المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
اهلا بكم في المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
اهلا بكم في المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية

علم الاجتماع- العلوم الاجتماعية- دراسات علم الاجتماع
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
Like/Tweet/+1
المواضيع الأخيرة
» أحمد محمد صالح : أثنوغرافيا الأنترنيت وتداعياتها الإجتماعية والثقافية والسياسية
تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية  Emptyالخميس أبريل 29, 2021 10:43 pm من طرف زائر

» قارة آمال - الجريمة المعلوماتية
تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية  Emptyالإثنين أبريل 26, 2021 5:37 pm من طرف ikramg

» معجم مصطلحات العلوم الإجتماعية انجليزي فرنسي عربي - الناشر: مكتبة لبنان - ناشرون -سنة النشر: 1982
تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية  Emptyالخميس أبريل 22, 2021 2:24 pm من طرف Djamal tabakh

» سيكلوجية_المسنين
تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية  Emptyالإثنين أبريل 19, 2021 4:46 pm من طرف Mostafa4Ramadan

» ممارسة خدمة الفرد مع حالات العنف الاسرى دعبد الناصر
تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية  Emptyالإثنين أبريل 19, 2021 4:45 pm من طرف Mostafa4Ramadan

» جرائم نظم المعلومات
تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية  Emptyالسبت أبريل 17, 2021 3:39 pm من طرف Djamal tabakh

» دور التعلم الإلكترونى فى بناء مجتمع المعرفة العربى "دراسة استشرافية"
تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية  Emptyالسبت أبريل 17, 2021 2:54 pm من طرف Djamal tabakh

» أصــــــــــــــــــــــــول التربية
تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية  Emptyالسبت أبريل 17, 2021 5:02 am من طرف Djamal tabakh

» نحو علم اجتماع نقدي
تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية  Emptyالإثنين أبريل 05, 2021 11:22 am من طرف ظاهر الجبوري

» د.جبرين الجبرين: الإرشاد الاجتماعي في المجتمع السعودي
تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية  Emptyالأربعاء مارس 31, 2021 4:25 am من طرف nahed

سحابة الكلمات الدلالية
التغير الاجتماعي البحث موريس التنمية الاجتماع المجتمعات المرحله التخلف الجوهري الخدمة الجماعات الجريمة العمل المجتمع اساسيات في التلاميذ كتاب محمد والاجتماعية الشباب العنف الاجتماعية الالكترونية تنمية
أحمد محمد صالح : أثنوغرافيا الأنترنيت وتداعياتها الإجتماعية والثقافية والسياسية
تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية  Emptyالجمعة مارس 12, 2010 11:26 am من طرف nizaro

تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية  ___online

أثنوغرافيا …


تعاليق: 93
جرائم نظم المعلومات
تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية  Emptyالإثنين مارس 08, 2010 10:02 am من طرف فريق الادارة
تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية  ___online.pdf?rnd=0

ضع ردا …


تعاليق: 5
أصــــــــــــــــــــــــول التربية
تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية  Emptyالأحد يناير 03, 2010 9:37 pm من طرف فريق الادارة

تهتم مادة (اصول التربية) بدراسة الاسس التاريخية …


تعاليق: 146
نحو علم اجتماع نقدي
تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية  Emptyالسبت يوليو 24, 2010 2:02 am من طرف فريق الادارة

العياشي عنصر
نحو علم اجتماع نقدي






يعالج الكتاب …


تعاليق: 13
لأول مرة : جميع مؤلفات الدكتور محمد الجوهري - مقسمة علي ثلاث روابط مباشرة وسريعة
تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية  Emptyالسبت أبريل 23, 2011 10:27 pm من طرف باحث اجتماعي
مدخل لعلم الأنسان المفاهيم الاساسية في …


تعاليق: 283
أصل الدين - فيورباخ
تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية  Emptyالإثنين مارس 01, 2010 10:38 pm من طرف فريق الادارة



أصل الدين - فيورباخ

تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية  …


تعاليق: 223
العنف في الحياه اليوميه في المجتمع المصري-احمد زايد
تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية  Emptyالخميس يناير 14, 2010 10:27 am من طرف فريق الادارة
تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية  ______-_

[hide][url=http://www.4shared.com/file/196965593/6e90e600/______-_.html]…


تعاليق: 43
مبادئ علم الاجتماع - للمؤلف طلعت ابراهيم لطفي
تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية  Emptyالثلاثاء ديسمبر 22, 2009 7:25 am من طرف فريق الادارة


مبادئ علم الاجتماع


إذا أعجبك الكتاب اضغط لايك في …


تعاليق: 264
نظرة في علم الاجتماع المعاصر - د. سلوى خطيب
تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية  Emptyالسبت فبراير 06, 2010 11:31 am من طرف فريق الادارة
نظرة في علم الاجتماع المعاصر
د. سلوى خطيب

رابط التحميل


تعاليق: 39
التدين الشعبي لفقراء الحضر في مصر
تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية  Emptyالأربعاء مايو 26, 2010 4:14 am من طرف فريق الادارة

التدين الشعبي لفقراء الحضر في مصر

[img]…


تعاليق: 22

 

 تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية  Empty
مُساهمةموضوع: تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية    تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية  Emptyالإثنين أبريل 08, 2013 8:02 am




تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية

مؤتمر بالتعاون بين مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
ومركز العلاقات الدولية والحوار الخارجي FRIDE بأسبانيا وصندوق الأمم المتحدة للديمقراطية UNDEF

القاهرة / فندق سميراميس
26 – 27 يوليو 2011


الجيش في الدستور بعد الثورة
The Army in the Post-Revolution Constitution

إعداد
دكتور/ جمال عبد الجواد
مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية

فتحت ثورة الخامس والعشرين من يناير الباب لثلاث تطورات كبرى في السياسة المصرية.

1. آفاق واسعة لبناء نظام ديمقراطي:
فقد أزاحت الثورة نظاما سلطويا وأتاحت لأول مرة في ستين عاما فرصة حقيقية لإقامة نظام سياسي تعددي منفتح على تطور ديمقراطي. فقد شهدت الشهور الستة الماضية عددا من التطورات التي وفرت بعضا من أهم شروط التحول الديمقراطي، ويمكن تخليص هذه التطورات في النقاط التالية:
• سقوط النظام السياسي بسقوط ليس فقط المجموعة الضيقة التي كانت تقف على رأس النظام، وإنما أيضا بحل مؤسسات النظام الرئيسية مثل مجلسي الشعب والشورى والحزب الوطني والمجالس المحلية، وإسقاط الدستور. لقد أدى سقوط هذه المؤسسات إلى فتح الباب لبناء مؤسسات بديلة تمثل نظاما سياسيا جديدا يتوقع أن يكون أكثر ديمقراطية من النظام السابق.
• تعرض جهاز القمع البوليسي لضربة قاسية حرمته من القدرة على تكبيل حركة القوى الاجتماعية والسياسية.
• رفع مستوى الوعي السياسي والاهتمام بمتابعة السياسة والطلب على المشاركة السياسية، فقد تمت إعادة تسييس المجتمع المصري بعد سنوات طويلة من نزع السياسة التي كانت أساس الحكم السلطوي لعقود طويلة. فالطلب المتزايد على المشاركة السياسية لن يكون من الممكن الاستجابة له إلا في إطار هياكل ومؤسسات سياسية متعددة على أساس من القواعد الديمقراطية.
التحدي الأهم الذي يواجه القوى السياسية المصرية التي انفتح الباب لها للتنظيم والعمل والتأثير في المرحلة الحالية هي الدرجة العالية من التفتت، وفجوة الثقة بين القوى السياسية المختلفة، واستمرار فجوة الثقة بين المواطنين والأحزاب السياسية، رغم الاهتمام المتزايد بالسياسة، وينطبق هذا على بعض القوى الثورية التي ساهمت في صنع الثورة، والتي مازالت تفضل العمل خارج الأحزاب، و تنظر بتشكك للأحزاب السياسية لأسباب مختلفة، مفضلة العمل في شكل حركات احتجاج اجتماعي تحاول الاحتفاظ لنفسها بمكانة فوق الأحزاب مستندة إلى دورها في تفجير الثورة وإلى ما يتيحه شكلها التنظيمي الراهن من حرية حركة وسرعة مبادرة.
والأرجح أنه سوف تمر فترة من الوقت قبل أن تصل القوى السياسية المصرية لمرحلة الجاهزية لممارسة الحكم بشكل مستقر خال من الأزمات، ومرجع ذلك هو حداثة عهدنا بالديمقراطية، ونوعية الطبقة السياسية الموجودة في بلادنا رغم التحسن الكبير الذي سيطرأ عليها بعد الدماء الجديدة التي أخذت في التدفق في عروقها منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير. فالساحة السياسية المصرية، وهو ما أظن أنه سيظهر لنا جليا في انتخابات مجلس الشعب القادمة والانتخابات التي تليها، ستميل للاتسام بدرجة عالية من التفتت السياسي بين قوى سياسية متعددة، بعضها قديم وبعضها الآخر جديد ولد من رحم الثورة، كما ستتسم أيضا بثقل وأهمية العناصر المستقلة بسبب حداثة التكوينات الحزبية، وبعد انفراط عقد حزب الدولة الذي كان يجمع تحت مظلته جماعات مصالح محلية سعت للحصول على نصيبها من موارد الدولة عبر الارتباط بالحزب الحاكم. في نفس الوقت فإن الحركات الاجتماعية ذات الطابع الاحتجاجي التي ظهرت في مرحلة ما قبل الثورة ستواصل القيام بدورها كقوة احتجاج راديكالي تدفع في اتجاه مواصلة الثورة وتعميقها، مسببة بذلك درجة كبيرة من عدم الاستقرار.

2. زيادة دور الجيش في السياسة:
فثورة الخامس والعشرين من يناير لم يكن ممكنا لها أن تصل لعتبة التطور الديمقراطي التي نقف عندها الآن لولا الدور الذي لعبه الجيش في حسم الصراع المحتدم بين النظام السابق والقوى الثورية، فقد اختارت قيادة الجيش اتخاذ الموقف الأكثر سلامة عندما انحازت للقوى الثورية، بينما كان بإمكانه اختيار مسارات أخرى. فقد كان للجيش أن ينحاز للنظام خالقا في مصر حالة تشبه ما يجري الآن في سوريا، أو أن يختار الحياد بين الطرفين، مثلما فعل الجيش الإيراني في المراحل الأخيرة من الثورة الإيرانية، وهو القرار الذي كان حاسما في تسهيل تأسيس نظام الجمهورية الإسلامية هناك.
لقد مرت علاقة الجيش المصري بالسياسة منذ مطلع الخمسينيات في القرن الماضي بعدة مراحل. فقد حكم الجيش البلاد بشكل منفرد لبعض الوقت. وفي مرحلة تالية تكونت شراكة بين الجيش من ناحية والعسكريين الذين تحولوا إلى قادة سياسيين، غير أن هذه الشراكة سرعان ما تحولت إلى تنافس وصراع حاد بين، حتى أن الصراع بين الرئيس والمشير مثل الصراع الرئيسي في البلاد حتى حرب يونيو 1967، وربما لم تكن الهزيمة ومن قبلها فشل الوحدة مع سوريا ليحدثا لولا هذا الصراع.
بدأت المرحلة الثالثة للعلاقة بين الجيش والسياسة بعد هزيمة يونيو التي أتاحت للقيادة السياسية الفرصة لإعادة صياغة العلاقات المدنية العسكرية، فانسحب الجيش من السياسة، وتفرغ لأداء مهمة الدفاع عن الوطن، فاستقرت صيغة جديدة قبل فيها الجيش الخضوع للقيادة المدنية. وقد سهلت الخلفية العسكرية للقيادة السياسية، خاصة لرئيس الجمهورية، طوال السنوات المنقضية منذ حرب يونيو الانتقال إلى هذه الصيغة. وتدريجيا تراجع الجيش إلى خلفية المشهد السياسي، فبينما تجنب التدخل المباشر والصريح في السياسة، فإنه ظل واقفا عند الأفق للتحوط ضد ما قد يحدث من تهديدات للأمن الوطني في ساحة السياسة الداخلية، ومقدما الدعم للسلطات الشرعية التي يخضع لقيادتها عندما تحتاجه وتطلبه، وهو ما حدث في عامي 1977 و1986، عندما أنقذ الجيش البلاد من فتن هددت السلم الأهلي.
سقوط النظام بينما كانت قوى المعارضة القديمة والجديدة، المحافظة والثورية جميعها أضعف من أن تتولى الحكم بنفسها، جعل من تولي الجيش لمسئوليات الحكم في المرحلة التي تلت سقوط النظام نتيجة حتمية لم يسع لها الجيش ولا تمثل طموح قوى ثورية تسعى لتأسيس نظام جديد تماما، وكان تولي الجيش مسئولية الحكم المخرج الوحيد البديل لانهيار كافة أشكال السلطة في المجتمع، ودخول البلاد في مرحلة من الفوضى الناتجة عن تصارع القوى السياسية على السيطرة على الحكم.
الجيش الذي أصبح توليه السلطة ضرورة بعد انهيار النظام السابق، والذي أصبح دوره أساسيا في تأسيس النظام الجديد، هذا الجيش له طبيعة مزدوجة، فهو من ناحية أحد المؤسسات-الأعمدة الرئيسية للدولة المصرية، كما أنه أيضا جزءا من النظام السياسي السابق، كما كان جزءا لا يتجزأ من أي نظام سياسي حكم مصر طوال القرنين الأخيرين، أي منذ تأسست في مصر دولة حديثة لها جيش حديث. فالجيش باعتباره التجسيد الأهم لقوة الدولة المسلحة وقدرتها على ضمان أمنها وأمن المجتمع ضد المخاطر الخارجية أو الداخلية، هو مقوم أساسي للدولة، أي دولة. ومن ناحية أخرى فإن قواعد استخدام القوة المسلحة الشرعية والعلاقة بين القوات المسلحة وباقي مكونات النظام السياسي تتحدد وفقا لطبيعة النظام السياسي.
بمساهمة الجيش في إنجاح الثورة في مصر فإنه حجز لنفسه مكانا بين القوى التي تساهم في صنع المستقبل السياسي في البلاد، وهو يقوم بهذا انطلاقا من طبيعته كأهم مؤسسات الدولة المصرية، وكأحد المكونات الرئيسية لأي نظام سياسي سابق أو لاحق حتى يستقر النظام السياسي المصري على صيغة لا يعود فيها التمييز بين الدولة والنظام ذي مغزى. كما أن الجيش يساهم في صياغة النظام الجديد انطلاقا من مصالح المؤسسة كما يدركها الغالبية من أعضائها، وكذلك انطلاقا من ثقافة المؤسسة، والرؤى السائدة بين صفوفها بشأن الدولة والمجتمع والعلاقة بينهما وكذلك التعريف السائد بين قياداته للأمن القومي والمصلحة الوطنية. فالجيش ليس مؤسسة خيرية تتولى تحقيق أهداف الثورة نيابة عن القوى الثورية، فهذا تصور غير واقعي بالمرة، ولكنه مؤسسة لها تصوراتها الخاصة، وبالتالي فإنه يمكن ا لقول أنه بينما فتحت ثورة 25 يناير الباب لتطور ديمقراطي، فإنها فتحت الباب أيضا لزيادة دور الجيش في السياسة.



3. صعود التيارات الإسلامية:
فالتيارات الإسلامية كانت من بين أكثر القوى التي تضررت من السياسات السلطوية للنظام السابق، وكان سقوط النظام وانهيار آلته القمعية إيذانا بصعود غير مسبوق للقوى الإسلامية متحررة من أي سيطرة أو ضبط مارسها النظام السابق ضدها. ويفرض صعود القوى الإسلامية إعادة البحث في سؤال العلاقة بين الدين والسياسة والدين والمجال العالم في مصر، وهو السؤال الذي تم تعد الإجابات التي تم تقديمها له في مراحل سابقة صالحة للعمل، ومن المهم ملاحظة أن البحث في علاقة الدين والسياسة في هذه المرحلة يجري في ظل موازين قوى جديدة تحتل فيها القوى الإسلامية مكانا بارزا، إن لم يكن الأبرز، في المشهد السياسي المصري، كما يجري في ظل غياب مؤسسات الدولة السلطوية وجهاز القمع الذي ساهم في مراحل سابقة في احتواء القوى الإسلامية.
ويثير صعود القوى الإسلامية مخاوف الكثيرين في مصر بسبب الطبيعة الإيديولوجية لهذه القوى وتصوراتها حول صورة المجتمع والدولة في مصر. وتأتي هذه المخاوف من جانب الأقباط، كما تأتي من جانب فئات اجتماعية وسياسية تتخوف من تحول مصر إلى نوع من الدولة الدينية، ومن تأثير ذلك على وضعية مواطنيها من غير المسلمين، وعلى من لا يشاركون التيار الإسلامي تصوراته حول الدولة والمجتمع، وكذلك على وضعية المرأة وحقوقها في المجتمع.
هذه هي بعض السمات الأساسية للوضع السياسي في مصر في مرحلة ما بعد الثورة، والتي سوف يكون على الدستور الذي من المنتظر كتابته وإقراره خلال العام ونصف القادمين التعامل معها. فالدستور لا تتم كتابته للتعبير عن صورة المجتمع المنشود فقط، ولكن أيضا للتعبير عن الخصائص المحددة التي تميز المجتمع. ومن المفهوم والطبيعي أن تتمسك القوى السياسية المختلفة بالحد الأقصى لطموحاتها ومطالبها، أما المحصلة النهائية للمطالب المتعارضة والاعتبارات المختلفة فستكون التسوية بين ثلاثة تناقضات أساسية:
• القديم والجديد
• الديني والمدني
• المدني والعسكري
التسوية بين المدني والعسكري هي موضوع هذه الورقة، خاصة وأنه عند هذه القضية تتقاطع أغلب الصراعات – التسويات الأخرى الكامنة في الحالة المصرية. فبعد شهور قليلة تنتهي الفترة الانتقالية، ومع انتهائها ستنسحب القوات المسلحة من الشارع – بافتراض جاهزية الشرطة – وسيعود الجيش إلى مهمته الأساسية في الدفاع عن الوطن وتأمين مصالحه العليا. التفكير في لحظة تسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة وعودة الجيش إلى ثكناته يثير الكثير من الأسئلة. فهل الجيش المصري مستعد لترك المجال السياسي تماما للمدنيين؟ وهل القوى السياسية المدنية مستعدة وجاهزة للقيام بمسئوليات الحكم منفردة؟ وهل نظامنا السياسي الديمقراطي الذي مازال تحت الإنشاء، وبلا تقاليد ديمقراطية يستند إليها، ولا ثقافة ديمقراطية مستقرة يمكنه كبح جماح التطرف والنوازع الاستبدادية عميقة الجذور؟

عاملان رئيسيان يحددان طبيعة الإجابة على هذه الأسئلة، يتعلق أولهما بالمجتمع، بينما يتعلق الثاني بالمؤسسة العسكرية.
• الطلب الاجتماعي على دور الجيش: فحالة الانقسام السياسي وضعف الثقة بين مكونات المجتمع والفاعلين السياسيين تخلق طلبا مجتمعيا وسياسيا على وجود ضمانة تحقق التوازن بين الفرقاء الاجتماعيين والسياسيين، يسري هذا على الأقباط المتخوفين من تحولهم إلى مواطنين من الدرجة الثانية في ظل نظام سياسي تحتل فيه تيارات إسلامية موقع المركز في التفاعلات السياسية، كما يسري على فئات واسعة من المسلمين الذين لا يشاركون الإسلاميين تصوراتهم وأهدافهم، ويسري أيضا على فئات اجتماعية واسعة من الأغلبية الصامتة التي تبحث عن ضمانة لاستقرار سياسي لا تثق في قدرة القوى السياسية الصاعدة على تحقيقه من خلال تفاعلاتها الحرة. وبين القوى المختلفة في البلاد، فإن الجيش يبدو القوة الوحيدة القادرة على توفير الضمانة المطلوبة من جانب كل هذه الفئات.
• شكوك الجيش في القوى السياسية المدنية: فالحال الراهن للقوى السياسية المدنية الصاعدة غير كاف لبث الثقة في قدرتها على التعامل مع قضايا الدفاع والأمن القومي الأكثر أهمية بالنسبة للقوات المسلحة. أيضا فإن عدم الاستقرار السياسي المرجح حدوثه في المرحلة المقبلة يتطلب ترتيبات خاصة تمنع آثار عدم الاستقرار هذا من التسرب إلى الجيش، الأمر الذي يبرر إعطاء الجيش وضعا دستوريا يضمن استقراره وفاعليته.

هذان العاملان لا يجعلان من الانسحاب الكامل للجيش من السياسة أمرا ممكنا، وفي نفس الوقت فإن عودة الجيش لحالة المراقب والضامن عن بعد غير المنظمة دستوريا لم يعد أمرا ممكنا أيضا، فدور القوات المسلحة وفقا لهذه الصيغة لم يكن منصوصا عليه دستوريا أو قانونيا بأي شكل، وإنما هي صيغة تطورت تدريجيا، وساهم في صياغتها اجتهادات وطبائع شخصية وتصورات عن الذات لكثيرين من القادة العسكريين والمسئولين السياسيين، وهو ما لا يمكن القبول به في نظام ديمقراطي جديد نسعى ليكون محكوما بشكل كامل بنصوص القانون والدستور، تختفي فيه مساحات المسكوت عنه دستوريا، خاصة وأنه لن يكون من الممكن الإبقاء على أمر بأهمية الدور السياسي للجيش في مساحة المسكوت عنه في ظل الانفتاح السياسي والحريات.
والتحدي الذي يواجه مصر في هذا المجال هو البحث عن صيغة دستورية تقنن الوضع الخاص للجيش دون مصادرة على فرص التطور الديمقراطي، وتضع شئون الجيش والأمن القومي ضمن نطاق ولاية السلطات المدنية الشرعية المنتخبة دون تعريض الجيش والأمن القومي لمخاطر تقلبات السياسة ومزايداتها.
المجلس الأعلى للأمن للقومي الذي يأتي ثلث أعضائه على الأقل من بين العسكريين هو الحل الذي أقترحه لهذه القضية. فإلى جانب العسكريين الذين يمثلون المناصب القيادية الرئيسية في الجيش، يجلس في هذا المجلس المنصوص عليه دستوريا أصحاب مناصب سياسية رفيعة مثل رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس الشعب ورئيس لجنة الدفاع في المجلس ووزراء الداخلية والمالية ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، بحيث يكون لهذا المجلس سلطة التصديق على ميزانيات القوات المسلحة، وخططها للحفاظ على الأمن القومي. مجلس مثل هذا يمكن له أن يمثل حلا لإشكالية العلاقة بين المدني والعسكري في نظامنا الديمقراطي الناشئ، ويمكن له أن يقوم بدور المؤسسة المخولة بمناقشة شئون الأمن القومي والدفاع والجيش بعيدا عن الحياة البرلمانية والإعلام الصاخب، لكن دون أن يكون بعيدا عن سلطة ودور السياسيين المدنيين المنتخبين من جانب الشعب.
المجلس الأعلى للأمن القومي يمكن أن يكون صيغة مثالية لطمأنة فئات في المجتمع لديها تخوفات من تغول فئات أخرى عبر الآليات الديمقراطية، والجيش المصري مؤهل للقيام بهذا الدور في إطار هذه الصيغة. فالجيش المصري ليس جيشا إيديولوجيا لكنه جيش ذو عقيدة وثقافة وطنية تتمثل العناصر الأصيلة في الثقافة المصرية بمكوناتها الوطنية والعروبية والإسلامية، وهو جيش غير متحزب وغير طبقي، تأتي عناصره وقياداته من الخزان الثقافي المصري في ريف مصر وحضرها دون تمييز. فالتمثيل الفعال للجيش في المجلس الأعلى للأمن القومي يتيح للمؤسسة العسكرية نقل رسائلها بشأن قضايا السياسة الداخلية لممثلي السلطة الشرعية المنتخبة بطريقة منظمة وسلمية وغير انقلابية، وهو الترتيب الذي يوفر ضمانة للاستقرار في ساحة سياسية مازالت تتفاعل بشكل ينطوي على الكثير من عدم اليقين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية    تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية  Emptyالإثنين أبريل 08, 2013 8:06 am





تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية

مؤتمر بالتعاون بين مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
ومركز "فريد" للأبحاث بأسبانيا وصندوق الأمم المتحدة للديمقراطية

القاهرة / فندق سميراميس
26 – 27 يوليو 2011






مستقبل الأحزاب السياسية الجديدة
The Future of New Political Parties


إعداد
يسري عزباوي
الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية


مقدمة
لم تكن ثورة 25 يناير الشعبية مفاجأة للحكم فقط، بل كانت مفاجأة لقوى المعارضة والشعب المصري كله أيضاً. هذه المفاجأة لم تكن وليدة اللحظة بل هي ثمرة وامتداد لنضال سياسي طوال السنوات العشر الأخيرة. ويمكن القول أن مسيرة 25 يناير اكتسبت خبرة نضالية وبلورت رؤية سياسية حول شكل التغيير المطلوب من خلال ممارسة الشباب للاحتجاج السياسي طوال هذه السنوات العشر، وأن هذه الخبرة النضالية والرؤية السياسية كانت أحد العوامل الأساسية في انتصار الثورة وتحقيقها الهدف الأساسي برحيل رأس النظام، وفتح الباب أمام التغيير على نطاق واسع. ولفهم هذه الحقيقة لما لها من أهمية في التأريخ للثورة ومتابعة تطورها.( )
وفي ربيع عام 2005، بدأت مصر تشهد صعودًا لافتًا في الحركات الاحتجاجية "العفوية" والتي بدأت بـ "الحركة المصرية من أجل التغيير"، التي تطلق على نفسها اسم "كفاية"، والتي كان ظهورها يعد بلا شك إدانة جلية للأداء السياسي للأحزاب المصرية، إذ لو كانت الأخيرة قادرة على ملء الفراغ والتمدد في كل المساحات، للحد من تغول السلطة ما كان لـ"كفاية" -على سبيل المثال أو أي حركة أخرى- أية شرعية كبديل سياسي للأطر التنظيمية الشرعية التي كانت قائمة قبل الثورة، ولا تزال حتى اليوم. خاصة وأن غالبية الحركات الاحتجاجية التي تشكلت بعد "كفاية" كذلك تكون طيفها الأساسي من عناصر وقيادات ونشطاء من الأحزاب السياسية القائمة والقوى السياسية المستقلة، وعوام الناس من الذين تعوزهم أية خبرة حزبية أو تنظيمية. وكان السؤال دائمًا: ما الذي حمل هؤلاء -خاصة المنتمين إلى الأحزاب السياسية- على العمل من خلال تلك الحركات الوليدة، إلا إذا كان ثمة توافق على أن الأخيرة، تعوضهم عن العجز السياسي والكسل التنظيمي، والانتهازية السياسية التي باتت قاسمًا مشتركًا بين كافة الأحزاب المصرية، فيما يتعلق بـ"الحوار" مع السلطة من أجل الإصلاح. إذن ما الفرق بين الحركات الاحتجاجية التي كان بعضها في حينه لا يتجاوز عمره بضعة أشهر مثل "كفاية".. وبين "الأحزاب" التي تعمل في مصر منذ ما يقرب من ربع قرن؟! تتمثل هذه الفروق في: أولا، أن تلك الحركات كانت فرزًا طبيعيًا لتطورات داخلية وإقليمية ودولية، خرجت على غير ما هو متبع ومعهود، لم تكن كغيرها "منحة" النظام، أي ليست "هبة" من السلطان، بل إنها "ولدت طبيعيا" نتيجة تلاقى قوى متعددة اجتمعت على ضرورة الخروج على "ميراث احتكار السلطة" وعقد "الزواج الأبدي" بين الرئيس والسلطة. إذن، الحركات الاحتجاجية الجديدة لم تكن ابنة السلطة، ولكنها ولدت من رحم رفض هذه السلطة، أو التعايش معها أو العمل تحت ظلها. فيما تعتبر الأحزاب القائمة، "ظواهر" سياسية يرجع الفضل في وجودها إلى النظام، عندما قرر توزيعها في نهاية السبعينيات كـ"منح" في وقت لم تكن ثمة ضغوط لا داخلية ولا خارجية، تحمله على اتخاذ مثل هذا القرار. فالأحزاب إذن كانت وليدة "حالة مزاجية" ارتبطت برغبات النظام ذاته، وليست استجابة لمعطيات كانت ضاغطة آنذاك في اتجاه التحول إلى النظام الحزبي التعددي. والمنحة أو الهبة تظل مشروعيتها مرهونة بهذه "المزاجية الفوقية"، ولذا كانت لجنة شؤون الأحزاب التابعة لمجلس الشورى - قبل حله- "ظاهرة طبيعية"، وأداة للنظام في التعبير عن رضاه وعن سخطه، سواء في تأسيس الأحزاب أو في تأديبها.( )
ثانيا، من الفروق المهمة أن أجندة الحركات الاحتجاجية تختلف عن المعارضة الرسمية، فالأولى لا تريد استنساخ المراحل السابقة، فالاستنساخ يعني حمل ذات الجينات الوراثية، يعني الاجترار وإعادة إنتاج فردانية السلطة وشخصنيتها وفرض نظام الوصاية الأبوية على المجتمع من جديد، ناهيك عن "الإكسسوارات" التي باتت ضرورة لتطويل عمر النظام، والحيلولة دون كسر حاجز عمره الافتراضي، مثل الدفاع عنه من قبل الذين استفادوا من تفشي المحسوبية والفساد. ومن ثم حملة أجندة الحركات الاحتجاجية التغيير والإصلاح عن طريق المظاهرات والوقفات الاحتجاجية، على العكس تماماً من الأحزاب التي وقفت تشاهد المسرح السياسي من على بعد.
وبدون الدخول في تفاصيل أكثر من ذلك، فإن هذه الورقة سوف تتناول بإيجاز شديد ثلاث نقاط رئيسة، هي: أولا خريطة الحياة الحزبية في مصر قبل ثورة 25 يناير، ثانيا خريطة الحياة الحزبية بعد الثورة، وثالثا مستقبل الأحزاب التي ولدت من رحم الثورة في ظل مرحلة التحول الديمقراطي الثوري الذي يعيشها النظام السياسي المصري الجديد.

أولا: أحزاب ما قبل ثورة 25 يناير
ترجع جذور نشأة الأحزاب السياسية في مصر إلى العقدين الأخيرين من القرن التاسع عشر، ففي هذه الفترة استخدمت كلمة الحزب بمعنى تنظيم سياسي، وذلك إلى جانب استعمالها التقليدي بمعنى جماعة أو طائفة كما يشير القاموس المحيط، وهو المعنى الذي يبرز في الاستخدام القرآني للكلمة، كما وردت في سورة الأحزاب. وتعود بداية التنظيمات السياسية في مصر إلى الجمعيات السرية التي يرجع تاريخ وجودها إلي نهاية الستينيات في القرن التاسع عشر، فتشير المصادر إلى وجود بعض الجمعيات السرية في الأزهر، وإلى بعض الجمعيات الماسونية التي لعبت دوراً مهماً، وبالذات أثناء وجود الشيخ جمال الدين الأفغاني الذي استغلها كأداة للعمل السياسي. وفي هذا الشأن يمكن تصنيف الأحزاب السياسية التي نشأت منذ ذلك الوقت وحتى الآن إلى عدة مراحل، كما يلي: ( )
1- مرحلة ما قبل ثورة عام 1919: دخلت مصر مرحلة جديدة بتأسيس مجلس شورى النواب عام 1866، وبالرغم من أن هذا الكيان كان كياناً استشارياً، فقد لعب دوراً في تطور الحياة السياسية، وتوفير أجواء للتفكير في العمل الحزبي. ويعتبر المؤرخون الحزب الوطني الذي نشأ على يد العرابيين عام 1879، أول الأحزاب السياسية في تاريخ مصر، في حين يعتبر البعض الآخر أن هذا التنظيم لم يكن سوى تكتل جبهوي، نتيجة افتقاده لصفة التنظيم، ولوسائل الاتصال الكافية مع الجماهير. وكان هدف هذا الحزب هو مقاومة النفوذ الأجنبي، وإنقاذ مصر من الإفلاس والدعوة للإصلاح وتنظيم التعليم. وتزعم الجناح العسكري للحزب أحمد عرابي، في حين ترأسه سياسياً محمد حليم باشا. وقد وقع على برنامج الحزب شيخ الإسلام وبطريرك الأقباط وحاخام اليهود. وقد انتهى الوجود العملي لهذا الحزب بنفي العرابيين، وخيانة بعض أعضائه من خلال تحالفهم مع الخديوي توفيق، ثم جاء الاحتلال ليطوي تماماً صفحة هذا الحزب من خريطة الحياة السياسية المصرية.( )
وخلال هذه المرحلة من تاريخ مصر نشأ الجيل الثاني من الأحزاب السياسية في عام 1907. ويطلق معظم المؤرخين على هذا العام عام الأحزاب، حيث أعلن عن تأسيس 5 أحزاب هي: الحزب الوطني الحر، والذي سمي فيما بعد بحزب الأحرار، وهو حزب موالي لسلطة الاحتلال، والحزب الجمهوري المصري، وحزب الأمة بزعامة أحمد لطفي السيد، وحزب الإصلاح على المبادئ الدستورية، الذي تزعمه الشيخ على يوسف. أما الحزب الخامس فكان الحزب الوطني بزعامة مصطفى كامل.( )
2- مرحلة ما بعد ثورة 1919 حتى ثورة 1952 : وعلى الرغم من التباين الكبير بين الأحزاب السياسية عن بعضها البعض، إلا أن السمة العامة لها هي وجود حزب شعبي قوي هو حزب الوفد، لم يكن يحترم الأقلية البرلمانية، وأحزاب أقلية كان معظمها ينتهك الدستور ويزيف الانتخابات بالاعتماد على القصر. وعلى هذا الأساس، أخفق النظام الحزبي في وظيفتي التعبير عن المصالح وتجميع المصالح. وإذا أضيف إلى كل ذلك، هيمنة الحكومة على البرلمان، وكونها هي المحدد الفعلي لشكله وطبيعته وليس العكس، والصراعات الحزبية التي كانت تتم-على عكس المفترض-خارج البرلمان لتبين كيف تجمد النظام الحزبي المصري ومعه نظام الحكم برمته. وفي هذا الشأن، يشير البعض إلى وجود نمط عام للأزمة في هذا النظام طيلة تلك الحقبة يتمثل في وصول الوفد إلى السلطة عقب انتخابات حرة، تم دخول الوفد في صدام مع القصر أو الإنجليز أو كليهما، فيقيل الملك الوزارة ويكلف أحزاب الأقلية بتشكيلها، فتؤجل تلك الأخيرة انعقاد البرلمان ذي الأغلبية الوفدية، فيحل الملك البرلمان وتجرى انتخابات جديدة تزيف لصالح الأقلية، فيقوم الوفد بسلسلة من الإضرابات الجماهيرية، مما يدفع الملك إلى إجراء انتخابات حرة يعود بعدها الوفد إلى الحكم. وقد أدت كافة هذه الأمور إلى عدم الاستقرار الحزبي والوزاري والبرلماني، فخلال تلك الفترة، تشكلت 38 وزارة بمتوسط عمر 9 أشهر للوزارة الواحدة، كما لم يكمل أي برلمان مدته الدستورية باستثناء برلمان عام 1945. وبذلك تكون التجربة النيابية قد أخفقت، وكان هذا الإخفاق يرجع إلى ثلاثة أبعاد متناسقة، مؤسسي، وثقافي، واجتماعي-اقتصادي. وعلى أية حال، فإنه ضمن هذه البيئة، تكونت العديد من الأحزاب السياسية، ويمكن تقسيم الأحزاب التي تألفت في تلك الفترة وحتى عام 1952 إلى أربعة مجموعات من الأحزاب:
أ-الأحزاب الليبرالية، وهي حزب الوفد والأحزاب المنشقة عليه، وهي الأحرار الدستوريين والحزب السعدي وحزب الكتلة الوفدية.
ب-الأحزاب والجماعات الدينية، وهي الإخوان المسلمين، وحزب الله، وحزب الآخاء، وحزب الإصلاح الإسلامي.
ج-الأحزاب الاشتراكية، ومنها حزب مصر الفتاة، والذي أصبح يسمى فيما بعد بالحزب الاشتراكي، وعدد من التنظيمات اليسارية مثل حزب العمال الاشتراكي الشيوعي، والحزب الشيوعي المصري، وحزب الفلاح المصري، والحركة الديمقراطية.
د-أحزاب السراي، وهي الأحزاب الموالية للملك، وهي حزب الشعب وحزب الاتحاد الأول والثاني. الأحزاب النسائية، هي حزب بنت النيل السياسي، والحزب النسائي الوطني، والحزب النسائي السياسي.
وقد اتسمت هذه المرحلة ببعض الملامح الخاصة بها في الخبرة الحزبية، وهى ما يلي:( )
-أن الأحزاب السياسية لم تنشأ في إطار البرلمان والكتل البرلمانية، وإنما نشأت خارجه لمقاومة الاحتلال الأجنبي، وكجزء من الحركة الوطنية للمطالبة بالاستقلال، ولذلك اتسمت الأشكال الأولى لهذه التنظيمات بالطابع السري وباللجوء إلى أساليب الكفاح السري.
-أن أغلب الأحزاب السياسية الأولى افتقدت التنظيم وكانت في جوهرها أحزاب نخبة تقوم على عدد محدود من الأشخاص، لذلك لم تتمكن من الاستمرار لمدة طويلة واندثرت بعد فترة محدودة من وجودها.
-أن القضية المحورية في برامج الأحزاب والتي ميزت بينها في المواقف والممارسات كانت قضية الاحتلال، وكيفية تحقيق الاستقلال، فقد كانت هذه القضية هي الشغل الشاغل للرأي العام المصري والنخبة السياسية والثقافية لمصر.
-أن نشأة الأحزاب ارتبطت بدور الصحف، فالحزب الوطني أنشأه مؤسس اللواء، وحزب الإصلاح أنشأه صاحب المؤيد، وحزب الأمة سبقه صدور الجريدة، وهكذا فإن الصحيفة كانت هي محور نشاط الحزب ورمز وجوده. وأدى ذلك أحيانا إلى بروز صراع بين الصحيفة والحزب، وهل تكون الصحيفة لسان حال الحزب أم يكون الحزب تنظيما للصحيفة، ويسجل المؤرخون عددا من الأمثلة توضح الصراع بين الحزب والصحيفة التابعة له، وكيف أن الصحيفة اتخذت في بعض الأحيان مواقف مخالفة لآراء الحزب الذي يفترض أنها تتحدث باسمه.( )
3- من التعددية إلى التنظيم الواحد (1953 – 1974): بعد قيام ثورة يوليو تحولت جميع الأحزاب إلى تنظيم واحد حيث صدر قرار حل الأحزاب في 16 يناير عام 1953. وقد جاء هذا القرار بعد اقتناع قادة الثورة بأن الأحزاب هي سبب مباشر في بقاء الاحتلال وأن أغلبها كان يوصف بالعميل للاحتلال أو بالمولاة للقصر. وفي مجال تقييم خبرة التنظيم السياسي الواحد في مصر خلال هذه الفترة يمكن الإشارة إلي عدد من المشكلات منها: اختلاط العلاقات السياسية بالعلاقات الشخصية، بما تضمنه ذلك من شللية ومن ولاء للأشخاص، وانكماش الضمانات الديمقراطية، والتغير المستمر في القيادات والكوادر، وتحول التنظيم في نظر المواطنين إلى أداة للحكومة يبرر مواقفها أكثر من دفاعه عن مصالحها.( )
4- من التنظيم الواحد إلى التعددية المقيدة (أغسطس 1974 حتى يناير 2011): توصف هذه المرحلة من تاريخ الحركة الحزبية في مصر بمرحلة العودة إلى التعددية حيث حاول الرئيس الراحل أنور السادات أن يتحول من سياسة الحزب الواحد إلى الانفتاح السياسي والتعدد الحزبي. ففي أغسطس عام 1974 أصدر الرئيس السادات ورقة تطوير الاتحاد الاشتراكي والتي دعا فيها إلى إعادة النظر في تنظيمه وهدفه وفي يوليو عقد المؤتمر القومي العام الثالث للاتحاد الاشتراكي وخلص إلى رفض التعدد الحزبي ووافق على تعدد الاتجاهات داخل الحزب الواحد فيما أطلق عليه بعد ذلك اسم المنابر" والتي وصل عددها إلى 40 منبرا .( )
في مارس عام 1976 تمت الموافقة على تأسيس ثلاثة منابر تمثل اليمين "الأحرار الاشتراكيين" واليسار "التجمع الوطني الوحدوي" والوسط "تنظيم مصر العربي الاشتراكي" ثم صدر قرار في نوفمبر 1976 بتحويل هذه المنابر إلى أحزاب سياسية. وفي يونيو1977 صدر قانون تنظيم الأحزاب والذي يقضي بالتحول إلى النظام التعددى مع عدم إلغاء الاتحاد الاشتراكي الذي أعطيت له الكثير من الصلاحيات ومنها حق الموافقة على تأسيس الأحزاب الجديدة عبر المادة السابعة من قانون الأحزاب فيما قبل تعديل 1981. ثم اتبع الرئيس السادات هذه الخطوات بتأسيس حزب جديد أطلق عليه الحزب الوطني الديمقراطي ودعا من خلاله أعضاء حزب مصر الاشتراكي إلى الانضمام إليه و تولى رياسته. كما أجرى الرئيس الراحل أنور السادات في عام 1981 وقبل وفاته بإجراء تعديل في قانون الأحزاب يسمح للجنة شئون الأحزاب -والتي تأسست بموجب القانون 40 لعام 1977 ويتولى رئاستها رئيس مجلس الشورى ويدخل في عضويتها وزراء الداخلية والعدل وشئون مجلسي الشعب والشورى وثلاثة من القضاة السابقين- بحق الموافقة على طلبات تأسيس أحزاب جديدة دون غيرها، ويشترط لتكوين أي حزب جديد توفر شرط التميز الذي يعني ضرورة أن يتضمن برنامج الحزب المتقدم ما يختلف عما تتضمنه برامج الأحزاب الموجودة، وتلتزم في مبادئها وأهدافها وبرامجها وسياساتها مع مبادئ الشريعة الإسلامية ومبادئ ثورتي يوليو 52 ومايو 1971، ومقتضيات الحفاظ على النظام الاشتراكي والديمقراطي والمكاسب الاشتراكية، ويحظر إقامة أحزاب على أسس طبقية أو دينية أو على إعادة الحياة للأحزاب السياسية التي تعرضت للحل عام 1952.( ) (وللتعرف على الخريطة الحزبية قبل الثورة انظر الجدول رقم 1)
والخلاصة، وعلى الرغم من أن هذه المرحلة، التعددية المقيدة، عمرها 36 عاما إلا أن عدد الأحزاب السياسية فيها وصل إلى 24 حزباً فقط. وأكثر من نصفها استمد شرعيته من القضاء، ولم يملك أغلبها أى فعاليات حزبية سواء بالتمثيل المؤثر في البرلمان أو التأثير على صنع السياسات العامة في الشارع المصري. واتسمت الأحزاب فيها أولا بضعف مؤكد لمفهوم تداول السلطة على مستوى كل حزب وعلى مستوى نظام الحكم أيضا. ثانيا أعطيت لجنة شئون الأحزاب سلطة واسعة في الموافقة على قيام الأحزاب ووقف نشاطها أو صحيفتها والاعتراض على قراراته في إطار مقتضيات المصلحة العامة للدولة. وبذلك فلقد تحولت معظم الأحزاب الجماهيرية إلى مؤسسات تصدر صحفاً فقط. ثالثا أن الكثير من هذه الأحزاب لم يكن لها قاعدة جماهيرية تذكر، وتحولت الأحزاب إلى أحزاب صحف ومقارا وليست أحزابا جماهيريةً.( ) رابعا كثرة الانشقاقات والصراعات الداخلية مما كان يدل على غياب آليات سليمة لاحتواء الخلافات والصراعات وعدم قبول الاختلاف والتنوع داخل كل حزب. ومن ثم كان التناقض الذي وقعت فيه جميع الأحزاب المعارضة حيث كانت تطالب بتدعيم عملية التحول الديمقراطي والإصلاح السياسي وهى بعيدة عن تطبيق هذه الآليات في إدارة شئونها الداخلية وأصبحت مقتصرة على بعض من هم ذوى ثقة.

ثانيا: أحزاب ما بعد ثورة 25 يناير
منذ أن عرفت مصر الأحزاب السياسية بمعناها الحديث في مطلع القرن الماضي لم يحدث مثل هذا الحراك الحزبي الذي تشهده مصر الآن بعد ثورة 25 يناير المجيدة‏.‏ يتجلي هذا الحراك في إقبال مدهش علي خوض تجربة تأسيس أحزاب سياسية‏,‏ واهتمام ملحوظ بالعمل الحزبي في أوساط فئات وشرائح اجتماعية عدة خصوصا في الطبقة الوسطي‏. ولذلك يبدو مثيرا للتأمل أن تقود ثورة أظهرت مدي انحسار دور الأحزاب السياسية إلي إقبال واسع علي تأسيس أحزاب جديدة. غير أن هذه ظاهرة متكررة في البلاد التي شهدت تحولات ديمقراطية في ربع القرن الأخير نتيجة ثورات أو انتفاضات أو ضغوط شعبية أسقطت نظما مستبدة في شرق ووسط أوروبا وفي أمريكا اللاتينية. ففي غير قليل من هذه البلاد حدث انتعاش شديد في العمل الحزبي خصوصا أن شعوبها ظلت محرومة من الحرية والتعددية السياسية لعقود عدة, وكانت هذه هي حال المصريين أيضا بالرغم من وجود عدد يعتبر كبيرا من الأحزاب, ولكنها أحزاب معزولة عن المجتمع والناس. فعندما يسقط نظام صادر حقوق الناس وحرياتهم, يتحرك كثير منهم في اتجاهات شتي, ويقبلون علي العمل الحزبي بغض النظر عن قدرتهم عليه وفاعلية الأحزاب التي يؤسسونها أو حتى جديتها.( )
وعلى الرغم من بعض العوائق التي تواجه نشأة الأحزاب من قانون الأحزاب السياسية الذي صدر مؤخراً، إلا أنه جاء ملبيًا لتطلعات الشعب في مستقبل سياسي أفضل، وبمثابة إعادة الحياة السياسية والحزبية إلى العمل, ونقلها من حالة الموات والتجميد التي كانت تعاني منها لعقود سابقة إلى العمل مرة أخرى. وبعد صدور القانون شهد الساحة السياسية ما يسمى بالانفجار الحزبي لأعداد كبيرة من الأحزاب على الساحة, إلا أنه بمرور الوقت سوف تتبلور تلك الأحزاب الجديدة لتصبح أكثر قدرة على تشكيل قاعدة عريضة, وقادرة على التواصل مع المجتمع. كما أن الأحزاب الجديدة هي نواة لنظام ديمقراطي قائم على حرية تشكيل الأحزاب وتكوينها.( ) ومن أهم الاشتراطات التي تضمنها القانون الذي صدر في 28-3-2011:( ) 1- عدم تعارض مبادئ الحزب أو أهدافه أو برامجه أو سياساته أو أساليبه في ممارسة نشاطه مع المبادئ الأساسية للدستور أو مقتضيات حماية الأمن القومي المصري أو الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الديمقراطي. 2- عدم قيام الحزب في مبادئه أو برامجه أو في مباشرة نشاطه أو في اختيار قياداته وأعضائه على أساس ديني أو طبقي أو طائفي أو فئوي أو جغرافي أو بسبب الجنس أو اللغة أو الدين أو العقيدة. 3-عدم انطواء وسائل الحزب على إقامة أي نوع من التشكيلات العسكرية أو شبه العسكرية. 4-علانية مبادئ الحزب وأهدافه وأساليبه وتنظيماته ووسائل ومصادر تمويله. 5- يقدم الإخطار بتأسيس الحزب كتابة مصحوبا بتوقيع خمسة آلاف عضو من أعضائه المؤسسين من عشر محافظات على الأقل إلى لجنة الأحزاب السياسية التي سيرأسها رئيس محكمة النقض وعضوية نائبين لرئيس محكمة النقض ورئيسين بمحاكم الاستئناف يختارهم مجلس القضاء الأعلى ونائبين لرئيس مجلس الدولة يختارهما المجلس الخاص. (في السابق كان رئيس مجلس الشورى وهو شخصية بارزة في الحزب الحاكم يتولى رئاسة لجنة الأحزاب). ويتمتع الحزب بالشخصية الاعتبارية الخاصة ويمارس نشاطه السياسي اعتبارا من اليوم التالي لمرور ثلاثين يوما على إخطار لجنة شئون الأحزاب دون اعتراضها. 6- لا يجوز للحزب قبول أى تبرع أو ميزة أو منفعة من أجنبي أو من جهة أجنبية أو دولية أو من شخص اعتباري ولو كان متمتعا بالجنسية المصرية. 7- يلتزم الحزب بأن يخطر الجهاز المركزي للمحاسبات بما تلقاه من تبرعات وبالبيانات الخاصة بالمتبرعين في نهاية كل عام.
وبهذه الشروط السابقة، أصبح الباب مفتوحا أمام تأسيس الأحزاب بالإخطار وفقا لعدة شروط بسيطة لا تحمل الكثير من التعقيدات‏. وما علي المؤسسين إلا إخطار لجنة شئون الأحزاب، وهي لجنة قضائية تقوم بفحص ودراسة إخطارات تأسيس الأحزاب طبقا لأحكام القانون‏.‏ ويري البعض أن القانون الجديد قدم تسهيلات غير مسبوقة لكن التخوف من تبسيط هذه التسهيلات ستؤدي إلي ظهور نحو مائة حزب جديد إلي جانب الأحزاب الـ(25) القائمة ومعظمها أحزاب ضعيفة ولا تستطيع المنافسة. والتخوف أن تتساقط الأحزاب الجديدة نتيجة مشكلات التمويل وعدم وجود الخبرة واللجوء لإنشاء أحزاب أسرية وغيرها. وقضية تمويل الأحزاب من الاشتراكات والتبرعات من مصريين دون خصمها من وعائهم الضريبي سينشأ عنها عجز تمويلي خاصة مع إلغاء دعم الدولة للأحزاب, وهنا ستضطر الأحزاب لقبول أموال من الخارج من تحت "التربيزة" أو تنهار أو تتصرف تصرفات غير قانونية تعرض الحياة السياسية والاجتماعية للخطر.( )
وعامة، يمكن القول أنه بعد ثورة 25 يناير بدأت الخريطة الحزبية في مصر تتغير وظهر العديد من الأحزاب الجديدة التي تسعى للتواجد في الشارع السياسي المصري بجانب ظهور قوى وأحزاب كانت متواجدة بشكل غير رسمي لعدم موافقة لجنة شئون الأحزاب عليها ومنها.( ) وقد وصل عدد الأحزاب الجديدة المعلن عن تأسيسها حتى الآن حوالي أكثر من 90 حزب سياسي تسعى إلى التسجيل الرسمي وممارسة النشاط السياسي.( )
ويمكننا تصنيف الأحزاب التي تم الإعلان عنها حتى كتابة هذه السطور إلى عدة مجموعات أساسية حسب التوجه الأساس لها، أولا: أحزاب ذات مرجعيات دينية, ثانيا: أحزاب ليبرالية، ثالثا: أحزاب يسارية. رابعا: أحزاب مختلطة التوجه. خامسا: أحزاب عمالية، فضلا عن امتدادات جديدة لأحزاب قديمة. ومن الأهمية القول لم ترى جميع الأحزاب النور حتى الآن ومازال عدد كبير منها في طور إعداد البرامج وتجميع التوكيلات (5000 توكيل) واللوائح الخاصة بها.
أولا: الأحزاب ذات مرجعية دينية
وهى تنقسم بدورها إلى أحزاب ذات مرجعية إسلامية، وأخرى ذات مرجعية مسيحية.
1- الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، بعد نجاح ثورة 25 يناير تصدر المشهد السياسي عدد كبير من الحركات والجماعات الإسلامية -وكأن المارد خرج من القمم- التي قامت بالإعلان عن نيتها أنشاء أحزاب سياسية تمارس العمل الحزبي والسياسي وفق رؤية ومرجعية إسلامية. فعلى سبيل المثال، قامت جماعة الإخوان المسلمين بتأسيس حزب "الحرية والعدالة"، هو أبرز الأحزاب الجديدة ذات المرجعية الدينية وأكبرها على الإطلاق. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فثمة محاولات أخرى جارية لتأسيس أحزاب جدية منبثقة عنها. بمعنى أكثر تحديداً سارع بعض القيادات المنشقة على جماعة الإخوان بتأسيس أربعة أحزاب هي: (النهضة، الريادة، الإصلاح والتنمية، التيار المصري). أما الطرق الصوفية، فقد أعلن 18 شيخًا من مشايخ الطرق الصوفية، على رأسهم الشيخ محمد علاء الدين ماضي أبو العزائم، شيخ الطريقة العزمية، والشيخ محمد عبد الخالق الشبراوي، شيخ الطريقة الشبراوية، عن تأسيس حزب سياسي لأول مرة تحت اسم "التسامح الاجتماعي".( )
