التطور المرتقب يجب أن يتم بوسيلتين: 1-"التشبيك"، أي بناء الشبكات فيما بين المشروعات الصغيرة والصغرى والمتوسطة وبعضها البعض - شبكات للبحث والتطور وللتسويق وللإنتاج المشترك ولتجديد فنون الإنتاج، وللتمويل المشترك والإمداد بالمدخلات والموارد. ويتحقق التشبيك وبناء ما يسمى (العناقيد clusters) بإقامة تحالفات وتكتلات، وعن طريق الشراكة مع الاتحادات التعاونية ومع منظمات المجتمع المدني أو الجمعيات الأهلية. وربما يمكن هنا النظر في ان تتخصص المشروعات الأسرية في عدد مختار من المنتجات التقليدية ذات الطلب المحدد عليها داخليا وخارجيا، مع الاستفادة من الفنون المبتكرة الجديدة على صعيد التصمي والشكل الخارجي وطريقة التصنيع وآليات التسويق. ويحضرنا هنا مايسمى بمنتجات "خان الخليلي" في القاهرة القديمة، كمثال ناجح نسبيا لإنتاج المشغولات النحاسية والمعدنية على اختلافها، والخشبية والنسيجية، على الطرازات القديمة المحببة. ونذكر كذلك منتجات (سوق الحميدية) بمدينة دمشق. 2- وضع "استراتيجيات تنافسية" للتغلغل في الأسواق الداخلية والخارجية. ومن أهم دعائم هذه الاستراتيجيات ما يسمى باستراتيجية "الترابط"- أي خلق علاقات الربط الأفقي والرأسي فيما بين المشروعات الصغيرة الصغرى والعائلية من جهة، والمشروعات (والصناعات) المتوسطة والكبيرة، من جهة أخرى. هذا الترابط يتم على صعيدين: أولاً صعيد علاقات الإنتاج المشترك، بالتعاقد من الباطن، كما في بعض الدول الآسيوية وبعض دول أمريكا اللاتينية، وخاصة في صناعة الأجهزة الإلكترونية وصناعة السيارات ومعدات النقل، حيث تعمل الأسر في منازلها – من الباطن- لتصنيع وتوريد مكونات صغيرة تندمج بعد ذلك في تجميع وتشطيب المنتجات الكاملة بواسطة الشركة الأم. ويحدث نفس الأمر "عربياً" في صناعة الملابس الجاهزة في كل من جمهورية مصر العربية وتونس وسوريا مثلا، حيث يتم تقديم قطع المنسوجات من المصانع الكبيرة للأسر والبيوت، من أجل "التفصيل والحياكة" حسب "الموضة" ليعاد تحويلها إلى الشركة الأم، للتشطيب والتسويق. وثانياً هناك ترابط بين المنشآت الصغيرة، من جهة، والكبيرة من جهة أخرى، على صعيد اكتساب المنشآت الصغيرة لحقوق التصنيع من المنشآت الكبيرة، أو للمعرفة بأسرار الصنعة know-how أو لما يسمى "حق الامتياز" لأداء خدمة أو بيع منتجات معينة (غذائية مثلاً) أو استخدام براءة اختراع أو علامة تجارية ...الخ. وبذلك كله تنجو مشروعات الأسر المنتجة من مأزقها المصيري أمام تحدي المشروعات الكبيرة في الاقتصاد العالمي المعاصر. | |
| | | | المتغيرات الدولية و الأزمة المالية العالمية وتأثيراتها على تمكين المرأة في سوق العمل | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |