يمثل الانترنت جانبا مهما في حياة قطاع من الشباب يتسع عدده كل يوم. ولم يعد دور الانترنت مقصورا علي التواصل الشخصي والاجتماعي بين الشباب ، بل أخذت تلعب عددا من الأدوار السياسية المهمة، وأصبحت مفردات مثل المدونات bloggs و الفيس بوك facebook و اليوتيوب youtube من الألفاظ الشائعة في المجال العمل السياسي في العديد من دول العالم.
وقد برز دو الانترنت كأداة سياسية تستخدم في استهداف قطاع الشباب و التواصل معهم من ناحية ، وكأحدي الوسائل يقوم من خلالها الشباب بالمشاركة السياسية من ناحية أخري.
ويتضح استخدام الانترنت كأداة سياسية في العديد من المجالات، فالانترنت أصبح احد المصادر المهمة لدي الشباب للحصول علي المعلومات السياسية.
بالرغم من إن التليفزيون مازال يحتل المكانة الأولي كمصدر للمعلومات السياسية، إلا إن نسبة الشباب الذين يحصلون علي معلوماتهم السياسية من شبكة الانترنت في تزايد مستمر.
وقد انتشرت المواقع الاليكترونية التي تقدم المعلومات السياسية علي الانترنت ، وسعت الحكومات والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني ومراكز الأبحاث بل و الإفراد لإنشاء مواقع الكترونية تقدم المعلومات لمستخدمي الانترنت ، كما سعت وسائل الإعلام التقليدية خاصة المطبوعة منها إلي تقديم خدماتها الإخبارية علي شبكه الانترنت، بل إن بعضها في طريقه للاستغناء عن النسخ الورقية لهذه الصحف والاعتماد علي الموقع الالكتروني.
وتشير الإحصاءات الدولية إلي إن الشباب هم أكثر الفئات اعتمادا علي الانترنت كمصدر للمعلومات السياسية باعتبارها احدي الأدوات الأقل تكلفة والأكثر سرعة في الحصول علي المعلومات.
كما ساهمت الانترنت في توسيع مساحة حرية التعبير والمساهمة في القضاء علي احتكار المؤسسات الرسمية لقنوات التعبير عن الرائ في عدد من دول العالم ، وأدت إلي زيادة درجة الشفافية في العملية السياسية ، فجانب كبير من أقوال وتصرفات القائمين علي العملية السياسية يجد طريقة للنشر علي الانترنت، كما أصبح الانترنت احدي الأدوات الرقابية التي تكشف المخالفات والتصروفات الخاطئة ، ليست فقط من خلال المادة المكتوبة ولكن أيضا من خلال المادة المصورة، والتي تستخدم أدوات بسيطة في التقاطها مثل كاميرات التليفون المحمول.
ويمثل الانترنت احدي أدوات المشاركة السياسية للشباب، وتتيح لهم فرصة التعبير عن وجهات نظرهم و الحوار بين بعضهم البعض حول القضايا المختلفة بدرجة اكبر من السهولة والحرية من الأطر التقليدي للمشاركة ويساهم هذا في الحد من ظاهرة الاغتراب و اللامبالاة السياسية للشباب، ويزيد من درجة اهتمامهم بالقضايا العامة ، والإحساس بالمسؤلية تجاه المجتمع..
ويستخدم الانترنت أيضا كأداة للتعبئة السياسية للشباب وتسهيل جهود تجميعهم وتنظيمهم لتحقيق هدف سياسي معين مثل تحفيز الشباب للتسجيل في قوائم الناخبين، أو المشاركة في مشروعات الخدمة العامة، أو تنظيم حملات تاخد شكل التأييد أو الاحتجاج علي سياسات أو تصروفات معينة ، فعلي سبيل المثال شارك أكثر من 750 إلف شاب في حملة احتجاج علي الانترنت ضد موقع الفيس بوك عندما أضاف هذا الموقع آلية تكنولوجية اعتقد هؤلاء الشباب بأنها تنتهك خصوصية المستخدمين لهذا الموقع وعلي أثرة قام الموقع بإلغاء هذه الإلية.كما يستخدم الانترنت في تعبئة الشباب في العديد من القضايا المتعلقة بالحريات و الحقوق العامة.
وقد برز استخدام الانترنت كأداة لتعبئة الشباب في الانتخابات الأمريكية الأخيرة.
وير البعض إن لولا الانترنت ما كان لاوباما إن يصل إلي البيت الأبيض حيث استطاع إن يسخر الانترنت للتواصل والحوار مع الشباب ، وإقناعهم بأهمية مشاركاتهم في الانتخابات وقدرتهم في إحداث التغيير واستخدام الشبكات الاجتماعية المختلفة علي الانترنت مثل الفيس بوك للتواصل مع الشباب ووضع مادة فيلمية علي اليوتيوب حققت حوالي 64.5 مليون ساعة مشاهدة ويستخدم الانترنت كأداة تستخدم للتواصل بين الشباب وأهل السياسية في العديد من دول العالم سواء من خلال المواقع الشخصية التي ينشئها السياسيون وتتيح مساحة من التفاعل وتبادل وجهات النظر أو من خلال البريد الالكتروني، أو عبر الحوار المباشر الذي يتم عبر شبكة الانترنت وقد برع الرئيس الأمريكي اوباما في استخدام هذا الأسلوب سواء خلال حملته الانتخابية أو بعد تولية الرئاسة حيث قام بتطوير الموقع الالكتروني للبيت الأبيض واستمر في استخدام البريد الالكتروني في للتواصل مع المواطنين، وقام بتسجيل عدد من الخطب السياسية التي وضعت بشكل حصري علي شبكة الانترنت....
وقد شهدت مصر في السنوات الأخيرة تزايد استخدام الانترنت كاده سياسية وخاصة بين الشباب ويمكن رصد هذه الملاحظات التالية حول هذه الظاهرة....
أولا : بالرغم من عدم وجود إحصائيات رسمية إلا إن العديد من المؤشرات توضح إن الانترنت أصبح احد المصادر المهمة لدي الشباب للحصول علي المعلومات السياسية وخاصة من المواقع الخبرية.
وارتبط بذلك ظهور الآلاف من مواقع الانترنت و المدونات التي تتعامل مع القضايا العامة و السياسية في مصر وقد استطاعت هذه المواقع إن تجذب الكثير من الشباب وتعكس هذه الظاهرة عدد من الجوانب الايجابية أهمها اهتمام الشباب المصري بقضايا وطنه وإحساسه بالمسؤلية تجاه مجتمعه ، وهو ما ينفي الأقوال التي تتردد عن سلبية هذا الشباب ..
ثانيا: بالرغم من إن هذه المواقع ساعدت الشباب في الحصول علي المعلومات ، وأتاحت له مساحة غير مسبوقة في التعبير عن وجه نظره..
إلا أنها مثل باقي مواقع الانترنت يحتوي بعضها علي حقائق وبعضها علي أكاذيب ويروج جزء منها لقضايا عادله وجزء أخر لقضايا هدامة. وفي غياب مواقع قومية ذات مصداقية تقدم للشباب المعلومات الصحيحة تصبح الانترنت اده للتشويش الفكري لبعض الشباب.
و بالرغم من وجود عدد من المواقع الحكومية المميزة إلا إن معظم مواقع المؤسسات السياسية ما تزال تتسم بالضعف سواء من حيث التصميم أو المضمون.
وتحولت لنشرات الكترونية تروج للقائمين علي هذه المؤسسات بدلا من محتوي معرفي جذاب لشباب يتعطش للمعلومات السياسية، وهو ما يفرض تحديا كبيرا لتطوير هذه المواقع.
ثالثا: يلاحظ أيضا ضعف استخدام الانترنت كأداة للحوار مع الشباب، و التواصل معهم سواء من خلال الحوار المباشر عبر الانترنت، أو إتاحة مساحة تفاعلية مع الشباب يستطيعون من خلالها مناقشة السياسات العامة المختلفة، وطرح وجهات نظرهم بشأنها.
رابعا: ويطرح استخدام مجموعات من الشباب لعدد من مواقع الانترنت مثل فيس بوك لتعبئة شباب ودفعه لتبني سلوكيات سياسية معينة عددا من الأسئلة حول الدور الذي يجب إن تقوم به المؤسسات القومية والحزبية في تنظيم الشباب وخاصة جيل الانترنت وتعبئه جهوده لمصلحه قضايا وطنه وخدمة المجتمع.
وأخيرا يمكن القول إن الانترنت يوفر إمكانيات هائلة للتواصل مع الشباب وزيادة معارفهم السياسية ودمجهم في إطار النظام السياسي ويقع علي عاتق المؤسسات القومية دور هام في تطوير استخدامها للانترنت وكذلك تحويل المشاركة الافتراضية للشباب علي مواقع الانترنت إلي مشاركة فعلية علي ارض الواقع .