المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
اهلا بكم في المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
اهلا بكم في المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية

علم الاجتماع- العلوم الاجتماعية- دراسات علم الاجتماع
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
Like/Tweet/+1
المواضيع الأخيرة
» أحمد محمد صالح : أثنوغرافيا الأنترنيت وتداعياتها الإجتماعية والثقافية والسياسية
مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة Emptyالخميس أبريل 29, 2021 10:43 pm من طرف زائر

» قارة آمال - الجريمة المعلوماتية
مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة Emptyالإثنين أبريل 26, 2021 5:37 pm من طرف ikramg

» معجم مصطلحات العلوم الإجتماعية انجليزي فرنسي عربي - الناشر: مكتبة لبنان - ناشرون -سنة النشر: 1982
مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة Emptyالخميس أبريل 22, 2021 2:24 pm من طرف Djamal tabakh

» سيكلوجية_المسنين
مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة Emptyالإثنين أبريل 19, 2021 4:46 pm من طرف Mostafa4Ramadan

» ممارسة خدمة الفرد مع حالات العنف الاسرى دعبد الناصر
مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة Emptyالإثنين أبريل 19, 2021 4:45 pm من طرف Mostafa4Ramadan

» جرائم نظم المعلومات
مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة Emptyالسبت أبريل 17, 2021 3:39 pm من طرف Djamal tabakh

» دور التعلم الإلكترونى فى بناء مجتمع المعرفة العربى "دراسة استشرافية"
مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة Emptyالسبت أبريل 17, 2021 2:54 pm من طرف Djamal tabakh

» أصــــــــــــــــــــــــول التربية
مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة Emptyالسبت أبريل 17, 2021 5:02 am من طرف Djamal tabakh

» نحو علم اجتماع نقدي
مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة Emptyالإثنين أبريل 05, 2021 11:22 am من طرف ظاهر الجبوري

» د.جبرين الجبرين: الإرشاد الاجتماعي في المجتمع السعودي
مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة Emptyالأربعاء مارس 31, 2021 4:25 am من طرف nahed

سحابة الكلمات الدلالية
الخدمة الشباب المجتمعات الجريمة الاجتماعي التلاميذ العمل التنمية في التغير اساسيات الاجتماع الالكترونية الجماعات موريس العنف والاجتماعية التخلف تنمية كتاب المجتمع الاجتماعية الجوهري محمد البحث المرحله
أحمد محمد صالح : أثنوغرافيا الأنترنيت وتداعياتها الإجتماعية والثقافية والسياسية
مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة Emptyالجمعة مارس 12, 2010 11:26 am من طرف nizaro

مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة ___online

أثنوغرافيا …


تعاليق: 93
جرائم نظم المعلومات
مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة Emptyالإثنين مارس 08, 2010 10:02 am من طرف فريق الادارة
مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة ___online.pdf?rnd=0

ضع ردا …


تعاليق: 5
أصــــــــــــــــــــــــول التربية
مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة Emptyالأحد يناير 03, 2010 9:37 pm من طرف فريق الادارة

تهتم مادة (اصول التربية) بدراسة الاسس التاريخية …


تعاليق: 146
نحو علم اجتماع نقدي
مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة Emptyالسبت يوليو 24, 2010 2:02 am من طرف فريق الادارة

العياشي عنصر
نحو علم اجتماع نقدي






يعالج الكتاب …


تعاليق: 13
لأول مرة : جميع مؤلفات الدكتور محمد الجوهري - مقسمة علي ثلاث روابط مباشرة وسريعة
مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة Emptyالسبت أبريل 23, 2011 10:27 pm من طرف باحث اجتماعي
مدخل لعلم الأنسان المفاهيم الاساسية في …


تعاليق: 283
أصل الدين - فيورباخ
مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة Emptyالإثنين مارس 01, 2010 10:38 pm من طرف فريق الادارة



أصل الدين - فيورباخ

مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة …


تعاليق: 223
العنف في الحياه اليوميه في المجتمع المصري-احمد زايد
مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة Emptyالخميس يناير 14, 2010 10:27 am من طرف فريق الادارة
مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة ______-_

[hide][url=http://www.4shared.com/file/196965593/6e90e600/______-_.html]…


تعاليق: 43
مبادئ علم الاجتماع - للمؤلف طلعت ابراهيم لطفي
مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة Emptyالثلاثاء ديسمبر 22, 2009 7:25 am من طرف فريق الادارة


مبادئ علم الاجتماع


إذا أعجبك الكتاب اضغط لايك في …


تعاليق: 264
نظرة في علم الاجتماع المعاصر - د. سلوى خطيب
مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة Emptyالسبت فبراير 06, 2010 11:31 am من طرف فريق الادارة
نظرة في علم الاجتماع المعاصر
د. سلوى خطيب

رابط التحميل


تعاليق: 39
التدين الشعبي لفقراء الحضر في مصر
مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة Emptyالأربعاء مايو 26, 2010 4:14 am من طرف فريق الادارة

التدين الشعبي لفقراء الحضر في مصر

[img]…


تعاليق: 22

 

 مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
زبيري رمضان
زائر




مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة Empty
مُساهمةموضوع: مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة   مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة Emptyالأربعاء مايو 18, 2016 2:21 am

الإسم و اللقب: زبيري رمضان                     الوظيفة: أستاذ مساعد أ
المؤهل العلمي: الرابعة دكتوراه                    التخصص: العلوم السياسية _ تنظيم سياسي وإداري_
المؤسسة: كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة الدكتور الطاهر مولاي _ سعيدة.

مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة
    يذكر "بوتنام" في إحدى كتاباته أن "الجماعة التي يكون أعضاؤها جديرين بالثقة ويضعون ثقة بالغة في بعضهم البعض سوف تكون أكثر قدرة على الإنجاز بالمقارنة مع الجماعات الأخرى التي تفتقد للثقة بين أفرادها". من هذا المنطلق ظهر مفهوم رأس المال الإجتماعي مع كتابات كل من "أليكسيس دي توكفيل  Tocqviell" و"ليدا هانيفانlida Hanifan " و"جيمس كولمان James Coleman" وفي مرحلة لاحقة مع "روبرت بوتنام" وفي العقدين الأخيرين تبنَى البنك الدولي والهيئات الدولية لمصطلح رأس المال الإجتماعي ورأس المال المؤسسي ودورهما في الإنتاجية ومكافحة الفقر وتعزيز الثقة والاحترام داخل المجتمع، وكون أن تراكمهما يؤدي حتماً إلى خلق نواة إستراتيجية للتنمية البشرية المستدامة.                                                
فما الذي يُعنى برأس المال الإجتماعي؟ وما الفارق بينه وبين صور رأس المال الأخرى؟ وما المسؤوليات التي يمكن أن يضطلع بها في سبيل الوصول إلى تنمية بشرية مستدامة؟
ستحاول الدراسة الإجابة عن هذه الأسئلة وفقاً للخطة التالية:
أولاً: رأس المال الإجتماعي: إعادة تعريف لرأس المال من أجل تنمية بشرية مستدامة
ثانياً: المسؤولية الإجتماعية لرأس المال الخاص.
ثالثاً: مسؤولية رأس المال الإجتماعي في تحقيق تنمية بشرية مستدامة
أولاً : إعادة تعريف لرأس المال من أجل تنمية بشرية مستدامة
    يولد الطفل في دول الشمال غنياً وتكون حصته في رأس المال الذي حققته الأجيال السابقة عالية، ومن ناحية أخرى فإن المستوى المرتفع للأجور والرواتب في دول الشمال مقارنة بدل الجنوب يعكس بوضوح الإختلافات في مكتسبات الدولة لا مكتسبات الفرد، فعلى سبيل المثال تتقاضى الممرضة في ألمانيا دخلاً سنوياً يعادل ثلاثين مرة ما تتقاضاه الممرضة في بنغلاديش أو زامبيا، وهذا الفرق في الدخل لا يعكس اختلافات في المهارات أو الخبرة وإنما يعكس الفرق في الثروة المجتمعية التي تراكمت خلال الفترات التاريخية السابقة في كل من البلدين، وإذا كان هذا هو الجانب المادي من الثروة المجتمعية(مصانع، طرق، مدارس، مستشفيات، جامعات، وسائل اتصال حديثة...)، فإن ثمة أنواعاً أخرى من الثروة المجتمعية التي تراكمت في دول الشمال والتي لا تتسم بصفة مادية(كالديمقراطية وحقوق الإنسان، وحرية الصحافة، وأنظمة لنشر الأفكار الجديدة بشكل سريع، ونقابات العمال، وأنماط إيجابية للتفاعل الإجتماعي، ونظام قضائي يدافع عن القانون والعدل....) وهذا النوع من رأس المال يشكل ما سنطلق عليه" رأس المال الإجتماعي"، وعلى غرار رأس المال المادي فإن هناك تفاوتاً كبيراً بين دول الشمال ودول الجنوب في حيازة رأس المال الإجتماعي( ).
وكثيراً ما يُثار أن رأس المال الاجتماعي هو أكثر صور رأس المال غموضاً, ربَما لأنه يتعلق في الأساس بقيمة غير منظورة أو ملموسة, في حين تتعلق الصور الأخرى لرأس المال بظواهر يمكن تمييزها وقياسها بسهولة وبشكل ملموس, فرأس المال المادي "Physical capital"( ) يندرج في إطاره ثلاثة أصناف فرعية وهي رأس المال الطبيعي(الأرض المياه , موارد الطاقة , المعادن...), ورأس المال المالي (أرصدة مالية ونقدية للإستهلاك والادخار ...)؛ ورأس المال الإنتاجي(معدات, آلات, موارد مادية وعينية...)( ), وهذا النوع من رأس المال هو الصورة الأكثر تجسَداً من صور رأس المال إذ أنه ينطوي على عناصر يمكن تمييزها وقياسها بسهولة .
أما رأس المال البشري فيشار به إلى مجموع الخبرات والمعارف والطاقات والحماس والإبداع والصفات التي يمتلكها العاملون في الشركة ويستثمرونها في العمل, فهو يشمل كل المهارات الفنية والتكنولوجية والشهادات والدرجات العلمية وكل مقدرة تمكن الأفراد ـ من خلال استخدامها وتطويرها ـ من تحقيق مكاسب مادية أو أدبية, وفي هذا يكون رأس المال البشري ـ كما هو واضح ـ أقل في ماديته من رأس المال المادي( ), أما فيما يتعلق برأس المال الإجتماعي فهو يعد أقل صور رأس المال تجسَداً, إذ يشير إلى مجموعة العلاقات والروابط الاجتماعية التي تنمو في إطار شبكة اجتماعية معينة تحكمها عدد من القيم والمعايير كالثقة والاحترام المتبادل والالتزام والتعاون وهذه كلها قيم مجردة يصعب قياسها كميا, كما يصعب تمييزها بشكل دقيق ( ), وهو الأمر الذي جعل البعض يعتبر مفهوم رأس المال الإجتماعي بأنه مفهوم غامض جداً حتى وصل بأحدهم أن شبهه بـ"الكلمات المتقاطعة",في حين نظر إليه آخرون باعتباره"علاجاً لجميع المشكلات"( ).
وينطوي مفهوم رأس المال الاجتماعي على شقين رئيسيين: جانب رأس المال والجانب الاجتماعي, فرأس المال يشير أساساً إلى أن رأس المال الاجتماعي يتكون من خلال التراكم عبر فترات طويلة من الزمن, ومن هنا فمن الصعب تخيل أن يتكون رأس المال الاجتماعي بصورة وقتية أو سريعة لخدمة موقف مفاجئ أو حالة عارضة, ويشير الجانب الإجتماعي إلى حقيقة بديهية مؤداها أن رأس المال الاجتماعي لا يكون فردا بذاته   ـ كما هو الحال في رأس المال المادي أو البشري ـ وإنما يتكون في إطار جماعة اجتماعية يرتضي الأفراد الإنضمام لها من أجل استغلال ما توفره العضوية في هذه الجماعة من مزايا ورصيد اجتماعي( ) .
وجدير بالذكر هنا أن الدارسون المهتمون برأس المال الاجتماعي يختلفون حول الفترة الزمنية التي ظهر فيها هذا المفهوم, ففي الوقت الذي يعتقد بعضهم أن الجذور الأولى للمفهوم تعود إلى كتابات "توكفيل Tocquveill"                                                                                                      عن الديمقراطية في الولايات المتحدة في القرن التاسع عشر حين أشار"توكفيل"إلى الترابط الاجتماعي ونزوع المواطنين إلى المشاركة في الحياة العامة, فإن آخرين يعتقدون أن البداية الحقيقية تعود إلى كتابات هانيفان (Hanifain) في 1916م, والتي ربطت بين رأس المال الاجتماعي وبين ممارسات اجتماعية محددة( )، وقد نظر"هانيفان" إلى رأس المال الاجتماعي على أنه الأصول المعنوية التي تحسب في الحياة اليومية للناس والتي تضم "حسن النية, والزمالة, والتعاطف, الاتصال الاجتماعي بين الأفراد والعائلات والذين يشكلون وحدة اجتماعية, والمجتمع الريفي الذي يكون مركزه المنطقي في المدرسة" ( ) .
   وقد شهد المفهوم مرحلة من الأفول بعد "هانيفان", إلا أنه عاود إلى الظهور مجدداً على الساحة الأكاديمية منذ عقدي الستينات من القرن الماضي من خلال كتابات "جان كالوب" و "لوري جيرمين" إلا أنه من الثابت أن المفهوم لم يحظ باهتمام على نطاق واسع إلا في أواخر السبعينات مع ظهور كتابات المفكر الفرنسي "بيير بورديوBourdieu" والذي عرف رأس المال الاجتماعي بأنه "مجموعة الموارد الممكنة التي تتوافر للشخص بفضل حيازة شبكة من العلاقات الاجتماعية المتبادلة والمُمأسسة، وتعضد من مصالحه ومن رصيد القوة والهيبة لديه"( )، وقد اعتبر "بورديو" أن رأس المال الاجتماعي لا يعدو إلا أن يكون شكل واحد من أشكال رأس المال(الاقتصادي, الثقافي, الاجتماعي، والرمزي). وبعد "بورديو" جاءت كتابات "جيمس كولمان"                   خلال الثمانينات عن رأس المال الاجتماعي في إطار محاولته للربط بين الظواهر الاجتماعية والتقدم الاقتصادي في سياق نظرية "الاختيار الرشيدRational choice" المعروفة لدارسي الاقتصاد( )، وقد ذكر "كولمان" أن رأس المال الاجتماعي "يعرف بوظيفته على أنه ليس كياناً واحداً ولكنه مجموعة متنوعة من مختلف الكيانات مع وجود عنصرين مشتركين, إنها جميعا تتألف من بعض جوانب البنى الإجتماعية وتسهل أفعال معينة للجهات الفاعلة سواء أكانوا أشخاصا أو شركات ـ داخل البنى"( ), وبحسب"كولمان" يختلف رأس المال الاجتماعي عن صور رأس المال الأخرى لأنه "لا يوجد في الأشخاص ولا في الواقع المادي وإنما في العلاقات الاجتماعية بين الأفراد وإمكان الحصول على المعلومات والمنافع" ( )
وبالانتقال إلى "روبرت بوتنام" وأعماله نجد أن بداية استخدام بوتنام لرأس المال الاجتماعي جاء في كتابه "جعل الديمقراطية تنجح" 1993م, وفيه نظر بوتنام لرأس المال الاجتماعي على أنه "يجسد مقومات التنظيم الاجتماعي والتي تتمثل في الثقة والتعاون والتشبيك"Networking" والتي يمكن من خلالها الإسهام في تحقيق التطور والتقدم داخل المجتمع سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات أو المؤسسات"( ), وفي عام 2000م ذكر بوتنام في كتابه"لعب البولنج المنفرد" أن" رأس المال الاجتماعي يشير إلى الروابط بين الأفراد والشبكات الاجتماعية ومعايير المعاملة بالمثل والجدارة بالثقة التي تنجم عنها, وفي هذا المعني يرتبط رأس المال الاجتماعي ارتباطا وثيقا مما سماه الفضيلة المدنية"( ), ويقول هنا بوتنام أن "الجماعة التي يكون أعضاؤها جديرين بالثقة ويضعون ثقة بالغة في بعضهم البعض فإنها سوف تكون أكثر قدرة على الإنجاز بالمقارنة مع الجماعات الأخرى التي تفتقر إلى الثقة بين أفرادها"( ) .
وفي العموم يتفق الكثير من المراقبين على أن رأس المال الاجتماعي يعبر عن "الروابط والعلاقات الاجتماعية التي يكوَنها وينضم إليها مجموعة من الأفراد في إطار بناء اجتماعي لخدمة أهدافهم المشتركة, ووفقا لهذا التعريف, ينطوي رأس المال الاجتماعي على العناصر والمكونات الآتية:( )
 بناء اجتماعي يمتد من الأسرة ليشمل جماعات الجيرة والأصدقاء والنوادي وما يطلق عليه المساعدة الذاتية Self-help, كما يضم مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات بكافة صورها وأحجامها .
 مجموعة من الروابط والعلاقات الاجتماعية التي تتكون في إطار هذا البناء, والتي تقوم على مجموعة من المبادئ العامة كالثقة والتبادلية والإلتزام بما تفرضه العضوية في هذه الجماعة من واجبات .
 فائض من الموارد الفيزيقية والبشرية يمتلكها أفراد الجماعة .
 الأفراد الذين ارتضوا الإنضمام طواعية إلى هذا البناء الاجتماعي, شريطة أن يتوفر في الأفراد الرغبة في التعاون مع بعضهم البعض لتحقيق استفادة متبادلة فيما بينهم, بما يمكنهم من الاستفادة بالشكل الأمثل من الموارد التي توفرها الجماعة .
 مجموعة من الأهداف التي يسعى أعضاء الجماعة إلى تحقيقها, وقد ترتبط الأهداف بالجماعة ذاتها أو بالمجتمع الأوسع .
ثانياً : المسؤولية الاجتماعية لرأس المال الخاص
   في النصف الأول من القرن العشرين لم يكن مفهوم المسؤولية الاجتماعية للمنشآت معروفا بشكل واضح, فالشركات تسعى بكل الطرق لتعظم أرباحها, غير أنه في أوائل الخمسينات من نفس القرن ظهر اتجاه قوي وبالخصوص في المجتمعات الرأسمالية يدعو إلى ضرورة التزام هذه الشركات تجاه المجتمع الذي تعمل فيه, فأصبحت إدارة الشركة مسؤولة ليس فقط عن تحقيق الكفاءة الاقتصادية معبراً عن مؤشر الربحية, ولكن أيضاً عن ما يجب أن تؤديه اتجاه المشاكل البيئية والاجتماعية المترتبة عن أنشطة هذه الشركة, بمعنى أن إدارة الشركة أصبحت مضطرة إلى التسليم بالمسؤولية الاجتماعية إلى جانب مسؤوليتها الاقتصادية( ).
وفي الحقيقة لا يوجد تعريف موحد متفق عليه لمفهوم المسؤولية الاجتماعية لرأس المال الخاص (CSR)                                                                                                                       إلا أنه بصفة عامة تتضمن المسؤولية الاجتماعية لرأس المال وجود عقد ضمني يحدد واجبات ومسؤوليات رجال الأعمال تجاه مجتمعهم, كما تقيس أثر النشاط الاقتصادي على مستوى الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية, وينطلق هذا المفهوم للمسؤولية الاجتماعية لرأس المال من أنه على الرغم من أن الهدف الرئيسي لرأس المال هو تحقيق أعلى معدلات للربح إلا أنه من الضروري أن يسهم أيضا في تحقيق بعض الأهداف الاجتماعية, وهذا يعني تحمل الشركات لمسؤولياتها تجاه أصحاب المصالح من حملة الأسهم والمستهلكين والعملاء والموردين والعاملين وحتى البيئة والمجتمع( ).  ولقد عرف البنك الدولي للمسؤولية الاجتماعية لرأس المال الخاص بأنها "الإلتزام بالمساهمة في التنمية الاقتصادية المستدامة, وذلك من خلال التعامل مع العاملين وأسرهم والمجتمع المحلي والمجتمع ككل لتحسين مستوى معيشتهم على نحو مفيد لنشاط الشركات والتنمية الاقتصادية"( )، بينما مجلس الأعمال العالمي للتنمية المستدامة(WBCSD) فقد عرف التنمية المستدامة على أنها "الإلتزام المستمر من قبل مؤسسات الأعمال بالتصرف أخلاقيا والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والعمل على تحسين نوعية الظروف المعيشية للقوى العاملة وعائلاتهم , إضافة إلأى المجتمع المحلي والمجتمع ككل"( ).
ومن خلال هذه التعريفات وغيرها يطرح الكثير من الباحثين نقطة رئيسية متمحورة حول أن مفهوم المسؤولية الاجتماعية لا يكتسب قوة الإلزام القانونية, لا على المستوى الوطني ولا الدولي, فهذه المسؤولية -هي بحسبهم- في جوهرها أدبية ومعنوية, أي أنها تستمد قوتها وقبولها وانتشارها من طبيعتها الطوعية الاختيارية( ) لذا يقترح بعض المتخصصين تحويل مصطلح المسؤولية الاجتماعية لرأس المال إلى مصطلح الإستجابة الاجتماعية لرأس المال(Corporate social Responsiveness) حيث أن المصطلح الأول يتضمن نوعا من الإلزام, بينما يتضمن الثاني وجود دافع أو حافز أمام رأس المال لتحمل المسؤولية الاجتماعية, وهنا تتعدد المصطلحات المعبرة عن هذه المسؤولية لرأس المال منها مواطنة الشركات (Corporate Citizenship), والشركات الأخلاقية(Ethic corporation), والحوكمة الجيدة للشركات (Good Corporate Governance), وعلى الرغم من تعدد هذه المصطلحات إلا أنها في النهاية تصبَ على مساهمة الشركات في تحمل مسؤوليتها تجاه أصحاب المصالح المختلفين, كما تشمل أيضاً المسؤولية الإجتماعية لرأس المال على عدة أبعاد منها البعد الاقتصادي والقانوني والإنساني والأخلاقي, وتتركز في بعض المجالات خاصة العمل الاجتماعي ومكافحة الفساد والتنمية البشرية والتشغيل,والمحافظة على البيئة( ). وقد اقترح الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان عام 1999م في خطابه أمام المنتدى الاقتصادي العالمي الميثاق العالمي للمسؤولية الاجتماعية, والذي أطلق في مرحلته النهائية في مقر الأمم المتحدة في 26 جويلية 2000م , وهو عبارة عن مبادرة مواطنة طوعية متعلقة بالشركات تعرض تسهيلاً وتعهداً من خلال عدة آليات(سياسة الحوار, المعرفة, شبكات محلية ومشاريع الشراكة), ويعتمد هذا الميثاق على المسؤولية الاجتماعية العامة بما في ذلك شفافية الشركات والقوى العاملة والمجتمع المدني للبدء والمشاركة في الأداء الجوهري المتعلق بمتابعة المبادئ المستند عليها الميثاق, وهذه المبادئ هي: ( )
1) حقوق الإنسان :
• على منظمات الأعمال أن تدعم وتحترم حقوق الانسان المعلنة عالميا .
• التأكد من أن هذه المنظمات ليست متواطئة في أي انتهاك لحقوق الإنسان .
2) العمل :
• الإلغاء الفعلي لعمالة الأطفال
• إزالة التمييز فيما يتعلق بالتوظيف والموظفين .
• إزالة كل أشكال العنف والعمل الإجباري .
3) البيئة :
• تشجيع تطوير وانتشار التقنيات الملائمة للبيئة
• تولي المبادرات من أجل ترويج أكبر للمسؤولية البيئية
• على منظمات الأعمال أن تدعم الطريقة الوقائية للتحديات البيئية .
4) محاربة الفساد: ـ على منظمات الأعمال أن تعمل ضد كل أشكال الفساد بما فيها الرشوة والابتزاز .
   وفي العموم فإن الحديث عن تقييم أثر برامج المسؤولية الاجتماعية لرأس المال الخاص تنقسم بحسب مجموعة من الدراسات النظرية والتطبيقية إلى وجهتي نظر, ففي حين ترى بعض الدراسات أن هناك علاقة إيجابية بين تحمل الشركات لمسؤوليتها الاجتماعية وبين الأرباح المالية التي تحققها هذه الشركات , وتعود هذه العلاقة الايجابية إلى تحسن العلاقة داخل الشركات بين الإدارة والعاملين بها من ناحية والإدارة وعملاء الشركة من ناحية أخرى, كما تتحسن سمعة الشركة وتصبح مؤهلة للاقتراض من القطاع المصرفي وقادرة على جذب الاستثمارات, فضلاً عن تحسين العلاقة بين الشركات والحكومة مما يعود عليها بالنفع, وقد أكدت هذه الدراسات على أن التزام الشركات ببرامج المسؤولية الاجتماعية يكون له أثر إيجابي على إنتاجية العاملين وعلى مستوى أجورهم, هذا على غرار وجود علاقة إيجابية بين الالتزام البيئي وإنتاجية الشركات وكفاءتها في استخدام الموارد .   ومع كل هذا فإن هناك وجهة نظر مغايرة ترى أن هذه العلاقة سلبية بسبب ارتفاع تكلفة تحمل المسؤولية الاجتماعية نتيجة ارتفاع تكلفة التبرعات التي تدفع الشركات سواء للأعمال الخيرية أو لدعم جهود التنمية المحلية أو المجتمعية, أو تكلفة التخلي عن إنتاج منتجات معينة(كالمبيدات مثلا) بسبب اعتبارات بيئية, لذا فهناك بعض الدراسات التي لم تجد أية علاقة بين أرباح الشركات واضطلاعها بمسؤوليتها الاجتماعية ( )
وعلى الرغم من هذا التضارب في وجهات النظر والصعوبات التي تواجه تقييم أثر المسؤولية الاجتماعية للشركات , إلا أن هناك بعض المؤشرات التي تستخدم لترتيب الشركات لقياس درجة نجاح برامج المسؤولية الاجتماعية التي تتبناها, ومن هذه المؤشرات مؤشر داوجونز للإستدامة المالية, ومؤشر الأسواق المالية التابع للفاينانشل تايمز الذي تصدره سوق الفاينانشل تايمز المالية وتقوم بقياس مدى إلتزام الشركات بالمعايير البيئية ومبادئ حقوق الإنسان ( ) .

ثالثا : مسؤولية رأس المال الاجتماعي في تحقيق التنمية المستدامة
   كثيراً ما يعتقد أنَ تراكم رأس المال الاجتماعي هو المفتاح لنمط جديد من التنمية أكثر إنسانية واستدامة, وأنَ الثروة الممثلة برأس المال الاجتماعي يمكن أن تعتبر غاية بذاتها, كما أن العيش بالمجتمعات التي تتسم برأس مال اجتماعي متطور يكون أفضل بكثير من العيش في المجتمعات التي يكون فيها رأس المال الاجتماعي ضعيفاً, كذلك يخلق وجود رأس المال الاجتماعي المتطور بيئة صالحة للنمو الاقتصادي .
1) دوره في تعزيز دالة الإنتاج والنمو الاقتصادي المستدام
   ينبغي التأكيد هنا على أن إنتاج معظم السلع والخدمات يحتاج بنسب متفاوتة إلى كافة أنواع رأس المال, ومن هنا فإنه ينبغي علينا أن نتجاوز دالة الإنتاج التقليدية التي كانت تعتبر رأس المال المادي والعمل عنصري الإنتاج الوحيدين, وأن نحاول التوصل إلى تعريف لدالة إنتاج مركبة من عناصر أخرى تضاف إلى رأس المال المادي والعمل, كما يجب أن تتعامل دالة الإنتاج هذه مع رأس المال لا بمكونه المادي وحسب وإنما بمكوناته الأخرى أيضاً خصوصاً رأس المال الاجتماعي( ), ومن الأمثلة التي توضح هذه العلاقة نموذج تجارة الماس في الولايات المتحدة والتي أشار إليها "كولمان" كدليل على الارتباط بين رأس المال الاجتماعي والصور الأخرى لرأس المال, إذ يعتمد تجَار الماس هناك في تسهيل معاملاتهم التجارية على العلاقات والروابط الاجتماعية والقيم المتعارف عليها(رأس مال إجتماعي) دون اللجوء إلى كتابة وتحرير عقود قانونية معقدة تستهلك الوقت والجهد والمال, الأمر الذي يمكنهم في النهاية من زيادة أرباحهم(رأس المال المادي)( ), وهي النتيجة ذاتها التي توصل إليها "روبرت بوتنام" في دراسته عن "الديمقراطية في إيطاليا" والتي قارن فيها بين الشمال والجنوب الإيطالي من حيث مدى التقدم والإزدهار على المستويين السياسي والاقتصادي, فعلى الرغم من امتلاك أقاليم الشمال والجنوب لنفس أدوات الإنتاج والمهارات البشرية والموارد المادية, إلا أن أقاليم الجنوب حققت تقدماً واضحا على محافظات الشمال من حيث درجة التقدم والإزدهار الاقتصادي, وأرجع "بوتنام" ذلك إلى امتلاك أقاليم الجنوب لرصيد مرتفع من رأس المال الاجتماعي عن أقاليم الشمال( ).
وحتى إذا أخذنا باعتبار الاستدامة الاقتصادية فإن التنمية المستدامة لا تحتاج إلى رأس المال المادي فقط وإنما تحتاج أيضا هي بدورها إلى الأنواع الأخرى من رأس المال التي تخلق وتحفز وتحافظ على البيئة المطلوبة للتنمية, وقد أثبت التاريخ التنموي بشكل لا يقبل للشكَ أن توفر رأس المال المادي وحده دونما توفر بقية الأصناف الأخرى من رأس المال- بما فيها رأس المال الاجتماعي- لا يؤدي إلى الاستدامة, وإذا كانت تحليلات النظرية الاقتصادية النيو-كلاسيكية تركز على التنافس باعتباره المحرك الرئيسي للتنمية, فإن التحليلات المتمحورة حول رأس المال الاجتماعي تركز على التعاون باعتباره عاملا مساعدا في التنمية, وعلينا نحن كباحثين أن نؤكد أن الفرق بين هذين المنهجين هو فرق في درجة التركيز, إذ لكل من التنافس والتعاون أدواراً هامة في الوصول إلى تنمية إقتصادية مستدامة ( )
2) دوره في تعزيز الثقة والاحترام داخل المجتمع
   عادة ما تتأثر الدراسات المتعلقة برأس المال الاجتماعي بالنزعة الأنجلو أمريكية والتي تنقسم إلى رافدين: "الرافد الوظيفيFunctionalist" والذي تمثله كتابات "جيمس كولمان", و"الرافد القيميNormative "                         والذي تمثله كتابات " روبرت بوتنام" و "فوكوياما" .
وقد أكد "روبرت بوتنام" في كثير من كتاباته أن "الجماعة التي يكون أعضاؤها جديرين بالثقة ويضعون ثقة بالغة في بعضهم البعض فإنها سوف تكون أكثر قدرة على الإنجاز بالمقارنة مع الجماعات الأخرى التي تفتقر إلى الثقة بين أفرادها, ومثال ذلك نجد مؤسسات الإدخار غير الرسمية والتي يطلق عليها " جمعية القروض الدوارة " وتتكون تلك الجمعية من مجموعة من الأفراد يتفقون فيما بينهم على المساهمة بمبلغ من المال بشكل منتظم في صندوق نقدي , والمشاركون يدركون جيدا مخاطر التخلف عن الدفع , ويقوم المنظمون باختيار الأعضاء بشيئ من الحرص والدقة والسمعة الطيبة والتي تتبين من خلال تاريخه السابق في مثل تلك الجمعيات الخاصة بالقروض الدوارة أو من خلال علاقاته مع الآخرين داخل مجتمعه , فالثقة والسمعة الطيبة إنما يؤثران بصورة إيجابية وبالتالي عدم الإرتياب من مخاطر التخلف عن الدفع"( ).
وعلى المستوى العام, وفي محاولته لتصنيف رأس المال الاجتماعي وفقاً لمعيار الثقة الناتجة عن استخدامه فصل بوتنام رأس المال الاجتماعي إلى صنفين:
أ‌- رأس مال إجتماعي عابر:  ويتمثل في الروابط والعلاقات الاجتماعية التي تتشكل في إطار أبنية إجتماعية متنوعة, ولا تقوم هذه العلاقات والشبكات على الروابط التقليدية, كالدين أو العرق أو النسب وإنما تعتمد على ارتباط أعضائها بمجموعة من الأهداف العامة, ويساهم هذا النوع في تكوين نمط من الثقة المجتمعية المعممة Gneralized Social Trust" والتي تدفع المواطنين للمشاركة في شؤون مجتمعهم .
ب‌- رأس مال اجتماعي رابط : وينصرف إلى الروابط والعلاقات الاجتماعية التي تتشكل في إطار أبنية اجتماعية مغلقة , وتعتمد هذه الشبكات والأبنية الإجتماعية على الروابط التقليدية ولا تتولد لدى أعضاء هذه الشبكات رغبة في المشاركة خارج نطاق جماعتهم, وذلك لتكون نمط من الثقة الفردية أو الشخصية "Personlized Trust. ومن جهة أخرى يؤكد "مارك جرانو فيث" أنه لا يوجد خط فاصل بين رأس المال الاجتماعي العابر والرابط, فهناك إمكانية لتحول الرابط إلى العابر من خلال التفاعلات الاجتماعية, ويضرب مثال على ذلك ببعض المشاريع التجارية الصغيرة التي تعتمد في إدارتها على العلاقات والروابط الاجتماعية المباشرة كالأقارب والأصدقاء والجيران(رأس مال اجتماعي رابط) في الحصول على كافة الاحتياجات الأساسية للمشروع, ولكن بمرور الوقت ومع اتساع النشاط يبدأ أصحاب تلك المشروعات في تكوين روابط اجتماعية أخرى خارج حدود جماعتهم التقليدية من خلال اكتساب عدد من المهارات والأدوات(رأس مال اجتماعي عابر)( ) .
والجدير بالذكر هنا أن فوكوياما هو أيضاً قام بتصنيف المجتمعات وفقاً لشكل الروابط الاجتماعية السائدة فيها إلى مجتمعات أسرية تكون فيها العائلة وصلات القربى بشكلها الأوسع كالقبيلة والعشيرة هي النواة الأساسية لأي تفاعلات اجتماعية , ومن جهة أخرى هناك مجتمعات أشار إليها فوكوياما بوصفها مجتمعات الثقة العالية وهي المجتمعات التي تتنوع فيها أشكال التفاعلات الاجتماعية بما يسمح للفرد بالانتماء لأكثر من بناء اجتماعي في نفس الوقت, وفي هذا الصدد صنف فوكوياما أيضا المجتمعات إلى ثلاثة أنماط:
مجتمعات تنعدم فيها الثقة بين الأفراد بعضهم ببعض من جهة, وبين الأفراد والدولة بمختلف مؤسساتها من ناحية أخرى , ويضرب مثالا على ذلك بالمجتمع الروسي الذي تنعدم فيه كافة أشكال الثقة المجتمعية .
مجتمعات أبوية : وهي المجتمعات التي يكون السبيل الوحيد فيها لتكوين النزعة الاجتماعية هو العائلة  وتتحكم القيم التقليدية في علاقة الأفراد في بعضهم البعض وعلاقاتهم بالآخرين خارج خارج نطاق هذه الجماعة .
مجتمعات ترتفع فيها مستويات الثقة المجتمعية, وتتميز هذه المجتمعات بوجود نزعة قوية وعفوية نحو التواصل مع الآخرين, حيث تنتشر فيها شبكات واسعة من المؤسسات التطوعية والأبنية الاجتماعية التي تخرج فيها العلاقات الاجتماعية عن الأنماط التقليدية .
    ويؤكد فوكوياما أن كافة المجتمعات تقف على خط متواتر بين النموذجين الأول والأخير من حيث مدى امتلاكها لرصيد مقبول من رأس المال الاجتماعي, ومن ثم درجة تقدمها على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية, فعلى سبيل المثال إذا انتشرت الثقة بين العاملين في مشروع تجاري نتيجة لوجود مجموعة مشتركة من القواعد والمعايير فإن هذا يؤدي إلى خفض تكاليف ممارسة الأنشطة الاقتصادية, وبناء على ذلك تتحسن قدرة المجتمع على ابتكار أشكال تنظيمية جديدة تعتمد في ممارستها لأنشطتها على الثقة( ).
3) دوره في تدعيم الديمقراطية وإحياء المجتمع المدني
   منذ نهاية العقد الأخير من القرن الماضي يثور جدل حول علاقة رأس المال الاجتماعي بالديمقراطية والمجتمع المدني, وقد ذكر فوكوياما أن "المجتمع المدني ارتبط برأس المال الاجتماعي وينهض نتيجة لرأس المال الاجتماعي, لكنه لا يشكل رأس المال الاجتماعي نفسه, ومن المفترض أن تنتج وفرة رأس المال الاجتماعي مجتمعاً مدنياً كثيفاً والذي بالمقابل يعتبر شرط ضروري للديمقراطية التحررية الحديثة"( ) التي تحترم حقوق الإنسان وحرية التعبير والتنظيم في المجتمع ككل وهو ما مثل رصيدا أساسيا لخلق رأس المال الاجتماعي, وهذا على عكس الأنظمة السلطوية القمعية التي يكون خلق هذا الصنف من رأس المال فيها أصعب بكثير, فجوهر عملية المشاركة المدنية قائم على المشاركة التطوعية والتفاعل الأفقي(على عكس التفاعل العمودي بين الأنظمة القمعية ومواطني المجتمع), وتظهر هذه المشاركة في الكثير من التنظيمات الإجتماعية كالنوادي والجمعيات والنقابات والمنظمات الشعبية, وكلما زادت كثافة عمل هذه الجهات زادت قدرة أفراد المجتمع على التعاون من أجل المصلحة المتبادلة( ), فهذه الشبكات المدنية هي التي تخفف من معضلات العمل الجماعي عبر مأسسة التفاعل الاجتماعي, والحد من الانتهازية, وتعزيز الثقة وتسهيل المعاملات السياسية والاقتصادية, كما أن الشبكات المدنية الأكثر تطورا تزيد من تدفق المعلومات- التي تعد أساسا للتعاون السياسي والاقتصادي والاجتماعي الموثوق- وللمشاركة العامة من جانب أعضاء المجتمع المدني, وهذه العلاقات والأعراف الاجتماعية كلها تشكل رأس المال الاجتماعي للأمة( )، وقد وصل الأمر بالبعض إلى اعتبار مجرد وجود مؤسسات المجتمع المدني دليلاً كافياً على تمتع المجتمع برصيد من رأس المال الاجتماعي, والذي يعتبر بدوره أحد أهم المؤشرات الدالة على ديمقراطية المجتمع, وهي النقطة التي ركز عليها "روبرت بوتنام" عندما أشار إلى أهمية التنظيمات المدنية الفاعلية واستقرار النظم الديمقراطية , ويعود ذلك بحسبه إلى التأثير الذي تلعبه هذه التنظيمات على أعضاءها من خلال عمليات التنشئة السياسية التي تقوم بها باستخدام مجموعة من الآليات ووفقا لمجموعة من المبادئ ضمن سعيها لتحقيق عدد من الأهداف عامة أم خاصة, كما يؤدي انضمام الفرد إلى أي من هذه المؤسسات إلى تنمية ثقته فيمن حوله وخارج حدوده الضيقة(سواء داخل الأسرة أو بين المعارف), وهي الثقة التي وسمها بوتنام بـ"الثقة المجتمعية", وأكد أهميتها لقيام أي نظام ديمقراطي ناجح, حيث تمثل الركيزة الأساسية للعملية الديمقراطية, إذ تجعل المواطن أكثر رغبة في المشاركة في شؤون مجتمعه نتيجة لثقته أن رأيه ومطالبه لهما تأثير في عملية صنع القرار( ).
   إن جذور العلاقة بين رأس المال الاجتماعي والديمقراطية تعود إلى كتابات المفكر الفرنسي"اليكس توكفيل" عن الديمقراطية في الولايات المتحدة, والتي قام بطرحها في كتابه الشهير"الديمقراطية في أمريكا" والذي قدم من خلاله نتاج زيارته للولايات المتحدة الأمريكية عام 1853م, حيث حاول توكفيل خلال هذه الزيارة أن يتعرف على الأسباب التي جعلت مجتمعا كالمجتمع الأمريكي يتمتع أفراده بقدر عال من المساواة الفردية, وفي نفس الوقت يستطيعون ممارسة حقوقهم وحرياتهم الأساسية بصورة كاملة وبدون تدخل من أي شخص وبلا قمع أو تدخل من الدولة, وقد أكد توكفيل أن وجود هذه التنظيمات المدنية هو ما يحقق التوازن بين الفردية المطلقة والمساواة المطلقة, إذ يتعلم المواطن الأمريكي منذ الصغر الإنضمام إلى جمعيات مدنية لإنجاز كافة الأغراض, وذلك إيماناً منه بعدم قدرته على تلبية احتياجاته دون مساعدة الآخرين, وهنا استطاع الأمريكيون أن يكونوا جمعيات لكافة الأغراض المرتبطة بشؤون حياتهم سواء الدينية أو الترفيهية أو التجارية, وبالتالي حققوا التوازن بين المساواة والفردية, وقد ربط توكفيل وجود هذه الجمعيات بحجم التأييد الذي تمتلكه, فلكي تتمكن أي من هذه الجمعيات من تحقيق أهدافها لابد من وجود عدد كبير من المؤيدين, فكلما زاد عدد الأعضاء كلما امتلكت الجمعية قوة ونفوذا أكبر, ويضيف مؤكدا أن هذه الجمعيات لا يمكن أن تعمل بنفس الكفاءة والفعالية في أي مجتمع, إذ لابد أن يتوافر للمجتمع الذي تعمل في إطاره الوعي الكافي بأهميتها, وهذا ما تحقق لدى المجتمع الأمريكي, فهذه الجمعيات هي بمثابة مدرسة يتعلم الأفراد داخلها "فن الترابط"                           وذلك من خلال تخليهم عن أنانيتهم, وتعلمهم كيفية تحقيق أهدافهم بشكل لا يؤثر على فرص الآخرين في تحقيق مصالحهم وبشكل يعكس اهتمامهم بمصالح المجتمع( ) .
4) دوره في الوصول إلى تنمية بشرية مستدامة
   كثيرا ما يعتقد أن رأس المال الاجتماعي ذو طبيعة أكثر إنصافاً من الأنواع الأخرى من رأس المال, فرأس المال الإنتاجي ورأس المال المادي مثلا يمتلكها عادة أفراد أو دولة, وهما يستلزمان تواجد علاقة عمودية بين المالك ومن يعملون معه, أما تراكم رأس المال الاجتماعي فإنه يتوزع على الجميع, بل إنه قد يفيد الضعفاء أكثر مما يفيد ذوي السلطة والنفوذ .
 على مستوى الفرد وعلى مستوى الجماعة
   عادة ما يكون الإنسان الذي يسعى إلى توسيع دائرة علاقاته الاجتماعية بالآخرين إنما يخلق رأس مال اجتماعي يمكنه أن يعول عليه في المستقبل, وذلك في ضوء الإلتزامات والتوقعات المتبادلة بين الأفراد, وأيضاً توافر مناخ الثقة والتضامن والرغبة في مساعدة كل واحد للآخر( ), وقد تبنت المقاربة الفرنسية مدخل الجماعة المتمحورة حول فرضية أساسية مفادها أن الجماعة الاجتماعية هي أساس حصول الفرد على أية مزايا اجتماعية أو اقتصادية, فانتماء الفرد للجماعة الاجتماعية هو السبيل للحصول على مجموعة من الموارد والمهارات المتوفرة لدى غيره من أعضاء الجماعة, ويتحدد وضع الفرد في المجتمع من خلال قوة ونفوذ الجماعة الاجتماعية التي ينتمي لها, فكلما كانت الجماعة الاجتماعية قوية وذات نفوذ كلما استطاع أعضاؤها تحقيق مكاسب مادية وأدبية أكبر, ويتجسد رأس المال الاجتماعي- من وجهة النظر هذه- في مجموعة من العلاقات والروابط الاجتماعية والمبادئ والقيم التي تحكم العلاقة بين أعضاء هذه الجماعة والتي تسهل التعاون فيما بينهم( ).
 على المستويين السياسي والاقتصادي
   يؤكد "فوكوياما" أنه على الرغم من الأهمية القيمية لرأس المال الاجتماعي, إلا أن أهميته الحقيقية تكمن في الوظيفتين السياسية والاقتصادية اللتين يؤديهما: وتتمثل الوظيفة الاقتصادية في مساعدته على خفض تكلفة نقل السلع والخدمات والتي تنتج عادة عن الإجراءات المعقدة لإبرام العقود, فالعقود التي يتم إبرامها بشكل غير رسمي- أي التي تعتمد على حجم الثقة المتوفرة بين طرفيها- تكون أكثر تيسيراً للمعاملات التجارية بين أطرافها, ويضيف فوكوياما أن التعاون القائم على العلاقات غير الرسمية سيبقى جزءاً هاماً من الإقتصاد الحديث, بل وستزداد أهميته مع تعقد النشاط الاقتصادي.
أما بالنسبة للوظيفة السياسية فقد أكد على أهمية ما طرحه "توكفيل", مشيراً إلى أن ما ذكره الأخير عن "فن الترابط المدني" هو نفسه رأس المال الاجتماعي, ويؤكد "فوكوياما" أيضا أن وجود مجتمع مدني قوي يحقق التوازن بين سلطات الدولة وحقوق المواطنين وحمايتهم من تعسف الدولة في استخدام سلطتها, مضيفاً أنه في حالة غياب المجتمع المدني سيتعين على الدولة القيام بالدور الذي كان يؤديه المجتمع المدني وهو أمر مستحيل مما ينتج عنه نظاما سياسياً مضطرباً لا يستطيع الإستجابة لمطالب المواطنين( )، وهنا يكون مفهوم رأس المال الاجتماعي هاماً وحيوياً في قضايا التحول الديمقراطي والمشاركة السياسية وقضية الشرعية( ), ومن جهة أخرى يخلق إضفاء الشرعية على مختلف أشكال رأس المال الاجتماعي ذاته في الساحة السياسية والاجتماعية بيئة مواتية للمبادرة المحلية المطلوبة لتحقيق تنمية محلية ديناميكية, ويمكن أن تساهم الحكومات والقادة الدينيون والمنظمات غير الحكومية والعلماء كلهم في خلق بيئة تعترف على نطاق واسع بأهمية الشبكات الاجتماعية التي يلبي الناس من خلالها العديد من احتياجاتهم, وعليه يشكل الاعتراف بالمؤسسات غير الرسمية أساسا مهما لتطوير قدراتها بغية أداء دور أكبر في شؤون المجتمع المحلي والشؤون العامة, ويؤدي القبول الواسع في المجتمع المحلي لمبادئ مثل شفافية المنظمات العامة ومساءلتها أيضا إلى تعزيز المعايير والقواعد التي تحكم سلوك المسؤولين العامين, وحسب عالم الاقتصاد الحائز جائزة نوبل , ج , ستيغليتز, "تؤدي العمليات الصريحة والشفافة والمرتكزة على المشاركة دوراً مهماً في الحفاظ على رأس المال الاجتماعي, وقد تساعد المشاركة على خلق الإحساس بالانتماء المجتمعي وهو شرط لا غنى عنه لبلوغ مستوى أعلى من رأس المال الاجتماعي, وعليه عندما يعتقد الأفراد أنهم يشاركون بشكل حقيقي في القرارات التي تؤثر عليهم سيكون أكثر تقبَلاً للتغيير مما لو كانوا يشعرون أن الحكومة هي التي تفرض عليهم التغييرات  وينطبق هذا الأمر بشكل خاص على أكثر المجموعات حرمانا ( ) .
    وتجدر الإشارة في الأخير هنا إلى أن أي إستراتيجية التنمية البشرية يجب أن تستند بالأساس على تعبئة الموارد المحلية, وهو ما يؤدي في معظم الأحيان إلى تقليل نفقات المشاريع, لذا يصبح لزاما على الحكومات التي تتبنى هذه الإستراتيجية أن تتعاون مع المنظمات الشعبية المحلية وأن يزداد اهتمامها بتمكين إدارات الحكم المحلي بدلا من تركيز السلطات في يد الحكومة المركزية, وغالبا ما يؤدي نقل المسؤوليات إلى الحكومات المحلية والمنظمات الشعبية المحلية- خاصة تلك التي لها علاقة بذوي الدخل المحدود- إلى تقليل كلفة الخدمات العامة, لأن رأس المال الاجتماعي يمكن أن يكون عاملا هاما من عوامل تحقيق كفاءة إستخدام الموارد العامة( )، وبالتالي فإن تدعيم البيئة التمكينية للتنمية البشرية المستدامة لا يعتمد فحسب على الدولة التي تحكم حكما حسناً, وعلى القطاع الخاص الذي يوفر الوظائف المدرة للدخل, بل إنه يعتمد أيضا على منظمات المجتمع المدني التي تسهل التفاعل السياسي والاجتماعي, والتي تعبئ المجتمع للمشاركة في الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية( ).

خاتــمة الدراسة
   
     يعدَ رأس المال الاجتماعي أهم أصناف رأس المال في العصر الحديث وأكثرها غموضا على الإطلاق, وهو يختلف عن الصور الأخرى لرأس المال لأنه لا يوجد في الأشخاص ولا في الواقع المادي وإنما في العلاقات الاجتماعية بين الأفراد, فهو مجموعة من العلاقات والروابط الاجتماعية التي يكوَنها وينضم إليها مجموعة من الأفراد في إطار بناء اجتماعي ولخدمة أهداف مشتركة, ويُعدَ تراكم هذا الصنف من رأس المال مفتاحاً لنمط جديد من التنمية هي الأكثر إنسانية واستدامة في نفس الوقت .
    وإن الأهمية القصوى لرأس المال الاجتماعي تنبع من كونه أحد العناصر المكونة لدالة الإنتاج بمفهومها الجديد والمركب، وهو ما يهيئ البيئة الصالحة لتحقيق لنموَ إقتصاديَ مستدام, وعلى صعيد آخر يعزز رأس المال الاجتماعي الثقة واحترام التقاليد بين أفراد المجتمع, هذا على غرار مأسسة العمل الجمعي وتعزيز الديمقراطية عبر إحياء الشبكات المدنية وهو ما يتمظهر فيما سماه توكفيل "فن الترابط المدني" وتكريس الديمقراطية التساهمية ودولة الحق والقانون, كما أن الميزة الأهم لمسؤولية رأس المال الاجتماعي تتجلَى في الاقتصاد الكلي كونه يُيسر المعاملات الإقتصادية والتجارية ويخفض تكلفة نقل السلع والخدمات وهو الأمر الذي سيؤدي حتما إلى خلق نواة إستراتيجية للوصول إلى تنمية بشرية مستدامة .


مراجع الدراسة

- اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي, التنمية البشرية المستدامة ومنهج الاقتصاد الكلي, حلقات الارتباط الإستراتيجية ودلالاتها, الأمم المتحدة , نيويورك 1997م , ص09     رقم الوثيقة: E/ESCWA/SD/1997/4  
- إنجي محمد عبد الحميد, دور المجتمع المدني في تكوين رأس المال الإجتماعي - دراسة حالة للجمعيات الأهلية في مصر- سلسلة أبحاث ودراسات, العدد الأول, القاهرة, المركز المصري للحقوق الإقتصادي والإجتماعي2010م , ص 18  
-اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا،UNDP,التنمية البشرية المستدامة ومنهج الاقتصاد الكلي,مرجع سابق ص10-11
- إنجي محمد عبد الحميد, دور المجتمع المدني في تكوين رأس المال الإجتماعي، مرجع سابق، ص 19 .
- المرجع نفسه، ص 19
- نادية أبو زاهر, محاولة لهم إشكالية رأس المال الاجتماعي, مجلة علوم إنسانية, العدد 46, السنة الثامنة2010م, ص 01
- إنجي محمد عبد الحميد، دور المجتمع المدني في تكوين رأس المال الإجتماعي, مرجع سابق ص 19  
- المرجع نفسه،  ص 16  
- نادية أبو زاهر, محاولة لهم إشكالية رأس المال الاجتماعي, مرجع سابق ص 03  
- عزت حجازي, رأس المال الاجتماعي كأداة تحليلية في العلوم الاجتماعية القومية, المجلد الثالث والأربعون, العدد الأول, يناير, 2006م ص 05  
- إنجي محمد عبد الحميد, دور المجتمع المدني في تكوين رأس المال الإجتماعي، مرجع سابق ص 17
- نادية أبو زاهر, محاولة لهم إشكالية رأس المال الاجتماعي, مرجع سابق ص 06
- عزت حجازي, رأس المال الاجتماعي كأداة تحليلية في العلوم الاجتماعية القومية، مرجع سابق ص 06 .
- روبرت بوتنام, كيف تنجح الديمقراطية, تقاليد المجتمع المدني في إيطاليا الحديثة, ترجمة إيناس عفت, الجمعية المصرية لنشر المعرفة والثقافة العالمية, القاهرة, 2006م , ص 210  
- نادية أبو زاهر, محاولة لهم إشكالية رأس المال الاجتماعي, مرجع سابق ص 08 .
 - روبرت بوتنام, كيف تنجح الديمقراطية, مرجع سابق ص 215 - 219  
- إنجي محمد عبد الحميد, دور المجتمع المدني في تكوين رأس المال الإجتماعي، مرجع سابق, ص 24 ـ 25
- الطاهر خامرة, المسؤولية البيئية والاجتماعية مدخل لمساهمة المؤسسة الاقتصادية في تحقيق التنمية المستدامة "حالة سوناطراك" , مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في العلوم الاقتصادية, تخصص إقتصاد وتسيير البيئة, جامعة ورقلة, 2006 ، 2007م , ص 78 .
- نهال المغربل، ياسمين فؤاد, المسؤولية الاجتماعية لرأس المال في مصر: بعض التجارب الدولية, القاهرة, المركز المصري للدراسات الاقتصادية, سبتمبر , 2008م , ص 02
- المرجع نفسه, ص 02
- صالح السحيباني, المسؤولية الاجتماعية ودورها في مشاركة القطاع الخاص في التنمية, حالة تطبيقية على المملكة العربية السعودية, ورقة مقدمة إلى المؤتمر الدولي حول "دور القطاع الخاص في التنمية : تقييم واستشراف" 23 ـ 25 مارس 2009م , المعهد العربي للتخطيط, بيروت, الجمهورية اللبنانية , ص 04
- المرجع نفسه, ص 05
- نهال المغربل, ياسمين فؤاد, المسؤولية الاجتماعية لرأس المال في مصر، مرجع سابق, ص 03
- صالح السحيباني, المسؤولية الاجتماعية ودورها في مشاركة القطاع الخاص في التنمية، مرجع سابق, ص 07
- نهال المغربل , ياسمين فؤاد, المسؤولية الاجتماعية لرأس المال في مصر،  مرجع سابق ص 07
- المرجع نفسه, ص 08 .
- اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا, التنمية البشرية المستدامة ومنهج الاقتصاد الكلي, مرجع سابق ص 13
- إنجي محمد عبد الحميد, دور المجتمع المدني في تكوين رأس المال الإجتماعي، مرجع سابق, ص 22 .
- المرجع نفسه, ص 43
- اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا,التنمية البشرية المستدامة ومنهج الاقتصاد الكلي, مرجع سابق ص 13-14
- روبرت بوتنام , كيف تنجح الديمقراطية ، مرجع سابق, ص 215- 219
- إنجي محمد عبد الحميد, دور المجتمع المدني في تكوين رأس المال الإجتماعي، مرجع سابق ص 29- 30
- المرجع نفسه, ص 41 ـ 42
- نادية أبو زاهر, رأس المال الاجتماعي والجدل حول علاقته بالمجتمع المدني, الحوار المتمدن، الموقع:
- اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا, التنمية البشرية المستدامة ومنهج الاقتصاد الكلي, مرجع سابق ص 19
- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي, إدارة الحكم لخدمة التنمية البشرية المستدامة, وثيقة السياسات العامة, برنامج الأمم المتحدة الإنمائي, يناير 1997م ص 14
- إنجي محمد عبد الحميد, دور المجتمع المدني في تكوين رأس المال الإجتماعي، مرجع سابق ص 59
- المرجع نفسه, ص 62
- روبرت بوتنام, كيف تنجح الديمقراطية، مرجع سابق, ص 211
- إنجي محمد عبد الحميد, دور المجتمع المدني في تكوين رأس المال الإجتماعي، مرجع سابق, ص 32
- المرجع نفسه, ص 71
-عزت حجازي, رأس المال الاجتماعي كأداة تحليلية في العلوم الاجتماعية القومية، مرجع سابق ص 22
- المجلس الاقتصادي والاجتماعي(الأمم المتحدة), اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا(الأسكوا), إعداد نهج تنمية المجتمع المحلي كأداة لصياغة السياسة الاجتماعية على الصعيد المحلي, وثائق الإسكوا رقم:
E/ESCWA/SDD/2006/Technical Paper.3   ARABIC - ORIGINAL: ENGLISH  18 October 2006
-اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا, التنمية البشرية المستدامة ومنهج الاقتصاد الكلي, مرجع سابق ص 38
- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي, إدارة الحكم لخدمة التنمية البشرية المستدامة، مرجع سابق ص 14
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة Empty
مُساهمةموضوع: رد: مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة   مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة Emptyالسبت سبتمبر 10, 2016 2:31 am

jk
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة Empty
مُساهمةموضوع: رد: مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة   مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة Emptyالسبت سبتمبر 10, 2016 2:33 am

رأس المال الاجتماعي في إطار التنمية البشرية

- إعداد الدكتور محمد سعيد الحلبي

لقد أضاع العالم النامي حوالي نصف قرن في الاعتقاد الخاطئ بأن التنمية تتعلق بتكوين ومضاعفة رأس المال المادي، فليس من الضروري أن يضيع نصف قرن آخر في الاعتقاد بأن التنمية تتعلق برأس المال الطبيعي، فصحيح أن التقرير الخامس للتنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي قام بوضع أجندة للتنمية الاجتماعية إلا أن التنمية لم تحقق الأهداف المرجوة ومتطلبات الألفية الثانية فكيف الثالثة.

رأس المال الاجتماعي والتنمية
ليست التنمية البشرية مفهوماً جديداً فقبل بضعة عقود كانت تُستعمل للإشارة بشكل أُضيف له الاستثمار في المهارات البشرية، وكان يُنظر لها على أنها مكون ضروري للاستثمار في رأس المال المادي.
أما في أوساط المتخصصين الإداريين كانت التنمية تميل إلى التساوي مع تطوير الموارد البشرية، وجوهر التنمية هو جعل التنمية البشرية في خدمة الناس بدلاً من وضع الناس في خدمة التنمية.
ففي القمة الاجتماعية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي المنعقدة في الدانمرك بين 6 و12 آذار 1995 ركز الخبراء على ما أصاب العالم من مشاكل اجتماعية سببه التركيز والاهتمام على الاقتصاد، كما أن الجانب الاجتماعي لم يعد يتجاوز مفهوم الرعاية الاجتماعية التي يُعظّم الاهتمام بها لا لأنها تمثل شقاً يُقتدى به في الفكر التنموي بل بدعوى أنها العلاج السحري للأمراض التي يخلفها التنازل الاقتصادي الأحادي النظرة، الأمر الذي جعل المفكرين التنمويين يفكرون بالنهوض برأس المال الاجتماعي المطلوب تحقيق كفاءة اجتماعية فيه لتحقيق التغيير اللازم للتنمية وليس مجرد كفاءة اقتصادية في ظل تنظيم اجتماعي ثابت.
إن النموذج التقليدي للتنمية يركز على الفرد وعلى مفهوم التنافس فيما يركز منهج التنمية البشرية على السياق الاجتماعي وعلى التعاون وعلى إقامة الروابط، فلا يمكن لبرامج وخطط التنمية أن تحقق مبتغاها في التنمية إلا باعتبار أن الخصوصية الحضارية والتقاليد الخاصة بكل حضارة تعتبر شيئاً نافعاً للتنمية لا عائقاً لها، فالنظريات الحديثة تركز على الاستثمار في اقتصاديات الثقة ما بين الأفراد والمؤسسات لتحقيق التنمية المطلوبة.
إن رأس المال الاجتماعي يختلف عن باقي أشكال رأس المال الأخرى بأنه يهتم بالعلاقات الاجتماعية في المجتمع منها العمليات الاجتماعية وتوقعات أفراد المجتمع من علاقاتهم داخل وبين الجماعات ولها أصولها ومدلولها الثقافي والحضاري في المجتمع والذي يدفع الأفراد إلى الشعور بالأمان والانتماء والثقافة السياسية والالتزام بالقوانين والأعراف الاجتماعية وتدعيم اتجاهاتهم والتعبير عن المشاركة والمشاعر والمنفعة وابتكار الأساليب والأدوات باعتبارها جزءاً من التقدم والرفاهية.
إن التنمية لا تعني تدمير القيم وإيجاد الجديد ولكن تنبع من الواقع ومعالجة أي خلل قد يطرأ على التنظيم الاجتماعي، فهي إذاً عملية حداثة تنطلق من ثقافة محددة معتمدة على رأسمال اجتماعي فعال في تحمل مسؤوليتها وتبعاتها والقدرة على قيادته بنفسه وفق برامج تنموية تخطيطية فاعلة وواقعية ترتبط بالحاجات الخفيفة، وتساهم في تنمية رأس المال الاجتماعي وبناء وتنمية الشخصية التنموية.
وينطلق التخطيط الاجتماعي بواقعية من خلال وقائع ومؤشرات نوعية الحياة في المجتمع للمساهمة بفاعلية في تحسين الحياة والارتقاء بمؤشراته، كما يرتبط تحسين نوعية الحياة بتحقيق الرفاهية الاجتماعية من خلال حسن توظيف وتوجيه رأس المال الاجتماعي، ورفاهية الفرد ليست رفاهية المجتمع لأن الكل أكثر من مجموع الأجزاء الفرعية؛ لذا فإن مقاييس الرفاهية للفرد لا يمكن أن تتساوى مع مقاييس الرفاهية الاجتماعية.
إن المقاييس الأكثر شيوعاً هي مقاييس اقتصادية، وقد تكون اقتصادية اجتماعية وتقيس فقط ما يمكن قياسه بسهولة كالمستويات التعليمية والحالة الصحية والسكانية والدخل والإنفاق والعمالة كمقاييس الرفاهية الاجتماعية، وذلك لارتباطها بفرص الحياة، وهذه المقاييس تتعامل مبدئياً مع مواقف الأفراد أو الأسر ولكنها ليست بمزايا جماعية أو تفاعلية علاقية.
وبناءً على ما سبق نجد أن ممارسة التخطيط الاجتماعي تتضمن تعدد الخيارات لفرص الحياة وتستهدف أولاً تحسين نوعية الحياة والارتقاء بمؤشراتها والقياس المستمر لها باعتبار أن رأس المال الاجتماعي جزء من التقدم والرفاهية، ويمثل مقاييس الرفاهية ما نسميه الاقتصاد الاجتماعي، فالتنمية البشرية من خلال مقاييس الرفاهية تعتمد على مؤشرات الدخل لكنها غير كافية، فإذا كانت التنمية تهتم بتقليل الفقر وتعزيز الرفاهية لذا يجب أن تؤخذ أبعاد الفقر جمعياً في الاعتبار إذا كان المطلوب تقليل الفقر وتعزيز الرفاهية وينبغي أن يُنظر إلى الاتفاق الاجتماعي ليس كمجرد استهلاك عام بل كأحد العناصر التي تنطوي عليها التنمية الاجتماعية.

وتشير الرفاهية الاجتماعية إلى:
1- الرفاهية المادية: الأصول والغذاء والعمل.
2- السلامة البدنية: الصحة الجيدة والمظهر السليم والبيئة المادية.
3- الرفاهية الاجتماعية: القدرة على رعاية الأطفال وتدربيهم وتحقيق الاستقرار لهم، واحترام الذات والكرامة، والسلام والانسجام والعلاقات الطبيعية في الأسرة والمجتمع.
4- الأمن: السلام المدني، وبيئة سليمة ومأمونة، والأمن البدني والشخصي، وحكم القانون والوصول إلى العدالة، والأمن في الشيخوخة، والثقة في المستقبل، وحرية الاختيار والتصرف.
5- السلامة النفسية: راحة البال، والسعادة، والانسجام بما فيها الروحية والطقوس الدينية.
إن التخطيط للرفاهية الاجتماعية هو تخطيط للتقدم وتنمية حقيقية لرأس المال الاجتماعي.. إن التخطيط للرفاهية الاجتماعية هو الانتقال من الأهداف كفكرة والتحرك تجاه تلك الأهداف من خلال الممارسة الواقعية وتحول ترجمة وتصور الأفراد لواقعهم وتحديد الماهية والأهداف والمتطلبات، ويمكن تشبيه رأس المال الاجتماعي بأنه الوقود في التخطيط فلا يمكن لعربة التخطيط أن تقودنا إلى التخطيط من دون وجود رأس المال الاجتماعي.
ويتطلب التخطيط توليد وبناء رأس المال الاجتماعي وتنميته في المجتمع من خلال السمات الشخصية المرتبطة إيجابياً بالرفاهية الاجتماعية وهي: احترام الذات، والشعور بقوة الشخصية، والتفاؤل، والقدرة على التجريب بشكل مؤثر وفعال في التنمية، والقدرة على فهم وترجمة ما يدور في العالم من أحداث، والقدرة على معرفة الأهداف والتقدم نحوها، والإحساس بالالتزام الروحي والديني.
وبناءً على ما سبق فإن الثقافة تُعتبر نقطة أساسية في التخطيط الاجتماعي فلا يمكن في غياب الثقافة والقيم التي تحدد العلاقات والتفاعلات بصورة حاسمة ولا يمكن بناء رأس المال الاجتماعي دونها، كما أن تراكم رأس المال الاجتماعي هو عملية ثقافية في كثير من النواحي، وهو المفتاح لنمط التنمية الأكثر إنسانية، إضافةً إلى أن الثروة المتمثلة برأس المال الاجتماعي يمكن أن تُعتبر غاية بذاتها، كما أن العيش في المجتمعات التي تتسم برأسمال اجتماعي متطور يمكن أن تكون أفضل بكثير من العيش في المجتمعات التي يكون فيها رأس المال الاجتماعي ضعيفاً، ويخلق وجود رأس المال الاجتماعي المتطور بيئة صالحة للنمو والتنمية بل ويحقق أفضل العوائد، وأخيراً إن التركيز على التنمية يعني التركيز على التعاون بشكل كبير باعتباره عاملاً مساهماً في التنمية والتعاون وهو مؤشر أساسي من مؤشرات رأس المال الاجتماعي.
وفيما يلي جدول يبيّن الفرق بين منظوري التنمية التقليدي والبديل:


جـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدوـل

رأس المال الاجتماعي والتنمية المستدامة
إن النموذج التقليدي للتنمية لم يعد مقبولاً، فقد شهدت المرحلة الماضية تغيرات أدت إلى بروز مفهوم جديد للتنمية فلا يمكن الزعم أن الوضع كان على ما يُرام، فالعالم تميَّز بأزمة ثلاثية تؤثر على التطبيقات التنموية: أزمة الدولة والسوق وأزمة العلم.
فأزمة الدولة تتمثل في فقدان المؤسسات الكثير من سلطتها ولم تعد موضع ثقة الكثيرين في البلدان، وأزمة العلم في انغلاقه على نفسه أكثر من اللازم، وأزمة السوق فقد أدى الطلب المتزايد على موارد الطبيعة إلى الإسراف في نفادها.
إن هذه الأزمات أدت إلى البحث عن مفهوم جديد يتضمن الأبعاد الإنسانية والاستدامة، فماذا تعني التنمية المستدامة؟
إن التنمية المستدامة هي توسيع خيارات الناس وقدراتهم من خلال تكوين رأس المال الاجتماعي لتلبية حاجات الأجيال الحالية بأعدل طريقة ممكنة من دون الإضرار بحاجيات الأجيال اللاحقة، فالتنمية البشرية المستدامة تقدم الأساس لاستعادة الثقة بالتفاعل بين ما هو اجتماعي وسياسي وتتطلب استعادة الثقة هذه اعتبار العلاقات ما بين الأفراد والفئات الاجتماعية جانباً مهماً من النسيج الاجتماعي والبيئي.
إن مفهوم التنمية البشرية تتحدد من مقاربة يمكن وصفها بالبديلة، ومن أهم خصائصها أنها تعترف بالتنوع وتقبل بإمكانية وجود عدة أنماط متوازية تؤدي كلها إلى التنمية البشرية، وهكذا تصبح الأعراف والتقاليد المحلية مصدر إثراء وليست حاجزاً في طريق التنمية وهي تضع الإنسان في مركز التنمية فتركز جهودها على التنمية البشرية والتربية وتعزيز المؤسسات التي تؤدي إلى تدعيم قوة العمل عند الأفراد من خلال العمل الجماعي، وهذه المقاربة التنموية البديلة تعتمد أساساً على رأس المال الاجتماعي «حمزة، 1998: ص8».. إن رأس المال الاجتماعي هو مفتاح التنمية الإنسانية القابلة للاستدامة فهو لا يقتصر على اعتبار الإنسان محرك التنمية بل يركز أيضاً على العلاقات ما بين البشر لأنه يشكل الأساس الذي تُبنى عليه الأخلاق الاجتماعية، فإذا كان رأس المال الاجتماعي يسعى لأن يحسّن قدرة الفرد على اتخاذ القرارات فإنه يسعى إلى تحسين قدرة الأفراد والشعب كله على اتخاذ القرارات طالما إنه من المؤكد أن القرارات الفردية المتعارف بها كقيمة داخل المجتمعات المنسجمة تغني كل المجتمع.
فرأس المال الاجتماعي بتعدّيه تعزيز قدرة كل فرد يسمح بإدراك أن توسيع خيارات الناس وقدراتهم لا تكون له قيمة إلا في سياق العمل الجماعي.. إن رأس المال الاجتماعي يلعب دوراً محورياً من الدرجة الأولى في التنمية المستدامة ذلك إنه لا يتكون بمرسوم حيث إن الالتزامات الأخلاقية التي تكون لبَّ رأس المال الاجتماعي لا تتطور إلا في سياق التفاعل الإنساني المليء بالقيَم.
إن رأس المال الاجتماعي يسهّل تنفيذ البرامج للتنموية المستدامة أو مشاريعها كونه أكثر تناغماً مع الظروف السائدة، وإن التركيز على رأس المال الاجتماعي يعكس ذلك عن طريق الاعتراف بأن النظام المعياري يختلف إلى درجة أنه يتطلب حلولاً تجديدية لا تقليدية، فهو يقدم عدسة للعثور على حلول للمشاكل تُبنى على المعرفة المحلية والمؤسسات المحلية، وباختصار هو تلك الصفات التي تربطها بالتنمية البشرية المستدامة «بانوري، 1995: ص11»..

إن التنمية المستدامة تتمثل في المبادئ التالية:
أ‌- العدل: لكل إنسان الحق في جزء من الثروة وإمكانات مجتمعه تعادل قيمة إسهامه في إنتاجها.
ب‌- التفويض: ويعني إعطاء كل إنسان إمكانية المشاركة في عملية اتخاذ القرارات وإمكانية التأثير في الإجراءات المزمع إنشاؤها.
ت‌- الشفافية والحوار والمسؤولية.
ث‌- التضامن بين الأجيال وبين الفئات الاجتماعية وبين المجتمعات من أجل:
1- الحفاظ على البيئة والمواد الخام لصالح الأجيال القادمة.
2- عدم إثقال الأجيال بالديون.
3- ضمان حصص عادلة من التنمية لمختلف الفئات.
حقيقة، إن هذه المبادئ تشمل ثقافة بناء رأس المال الاجتماعي، فهو بجانبه الأخلاقي يتجلى ويحمل في مبادئه العدل والإنصاف والتضامن ويسهم في بناء وخلق التنمية المستدامة والحفاظ على سيرتها، ويرى المتخصصون أن التحديد في مفهوم التنمية البشرية المستدامة لا يتمثل في الأهداف المحددة للتنمية التي تشترك مع بقية الطروحات التنموية، لكن الجديد هو دمج جميع هذه الطروحات داخل مفهوم التنمية البشرية المستدامة.
وقد أدى هذا الدمج إلى إعطاء التنمية البشرية المستدامة مقارنة وفاعلية كبيرة تتمثل في الحفاظ على رؤوس الأموال المادية والطبيعية والبشرية وتنميتها، وتضيف إليها رأس المال الاجتماعي الذي يلعب دوراً في الحفاظ عليها والربط فيما بينها.
إن مسألة التنمية ظهرت إثر الوعي بالأخطار المحدقة بالبيئة وبرأس المال الطبيعي للبشرية من جراء نماذج التنمية المتبعة والحصول على القناعة المتزايدة بضرورة الاهتمام بالإنسان ليكون بمقدور المشاركة في إنتاج مستقبل أحسن للأجيال القادمة، كما أن حماية البيئة ورأس المال الطبيعي من الاستغلال والتلوث يتطلب التآزر من جميع الفئات الاجتماعية داخل البلد الواحد ولا يتحقق ذلك إلا في ظل وجود شبكة من القواعد السياسية الاقتصادية التي تتضمن مشاركة الجميع في القرارات المتعلقة بمصيرهم، وبالتالي تطوير رأس المال الاجتماعي بضرورة تحقيق التنمية البشرية المستدامة، ومن دون رأس المال الاجتماعي لا يمكن تحقيق الأهداف التنموية لأن المفهوم يحدد وظيفة الهيكل الاجتماعي وبذلك يساعد شركاء التنمية في تفسير وتحليل نتائجها.
إن رأس المال الاجتماعي يعتمد على المبدأ القائل إن على المرء أن يتجاوز المصلحة الشخصية ويتصرف بموجب مصلحة المجتمع أو الجماعة التي ينتمي إليها.. إن الإنصاف والمشاركة من العوامل التي تحتاج إليها التنمية البشرية المستدامة، فالمشاركة الكاملة في القرارات والآليات التي توجب حياتهم وتضمن مشاركتهم الحية الفعلية وتلبي طموحاتهم تسعى إلى تمكين الأفراد والجماعات.
وبالنتيجة فإن تحقيق التنمية المستدامة لأهدافها يتطلب تطويراً للعلاقات على أساس مبادئ حسن الإدارة والمساءلة والإنصاف، وقبل هذا وذاك بناء رأس المال الاجتماعي وزيادته وتراكمه من خلال الآليات الثقافية.

رأس المال الاجتماعي والنوع الاجتماعي «الجندر»
إن النوع الاجتماعي أو ما يسمى «الجندر» يعني الأدوار المسبقة لكل من الجنسين الذكر والأنثى، وهذه الأدوار تُكتسب بالتعليم وتتغير بمرور الوقت وتتباين تبايناً متسعاً داخل الثقافة الواحدة ومن ثقافة إلى أخرى، ويشير إلى الأدوار والمسؤوليات التي حددها المجتمع للمرأة والرجل ويعني الصورة التي ينظر إليها المجتمع إلينا كرجال ونساء والأسلوب الذي نتوقعه في تفكيرنا وتصرفاتنا، ويرجع ذلك إلى نظرة المجتمع وليس إلى الاختلافات البيولوجية الجنسية بين الرجال والمرأة.
إن الوعي بالنوع الاجتماعي يعني القدرة على تحديد المشكلات الاجتماعية المرتبطة بالفرد بين الأدوار المحددة للجنسين حتى إن لم يكن ذلك واضحاً وجلياً في كثير من الأحيان، ويتطلب القدرة على معرفة الرؤى والاهتمامات المختلفة لكل من المرأة والرجل بسبب اختلاف أوضاعها وأدوارها ويتطلب تحديد وشرح الأسباب.
إن أدوار النوع الاجتماعي هي تلك الأدوار التي يقوم بها الفرد كل من الجنسين وهي أدوار شكلتها الظروف المجتمعية وليس الاختلاف البيولوجي، وتختلف عن أدوار الجنس البيولوجي فالأول من الممكن أن تكون متبادلة بين الجنسين في حين أن أدوار الجنس البيولوجي تتسم بالثبات «السروجي، 2009: ص225».. إن رأس المال الاجتماعي يعتمد على العلاقات الإنسانية التطوعية التي تتحدد بشكل روابط وصلات اجتماعية شديدة التعقيد والتدخل لذا فهو يركز على تقديم الدعم والمساعدة للنساء خاصة على اعتبار أن الأعمال الموكلة لها هي أعمال كبيرة من الأدوار الاجتماعية وأغلبيتها كانت تتصل بالدعم والرعاية؛ لذا فإن رأس المال الاجتماعي على اعتباره يهتم بالفرد ضمن إطار الجماعة يسعى من جهة أخرى إلى تحقيق المساواة بين الجنسين، ومن جهة أخرى اكتساب القدرات ومن تم توظيف هذه القدرات المكتسبة، وكذلك اكتساب مكونات الرفاهية الإنسانية دون تمييز من الجنسين في ميدان النشاط الاقتصادي، فرأس المال الاجتماعي يسعى لأن يوظف هذه القدرات بشكل سليم ويقلل التفاوت في الأنشطة من خلال الأدوار وتنوعها.

وفي الختام
أعتقد أن رأس المال الاجتماعي مُطالب أيضاً بتغيير ازدواجية التعامل مع كل من الجنسين ولاسيما في المجتمعات التقليدية وتحقيق المساواة، وكذلك مطالب بحماية المرأة على اعتبارها لا تزال تعاني من الحرمان والقهر الاجتماعي المتمثل في حرمانها من حقوقها الأساسية كالتعليم واختيار الزوج والعمل وتدني مستوى الأجر وغيرها من أشكال التمييز الاجتماعية؛ لذا فإن رأس المال الاجتماعي مطالب بحماية وتعزيز حماية الفئات المهمشة والفئات المستضعفة.


المراجع
1- بانوري، طارق، التنمية البشرية من المفهوم النظري إلى التطبيق دليل العاملين في التنمية، سلسلة التنمية البشرية، الأمم المتحدة، 1995.
2- النقيب، فضل، مفهوم رأس المال الاجتماعي وأهميته بالنسبة للأراضي الفلسطينية المحتلة.
3- السروجي، مصطفى طلعت، رأس المال الاجتماعي، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، الطبعة الأولى، 2009.
4- حمزة، نبيلة، التنمية البشرية ودور المنظمات غير الحكومية - حالة البلدان العربية، سلسلة دراسات التنمية البشرية، الأمم المتحدة، العدد12، 1998.
5- Fukiama, F, The great dinaption: human nature and the reconstitution of social order, New York,1999.
6- Baum ,F, Palmer, families,"social capital and health", Australian institute of family studies, Melbourne.
7- Ben, Daniel, Social Capital in virtual leaning communities and distributed communities, Canadian journal of learning and technology, 2003.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة Empty
مُساهمةموضوع: رد: مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة   مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة Emptyالسبت سبتمبر 10, 2016 2:35 am