أما التيارات السلفية المختلفة فقد أعلنت عن نشأة العديد من الأحزاب والتي وصلت حتى الآن إلى 10 أحزاب، هي (النهضة، التوحيد العربي، النور الديمقراطي، الفضيلة، مصر البناء، الاتحاد من أجل الحرية، البناء والتنمية، مصر الحرة، الإصلاح والنهضة، الأصالة). كما يوجد حزب "ضمير الأمة" ذو مرجعية إسلامية، وجميع أعضاءه ينتمون إلى التيار الوسطى لأهل السنة والجماعة، وأغلبيتهم مقيدون بنقابة المحامين ويمارسون المهنة، وبرنامجه يعتمد على الشريعة الإسلامية وتنقية القانون الجنائي من جميع المواد المخالفة للشريعة. ويمكن القول أن السلفيون ظاهرة موجودة منذ زمن طويل، قبل ثورة 23 يوليو عرفوا باسم جماعة أنصار السنة، وكانت لهم دائما علاقة بالسلفيين السعوديين. لم تكن هناك مشكلة حتى بدأ جهاز أمن الدولة يستخدمهم لتخويف الناس، فأعطاهم مساجد وتركهم يطلقون محطات تلفزيونية. وركز تيار الشباب السلفي الجديد على محاربة التصوف والأضرحة، مع بقاء مبدأ وجوب طاعة الحاكم إلا إذا كفر، وكانوا ضد دخول البرلمان يعتبرونه خطأ أو خرابا لأن التشريع فيه يقوم على غير إرادة الله. وهناك تحول مفاجئ جدا في الحركة السلفية. هل هو بسبب تخفيف الضغط عليهم، أو أنه استخدام أمنى لهم مرة أخرى لتخويف الناس. الظاهرة السلفية نمت بطريقة عجيبة، وانضمت إليها شرائح غنية ومتعلمة من المجتمع مع تمويل كبير. ولهم كتب تقول إن الديمقراطية كفر، وليس فقط حرام، وهم بحاجة إلى مراجعة هذه الكتب وتقديري أنهم سيفعلون ذلك إذا أرادوا ممارسة السياسية. وفى جميع الأحوال فهم قادمون جدد على الساحة السياسية ويحتاجون إلى تدريب وتأهيل وهذا لن يكون سهلا.( )
ومن جانبها قامت الجماعة الإسلامية بتأسيس حزب "الإسلامي‮ ‬للإصلاح والتغيير"، وهو حزب يمثل شباب الجماعة الإسلامية البالغ‮ ‬عددهم‮ ‬700‮ ‬عضو وقد أعلنوا عن الحزب بقيادة زعيمهم أحمد صبحي‮ ‬أحد القيادات الجماعة الإسلامية. ( ) وهو الحزب الذي ينوي ناجح إبراهيم تأسيسه، مؤكدين أنهم سيجتمعون للانشقاق عن ناجح إبراهيم بعدما اتهموه بأنه كان عميلاً للنظام السابق ولوزارة الداخلية طيلة العشر سنوات الماضية. ( ) كما قام المحامى ممدوح إسماعيل محامي الجماعات الإسلامية بتأسيس حزب "النهضة الإسلامي" والذي وصلت عضويته حتى الآن حسب ممدوح إسماعيل وكيل مؤسسي الحزب إلي 5 آلاف عضو، معظمهم من التيار السلفي العلمي التقليدي الذين يتبنون أفكار الدكتور ياسر بن هامي ومحمد إسماعيل المقدم والشيخ أحمد النقيب بالإسكندرية وتنحصر معظم أهداف حزب النهضة الإسلامي في تكوين مجتمع ديمقراطي والحفاظ علي القيم الأخلاقية. أيضا هناك هو حزب "الاتحاد من أجل الحرية" الذي أعلن عنه منتصر الزيات المحامي الإسلامي منذ عامين ويجمع في عضويته أكثر من 900 عضو حتى الآن. ويضاف إلى ثلة الأحزاب ذات المرجعية الدينية حزب الوسط الذي حصل علي حكم قضائي أحقيته في تأسيس الحزب، الذي يرأسه المهندس أبو العلا ماضي القيادي الإخواني المنشق مع معظم قيادات الحزب الذي تتخطي عضويته حتى الآن حسب قيادات الحزب 20 ألف عضو.
ومن الأهمية الإشارة إلى الإشكالية التي ظهرت عقب إعلان جميع التيارات الإسلامية الموجودة علي الساحة من إخوان وجماعة إسلامية وسلفية عن تأسيس أحزاب، إلا وهي تخوف البعض من سيطرة الحركات الإسلامية علي الساحة السياسية بعد الموافقة علي تأسيس هذه الأحزاب. كما تخوف البعض من أن ينقسم المجتمع إلى أحزاب دينية إسلامية وأحزاب دينية مسيحية تطالب بتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل، أو أن يكون ولاء الأحزاب الدينية إلى دول أجنبية باسم الدين مثل أحزاب تتبع حزب الله أو أحزاب تتبع حزب التحرير أو التنظيم الدولي للإخوان المسلمين أو أحزاب تنتمي إلى الجماعات الإسلامية، وكلها تستتر تحت أسماء علمانية حتى تخفي أيديولوجيتها الكونية التي تتخطي الحدود الوطنية لمصر.
2- أحزاب لهما مرجعية مسيحية, وصل عددها إلى 5 أحزاب، وهم: الأمة المصرية، وأبناء مصر، الاتحاد المصري، شباب الثورة، النهر الجديد الذي يعد أول حزب يخرج من صعيد مصر. ويقول مؤسسو حزب أبناء مصر إنه حزب قبطي ذو مرجعية مدنية. أما حزب شباب الثورة، فقد أعلنه مايكل منير، رئيس منظمة أقباط الولايات المتحدة بالتعاون مع المفكر الاقتصادي الدكتور طارق حجي عن نيتهم إنشاء الحزب، ومن المقرر أن يعلن عنه خلال الأيام القادمة.
ثانيا: الأحزاب الليبرالية، وهى الأحزاب التي تؤكد في برنامجها على المرجعية الليبرالية وتؤمن باقتصاد السوق، مثل أحزاب: "الإصلاح و التنمية – مصرنا"، و"ثوار التحرير"، "المستقبل الديمقراطي" و"الأحرار المصريين"، و"مصر الحرية"، و"المستقبل الجديد"، و"المصري الليبرالي"، و"التحالف الليبرالي"، " الحرية والتنمية"، " الإرادة المصرية"..الخ.
ثالثا: الأحزاب اليسارية، مثل حزب "التحالف الشعبي"، والحزب "الشيوعي"، و"الاشتراكي المصري". واللافت أن الصيغة التجميعية لقوى اليسار ما زالت غير جذابة لبعض القوى قبل طرح برنامج واضح، خاصة وأن أحزاباً يسارية أخرى، ما زالت في طور التأسيس، اختلفت بين يسار إصلاحي بالكامل وآخر ثوري بالكامل.
رابعا، أحزاب مختلطة تجمع بين الليبرالية واليسارية، مثل الحزب الديمقراطي الاجتماعي الذي يضم تنويعات من اليسار الإصلاحي والليبراليين المنادين باقتصاد السوق، خاصة وإن نسبة الفقر في مصر تصل إلى 40% من عدد السكان، وطبيعته في ذلك تشبه الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية في أوروبا، ما يجعله نموذجاً تحتاجه مصر في الفترة القادمة، إذ لا يمكن أن يقوم الاقتصاد وتبدأ التنمية بدون عدالة إنسانية. كما يعتبر كل من حزب "السلام الاجتماعي، والتحرير المصري، الحق المصري" من الأحزاب ذات التوجهات الليبرالية – اليسارية. أما حزب ثوار التحرير، فيعد هو الآخر حزب مختلط الهوية، فهو ليبرالي فيما يخص الشأن السياسي والاقتصادي، واشتراكي فيما يخص بناء التكافل الاجتماعي وتحقيق العدالة الاجتماعية ومكافحة الفقر وتقليل الفجوات الطبقية بين أبناء الوطن جميعا وأهمية دور الدولة، وهو حزب محافظ فيما يخص القضايا الاجتماعية ووضع الدين في الدولة، منطلق من دعم التدين الحميد ليبقى انعكاسا ايجابيا على الأخلاق في إطار مدني وليبرالي لا يحارب الدين ولا يفرط في منحه حضورا رسميا يجعل الدولة ظل الله في الأرض، بما يحد من طبائع المنافسة الديمقراطية ويعطي البعض فرصة احتكار الحديث باسم الدين.( )
خامسا: أحزاب عمالية،(*) مثل حزب العمال الديمقراطي، والذي يؤكد أنه من بين أهم النقاط التي أسهمت في تأسيس الحزب هي إغفال العديد من القوى للطابع الاجتماعي والاقتصادي للثورة، ويطالب الحزب جموع العمال بإعادة الشركات التي جرت خصخصتها بفساد أو بدور أكبر للدولة في المجال الصحي والاجتماعي، أو تطبيق الحدين الأدنى والأعلى للأجور، كما أن الحزب لا يعتبر نفسه حزباً فئوياً.( ) أما ثاني الأحزاب العمالية فهو "الحزب القومي المصري" وهو أول حزب من نوعه للطبقة العاملة المصرية ويترأسه الخبير الاستراتيجي والمساعد الأسبق لرئيس أركان حرب القوات المسلحة اللواء محمد علي بلال، الذي أعلن ترشحه لرئاسة الجمهورية.( ) كما أعلنت مجموعة من القيادات العمالية، وفى مقدمتهم القيادي العمالي البارز "عبد الرحمن خير"، عن عزمهم تأسيس حزب تحت اسم (العمال المصري) يضم في عضويته جميع أبناء الطبقة العاملة المصرية.( ( وأخيرا، تم الإعلان حزب يحمل عنوان "الريف المصري"، دعت إليه مجموعة من شباب قرية العمار الكبرى بمحافظة القليوبية. ويرتكز الحزب على فكرة اندماج كل القرى المصرية في كيان واحد يدافع عن نفسه ويتحدث باسمه داخل البرلمان، ويهدف الحزب إلى وصول الدعم للقرى والريف المصري وتحسين أوضاع أسر الريف ونشر الوعي بينهم ومحاربة الأمية المنتشرة بين جيل كبير بينهم، فضلا عن تثقيف الفلاح للنهوض بالثروة الزراعية. (للتعرف على مزيد من الأحزاب الجديدة انظر المرفق رقم 2)

