ثورة المعلوماتية وأثرها على التحول الديمقراطي العربي
اعداد: بسام محمد حسين
تزداد أهمية سرعة وصول المعلومات وتحليلها يوماً بعد يوم، ويتجلى أهميتها في تأثيرها الواسع على الرأي العام، وبذلك تتبلور كثيراً من الحاجات الضرورية لأنشطة المجتمع المدني وأهدافه، وينقسم الباحثون في الإجابة على تأثيرها المجتمعي إلى موقفين أساسيين.
يرى أصحاب الموقف الأول أن الانعكاسات التي تسببها الثورة العلمية في مجال الاتصالات والمعلومات باتت واضحة ومؤكدة، ويصعب تجاهلها، بينما يرى أنصار الموقف الآخر أن آثار ونتائج هذه الثورة مازالت محدودة وضعيفة الفاعلية لأسباب عديدة، ويستند الرأي الأول على دور وفاعلية التكنولوجيا في كسر احتكار المعرفة وإمكانية استثمارها وتوظيفها في التحولات التاريخية، إذ وبفضل ثورة المعلومات والاتصالات أصبحت قضايا حقوق الإنسان ثقافة عالمية ونموذجاً إرشادياً حاكماً وذلك من خلال تشبيك بين المنظمات المدنية المحلية ونظيراتها في العالم.
بينما يعتقد الطرف الآخر بأن تأثيرات ثورة الاتصالات مازالت محدودة وأن مردودها ضعيف على التطور السياسي والديمقراطي في عالمنا العربي وذلك لأسباب عديدة من أهمها، الموقع الهامشي للعرب على خارطة مجتمع المعلومات العالمي فعدد المواطنين العرب الذين يمتلكون القدرة على الوصول والنفاذ إلى الوسائل الإعلامية والمعلوماتية الحديثة مازال محدوداً، إضافة إلى الفجوة الرقمية التي تفصل بين من يمتلك المعلومة وإمكانية توظيفها وبين من يمتلكها بشكل جزئي ولا يسيطر عليها، مقارنة بين ما يمتلكه العرب من مواقع انترنيت وأجهزة حاسوب بوصفها من المؤشرات الأساسية المعبرة عن الفجوة الرقمية، فمقابل كل 18 عربي من كل 100 من السكان يمتلكون حاسوباً يبلغ المتوسط العالمي 78.3 ولا يزيد نصيب العرب من مستخدمي الانترنيت عن 5% بينما يشكلون 8% من إجمالي سكان العالم هذا إلى جانب القيود المفروضة على الشبكة من قبل الحكومات، وقضايا الأمية ومعرفة اللغات الأجنبية، إضافة إلى تكاليف الخدمة.
مما يعني أن قطاعاً واسعاً من المواطنين العرب مازال خارج دائرة القدرة على الاستفادة من التقنيات الحديثة ولأن الاستخدام الحالي مازال نخبوياً، تأسيساً على أن مستخدمي الانترنيت عبر العالم قد بلغ مليار شخص منهم 182 مليون في الشرق الأوسط و365 مليون في آسيا و290 مليون في أوروبا و225 مليون في الولايات المتحدة وإذا أضفنا إلى العوامل السابقة جملة من المشكلات البنيوية التي تعاني منها الأحزاب وتنظيمات المجتمع المدني والمتمثلة في ضعف قاعدتها الشعبية وابتعادها عن ممارسة الديمقراطية داخلها، الأمر الذي أضعف مصداقية الشعارات الديمقراطية التي تطرحها وأفقدها الكثير من فاعليتها فإننا نستطيع أن نتفهم تشاؤم هذا الاتجاه إزاء قدرة التقنيات العلمية على التغيير في مسار التحول الديمقراطي عربياً.
لكن في حكم المؤكد أن قدرة العرب على الاستفادة من مزايا المعلومات والاتصالات مرهون بعمليات الديمقراطية وضمان حرية تدفق المعلومات وتعزيز المشاركة السياسية للمواطنين بوصفها شرطاً ضرورياً ورئيسياً في عملية التحول الديمقراطي العربي.