المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
اهلا بكم في المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
اهلا بكم في المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية

علم الاجتماع- العلوم الاجتماعية- دراسات علم الاجتماع
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
Like/Tweet/+1
المواضيع الأخيرة
» أحمد محمد صالح : أثنوغرافيا الأنترنيت وتداعياتها الإجتماعية والثقافية والسياسية
التّحديّات التي تواجه الأسرة العربية من واقع تأثير وسائل الإعلام على أفرادها Emptyالخميس أبريل 29, 2021 10:43 pm من طرف زائر

» قارة آمال - الجريمة المعلوماتية
التّحديّات التي تواجه الأسرة العربية من واقع تأثير وسائل الإعلام على أفرادها Emptyالإثنين أبريل 26, 2021 5:37 pm من طرف ikramg

» معجم مصطلحات العلوم الإجتماعية انجليزي فرنسي عربي - الناشر: مكتبة لبنان - ناشرون -سنة النشر: 1982
التّحديّات التي تواجه الأسرة العربية من واقع تأثير وسائل الإعلام على أفرادها Emptyالخميس أبريل 22, 2021 2:24 pm من طرف Djamal tabakh

» سيكلوجية_المسنين
التّحديّات التي تواجه الأسرة العربية من واقع تأثير وسائل الإعلام على أفرادها Emptyالإثنين أبريل 19, 2021 4:46 pm من طرف Mostafa4Ramadan

» ممارسة خدمة الفرد مع حالات العنف الاسرى دعبد الناصر
التّحديّات التي تواجه الأسرة العربية من واقع تأثير وسائل الإعلام على أفرادها Emptyالإثنين أبريل 19, 2021 4:45 pm من طرف Mostafa4Ramadan

» جرائم نظم المعلومات
التّحديّات التي تواجه الأسرة العربية من واقع تأثير وسائل الإعلام على أفرادها Emptyالسبت أبريل 17, 2021 3:39 pm من طرف Djamal tabakh

» دور التعلم الإلكترونى فى بناء مجتمع المعرفة العربى "دراسة استشرافية"
التّحديّات التي تواجه الأسرة العربية من واقع تأثير وسائل الإعلام على أفرادها Emptyالسبت أبريل 17, 2021 2:54 pm من طرف Djamal tabakh

» أصــــــــــــــــــــــــول التربية
التّحديّات التي تواجه الأسرة العربية من واقع تأثير وسائل الإعلام على أفرادها Emptyالسبت أبريل 17, 2021 5:02 am من طرف Djamal tabakh

» نحو علم اجتماع نقدي
التّحديّات التي تواجه الأسرة العربية من واقع تأثير وسائل الإعلام على أفرادها Emptyالإثنين أبريل 05, 2021 11:22 am من طرف ظاهر الجبوري

» د.جبرين الجبرين: الإرشاد الاجتماعي في المجتمع السعودي
التّحديّات التي تواجه الأسرة العربية من واقع تأثير وسائل الإعلام على أفرادها Emptyالأربعاء مارس 31, 2021 4:25 am من طرف nahed

سحابة الكلمات الدلالية
الجماعات العنف التغير الشباب المجتمعات في والاجتماعية التنمية التخلف محمد المرحله كتاب الاجتماعي الجوهري البحث تنمية التلاميذ الخدمة موريس الالكترونية الاجتماعية المجتمع الاجتماع اساسيات العمل الجريمة
أحمد محمد صالح : أثنوغرافيا الأنترنيت وتداعياتها الإجتماعية والثقافية والسياسية
التّحديّات التي تواجه الأسرة العربية من واقع تأثير وسائل الإعلام على أفرادها Emptyالجمعة مارس 12, 2010 11:26 am من طرف nizaro

التّحديّات التي تواجه الأسرة العربية من واقع تأثير وسائل الإعلام على أفرادها ___online

أثنوغرافيا …


تعاليق: 93
جرائم نظم المعلومات
التّحديّات التي تواجه الأسرة العربية من واقع تأثير وسائل الإعلام على أفرادها Emptyالإثنين مارس 08, 2010 10:02 am من طرف فريق الادارة
التّحديّات التي تواجه الأسرة العربية من واقع تأثير وسائل الإعلام على أفرادها ___online.pdf?rnd=0

ضع ردا …


تعاليق: 5
أصــــــــــــــــــــــــول التربية
التّحديّات التي تواجه الأسرة العربية من واقع تأثير وسائل الإعلام على أفرادها Emptyالأحد يناير 03, 2010 9:37 pm من طرف فريق الادارة

تهتم مادة (اصول التربية) بدراسة الاسس التاريخية …


تعاليق: 146
نحو علم اجتماع نقدي
التّحديّات التي تواجه الأسرة العربية من واقع تأثير وسائل الإعلام على أفرادها Emptyالسبت يوليو 24, 2010 2:02 am من طرف فريق الادارة

العياشي عنصر
نحو علم اجتماع نقدي






يعالج الكتاب …


تعاليق: 13
لأول مرة : جميع مؤلفات الدكتور محمد الجوهري - مقسمة علي ثلاث روابط مباشرة وسريعة
التّحديّات التي تواجه الأسرة العربية من واقع تأثير وسائل الإعلام على أفرادها Emptyالسبت أبريل 23, 2011 10:27 pm من طرف باحث اجتماعي
مدخل لعلم الأنسان المفاهيم الاساسية في …


تعاليق: 283
أصل الدين - فيورباخ
التّحديّات التي تواجه الأسرة العربية من واقع تأثير وسائل الإعلام على أفرادها Emptyالإثنين مارس 01, 2010 10:38 pm من طرف فريق الادارة



أصل الدين - فيورباخ

التّحديّات التي تواجه الأسرة العربية من واقع تأثير وسائل الإعلام على أفرادها …


تعاليق: 223
العنف في الحياه اليوميه في المجتمع المصري-احمد زايد
التّحديّات التي تواجه الأسرة العربية من واقع تأثير وسائل الإعلام على أفرادها Emptyالخميس يناير 14, 2010 10:27 am من طرف فريق الادارة
التّحديّات التي تواجه الأسرة العربية من واقع تأثير وسائل الإعلام على أفرادها ______-_

[hide][url=http://www.4shared.com/file/196965593/6e90e600/______-_.html]…


تعاليق: 43
مبادئ علم الاجتماع - للمؤلف طلعت ابراهيم لطفي
التّحديّات التي تواجه الأسرة العربية من واقع تأثير وسائل الإعلام على أفرادها Emptyالثلاثاء ديسمبر 22, 2009 7:25 am من طرف فريق الادارة


مبادئ علم الاجتماع


إذا أعجبك الكتاب اضغط لايك في …


تعاليق: 264
نظرة في علم الاجتماع المعاصر - د. سلوى خطيب
التّحديّات التي تواجه الأسرة العربية من واقع تأثير وسائل الإعلام على أفرادها Emptyالسبت فبراير 06, 2010 11:31 am من طرف فريق الادارة
نظرة في علم الاجتماع المعاصر
د. سلوى خطيب

رابط التحميل


تعاليق: 39
التدين الشعبي لفقراء الحضر في مصر
التّحديّات التي تواجه الأسرة العربية من واقع تأثير وسائل الإعلام على أفرادها Emptyالأربعاء مايو 26, 2010 4:14 am من طرف فريق الادارة

التدين الشعبي لفقراء الحضر في مصر

[img]…


تعاليق: 22

 

 التّحديّات التي تواجه الأسرة العربية من واقع تأثير وسائل الإعلام على أفرادها

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

التّحديّات التي تواجه الأسرة العربية من واقع تأثير وسائل الإعلام على أفرادها Empty
مُساهمةموضوع: التّحديّات التي تواجه الأسرة العربية من واقع تأثير وسائل الإعلام على أفرادها   التّحديّات التي تواجه الأسرة العربية من واقع تأثير وسائل الإعلام على أفرادها Emptyالثلاثاء مايو 28, 2013 1:48 am

التّحديّات التي تواجه الأسرة العربية من واقع تأثير وسائل الإعلام على أفرادها
د/ أحمد محمّد أحمد آدم صافي الدّين(*)
مقدّمة:
تتناول هذه الورقة العلميّة التي تدور حول التّحديات التي تواجه الأسرة العربيّة، تأثير وسائل الاتّصال على أفراد الأسرة. وتركز بالدّرجة الأولى على الطّفل والمرأة باعتبارهما مرتكزاً يشكل نسيج الأسرة في المستقبل. فالأطّفال هم الذين يشكلون عماد أفراد المجتمع في المستقبل، وأمّا المرأة فهي التي تعمل من أجل صناعة هذا الطفل. وتنبني على فكرة عدم اجتماع الضدين في مضامين الرسائل الإعلامية التي تبثها الوسائل.
ففيما يتصل بالتحديات التي تواجه الأسرة المسلمة، ليس في الامكان في موضوع موجز كهذا تغطية تلك التحديات التي تواجه الأسرة المسلمة. وحسبنا في هذه المحاولة أن نشير إلى أهم التحديات دون أن نزعم لأنفسنا الإحاطة بها، أو تقديم الحلول لها كافة، ولكنها محاولة. والواقع أن التحديات التي تواجه الأسرة المسلمة هي تحديات تواجه الفرد المسلم، والمجتمع المسلم، والأمة الإسلامية.
وهنالك تحديات ناتجة عن تخلي المسلمين عن القيام بدورهم القيادي، وحمل الرسالة الخالدة و إتباع النبي الخاتم. إن هذا التخلي موغل في القدم سبق دخول الغزاة إلى البلاد الإسلامية بقرون. إنه بدأ يوم فقد الإسلام لدى المسلمين مفهومه الشامل، و إحاطته الكاملة بكل شؤون الحياة، و نتج عن هذا ما هو معلوم من قرون الجمود والانغلاق والتخلف. فهنالك تحديات داخلية، لا بد من وضعها في الحسبان، بينما هنالك تحديات خارجية.
إنّ واقع المجتمعات العربية والإسلامية اليوم لهو في اشد الحاجة إلى التغيير والتبديل. فهذه الضرورة إلى التغيير فرضتها وقائع الحياة الجارية والماضية قدماً على غير نهج رشيد. فأخلاقيات الناس اليوم في حال من الجذر المستمر، دون المد المتقطع بسبب الغرق في الماديات والشهوات التي ابتلي بها الناس.
ولئن كان التطور التقني في ظاهره نعمة، فان في باطنه العذاب. ومن هنا فان حياة الناس ظلت في تراجع وتقهقر مستمر. وكل يوم تشرق فيه الشمس تزداد فيه الأحوال سوء والنفوس اضطراباً.
أن الأفراد والمجتمعات تعيش هي الأخرى في صراع مستمر . فقد حصدت الحروب الكثير من البشر وما تزال تحصد صباح مساء. ولعل القضية تتصل بقيم الناس، وفساد فطرتهم ونظرتهم إلى من دونهم من غير اعتماد على قيم سماوية عليا تقوم المعوج وتهدي الحيران إلى الطريق السليم.
فالتقنيات التي توصلت إليها عبقرية الإنسان بدلا من أن تسهم في رفاهيته وسعادته شكلت هي الأخرى عامل هدم، وتزيد حياة الناس سوء على سوء. ويعتقد الإنسان أن الحصول على المادة بطريقة مشروعة أو غير مشروعة يحقق له السعادة، ولكن الحقيقة هي أن الحصول على المادة لا يغني عن البحث عن السعادة. وتلك نتيجة توصل إليها الباحثون في مختلف الحقب.
وقد شكلت وسائل الإعلام أدوات تتفاوت أدوارها ما بين الهدم والبناء. فتارة يستخدمها الأعداء في فتّ عضد الأمة، والأمة المسلمة ساهية لاهية لا تدري ما يدبر لها بليل بسبب شق الصف بين بنيها. ويظل الصراع بين تيارات المجتمع العربي والإسلامي من جهة، وبين غيره من التيارات المعادية تشتعل ناره ويزداد أواره يوماً بعد يوم.
ففي خضم الأصوات المنادية بعمل المرأة وتحررها ، فإنّ هنالك أصوات غربية منصفة وعقلانية تشير إلى انه يجب أن تعاد للمرأة وظيفتها الطبيعية التي لا تشتمل على الحمل فقط بل أيضاً على رعاية صغارها (1). فتيار الحضارة قد جنح بالمرأة أينما جنوح. كما أنه يجب أن يكون العلم هدفه سعادة الإنسان المادية والرّوحية (2).
فبين الحين والآخر تنشر هذه الوسائل الغريب والمثير من الأخبار. وهي أحداث ربما كانت نتيجة طبيعية لتلك الجرعات التي جرى تلقيها من أفكار ومعلومات وقيم مكتسبة على المدى البعيد. فمن الأخبار الغربية هنالك فتاة تزوجت من كـلـبها، وهي قصة حقيقية ترفض صاحبتها الزواج من الرجال لتتزوج . كما نشرت وسائل الإعلام خبرا آخر حول كاهنان مثليا الجنس يعقدان قرانهما بأكبر كنسية في لندن. وهنالك جهات عملت وأخرى تعمل على سن تشريعات لزواج الشواذ، علاوة على تعيين الشواذ جنسياً كرهبان. والأمر يتطلب البحث عن الاستقامة، كما يتطلب أطلاق برنامج لمكافحة العري والإباحية التي تروج لها بعض الوسائل.
وتستخدم الورقة المنهج الوصفي في تناول القضية ، وهي ترتكز على سؤال جوهريّ هو: ما السّبل الكفيلة لتجاوز مخاطر وسلبيّات وسائل الاتصال على مجمل أفراد الأسرة العربيّة والمسلمة النّاجمة عن التّدفق الإعلاميّ في ظل العولمة الإعلاميّة؟
وتهدف هذه الورقة إلى تحقيق هدفين: الأول هو محاولة التشخيص لبعض المشكلات والظواهر التي تعاني منها الأسرة بسبب مضامين الرسائل الإعلامية . والثاني هو تقديم رؤية للحل تتسم بالموضوعية والواقعية لتجنيب الأسرة العربية تلك المشكلات التي تواجهها من جراء تعاملها أفرادها مع وسائل الاتصال منطلقة من رؤية محورية مستمدة من التراث الاسلاميّ.
وتناقش الورقة قضيّة اثر الانفتاح الإعلاميّ على نسيج الأسرة في محاولة لإيجاد السّبل الكفيلة لحمايتها من السلبيّات والمخاطر التي تتعرض لها. كما تتعرض لأثر الإعلام الدولي الذي يستهدف كلّ من المرأة والطفل بالدرجة الأولى للسيطرة على الأسرة وتوجيهها.
ولا يخفى على كلّ ذو فطنة، أنّ لوسائل الأعلام اليوم تأثير كبير على قيم الأسرة. والأسرة العربيّة -كما هو معلوم- تعيش في مهب ريح عاتية بسبب التّطورات في مختلف جوانب الحياة. فالانفتاح الإعلاميّ له تأثيره على نسيج العلاقات الأسريّة، والأسرة يتحتم عليها حماية أفرادها من سلبيّات ومخاطر الانفتاح الإعلاميّ، وللعولمة الإعلاميّة أثر كبيرة على أفراد هذه الأسرة: الرّجل والمرأة والطفل وغيرهم.
فمن التحديات التي تواجه الأسرة هي إنّ الإعلام يصور المرأة العربية على أنها مجرد أنثى أكثر من كونها إنساناً، وأنها تهتم ببدنها وبوسائل الإغراء. وتلك هي صورة سلبية تجاه المرأة العربيّة في الدّراما التّلفزيونية ، حيث تستغل المرأة كجاذب إعلانيّ.
والأسرة مطالبة ببذل أقصى الجهد في توجيه أبنائها التّوجيه السّليم في التّعامل مع التّدفق الإعلاميّ المتزايد الهادف إلى مسخ الهويّة، وخلق نوع من التّبعية العمياء للآخرين، في ظلّ صراع الحضارات والثّقافات. وهنالك تيارات متصارعة بعضها يسعى لجر المرأة نحو التّحرّر والانفلات من قيم السّماء، بينما الآخر يمسك بتلابيبها من أن تنطلق نحو آفاق أرحب لتظل في تحجر فكريّ وثقافيّ.
كما لا يخفى أنّ الشّباب والصّغار اليوم على حد سواء، مولعون بالتّعامل مع الشّاشات والشّبكات والألعاب الالكترونيّة، وهي سلاح ذو حدين يتوجب على المجتمع الاستفادة من إيجابيّاتها وتلافي السلبيّات، من خلال ترشيد التّعامل مع هذه الوسائل، وإيجاد البديل. إنّ الألعاب الالكترونية التي تشمل ال(play station) والجي يو سي(guc) وال"بي سي بي وغيرها تغري الطفل أيما إغراء للاستغراق فيما يقدم فيها. وتعد هذه الألعاب الالكترونيّة سلاح ذو حدين، حيث تسهم في عزلة الطّفل عن محيطه الأسريّ والعائليّ ، وتقلّص علاقاته بمن حوله، وتنزع بالطّفل نحو العنف، كما أن لها مخاطر صحيّة على الأطفال تتصل بالجلوس الطّويل إمام الشّاشة، والتعرض للأشعة المنبعثة من الشّاشة وغير ذلك. ومن مخاطرها أيضاً إدمان الألعاب، والإسراف في التّعامل مع الرّمز الذي يشكل دوراً كبيراً في مضامينها.
وهنالك ضرورة لتفعيل ضوابط استخدام هذه الألعاب، وتقديم البديل للأطفال من خلال واقعهم، وبما يتماشى مع القيم السائدة. والأمر يحتاج إلى بعض الحلول التي ينبغي تبنيها منها: تعريب ألعاب الفيديو، وتقديم شخصيّات من البيئة، وتقصير فترة الجلوس أمام الشّاشة، والتّوعية بمضار الألعاب.
وعليه، فان التّحصين هو الحلّ الأمثل، باعتبار أن الرّقابة على الطّفل ربما لن تكون ذات جدوى كبيرة ، إن استطاعت الأسرة ووجدت السّبيل إليها، لمواجهة تيار الغزو الفكريّ ومقاومة موجة التّغريب عبر وسائل الاتصال، حتى لا تتعرض الأسرة لمسخ الهويّة، كخطوة لمسخ هوية الأمّة وتغريبها وضياعها.
إنّ الأطفال وغيرهم من الناس يتفاوتون من حيث قواهم العلميّة والعمليّة، وكلّ مرض يصيب الإنسان من غيره، ويناله من ظاهره قريب شفاؤه، ويسير إزالته، فإذا نبع الذل من النفس، وانبثق من القلب فهو الدّاء الدّوي، والموت الخفي. ومن هنا فان تنشئة الأطفال على القيم والمثل العليا أمر ضروري. فسلوك الإنسان وسيره نحو غاياته يتطلب همَّة تسيِّره وترقِّيه، وعلم يبصِّره ويهديه.
وفي سبيل مناقشة الرؤى التي تناولتها الورقة، فقد جرى تقسيمها الى ثلاثة مباحث أولها حول الأسرة ودورها الاجتماعيّ، والثاني يدور حول: وسائل الاتصال والإعلام وتحديّاتها، بينما يركز الثالث على تشخيص المشكلات وعلاجها، كما تتضمن خاتمة تضمنت ثلاثة مبادئ كرؤية في سبيل إيجاد حلول لتلك التحديات.

المبحث الأوّل-الأسرة ودورها الاجتماعيّ
الأسرة لغة: الدِّرع الحصين، وأهل والرّجل وعشيرته، والجماعة التي يربطها أمر مشترك. والجمع أسر (3). والأسرة اصطلاحاً هي: تلك الوحدة الناتجة من عقد يفيد ملك المتعة مقدراً ، أي يراد به استمتاع كلّ من الزّوجين بالآخر على الوجه المشروع، ويجعل لكلّ منهما حقوقاً وواجبات على الأخر(4).
كما تعرف على أنها المجموعة الصغيرة والمكونة من الزوجين والأبناء، أساس هذه الأسرة الزوجان المكونان من رجل وامرأة، وهما اللذان يقومان بالدور الأساس والفعال في التكوين والتنظيم والرقابة من البداية إلى النهاية(5).
وهي أصغر وحدة في النّظام الاجتماعيّ، ويختلف حجمها باختلاف النّظم الاقتصاديّة. وهي الخليّة الأولى في المجتمع، وأساس تكوينها هو الزّواج الذي هو ضرورة اجتماعيّة.
والأسرة في العرف الإسلاميّ على خلاف تلك المفاهيم السائدة في المجتمعات الغربية التي تبيح زواج المثلين، رجل ورجل، أو امرأة بامرأة، فتلك قضية تأباها الفطرة السليمة، دعك عن القيم الأخلاقية التي تعارف عليها الناس ذات المصدر السماوي. فان الفطر التي تنجست وشاهت بفعل الإنسان هي وراء هذا الزيغ وذلك الفسوق الذي يصيب الإنسان اليوم، ويقوده إلى حياة الضنك والمشقة والمشكلات بلا حصر.
والأسرة في عرف علم الاجتماع هي رابطة اجتماعيّة تتكون من زوج وزوجة وأطفالهما، وتشمل الجدود والأحفاد، وبعض الأقارب على أن يكونوا مشتركين في معيشة واحدة.
وتؤدي الأسرة العديد من الوظائف من ذلك: إنتاج الأطفال وتوفير البيئة الصّالحة لتنشئتهم. وإعداد الأطفال للمشاركة في حياة المجتمع والتّعرف على قيمه وعاداته. ومدهم بالوسائل التي ينتهي لهم بتكوين ذواتهم داخل المجتمع. وتوفير الأمن والاستقرار، والتّربية الخلقيّة والوجدانيّة والدّينيّة في جميع مراحل الطّفولة.
وللرجل وقوامته في الأسرة تأثير كبير على الاستقامة وتحقيق الأسرة كخلية لأهدافها. ولكن واقع اليوم يشير إلى أنّ الرّجل جار يلهث ليل نهار من أجل توفير لقمة العيش لأفراد أسرته، وبالتالي تخلى عن دوره السابق. الرّجولة وصف اتفق العقلاء على مدحه والثناء عليه، ويكفي أن تصف إنسانا بالرجولة، أو أن تنفيها عنه لتبلغ الغاية في الذمّ. ومع أنك ترى العجب من أخلاق الناس وطباعهم، وترى مالا يخطر لك على بال، لكنك لا ترى أبداً من يرضى بأن تنفى عنه الرجولة. ورغم اتفاق جميع الخلق على مكانة الرجولة إلا أن المسافة بين واقع الناس وبين الرجولة ليست مسافة قريبة، فالبون بين الواقع والدعوى شاسع، وواقع الناس يكذب ادعاءهم. وفي عصر الحضارة والمدنية المعاصرة، عصر غزو الفضاء وحرب النجوم، عصر التقنية والاتصال، ارتقى الناس في عالم المادة، لكنهم انحطوا في عالم الأخلاق والقيم، صعدوا إلى الفضاء وأقدامهم في الوحل والحضيض، تطلعوا إلى الإنجاز المادي وهممهم حول شهواتهم وأهوائهم .
وللأسرة مقاصد عديدة رمى الإسلام إلى تحقيقها من خلال البناء الأسري. ومن بين هذه المقاصد:
أ‌. تنظيم الطاقة الجنسية وتهذيب الميول والغرائز.
ب‌. التناسل وتحقيق نعمة الذرية.كما في قوله تعالى:"وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء" (6).
ت‌. حفظ الأنساب، وهو الأساس في التناسل الأسريّ.
ث‌. سلامة المجتمع من الانحلال الخلقي.
ج‌. سيادة مكارم الأخلاق.
ح‌. التدريب على تحمل المسئولية.
خ‌. تجسيد معاني التكافل الاجتماعي وروح التعاون.
د‌. تربية الأجيال الجديدة (7).
وقد شهد العصر الحاضر تخلي الأسرة عن دورها جزئيّاً وكلّيّاً في أداء وظائفها، في حين أن أعضاء الأسرة كانوا يقومون بهذا الدّور التّربويّ. فدخول المرأة إلى سوق العمل، ألقى بتبعة وظيفتها على المربيّات والخدم ووسائل الاتّصال والمدرسة والمؤسسات الأخرى كبديل. ومهما يكن من أمر، فإنّ الدّور الأصيل الذي تقوم به الأسرة لا يمكن أن يقوم به هذا البديل(8).
وفي واقع الأمر، فان هنالك الكثير من المهددات التي تواجه الأسرة كلبنة في سبيل بناء المجتمع، في ظل عالم اليوم. والإسلام قد وضع من الضوابط ما هو كفيل بالحفاظ على النسيج الاجتماعي من خلال الأسرة كنواة، ومن بين هذه المهددات:
أ. مجموعة مهددات العلاقة الزّوجية.
ب. مجموعة مهددات الأمومة النسل.
ت. المهددات العالمية للأسرة من خلال المؤتمرات الدولية التي تواجه المرأة المسلمة من منطلقات متباينة منها المنطلق الاجتماعي، المنطلق الاقتصادي، والمنطلق السياسي، ومنطلق إضعاف الدور الحضاري الإسلامي العالمي للمرأة (9).
والأسرة هي الأخرى تواجه العديد من المشكلات في دورها التربوي تتصل هذه المهددات بتربية الطفل جسمياً وعقلياً خلقياً، كما تتصل بالتربية النفسية والاجتماعية، والتربية الجنسية في مرحلة المراهقة . وعليه، فان المنظمات العربية مطالبة بالوعي بأهميّة ايلاء الأسرة لدورها عناية فائقة من اجل تحقيق المقاصد السّامية في هذا المجال وتفويت الفرصة على الأعداء الذين يتربصون الدوائر.
إنّ الحديث عن علاقة الطّفل بوسائل الاتّصال، يتصل بقضيّة تربوية من الدّرجة الأولى. وتستطيع الأسرة الميسورة الحال أن تجلب لأطفالها أفضل المربيّات، ولكنّها تظل عاجزة عن توفير قلب أم رؤوم، ذلك القلب الذي يحتوي على جرعة ضرورية من الحنان. ومن هنا ندرك أن الاعتماد على تربية الطّفل من غير طرفي الاسرة(الأب والأم) له تأثير سالب على تنشئة الطّفل تنشئة سوية، وعلى علاقته بوالديه. فالمربية هي مجرد خادم تعمل نظير أجر تناله، بخلاف الأم التي حباها الله بمزايا.
كما تحتاج الأسرة العربيّة والمسلمة إلى تأطير علاقتها بما حولها، وتشمل ذلك علاقتها بالمجتمع كله، وبالأسر الأخرى، وبالحياة الدنيا بما تنطوي عليه من مشكلات وتحديات تنعكس من خلال وسائل الاعلام والاتصال. والأسرة تحتاج بصورة ماسة إلى استخدام العقل والحكمة والتّوازن في التّعامل الكيس مع الآخر.فالشّر كلّ الشّر في التّضييق والإطلاق.
وممّا يشار إليه فيما يختص بتأثير واقع بعض المجتمعات على أخلاقيات الأسرة، ففي مملكة البحرين أظهرت بعض الإحصائيّات ان70% من القوى العاملة في الوزارات ومؤسسات الدّولة من النّساء، بينما يتعرض الرّجال للبطالة والتي دفعت بهم إلى اللّجوء للخمر والمخدرات (10).
فالسنن تشير إلى إنّ الشّعوب والأمم تمر عبر مسيرتها بمراحل ترتقي فيها نحو العافية وتتدهور وتمرض، بل قد تصل لمرحلة الموت. فالمرحلة الأولى هي الدّوران في فلك الأفكار. والثّانية الّدوران في فلك الأشخاص، والثّالثة هي الدّوران في فلك الأشياء.
ومن بين التحديات التي تواجه الأسرة والتي تستعصي على الحصر بسبب تأثير وسائل الإعلام مشكلة العنوسة بين الشباب من الجنسين. إذ أن وسائل الاعلام تؤدي دوراً سالباً في تناول بعض المشكلات من خلال الدراما والمسلسلات والتمثيليات التي تنقل صورة ذهنية سالبة عن الرجل المقهور، والمرأة المتسلطة، الفتاة التي تترفع عن الزواج اعتماداً على مكانتها ووظيفتها. وعلى الرغم من ذلك فان وسائل الإعلام والاتصال يمكن ان تلعب دوراً كبيراً وايجابياً في التخفيف من وطأة هذه المشكلات التي تواجه المجتمعات، فيما يتم عرضه من مضامين ورسائل.
فمما لا شك فيه، هو إنّ حق المرأة في الأمومة والأنوثة هو حق فطري وأصيل لا نزاع حوله، ولكن هذا الحق تارة يجئ الإفراط فيه وتارة أخرى يتعرض للتفريط. وهو ليس ذلك الحق إلي يدخلها في الرجولة المدعاة، ولاحق السباق إلى ميادين الصراع بينها وبين الرّجل.
إنّ المعنيّين بقضية العنوسة هم الشّباب الذكور والفتيات والأسرة والمجتمع. فللعنوسة آثار بالغة الخطورة في عالم اليوم على الفرد والأسرة والمجتمع. ومن ثمارها المرّة الانحراف وقضاء الشهوة بطرق غير شرعية، الأمر الذي ينتج عنه مضار أخلاقية وصحيّة واجتماعيّة، وحسبنا أن نشير إلى الأعداد الكبيرة من مجهولي الأبوين في الكثير من البلاد العربيّة والإسلاميّة. فحصانة المجتمع والمحافظة على قيمه وأخلاقياته، لا بد من الاستناد إلى قيم وأخلاقيات ومثل عليا تدعمها القيم السماوية.
وقد شكلت العنوسة ظاهرة في البلاد العربيّة حتى وصفت بعض البلاد العربية بانها بلد التسع ملايين عانس منذ سنوات عدة، ولهذه القضية أسباب ودوافع ساهمت في تفاقمها، فظلت أرقام العوانس تزداد عاماً بعد عام. وتلعب المفاهيم المستوردة التي تقف وراءها بعض وسائل الإعلام دوراً كبيراً في هذا الأمر. فالطلب على التعليم العالي على الرغم من كونه مشروعاً، إلا انه احد ابرز أسباب تفاقم الظاهرة وسط الفتيات المتعلمات.
إن وسائل الاتصال والإعلام مطالبة بالوقوف الجاد تجاه هذه الظاهرة في محاولة منها لنشر الوعي بين أفراد المجتمع لا سيما الأمهات والفتيات للحد من هذه الظاهرة. فالقبول بتبسيط الزواج وعدم المغالاة في المهور يضعف من نصيب الفتيات في حق طبيعي ضروري ملح هو الأمومة. ويجب على المجتمع الوفاء بهذا الحق تجاه الفتيات. ومن أهم الحلول: بذر وازع الخير في النفوس وإعلاء القيم الرّوحيّة، تخفيف المهور وعدم المغالاة فيها، تفعيل العمل بالمعايير الشرعية في اختيار الزّوجة والزوج، تعدد الزوجات، عدم تأخر سن الزواج(11).
كما تحرض بعض الوسائل الشباب وتغريهم على أن قضية الزواج قضية ثانوية، لا ضرورية، وتلك خدعة كبرى تتعارض مع فطرة الإنسان السوي، كما تعرض معتنقيها للانحراف في المستقبل. فالغرض من هذه الأفكار الهدامة هو جر الأسرة العربية الى تلك المستنقعات التي وحلت فيها المجتمعات الغربية.
وعلى الرغم من دور وسائل الإعلام في انتشار المفاهيم التي تقود بالفتيات إلى تأخر سن الزواج وبالتالي تعرضهن للعنوسة كمشكلة في الأسرة، فان الوسائل لها إسهامات في إيجاد بعض الحلول من خلال ما يسمى ب"وسيط الخير".
ومن بين تلك التحديات، شواغل الحياة الكثيرة لمختلف أفراد الأسرة.إن هذه الشواغل الحياتية المعاصرة قد أثرت على غياب الأم والأب وبقية أفراد الأسرة، الأمر الذي يؤثر على تربية الأبناء من جهة، ومن جهة أخرى فان وسائل الإعلام والاتصال أضحت البديل الذي يلجأ إليه الأطفال في ظل الرّعاية الضعيفة والاعتماد على دور الحضانات ودور الرّياض. فالمؤسسات البديل التي يعتمد عليها في تنشئة الأطفال لن تؤدي تلك الوظائف التي تؤديها الأسرة، فلا يقوم بديل مقام أصيل.
ففي دراسة عن اثر نوبات العمل الطويلة على العلاقات الأسرية وعلى استقرارها بولاية الخرطوم(12)، توصلت النتائج إلى انه بعد خروج الزوجة ومن قبلها الزوج للعمل للمشاركة في ميزانية الأسرة، أصبحت للام كلمة مسموعة واستقلت نسبياً في الوقت الذي كانت فيه تعتمد على زوجها. وبذلك قد ضعفت القوامة للرجل على المرأة الأمر الذي أحدث موازين قوى جديدة في الأسرة. وإن كان ذلك في واقع الحياة فا ن الوسائل قد صورت الأمر على نحو فيه الكثير من المبالغة لتدفع المرأة التي سلوك غير مرغوب فيه.
وكانت الدراسة قد بنيت على مقاييس هي: السّعادة الزوجيّة، التّفاعل بين الزوجين، عدم التّوافق بين الزّوجين،المشكلات العامة، المشكلات الجنسيّة، مشكلات الأطفال، والطلاق.
وكانت من نتائج الدراسية: أن المستوى الأخلاقي عند الذكور والإناث ينمو بشكل طيب عند وجود الأب المستمر بالمنزل، ويتدهور عند غياب الأب الذي يعد ذو سلطة مؤثرة في رعاية الأبناء.
كما بينت الدراسة أن سلوك الأطفال المنحرفين يتحسن كثيراً في حضرة الآباء ووجودهم في المنزل. وأن العمل في المصانع قد اضعف تماسك الأسرة على خلاف العمل الزراعي. وأن نوبات العمل الطويلة لها آثار سالبة على حياة الأسرة فيما يختص بالمشاكل التي يواجهها الأطفال بنسب 64% لأطفال المدنيين، و67% لأطفال العسكريين (13).
ومن بين تلك التحديات تواجهها الأسرة بسبب تأثير وسائل والإعلام وغيرها انحطاط الهمم وفتورها، وإهدار الوقت الثمين، بسبب الجرعة الترفيهية الزائدة التي تتوفر في بعض وسائل الاتصال لا سيما التلفزيون وشبكة الانترنت.
كما المناهج التّربويّة والتّعليميّة التي توجه للناشئة تواجه ببرامج ومضامين هدامة من قبل وسائل الاتصال والإعلام. وفوق هذا وذاك فان الوسائل قد ساهمت في رفع سقف الطموحات للنسبة لكافة أفراد المجتمع، دون توفر أدنى مقومات لتحقيق تلك الطموحات.
المبحث الثّاني- وسائل الاتصال والإعلام وتحديّاتها
إنّ السّؤال الرّئيس هو، هل تسهم التّقنيّات عامة وتلك التي تستخدمها وسائل الاتصال والإعلام في حلول مشكلات المجتمعات اليوم أم تزيدها تعقيداً؟
من الواضح، أن الأفراد والأسر ينساقون وراء التعرض لبعض برامج وسائل الاتّصال، رغم أضرارها بقيم وأخلاق الأسرة. ليس هذا فحسب، بل يستخدم الإنسان الكثير من التّقنيّات التي تضر بصحته البدنيّة والنّفسيّة، على الرغم من علمه بأنّها تتسبب في كثير من الأمراض الخطرة مثل السّرطان وغيره.
إن قضية تأثير وسائل الإعلام ترتبط دون أدنى ريب بعناصر العلمية وأركانها. كما أنها وثيقة الصلة بما ينطوي عليه المجتمع من قيم ومثل .إن التكوين العلميّ والمهنيّ للقائم بالاتصال لهو أمر يحتاج إلى نظر. فالحقيقة تبدو واضحة وضوح الشّمس في رابعة النّهار، عند النّظر إلى التّأهيل الأكاديميّ في كلّيّات الإعلام التي تقدم للمجتمع نُخبة من الخريجين يقوم على جهودهم العمل الإعلاميّ في المؤسسات. فالتّأهيل في كلّيّات الإعلام يعتمد على نظريّة مستمدة من التّراث الغربيّ. وتعتمد مناهج الإعلام في الجامعات السّودانيّة وغيرها على الفّكر الغربيّ (14). وإزاء هذا الواقع فهنالك ضرورة لإعادة النّظر في المنطلقات الفلسفيّة التي تحكم أداء وسائل الاتّصال والإعلام. فهذه الوسائل في حاجة إلى مراجعة المرجعيّة الفّكريّة، والمسئوليّة الاجتماعيّة (15). ومن اجل إصلاح الحال لا بد من العودة إلى الجذور والتّراث كمنطلق فلسفيّ.
وأمّا الأداء الإعلاميّ المهنيّ فهو الآخر يشكل عقبة كؤود في سبيل تحقيق الأسرة لوظائفها المشار من خلال الانفلات الإعلاميّ النّاتج عن التّيارات المتصارعة في مختلف المجتمعات العربيّة والمسلمة.
وإن كان ذلك كذلك، فان هنالك ضرب من ضروب التّضليل الذي يمارس في الأداء الإعلاميّ، ويحتاج الأمر إلى منهج لتقويم هذا الاعوجاج في أداء وسائل الاتصال. فالتّضليل الإعلاميّ في مفهومه هو عرض جزء من الحقيقة أو البناء الخاطئ على حقائق واضحة وثابتة وموثقة وذلك للوصول إلى تحقيق الهدف.
ومن جهة أخرى فان هنالك سطوة ونفوذ للتّقنيّات الإعلاميّة على أفراد الأسرة. فهنالك العديد من ضروب الهيمنة التي تمارسها وسائل الإعلام على أفراد الأسرة من خلال الإعلان والتَّرويج للسلع، والمتاجرة بالعروض، وتهميش كرامة المرأة . كما أن هنالك تأثيرات سّالبة لوسائل الإعلام المعتمدة على التّقنية العالية على كينونة الأنوثة. (16)
ولعل هذه السيطرة قد افرزت مفاهيم ضارة . فمفهوم البطولة النّاشئ عن تعامل الطّفل مع برامج وسائل الإعلام المختلفة في مجال الرّياضة، يسهم في تحقيق نوع من الخداع في المثل الأعلى لهؤلاء الصغار. فالرّسوم المتحركة في الفضائيّات –على سبيل المثال- سرقت وقت الطفل، وتسهم في تشويه القدوة الحسنة. ان طفلتي التي لما تتجاوز العامين والنّصف بعد تطالبني بان اشتري لها حذاء مثل حذاء (فُلّة) او حذاء (قنبلة)، متأثرة في ذلك ببرامج (spacetoon). كما أن أطفال الشّوارع يرددون من غير وعي أغاني الأفلام الهنديّة. ومع ذلك فان هنالك ادوار إيجابيّة لهذه الوسائل ، تتمثل في النّطق الصّحيح، وتركيب الجملة العربيّة لدى الأطفال، صغار السن.
ومن جهة اخرى، يشير تقرير مؤسسة الفّكر العربيّ إلى أن القنوات الفضائيّة العربيّة غير المشفرة بلغ عددها483 قناة . وإنّ إجمالي الكتب في العالم العربيّ عام 2007م بلغت 27,809 كتاباً. وأنّ الصّحف اليومية في الدّول العربيّة عام 2006م بلغت 267 والاسبوعية 507 صحيفة. وارتفع عدد مشتركي الانترنت من 700 ألف عام 1998 إلى مليون ونصف عام 1999م بزيادة 104%. إن كل هذه الوسائل ترسل مضامين إعلامية، ولكن على الرّغم من ذلك، فان الدّراسات تشير إلى وجود فجوة رقميّة قياساً إلى دون العالم. وان هذا الكم من الوسائل عاجز عن رفع الوعي الأسريّ والاجتماعيّ، والارتقاء بمستوى الثّقافة عند أفراد الأسرة بالقدر الذي يمكن المجتمع من الرّقي نحو واقع أفضل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

التّحديّات التي تواجه الأسرة العربية من واقع تأثير وسائل الإعلام على أفرادها Empty
مُساهمةموضوع: رد: التّحديّات التي تواجه الأسرة العربية من واقع تأثير وسائل الإعلام على أفرادها   التّحديّات التي تواجه الأسرة العربية من واقع تأثير وسائل الإعلام على أفرادها Emptyالثلاثاء مايو 28, 2013 1:49 am

إن المشاهد لبعض الفضائيّات يلحظ دون أدنى ريب مضامين إعلاميّة هي اقرب للدّجل والشعوذة والتّلاعب بالعقول. كما تعكس ذات البرامج المستوى الثّقافيّ والفكريّ الفج، فضلاً عن النّظرة السطحيّة للأمور. فكثير من البرامج عبارة عن لهو فارغ، وعبث لا طائل من ورائه، والهاء لأفراد الأسرة عن القضايا المحوريّة والجوهريّة التي ينبغي التركيز عليها، وبذل الجهد من اجلها.
هنالك تأثير كبير تمارسه الفضائيات على الأسرة العربية والمسلمة، لا سيما تجاه المرأة والطفل. فالقدرة على فعالية البرامج التي تتحدث عن البطولات الخارقة والمغامرات المبهرة، والتي طغى مدها على القنوات التلفزيونية،وفي وسائل الإعلام الأخرى أمر يحتاج إلى الوقوف عنده فيما يتصل بتأثرها على سلوكيات الأطفال.كما انه لا يمكن قتل رغبة الطفل العارمة في مشاهدة البرامج أو قراءة قصص الأساطير التي ينكب عليها بصورة جامحة، بالنظر إلى اللغة والأسلوب الذي تقدم به تلك المنتجات الثّقافيّة.
إن برامج الفضائيات لاسيما المخصصة للأطفال، وألعاب الكمبيوتر بمختلف مشاربها، كلها تحض الطّفل على خيال يتفاوت ما بين المحمود والمذموم، وواجب الأسرة والمدرسة بيان إلي الخيالين أحق أن يتبع، وأي الخيالين أجدر بأن يكون لمجرد التسلية والمتعة. فمما لا شك فيه أن عملية توجيه الأخلاق تجد البذور في القصص القرآني على أفضل الطرق، ففي هذه القصص من النماذج ما هو حري بالإتباع والأخذ به والتمسك، وهي الطريقة الوحيدة للخروج من الخواء الفكري وتسمم العقول الذي يتعرض له الطفل صباحاً ومساء بحجج هي أوهى من بيت العنكبوت تتصل بالحداثة والحرية، وملئ بالشعارات الفارغة والجوفاء.
كما أن الرّسوم المتحركة التي تدور حول أفكار أو قضايا معنية لا يدرك النّاس أثرها، وعليه، فان أصحاب هذه الأفكار وحدهم قادرون على إدراك كنهها، أما عامة الناس فهي عندهم مجرد أفلام يستمتع بها الصغار والكبار على حد سواء دون إدراك واع بخطورتها وما ينتج عنها.
وأمّا المرأة فهي الأخرى تتأثر دون أدنى ريب بما توجه إليها من رسائل مصاغة بحبكة وفنيّات عالية تستخدم فيها الحيل السلوكية ببراعة من أجل الإيقاع بها، ومن ثم الإمساك بزمام الأسرة من خلال المرأة نظراً لدورها المحوريّ.
وفيما يختص بتأثير وسائل الاتصال والإعلام على أفراد الأسرة فإن قضية الحجاب تعد إحدى القضايا التي كان للإعلام دور سالب فيها من خلال ما يبث من مضامين تجسد صورة تتنافي مع قيم وأخلاقيات المجتمع. ولأجل هذا فقد غلا المتطرفون من الأقدمين في حالي الحجاب والتسريح فحجبوا المرأة ضنّاً بها، وسرحوها هواناً عليهم لأمرها، وأوشك إعزازها أن يكون شراً عليهم من هوانها. فإذا عزت عندهم فهي خير حبيس في قفص مصنوع من معدن نفيس أو خسيس،وإذا هانت عليهم سرحوها ليبتذلوها في خدمة كخدمة الدابة المسخرة، حريتها الموهومة ضرورة من ضرورات التسخير والاستعباد (17). فإن ملاك العدل والمصلحة بين الجنسين أن تجري الحياة بينهما في الأمّة على سنة التعاون والتقسيم لا على سنة الشّقاق والتناضل على بالحقوق.
ان توجيه وتوظيف اهتمام الطفل توظيفاً سليماً، هو أمر يعتمد على الأسرة أكثر من اعتماده على المدرسة أو غيرها. فالأسرة هي مدرسة الحياة الأولى، وفي أحضانها تنمو عواطف الأطفال، ولهذا فان الإسلام قد أحاطها بعناية فائقة، وقد أرسى الإسلام أسس الحق والخير، ووضح لها معالم الطريق بين الحقوق والواجبات (18).
فالنشأة الحقيقية هي التي تقوم على أسس الدّين الصّحيحة، بعيداً عن الترهات والأباطيل، وبعيداً عن الخرافات والأساطير.
كما أنّ الأسرة المسلمة الحقّة هي التي تهتم بأطفالها، وتلاحظ ميولهم،وتعمل على توجيه الطّفل الوجهة السليمة، ليستفيد ممّا يرى، وممّا يقرأ، وممّا يسمع. ففي السنوات الأولى من حياة الطفل، وخاصة فترة ما قبل المدرسة اثر حاسم وخطير في تكوين الشخصية للفرد، فالعادات والاتجاهات والمعتقدات التي تتكون خلال هذه الفترة يصعب تغييرها أو تعديلها فيما بعد،ومن هنا تنبع أهمية النشأة الأولى من حياة الطفل، غير أن واقع الناس لا يعطي هذه القضية حظها وحقها من العناية. فألام تنشغل بغير أطفالها في الأعمال المختلفة، وتترك فلذات الأكباد للمربيات والخدم وأفراد الأسرة، الأمر الذي يضعف علاقة الطفل بأمه، ويتعرض بموجب ذلك إلى تنشئة لا تتفق مع تلك التي يقوم عليها لو تفرغت الأم في هذه الفترة المهمة على اقل تقدير (19).
كما يمكن القول أن الأمّة العربيّة والإسلاميّة كلها ظلّت عرضة لسهام الأعداء من خلال وسائل إعلامها الموجهة بذكاء وتخطيط استراتيجيّ. وللأسف فأن الأمّة باتت لها قابلية للتّأثر بتلك الرسائل التي تستهدف أعز ما تملك الأسرة من مثل وقيم.
ففي الوقت الذي تعاني فيه بعض المجتمعات والدّول التي تتعرض للمذابح بيد الأعداء، تتلهي الأسر العربيّة بما يقدم من مضامين إعلاميّة ذات أغراء وجاذبيّة تخاطب العواطف وتلهو بالمشاعر وتدغدغ الغرائز، وتلك أهداف يريد الأعداء أن يتلهى بها أفراد المجتمع كله حتى يتحقق لها ما يريدون.
فقد أصبحت دراسة الميول والاتجاهات ضرورة بالنسبة لوسائل الاتصال، بل ولكل منتج أو رجل إعلان. فوفقاً لنظرية ماسلو(Maslow) لحاجات الإنسان فهنالك الحاجات الفسيولوجية مثل الطعام والماء والهواء، وهنالك الحاجات الأمنية، والحاجات الاجتماعية مثل العاطفة والصداقة والانتماء، والحاجات الذاتية كالمكانة والاحترام، بالإضافة إلى تحقيق الذات(20).
فوفقاً لتلك الحيل السلوكية، فان التجار والمنتجون عندما يتسلمون مفاتيح النفس البشرية، ويدركون طباعها عن طريق الخبراء تتفتح أمامهم جيوب المستهلكين. وقد وعت وسائل الإعلام هذه القضية وعملت بموجبها وصاغت رسائلها وفقاً لتلك الحيل السلوكية.
ومما يتصل بتلك الحيل في محور هذه الورقة النظر إلى عالم المرأة كعالم خاص. فالأنثى في الغرب هي ميدان اختبار لكل ما يستجد من منتجات. وقد جربوها حتى ملت هي وملوا جميعاً، مما جعلهم يستعيضون عنها جزئياً بالثعابين والحيوانات وغير ذلك في إعلاناتهم.
إن الأمر الجدير بالذكر هنا هو أن المرأة إن استدعى الأمر وجودها في الإعلانات، فهي ينبغي أن لا تعدو كونها جزء من واقع الحياة بما تنطوي عليه من وقائع. والخطاب القرآني كله حينما ترد فيه المرأة ، فهي ترد كجزء من واقع الحياة، لا تعدو هذا الدور.
ومما يتصل بالحيل ما يطلق عليه الشروع في (الأدمغة الطريّة). وهي ليست سوى عقول أولئك الأطفال التي لا تقوى على مدافعة هذا السيل المتدفق الذي يستهدف هذه العقول التي لم تزود بموانع، وهي غير محصنة من ترسانات المعلنين التي تستهدف توجيه تلك العقول الغضة الى الاستجابة لما يطلب أولئك من إقبال على المنتجات، واكتساب السلوك المرغوب فيه مما تتحقق لهم به مصالحهم.
إن إعلانات سلع الأطفال، وحاجيات طلاب المدارس باتت الهدف المشروع للمنتجين ولوسائل الاتصال. والأمر يتطلب أوّل ما يتطلب صد هذا الهجوم، وإيقاف هذا السيل المتدفق لتلك الأدمغة الطرية ، وتزويدها بالحصانة اللازمة وهي قضية في غاية الصعوبة في ظلّ الواقع، غير أنها لا تبدو مستحيلة، وهو تكليف مناط بالأسرة للقيام به.
إن التحديات السالفة الذكر تبدو ظاهرة للعيان من خلال ثلاثة مظاهر للتبعية بالنسبة للدول العربية والإسلامية وهي: التبعية التكنولوجية، والثقافية، والتدفق الأحادي الاتجاه، ذو الاختلال الواضح بسبب قوة آليات وسائل الإعلام من وكالات وشركات متعدّدة الجنسيات.
إن الوسيلة المثلى التي يمكن أن تنتشل الأسرة العربية ممّا هي فيه من مشكلات ليست سوى الكتاب كوسيلة أساسية للاتصال، تعضدها بقية الوسائل. فالكتاب هو خير صديق من بين وسائل الإعلام والاتصال كما يقول أبو الطيب المتنبي في قصيدة له:
أعز مكان في الدنا سرج سابح وخير جليس في الزمان كتاب
وكما يقول شاعر موريتاني:
أقرأ كتابك فالحياة سراب ما لم يقدها في الدروب كتاب
وعلى رأس الكتب، هو القرآن الكريم الذي هو مفتاح البحث العلميّ الذي تسود به الأمم في عالم اليوم. إنّ انصراف النّاس عن الكتاب وعزوفهم عن القراءة يعد أساس الأزمة. فالأسرة مطالبة ببذل أقصى جهدها في تنشئة أطفالها منذ الصغر على التعامل مع الكتاب من اجل اكتساب قيم الحق والخير والجمال .
المبحث الثّالث- تشخيص المشكلات وعلاجها
إن وسائل الإعلام تستند في صياغتها للرسائل على العلوم السلوكية التي سبق ذكرها، في سبيل تحقيق أهدافها والوصول إلى مراميها. وهي علوم تدرس أغوار النّفس البشرية في حالاتها الفردية والجماعية وانعكاس ذلك كله على تصرفاتها. وينبني تشخيص المشكلات وفقاً لهذه الورقة، ومحاولة تقديم حلول لها على مقولة ابن قيم الجوزيّة "المحلّ لا يقبل الضّدين":
فهو يقول إن "قبول المحلِّ لما يوضع فيه مشروط بتفريغه من ضده. وهذا كما انه في الذوات والأعيان، فكذلك هو في الاعتقادات والارادات. فإذا كان القلب ممتلئاً بالباطل اعتقاداً ومحبة لم يبق فيه لاعتقاد الحق ومحبته موضع، كما إن اللسان إذا اشتغل بالتكلم بما لا ينفع لم يتمكن صاحبه من النطق بما ينفعه إلا إذا فرغ لسانه من النطق بالباطل. وكذلك الجوارح إذا اشتغلت بغير الطاعة لم يكن شغلها بالطاعة إلا إذا فرغها من ضدها. فكذلك القلب المشغول بغير بمحبة غير الله وإرادته والشوق إليه والأنس به لا يمكن شغله بمحبة الله وإرادته وحبه والشوق إليه إلا بتفريغه من تعلقه بغيره. ولا حركة اللسان بذكره والجوارح بخدمته إلا إذا فرغها من ذكر غيره وخدمته...فإصغاء القلب كإصغاء الآذان....".
وبناء عليه، فإن وسائل الاتصال وعلى رأسها الفضائيات وشبكة الانترنت، تغلب عليها اليوم صبغة التسلية والترفيه، وتتوفر فيها الكثير من البرامج التي تؤدي وظائف بنائية وهدامة.
فأفراد الأسرة اليوم مستهدفون من قبل وسائل الأعلام. إذ تصاغ الرسائل الإعلامية صياغة تستهدف التأثير على الأفكار وبالتالي سلب الإرادة لهؤلاء الأفراد. إن هذا الواقع يقتضي طرح هذا التساؤل: ماذا نحن فاعلون لكي يكون مستقبل الأسرة العربيّة والمسلمة خير من حاضرها وماضيها؟
ليس لهذا السّؤال من جواب حاضر، في ظلِّ ما كان وما هو كائن بين ظهرانينا من شأن الأسرة العربيّة، إلا من خلال الأوبة بهذه الأسرة إلى رشدها، والإصلاح من فطرة الإنسان التي فسدت بسبب تبني حضارة بُنيت على غير هدى ورشد في ما يسمى بالعولمة.
ومهما يكن من أمر، فان الإنسان بغض النظر عن نوعه أو جنسه أو مرحلته العمرية، يحتاج إلى بناء علاقات سوية وسليمة مع من حوله. فالإنسان الواعي والمتعلم يحتاج إلى إقامة علاقة بربه على أساس من العبودية، وببني جنسه على أساس العدل والإحسان والمساواة، وبالكون من حوله على أساس التسخير ، وبالحياة الدنيا على أساس أنها دار للاختبار والامتحان، وبالآخرة على أساس أنها دار للجزاء وفقاً لما اكتسبت يداه. وبهذه العلاقات يستطيع الإنسان أن يعيش ويحيا حياة يسودها الرضا والاطمئنان والاستقرار.
وهذه العلاقة لا تبني إلا ممن زُّود بالفطرة السليمة؛ الخالية من الآفات.غير أن واقع الناس اليوم إنما هو مبني على غير أسس سليمة بسبب تنجس الفطر لبني الإنسان. ومن هنا فان العلاقات بين وسائل الإعلام وغيرها تقوم على الاستغلال.
الجدير بالذكر أن تشخيص المشكلات يتطلب الرؤية السليمة في التخطيط والتنفيذ. فهنالك اختراق للصف من قبل المؤسسات الأخرى من الخارج. وقد أدى هذا الاستهداف إلى الاختلاف والشقاق الأمر الذي أثر ويؤثر في فاعلية أداء الوسائل لرسالتها. فقد أنتجت مؤسسة والت ديزني كنموذج للمؤسسات الغربية، في أوائل التسعينات فيلماً استوحته من روايات ألف ليلة وليلة بعنوان علاء. واعتبرته المؤسسة من أهم أعمالها. وقد تأكد أن الفيلم إساءة للعرب والمسلمين وتعرضاً للشريعة الإسلاميّة. والفيلم هو محاولة من مؤسسة (ديزني) لتغريب أو (امركة) منتج فني يختص بثقافة غير أمريكية. والفيلم يصور العالم العربي بطريقة هزلية ساخرة فيها استغلال للقضايا العرقية والقومية للشّعوب.
فمنتجات وسائل الاتصال والإعلام تحتاج ضمن ما تحتاج إليه إلى إنتاج تأصيلي يشكل البديل لتلك المنتجات الأمريكية والغربية التي تستهدف تشويه صورة العرب والمسلمين في الأذهان. ولن يقوم هذا البديل إلا على أسس منها: وجود الدراسات النّظرية ذات الرّؤية الفلسفية التأصيلية. كما تحتاج إلى تأسيس مؤسسات للإنتاج الإعلاميّ، وقبل ذلك تأهيل الكوادر البشريّة المؤهلة فنياً وخلقياً إلى جانب التأهيل العلمي.
إن مؤسسة (ديزني) كأنموذج للمؤسسات الغربية تكشف عن حقيقة هامّة هي أنها تنظر إلى مستهلكي منتجاتها على أنهم ضحايا بإرادتهم وطوعهم واختيارهم. وقد غزت بموجب تلك المنهجية البلاد العربية والإسلامية وشعوب آسيا وغيرها، وهي تستند إلى رؤى وأفكار تديرها الآلة الإعلامية الأمريكية اليهودية. والمضامين التي تحتوي عليها مستقاة من الأفكار السائدة في المجتمع الاميركي. فعالم والت ديزني كما يقال عنه انه عالم خال من الوالديّة، وإنما العلاقة فيه على أساس أفقي. وترجع جذور تلك الأفكار إلى نشأة هذا الرّجل نفسه وعلاقته بوالديه، الأمر الذي جعله يجسد هذه العلاقة في أعماله .
فقد اخترقت مؤسسة "ديزني" العالم الإسلاميّ بسبب أن رجال (استخبارات) هذه المؤسسة الذين يلبسون ثياب رجال العلاقات العامة توصلوا إلى حقيقتين أساسيتين أولهما: أن مهابة المسلمين قد فرغت من قلوب أعدائهم، والدليل على ذلك تلك الجرأة المتكررة في التجني على الإسلام والمسلمين من قبل الأعداء، وهو أمر متجسد بصورة واضحة في واقع الصراع العربي الإسرائيلي. وأما الثاني فهو أن المسلمين مصابون بالوهن والضعف بسبب تشبثهم بالدنيا والرّكون إليها، وذلك على الرغم من قوة الإسلام كدين ينطوي على كثير من الفضائل وعناصر القوة. فهذان السببان أقعدا بالمسلمين عن منازلة الأعداء فهانت النّفوس.
ومن هنا ولطالما اعتمدت الأسرة العربية والمسلمة على منتجات الغرب، فهي عرضة للتأثر بما تقدمه تلك المنتجات من قيم وثقافة قد ينافي الكثير منها القيم الفاضلة. فصراع الثقافات والحضارات تعلب فيه المنتجات الإعلامية دوراً كبيراً لا يمكن التقليل من شأنه بأية حال.
وتحتاج المؤسسات الإعلامية العربية إلى إعادة النظر في منطلقاتها الفلسفية التي تستند إليها في إنتاج رسائلها الإعلامية. فالأفكار الدخيلة والمستورة تحت مزاعم الحداثة والتحضر والتطور، تحتاج إلى إعادة نظر، فهي لا تعدو كونها حيل خدّاعة للأسرة. وواجب العلماء والمصلحين التنبيه إلى هذا الخطر الذي من شأنه أن يمسخ ثقافة النّاشئة ومختلف أفراد الأسرة، كما يعمل على الاستلاب والرّق الفكريّ والثّقافيّ.
فوسائل الاتصال بمختلف مشاربها قد ملئت تلك الأوعية وفقاً لتلك الرسائل التي تبثها حتى فاضت تلك المواعين. فأنى لهذه القلوب أن تستجيب لدواعي الإصلاح، من غير أن يتم إفراغها من تلك الأفكار والمضامين التي تستعصي على الإصلاح. ولقد صدق الله عزّ وجل حين قال: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم". وفي ذلك من الإشارة إلى إفراغ النّفوس والأفئدة من تلك الترهات والأباطيل والأكاذيب التي أدخلتها وسائل الاتصال في قلوب وعقول الناس كافة، سواء كانوا رجالاً أو نساء، شيباً أو شباً أطفالاً وراشدين.

خاتمة:
إن قضية الأسرة وعلاقتها بوسائل الإعلام في ظل تحديّات عصر العولمة لهي قضية شائكة . وتعمل تلك الوسائل من اجل نشر الأفكار لتحقيق مآرب مستهدفة من القائمين على أمرها. إنّ الفكر لا يمكن أن يحارب إلا بالفكر، ومن هنا تأتي أهمّيّة العناية بوسائل الثقافة والمعرفة العميقة بين مختلف أفراد الأسرة.
فقراءة الكتاب المسطور، مع الكتاب المنظور هي البلسم الشافي الذي يعيد للأمة مجدها وعافيتها ويكسب أفرادها المناعة والحصانة ضد وسائل الاتصال التي تقدم الغث والسمين، فتلك القراءة توفر للأمة وأفرادها الأصالة والمعاصرة على حد سواء. وتأتي أهمية الكتاب من كونه الوسيلة المثلي التي تطغى فيه الجرعة الثقافية على التسلية والترفيه الذي تقدمه وسائل الإعلام الأخرى وعلى رأسها التلفزيون وشبكة الانترنت.
ونخلص من خلال هذا العرض إلى الآتي:
أ- إن وسائل الإعلام هي مرآة عاكسة لما يحدث في المجتمع من ممارسات، وعليه فان تقويم المعوج في الواقع الاجتماعي فيه تقويم لتلك الوسائل.
ب- تحتاج الأسرة العربية الى إعادة النظر في علاقتها بوسائل الاتصال نتيجة للتحديات المتنامية جراء التعامل مع مضامين تلك الرسائل.
ج- إن الدور الذي تقوم به المرأة يكمل دور الرجل وفقاً لخصائص الفطرة، ولا ينبغي ان تقوم العلاقة بين الطرفين على التنافس والصراع وإنما تقوم على التكامل.
د- هنالك الكثير من المهددات التي تواجه الأسرة على الصعيدين الداخلي والخارجي، وواجب وسائل الإعلام التصدى لها حفاظاً على القيم والأخلاقيات.
كما أنّ قضية تأثير وسائل الإعلام والاتصال على أفراد الأسرة تتطلب ضمن ما تتطلب الوضع في الحسبان ثلاثة مبادئ :
أما المبدأ الأول فهو أنّ وسائل الاتصال والإعلام تشترك دون أدنى ريب في تربية الناشئة بنسبة كبيرة مع الوالدين، والتأثير في مختلف أفراد الأسرة، الأمر الذي ينبغي أن يوضع في الحسبان في التّعامل مع هذه الوسائل.
وأما المبدأ الثاني فهو أن وسائل الاتصال والإعلام كما تشير التجربة في الواقع تقدم رسائل ومضامين إعلامية واتصالية متناقضة ومتباينة تحتوى على ما هو مرغوب فيه، وما هو غير ذلك. وواجب الأسرة والمجتمع التوعية بضرورة استخدام الحواس بمسئولية كما يوجه الخطاب القرآني.
وأما المبدأ الثالث، فهو أن تقويم المعوج في واقع الأسرة العربيّة وغيرها، يتطلب ضرورة النّظر في أمر عدم اجتماع الضّدين. فالمجتمع بمكوناته وأفراده قد تشبع من تلك الرسائل التي تبثها الوسائل، وعليه فان أية معالجة تتطلب إفراغ تلك الأفكار والمعلومات التي تغذت بها العقول إن أريد لتلك الوسائل أن تكون ذات فاعلية في التأثير الإيجابيّ.
وفي الختام نشير إلى ما أشار إليه ابن القيم من مقولة وردت من قبل هي: "إذا بذلت النصيحة لقلب ملآن من ضدّها، لا منفذ لها فيه، فانه لا يقبلها، ولا تلج فيه، ولكن تمر مجتازة لا مستوطنة". وهكذا حال مختلف أفراد الأسر العربيّة والأسر المسلمة في عالم اليوم، وهو أمر جدير بالبحث عن حلول ناجعة وعاجلة للمفاهيم المغلوطة والعادات الضّارة النّاجمة إما عن التربية الخاطئة أو التأثر بوسائل الاتصال والإعلام.

المصادر والمراجع

1- الكسيس كاريل ،تعريب شفيق اسعد، الإنسان ذلك المجهول، مكتبة المعارف ،بيروت، 1983م، ص 353.
2- الكسيس كاريل المرجع السابق نفسه ، ص 317.
3- المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية،دار المعارف، مادة(أسر) 1/17
4- دكتورة فاطمة عبد الرحمن عبد الله، مهددات الأسرة المعاصرة،وجهة نظر في التكوين والعلائق والآثار التربوية، مجلة جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية(السودان)، العدد التاسع، 2004م،ص 306، نقلاً عن تنوير الأعلام على هامش حاشية ابن عابدين، طبعة الحلبي،2/265.
5- دكتورة فاطمة عبد الرحمن عبد الله،مرجع سابق، ص307.
6- سورة النساء،الآية1.
7- دكتورة فاطمة عبد الرحمن عبد الله، مرجع سابق،ص308- 314.
8- دكتور عبد الفتاح أبو معال، اثر وسائل الاتصال على تعليم الأطفال وتنشئتهم، دار الشروق، 2006م، ص123.
9- دكتورة فاطمة عبد الرّحمن عبد الله، مرجع سابق،ص 317.
10- أ.د. شعاع اليوسف، التقنيات الحديثة- فوائد وأضرار،دراسة للتّأثيرات السلبيّة على صحة الفرد، كتاب الأمّة (قطر) العدد112، ربيع الأوّل 1427هـ، ص138.
11- انظر مجلة التربية، قطر، العدد 143، ديسمبر 2002م، العنوسة والآثار والحلول الممكنة، محمّّد صديق محمد حسن، ص 36-50.
12- دكتور نبيل محمد دقيل فريد، مجلة جامعة جوبا للآداب والعلوم(السودان)، السنة الأولى، أغسطس 2000م، ص70.
13- دكتور نبيل محمد دقيل فريد، المصدر نفسه، ص 72.
14- ندوة واقع كليات وأقسام الإعلام بالجامعات السودانية،14-15 اكتوبر2003م،ص 67.
15- انظر أ.د. سليمان عثمان محمّد، ندوة أقسام الإعلام بالجامعات السّودانيّة، المرجع السّابق، ص 112.
16- أ.د. شعاع اليوسف، التقنيات الحديثة- فوائد وأضرار،دراسة للتّأثيرات السلبيّة على صحة الفرد، كتاب الأمّة(السودان) العدد112، ربيع الأوّل 1427هـ، ص 128.
17- عباس محمود العقاد، المرأة في القرآن، دار نهضة مصر، القاهرة، ص61.
18- دكتور محمّد وجيه الصاوي، دراسات في الفكر التربوي، مجلة التربية، الكويت، ص209
19- دكتور محمّد وجيه الصاوي، المرجع السابق نفسه، ص211.
20- أحمد خليل حامد، الإعلان،السودان ، بدون تاريخ، ص 11.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
التّحديّات التي تواجه الأسرة العربية من واقع تأثير وسائل الإعلام على أفرادها
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» التنشئة الاجتماعية وتحوّلاتها الجديدة. التحديات التي تواجه الآباء في عصر الإعلام
» وسائل الإعلام والمعرفة السياسية : استخدام التحليل الموحد كنموذج للبحث في وسائل الإعلام الجماهيري
» نحو إستراتيجية عربية لمواجهة تأثير الإعلام المعاصر على الأسرة والشباب
» نحو إستراتيجية عربية لمواجهة تأثير الإعلام المعاصر على الأسرة والشباب
»  الإعلام العربي في شبكة الانترنت دراسة تحليلية تقويمية لعينة من مواقع وسائل الإعلام العربية علي شبكة الانترنت

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية :: مكتبة العلوم الانسانية والاجتماعية :: منتدي نشر الابحاث والدراسات-
انتقل الى: