التحرّش الإلكتروني يحاصر الفتيات!
تعددت الوسائل والتحرّش واحد، هذا هو حال المجتمع المصري الآن، في ظل الفوضى غير الخلاقة التي يعيشها، فبين تحرش لفظي وسلوكي يسيطر على الشوارع صباح مساء، وبين تحرش باللمس والاعتداء تعيش المرأة المصرية أسوأ حالاتها... وكأن كل ذلك لا يكفي، فقد اتسع نطاق التحرش وأفرز نوعاً جديداً امتد إلى مواقع التواصل الاجتماعي، ليظهر ما يسمى بالتحرش الإلكتروني، وبعد أن ظنت المرأة أن هروبها إلى الفضاء الافتراضي كفيل بأن يجنبها بذاءات الواقع، فوجئت بمقولة: «أينما تكوني يدركْك التحرش!».
التحرش الإلكتروني ليس له حد، فكلما ازداد تجاهل الضحية استمر إصرار المتحرش على التحدث معها، بل إن حديثه قد يمتد ليشمل بعض العبارات السافرة والشتائم المختلفة، حتى يستفز ضحيته كي ترد عليه. هذا ما تؤكده رانيا رياض (مدربة آيروبكس) التي تصف من يقوم بهذه التصرفات بعدم الاحترام، وأن لديه وقت فراغ يريد أن يملأه بأي طريقة، حتى إن كانت بعيدة عن الأخلاق.
وعن تجربتها مع هذه المحاولات تقول: «أحياناً أتعرض على الإنترنت لبعض محاولات التحرش من خلال رغبة أشخاص لا أعرفهم في التحدث معي, لكنني أقابلها بالتجاهل كأنني لا أرى شيئاً، وأنتظر ممن يفعل ذلك أن يدرك أنني لا أتحدث مع أشخاص لا أعرفهم. لكن النتيجة تكون مغايرة لتوقعاتي في معظم الأحيان, فأجد إصراراً غريباً على التحدث معي، ومع استمرار التجاهل من جانبي يبدأ وابل من الشتائم لاستفزازي حتى أقوم بالرد، لكنني أصر على موقفي حتى يفقد من يفعل ذلك الأمل تماماً في أن أتحدث معه».
وتضيف رانيا: «في بعض الأحيان أفاجأ بشخص يقول لي معلومة عني، فأتخيل أنه يعرفني فأتحدث معه لشغفي بأن أعلم مصدر معرفته بهذه المعلومة، وبعدها أكتشف أنها مجرد اجتهاد منه ويحاول أن يطيل الحديث بيننا، هنا أقطع الحديث ولا أستجيب لأي محاولة منه مرة أخرى».
وتشير أيضاً إلى بعض محاولات التعارف الأخرى، من خلال التعليق على مشاركاتها على موقع «فيسبوك»، والتي كعادتها تقابلها بالتجاهل أو الحذف.
وتنصح رانيا الفتيات اللواتي ليس لديهن معرفة كافية بمواقع التواصل الاجتماعي، وكيفية ضبط الخصوصية فيها، بأن يتوخين الحذر بعدم وضع أي صور شخصية تخصهن، لأنه من الممكن الحصول على هذه الصور والتلاعب بها، وأيضاً من السهل سرقة حساباتهن الإلكترونية واستغلال أي معلومات أو صور عليها.
خصوصية
بدورها تؤكد لينا الخشاب (مهندسة اتصالات) أن ضبط خصوصية أي حساب إلكتروني هو الذي يحمي صاحبته من أي نوع من التحرش والمضايقات، وتقول: «الخصوصية الشديدة التي أطبقها على أي حساب إلكتروني لديَّ تمنع محاولات الغير لاختراق معلوماتي الخاصة أو أي معلومات أضعها عليه، كما تقلل من أي محاولات للتحرش الإلكتروني. وطريقة التعامل المثلى عند محاولة أي شخص التعرف عليَّ من خلال الرسائل هي التجاهل، إلا إذا رغبت في التحدث معهم، وفي حالة الإصرار على إزعاجي أحظر الحساب وأبلغ عنه إدارة الموقع حتى يتم إغلاقه.
وتضيف أن أكثر المواقف التي أزعجتها كانت على حساب «فيسبوك»، عندما قام أحد الأشخاص بسرقة صورتها التي تضعها على «البروفايل» الخاص بها, ووُضعت على «بروفايل» حساب آخر، وأبلغت عن الحساب وقامت إدارة الموقع بغلقه. وأيضاً من أبرز المواقف التي تتعامل معها بالطريقة نفسها تحصل عندما يكتب أحد تعليقات سخيفة أو تحمل إيحاءات خارجة عن الأخلاق، فتبلغ عنه فوراً لغلق حسابه.
وتنصح لينا الفتيات اللواتي ينشئن أي حساب على مواقع التواصل الاجتماعي، بضبط الخصوصية، وألا يثقن بأحد على الإنترنت، لأن حقيقة شخصية صاحب أي حساب يحاول التعرف عليهن تظل مجهولة، ومن الممكن أن يكون رجلاً يتخفى في شخصية فتاة حتى يسهل له التعرف عليهن ويدخل على كل المعلومات الخاصة بهن ويستغلها بشكل سيِّئ. وقد يكون هدفه الوصول إلى علاقة خارجة عن النطاق المسموح به. وتوضح أن أي فتاة لا تعرف طريقة ضبط الخصوصية، أو الإبلاغ عن أي حساب يحاول التحرش بها أو يزعجها برسائل تحوي عبارات وإيحاءات جنسية، يمكنها أن تدخل على موقع اليوتيوب للتعرف على سبل القيام بهذه الإجراءات، من خلال الفيديوهات الموضحة لذلك، حتى تتفادى أي محاولات تحرش إلكتروني.
غياب الوعي
عدم الفهم الجيد لطبيعة مواقع التواصل الاجتماعي والهدف منها، قد يدفع البعض للتصرف بعشوائية دون وعي. هذا ما مر به إبراهيم محمد، طالب بكلية حقوق جامعة حلوان، في بداية إنشاء حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، حيث كان يبعث برسائل لأشخاص لا يعرفهم تصوراً منه أنه من الضروري فعل ذلك حتى يتعرف على مختلف الشخصيات، وإلا فإنه يكون غير مواكب للتطور التكنولوجي، ويقول: «تباينت ردود الفعل على محاولاتي بين الموافقة والرفض، لكنني بعدما علمت بطبيعة «فيسبوك» وقواعده، لم أحاول إضافة إلا الأشخاص الذين أعرفهم».
ويؤكد أنه لم يحاول التحرش بأي فتاة إلكترونياً، لكنه قام ببعض «المقالب» على حد مفهومه عنها، عندما أنشأ حساباً باسم فتاة حتى يتعرف على اثنتين من زميلاته في أحد الدروس في الصف الثانوي، بهدف معرفة شخصيتهما الحقيقية، وبالفعل تعرف عليهما كفتاة وتطورت العلاقة معهما واستطاع اكتشاف شخصيتهما غير الواضحة له ولزملائه، ثم اعتاد التعرف على الفتيات لشغفه بمعرفة طريقة تعاملهن، ويضيف: «قمت أيضاً ببعض التصرفات والأعمال الجيدة من خلال الحساب ذاته، حيث تعرفت منه على أحد أصدقائي والفتاة التي كان يرتبط بها، لأنهما كانا يشركانني في جميع مشاكلهما لمحاولة حلها، واكتشفت من خلال الحساب أن كلا الطرفين يكذب في بعض الأشياء، فواجهتهما بأكاذيبهما محاولاً الإصلاح بينهما».
ويرى إبراهيم أن ظاهرة التحرش الإلكتروني لم تعد مقتصرة على الشباب، بل امتدت إلى الفتيات اللواتي أصبحن أكثر جرأة وإصراراً على تكوين شبكة علاقات على الإنترنت مع الشباب الذين يعرفنهم وأيضاً الغرباء عنهن، وذلك من خلال «جروبات الدردشة»، وينصح أي شاب بألا يحاول الدخول في علاقة مع أي فتاة على الإنترنت أو محاولة التحرش بها بشكل ما، لأنه قد يقع في مشاكل كثيرة بسبب محاولاته، خاصةً بعد زيادة الوعي بقوانين العالم الافتراضي، كما يشدد على الفتيات بألا ينسقن وراء الكلام الجميل والوعود البراقة التي قد تؤثر فيهن، وأن تظل كل منهن حريصة عند التحدث مع أي شخص لا تعرفه، حتى لا تتعرض لأي نوع من الانتهاك.
توخي الحذر
تختلف الدوافع النفسية لمن يرتكب التحرش الإلكتروني، طبقاً للشخصية التي صنفتها الدكتورة هبة عيسوي، أستاذة الطب النفسي في كلية طب جامعة عين شمس، إلى ثلاثة أنماط، يضم الأول أشخاصاً يخشون مواجهة الآخر ويجدون صعوبة في ذلك، فيلجأون لتكوين صداقات على الإنترنت مع أشخاص لا يعرفونهم للبعد عما يخشونه، أما النمط الثاني فيشمل الأشخاص الذين يسعدون بالنصب على الآخرين واستغفالهم، أما الثالث فبه من يشعرون بسعادة جنسية لمجرد تحدثهم بكلمات فيها إيحاءات جنسية على الإنترنت، ويثارون من هذا، وقد تزداد سعادتهم عندما تقابل أحاديثهم بالرفض أو الإهانة، وترى أن كلاً من هذه الشخصيات غير سوية ولها دوافعها التي تتعلق بطبيعتها، وتضيف أن التحرش الإلكتروني ينتشر بكثرة بين الشخصيات المنغلقة التي لا تتمتع بالحريات، لأن الشاب من هذا النمط يجد في أحاديث الإنترنت متنفساً له، وتكون لدى الفتاة الرغبة الشديدة في سماع كلمات تداعب أحاسيسها.
أما الفتيات والسيدات اللواتي يتعرضن لهذه المحاولات، فتصنف الدكتورة هبة شخصياتهن طبقا لمدى استجابتهن لها، فمنهن من تستجيب مباشرة كأنها تنتظر من يتحدث معها، وهذه الشخصية لديها نفس سمات من يخشى مواجهة من أمامه، وتريد عمل صداقات وهمية من خلال العالم الافتراضي الذي يوفره الكمبيوتر. أما النوع الثاني فتستجيب فيه المرأة بعد إلحاح، وتبدأ استجابتها بعبارات رفض الحديث مع من أمامها تحت شعار الأخلاق، ويكون مدخل التحدث مع هذا النمط الكلام الجميل الأخلاقي والتأكيد على عدم التجاوز في أي أحاديث. أما النوع الثالث فيضم كل من تتصرف بطريقة منطقية وسوية وترفض جميع هذه المحاولات بصفة دائمة، مهما كانت درجة الإلحاح، وتشير إلى بعض الحالات التي تجاوبت صاحباتها مع أشخاص لا يعرفنهم على الإنترنت، تخيلاً منهن أن العلاقة لن تتطور ولن يرى كل طرف منهما الآخر، ولكن كانت نتيجة هذا التجاوب الندم الشديد، لأن أحد الطرفين قد يستغل في بعض الحالات معرفته بتفاصيل حياة الآخر ويهدده، خاصة إذا تطورت العلاقة بينهما وامتدت إلى الحوارات الهاتفية والمقابلات.
وتوضح الدكتورة هبه الاختلاف بين مرتكب التحرش العادي والإلكتروني، وتقول: «الأول يكون هدفه من التحرش أن يرى رد فعل الضحية ويستمتع به، أما الثاني فتكون غايته مداعبة الآخر محاولاً جذب من تتجاوب معه ومصادقتها، وتؤكد أن مرتكب الفعل الأول لا يتحرش إلكترونياً، والعكس، لأن لكل منهما صفات ودوافع مختلفة».
وتنصح الفتيات بضرورة توخي الحذر وعدم التحدث مع أشخاص لا يعرفنهم على الإنترنت، لأنه من الممكن استخدام الصور الخاصة بكل منهن والموجودة على هذه المواقع بأشكال إجرامية، وتشدد على عدم الانخداع بأن هذه العلاقات ستكون عابرة وعادية ولن تتخللها أي تجاوزات أو حوارات خادشة، لأن مثل هذه العلاقات تتطور بسهولة وسرعة كبيرة، وتؤكد أن من يلجأ للتحدث مع من لا يعرفهن تكون لديه اضطرابات نفسية ولابد أن يعيد النظر فيما يفعله، فإذا كان هدفه التخلص من الملل، فمن الممكن أن يزيد مهاراته الاجتماعية ليتغلب على ملله بممارسة نشاطات مختلفة، وإذا كان يعاني من إحباط جنسي، فيجب عليه ممارسة الرياضة المناسبة لكي يخرج من هذه الحالة.
ذئاب إلكترونية
في كتابه «الفضاء البديل الممارسة السياسية والاجتماعية للشباب العربي على شبكة الإنترنت»، رصد الكاتب الصحافي إيهاب الحضري الظاهرة ضمن ظواهر أخرى ارتبطت بالفضاء الإلكتروني، في البداية يرفض الربط بين المجتمعات المغلقة والهوس الجنسي المسيطر على الشبكة العنكبوتية، ويرى أنه تفسير سهل يلجأ إليه بعض المتخصصين دون أن يكلفوا أنفسهم عناء البحث، فالإحصاءات تشير إلى أن الجنس يقع على رأس الموضوعات التي يتم البحث عنها بالمحركات الرئيسية في مختلف دول العالم، سواء كانت متحررة أو منغلقة، والأمر نفسه ينطبق على التحرش الإلكتروني لكن بنسب متفاوتة، ومن خلال دراسته توصل إلى عدة نتائج مرتبطة بالظاهرة، يلخصها بقوله: «تساعد فكرة «القناع» الذي يرتديه البشر على الإنترنت في خلق متحرشين جدد، لأنه إذا كان التحرش الواقعي يتطلب بعض الجرأة التي تصل إلى درجة الصفاقة، فإن نظيره الإلكتروني لا يحتاج لذلك، فقد يكون الشاب شديد الخجل في الحقيقة، لكنه يتحول على الإنترنت إلى ذئب لاطمئنانه بأن أحداً لا يعرف شخصيته الحقيقية، هنا قد يصبح هذا الشاب أخطر، لأنه يعوض فشله في الواقع بانتصارات في الفضاء البديل ويستعين بكل ما يساعده في مهمته من صور جنسية وعبارات فجة».
ويرى الحضري أن هناك مواقع كانت تساعد على ذلك، ويوضح: «يعتبر التحرش على فيسبوك وتويتر أقل وطأة نتيجة صرامة معاييرهما، التي تؤدي إلى إغلاق أي حساب تتعدد الشكاوى منه، بينما كان موقع «ياهو» مرتعاً خصباً لذئاب الإنترنت، لأنه أكثر حرية ونادراً ما كان يغلق حسابات لهذه الأسباب، كما كانت غرف التشات الخاصة به بيئة صالحة لإنتاج مزيد من المتحرشين قبل أن يتم غلقها منذ نحو عام. وكان التحرش يبدأ من مجرد اختيار الاسم المستعار الذي يحمل دلالة جنسية، ومروراً بالحوارات العامة في الغرف، وانتهاء بالمحادثات الخاصة التي يكثف فيها المتحرش جهوده للإيقاع بضحيته، ويشير إلى أن رد فعل الضحية كان يتنوع بين الرفض المتردد والرفض الحاسم بحظر رسائل المتحرش، وهي ميزة تمنحها المواقع لمستخدميها، بينما كانت بعض الضحايا يستسغن اللعبة ويمارسنها انطلاقاً من فكرة «القناع» نفسها، ويضيف: «إذا كانت الفتاة التي تقع ضحية التحرش في الواقع ترفض عادة اللجوء إلى الشرطة، فإن الكثيرات على الإنترنت يرفضن التصعيد، لأن كلاً منهن لا تشعر بأن هناك ضرراً حقيقياً وقع عليها، كما أنها تكتفي باستخدام آليات الحظر التقليدية، وإن لجأت بعض الفتيات إلى التشهير بمن يفعل ذلك في غرفة التشات، التي اعتادت التواجد فيها لخلق رفض مجتمعي له يؤدي إلى انسحابه، ويضيف أن اللغة المستخدمة في التحرش الإلكتروني أكثر فجاجة من تلك التي تستعمل في الواقع، لأن المتحرش في هذه الحالة لا يخشى من المجتمع المحيط الذي قد ينقلب عليه».
إحكام الرقابة
عوامل اجتماعية مختلفة وأسباب عديدة وراء ظاهرة التحرش الإلكتروني، التي انتشرت منذ سنوات، هذا ما يوضحه الدكتور وليد رشاد أستاذ علم الاجتماع، ويقول: «تنعكس مشاكل الواقع على المجتمع وتصرفاته، ويأتي على رأس هذه المشاكل تأخر سن الزواج، الذي ساهم في تزايد الشعور بالحرمان، مما أدى إلى لجوء الشباب للتخلص من هذا الشعور من خلال إشباع احتياجاتهم الجنسية في العالم الافتراضي، والذي يبدأ عادة بالتحرش بالفتيات على الإنترنت والتعمق في الحديث معهن في حالة الاستجابة لهم، وذلك للوصول إلى الهدف الأكبر وهو إشباع الرغبات العاطفية والجنسية في بعض الأحيان».
ويرى أن ازدياد التحرش الإلكتروني يرجع إلى تجاهل الهوية التي تعد إحدى خصائص مواقع التواصل الاجتماعي، لأنه من الممكن التنكر في أكثر من شخصية، وأيضاً سهولة الانضمام إلى هذه المواقع، مما يسهل من مهمة المتحرش في الوصول لضحيته دون الإعلان عن شخصيته، بالإضافة إلى الهروب من نظرة المجتمع السلبية تجاه من يفعل ذلك في الواقع على أنه غير منضبط اجتماعياً، وهي أمور يتم التخلص منها في العالم الافتراضي، الذي لا يستطيع أحد أن يتأكد فيه من شخصية الآخر.
ويؤكد الدكتور وليد أن ظاهرة التحرش الإلكتروني تنتشر بكثرة في فئة الشباب، لأنها الفئة التي تعاني من الحرمان وتعد أكثر جرأة ودراية بالتعامل على مواقع الإنترنت، مقارنة بالأجيال الأكبر، كما تنتشر بصفة بين الرجال مقارنة بالفتيات، وهذا يرجع إلى طبيعة الفتاة الخجولة، بالإضافة إلى القيود المختلفة عليها في العالم الواقعي، والتي تنعكس على العالم الافتراضي، ويضيف أنه على الرغم من تفتح بعض الدول وسهولة التعارف بين الشباب والفتيات فيها، مما يؤثر بالإيجاب على قلة نسبة التحرش، إلا أن هذه الظاهرة تعد عالمية وليست محلية، بسبب مرونة التواصل من خلال شبكة الإنترنت بين دول العالم المختلفة.
ويرجع استجابة البعض لهذه المحاولات على الإنترنت إلى عدة عوامل، منها التربية والتنشئة غير الصحيحة ونقص الوعي لدى الفتيات، وأيضاً صديقات السوء اللواتي يغوين زميلاتهن لتقليدهن بالتحدث مع أشخاص لا يعرفنهم على الإنترنت.
وينصح بضرورة تقليل الفجوة بين الأهل والنشء في المعرفة الإلكترونية، حتى يستطيعوا معرفة ما يفعلونه وإحكام الرقابة عليهم، كما يجب تثقيف النشء على كيفية الاستخدام الآمن والفعال للإنترنت، والبعد عن المواقع الإباحية، ويشدد على ضرورة حرص الفتيات عند إضافة الأصدقاء على مواقع التواصل الاجتماعي، وعدم وضع الاسم الحقيقي أو الصورة على الحساب الخاص حتى لا ينتهك من أي شخص.
ويشير إلى أنه رغم المفارقة بين التحرش العادي والإلكتروني، حيث إن الأول مادي والثاني رمزي لا يحدث فيه انتهاك للجسد، بجانب تخفي فاعله، إلا أنه يجب التعامل مع النوع الثاني بعيداً عن القيمة المجتمعية السلبية، التي تجعل الشخص يبتعد عن الحل والمواجهة، حيث ينبغي أن يكون هناك تدخل فعلي لمنع محاولات التحرش الإلكترونية، وأن يكون هذا التدخل على قدر الحدث حتى لا يتجرأ المتحرش على تكرار أفعاله.
عقوبة
رغم أن التحرش الإلكتروني لا يحدث بشكل مباشر، فإن المشترع لا يميّز في العقاب بين طرق التحرش المختلفة، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة، حسبما يؤكد الدكتور محمود كبيش، عميد كلية الحقوق جامعة القاهرة، ويضيف أن التحرش بأنواعه جريمة تنطبق عليها الأحكام نفسها، ويصنفه القانون على أنه جنحة يعاقب من يقوم بها بالحبس مدة لا تزيد على سنة. ويوضح أن الاختلاف يكون في وسيلة إثباته، لأن النوع المباشر من السهل إثباته من خلال الوقائع والشهود، أما غير المباشر أو الإلكتروني فيتطلب أن تطلع النيابة على الأدلة الخاصة بالواقعة، وتتحرى الدقة في التحقق منها، لأنه يمكن التلاعب بالوسائل الإلكترونية بسهولة.