تلعب عملية اتخاذ القرار الأسري في المجالات المختلفة دورا مهما، ونظراً لأهمية هذا الدور كان مفهوم اتخاذ القرار بصفة عامة، والأسري على وجه الخصوص – محورا لاهتمام العديد من العلماء في تخصصات مختلفة. فصنع واتخاذ القرار عملية خطيرة تمس الحاضر، وتغير الواقع، وتمتد بأثرها إلي المستقبل؛ ومن ثم يجب أن تسبقها دراسة متأنية، تستند إلي قاعدة واسعة من المعلومات الدقيقة بموضوع القرار المراد إصداره.
يمكننا إدراك أهمية التعرف على أنماط اتخاذ القرار المتبعة في الأسر، ولاسيما أن هذه الأسر تختلف في طريقة تعاملها مع المشاكل والعقبات، فنجد مثلا بعض الأزواج وقد وجدوا أن من حقهم أخذ القرارات بمعزل عن أفراد الأسرة الآخرين، وبعضهم لا يشعر بالمسؤولية تجاه أسرته فيتهرب من اتخاذ أي قرار، وبعضهم الآخر يتراجع عن أي قرار يأخذه بسرعة عند أول معارضة لهذا القرار. ونظرًا لندرة البحوث التي تناولت موضوع اتخاذ القرار في مجال العلاقة الزوجية على الرغم من أهميته البالغة في العلاقة المذكورة لما يتركه من بصمات على شكل هذه العلاقة ومضمونها ونتائجها، رأى الباحث أن يحدد مشكلة بحثه في ”أنماط اتخاذ القرار السائدة في الحياة الزوجية .( محمد محمود ،2002،ص63 )
تعتبر عملية اتخاذ القرارات من أهم الأنشطة الأسرية، حيث يتوقف نجاح الأسرة في إدارة شئونها إلى حد كبير على مدى سلامة ورشد القرارات التي يتم اتخاذها. (C ray , 1991 )
ومن هنا تتبلور مشكلة البحث في إبراز تعدد المتغيرات التي تؤثر على اتخاذ القرار في الأسرة ، والكشف عن هذه المتغيرات والعوامل الاجتماعية والبيئية والتي تلعب دورا في تشكيل اتخاذ القرار في الأسرة المصرية .
أهمية الدراسة:.
تتركز أهمية الدراسة في جانبين أساسيين:.
1)أهمية النظرية:.وتتمثل هذة النظرية في هذة الدراسة في استخدام العديد من هذة النظريات ومنها النظرية الوظيفية التي تبين لنا ، تنظر الوظيفية إلى المجتمع باعتباره” نسقا اجتماعيا واحدا، كل عنصر فية يؤدي وظيفة محددة” وتؤكد كذلك على”ضرورة تكامل الأجزاء في إطار الكل”. وعليه، ترى الوظيفية المجتمع باعتباره نسقا اجتماعيا متكاملا، يقوم كل عنصر من عناصره بوظيفة معينة للحفاظ على اتزان النسق واستقراره، وتوازن المجتمع واستمراره .
2) أهمية تطبيقية:. تُعد عملية اتخاذ القرار من الأنشطة الأساسية في حياتنا المعاصرة سواء على المستوى الفردي أو على المستوى الجماعي، ولقد أدت التطورات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية إلي ظهور مواقف تتطلب من الأفراد اتخاذ قرارات مهمة تتعلق بعلاقاتهم وبحياتهم الأسرية وبمساراتهم العلمية والمهنية.
أهداف الدراسة :.تسعي الدراسة الراهنة لتحقيق هدف أساسي مؤداه :. تهدف الدراسة إلى: التعرف على تأثير وأنعكاس المتغيرات الاجتماعية والبيئية على اتخاذ القرار فى الأسرة المصرية ويتفرع منه عدة أهداف تتمثل فيما يلي:
1.التعرف على العوامل الاجتماعية المؤثرة في اتخاذ القرار داخل الأسرة في المجتمع المصري. حيث تحاول الدراسة التعرف على تأثير العوامل الاجتماعية والمتمثلة في المستوى التعليمي والاقتصادي والنوع إضافة إلى عمل المرأة على اتخاذ القرار في الأسرة
2.الوقوف على العوامل البيئية المؤثرة في اتخاذ القرار داخل الأسرة في المجتمع المصري. وتتمثل هذه العوامل في السياق الاجتماعي البيئي المتمثل في الريف والحضر من منطلق أن اتخاذ القرار يتأثر باختلاف هذا السياق، وذلك لاختلاف النظرة للسلطة الأبوية ، والنظرة للمرأة.
3.الكشف عن التغيرات الثقافية والاجتماعية ودورها في اتخاذ القرار في الأسرة. وذلك أن الثقافات تختلف في رؤاها للبنية الأسرية وطبيعة الأدوار، والسلطة داخل الأسرة.
تساؤلات الدراسة :. يحاول البحث الإجابة علي عدة تسأؤلات هي :.
1-ما العوامل الاجتماعية المؤثرة في اتخاذ القرار في الأسرة المصرية ؟
2-ما العوامل البيئية في الريف والحضر المؤثرة علي اتخاذ القرار في الأسرة المصرية ؟
3-ما أنعكاسات التغير الأجتماعي والثقافي في اتخاذ القرار في داخل الاسرة المصرية ؟
ما أهم القرارات التي تخص الرجل والأخري التي تخص المرأة داخل الأاسرة ؟
نوع الدراسة والمنهج المستخدم : تنتمى الدراسة الى الدراسات الوصفية التحليلية . اعتمدت الدراسة على مناهج عدة أهمها:
1-المنهج الوصفي: وهو المنهج الذي يصف الظاهرة قيد الدراسة بظروفها الآنية، وهو يعد من أكثر المناهج استعمالا في الدراسات البنائية والانثروبولوجية.
2-المنهج المقارن: تستخدمه الدراسة في مقارنة التغير في اتخاذ القرار في المجتمع الحضري والريفي. وما له علاقة بموضوع الدراسة.
3-منهج المسح الاجتماعي بالعينة. وقد تم اختيار المسح الاجتماعي لدراسة عينة كبيرة من جمهور البحث والتى يتم دراستهم باختيار أداة كمية تمثلت في الاستبيان، وذلك أن المسح الاجتماعي ؛ يركز على دراسة الظاهرة في أوضاعها الحاضرة ، ويهتم بالوصف التفصيلي لأبعاد الدراسة.
عينة الدراسة :. بعد تحديد مناطق الدراسة، تم سحب عينة عمدية حجمها 300 أسرة موزعة على الحضر والريف، وتم التطبيق على رب الأسرة، إذ بلغ حجم عينة الحضر 165 أسرة موزعة على ثلاثة مناطق متباينة في خصائصها الطبقية، إذ بلغ حجم المنطقة الغنية(جاردن سيتي) 35 أسرة والمنطقة المتوسطة 65 أسرة و المنطقة الفقيرة 65 أسرة. أما الريف فقد تم اختيار عينة بلغ حجمها 135 أسرة ويأتي التباين في حجم العينة بين الحضر والريف نظرا لعدم تجانس المجتمع الحضري وتجانس المجتمع الريفي الذي سيمثله حجم العينة المختارة. وفيما يتعلق بمبررات توزيع حجم العينة جاء توزيع العينة نسبيا وفقا لعدد الأسر بكل منطقة من مناطق الدراسة. وتم سحب العينة بطريقة عمدية حيث لايوجد إطار محدد لسحب العينة بطريقة عشوائية أو عشوائية منتظمة.
أدوات الدراسة :.
تم الأعتماد علي استمارة الاستبيان كاداة رئيسية للبحث .
مجالات الدراسة :. تتضمن مجالات البحث ثلاث مجالات هي :.
أ.المجال البشري: وهو الأسر القاطنة في مناطق الدراسة في الحضر والريف اذ أجريت على 165 أسرة في الحضر و135 أسرة في الريف(جاردن سيتي وتمثل المنطقة الغنية ومصر الجديدة وتمثل المنطقة المتوسطة ومصر القديمة وتمثل المنطقة الفقيرة.أما في الريف فقد تم اختيار قرية شكشوك بمحافظة الفيوم
ب- المجال المكاني : تم اختيار ثلاثة أحياء في مدينة القاهرة متباينة في خصائصها الثقافية والاقتصادية وهذه الأحياء هي:
•جاردن سيتي هو واحد من أرقى أحياء العاصمة تبلغ مساحة هذه المدينة 37.8 (كم²)، وترتفع عن سطح البحر 5 م، بلغ عدد سكانها 8778 نسمة في عام 2010 حسب إحصاء ( )
مصر الجديدة وتمثل المنطقة المتوسطة: عدد السكان التقديري في 1/7/2013 : (129436) نسمة . المساحة الكلية : 67,16 كم2 .
•مصر القديمة وتمثل المنطقة الفقيرة: عدد السكان التقديري : (245474) نسمة /المساحة الكلية : 19.240كم2 /المساحة المأهولة: 7.678 كم
•أما في الريف فقد تم اختيار قرية شكشوك بمحافظة الفيوم . قرية شكشوك هي إحدى القرى التابعة لمركز ابشواى في محافظة الفيوم في جمهورية مصر العربية. يبلغ إجمالي السكان تقديريا في شكشوك 24474 نسمة.
ج. المجال الزمني: وهو الفترة الزمنية التي تم خلالها تنفيذ إجراءات البحث الميداني من تاريخ1/10/ 2011الى تاريخ30/ 4/2013.
الإطار المرجعي النظري للدراسة:
عرض المدخل النظري للدراسة ، والذي يستند الي عدة مقولات نظرية تحاول الباحثة تفسير الدراسة في ضوئها . وتمثلت هذه المقولات فيما يلي:
المقولة الأولي: أن القرارات الاسرية هي تلك التي تستخدم كادوات لتحقيق الوظائف الموكالة الي الاسرة باعتبارها نسقا اجتماعيا قائما في المجتمع .
المقولة الثانية : أن القرارات تصنع في ظل توفر معلومات غير كاملة حول الموقف وعناصره، وأن عملية صنع القرار تتاثر بعدة عوامل ، منها ما يتعلق بالموقف نفسة أو سياق الاجتماعي والثقافي، أو عوامل شخصية تتعلق بالفرد صانع القرار .
المقولة الثالثة: يؤدي الاسلوب المثالي الذي يتم من خلاله صنع القرار ، واتخاذه الي التوصل الي القرار المثالي
المقولة الرابعة : تتعدد ادوار أعضاء الاسرة ويؤثر اختلافها علي صنع واتخاذ القرارات . المقولة الخامسة : أن السلوك البشري أساسه نتاج اتصال الرموز الاجتماعية بين ت
أهم نتائج الدراسة :.
1-ارتفاع نسبة الذين يرون أن الزوج هو الذي يتخذ قرارات الاختيار الزواجي للأبناء بنسبة 93,9% وترتفع النسبة في الحضر مقابل 77%في الريف ، كما ترتفع النسبة الذين يرون أن الزوجة هي التي تتخذ هذه القرارات بنسبة 78,2 % 0وترتفع النسبة في الحضر مقابل66,7 % في الريف ، يليها الذين يرون أن الأبن أو الأبنة هما من يتخذا هذة القرارات بنسبة 26,1%
2-تشير الدراسة الميدانية أرتفعت نسبة الذين يرون أن الزوجة هي التي تتخذ القرارات فيما يتعلق باختيار نوع الغذاء اليومي بنسبة 100% في الريف مقابل 91,5 % في الحضر وهذا يتفق مع دراسة ( إيزيس نوار ,1983 ) إلي أنة يشارك كل من الازواج والزوجات في أتخاذ القرارات المتعلقة بالأانفاق علي الطعام 29% .
3-أن الحالة العملية للمرأة تؤثر على المشاركة في اتخاذ قرارات الأسرة بنسبة 74,3% وترتفع النسبة في الحضرمقابل 25,7% في ا لريف . وهو ما يتفق مع نتائج دراسة علياء شكرى (1988) الى أن النشاط الاقتصادى للمرأة ومشاركتها مشاركة فعالة فى توليد داخل للأسرة يعد عنصرا هاما فى زيادة قوة المرأة وتحقيق مزيد من الاستقلالية لها .
4-ترتفع نسبة المتعلمين باالنسبة للذكور68,6% في الحضر مقابل 31,2%في الريف، وبالنسبة للأناث ترتفع الي 65%في الحضر بينما في الريف 35% . وهذا يتفق مع نتائج دراسة( إيمان السيد حسن ،2002 ) اتخاذ ربة الأسرة الريفية لقرارات الشراء من خلال الإعلان التليفزيوني. حيث توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين ربات الأسر في المستويات التعليمية والاجتماعية والاقتصادية المختلفة، وبين ما تتخذه من قرارات شراء بعض لوازم المنزل لصالح المستويات العليا.
5- تشير الدراسة الي عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين الذكور والاناث في الريف والحضر وذلك فيما يتعلق بمدي تاثير الفضائيات علي أساليب صنع القرار في الأسرة .
توصيات الدراسة :.
1.العمل على دفع المشاركة بين الرجل والمرأة في كافة لخدمة الأسرة..مثل تدعيم مسؤولية الرجل عن سلوكه الإنجابي,والمشاركة في إدارة دخل الأسرة,والاشتراك في تحمل مسؤولية تربية الأبناء.
2.من الضرورى إعداد الأبناء وتدريبهم على القيام بأدوار فى الحياة الأسرية مع تعويدهم وتنمية مهاراتهم ومشاركتهم فى اتخاذ القرارات الأسرية بشكل أكبر وأعمق وذلك حسب المراحل العمرية التى يمرون بها.
3.مساعدة المرأة على ان تملك حرية الاختيار فيما يتعلق بالزواج والعمل والسفر والإنجاب وتحديد عدد البناء وتنظيم الأسرة,واستخدام الوسيلة المناسبة في ذلك التنظيم.
4.دعم مسؤولية الآباء والأمهات والمدرسين في تعزيز قيمة احترام المرأة والفتاة عند تربيتهم للأطفال الذكور,وإرساء قيمة أن المعاونة داخل الأسرة ليست من صميم عمل النساء,وإنما هي مسؤولية يشترك فيها الرجل والمرأة على قدم وساق.
5.العمل على تغيير اتجاهات أفراد المجتمع التي استقرت لفترات طويلة على أن المرأة لاتستطيع تحمل المسؤولية ولاتملك اتخاذ القرار,وأن المسؤولية اتخاذ القرار إنما هي من شأن الرجل