ثالثا: مستقبل الأحزاب الجديدة
لم تكن هناك تعددية حزبية حقيقية في ظل النظام البائد حيث كان هناك حزب مهيمن يحتكر السلطة بصفة دائمة وإلي جواره مجموعة من الأحزاب الصغيرة التي لا يسمح لها بالنمو إلى الدرجة التي تنافسه علي الحكم. والسؤال هنا: ما هو مستقبل الحياة الحزبية في مرحلة التحول الديمقراطي؟ وهل يمكن أن تشهد مصر تطويرا حقيقيا في التعددية الحزبية يسمح لجميع الأحزاب الجدية بالتنافس الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة؟ نتناول في هذا الجزء من الدراسة نقطتين هامتين هما أولا، ما هي العوامل الأساسية التي سوف تؤثر على مستقبل الأحزاب التي ولدت من رحم الثورة خاصة وعلى الحياة الحزبية الجديدة عامة. ثانيا ملاحظات عامة على الأحزاب الجديدة.

أ. العوامل التي يتوقف عليها مستقبل الأحزاب الجديدة:
هناك عوامل أساسية تؤثر في التعددية الحزبية في أي مجتمع وهي التي تحدد مدي إمكانية نضج هذه التعددية من عدمه. وبمعنى مغاير يتوقف مستقبل الحياة الحزبية في مصر على مجموعة من الأطر والعوامل منها ما يلي:
1- الإطار الدستوري والقانوني: في مقدمة هذه العوامل الإطار الدستوري والقانوني الذي تنشط الأحزاب السياسية في إطاره, حيث يتعين أن يعترف الدستور بالتعددية الحزبية وحق الأحزاب في ممارسة نشاطها دون أي قيود أو شرط, كما يعترف بحق المواطنين في اعتناق الرأي والدعوة له وحقهم في التنظيم والتظاهر ودعوة الآخرين إلي الانضمام لأحزابهم, كما يوفر الشروط المجتمعية لممارسة عمل سياسي جماهيري متحرر من القيود, ويشترط ألا تصادر القوانين هذه الحقوق وأن تنظم فقط حق ممارستها وخاصة قوانين الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات.
2- طبيعة السلطة القائمة، من العوامل المؤثرة أيضا في الحياة الحزبية طبيعة السلطة القائمة وهل هي سلطة ديمقراطية تولت الحكم من خلال وسائل ديمقراطية أم أنها سلطة استبدادية كما كانت الحال في مصر قبل2011.
3- طبيعة العلاقة بين الأحزاب القائمة، فإذا كانت هذه العلاقة تعاونية فسوف تساعد على نضج التجربة الحزبية الجديدة، والعكس صحيح إذا حدث تناحر وتنافس بين الأحزاب الجديدة فسوف تنال الصراعات بينها على الكثير من وقتها التي من المفترض توجيه إلى الجماهير. وقد ظهرت بواد هذه الاتهامات المتبادلة بين حزبي الحرية والعدالة وبين المصريين الأحرار حيث شن الدكتور محمد مرسى رئيس حزب الحرية والعدالة هجوما عنيفا على المصريين الأحرار بقيادة نجيب ساويرس الذي رئيس حزب المصريين الأحرار.( ) ومن جانبها شنت قيادات حزب المصريين الأحرار هجوما عنيفا على حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين، واتهمته - خلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته بمناسبة موافقة لجنة شؤون الأحزاب على تأسيس الحزب- بالتدليس وممارسة "المسخرة السياسية"، داعية جميع القوى الثورية إلى إسقاط الإخوان. وذلك بعد أن وصف الدكتور محمد مرسى رئيس حزب الحرية والعدالة للمطالبين بالدستور أولا وتأجيل الانتخابات، بأنهم عملاء للصهاينة والأمريكان.( )
4- مدى توافر المقومات الأساسية للأحزاب الجديدة، ويدخل أيضا في دائرة العوامل المؤثرة في التعددية الحزبية سلبا وإيجابا مدي توافر المقومات الأساسية لأي حزب والتي لا يمكن بدونها اعتباره حزبا حقيقيا مثل البرنامج السياسي والكادر السياسي وشبكة العلاقات الجماهيرية والانتشار الجغرافي بما يؤكد أنه يعبر بالفعل عن قوي اجتماعية محددة في المجتمع. أيضا تعتبر القدرات المالية والمقرات الحزبية من المقومات الأساسية المطلوبة لأي حزب. فهناك العديد من الأحزاب لن تستطع أن ترى النور بسبب قلة الموارد المالية المطلوبة لعمل التوكيلات أو توفير المقرات الحزبية. ويضاف إلى ما سبق البنية التنظيمية، فأغلب الأحزاب الجديدة لا يمتلك بنية تنظيمية مؤسسية واضحة، فلا يوجد لها تمثيل في المحافظات أو مقار بها، ولا تستطيع أن تقدم مرشحين عنها في أغلب الدوائر
5-التماسك والالتزام الحزبي، وهى من أهم العوامل التي يتوقف عليها مستقبل الأحزاب الجديدة. فالانشقاقات والانقسامات أحد السمات الحزبية المصرية، فأحد الملامح الرئيسية للأحزاب المصرية أنه ليس لها خريطة مستقرة، وإنما على الدوام تجد إضافات لتلك الخريطة بقيام أحزاب جديدة تشمل في الأغلب أعضاء وقيادات انشقوا على أحزابهم الأصلية. وتقريبا، عرفت أغلب الأحزاب المصرية ظاهرة الانشقاق، بما فيها الأحزاب الكبيرة نسبيا كأحزاب الوفد والناصري، والأحزاب الصغيرة كحزب مصر الفتاة، وحزب العدالة الاجتماعية، وحزب الخضر، وحزب مصر.. الخ، وأيضا الأحزاب الجديدة كحزب الغد وحزب الجبهة الديمقراطية. ومن الأحزاب الجديدة، شهد حزب الوسط حركة واسعة من الاستقالات فعلى سبيل المثال تقدم 15 عضوا بحزب الوسط باستقالة جماعية، من أمانات الفيوم والدقهلية ودمياط، إلى رئيس الحزب من بينهم أعضاء وحملة دعم الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، المرشح المحتمل للرئاسة، اعتراضا على ما سموه ممارسات تفتقر إلى أدنى قواعد العمل الحزبي المؤسسي، تتسم بالفردية وتغليب الهوى والمصلحة الشخصية على الالتزام بمبادئ الحزب، متهمين قيادات الوسط بالدفع بأبنائهم وأقاربهم ومقربين منهم إلى صدارة المشهد داخل الحزب من أمانات عليا أو لجانه. واتهموا قيادات الحزب بالظهور الإعلامي المتكرر والحديث بآراء شخصية ونسبها إلى الحزب، وأنهم يعملون بمبدأ السمع والطاعة – أي ما يشبه جماعة الإخوان – ويخالفون فصل "الدعوى" عن "السياسة"، وأن قيادات الوسط دفعت بمرشح لرئاسة الجمهورية، هو بالأساس رجل دعوة، وتاريخه السياسي صفحة بيضاء، والأكثر من ذلك أنه استهل حملته الدعائية بوصف خصومه السياسيين بأنهم "شياطين الإنس.( ) كما شهد حزب الحرية والعدالة استقالة بعض قياداته في محافظات مختلفة للإبقاء على مكانتهم في القيادية الإدارية بالجماعة.( ) مما يدلل على أن الأفضلية للجماعة وليس الحزب. كما تم فصل 5 من القيادات الشبابية، بعد إعلانهم عن تأسيس حزب التيار المصري بالمخالفة لقرار الجماعة عدم الانضمام لأي حزب بخلاف حزب الحرية والعدالة.( )
6- الديمقراطية الداخلية (آلية إدارة الصراع الداخلي في الحزب): تتسم أغلب الأحزاب الجديدة بغياب أو تراجع الممارسة الديمقراطية الداخلية فيها، على نحو ما يتضح من طريقة صنع القرار الداخلي بها، ومن ثم تعاني من ضعف المصداقية في أبرز المطالبات السياسية التي تطرحها على النظام السياسي، وهي المطالبة بمزيد من الديمقراطية. ولا شك في أن الأحزاب كمؤسسات للتنشئة السياسية وإعداد الكوادر و"حكومات ظل" لا يمكن أن تقوم بدورها أو تمارس نشاطها بحيوية من دون التدريب على صناعة القرار بشكل ديمقراطي. وتُقاس الديمقراطية داخل الأحزاب بعدد من المؤشرات، منها: البناء التنظيمي، وعملية صنع القرار الحزبي، ودوران النخبة الحزبية، وإدارة الصراع داخلها.
7 - مدى قدرة الأحزاب الجديدة والقديمة على التواصل مع الجماهير والتمايز في البرامج، فأحزاب المعارضة الرئيسية مثل الوفد والتجمع والناصري والغد والجبهة الديمقراطية والتي كانت محاصرة في ظل العهد البائد وكانت محرومة من التواصل مع الجماهير من خلال وسائل الإعلام ويتم التضييق عليها في العمل السياسي الجماهيري فكانت عضويتها محدودة ونفوذها السياسي ضعيفا. وهذه الأحزاب تواجه الآن تحديا كبيرا يتمثل في مدى قدرتها علي كسب عضوية جديدة وخاصة من الشباب الذين جذبتهم الثورة إلي ساحة العمل السياسي ويتجاوز عددهم عشرين مليون مواطن, يمكن خلال كسبهم لعضوية هذه الأحزاب وزيادة نفوذها في المجتمع وتوسيع نشاطها ليشمل كل أنحاء مصر, ويتطلب مواجهة هذا التحدي أن تغير هذه الأحزاب خطابها السياسي ليطرح حلولا حقيقية لمشاكل المجتمع المصري. أما الأحزاب القديمة الهامشية والتي لا تملك رؤية سياسية متكاملة ولا تعبر عن قوي اجتماعية محددة ولا يتوافر لها العدد الكافي من الكوادر السياسية ولا تزيد علي كونها تعبيرا عن شلة أو عائلة فإنه لا مستقبل لها خاصة بعد أن تم إلغاء الدعم الحكومي لها مما يجعلها غير قادرة علي مواصلة النشاط بإمكاناتها الذاتية.
وعموما، يمكننا القول إن المرحلة الانتقالية في مصر ستشهد تطورا إيجابيا لتوافر العوامل المشجعة علي نضج التعددية الحزبية وزيادة عدد الأحزاب القادرة علي المنافسة علي تداول السلطة, وإن كان هذا التطور لا يسير بشكل كاف نحو ما نرجوه من تطور ديمقراطي.( )

