الثورة في العالم العربي
كنتاج لفشل الديمقراطية الأبوية والموجهة
مقدمة
كسريان النار في الهشيم سيطر خطاب الثورة على الخطاب والعقل السياسي العربي مغيبا كل الخطابات الأخرى حتى الخطاب الإسلامي ،خلال شهر واحد اهتزت عروش الملوك وعروش الرؤساء العرب– في العالم العربي زالت الفوارق بين الملك والرئيس - نتيجة الثورتان المجيدتان في تونس ومصر. لا شك أن خطاب الثورة كان من المفردات السياسية التي ملأت فضاء الخطاب السياسي العربي و دول العالم الثالث خلال العقود الثلاثة الموالية للاستقلال بل و قبل الاستقلال حيث كانت تطلق على حركة الشعوب في مواجهة الاحتلال لأن كل حركة تحرر وطني تعتبر ثورة ،إلا أن مفردة الثورة أخرجت من ماهيتها ومن دلالتها اللغوية والاصطلاحية العلمية بحيث أخذت معان سسيولوجية وسياسية تبشيرية حينا وشعارا يوظفه كل شخص أو حزب يطمح بالسلطة أو قادر على تهييج الجماهير حينا آخر، أيضا تداخل مفهوم الثورة مع الانقلاب العسكري و مع الحرب الأهلية والفوضى والاحتجاجات والانتفاضات الشعبية المطلبية الخ .
لم يشهد العالم العربي ما بعد الاستقلال – باستثناء الحالة الفلسطينية - حراكا شعبيا واسعا لدرجة يجوز فيها توصيفه بالثورة الشعبية إلا ما جرى في تونس ومصر في يناير 2011 . فبعد شهر من خروج الجماهير التونسية للشارع في مواجهة نظام فاسد ودكتاتوري هرب الرئيس زين العابدين بن علي من البلاد وسقطت الحكومة وبدأت تونس عهدا جديدا من الإصلاحات ،وفي مصر التي شهدت إرهاصات الثورة والتمرد على النظام القائم منذ سنوات وتزايدت بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة التي اعتبرتها المعارضة نهاية المراهنة على التغيير من خلال النظام القائم ،خرجت الجماهير المصرية في كافة محافظات الجمهورية بمظاهرات تطالب برحيل الرئيس حسني مبارك وهو ما جرى يوم الحادي عشر من فبراير حيث تنحى الرئيس واستلم الجيش مسؤولية إدارة البلاد.الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه للاجتهادات والتفسيرات،فهل ما جرى في تونس ومصر ثورة أنجزت أهدافها؟ هل ما جرى يعبر عن أزمة دولة ؟أم أزمة نظام سياسي؟أم أزمة ديمقراطية ؟ هل اختمرت شروط الثورة في العالم العربي ؟ وهل بمجرد خروج الناس للشارع وهروب الرئيس أو تخليه عن السلطة يمكن القول بأن الثورة حققت أهدافها؟ وهل تتشابه الحالة التونسية مع الحالة المصرية من حيث الأسباب والتداعيات؟.
ما جرى في تونس ومصر وما يجري من أحداث وتطورات في ليبيا والبحرين واليمن وسوريا ،يحتاج لقراءة موضوعية وعقلانية بعيدا عن العواطف والانفعالات لأن الآتي من الأحداث هو الأهم والأصعب وبه ستكتمل الصورة بحيث يمكننا أن نتحدث عن ثورة شعبية ناجحة أو عن شيء آخر.الأمر الذي يستدعي أيضا استقراء ما يجري انطلاقا من فقه الثورة الذي تراكم عبر التاريخ ومن تجارب الشعوب الأخرى ونضع ما جرى في سياق التحولات التي شهدها العالم العربي خلال العقود الثلاثة الماضية وخصوصا محاولة الأنظمة التحايل على فقدان شرعيتها من خلال تبني أشكالا من الديمقراطية الأبوية والموجهة تغرر بها الجماهير.
الفصل الأول
في فقه الثورة
أولا :مقاربة مفاهيمية لمصطلح الثورة
الثورة (Revolution ) من المصطلحات المخضرمة التي واكبت ظهور الدولة والحياة السياسية منذ ما قبل التاريخ،ومع أن مفهوم الثورة الذي ساد على غيره من المفاهيم هو ثورة الشعب ضد الاستعمار أو ضد أنظمة استبدادية ،إلا أن مفردة الثورة لغة لا تقتصر على هذا الجانب بل تشمل كل فعل يؤدي إلى تغيير الأوضاع تغييرا جذريا سواء كانت أوضاعا طبيعية أو سياسية او اقتصادية أو اجتماعية .ومن هنا تستعمل كلمة ثورة في سياقات مختلفة كالقول بالثورة الصناعية أو الثورة التكنولوجية الخ لوصف التغييرات الجوهرية التي تطرأ على حياة الشعوب وعلى الحضارة الإنسانية ،وفي هذا السياق العام يمكن الحديث عن أشكال متعددة من الثورات .
1- الثورات الحضارية
ونقصد بها التغييرات أو التحولات التي طرأت على الحياة الإنسانية وعلى مسار تطور البشرية وفي هذا السياق يمكن الحديث عن :
أ - الثورة الزراعية Agricultural revolution ،والمقصود بها التحولات التي حصلت في عصور ما قبل التاريخ، وتميزت بانتقال المجتمعات البشرية من حياة الترحال والصيد والالتقاط، التي سادت في العصر الحجري القديم إلى حياة الاستقرار مع اكتشاف الزراعة بالمحراث وتدجين الحيوانات التي ميزت العصر الحجري الحديث. فمع اكتشاف الزراعة وجدت الأسواق والطبقات الاجتماعية والمدن والإدارة الخ .
ب – الثورة الصناعية revolution Industrial
بدأت الثورة الصناعية في إنجلترا في القرن الثامن عشر والتاسع عشر ثم انتقلت إلى بقية الدول الأوروبية ومن ثم إلى جميع أنحاء العالم .وسميت بالثورة الصناعية لان الإنسان بدا التخلي عن الآلات اليدوية التي تعتمد على قوته العضلية و يعتمد بدلا منها على الآلات البخارية ثم الكهرباء وتوظيف المواد الكيماوية وتطوير استعمال المعادن بكل أشكالها وأساليب التعدين.
ج – الثورة التكنولوجية Technological revolution
وتسمى أيضا الثورة الصناعية الثانية حيث تتداخل هذه الثورة مع الثورة الصناعية وتشكل امتدادا لها ويعتبرها البعض الموجة الثانية للثورة الصناعية واهم معالمها التوسع والتطور العلمي وخصوصا في مجال الصناعات الدقيقة المعتمدة على الطاقة الكهربائية والمحركات ذات الاحتراق الداخلي والمواد الكيميائية المستحدثة ، وتكنولوجيا الاتصال الأولى كنظم التلغراف والهاتف والبريد .
د - ثورة المعلوماتية Information revolution
ظهر هذا المصطلح في العقود الثلاثة الأخيرة متزامنا مع الحديث عن العولمة والتنمية الشمولية .والثورة المعلوماتية تعتمد على عالم تكنولوجيا المعلومات حيث المادة الأولية لتطور المجتمعات لم تعد الأرض الزراعية ولا المصانع ورؤوس الأموال بل المعلومة وسرعة تداولها عبر شبكات الاتصال بعيدة المدى كالانترنت والفضائيات وأجهزة الكمبيوتر المتقدمة .وقد مكنت هذه الثورة الإنسان من سلع وخدمات معلوماتية لم تكن موجودة من قبل مما وسم مجتمع هذه الثورة بمجتمع المعرفة .
2 – الثورات السياسية /الاجتماعية
وهي تحرك الجماهير الحاشدة احتجاجا على أوضاع اجتماعية واقتصادية وسياسية سيئة ومرفوضة ،وتتسم هذه الثورات بأنها تسعى لإحداث تحولات جذرية في حياة الشعوب وبعض هذه الثورات تحقق أهدافها وبعضها يفشل وأخرى يتم حرفها عن مسارها.عرفت البشرية كثيرا من هذه الثورات ،فقد تحدثت مخطوطات فرعونية وبابلية ويونانية قديمة عن ثورة اندلعت في تلك العصور وتم تدوين بعضها بالتفصيل ،ففي مصر القديمة تذكر بردية للحكيم ايبو – ور ترجع إلي أواخر الأسرة التاسعة عشر أو أوائل الأسرة العشرين أن ثورة وقعت في عهد الملك بيبي الثاني آخر ملوك الأسرة السادسة نحو 2380 ق.م وتبدأ هذه البردية بوصف الوضع قبل الثورة :حيث ساد الفساد وتباعدت الشقة بين الملك والشعب بسبب فساد المحيطين بالملك حيث إن "" الذين حوله كانوا يغذونه بالأكاذيب "" وصار الناس أشبه بقطيع لا راعي له ، وتضيف البردية ما آلت إليه أحوال الناس من ترد بسبب فساد الوضع ، حيث "" نفذت الغلال في كل مكان ، وتجرد القوم من الملابس والزيوت والعطور 000 وأصبح الصناع جميعا عاطلين وأفسد أعداء البلاد فنونها 000 وأصبح بناة الأهرام فلاحين 000 وأصبحت العاصمة في خوف من العوز ، وأصبح الناس يأكلون الحشائش ويبتلعون الماء ، وقد يأخذون الطعام من أفواه الخنازير 000 ""
وتنتقل بردية الحكيم إيبو – ور إلي وصف أحداث الثورة ، " انظر لقد ارتفعت ألسنة اللهب ، وامتدت نارها ، وستكون حربا علي أعداء البلاد ، وقال حراس الأبواب فلننطلق وننهب ، وأبى الحمالون أن يحملوا أحمالهم وتسلح صيادو الطيور بأسلحتهم 000إن مخازن الملك أصبحت حقا مباحا للجميع 000 هوجمت الإدارات العامة ونهبت قوائمها 000 وفي الحق لقد ذُبح الموظفون وسُلبت دفاترهم ، ولم تعد لكبار الموظفين كلمة مسموعة ". .
شهدت غالبية المجتمعات عبر التاريخ تحركات شعبية واسعة إلا أنها تفاوتت سواء في الحوامل الاجتماعية للثورة أو من حيث درجة العنف المصاحبة للثورة أو من حيث نتائجها وقدرتها على تحقيق أهدافها ،كثير من التحركات الشعبية التي نعتها أصحابها بالثورة إما كانت محدودة الأهداف أو فشلت في تحقيق أهدافها وبعضها كان أقرب لحالات الفتنة والفوضى مما هي ثورة .دون التقليل من أهمية أي تحرك أو انتفاضة شعبية ودون الغوص بالجدل حول توصيف الحركات السياسية في التاريخ الإسلامي فإن أهم الثورات الناجحة ما بعد الحروب الدينية التي شهدنها أوروبا هي:-
أ- الثورة البريطانية 1688 وقامت ضد حكم آل ستيورت
ب- الثورة الأمريكية 1776 -1783 وهي ثورة اجتماعية وتحررية في نفس الوقت
ت- الثورة الفرنسية 1789-1799
ث- الثورة الإيطالية 1884
ج- الثورة البلشفية 1917في روسيا ضد الحكم القيصري
ح- الثورة الصينية بقيادة ماو تسي تونغ 1949 التي أطاحت بنظام شيانغ كاي شيك
خ- ثورة يوليو 1952 في مصر مع أن جدلا ثار وما زال إن كانت ثورة أم انقلاب عسكري
د- الثورة الكوبية 1959 التي قادها فيدل كاسترو ضد حكم الدكتاتور باتستا .
ذ- الثورة الإيرانية الخمينية 1979 التي أسقطت الشاه محمد رضا بهلوي
ر- ثورات شعوب أوروبا الشرقية بدءا من عام 1989 التي أطاحت بالأنظمة الشيوعية
ز- الثورة البرتقالية في أوكرانيا 2004
3: ثورات التحرر الوطني
والمقصود بها ثورة الشعب الخاضع للاحتلال ضد الجيوش المحتلة .في هذا النوع من الثورات يكون الفعل الشعبي موجها ضد عدو خارجي يهدد الأمة ،ومع أن هذا المصطلح حديث التداول إلا أن الفعل الموصوف كان حاضرا منذ القدم وكما بينا سابقا عرفت غالبية الشعوب حالات مناهضة لعدو خارجي.ظهر هذا المصطلح مع الحرب العالمية الأولى مع تفكك الإمبراطوريات وظهور مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها ثم انتشر مع تبني الأمم المتحدة لمبدأ تصفية الاستعمار بعد الحرب العالمية الثانية وقد تم إطلاق صفة الثورة على كل حركة تحرر ضد الاستعمار .
شهدت أسيا وأفريقيا وأمريكا ألاتينية سلسلة من الثورات التحررية وإن كان أشهرها ثورة الشعب الجنوب أفريقي والثورة الجزائرية والثورة الفيتنامية والثورة الفلسطينية التي ما زالت متواصلة حتى اليوم إلا أن لكل شعب ثورته الخاصة به ،ففي الهند قامت ثورة سلمية قادها الماهاتما غاندي ضد الاحتلال البريطاني وامتدت من عام 1915 حتى اغتياله من طرف هندوس متطرفين في يناير 1948، كما قاد عمر المختار ثورة الشعب الليبي ضد الاحتلال الإيطالي من عام 1911 إلى حين إعدامه يوم 16 سبتمبر 1931،و في المغرب قامت ثورة عبد الكريم الخطابي الذي قاد عام 1921 ثورة في مناطق الشمال ضد الأسبان وانتصر على الأسبان في معركة أنوال وأقام جمهورية سميت بجمهورية الريف ،إلا أن الأسبان والفرنسيين تحالفوا ضده وانهوا الثورة، وقام الفرنسيون بنفي الخطابي إلى إحدى الجزر النائية في المحيط الهادي عام 1926 .وفي فلسطين قامت ثورة عز الدين القسام 1935 ثم الثورة الكبرى 1936 ،وفي مصر عُرفت ثورة أحمد عرابي 1881 وثورة مصطفى كامل 1889و ثورة سعد زغلول 1919 الخ .
ثانيا :مفهوم الثورة في الفكر الإسلامي
بالرغم من عالمية فكر الثورة من حيث كونها ظاهرة إنسانية سياسية و اجتماعية ،ومع أن الشعوب العربية تلتقي مع بقية الشعوب وخصوصا في دول العالم الثالث من حيث الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية الدافع الأساس للثورة ،إلا أن للحالة العربية خصوصية تجلت في السنوات الأخيرة وهي المد الأصولي بما يتضمن من تصورات للأوضاع القائمة وسبل الخروج عليها ،وهي تصورات مستمدة من مفاهيم دينية إسلامية.فمفهوم شرعية الحكم والحاكم ، مبررات وشرعية الثورة على النظام القائم ،تحديد معسكر الأصدقاء ومعسكر الأعداء ،سبل أو وسائل الثورة على الحاكم ،مستقبل النظام الذي يُراد تأسيسه بعد الثورة على الحاكم ،الخ ،كل هذه أمور لا تستمد من علم السياسة الوضعي ولا حتى من التجارب الثورية لشعوب العالم، بل من مرجعية النص المقدس – قرآن وسنة – ومن أقول الفقهاء ورجال الدين عبر التاريخ .
في تفسير وتحليل الثورة في الفكر والواقع الإسلامي يتداخل الدين مع السياسة كما يتداخل الماضي مع الحاضر ،وكما اختلف العلماء والجماعات الدينية في تفسير وتأويل كثير من النصوص المقدسة وخصوصا ذات العلاقة بالسلطة والسياسة وحكم البشر،فقد تباينت الرؤى والمواقف من الثورة منذ بداية ظهور الإسلام حتى اليوم ،مع الإشارة إلى تراجع مصطلح الثورة ليحل محله ويستوعبه مصطلح الجهاد والذي هو محل اختلاف بين العلماء والجماعات الإسلامية .ولذا سنحاول العودة لمعنى كلمة الثورة ومشتقاتها كما وردت في القرآن الكريم ثم في رؤية العلماء المسلمين ومن خلال التاريخ الإسلامي.
كلمة الثورة في الاصطلاح العربي الإسلامي تعني التغيير الشامل والجذري الذي يطرأ على الظواهر الطبيعية أو الإنسانية .وحسب هذا المعنى للثورة فإن الديانات السماوية ثورات ولكن موحى بها سماويا، إنها ثورات شاملة لا تقتصر على تغيير النظام السياسي بل تغيير منهج حياة الناس وتغيير طبيعة العلاقات التي تحكم البشر بعضهم ببعض.ولكن كلمة الثورة في القرآن لم ترد بالمعنى السياسي والاجتماعي المتداول اليوم بل وردت بمعنى الانقلاب في الأوضاع أو في الواقع القائم ،فثورة الأرض وتثويرها يعني قلبها بالحرث،فبقرة بني إسرائيل كانت لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ (البقرة:71) أي لا تقلبها بالحرث، أيضا جاء بالقرآن الكريم ، ومن الأمم السابقة من كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا (الروم:9) أي قلبوها، وبلغوا عمقها.كما ترد مشتقات كلمة الثورة بمعنى الانتشار والهيجان .
وفي الأحاديث النبوية وردت كلمة الثورة بما هو قريب من معناها السياسي المتداول اليوم ،ففي حديث شريف رواه البخاري ومسلم والإمام أحمد و ترويه السيدة عائشة، رضي الله عنها، حول هياج الأوس والخزرج حيث تقول : "فثار الحيان، الأوس والخزرج، حتى هموا أن يقتتلوا، ورسول الله قائم على المنبر، فلم يزل رسول الله يخفضهم حتى سكتوا وسكت" .وفي الحديث الذي يرويه مرة البهزي، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم متنبئاً بفتنه عهد عثمان بن عفان: "كيف في فتنة تثور في أقطار الأرض كأنها صياصي – (قرون) –بقر" –رواه الإمام أحمد.
وفي التاريخ الإسلامي استخدمت أدبيات الفكر الإسلامي مصطلح الثورة بدلالتها المتعارف عليه اليوم ، فحركة عبد الله أبن الزبير في مكة سماها نافع بن الأزرق زعيم الخوارج بالثورة ودعا أصحابه بان يهبوا لنصرتها والدفاع عن بيت الله الحرام ،فيخاطبهم قائلا ::".. وهذا، من قد ثار بمكة، فأخرجوا بنا نأت البيت ونلق هذا الرجل" الثائر".
بالإضافة لمصطلح الثورة شاع عند المسلمين مصطلحات قريبة من مصطلح الثورة أو تصف أحداثا قريبة من الثورة منها : الفتنة ، الملحمة ، الخروج ،القومة ،وهذا المصطلح الأخير شاع استعماله عند جماعة العدل والإحسان المغربية حيث كتب شيخهم عبد السلام ياسين كتبا متعددة بهذا الشأن فارقا ما بين الثورة عند العلمانيين والقومة حسب النهج النبوي حيث يقول : إن ـ" ثورة كلمة استعملت لوصف الحركات الاجتماعية الجاهلية، فنريد أن نتميز في التعبير ليكون جهادنا نسجا على منوالنا النبوي، لا نتلوث بتقليد الكافر. على أن القومة نريدها جذرية تنقلنا من بناء الفتنة ونظامها، وأجواء الجاهلية ونطاقها، إلى مكان الأمن والقوة في ظل الإسلام، وإلى مكانة العزة بالله ورسوله، ولابد لهذا من هدم ما فسد هدما لا يظلم ولا يحيف، هدما بشريعة الله، لا عنفا أعمى على الإنسان كالعنف المعهود عندهم في ثوراتهم.
كما يستعمل بعض علماء المسلمين وجماعات إسلامية مصطلح"النهوض" و "والنهضة" ومصطلح "القيام" للدلالة على الخروج والثورة. .. لما فيهما من معنى الوثوب والانقضاض والصراع.كذلك استخدم القرآن الكريم، للدلالة على معنى الثورة، مصطلح "الانتصار".. فالانتصار: هو الانتصاف من الظلم وأهله، والانتقام منهم. .. وهو فعل يأتيه "الأنصار" –الثوار- ضد "البغي" الذي هو الظلم والفساد والاستطالة ومجاوزة الحدود.
في السنوات الأخيرة تراجعت كل المصطلحات السابقة تقريبا لصالح مصطلح واحد ووحيد وممارسة واحدة ووحيدة تسمى الجهاد.ففي ظل حالة المد الديني الأصولي فإن كل من يريد محاربة قوى خارجية |أو يتمرد على حاكم وحكومة أو يواجه عدوا يختلف معه في الرؤية والمصالح الخ بات يلجا لاستعمال مصطلح الجهاد والممارسة الجهادية التي اختزلت بالعنف المسلح ،وهذا بطبيعة الحال بعد تكفير الطرف الآخر وإخراجه من امة الإسلام .حركة طالبان تجاهد ضد نظام كابول وضد القوات الغازية ،وتنظيم القاعدة يجاهد ضد أنظمة عربية وإسلامية يتهمها بالكافرة ،وحركة حماس تجاهد ضد الاحتلال الصهيوني وأحيانا تدعو للجهاد ضد السلطة الفلسطينية في رام الله،لقد حل مصطلح الجهاد محل كل المصطلحات السابقة ،ولكن ضمن حالة من عدم الاتفاق على مفهوم الجهاد ومن يجاهد وضد من ؟الخ .
نعتقد أن المشكلة في الفكر الإسلامي المتعامل مع الموضوع لا تكمن باللغة والمفردة إن كانت ثورة أم خروجا أم قومة ام جهادا، ،بل في مدى شرعية خروج المسلمين على الحاكم الجائر ،وفي من له الحق بالثورة أو الخروج ،هذا بالإضافة إلى اختلاف المسلمين في الحالة التي يمكنها وصفها بالجائرة او الظالمة وبالتالي يجوز الثورة او الخروج عليها .فمنذ بدايات الإسلام وحتى اليوم والمسلمون مختلفون حول هذه القضايا حيث شهد التاريخ الإسلامي كثيرا من الثورات وحالات الخروج على الإمام أو الحاكم، الفتنة الكبرى في عهد علي بن أبي طالب ،ثورة الخوارج ،ثورة الحسين ،ثورة الزبير،وثورة الزنج ،ثورة القرامطة الخ ،وكان كل طرف يكفر الطرف الآخر مما كان يؤدي لاقتتال بل ومجازر بشعة أساءت كثيرا للمسلمين وتاريخهم .
أختلف العلماء المسلمين حول مشروعية الثورة،،فمع اتفاقهم على رفض نظم الجور والضعف والفساد إلا انهم اختلفوا حول استخدام العنف – السيف –في تغيير هذه الأنظمة.وقد تم طرح الموضوع لأول مرة مع ثورة الخوارج الذين برروا وشرعنوا ثورتهم على الأمويين لأنهم رأوا أن الأمويين خرجوا على فلسفة الشورى .في نفس السياق ذهب المعتزلة ولكنهم اشترطوا (التمكين ) قبل القيام بالثورة حتى لا تؤدي هذه الأخيرة لحالة من الفوضى أو الفتنة ،كما اشترطوا وجود الإمام الثائر وان يوجد بديل جاهز ليحل محل النظام الجائر بعد الثورة .
في مقابل وجهة النظر المؤيدة للثورة وجدت وجهة نظر رافضة أو متحفظة على فعل الثورة ،عبر عنها الإمامين أبن حنبل وابن تيمية .فأحمد بن حنبل (164 – 241هـ – 780 – 855م) – و أهل الحديث فقد رفضوا سبيل الثورة، لأنهم رجحوا إيجابيات النظام الجائر على سلبيات الثورة.. فقالوا: "إن السيف – العنف – باطل، ولو قتلت الرجال، وسبيت الذرية، وأن الإمام قد يكون عادلاً ويكون غير عادل، وليس لنا إزالته وإن كان فاسقاً.." ومن أقوال ابن تيمية:"..فستون سنة من إمام جائر أصلح من ليلة واحدة بلا سلطان".أما الإمام الغزالي (450 – 505هـ – 1058 – 1111م)- من الأشعرية – فوقف موقف الموازنة . فقال عن الحاكم الجائر: "والذي نراه ونقطع به: أنه يجب خلعه إن قدر على أن يستبدل عنه، من هو موصوف بجميع الشروط، من غير إثارة فتنة ولا تهيج قتال. فإن لم يكن ذلك إلا بتحريك قتال، وجبت طاعته وحكم بإمامته.. لأن السلطان الظالم الجاهل، متى ساعدته الشوكة، وعسر خلعه، وكان في الاستبدال به فتنة ثائرة لا تطاق، وجب تركه، ووجبت الطاعة له..".
ثالثا :الثورة نقطة تحول في تاريخ الشعوب
ما يعنيا في هذا البحث هو النوع الثاني من الثورات أي الثورات السياسية والاجتماعية ،ثورة الشعب ضد نظام الحكم ونخبة لتغيير الأوضاع الداخلية،ومع كامل إدراكنا بتداخل الثورة السياسية الاجتماعية مع الثورة التحررية وخصوصا في العالم الثالث حيث التداخل والترابط ما بين النخب الحاكمة والقوى الكبرى في العالم المعنية بالحفاظ على انظمة تابعة لها وخادمة لمصالحها ،إلا أن التحركات الشعبية الواسعة التي تأخذ شكل ثورة، لها قوانينه الخاصة وسيرورتها التي تميزها عن أشكال الثورات المشار إليها أعلاه ،وخصوصا بعد انتهاء زمن الاستعمار المباشر في كل العالم تقريبا – ما عدا فلسطين والعراق - .
مناط الحكم على التحرك الشعبي إن كان ثورة أم لا ليس فقط كثرة عدد المواطنين المشاركين به فقط ولا الشعارات المرفوعة فقط بل قدرة الثوار على إحداث التغيير المنشود حسب ثقافة ورؤية الشعب المعني بالأمر .كل الثورات السياسية /الاجتماعية المشار إليها استمدت أهميتها من قدرتها على التغيير الواسع في كل بنيات المجتمع ،ففرنسا بعد الثورة ليست فرنسا قبلها،وروسيا بعد الثورة ليست روسيا قبلها وفيتنام بعد الثورة ليست فيتنام قبلها الخ.أيضا فإن الثورة ليست مجرد تغيير رأس النظام السياسي كأن يكون هدف الثوار الإطاحة بالنظام الملكي وتحويله إلى نظام جمهوري،فكثير من الأنظمة الجمهورية أكثر سوءا من الأنظمة الملكية .
الأشكال أو الأنماط السابقة لا تستوعب كل الحالات الثورية التي عرفتها الشعوب،فثقافة وقيم كل شعب وأحيانا الأوضاع الدولية تلعب دورا في وصف التحرك الشعبي نحو التغيير بالثورة أو بالانتفاضة أو إطلاق تسميات أخرى عليه.فمثلا تباينت المواقف من الثورة العربية الكبرى 1915فيما إن كانت ثورة عربية أم تمردا على الخلافة العثمانية ونفس النقاش ثار وما زال حول ما عرفته بلاد الشيشان والبوسنة كردستان وجنوب السودان وجنوب اليمن وحركة طالبان وتنظيم القاعدة ،فهل هذه ثورات تحرر قومي؟ أو حركات تمردية انفصالية ؟ام حركات إرهابية ؟ أم حركات دينية جهادية؟ .ولننظر كيف تغيرات المفاهيم والقيم، فبعد أن كان المعسكر الاشتراكي رمز الثورة العالمية باتت كل حركة مناوئة له او تعمل لتحطيمه تعتبر ثورة حسب مفاهيم العصر وما الحدود الفاصلة بين هذه التصنيفات ؟ هل تحرك الجماهير في الاتحاد السوفيتي ولأوروبا الشرقية ضد الأنظمة (الشيوعية) التي كانت عنوان الثورة العالمية تعتبر ثورة ضد الثورة ؟.أين يمكن وضع الأحداث التي شهدتها البرتغال واليونان عام 1974 ،هل تعتبر ثورات ديمقراطية أم انقلابات عسكرية ؟ هل كان فرانكو في أسبانيا قائد ثورة أم انقلابي استبدادي؟.
نخلص مما سبق أن الثورة فعل جماهيري شامل، فحين تتأزم الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتصبح أحوال الناس لا تطاق، وعندما تتباعد الشقة ما بين الحكام والجماهير وتغيب وسائل التعبير السلمي عن المطالب، لا تجد الجماهير أمامها إلا التحرك لتغيير الأوضاع تغييرا جذريا.أحيانا تُقاد الثورة من طرف حزب جماهيري أو قيادة تؤمن بالتغيير فتلهب حماس الناس وتحرضهم ضد الوضع القائم، وإذا ما كان الحزب أو القيادة المؤججة للثورة والمحرضة عليها تتبنى أيدلوجية ما – كالاشتراكية أو الشيوعية أو القومية أو الدينية -تنطبع الثورة بهذه الأيديولوجية فيقال ثورة اشتراكية أو شيوعية أو دينية أو قومية الخ.وحينا آخر تنطلق بشكل عفوي دون قيادة حزبية كما هو الحال مع الثورة التونسية الراهنة ،ولكن بعد انتشار الثورة وظهور مؤشرات انهيار النظام القديم تحاول الأحزاب حصد مكتسبات الثورة والزعم بمسؤوليتها عن اندلاعها .
سواء كانت ثورات دينية أو طبقية أو سياسية أو اقتصادية أو جمعا لها فإن الثورة تعتبر نقطة تحول في حياة الشعوب، تحول اجتماعي وسياسي واقتصادي، وبديهي أن يكون هدف الثورة تحقيق التحول إلى الأفضل لأن الثورة تعمل على الإطاحة بمن تعتبره الجماهير مسئولا عن بؤسها سواء كان ملكا أو رئيسا و كذا بالنخبة المحيطة به وبمرتكزات النظام السياسي، وإقامة نظاما بديلا يأخذ بعين الاعتبار المطالب الشعبية.وغالبا ما تصاحب الثورة بالعنف، فهي عمل عنيف ولكن تتفاوت درجات العنف ما بين التهديد اللفظي بالقتل والاغتيال والاعتقال والقيام بالمظاهرات والمسيرات الحاشدة أو اللجوء إلى العمل العسكري. فبعض الثورات تكون سلمية ولا يراق بها الدم فتنعت بأسماء دالة على ذلك كالقول بالثورة البرتقالية أو الثورة القرنفلية ،وثورات أخرى اتسمت بالدموية كالثورة الفرنسية التي أزهقت الآلاف من معارضيها ثم ارتددت على ذاتها ليقتل الثوار بعضهم بعضا حتى قيل بأنها أصبحت كالهرة التي تأكل أولادها،و أحيانا تستمر الثورة لعدة سنوات وتعجز في النهاية عن تحقيق أهدافها وتتحول إلى حرب أهلية.
رابعا : الثورة ليست انقلابا عسكريا ولا هيجانا شعبيا
تختلف الثورة عن الانقلاب العسكري، فهذا الأخير هو تحرك فوقي لنخبة عسكرية تكون متواطئة أحيانا مع بعض رموز السلطة لتغيير الحكومة أو النظام القائم، وبالتالي لا تشارك الجماهير بهذا الانقلاب وفي كثير من الأحيان لا تعلم الجماهير بالانقلاب إلا بعد وقوعه، ولكن كثيرا من الانقلابيين وخصوصا في العالم العربي يضفون طابع الثورة على انقلابهم العسكري لمنح تحركهم شرعية شعبية، وهذا ما يحدث في البلاد العربية ودول الجنوب،حيث يقتصر التغيير في حالة الانقلاب على تغيير الأشخاص والنخب الحاكمة دون أن تتغير أحوال الناس بل أحيانا تزداد أوضاع الشعب سوءا عندما يتحول الانقلابيون إلى أسياد مستبدين جدد. ويمكن القول بان ما عرفته غالبية الدول العربية ما بعد الاستقلال من تغيير لأنظمة الحكم كان يدرج ضمن الانقلابات العسكرية وليس الثورات، سواء تعلق الأمر بسوريا أو العراق أو ليبيا أو اليمن أو السودان حتى ثورة يوليو 52 في مصر صنفها البعض بالانقلاب العسكري.
وعليه يمكن القول بان مجرد تغيير رأس النظام لا يعني حدوث ثورة ،فهذه الأخيرة لا تكتمل ولا تأخذ معناها الحقيقي إلا إذا حققت الأهداف التي قامت من اجلها.أيضا الثورة ليست مجرد خروج الناس للشارع لتهتف وترفع الشعارات أو تخرب وتدمر مؤسسات السلطة ،الثورة عملية مركبة ومتعددة الأبعاد خروج الناس للشارع أحد شروطها أو فتيل اشتعالها ولكنه بحد ذاته ليس الثورة . ومن هنا كل الثورات تمر بمرحلتين: الأولى هي مرحلة الهدم حيث يتم إسقاط النظام القائم، وهذه مرحلة تنجح بها كل الثورات تقريبا، والمرحلة الثانية هي بناء نظام وأوضاع جديدة تتوافق مع الأهداف المُسطرة للثورة ومع الوعود التي قدمها الثوار للشعب، هذه المرحلة الثانية هي الأكثر صعوبة وفي كثير من الأحيان تتعثر الثورة في بناء أوضاع جديدة أفضل من سابقتها، حيث يجلس الثوار على أنقاض ما هدموه ويتحولون إلى مستبدين جدد مع استمرارهم بالتغني بشعارات الثورة فيما الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية تزداد سوءا، مما يثير حنق الجماهير المتطلعة للتغيير، فتتلبد غيوم ثورة على (الثورة) ويبدأ الناس بالاحتجاج والخروج للشارع فيواجههم قادة النظام (الثورة ) بقمع أشد فتكا من قمع الأنظمة السابقة ،حيث صفة الثورة التي يسمون أنفسهم بها تعطيهم الحق من وجهة نظرهم لاتهام معارضيهم بأنهم أعداء الشعب وأعداء الثورة وعملاء للاستعمار الخ .
ما بين سقوط النظام القديم وقيام النظام الجديد توجد مرحلة انتقالية تعتبر المحك للحكم على نجاح الثورة في مرحلتها الأولى وقدرتها على الانتقال السلس والسلمي للمرحلة الثانية ،مرحلة بناء الجديد،في المرحلة الانتقالية يظهر كثيرون ممن يريدون سرقة الثورة وحرفها عن أهدافها الحقيقية سواء كانت أطراف خارجية أو أطراف داخلية قد يكونوا من بقايا النظام القديم أو من أحزاب سياسية تريد ان تركب موجة الثورة في آخر لحظة.سواء في تونس أو في مصر فإن الثورة قامت على يد شباب غاضب ولا ينتمون للأحزاب السياسية التقليدية ،إلا أن هؤلاء الشباب غير مؤهلين للحكم وبالتالي تظهر أحزاب وشخصيات سياسية تطرح نفسها كمنقذ وكقيادة مرحلية أو انتقالية ،ولكن لا ضمانة بان هؤلاء سيتجاوبون مع أهداف الثورة ولا ضمانة أيضا بأنهم سيتركون السلطة بعد المرحلة الانتقالية ،وأحيانا يتقدم الجيش ليملا الفراغ خلال المرحلة الانتقالية .في ظل الأحداث الجارية في مصر لا نستبعد أن يلعب الجيش دورا مركزيا تحت ذريعة حفظ امن البلاد بل وحماية الثورة من حالة الفوضى والنهب التي تصاحبها وهي أحداث قد لا تكون بعيدة عن تخطيط بعض عناصر النظام .
نجاح الثورة في عمليتها الأولى (مرحلة الهدم) قد لا تكلف أكثر من استيلاء على الإذاعة والتلفزيون أو رصاصة في رأس الحاكم الفاسد -الرجعي واليميني وعميل الاستعمار وسبب هلاك الأمة..الخ- أو خروج جماهير هائجة ومقهورة للشارع لتخرب وتُدمِر ثم خطاب حماسي يسمى البيان الأول، حتى يقال لقد نجحت الثورة.ولكن ماذا بعد ؟ كان البَعدُ بالنسبة لكثير من الأنظمة والحركات الثورية العربية تغييرات شكلية في النظام السياسي وإحلال نخبة سياسية واقتصادية محل النخب السابقة و الاستمرار بترديد شعارات الثورة ،ظن قادة الثورة أن شعارات الثورة ستُغني الجماهير عن فقرها وجوعها ،اعتقدوا أن كل مشاكل الجماهير قد حُلت بمجرد إسقاط رأس النظام السابق ووصول قادة (الثورة) إلى سدة الحكم ،ولكن ماذا بالنسبة للاقتصاد والمديونية والتعليم والتكنولوجيا ،هل يتم تطوير وتحديث المجتمع بشعارات الثورة ،هل يُقضى على الفقر والجهل والمديونية ببركات الثوار ودعواتهم ؟هل يُقضى على إسرائيل وأمريكا بمجرد تسيير المظاهرات المنددة بالصهيونية والامبريالية ؟.
إن عملية الهدم سهلة وقد يقوم بها ضابط مغمور في الجيش أو جموع هائجة وجائعة أو تكون بتحريض من قوى خارجية، ولكن عملية البناء هي الأساس وهي الحكم على نجاح الثورة . مرحلة البناء تحتاج إلى رجال مختلفين وعقلية مختلفة وأساليب عمل مختلفة .