في نفس السياق إطلاعنا على الدراسات المتعلقة بفئة ذوي الاحتياجات الخاصة من المنظور النفسي والاجتماعي ، أي من زاوية الخصائص النفسية والاجتماعية لفئة المعاقين ،كشف لنا عن وجود فوارق نفسية واجتماعية لهاته الفئة عن غيرها من الفئات الأخرى، أي أن الإعاقة تفرض سمات نفسية واجتماعية معينة ومخالفة عن الأشخاص الغير معاقين، الأمر الذي شجعنا في دراستنا أكثر للتعرف عن نمط استخدامات هاته الشريحة للوسائل الإعلامية وفق المتغيرات السابقة الذكر (سن ، جنس …إلخ) إضافة إلى متغير الإعاقة ،ولقد تطرقت بعض الدراسات لهذا على غرار دراسة سهير صالح إبراهيم حول : ” الاحتياجات الإعلامية والثقافية للمعاقين من برامج التلفزيون، ودراسة لعلي بن شويل القرني حول :”اتجاهات الإعلاميين السعوديين نحو ذوي الاحتياجات الخاصة : دراسة مسحية عن الصورة والاهتمامات في وسائل الإعلام السعودية”، غير أن هده الاخيرة تناولت العلاقة بين الإعلام والإعاقة من منظور ممارسي مهنة الإعلام في حين أن دراسة سهير صالح إبراهيم تناولتها من جانبين، منظور وسائل الإعلام من خلال تحليل برامج تلفزيونية، ومنظور فئة المعاقين لتلك البرامج من خلال الاستبيان .
وعليه تميزت دراستنا عن الدراسات السابقة بما يلي :
تناولت المتغيرات المستخدمة في بحوث الاستخدامات والإشباعات على غرار السن، الجنس ..الخ، وربطتها بمتغير الإعاقة.
بحثت في نمط الاستخدامات والإشباعات لفئة المعاقين من منظور المعاقين أنفسهم من خلال توزيع استمارات .
تحديد المتغير الجغرافي بالجزائر ، حيث أنها تهتم بالمعاقين الجزائريين فقط ، وعلاقتهم بالإعلام الجزائري .
وعليه تتبلور إشكالية هده الدراسة كالآتي : ماهي استخدامات فئة ذوي الاحتياجات الخاصة للإعلام الجزائري ؟وهل يشبع الإعلام الجزائري حاجاتها الإعلامية ؟
وتنطوي هده الإشكالية على أسئلة فرعية هي كالتالي :
ما هي المضامين الإعلامية التي تجدب فئة ذوي الاحتياجات الخاصة الجزائرية ؟
ما هو موقع فئة ذوي الاحتياجات الخاصة من الإعلام الجزائري خارج نطاق المناسباتية؟*
هل المعاق الجزائري يتابع المضامين الإعلامية الجزائرية أم أنه يلجأ للإعلام الأجنبي والعربي؟
ماذا يتوقع المعاق الجزائري من وسائل الإعلام ؟
أهداف الدراسة :
تهدف الدراسة إلى:
تحديد الحاجات التي تدفع المعاقين بالجزائر لمتابعة المضامين الإعلامية.
ترتيب المضامين الإعلامية وفق اهتمام فئة ذوي الاحتياجات الخاصة الجزائرية وحسب مجالها ترفيهية، تعليمية، ثقافية، تربوية، إخبارية، الخ.
تحديد نسبة متابعة فئة ذوي الاحتياجات الخاصة للإعلام الجزائري .
تحديد وبلورة الإشكاليات المتعلقة بالإعلام والمعاق .
تأسيس قاعدة علمية للتعمق في أبحاث لاحقة تتناول دور وأهمية الإعلام اتجاه المعاقين .
مقترب الاستخدامات والإشباعات uses & gratifications:
ترى هده النظرية أن الجمهور ليس مجرد عنصر سلبي في العملية الاتصالية، بل أن الأفراد هم الدين يحددون المضامين الإعلامية التي يتلقونها والتي يعتقدون أنها هي التي تلبي حاجاتهم النفسية والاجتماعية، وعليه فإن أفراد الجمهور مشاركون فاعلون في عملية الاتصال الجماهيري وهم يستخدمون وسائل الاتصال التي تلبي أهدافهم المتوقعة، كما يختلف استخدام وسائل الاتصال الجماهيري وفقا لتنوع التفاعل الاجتماعي والحاجات النفسية والاجتماعية للأفراد والفروق الفردية بينهم،[32]والناس يقومون، باستعمالات واعية وإرادية لوسائل الإعلام بغية الحصول على أشياء خاصة نصيحة مثلا، معلومة ،مساعدة، للترفيه، للتسلية، الخ…[33]
ويطلق على هذه النظرية كذلك بنظرية المنفعة حيث أنها تساءلت عن كيفية استفادة الجمهور من وسائل الاتصال الجماهيري لتحقيق الكثير من الإشباعات كالتعلم عن النفس وعن الآخرين والتعلم كيفية التصرف في مختلف المواقف،والاسترخاء والنسيان ولقضاء الوقت ، وفي هذه النظرية يعتبر الجمهور نشط من خلال تحديد الإشباعات التي يريد الحصول عليها.[34]
حسب willet، فإن نموذج الاستخدامات الإشباعات هو نتيجة لمزيج من التيار الوظيفي وعلم النفس، وقد ساهم في ظهور هدا النموذج عدة أبحاث ودراسات خلال الأربعينيات من القرن الماضي على غرار أبحاث إليهو كاتز LIHU KATZ ، جاي بلومر JAY BLUMER، فولكس FOULKS، كورفيتش GOUREVITCH [35]، دينيس DENIS MCQUAIL، كارل إريك روزنغرين KARL ERIK ROSENGREN ، ويلبر شرام WILBUR SCHRAMM،[36]وغيرها من الدراسات التي كانت تسعى للكشف عن دوافع الأفراد لإستخدامهم وسائل الإعلام، على خلاف الدراسات التي سبقتها والتي كانت تركز على الآثار الناجمة من العملية الاتصالية وتجعل المرسل هو المتحكم والمتلقي هو المتحكم فيه،[37] وانعكست النظرة المعتادة لوسائل الإعلام ، التي تبحث فيما تفعل وسائل الإعلام بالجمهور، إلى ماذا يفعل الجمهور بوسائل الإعلام .
هذه الأبحاث حاولت ربط توقعات الاستهلاك واللذة و المتعة و الأثر من خلال مؤشرات كمية،وهي أبحاث قائمة على مبدأ الانتقائية أو الاختيار، مع الأخذ في الحسبان حاجات وتطلعات الجمهور، وعليه فوسائل الإعلام تكون بمثابة خدمات عمومية أين يقوم الجمهور باستخدام انتقائي .[38]
لقد جاءت نظرية الاستخدامات الإشباعات مخالفة لما توصلت إليه نظريات التأثير المباشر، وحاولت تجاوز نظريات التأثيرات الغير مباشرة أو المحدود [39]، ذلك أن تأثير وسائل الإعلام لا يمكن أن يكون قوي ومباشر لوجود عقبات ولوجود تداخل ، ولأن عملية التأثير تستغرق وقت حسب ما أكده إليهو كاتز ELIHOU KAATZ.[40]وقد وصف كاتز kaatz ، بلومر BLUMER ، و كورفيتش gurevitch تيار الإستخدامات الإشباعات أنه محاولة لشرح ظاهرة من خلال الكيفية التي يستخدم فيها الفرد وسائل الاتصال لتلبية حاجاته وأهدافه، وحسب لينين فإن نموذج الاستخدامات الإشباعات يسمح للباحث في ميدان الإعلام والاتصال بإجراء دراسات من خلال الاحتياجات والدراسات النفسية ، القنوات ،الرسائل والمضامين الاتصالية الإشباعات النفسية .
تجدر الإشارة إلى أن الفضل في إعطاء تسمية الاستخدامات الإشباعات uses & gratifications تعود لـ إليهو كاتز ELIHOU KAATZ سنة 1959مـ ، ومنذ نشأة هذا النمودج أصبح قاعدة هامة من نظريات الاتصال .[41]
خاتمة:
كخلاصة لما سبق ذكره، فإن ضرورة تثمين الرصيد العلمي في حقل الإعلام بالجزائر تقتضي القيام بدراسات أكثر تعمقا للتعرف على العلاقة التي تربط بين الإعلام وفئة ذوي الاحتياجات الخاصة، واستخدامات هده الفئة للإعلام في محاولة للرفع من قدراتها وتحسين أوضاعها ،لما يلعبه الإعلام من دور هام في المجتمع، ويؤديه من وظائف للربط بين مختلف الأنظمة الاجتماعية ،ورغم أن دراساتنا هده هي من الدراسات الوصفية إلا أننا نسعى من خلالها إلى تأسيس قاعدة علمية، يمكن أن تكون المنطلق لأبحاث لاحقة أكثر تعمقا للتعرف أكثر عن العلاقة بين الإعلام وفئة ذوي الاحتياجات الخاصة .
قائمة المراجع :
حنان شعبان ،تطور دراسات جمهور وسائل الإعلام”من دراسات التأثير إلى دراسات التلقي “،مجلة الإذاعات العربية،اتحاد الإذاعات العربية،العدد 02 ،
منى سعيد الحديدي ،سلوى إمام على،الإعلام والمجتمع ،الدار المصرية اللبنانية ،طبعة 1،
Yves f.le Coadic :usages et usagers de l’information. édition nathan,paris.1997.
أسامة غازي المدني ،إستخدامات الشباب السعودي للمضمون السياسي للمدونات الإلكترونية والإشباعات المحققة منها،مجلة كلية الآداب جامعة حلوان،العدد 26،جوان
بارعة حمزة شقير،استخدام أساتدة جامعة دمشق للأنترنت والإشباعات المحققة منها: مجلة جامعة دمشق،مجلد 25 ،العدد الأول والثاني ،
رامي أسعد ابراهيم نتيل ،محمد وفائي ،غزة، المميزة لشخصيات المعاقين سمعيا وبصريا وحركيا في ضوء بعض المتغيرات،مجلة الجامعة الإسلامية (سلسلة الدراسات الإنسانية)،غزة ،فلسطين،
علي بالإلكترونية، اتجاهات الإعلاميين السعوديين نحو ذوي الاحتياجات الخاصة ،دراسة مسحية عن الصورة والاهتمامات في وسائل الإعلام السعودية: بحث مقدم للملتقى السابع للجمعية الخليجية للإعاقة عن “الإعلام والإعاقة “،المكتبة الإلكترونية ،مملكة البحرين،
سهير صالح إبراهيم،الاحتياجات الإعلامية والثقافية للمعاقين من برامج التلفزيون،مجلة الفن الإذاعي ،عدد 01 .
عبد الرحيم درويش،مقدمة إلى علم الاتصال، مكتبة نانسي،
الاتصال ،مفاهيمه،نظرياته، وسائله،دار الفجر للنشر والتوزيع ،
Dany therrien.le phénomène facebook usages et gratification : mémoires de maitrise. Faculté des arts, université ottawa.canada.2012
Eric maigret.soiologie de la communication et des médias.2eme édition. Armand colin.
أرمان وميشال ماتلار،ترجمة نصر الدين العياضي ،الصادق رابح.تاريخ نظرية الإتصال.
Armand, michèle mattenart.histoire des theories de la communication.casbah editions.
[1] – عاطف عجوة : البطالة في العالم العربي وعلاقتها بالجريمة، المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب ،الرياض ، ،1985، ص 20.
[2]- أبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي :الجامع الصحيح- تحقيق أحمد شاكر- باب ما جاء في النهي عن المسألة ، حديث رقم 679 ، دار الكتب العلمية، بيروت ،ص 226.
[3] – عاطف عجوة : المرجع السابق ،ص22.
[4] – قاسيمي ناصر : خريجو الجامعة وسوق العمل ،رسالة ماجستير ،معهد علم الاجتماع ،جامعة الجزائر 1991 -1992 ، ص180 .
[5] – الخضري سعيد : أزمة البطالة وسوء استغلال الموارد العربية ، القاهرة ،مصر ، دار النهضة العربية ،د ط ، 1989 ، ص 7 .
[6] – عبد القادر محمد علاء الدين : البطالة ، الإسكندرية ، مصر ، منشأة المعارف ،د ط ، 2003 ، ص 3 .
[7] – حسين عمر : موسوعة المصطلحات الاقتصادية ،جدة ،المملكة العربية السعودية ،دار الشروق ،د ط ، دت ، ص53 .
[8] – حسين عمر : المرجع نفسه ، ص 53 .
[9] – الأشوح زينب صالح ، الاطراد والبيئة ومداواة البطالة ، القاهرة ، مصر ، دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع ، د ط ، 2003 ، ص 77 .
[10] – ماهر أحمد : تقليل العمالة ، الإسكندرية ،مصر ، الدار الجامعية ، دط ، 2000 ، ص353 .
[11] – فكري أحمد نعمان : النظرية الاقتصادية في الإسلام ، دبي ، الإمارات العربية المتحدة ، دار القلم ، ط1، 1985 ، ص 114 .
[12]- ماهر أحمد : المرجع السابق ،ص 81 .
[13] – ماهر أحمد : المرجع نفسه ،ص 81 .
[14] – ماهر أحمد : المرجع نفسه ،ص 83 .
[15] – مرسي كمال الدين عبد الغني : الحل الإسلامي لمشكلة البطالة ،الإسكندرية ، مصر ،دار الوفاء ،ط1،2004، ص21.
[16] – مرسي كمال الدين عبد الغني : نفس المرجع ، ص 21.
[17] – المرسي كمال الدين عبد الغني : نفس المرجع ، ص23.
[18] – التقرير الإقتصادي العربي الموحد لعام 1996 ،نقلا عن كتاب الحل الإسلامي لمشكلة البطالة لمرسي كمال الدين عبد الغني ، ص23.
[19] – المرسي كمال الدين عبد الغني : المرجع السابق ، ص29.
[20] – محمد دمان ذبيح : الآليات الشرعية لعلاج مشكلة البطالة ،مذكرة مكملة لنيل شهادة الماجستير ، إشراف الدكتور حسن رمضان فحلة ، كلية العلوم الاجتماعية والعلوم الاسلامية،جامعة باتنة ،2007-2008 ، غير منشورة ، ص 47 .
[21] حنان شعبان ،تطور دراسات جمهور وسائل الإعلام”من دراسات التأثير إلى دراسات التلقي “،مجلة الإذاعات العربية،اتحاد الإذاعات العربية،العدد 02 .2012، ص 69- 70.
[22] سميرة بلغيثية ،الدراما التلفزيونية العربية وجمهور النساء الماكثات في البيت،مذكرة ماجيستر،جامعة الجزائر،2010-2011،ص 47.
[23] منى سعيد الحديدي ، سلوى إمام على،الإعلام والمجتمع ،الدار المصرية اللبنانية ،طبعة 1،2004،ص 94 – 100.
[24] Yves f.le Coadic :usages et usagers de l’information. édition nathan,paris.1997.p p 74-75.
[25] أسامة غازي المدني ،إستخدامات الشباب السعودي للمضمون السياسي للمدونات الإلكترونية والإشباعات المحققة منها،مجلة كلية الآداب، جامعة حلوان،العدد 26،جوان 2009.
[26] بارعة حمزة شقير، استخدام أساندة جامعة دمشق للانترنت والإشباعات المحققة منها: مجلة جامعة دمشق،مجلد 25 ،العدد الأول والثاني ،2009، ص 457- 466.
[27] بارعة حمزة شقير،مرجع سابق، ص 471- 474.
[28] رامي أسعد ابراهيم نتيل ،محمد وفائي .غزة، المميزة لشخصيات المعاقين سمعيًا وبصريًا وحركيًا في ضوء بعض المتغيرات،مجلة الجامعة الإسلامية (سلسلة الدراسات الإنسانية)،غزة ،فلسطين.2007. ص 875.
[29] رامي أسعد إبراهيم نتيل ، محمد وفائي ،مرجع سابق،ص 913- 918.
[30] علي بن شويل ،اتجاهات الإعلاميين السعوديين نحو دوي الاحتياجات الخاصة،دراسة مسحية عن الصورة والاهتمامات في وسائل الإعلام السعودية: بحث مقدم للملتقى السابع للجمعية الخليجية للإعاقة عن “الإعلام والإعاقة “، المكتبة الإلكترونية ،مملكة البحرين،2007،ص 2.
[31] . سهير صالح إبراهيم،الاحتياجات الإعلامية والثقافية للمعاقين من برامج التلفزيون،مجلة الفن الإذاعي ،عدد 01 ،ص 159- 168.
*وصفت ورقة الدكتور خالد القحص بعنوان » الإعلام والإعاقة :علاقة تفاعلية ومسؤوولية متبادلة« مقدمة إلى الملتقى السابع للجمعية الخليجية للإعاقة في مارس 2008 ، أسلوب وسائل الإعلام في التعامل مع قضايا المعاقين بالمناسباتية، أي أنها تناول قضايا الإعاقة بحسب المناسبات التي يتم عقدها والأنشطة التي تقوم بها الجمعيات دات الصلة بالمعاقين.
[32] عبد الرحيم درويش.مقدمة إلى علم الاتصال.مكتبة دنانسي،2005،ص 27.
[33] الاتصال :مفاهيمه،نظرياته، وسائله،دار الفجر للنشر والتوزيع ،2003، ص 43.
[34] عبد الرحيم درويش.مرجع سابق،ص 27.
[35] Dany therrien.le phénomène facebook usages et gratification : mémoires de maitrise. Faculté des arts ,université ottawa.canada.2012 p p 24-30.
[36] Eric maigret.soiologie de la communication et des médias.2eme édition. Armand colin.p71.
[37] Dany therrien.ouvrage précedent.p p 24-30.
[38] Eric maigret. ouvrage précedent.p71.
[39] .أرمان وميشال ماتلار،ترجمة نصر الدين العياضي ،الصادق رابح،تاريخ نظرية الإتصال،طبعة 3،بيروت،المنظمة العربية للترجمة،ص 167.
[40] armand, michèle mattenart.histoire des theories de la communication.casbah editions.pp 87-88
[41] Dany therrien. Ouvrage précédent. p 24-30.