مفهوم الفقر والحاجات الأساسية
د. زيد بن محمد الرماني
مفهوم الفقر:
لقد تطور مفهوم الفقر تطوراً تاريخياً، وهو يختلف اختلافاً شاسعاً من حضارة إلى حضارة، والمعايير التي تستخدم في التفرقة بين الفقراء وغير الفقراء، هي معايير تجنح إلى كونها تعكس مفاهيم معيارية خاصة بالرفاهة والحقوق.
جاء في تقرير التنمية في العالم 1990م: "يعرّف التقرير الفقر بأنه عدم القدرة على تحقيق الحد الأدنى من مستوى المعيشة"[1]. كما يُعرف الفقر الآن بأنه "عدم القدرة على الحصول على الخدمات الأساسية"[2]. وكما أن للفقر مفهوماً نسبياً، فإن له مفهوماً مطلقاً، ولكل مفهوم معنى مستقل. إذ الفقر المطلق هو "حالة من الحياة محددة بالجهل وسوء التغذية والمرض وارتفاع مستوى وفيات الأطفال وانخفاض فترة الحياة إلى حد أقل من أي تعريف رشيد لحد الكفاف"[3]، فسوء التغذية يسحب طاقاتهم ويهاجم أجسامهم ويقصر من حياتهم، والجهل يغلق عقولهم ويقفل مستقبلهم، والأمراض تهاجم أطفالهم، والقذارة والتلوث تحيط بيئتهم، فكل مباهج الحياة المتاحة تصبح مستحيلة بالنسبة لهم، إذ ليس في مقدورهم سوى مجرد مجهودات للبقاء على قيد الحياة.. ولأن مفهوم الفقر المطلق ثابت، فإن تعريف حد الفقر يتم من خلال تحديد أقل كميات للاستهلاك الفردي الذي يشبع الحاجات الإنسانية الضرورية، مثل كمية السعرات الحرارية وكمية المواد الغذائية التي يجب أن يحصل عليها الفرد[4]. أما الفقر النسبي "فهو تمكن الفرد من إشباع حاجاته أي تحقيق حد الكفاية، ولكن الشيء الأقل يعد فقيراً بالنسبة للأكثر، وهذا يعكس التفاوت في الدخول"[5].. ولأن مفهوم الفقر النسبي حركي، فإن حد الفقر قد يكون مثلاً 40% من مجموع السكان والحاصلين على أقل الدخول، وترجع أهمية مفهوم الفقر النسبي إلى طبيعته الحركية، ففي اقتصاد متطور لابد وأن يتغير فيه حد الفقر مع تغير الزمن.. الفقر في واقع العالم الإسلامي:
سنتناول في هذه الفترة أبعاد الفقر في دول العالم الإسلامي، ثم نجيب على سؤال: كم مقدار الفقر في هذه الدول؟ وأخيراً نشير بإيجاز إلى أهم أسباب الفقر في العالم الإسلامي.
أبعاد الفقر: من الصعوبة بمكان قياس مدى الفقر، فالفقر المطلق ابتداءً يعني أكثر من مجرد الدخل المنخفض، فهو أيضاً سوء التغذية وضعف الصحة ونقص التعليم أو انعدامه، وليس كل الفقراء سواء في البؤس من جميع النواحي. وثمة مجال للخلاف أيضاً حول تعين موضع الحد الفاصل بين الفقراء والآخرين، وحول أمثل طريقة لحساب الدخول ومستويات المعيشة والمقارنة بينها في الأزمنة والأمكنة المختلفة. بَيْد أن البيانات ليست وافية حتى يمكن تسوية هذا الخلاف، وقلما توجد الاستقصاءات التي تتبع ثروات الأفراد والعائلات على مرور الزمن. وعلى الرغم من ذلك، فليس هناك من يرتاب بحق في أن عدداً غفيراً من الناس من الفقراء المدقعين.. وقد أحصت التقديرات [6]عدد الفقراء في البلدان النامية بحوالي 780 مليون نسمة. وذلك باتخاذ مستوى دخل بُني على أساس دراسات مفصلة للفقر في الهند كمرجع إسناد. ففي عام 1975م، كان هناك نحو 600 مليون من الكبار الأميين في البلاد النامية وفي عام 1978م بلغ عدد الذين يعيشون في أقطار يقل فيها متوسط العمر المرتقب عن 50 عاماً نحو 550 مليوناً من الأشخاص.
وقد قدّر البنك الدولي ومنظمة الأغذية والزراعة التابعة لهيئة الأمم المتحدة في أوائل الثمانينات[7]، أن أعداد الذين يعيشون في فقر مدقع[8] قد تراوحت فيما بين 700 مليون وبليون من البشر، ولم تتحسن الحال بل ازدادت الحال سوءاً. وفي عام 1989م، دلت أغلب المؤشرات على تفشي الفقر بصورة مؤلمة في تخوم الصحراء الأفريقية وبعض مناطق آسيا. وهناك إفقار شديد مزمن في الهند.
كم مقدار الفقر في دول العالم الإسلامي؟
ينبغي الإجابة على هذا التساؤل حول عدد الناس الذين يعيشون في فقر في دول العالم الإسلامي؟ فالاقتصاديون يعرفون حد الفقر بحساب الدخل النقدي أو العيني الذي يفي بمتطلبات الأسرة من الاحتياجات الرئيسة من الغذاء فقط أو الغذاء والملبس والمأوى. وفي الظروف النموذجية تجري الحكومات المسوح والتعدادات للأسر لتقدير النسبة المئوية لأولئك الأسر الذين تقل دخولهم عند حد الكفاف.
وللأسف فإنه مما يزيد من تشويه هذه الطريقة أنها عشوائية إلى حد كبير، لأنها تقيس الفقر من خلال مؤشر واحد فقط هو الدخل، كما أن حدود الفقر المستخدمة متنوعة، والرصد الحقيقي من منزل إلى منزل أمر نادر..
إلا أننا سنحاول الإجابة على التساؤل السابق من خلال الجدول التالي[9] (رقم 1):
المنطقة | الفقراء المدقعون الرقم القياسي لعدد رؤوس السكان |
فجوة الفقر | الفقراء ومنهم المدقعون الرقم القياسي لعدد رؤوس السكان |
فجوة الفقر |
المؤشرات الاجتماعية |
|
العدد بالمليون |
النسبة المئوية | |
العدد بالمليون |
النسبة المئوية | | الوفيات دون الخامسة (في الألف) |
العمر المتوقع (بالسنين) |
أفريقيا جنوب الصحراء |
120 |
30 |
4 |
180 |
47 |
11 |
196 |
50 |
شرق آسيا | 120 | 9 | 4,. | 280 | 20 | 1 | 96 | 67 |
جنوب آسيا | 300 | 29 | 3 | 520 | 51 | 10 | 172 | 56 |
الهند | 250 | 33 | 4 | 420 | 55 | 12 | 199 | 57 |
الشرق الأوسط وشمال أفريقيا |
40 |
21 |
1 |
60 |
31 |
2 |
148 |
61 |
جميع البلدان النامية |
633 |
18 |
1 |
1116 |
33 |
3 |
121 |
62 |
وثمة تعريفات وإيضاحات يحسن الإشارة إليها، وذلك على حسب ما ورد في الجدول السابق من بيانات، كما يلي:
1- حد الفقر بالدولارات يعادل القوة الشرائية في عام 1985م، وهو 275 دولار في السنة للفرد من الفقراء المدقعين، و370 دولار في السنة للفرد من الفقراء.
2- يعرّف الرقم القياسي لعدد رؤوس السكان: بأنه النسبة المئوية لعدد السكان تحت حد الفقر.
3- وتعرّف الفجوة: بأنها النقص الكلي في دخل الفقراء باعتباره نسبة مئوية من الاستهلاك الكلي.
4- أفريقيا جنوب الصحراء: وتضم جميع البلدان الواقعة جنوب الصحراء باستثناء جنوب أفريقيا.
5- الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: وتشمل جميع اقتصادات شمال أفريقيا والشرق الأوسط وأفغانستان.
6- شرق آسيا: ويشمل جميع الاقتصادات منخفضة ومتوسطة الدخل في شرق وجنوب شرق آسيا والمحيط الهادي، وشرق تايلند والصين بما فيها هذان البلدان.
7- جنوب آسيا: وقوامه باكستان وبنغلاديش وبوتان وسريلانكا وماينمار ونيبال والهند.
8- يوضح الجدول أن ما يقرب من نصف عدد الفقراء في العالم النامي، وما يقرب من نصف الذين هم في فقر مدقع يعيشون في جنوب آسيا. أما أفريقيا جنوب الصحراء فليس لديها إلا نحو ثلث هذا القدر من الفقراء، وإن كان الفقر فيها بالقياس إلى العدد الإجمالي للسكان في المنطقة هو على نفس القدر من الارتفاع تقريباً، وربما أعلى. ويوضح الجدول أيضاً أن كلاً من جنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء هما على درجة منخفضة في عديد من المؤشرات الاجتماعية الأخرى.
ويؤخذ من جميع المؤشرات أن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يليان ذلك من حيث أعلى درجة من الفقر، وتليهما شرق آسيا.
ولكن: ما هي أسباب هذا الفقر في دول العالم الإسلامي؟!.
يمكننا أن نوجز أهم أسباب الفقر في دول العالم الإسلامي، فيما يلي:
1- البعد عن أدب الإسلام في حفظ النعمة، والاعتدال في الإنفاق من غير إفراط ولا تفريط.
2- انخفاض مستوى التعليم وقلة الخبرات الفنية في كثير من الأقطار مع قلة السعي للتنمية وتحسين الإنتاج.
3- التشرد الذي يعانيه كثير من المسلمين الذين تركوا أوطانهم لاضطراب الأوضاع ولفقدان الأمن فيها، فهنالك ملايين من المسلمين يعيشون لاجئين في بلاد مجاورة، نزحوا من تشاد وأوغنده والصومال وارتيرية والحبشة ومن فلسطين وأفغانستان والفلبين.
4- الأوضاع السياسية غير المستقرة في بعض الأقطار مما يضيع كثيراً من الطاقات والثروات في الإصلاح والبناء.
5- فقدان التعاون الاقتصادي فيما بين الأقطار الإسلامية، إذ أن كل قطر لا يستطيع وحده أن يوفر الإمكانات اللازمة للتنمية، من أراض ومواد أولية وأيدٍ عاملة وخبرات فنية وسوق محلية واسعة، لابد من التكافل والتكامل بين هذه الأقطار[10]. 6- محاولة بعض الأقطار الإسلامية إصلاح أوضاعها المضطربة بتطبيق النظم الاقتصادية الاشتراكية أو الرأسمالية وأساليب التنمية فيها.
7- التبعية الاقتصادية للدول الصناعية الكبرى التي تستغل ثروات العالم الإسلامي[11]. مفهوم الحاجات الأساسية:
عندما يقترب المرء من موضوع الحاجات الإنسانية الأساسية فإنه قد يشعر لأول مرة أنه أمام ((شعار)) أو ((مفهوم غامض)) ولا أدل على ذلك من أن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية اعترفت في الدراسة التي أجرتها بأن مفهوم الحاجات الأساسية يتسم بالغموض الفكري[12]. فقد ذكرت الدراسة أنه لم يرد بها قائمة بالحاجات الأساسية ما عدا قائمة واحدة تلك التي أعدها مكتب العمل الدولي في جنيف عن ((العمالة والنمو والحاجات الأساسية))، حيث ذكرت أن الحاجات الأساسية تشمل الاستهلاك الشخصي وإمكانية استخدام الحاجات العامة والحصول على وظيفة منتجة وعائدها مُجز بشكل مُرْض أو مقبول، وأن الاستهلاك الأساسي يشمل غذاءً ملائماً، وسكناً لائقاً، وملابس ملائمة وكذلك عدة سلع منزلية أخرى، وأن أهم الخدمات الأساسية هي التعليم الابتدائي وتعليم الكبار والمياه النظيفة والمجاري والأدوية الوقائية والعلاجية والوظائف ذات الإنتاج الكافي والعائد المجزي بالقدر الذي يسمح للأفراد بمقابلة احتياجاتهم الاستهلاكية الأساسية[13]. الحاجات الأساسية والفقر[14]: يمثل عدم إشباع الحاجات الأولية أكثر مظاهر الفقر وضوحاً، فالفقر المطلق يوجد حيث ينعدم إشباع قسم كبير من الحاجات الأولية. في حين يشير الفقر النسبي إلى التباين الكبير فيما يتعلق بمستوى إشباع الحاجات وأسلوب الحياة بين فئة الدخول العالية وفئة محدودي الدخل، وهذا التباين أو التفاوت يمكن أن يوجد حتى في حالة إشباع الحاجات الأولية لفئة محدودي الدخل. إن من السهل أن نساوي بين عدم إشباع الحاجات الأولية وبين الفقر، وأن نساوي بالتالي بين خطط التنمية الموجّهة لحل ظاهرة الفقر والتخطيط الموجه لإشباع الحاجات الأساسية. ومن ثم يصبح ((حد الفقر)) هو المعيار البسيط والعملي لتقدير درجة عدم إشباع الحاجات الأولية. إلا أن الفقر المطلق يقاس بالدخل، في حين تقاس الحاجات الأساسية بمستويات الاستهلاك وتوافر الخدمات الأساسية.
مظاهر إهمال الحاجات الأساسية:
1- الفقر[15]:جاء الحديث عنه فيما سبق، ولكن سنتناوله هنا بشيء من الإيجاز باعتباره مظهراً من مظاهر إهمال الحاجات الأساسية. الفقر هو الحرمان في أشد حالاته. تقول مصادر الأمم المتحدة: إن أكثر من نصف سكان بنغلاديش البالغ عددهم 92 مليوناً من البشر يعيشون دون مستوى الكفاف، وتنقل وكالة رويتر للأنباء أن 10% من سكان العاصمة داكا والبالغ عددهم 2.5 مليون نسمة هم من الشحاذين[16]. ولقد وضع علماء الاجتماع مقاييس كمية لمدى انتشار الحرمان في العالم باعتماد مؤشرات تقريبية معينة منها: نقص التغذية في الفرد، ومتوسط العمر المتوقع عند ولادته، ومدى انتشار الأمية وغيرها، أما التغذية فحاجة بدنية أساسية لازمة، وأما متوسط عمر الفرد فيعكس مدى تأثير مختلف أنواع الحرمان، ويضاف إلى هذين المقياسين عنصر الأمية كمؤشر للحرمان في التطور الاجتماعي. وتعطي هذه المؤشرات الثلاثة بنظر خبراء الأمم المتحدة صورة موجزة وواضحة لمدى انتشار الفقر في مظاهره الشائعة.
وعلى هذا الأساس صنفت هيئة الأمم المتحدة عام 1971م دول العالم حسب هذه المقاييس إلى ثلاث فئات: دول متقدمة ودول نامية فقيرة ودول معدمة، فالفئة الأولى المتقدمة فتشكل 25% من سكان العالم وهي في 37 دولة تعدادها حوالي 1100 مليون نسمة، والدول النامية تشكل مع الدول المعدومة 75% من سكان العالم، ومجموع دولها آنذاك 89 دولة[17]، ولازال هذا التصنيف سائداً في عالم اليوم وإن اختلف عدد السكان وكذلك عدد الدول. وفي الوقت الحاضر يحدّد الفقر والظلم الاجتماعي الذي يلازمه، بوصفهما العقبتين الرئيستين اللتين تعترضان سبيل التنمية الاجتماعية الاقتصادية وتحسين نوعية الحياة.
ففي سنة 1978م، كان حوالي 800 مليون شخص أي 40% من سكان البلدان النامية يعيشون في فقر مطلق، وأغلبهم في أرياف جنوبي آسيا واندونيسيا وأفريقيا الاستوائية، ورغم أن نسبة الفقر في أفريقيا أعلى، إلا أن عدد الفقراء في آسيا أكثر من عددهم في أفريقيا، لأن عدد سكان آسيا أكثر من عدد سكان القارة الافريقية[18]. 2- الجوع[19]: تعتبر مشكلة الغذاء في العالم الإسلامي من أهم المشكلات نظراً لتزايد معدلات النمو السكاني وبالتالي معدلات الطلب على الغذاء، ويزاد معدل نمو الطلب على الغذاء في دول العالم الإسلامي ككل عن معدل إنتاج الغذاء بها، ومعنى هذا هو حدوث نقص محلي في الغذاء لابد من مواجهته وإلا تسبب ذلك في ظهور مشكلة الجوع، وقد حدث فعلاً. يوجد في العالم الآن ما لا يقل عن 500 مليون فرداً يعانون إما من حالة الجوع المطلق أو الجوع النسبي، أو سوء التغذية[20]، وهؤلاء يوجدون في البلاد النامية الواقعة في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. وينعكس الجوع وسوء التغذية في هذه البلاد في ارتفاع معدلات الوفيات وزيادة التعرض للأمراض، وانخفاض متوسط عمر الفرد المرتقب وفي بؤس أحوال الطفولة[21] وكل ذلك يؤدي إلى انخفاض إنتاجية العمل البشري وضآلة متوسط الإنتاج بالنسبة للفرد. جاء في أحد تقارير منظمة الفاو أن أكثر من مليار نسمة لا يحصلون على كفايتهم من الغذاء، وجاء في الأرقام المقدمة إلى مؤتمر باريس للدول الأقل نمواً المنعقد سنة 1982م، أن 63% من سكان آسيا و61% من سكان أفريقيا و36% من سكان أمريكا اللاتينية و33% من سكان الشرق الأوسط، يواجهون حالة الجوع[22]. ومن المؤسف حقاً ألا يكون هناك اكتفاء ذاتي[23] حتى الآن، في المواد الغذائية الأساسية في أية دولة مسلمة، رغم غنى بعضها والإمكانات الزراعية الضخمة لدى بعضها الآخر. فالدول التي تستهلك القمح أو الأرز كمادة أساسية في الغذاء تستورده من الخارج. غير أن حكومة المملكة العربية السعودية قد خطت في مجال الإنتاج الزراعي والاكتفاء الغذائي في القمح خاصة[24]، خطت خطوات إيجابية، مما دعى منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة أن تسجل تقديرها للإنجاز الذي حققته حكومة المملكة في هذا المجال، مما يشكل مثالاً ناجحاً للتنمية الزراعية، ينبغي أن تحتذي به البلدان النامية. 3- سوء التغذية[25]: سوء التغذية الذي نتحدث عنه في البلاد الفقيرة النامية ناتج عن نقص العناصر الأساسية المستهلكة في الغذاء. يقول هلفدن ماهلر - المدير العام لمنظمة الصحة العالمية: "سوء التغذية هو في الوقت نفسه، أحد نتائج الظلم الاجتماعي وأحد العوامل التي تسهم في بقاء هذا الظلم"[26]. وهناك من يقول إن 70% من أطفال البلدان النامية يشكون من سوء التغذية. ففي الفترة ما بين 1969م و 1971م قدّر أن المتوفر من الغذاء الذي يولد طاقة الإنسان هو أقل من 10% من حاجات الجسم في 24 دولة نامية، وفي 33 دولة نامية أخرى هناك نقص في الغذاء أقل من 10% من حاجات الجسم[27]. وفي عام 1974م انتشرت أمراض سوء التغذية في بلاد آسيوية عدة منها: الهند وباكستان والفلبين، ومن مجموع 300 مليون طفل في الدول النامية عام 1978م واجه أكثر من ثلثيهم الأمراض المعوقة نقص التغذية.
وفي الجدول التالي (رقم2) نشير إلى نسب التغذية في أطفال المسلمين دون سن الخامسة من العمر، في بعض البلاد الإسلامية طبقاً لتقديرات وكالة اليونيسيف الدولية للأطفال[28]. 1980-1984 نسبة سوء التغذية في الأطفال دون سن الخامسة (في ديار المسلمين)
البلد | سوء التغذية شديد | سوء التغذية متوسط الشدة |
الحبشة | 10% | 60% |
السودان | 2% | 53% |
المغرب | 5% | 40% |
تونس | 4% | 60% |
مصر | 1% | 46% |
باكستان | 10% | 62% |
الهند | 5% | 33% |
بنغلاديش | 21% | 63% |
يتضح من الجدول أن نسبة سوء التغذية الشديد مرتفعة لدى بنغلاديش 21% وباكستان والحبشة 10%، والنسبة أقل لدى مصر 1% والسودان 2%، بينما نسبة سوء التغذية متوسط الشدة مرتفعة لدى بنغلاديش أيضاً 63% وباكستان 62%، وهي أقل لدى الهند 33%، والمغرب 40%.
[1] البنك الدولي للإنشاء والتعمير - تقرير التنمية في العالم 1990م، الطبعة العربية، مؤسسة الأهرام، القاهرة، 1990م، ص41.
[2] د. نبيل صبحي الطويل - الحرمان والتخلف في ديار المسلمين، كتاب الأمة (7)، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1405هـ، ص111-113.
[3] John Maddux – The Development philosophy of R.Mc Nomara، The World Bank، Washington D.C.، 1981، p.40. [4] د. محمود صديق زين - ((قياس توزيع الدخل في الدول النامية)) ضمن بحوث في الاقتصاد والإدارة، مركز النشر العلمي، جامعة الملك عبدالعزيز، جدة، 1405ه-، ص42.
[5] د. عبدالهادي النجار - الإسلام والاقتصاد، كتاب عالم المعرفة (63)، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 1403ه-، ص174-175.
[6] البنك الدولي للإنشاء والتعمير - تقرير التنمية في العالم 1980م، واشنطن، أغسطس 1980م، ص45-47.
[7] ألن درننج - الفقر والبيئة: الحد من دوامة الفقر، ترجمة د. محمد صابر، الدار العالمية للنشر والتوزيع، القاهرة، 1991م، ص12-13.
[8] الفقر المدقع: ((هو عدم كفاية الدخل النقدي أو العيني الضروري للوفاء بالاحتياجات المعيشية الأساسية من مأكل وملبس ومأوى)) ينظر: ألن درننج - الفقر والبيئة، المرجع نفسه، ص12.
[9] مصدر الجدول: البنك الدولي للإنشاء والتعمير - تقرير التنمية في العالم 1990م، ص45.
[10] محمد الأمين الشنقيطي - التعاون الاقتصادي بين الدول الإسلامية، مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، 1406هـ، ص40-90.
[11] ينظر في العوامل المؤدية للفقر المراجع التالية: عبد الرحمن سعد آل سعود - مشكلة الفقر وسبل علاجها في ضوء الإسلام، المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب، الرياض، 1411هـ، ج-1، 75-123، ود. حمد عبد الرحمن الجنيدل - دراسة الفكر الاقتصادي عند أحمد الدلجي، "دراسة غير منشورة"، 1407هـ، ص95-115.
[12] Jorge Garcia – Bouza - A Basic - Needs Analytical Bibliography، Organization for Economic Co- Oporation and Development، Paris، May 1980، p.21. [13] يمكن أن ينظر في تصنيف الحاجات الأساسية: د. سيد الهواري - الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية، الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية، القاهرة، 1402هـ، ج-6/ 126-135، ود. إسماعيل صبري عبدالله - ((الحاجات الأساسية هل يؤدي تحليلها إلى نظرية للاستهلاك)) ضمن أبحاث نقاط لمناقشة حول الاعتماد على الذات والوفاء بالاحتياجات الأساسية، معهد الإنماء العربي، مركز التنمية الصناعية للدول العربية، بيروت 1982م، ص3-5.
[14] برنامج الأمم المتحدة للبيئة - حاجات الإنسان الأساسية في الوطن العربي، ترجمة عبدالسلام رضوان، عالم المعرفة (150)، الكويت، 1410هـ، ص57.
[15] ينظر: د. محمد محمود المرسي - ((تأملات حول مأساة الدول النامية))، مجلة الأمة، قطر، ع57، رمضان 1405هـ، ص50-53.
[16] جريدة الأنوار البيروتية اليومية، ع16، تشرين الثاني - نوفمبر 1982م، ص12-13.
[17] د. نبيل صبحي الطويل - الحرمان والتخلف في ديار المسلمين، ص28.
[18] للاستزادة تراجع فقرة ((أبعاد الفقر)).
[19] ينظر: المجاعة - تقرير اللجنة المستقلة المعنية بالقضايا الإنسانية الدولية، مركز الأهرام، القاهرة، 1986م، ص17-30، ود. حلمي صابر - المنظور الإسلامي لمشكلة الغذاء وتحديد النسل كتاب دعوة الحق (92)، رابطة العالم الإسلامي، مكة، 1409هـ، ص65-80.
[20] فرانسيس مورلاييه وجوزيف كولينز - صناعة الجوع، ترجمة أحمد حسّان، كتاب عالم المعرفة (64)، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 1403هـ، ص18.
[21] ينظر: أطفال الشوارع - تقرير اللجنة المستقلة للقضايا الإنسانية الدولية، منتدى الفكر العربي عمّان، 1987م، ص35-45، ود. برتران شنايدر- ثورة حفاة الأقدام، منتدى الفكر العربي، عمّان، 1987م، ص183-227.
[22] كاميل حسن - ((مأساة البلدان النامية (الجوع في عالم الوفرة))) مجلة الأمة، ع52، 1405هـ، ص76-79.
[23] الأمن الغذائي العربي - أعمال الندوة التي نظمها منتدى الفكر العربي، عمّان 8-10 فبراير 1986م، منتدى الفكر العربي، عمّان، 1987م، ص23-83.
[24] الدائرة للإعلام - قصة القمح السعودي، شركة الدائرة للإعلام، الرياض، 1409هـ، ص140.
[25] ينظر: برنامج الأمم المتحدة للبيئة - حاجات الإنسان الأساسية في الوطن العربي ص19، ود. حامد عمار - التنمية البشرية في الوطن العربي، سينا للنشر، القاهرة، 1992م، ص120، ود. فيليب عطية - أمراض الفقر (المشكلات الصحية في العالم الثالث)، عالم المعرفة (161)، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، شوال 1412هـ-، ص43.
[26] نقلاً عن د. نبيل الطويل - الحرمان والتخلف في ديار المسلمين، ص68.
[27] هيئة الأمم المتحدة - تقييم الحالة الغذائية، مؤتمر الغذاء العالمي، 1974م، ص60.
[28] The state of World's Children 1987، Unicef، James Grant، Table N.Z.