رأس المال الاجتماعي.. قراءة في المفهوم كمدخل للتنمية

لعقود طويله من الزمن يعتقد الانسان ان تطوره وارتقاء حياته مرهون فقط بالامور الماديه، وبما يستطيع تراكمه من اموال وثروات، هذه النظره ادت الي ان يغتر الانسان بما حققه، فاصبحت عقيدته انه يمكن النمو بلا حدود، وان فهمه المادي لراس المال هو سر كل هذا الوجود .. ليس هناك نموا بلا حدود وانما هناك امكانيه لتنميه مستدامه، بشرط ان يوظف الانسان كل نفسه، عقله، وفكره، وروحه، وبدنه، وان يحترم الاخرين، كل الاخرين، الانسان الاخر، والنبات، والحيوان، والجماد، وكل ما تحويه البيئة الطبيعية من كائنات حيه وغير حيه، فلقد ادرك الانسان ان التنميه الحقيقيه هي التي تبدا بتنميه الانسان لنفسه ولا تستديم هذه التنميه الا ان تكون تنميه شامله وعادله (1).
فالتنميه الشامله والمستدامه هي التي فرضت علي الانسان، ان يعدل من فهمه لراس المال، ففي عقله راسمال، وفي روحه راسمال، وفي نفسه راسمال، وفي علاقاته مع الاخرين راسمال، وفي بيئته الطبيعيه راسمال، وحتي في احلامه وخيالاته راسمال، اطلق عليه مجموعه من علماء الاجتماع "رأس المال الإجتماعي Social Capital".
فما هو راس المال الاجتماعي وما دوره في احداث التنميه؟ لقد اختلفت اراء الباحثين في تفسير تفاوت التطوّر الحضاري ومعدلات النمو والقوه الاقتصاديه بين الدول والمجتمعات واسبابها، وركّز بعض الباحثين علي العوامل الماديه مثل التباين في امتلاك الموارد الطبيعه والفوارق الجغرافيه والطبيعيه، فيما ذهب فريق اخر الي التشديد علي اهميه العوامل السياسيه مثل دور الدوله وطبيعه النظام السياسي واوضاع حقوق الإنسان والحريات المدنيه، وشدّد اخرون علي المهارات البشريه التي يُشار اليها ايضاً باسم "راس المال البشري Human Capital".
ولكن هناك اراء حديثه تنبّهت الي اهميه عناصر اخري مثل اداء المجتمع الاهلي، طبيعه الروابط الاسريه، العلاقات الاجتماعيه، مدي التمسّك بالقيم الاجتماعيه، درجه متانه النسيج الاجتماعي، تنوّع البني الاجتماعيه وما يشبهها من العوامل، واطلقوا عليها مفهوم "راس المال الاجتماعي" Social Capital. والذي عرفه الفيلسوف الفرنسي "بيار بورديو ."Pierre Bourdieu بانه "الموارد والطاقات الكامنه في الشبكات الاجتماعيه المختلفه، والتي تؤدي الي تحقيق منافع جماعيه باثر من القِيَم التي تتحكّم في البني الاجتماعيه.
وقد جذب مفهوم راس المال الاجتماعي انتباه كثير من الباحثين والمفكرين خلال الاعوام العشره الماضيه، وكان من اهم الاصدارات في هذا الشان كتاب "راس المال الاجتماعي لدي الشرائح المهنيه من الطبقه الوسطي" للدكتور احمد زايد واخرون والذي يمثل اول محاوله مصريه جاده في اطار علم الاجتماع بهدف توظيف مفهوم راس المال الاجتماعي في فهم الواقع الاجتماعي للطبقه الوسطي في المجتمع المصري، وهو دراسه متكامله تم انجازها ضمن المشروع البحثي الكبير حول راس المال الاجتماعي الذي ينفذه مركز بحوث ودراسات الدول الناميه بكليه الاقتصاد والعلوم السياسيه (2).
طرح "احمد زايد" من خلال الفصل الاول مشكله الدراسه واطارها المنهجي، وحاول في صدر هذا الفصل الاجابه علي تساؤل هام مؤداه : لماذا راس المال الاجتماعي؟ واشار في هذا السياق الي انه لم يحظ مفهوم باهتمام دراسي وسياسي مثلما حظي مفهوم راس المال الاجتماعي في السنوات العشر الماضيه، لقد تحول الي مفهوم يتشدق به رجال السياسه والاقتصاد خاصه اولئك الذين يمثلون المنظمات الدوليه، وتحول المفهوم بالتدريج الي مدخل تعلق عليه امال كبيره في التنمية الإقتصادية والاجتماعيه.
ومن خلال ما قام به المؤلف من فحص للخلفيه التاريخيه التي ظهر في سياقها هذا الاهتمام، انتهي ان هذا الطرح يرتبط بالفكره التي مفادها ان لا احد سوف يقوم للناس بالتنميه، فهم اداه هذه التنميه وغايتها، وان النجاح او الفشل يرجع اليهم، ولا تقع مسئوليته بحال علي الدول الغنيه او الدول الاستعماريه او علي قوي النظام الراسمالي العالمي، وهنا اكد المؤلف علي ان الاهتمام بقضيه راس المال الاجتماعي نقل قضيه التنميه في ملعب المجتمع، والقي باللائمه علي شبكات العلاقات غير المنظمه وغير المشحونه بالثقه والشفافيه والتسامح.
وفي اطار تحاوره الجدلي مع مختلف الرؤي النظريه التي اقتربت من مفهوم راس المال الاجتماعي، ميز المؤلف ما بين رؤيتين، هما:
الاولي: ويمثلها "بيير بورديو" الذي داب في تحليله لراس المال الاجتماعي والثقافي علي ربطه بالتحليل الطبقي. حيث فهم راس المال الاجتماعي علي انه رصيد اجتماعي من العلاقات والرموز يتقابل ويتفاعل مع الرصيد الذي يملكه الافراد من راس المال المادي. فراس المال الاجتماعي والثقافي هو رصيد قابل للتداول والتراكم والاستخدام مثله مثل راس المال المادي.
اما الرؤيه الثانيه: وهي التي ظهرت عندما تم تبني مفهوم راس المال الاجتماعي في اوساط المنظمات المشتغله بقضايا التنميه، وتم نزع الرؤيه السوسيولوجيه الطبقيه لمفهوم راس المال الاجتماعي، وعوضاً عن ذلك فقد تمت صياغه المفهوم في اطار سلوكي اقتصادي، وارتبطت هذه الرؤيه باعمال كل من "جيمس كولمان" ومن بعده "روبرت بوتنام"، فقد نظر الاول الي راس المال الاجتماعي بمثابه الرصيد الذي يتملكه الفرد من علاقات وقيم تمكنه من ان يؤسس لعلاقات داخل البناء الاجتماعي، وان يبني توقعاته واهدافه، وفي المقابل فقد نظر "بوتنام" الي راس المال الاجتماعي من خلال تحديد الخصائص والسمات التي تكون رصيد داخل التنظيم الاجتماعي، مثل الثقه، والمعايير، والشبكات الاجتماعيه؛ مع التاكيد علي ان امتلاك الجوانب الايجابيه من هذه الخصائص يمكن المجتمع من ان يؤدي وظائفه علي نحو اكفا وافضل، كما انها تسهل التنسيق بين الافعال الاجتماعيه المختلفه.
وبعد هذا الاشتباك النظري للمؤلف مع الاتجاهات النظريه التي عالجت مفهوم راس المال الاجتماعي، انتقل الي عرض تعريف راس المال الاجتماعي، وذهب في هذا الصدد الي ان راس المال الاجتماعي يعرف بانه "موارد كامنه في البناء الاجتماعي يمكن الوصول اليها واستخدامها في افعال مقصوده".
ويكشف هذا التعريف عن ان ارصده راس المال الاجتماعي توجد لصيقه بالفعل الاجتماعي، وتتلخص هذه المصادر في نوعين من المصادر، هي:
اولا: علاقات وشبكات يقيمها الافراد اختياريا لتحقيق اهداف معينه، مثل: النقابات والاحزاب والجمعيات، وغير ذلك من العلاقات والشبكات التي تؤسس لحياه مدنيه،
ثانيا: منظومه قيميه تاتي علي راسها قيم الثقه، والشفافيه، واحترام الاخر، والرغبه في التعاون معه، والعقلانيه، وغير ذلك من قيم الحداثه.
ومن خلال الفصل الثاني عالج "محمد عبد البديع" صوره راس المال الاجتماعي لدي عينه الدراسه من خلال الثقه والارتياب، ولقد بدا المؤلف هذا الفصل بالتاكيد علي اهميه قضيه الثقه في الحياه الجمعيه المستقره، وان توافر عنصر الثقه يعد شرطا ضروريا للتكامل الاجتماعي والتعاون والانسجام، والرضا في الحياه الشخصيه وصولاً الي الاستقرار والتطور الديمقراطي. وكضروره لا غني عنها في دفع التطور الاقتصادي وتامين المصالح العامه. وتستطيع الثقه كميكانيزم سوسيولوجي التاثير علي سلوكنا الاجتماعي الي حد كبير، حيث يعمل هذا الميكانيزم كصله معنويه فيما بين دوافعنا، ومعتقداتنا، والاهداف المطلوب احرازها في اطار الشرط الاجتماعي . والوجه الاخر لهذه العمليه هو الارتياب، الذي يفصل الذات عن الاخرين، ويثير الشك فيما بينهم، ويطرح الحيره والتساؤل حول العلاقه المتبادله بين الفرد والمجتمع ويقلص امكانات الفعل الجمعي.
ومن خلال قراءته للتراث النظري للثقه كجوهر لراس المال الاجتماعي باعتبار انها العلاقه التي تتجاوز حدود حسابات المصلحه الذاتيه الضيقه، اخذ يسرد لرؤي مجموعه من الباحثين منهم علي سبيل المثال "جورج زيمل" الذي اكد علي ان الثقه احد اهم تركيبات قوي المجتمع، وانه بدون الثقه العامه فيما بين الناس وبعضهم البعض يتحلل المجتمع او يفقد تكامله، كما اشار الي ما اطلق عليه الثقه الاداتيه، عند "بارسونز" كاليه تكامليه للنسق الاجتماعي، ولقد اكد "نيكولاس لومان" علي ان الثقه ضروره لحاضر ومستقبل يتميز بالتعقيد، واللايقين، والمخاطره، وهي خصائص تسم العيش في المجتمع المعاصر.
ويري فوكوياما ان قيمه" الثقه "احتلت مكانه خاصه بين القيم الجماعيه المولّده لراس المال الاجتماعي. واشار الي ان نسبه الثقه بين افراد المجتمع تعد عاملاً اساسياً في تحديد مستوي رخائه ومقدرته علي منافسه المجتمعات الاخري، ومدي ممارسه الديمقراطيه والتمتع بالحقوق المدنيه فيه. كما اكد علماء اجتماع اخرون ان الجماعه التي يوجد بينها ثقه تكون اكثر انتاجيه من غيرها.
واعتمادا علي النظره السوسيولوجيه التي اتضحت من خلال التناول النظري، انتهي المؤلف من تحليله للمعطيات الميدانيه، الي اختلال دوره الثقه في المجتمع المصري، وبالتالي ضعف امكانات نمو راس المال الاجتماعي، ودليله علي ذلك سياده العلاقات التقليديه مع تدني علاقاتها بالارتباطات الحديثه المدنيه والرسميه في الحياه اليوميه لافراد هذه الشريحه، فمستوي الانتماءات الافقيه التقليديه الموروثه من خلال العلاقات الاجباريه كالاسره والعائله والانتماءات الدينيه والي حد ما الانتماءات العقائديه تسيطر علي الفضاء الاجتماعي.
ولكننا قد نختلف مع المؤلف حول طبيعه هذه الانتماءات حيث يمكن القول ان معامل الثقه داخل الانتماءات التقليديه قد يكون علي درجه عاليه وذو فاعليه كبيره ولكنه مجرد معامل ثقه خاص يقتصر علي افراد الاسره او العائله، وليس له مردود اجتماعي كبير، في مقابل ذلك نجد ان معامل الثقه داخل الانتماءات الحديثه قد لا يرتفع لدرجه الثقه العائليه، ولكن مردوده الاجتماعي عالي، وهو الذي يلعب دورا مؤثرا في مسيره التنميه.
ولكن مستوي الانتماءات الراسيه الحديثه ذات البعد الاختياري، والمتمثله في منظمات المجتمع المدني والسياسي، ما تزال تشغل حيز ضعيف في الفضاء الاجتماعي، وهذا لا يسمح بنمو وانتشار الثقه الاجتماعيه في دوائر واسعه، فالسمه الغالبه التي ترسم خارطه الثقه وعدم الثقه وسط هؤلاء الافراد هي ايضا العلاقات التقليديه، التي تحدد افق الثقه الاجتماعيه وتخضعها لانضغاط نطاقها، وتقلص مجال تاثيرها الايجابي، حيث لم تستطع الانتماءات الحديثه ان تنجز رأس مال للثقه، او ان تؤسس تحولاً جديداً يمنحنا نمطاً مغايراً من الاستثمار في ترابطات اصليه، لان طريقه عمل هذه الشبكات تظهر كملحق لاسلوب ومنطق الشبكات التقليديه اكثر منها ككينونه فاعله في تطوير وتعميم الثقه النشطه، ومع غياب تصور الناس لانفسهم كشركاء في المجتمع سيطر ضعف النزوع للعمل والتعاون الجماعي والمحصله تاكل راس المال الاجتماعي، او استبقاء الحدود المنخفضه لهذا النوع من راس المال في دوائر العلاقات التقليديه.
وهذا ما اكدته "امال طنطاوي" من خلال الفصل الثالث الذي رصدت فيه صور تشكل راس المال الاجتماعي وهدره لدي عينه الدراسه، واعتمدت في ذلك علي تقنيه السرد الذاتي لافراد العينه، وكان عرض هذا السرد والتسجيل من خلال العناصر التاليه:
• النشاه الاولي وقيم راس المال الاجتماعي : كشفت الدراسه عن تكوين صوره قيم راس المال الاجتماعي لدي عينه الدراسه كان داخل الاسره، وبدايه الثقه بالاخرين كانت عبر الاقارب الذين هم جيران في القريه او الحي الشعبي، ومن المحتمل ان تكون الصوره الاولي التي ساهمت في تشكيل قيم راس المال الاجتماعي هي صوره الاب والتي تمثلت في خليط من العناصر : ديكتاتور، عادل ولا يظلم او يفرق بين الابناء، مجتهد في عمله من اجل اسرته، موثوق في حكمته وخبرته، وتقيم العلاقه ما بين افراد عينه الدراسه وابائهم، انها علاقه خوف واحترام والتزام وتعاون وتضامن.
• النشاه الاولي وقيم راس المال الاجتماعي في الفضاء العام : تداخلت قيم اللاخصوصيه والتداخل ما بين المجالين العام والخاص، الذي كان يتمثل في الاقارب والجيره في القريه مع الالتزام بالمعايير العامه، وتبادل الزيارات الاجتماعيه، ونجده المحتاج دون دعوه، والاحساس بالثقه في كل العالم ( الذي لم يكن يتعدي حدود القريه ) ومن المحتمل ان تكون هذه الملامح من الاسباب التي لعبت دور في خلق وتراكم راس مال اجتماعي بين افراد الاسره النوويه والممتده، وبين الجيران، ورغم هذا، فقد كانت هناك صوره اخري في التوقيت ذاته في المدينه، عرفها بعض ذوي الاصول المتوسطه، حيث كان الانكفاء علي الذات والاستغناء عن الاخر هو احد علامات التميز لهؤلاء القاطنين في احياء الطبقه الوسطي في المدينه.
• صوره الدوله في النشاه الاولي : ارتبطت صوره الدوله لدي عينه الدراسه بمتناقضات، فهي الكفيله بالخدمات الاجتماعيه المطلوبه، ولكنها هي ذاتها القاهره، وتاثرت رؤيه عينه الدراسه للسلطه بالموقف التاريخي للسلطه في مصر، حيث مثلت عبر الازمان -اي السلطه- الشر الذي ينبغي الابتعاد عنه، ومن ثم كانت الاسره - الاقارب - الجيره هي معاقل راس المال الاجتماعي الاساسيه.
• دور قيم راس المال الاجتماعي في وضوح الحراك لهدف : وضح ان عينه الدراسه كانت تملك هدف خاص واضح في التعليم والالتحاق بمهن مغايره لمهن الاب المضنيه بدون عائد اقتصادي او اجتماعي، كان المناخ العام يشجع عليه ويسانده، فقد كانوا يريدون احتراماً اجتماعياً نالته الطبقه الوسطي المتعلمه في هذه الاونه، فالحراك الاقتصادي والاجتماعي كان هدفهم الواضح والمحدد والذي يقترن بتحقيق حلم الاب، اي ان فقيم راس المال الاجتماعي التي ترسخت لديهم كانت وراء الالتحام بالهدف الخاص.
• الهجره وتحول الثقه من المجال الخاص الي تاسيس الذات : كان السفر لدوافع متعدده لدي عينه الدراسه اهمها : احباط الحلم في مصر، هو بدايه خلق الحذر الاجتماعي داخلهم، وان كان قد شكل مزيداً من التحدي والاصرار علي التحقيق الاجتماعي، وتحول هنا مجال الثقه من المجال الخاص الي مجال الذات، فالفرد مطالب بالثقه في نفسه باكتساب مزيد من المهارات حتي يتواءم مع هذا المختلف، ثم جاءت الغربه خارج مصر، فازدادوا التصاقاً بالذات وتقلص مجالهم الخاص.
• تحولات الثقه من الذات الي الاستهلاك : اتضح من خلال الوقائع انه بعد العوده من الهجره، حدث تفاوت وتمايز اجتماعي عن الاقارب وبعض زملاء العمل، ولقد اثر ذلك علي علاقه هؤلاء الافراد مع المجال الخاص المتسع : الاسره ، الاقارب ، الجيره، زملاء العمل ...الخ، حيث اصبح الابناء هم بؤره الاهتمام، والتحمت بعض قيم راس المال الاجتماعي لدي هؤلاء الافراد وهي التضامن والثقه مع ثقافه استهلاكيه تسم العصر كله خاصه وهم يملكون ادوات تواصل اعلامي مع هذه الثقافه، وقدراً من راس المال الذي تحقق من خلال العمل خارج وداخل مصر.
• عوامل انهيار قيم راس المال الاجتماعي : رصدت الدراسه بعض العوامل المسئوله عن انهيار قيم راس المال الاجتماعي لدي هذه الشريحه، ومنها البعد الجغرافي، والمسافات المتزايده التي تفصل الاخوه والاقارب، مما يعوق التفاعل الاجتماعي، وكذلك اختلاف نوعيه المهن التي يشغلونها عن مهن الاباء اضافه لعوامل اجتماعيه - ثقافيه دافعه لهذا التحول مثل الخوف من الحسد، وهناك دور النساء سواء علي مستوي خلق قيم راس المال الاجتماعي، او علي مستوي هدرها، فعلي حين يشير البعض الي عمل المراه باعتباره من عوامل هدر راس المال الاجتماعي، حيث لم تعد قادره علي المساهمه في تدعيم التعاون والتضامن عبر الزيارات والمشاركات الاجتماعيه، يشير البعض الاخر الي النساء باعتبارهن مفسدات للعلاقات بين الاقارب والاخوه.
• التواصل عبر الطبقات : رصدت الدراسه الراهنه، من خلال اصوات عينه الدراسه اصطفاف كل المتناقضات جنباً الي جنب في علاقه هذه الشريحه من الطبقه الوسطي المصريه بغيرهم من الشرائح والفئات الاجتماعيه الاخري في المجتمع، فينظرون للفقراء تاره علي انهم يفسدون الحياه بتعطلهم عن العمل، وبسلوكياتهم واخلاقياتهم العشوائيه، وفي ذات الوقت يشفقون عليهم، ويشعرون بمسئوليه الدوله عن هذا الكم من الفقر في مصر، ويسعون الي مساعدتهم الانسانيه. وكما اتسم وعيهم وعلاقاتهم مع الفقراء بالتناقض، فالامر ذاته يسم صوره الاغنياء لديهم، فهي صوره تحوي مشاهد متعدده ومتناقضه، فالغني من عند الله، وليس عيباً، بل امل، ولكنه الغني عن الطريق المشروع، وليس مثل اغنياء اليوم، الذين يسلكون طرقاً غير شرعيه.
• الدولـه : بين الضروره وفقدان الثقه : كشفت اصوات عينه الدراسه عن تناقض واضح، فالدوله سياستها فاسده، منفذوا السياسه متسلطون، مؤسساتها عزب خاصه، ووظائفها لا تكفي شراء الخبز، بدون وساطه لا يمكن للمرء ان يحصل علي مصلحه او خدمه من مؤسساتها، ورغم ذلك لازال بعضهم يثق في الدوله .. لماذا ؟ لانها تقوم باعمال لا يقوم بها الافراد، ولان وظائفها مضمونه الدخل والعلاج والمعاش، ولان اشرافها ضروري من اجل اصلاح الخدمات اي انهم مازالوا يتشبثون بالدور الذي كانت تقوم به دوله الستينيات، والتي عاشوا طفولتهم في اطارها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة Empty
مُساهمةموضوع: رد: مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة   مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة Emptyالسبت سبتمبر 10, 2016 2:37 am


العمل التطوعي.. رأس المال الاجتماعي

زكية إبراهيم الحجي


العمل التطوعي أو كما يُسمى حديثاً في أدبيات التنمية»رأس المال الاجتماعي»يشكل في الفكر الإنساني أحد الروافد الأساسية للنهوض بالمجتمع.. وتحقيق التنمية الشاملة من خلال مشاركة أفراد المجتمع في الجهود المبذولة للتخفيف من معاناة البعض.. ومد جسور التواصل مع الآخرين ضمن الدوائر المجتمعية الأوسع بغية تحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي.. كما أنه يمثل أحد مقومات مساندة الجهود الحكومية في مختلف مجالات الحياة..
ويعطي مؤشرات صادقة عن مستوى شعور أفراد المجتمع بالمواطنة النابعة من عمق ولائهم لوطنهم ومجتمعهم والإحساس بالمسئولية الذاتية التي تنمُّ عن روح الإنسانية السمحة في نظرتها للبشر أياً كانوا
ولأن العمل التطوعي ركيزة أساسية لنجاح برامج الخدمة الاجتماعية وما تقوم به من نشاط لرعاية أفراد المجتمع التي تعمل من أجله لذا فإن تطور العمل التطوعي في أي مجتمع من المجتمعات ما هو إلا انعكاس لتطور الخدمات الاجتماعية المقدمة للمجتمع المعني.. ومقياس حقيقي للرعاية التي تمنحها الدولة بمؤسساتها المختلفة لأفراد المجتمع.
وانطلاقاً من العلاقة التي تربط بين العمل الاجتماعي والمورد البشري فيمكن القول بأن عماد المورد البشري الممارِس للعمل الاجتماعي هم الشباب.. فحماس الشباب وانتماؤهم لمجتمعهم كفيلان بدعم ومساندة العمل التطوعي والرقي بمستواه ومضمونه.. فضلاً عن أنه سيراكم خبرات وقدرات ومهارات الشباب والتي سيكونون في أمس الحاجة لها خاصة في مرحلة تكوينهم ومرحلة ممارستهم لحياتهم العملية
ونظراً لما يمثله العمل الاجتماعي من فضاء رحب وما يتسم به من أهمية بالغة في ربط قيمة العمل بغاياته المعنوية والإنسانية وما يتيحه للشباب من فرص تنمية قدراتهم ومهاراتهم الشخصية والعلمية والعملية فقد حظي العمل التطوعي بدعم الدولة وتشجيعها ورعايتها وأولته اهتماماً بالغاً حتى أصبح له مكان في خطط التنمية وبرامج الدولة التي جعلت من المواطن السعودي الوسيلة والغاية معاً.. وإيماناً منها بأن العمل التطوعي لم يعد قاصراً على تقديم المساعدات المالية فحسب.. بل تعدى ذلك إلى أن يكون عملاً شاملاً لمختلف الأنشطة
ومما يُثلج الصدر حقيقة ويُشعرنا بالفخر والاعتزاز.. ما نراه اليوم من إقبال كبير لفئة الشباب نحو الانخراط في الأنشطة التطوعية على اختلاف أنواعها مما يؤكد على عمق مفهومه لديهم وأنه تجسيد لصور الانتماء للجماعة والمجتمع ودعم للتنمية البشرية التي يسعى الوطن للنهوض والارتقاء بها.
ولأن التطوع ظاهرة صحية ومهمة للدلالة على حيوية وايجابية شباب وفتيات الوطن.. ولأن أهم ما يبرزه هذا العمل هو إظهار الصورة الإنسانية للمجتمع بما فيها من لمسة حانية بعيدة ومجردة من أي صراع ونظراً لتزايد وتصاعد أعداد الشباب المنخرطين فيه في مختلف مدن المملكة.. فإن هذا العمل يواجه بعض المعوقات التي قد تحد من فاعليته بالشكل المطلوب ولعل أبرزها تقصير وسائل الإعلام في إلقاء مزيد من الضوء على ماهية العمل التطوعي ومدى حاجة المجتمع إليه.. وتبصيرهم بأهميته ودوره في عملية التنمية وإبراز دور العاملين في هذا المجال بطريقة تكسبهم الاحترام الذاتي واحترام الآخرين.. قلة الدورات التي تهدف إلى تأهيل المتطوعين وتدريبهم لتعميق خبرتهم والاستفادة من طاقاتهم يضاف إلى ذلك ضعف الدعم المادي وقلة الموارد الاقتصادية.. غياب نشر ثقافة التطوع بدءاً من البيت ثم المدرسة وانتهاءً بدور المجتمع لتعزيز هذه الثقافة.
العمل التطوعي ممارسة إنسانية ومساحة واسعة وغير محدودة أمام الراغبين والمهتمين بالتطوع.. لذلك فإن المؤسسات التربوية والتعليمية ووسائل الإعلام على اختلافها ينبغي أن تكون صاحبة الدور الأهم والأول في تنشيط رأس المال الاجتماعي ألا وهو العمل التطوعي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة Empty
مُساهمةموضوع: رد: مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة   مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة Emptyالسبت سبتمبر 10, 2016 2:38 am

أس المال الاجتماعى ودوره فى تحقيق العدالة الاجتماعية
د. محمد جودة

لقد نجح النظام البائد طوال ثلاثين عاماً فى تبديد ثروة مصر كما فشل فى إحداث تنمية حقيقية وتحقيق تراكم لرأس المال الاقتصادى، مما أدى إلى حالة التخلف والفقر والبطالة التى يعانى منها الشعب المصرى الآن، ولم تتوقف جريمة هذا النظام عند حدود رأس المال الاقتصادى بل قام بأكبر عملية تجريف وتبديد لرأس المال الاجتماعى والثقافى والعلمى مما أدى إلى كثير من المشكلات الاجتماعية والثقافية المزمنة التى تركت بصماتها البائسة على وجه الوطن والمواطن، وأدت إلى تراجع دور مصر الثقافى والعلمى والفنى وتقزيم مكانتها وانحسار ريادتها الإقليمية والعالمية.

أن أى مشروع حضارى للنهضة يستهدف استعادة مصر لمكانتها وريادتها لابد أن يبدأ أولاً بتحقيق تنمية اقتصادية شاملة تنتشل المواطن المصرى من دائرة الفقر والجهل والمرض، وتحقق العدالة الاجتماعية، حتى يتمكن هذا المواطن من استنهاض موروثه الحضارى وبعث دوره التنويرى الرائد الذى قام به منذ فجر التاريخ.

ويظن الكثيرون أن تحقيق هذه الأهداف الكبرى لا يكون إلا عن طريق جذب الاستثمارات المالية وتحقيق تراكم للثروة المادية، وننسى أن هناك نوع آخر من رأس المال لا يقل أهمية عن رأس المال الاقتصادى فى تحقيق أهداف التنمية والعدالة الاجتماعية وهو ما يعرف "برأس المال الاجتماعى".

ويعرّف المفكرون رأس المال الاجتماعى بأنه "قدرة الأفراد على العمل معاً داخل شبكة من العلاقات المشتركة بما يؤدى إلى تعظيم قيمة العمل الجماعى وتحقيق الترابط الاجتماعى والقدرة على التواصل والاندماج والثقة فى الآخرين"، ويعد رأس المال الاجتماعى أحد الموارد الهامة فى أى مجتمع من خلال تحويل الفرد إلى عنصر فاعل يساهم فى تحقيق النهضة المجتمعية.

ويمكن قياس قيمة رأس المال الاجتماعى بمجموعة من المؤشرات، منها عدد منظمات المجتمع المدنى، وعدد الأعضاء العاملين بها، وكفاءة العلاقات داخل هذه المنظمات نفسها وكذلك بين المنظمات بعضها البعض، ومن ثم فإنه كلما زادت عدد منظمات المجتمع المدنى من نقابات واتحادات وجمعيات وأندية، وازداد عدد المنضمين إليها والفاعلين بها، ودورها الاجتماعى فى تفعيل دور الفرد فى الخدمة العامة، وتعبئة الأموال للأغراض الخيرية والتنموية كلما تعاظم قيمة رأس المال الاجتماعى ودوره فى تحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية.

ولعل من أبرز الأدوار الكبرى عالمياً التى حققها "رأس المال الاجتماعى" هو ثورة الشعب المصرى على الظلم والاستبداد فى 25 يناير، والتى اندلعت شرارتها الأولى من خلال شبكات التواصل الاجتماعى على الفيس بوك وتويتر وأجهزة المحمول، حيث تمكنت شبكات التواصل الاجتماعى هذه (التى تعد أبرز تجليات رأس المال الاجتماعى)، من تجميع جهود جميع الرافضين لسياسات النظام البائد وتحويل قوة الغضب والرفض داخلهم إلى فعل إيجابى ثورى وقوة تغيرية أزالت النظام البوليسى الديكتاتورى الذى ظل جاثما على صدور المصريين لأكثر من ثلاثة عقود، لقد كانت ثورة 25 يناير هى أبرز مظاهر استثمار "رأس المال الاجتماعى"، كما أنها مثلت فى الوقت ذاته بداية لميلاد نهضة حقيقية بمصر.

وعند استعراض بعض مؤشرات "رأس المال الاجتماعى" قبل الثورة نجد أن مصر تحتل المرتبة 95 من إجمالى 110 دولة بالنسبة لرأس المال الاجتتماعى، وتحتل المرتبة 79 من 110 دولة بالنسبة للتبرعات والمساعدات، وتحتل المرتبة 100 من 110 دولة بالنسبة للعمل التطوعى.

ومن ثم نرى أن ترتيب مصر عالمياً فيما يخص توافر رأس المال الاجتماعى والإقبال على العمل التطوعى وبذل التبرعات والمساعدات متدنى جداً، مما يتطلب ضرورة الاهتمام بتفعيل دور رأس المال الاجتماعى ليساهم بدرجة أكبر فى تحقيق التنمية المنشودة وتوفير تمويل دائم مستمر من مصادر أهلية بعيداً عن تحميل مزيد من الأعباء على الموازنة العامة للدولة بما يحقق العدالة الاجتماعية، حيث أن بذل رأس المال الاجتماعى يعد نوعاً من أنواع إعادة توزيع الثروة يبذلها المواطنون القادرون عن طيب نفس وبرغبة ذاتية، ومن ثم يؤدى إلى ردم الفجوة بين الطبقات كما يمكنه أن يحول الفقراء إلى منتجين يستغنون فى مرحلة معينة عن تلقى المساعدات، بل ويمكن أن يتحولوا فى مرحلة أخرى إلى مصدر من مصادر الدخل وتوليد مزيد من رأس المال الاجتماعى إذا تم توجيه هذة المساعدات إلى تكوين مشروعات صغيرة للفقراء أو إعادة تأهيلهم وإكسابهم مزيد من المهارات من خلال عمليات التعلم أو التدريب التحويلى فى إطار منصات تنمية متكاملة.

لذا لابد أن نوجه جميع الداعين إلى تحقيق العدالة الاجتماعية بضرورة تفعيل وتعظيم دور رأس المال الاجتماعى من خلال إعادة النظر فى كافة التشريعات ذات الصلة بما يسمح بمزيد من المشاركة المجتمعية والتطوعية، خاصة الجمعيات التى تعمل على توفير تمويل للمشروعات الصغيرة وتأهيل المتبطلين عن العمل من الأسر الفقيرة ويمكن أن يكون لمؤسستى الوقف والزكاة دور ريادى بارز فى هذا الإطار، وكذلك توفير الدعم المالى والفنى والمعنوى من كافة مؤسسات الدولة وفق منظومة متكاملة، كما يمكن تفعيل فكرة "منصات التنمية" التى يشارك فيها المنتج والمورد والعامل والتاجر والمستهلك والممول والمسوق والناقل من خلال شبكة علاقات إجتماعية فعالة تعتمد معايير الإفصاح والشفافية والثقة والتعاون بين جميع مكوناتها، حتى يتبوأ القطاع الثالث (المجتمع المدنى) دوره جنباً إلى جنب مع القطاع الحكومى والقطاع الخاص فى تحقيق النهضة المأمولة والعدالة الاجتماعية.

وكما كان رأس المال الاجتماعى هو مفتاح الثورة وشرارتها الأولى علينا أن نعمل معاً ليصبح أحد أهم أدوات تحقيق أهدافها فى الحرية والعدالة والتنمية والريادة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مسؤولية رأس المال الإجتماعي تجاه تحقيق تنمية بشرية مستدامة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» رؤية مستقبلية للإعلام العربي ومسئوليته تجاه الأسرة العربية
» دور المجتمع المدني في تكوين رأس المال الإجتماعي - دراسة حالة للجمعيات الأهلية في مصر / إنجى محمد عبد الحميد
» نظرية الفعل الإجتماعي
» حماية الطفل من مخاطر «الإنترنت» مسؤولية الأسرة والمجتمع
» دور الأسره تجاه الطفل المعوق سمعيـاً

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية :: مكتبة العلوم الانسانية والاجتماعية :: منتدي نشر الابحاث والدراسات-
انتقل الى: