دراسة تطبيقية على 4 دول: دور فاعل للجمعيات في مكافحة الفقر
رجوع
18/07/2007
خير اون لاين- احمد عباس
ما هو دور المنظمات الأهلية العربية والجمعيات الخيرية في التعامل مع مشكلة الفقر، وكيف تستطيع جهود الخير الحد من هذه الظاهرة ، كل هذه التساؤلات كانت جزءا من دراسة ميدانية صدرت عن الشبكة العربية للمنظمات الأهلية كان موضوعها "دور المنظمات الأهلية في مكافحة الفقر" في 4 بلدان عربية (لبنان، اليمن، مصر، المغرب) ، حيث كانت تهدف إلى التعرف على واقع العمل الأهلي في هذه البلدان، وتقييم الدور الذي تقوم به لمكافحة الفقر، لدعمه وتطوير فعاليته.
في البداية تقول الدكتورة د. أماني قنديل المدير التنفيذي للشبكة العربية للمنظمات الأهلية : اعتمدت الدراسة على دليل لدراسة حالة جمعيتين أهليتين في كل دولة عربية، إحداهما تنجز العمل الأهلي بتوجه رعائي، بينما تنجز الأخرى العمل الأهلي بتوجه تنموي، واعتمدت الدراسة على دليل لدراسة حالة متعمقة لهذه المنظمات للتعرف على أنشطتها في مجالات مكافحة الفقر والفئات المستهدفة، بالإضافة للعديد من المحاور التي تسمح في مجملها بتقييم إسهام هذه المنظمات في مجال مكافحة الفقر.
وقد تناولت الدراسة عدداً من التعريفات التي قدمتها تقارير مختلفة عن الفقر، واعتمد على تقرير التنمية البشرية للفقر لعام 1998 باعتباره أكثر دقة من زاوية أنه يعرف الفقر باعتباره أكثر من مجرد الافتقار إلى ما هو ضروري للرفاه المادي ، إذ يمكن أن يعني أيضًا الحرمان من الفرص والخيارات التي تعتبر أساسية للتنمية البشرية أكثر من أي شيء آخر، كما أنه يعني ألا يعيش المرء حياة طويلة وصحية وخلاقة ، وألا يتمتع بمستوى معيشة لائق، وألا يتمتع بالكرامة واحترام الذات واحترام الآخرين ، والأشياء التي يعطي لها الناس قيمة في الحياة، وحدد التقرير ملامح أربعة تحدد ظاهرة الفقر في المجتمع وهي الحرمان من البقاء على قيد الحياة ، الحرمان من المعرفة ، الحرمان من إشباع الحاجات الاقتصادية والاستبعاد الاجتماعي . وبالإضافة لهذه الأبعاد التي يمكن قياسها من التعرف على حالة الفقر في مجتمع معين، فلقد أشار التقرير إلى أهمية التفرقة بين ما يعرف بالفقر الأولي والأساسي، والذي يشير إلى العجز عن امتلاك الدخل الذي يكفي لشراء الضرورات الأساسية للحياة ، والفقر المدقع والذي يقصد به العجز أو الفقر التام، حيث ينعدم الدخل أو لا يكفي لشراء الطعام الذي يلبي احتياجات التغذية. وهناك أيضًا أنماط أخرى من الفقر، تناولها التقرير مثل الفقر المطلق والفقر النسبي.
تساؤلات ونتائج
وما هي التساؤلات التي سعت الدراسة للإجابة عنها ؟
سعت الدراسة للإجابة على عدة تساؤلات منها :
1 - ما مدى وعي وإدراك المنظمات الأهلية العربية في البلدان العربية محل الدراسة ، لحجم ونوعية تحديات الفقر والتنمية البشرية، وهل تصاعدت قدراتها الاستجابية إزاء هذه التحديات؟
2 - ما الحلول التي تبنتها المنظمات الأهلية في مختلف الدول العربية لمواجهة هذه التحديات؟
3 - كيف تفاعلت المنظمات الأهلية مع الدول في نماذج شراكة جديدة؟ وما أنماط هذه الشراكة؟
4 - إلى أي حد اتفقت أو اختلفت المنظمات الأهلية في البلدان العربية في اتجاهها لمواجهة قضايا التنمية ومكافحة الفقر؟ وهل برزت خصوصية في بعض الدول العربية؟
5 - ما التقييم النهائي لفعالية إسهام المنظمات الأهلية العربية في عملية التنمية البشرية ومكافحة الفقر؟
ومع اختلاف إسهامات المنظمات الأهلية العربية في مكافحة الفقر وذلك في 14 دولة عربية
وقد رصدت الدراسة عدة نتائج منها:
1 - غلبة الأنشطة الخيرية والرعائية على نشاط المنظمات الأهلية ، مقارنة بالأنشطة التنموية حيث إن أكثر من 55% منها على المستوى العربي تنشط في مجال العمل الخيري (مصر 22% ، لبنان 53.3% ، سوريا 80%، الكويت 78%، السودان 70%) .
2 - رصد التقرير دور فعال ومؤثر للمنظمات الأهلية العربية في مكافحة الفقر من خلال المشروعات الصغيرة التي تؤسسها، والقروض الصغيرة التي استفاد منها ملايين الفقراء في الدول العربية (2 مليون مواطن في مصر، 170 ألف مواطن في الأردن).
3 - كشف التقرير عن عدم اتفاق خريطة توزيع الفقر مع خريطة التوزيع الجغرافي لمؤسسات المجتمع المدني، حيث تتركز المنظمات الأهلية في الحضر مقارنة بالريف، على الرغم من ارتفاع نسبة الفقراء في الريف. إلا أن التقارير استطاعت أن ترصد مظاهر للاهتمام بالتنمية الريفية، وتوجه اهتمام المنظمات الأهلية العربية لتنمية الريف عن طريق مشروعات وبرامج مثل مشروع خدمات القرية المجمعة في الأردن ، جمعية النهوض بالتشغيل والمسكن في تونس وغيرها.
4 - انتشار الفقر وتعدد مستوياته لا يخضع فقط للعامل الجغرافي وإنما أيضًا لعامل النوع، ولقد رصدت التقارير القطرية المختلفة ، أنشطة فعالة للجمعيات الأهلية بين النساء الفقيرات المعيلات لأسر حيث ترتفع النسبة إلى (16.7% في مصر ، 18% في المغرب، 30% في فلسطين)، ولقد وجهت العديد من الجمعيات أنشطتها لهذه الشريحة ، وبدأت تظهر مشروعات لدعم هذه الأسر، كما كانت هناك مظاهر للشراكة بين الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني في معظم البلدان العربية لدعم المرأة المعيلة.
5 - أظهرت نتائج التقرير أن اهتمام المنظمات الأهلية لا يقتصر فقط على توجيه الاهتمام والرعاية للفقراء من الريف وللمرأة المعيلة، وإنما أيضًا إلى ظاهرة عمالة الأطفال ، وخاصة أطفال الشوارع (مصر، المغرب، السودان).
6 - كشفت التقارير عن ارتباط الفقر بتدني مستوى التعليم وباعتلال الصحة، ومن هنا كان اهتمام المنظمات الأهلية العربية بهذين المجالين لارتباطهما المباشر وتأثيرهما على التنمية البشرية والنهوض بالفقراء، فيما يتعلق بالتعليم فلقد أصدرت الشبكة العربية دراسة ميدانية عن (دور المنظمات الأهلية في التعليم غير النظامي سنعرض لها تفصيلاً في جزء لاحق).
7 - أما الرعاية الصحية فهي أحد المجالات التي تنشط فيها المنظمات الأهلية العربية من خلال توفير الكوادر الصحية، الأدوية، المعدات الطبية، بناء وتأسيس المستشفيات والمستوصفات والمراكز الصحية ومعسكرات النازحين كما في السودان على سبيل المثال. بالإضافة إلى ذلك تساهم المنظمات في توفير خدمات تحصين الأطفال ورعاية الطفولة وإعداد برامج التثقيف الصحي وإتاحة الرعاية الصحية للفقراء بأسعار زهيدة، بالإضافة لخدمات الرعاية الصحية لذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين.
8 - رصد التقرير استمرار التوجه الإنمائي في بعض الدول العربية نتيجة لظروف الاحتلال أو بسبب الحرب الأهلية والظروف البيئية (فلسطين، السودان).
9 - كشف التقرير عن خصوصية بعض دول الخليج في مواجهة الفقر النسبي الذي تعكسه أوضاع بعض الفئات من الوافدين عليها، حيث بدأت المنظمات الأهلية الفعالة بها تتوجه بجهود منظمة لتمكين هذه الفئات ففي دولة "الكويت" على سبيل المثال فإن أنشطة هذه المنظمات تتوجه للفئة التي يطلق عليها (بدون) عن طريق التعليم وكفالة الطلاب غير القادرين، ومن خلال التدريب والتأهيل لسوق العمل وفي "قطر" هناك أنشطة وبرامج متميزة تتوجه نحو الشباب والنساء لإيجاد فرص عمل لهم والتحول من المساعدات المادية والعينية إلى التمكين (مثال ذلك مشروع الخطوة الأولى لدار الإنماء والأسر المنتجة والأسرة العصرية).
توصيات الدراسة
وما هي التوصيات التي خرجت بها الدراسة ؟
في ضوء النتائج المهمة التي أشرنا إليها ، فلقد أوردت التقارير القطرية عددًا من التوصيات التي من شأن الأخذ بها دفع عمل المنظمات الأهلية العربية في مكافحة الفقر والتغلب على التحديات التي تواجهها، أهمها:
1 - إجراء تعديلات في قوانين لبعض الدول العربية التي تؤثر سلبًا على فعالية جهود المنظمات الأهلية .
2 - أولوية التوجه التنموي وعدم الاقتصار على التوجه الخيري والرعائي.
3 - تطوير مؤشرات دقيقة لقياس الإسهام الاقتصادي والاجتماعي للمنظمات الأهلية العربية في مجال التنمية البشرية (وهو أحد المشروعات التي تتبناها الشبكة حالياً).
4 - توجيه اهتمام علمي لتقييم دور وفعاليات المنظمات الأهلية العربية، فالتقييم يسمح بمتابعة وملاحقة العمل والنشاط وتوفير عمليات إعادة التخطيط كلما تطلب الأمر ذلك.
5 - بناء قدرات المنظمات الأهلية العربية.
6 - تطوير شراكة فعالة بين كل الأطراف ، الحكومية وغير الحكومية.
7 - تحقيق الاستدامة المالية من خلال العمل على تعدد مصادر التمويل.
8 - بناء قواعد بيانات شاملة عن القطاع الأهلي، والعمل على تحديثها.