ب) ملاحظات عامة على تشكيل الأحزاب الوليد:
هناك العديد من الملاحظات على تشكيل الأحزاب الوليد من بينها ما يلي:
1- نخبوية التأسيس، مازالت الأحزاب الجديدة نخبوية في عملها وإدارتها ولم تستطيع الوصول إلى رجل الشارع العادي، على رغم من جمع بعضها 5000 توقيع المطلوبين للحصول على الترخيص. لذا نستطيع أن نطلق عليها لفظ "أحزاب الميدان‏"‏ مؤسسوها إما من ثوار التحرير‏,‏ أو من الذين عزفوا عن المشاركة السياسية طيلة السنوات الماضية‏,‏ وإلي جانب هؤلاء وهؤلاء آخرون شجعتهم الثورة علي خوض التجربة الحزبية والعمل السياسي.( )
2- أحزاب شعارات، فمن الملاحظ أن جميع الأحزاب جعلت من أربع أو خمسة مصطلحات سياسية مسميات لها مثل: "الديمقراطية والعدل والحرية والتنمية". مما يدل على أن الأحزاب جعلت من شعارات ثورة 25 يناير مسميات لها دون الاهتمام بالمضمون أو البرامج .
3- التشابه الكبير في البرامج والأسماء، جاءت معظم الأحزاب الجديدة متشابهة في مفردات أسمائها ( الشباب, الثورة، الحرية, العدالة, التحرير، الحديثة، النهضة..الخ). كما أن هذا التشابه انصرف أيضا إلى البرامج الخاصة بها، وباستثناء حالات الاختلاف الأيديولوجي الواضحة في قليل من الأحزاب، فإن أغلبها تتبنى برامج متشابهة في خطوطها العامة. وبتحليل برامج وأهداف وشعارات الأحزاب الجديدة يصعب التمييز بينها، فجميعها تتفق على مجموعة من القواسم المشتركة، والاختلاف يكون في تفاصيل جزئية أو سياسات فرعية، ففيما عدا بعض الأحزاب مثل: (الحرية والعدالة، العدل، المصريين الأحرار، الديمقراطي الاجتماعي) التي تملك برامج واضحة، فإن باقي الأحزاب لا يوجد لديها الوضوح في معنى البرنامج، ولا تميز بين البرنامج والشعار أو السياسات التفصيلية لها أو التي سوف تتبناها في المستقبل. ونجد أن الأحزاب اليسارية القريبة من الفكر الماركسي مثل حزب التحالف الشعبي تلتقي مع الأحزاب الليبرالية مثل العدل والمصريين الأحرار، وكذلك مع أحزاب الوسط والحرية والعدالة والأحزاب ذات التوجهات الإسلامية، في أسس واحد أهمها: احترام الدين الإسلامي كمصدر للقيم والأحكام، والدعوة إلى العدالة الاجتماعية، والتعددية والديمقراطية، والإصلاح الاقتصادي، وحقوق الإنسان.
4- التسرع في اغتنام مكاسب الثورة، تحاول جميع الأحزاب –الجديدة والقديمة على حد سواء- اغتنام الفرصة لركوب الثورة التي شارك فيها جميع أطياف المصريين، وهذا مبرر ومفهوم بالنسبة للأحزاب الجديدة أما الأحزاب القديمة التي رفضت منذ البداية المشاركة في تظاهرات 25 يناير فهذا غير مبرر وليس من حقها. ففي الوقت الذي لا تزال ملامح أحزاب الميدان تتشكل فيه, تقف علي الجانب الآخر أحزاب قديمة وجماعات عنيفة تسعي لاقتناص نتائج الثورة مستغلة في ذلك إمكاناتها المادية والتنظيمية. وإذا كان القضاء المصري العادل قد أنهي حياة الحزب الوطني بالحل, وقضي علي مستقبل زعمائه بالسجن, فإن بقية الأحزاب والجماعات القديمة ـ معارضة ومحظورة وموالاة ـ مازالت علي قيد الحياة, برغم دورها المخزي في إعطاء الشرعية لنظام الحكم السابق. وهي أيضا ستظل, بإمكاناتها المادية وقدراتها التنظيمية, شوكة في حلق التطور السياسي المصري, ما لم تشهد ثورات داخلية تقضي علي الوجوه القديمة, وتدفع بشبابها إلى الصفوف الأمامية. والصورة, كما يبدو من تفاصيلها, تؤكد على أن الأحزاب الجديدة تحتاج إلى ائتلافات فيما بينها, فتقل أعدادها وتزيد قوتها, أما أحزاب الوفد والتجمع وجماعة الإخوان والتي يبدو أنها لم تستوعب الدرس الثوري فتحتاج إلى قيادات ثائرة من بين صفوفها, لتؤكد وجودها في المرحلة الجديدة. أما أحزاب الديكور القديمة والصغيرة, فأزمتها مستمرة قبل وبعد الثورة, خاصة بعد إلغاء الدعم الحكومي للأحزاب في القانون الجديد, ولذا فقد يكون مناسبا أن تفكك قواعدها, إن كانت لها قواعد, قبل أن تتحلل بفعل مواقفها المهينة خلال سنوات ما قبل الثورة. وبمعنى أكثر تحديد أن سقوط الحزب الوطني سوف يستتبعه حتما سقوط الأحزاب الأخرى الموصوفة بالورقية أو الكرتونية, أو تلك التي كانت تعيش علي معونة المائة ألف جنيه الممولة من خزينة الحكومة, إذ لم تعد لها مقومات الوجود والحياة, بمعني أن أصبح موتها حتما مقضيا.( )
5- التكاليف المالية والدعم المطلوب من الدولة، مازالت التكاليف المالية المطلوبة للإعلان عن الأحزاب أو اللازمة لعمل التوكيلات تمثل شوكة في حلقوم الأحزاب الجديدة وربما ستكون العائق الوحيد أمام ظهور بعضها إلى النور. ومن جانبها طالب ائتلاف شباب الثورة المجلس الأعلى للقوات المسلحة في تخفيض أسعار الإعلانات الحزبية بالصحف, وتخفيض تكاليف التوكيلات في الشهر العقاري والتي تراوحت بين خمسة عشر جنيها وأربعين جنيها للفرد مما يزيد من الأعباء المالية لتأسيس الأحزاب وإنني أتساءل: ما هو الهدف من إضاعة الوقت دون الإلحاح علي مطالبهم قبل فتح الباب لتلقي طلبات التأسيس وكيف يمكن حل هذه المشكلة بعد أن أصبحت من القواعد والمواد التي تضمنها قانون الأحزاب الجديد, ولماذا لم تستعد الأحزاب الجديدة لهذا اليوم المهم, ولماذا تتقاعس لجنة شئون الأحزاب عن إبداء المرونة وا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» التحول الديمقراطي والقطع مع الديكتاتورية
» ثورة المعلوماتية وأثرها على التحول الديمقراطي العربي
» دور المجتمع المدني في التحول الديمقراطي التجربة الفلسطينية من النجاح إلى محاولة الإفشال
» البطالـــة في الوطن العربي ... أسباب و تحديات
» المجتمع المدني و التحول الديموقراطي في الوطن العربي-. للحبيب الجنحاني

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية :: مكتبة العلوم الانسانية والاجتماعية :: منتدي نشر الابحاث والدراسات-
انتقل الى: