هل هناك سر وراء موجة الثورات العربية؟
في شهر أكتوبر من عام 1969 بدأ علماء من جامعة كاليفورنيا الأميركية تجربة علمية مثيرة،. كانت التجربة العلمية محاولة لربط جهاز كمبيوتر في مدينة لوس أنجلوس بكومبيوتر آخر في مدينة منلو بارك بخط هاتفي، بحيث يستطيع الجهازان العمل معا في شكل نظام اتصال مغلق.
لم يكن العلماء القائمون على التجربة يتصورون أن تجربتهم هذه ستؤدي بعد 42 عاما إلى تفجر الثورات في العالم العربي، فثورة الاتصال التي أحدثها الإنترنت ساهمت في التمهيد لموجة الثورات التي تشهدها المنطقة، والتي بدأت بتونس ثم مصر، والله وحدة يعلم إلى أين ستنتهي.
لقد ساهم الإنترنت هذا العالم الافتراضي في توفير وسائل اتصال سريعة لمفجري الثورات، كما وفر بيئة مناسبة لإعلام حر وفعال لدعاة الإصلاح والتغيير في العالم العربي والإسلامي.
و خلال هذه المقالة سنحاول إبراز مقدار تأثير الإنترنت في المجتمعات العربية بالأرقام والإحصاءات وهي اللغة التي يفهمها جيدا مواطنو هذا العالم الافتراضي.
الإنترنت يغزو العالم
أعلن الاتحاد الدولي للاتصالات في دراسة أن عدد مستخدمي الانترنت في العالم وصل إلى ملياري(2مليار) مستخدم مع مطلع العام 2011م أي ما يصل إلى 28.7% من سكان العالم، ويمكن إدراك مدى تأثير الإنترنت على مستقبل العالم ومجتمعاتنا إذا عرفنا أن 50% من المستخدمين هم تحت سن 30 عاما.
يشار إلى أن الدراسة ذاتها أشارت إلى أن قارة آسيا تأتي في المرتبة الأولى من حيث عدد المستخدمين، فيما تليها قارة أوروبا ثانيا، وأميركا الشمالية ثالثا، ثم أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، تليها أفريقيا وأخيرا استراليا.
وفي إحصائية أوردها رئيس المنظمة الدولية للسياحة الإلكترونية خلال مؤتمر السفر والاستثمار السياحي الذي عقد في الرياض في شهر مارس 2011 م أن:
المذياع استغرق 38 عاما ليصل عدد مستمعيه 50 مليون مستمع.
والتلفاز استغرق 13 عاما ليصل عدد مشاهديه 50 مليون مشاهد.
والانترنت استغرق 4 سنوات ليصل عدد مستخدميه 50 مليون مستخدم.
وفي تقرير صدر عن موقع PINGDOM.COM المتخصص في إحصائيات الإنترنت الكثير من إحصائيات الانترنت في 2010، أبرزها:
- عدد رسائل البريد الإلكتروني المرسلة على شبكة الإنترنت خلال عام 2010: 107 تريليون رسالة.
- متوسط عدد رسائل البريد الإلكتروني يوميا: 294 بليون رسالة.
- عدد مستخدمي البريد الإلكتروني في جميع أنحاء العالم: 1.88بليون شخص.
- عدد حسابات البريد الإلكتروني في جميع أنحاء العالم: 2.9 بليوناً.
- عدد مستخدمي الإنترنت في العالم 1.97 بليون شخص (حتى حزيران 2010).
- عدد مستخدمي الإنترنت في آسيا 825.1 مليون شخص.
- عدد مستخدمي الإنترنت في الشرق الأوسط 63.2 مليون شخص.
- عدد المدونات على الإنترنت بلغ في عام 2010، 152 مليون مدونة.
- عدد التعليقات(TWEETS ) المرسلة في تويتر بلغ 25 بليون تعليقا في 2010.
- عدد الحسابات الجديدة في تويتر خلال عام 2010 بلغ 100 مليون حساب.
- عدد مستخدمي تويتر 175 مليون شخص (حتى أيلول الماضي).
- عدد مستخدمي فيسبوك حتى كانون الأول 2010 بلغ 600 مليون مشترك.
- عدد المشتركين الجدد في فيسبوك خلال عام 2010 بلغ 250 مليون شخص.
- 70% من مشتركي فيسبوك هم من خارج الولايات المتحدة الأمريكية.
الثورة المصرية وثورة الاتصالات:
واشتهرت جملة جرى تداولها على الإنترنت بعد الانتفاضة الشعبية تقول: "الثورة بدأت على فيسبوك وأعطاها تويتر دفعة وقادها موظف في جوجل" في إشارة إلى الناشط وائل غنيم الذي يشغل منصب مدير تسويق شركة جوجل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
قال تقرير أعدته شركة (تكنو وايرلس) المصرية المتخصصة في التسويق الإلكتروني وشبكات الهاتف المحمول أن عدد مستخدمي الانترنت في مصر قبل 25 يناير كان يبلغ 21.2 مليون شخص، لكنهم وصلوا إلى 23.1 مليون بعد هذا التاريخ بزيادة نسبتها 8.9 بالمائة أو ما يعادل 1.9 مليون مستخدم.
وأشار التقرير إلى تزايد فترات استخدام شبكة الإنترنت إذ أصبح المستخدم في مصر يقضي 1800 دقيقة شهريا على الشبكة بعد الثورة مقارنة مع 900 دقيقة قبلها.
وتناول تقرير (تكنو وايرلس) بالتفصيل حجم الزيادة في استخدام ثلاثة مواقع كان لها أثر كبير في الانتفاضة الشعبية ضد مبارك وهي فيسبوك وتويتر، بالإضافة إلى موقع يوتيوب لتبادل ملفات الفيديو.
بالنسبة لتويتر فكان عدد مستخدميه قبل الثورة 26800 مستخدم زاد بعدها إلى 44200.
وبخصوص يوتيوب قال التقرير: إنه خلال الأسبوع الأول من الثورة تمت مشاهدة 8.7 مليون صفحة على الموقع من قبل مستخدمين مصريين. جاء هذا العدد برغم قطع السلطات المصرية خدمات الإنترنت في جميع ربوع البلاد من 28 يناير كانون الثاني حتى الأول من فبراير.
ورصد التقرير الذي صدر في 20 صفحة اختلافا في سلوكيات المستخدمين المصريين على الإنترنت بعد 25 يناير (كانون الثاني) إذ كانوا قبل هذا التاريخ "أكثر اهتماما بالترفيه" أما بعد الثورة فقد أصبح المستخدمون "أكثر دراية بكيفية استخدام أدوات الانترنت. ولأول مرة تعلموا استخدام المواقع الوسيطة، والتغلب على تعطيل الشبكات الاجتماعية والبحث عن الأخبار ذات المصداقية والتركيز على إيجاد مصادر للمتابعة الحية".
الفيس بوك والثورة :
كان لموقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك دور كبير في الثورة المصرية عدد المشتركين الجدد في فيسبوك خلال عام 2010 بلغ 250 مليون شخص وإجمالي عدد المشتركين في الموقع هو 500 مليون شخص، 70% من مشتركي الفيس بوك هم من خارج الولايات المتحدة الأمريكية.
تعتبر مصر هي الأولى في الشرق الأوسط استخداماً للفيس بوك، كان عدد مستخدمي فيسبوك قبل ثورة 25 يناير 4.2 مليون شخص، لكنه ارتفع 23.8 بالمئة بعد الثورة إلى 5.2 مليون. يضم موقعها 2.4 مليون مشترك (زائر) يومياً، وهو الموقع الإلكتروني الأول للمصريين.
وقد أثر الفيس بوك في الحياة السياسية في مصر خصوصاً بعدما أُنشأت مجموعة على الموقع دُعي فيها إلى إضراب يوم 6 أبريل/نيسان 2008 وشارك في هذه المجموعة أكثر من 71 ألف شخص. وقد تم حجب الموقع في 26 يناير 2011 بعد دعوة الشباب إلى ثورة قومية ضد الحزب الحاكم، مما سبب اضطراب للسلطات والحكومة المصرية. وبسبب الفيس بوك و ثورة الشباب تم قطع اتصال الانترنت من يوم 27 يناير 2011 و لمدة أسبوع كامل في سابقة لتعنت الحكومة المصرية ضد الشباب.
العالم العربي والإنترنت:
بقية الدول العربية الأخرى لا تقل عن مصر في زيادة نسبة الإقبال على استخدام الانترنت فيها:
يبلغ عدد مستخدمي الإنترنت في السعودية 9,800,000 مستخدم أي 38.1% من تعداد السكان، وبهذا ندرك حجم الإقبال على الانترنت إذا عقدنا مقارنة بين هذا العدد بعدد مستخدمي الانترنت في السعودية في ديسمبر 2000 م حيث بلغ 200,000 مستخدم فقط.
يبلغ عدد مستخدمي الإنترنت في الجزائر 4,700,000 مستخدم أي 13.6% من تعداد السكان.
يبلغ عدد مستخدمي الإنترنت في سوريا 3,935,000 مستخدم أي 17.7% من تعداد السكان.
يبلغ عدد مستخدمي الإنترنت في تونس 3,600,000 مستخدم أي 34.0% من تعداد السكان.
لماذا قامت الثورات:
بعد هذا العرض لهذه الإحصاءات يمكننا أن ندرك لماذا قامت الثورات العربية؟
وذلك يرجع إلى أن أعدادا هائلة من الشعوب العربية دخلت عالم الإنترنت وثورة الاتصالات، بينما كانت الأنظمة الحاكمة ما تزال قابعة خلف عقلية المذياع الذي يحرك الجماهير، لذلك كان لابد من مواطني العالم الافتراضي أن يتجاوزوا هذا العالم الذي صنعته الحكومات وسجنت الشعوب فيه لمدة تزيد عن 60 عاما.