المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
اهلا بكم في المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
اهلا بكم في المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية

علم الاجتماع- العلوم الاجتماعية- دراسات علم الاجتماع
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
Like/Tweet/+1
المواضيع الأخيرة
» أحمد محمد صالح : أثنوغرافيا الأنترنيت وتداعياتها الإجتماعية والثقافية والسياسية
عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية Emptyالخميس أبريل 29, 2021 10:43 pm من طرف زائر

» قارة آمال - الجريمة المعلوماتية
عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية Emptyالإثنين أبريل 26, 2021 5:37 pm من طرف ikramg

» معجم مصطلحات العلوم الإجتماعية انجليزي فرنسي عربي - الناشر: مكتبة لبنان - ناشرون -سنة النشر: 1982
عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية Emptyالخميس أبريل 22, 2021 2:24 pm من طرف Djamal tabakh

» سيكلوجية_المسنين
عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية Emptyالإثنين أبريل 19, 2021 4:46 pm من طرف Mostafa4Ramadan

» ممارسة خدمة الفرد مع حالات العنف الاسرى دعبد الناصر
عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية Emptyالإثنين أبريل 19, 2021 4:45 pm من طرف Mostafa4Ramadan

» جرائم نظم المعلومات
عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية Emptyالسبت أبريل 17, 2021 3:39 pm من طرف Djamal tabakh

» دور التعلم الإلكترونى فى بناء مجتمع المعرفة العربى "دراسة استشرافية"
عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية Emptyالسبت أبريل 17, 2021 2:54 pm من طرف Djamal tabakh

» أصــــــــــــــــــــــــول التربية
عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية Emptyالسبت أبريل 17, 2021 5:02 am من طرف Djamal tabakh

» نحو علم اجتماع نقدي
عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية Emptyالإثنين أبريل 05, 2021 11:22 am من طرف ظاهر الجبوري

» د.جبرين الجبرين: الإرشاد الاجتماعي في المجتمع السعودي
عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية Emptyالأربعاء مارس 31, 2021 4:25 am من طرف nahed

سحابة الكلمات الدلالية
والاجتماعية الجريمة اساسيات الالكترونية تنمية العمل موريس التغير العنف التلاميذ التنمية التخلف كتاب في المرحله الجوهري المجتمع الشباب الجماعات الاجتماع محمد البحث الخدمة الاجتماعي الاجتماعية المجتمعات
أحمد محمد صالح : أثنوغرافيا الأنترنيت وتداعياتها الإجتماعية والثقافية والسياسية
عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية Emptyالجمعة مارس 12, 2010 11:26 am من طرف nizaro

عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية ___online

أثنوغرافيا …


تعاليق: 93
جرائم نظم المعلومات
عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية Emptyالإثنين مارس 08, 2010 10:02 am من طرف فريق الادارة
عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية ___online.pdf?rnd=0

ضع ردا …


تعاليق: 5
أصــــــــــــــــــــــــول التربية
عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية Emptyالأحد يناير 03, 2010 9:37 pm من طرف فريق الادارة

تهتم مادة (اصول التربية) بدراسة الاسس التاريخية …


تعاليق: 146
نحو علم اجتماع نقدي
عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية Emptyالسبت يوليو 24, 2010 2:02 am من طرف فريق الادارة

العياشي عنصر
نحو علم اجتماع نقدي






يعالج الكتاب …


تعاليق: 13
لأول مرة : جميع مؤلفات الدكتور محمد الجوهري - مقسمة علي ثلاث روابط مباشرة وسريعة
عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية Emptyالسبت أبريل 23, 2011 10:27 pm من طرف باحث اجتماعي
مدخل لعلم الأنسان المفاهيم الاساسية في …


تعاليق: 283
أصل الدين - فيورباخ
عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية Emptyالإثنين مارس 01, 2010 10:38 pm من طرف فريق الادارة



أصل الدين - فيورباخ

عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية …


تعاليق: 223
العنف في الحياه اليوميه في المجتمع المصري-احمد زايد
عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية Emptyالخميس يناير 14, 2010 10:27 am من طرف فريق الادارة
عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية ______-_

[hide][url=http://www.4shared.com/file/196965593/6e90e600/______-_.html]…


تعاليق: 43
مبادئ علم الاجتماع - للمؤلف طلعت ابراهيم لطفي
عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية Emptyالثلاثاء ديسمبر 22, 2009 7:25 am من طرف فريق الادارة


مبادئ علم الاجتماع


إذا أعجبك الكتاب اضغط لايك في …


تعاليق: 264
نظرة في علم الاجتماع المعاصر - د. سلوى خطيب
عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية Emptyالسبت فبراير 06, 2010 11:31 am من طرف فريق الادارة
نظرة في علم الاجتماع المعاصر
د. سلوى خطيب

رابط التحميل


تعاليق: 39
التدين الشعبي لفقراء الحضر في مصر
عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية Emptyالأربعاء مايو 26, 2010 4:14 am من طرف فريق الادارة

التدين الشعبي لفقراء الحضر في مصر

[img]…


تعاليق: 22

 

 عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
فريق الادارة
المدير العام
المدير العام
فريق الادارة


عدد المساهمات : 3110
نقاط : 8100
تاريخ التسجيل : 04/12/2009

عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية Empty
مُساهمةموضوع: عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية   عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية Emptyالخميس يناير 19, 2012 1:58 pm

)L
عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية:
المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية

من إعداد الدكتور: بوحنية قوي
bouhania2000@yahoo.com
هاتف: 00.213.6 67.13.16.88
أستاذ الإدارة و العلوم السياسية، و عميد كلية الحقوق – جامعة قاصدي مرباح ورقلة.
أنجز البحث كاملا بتاريخ الإثنين 02/ 02/ 2009.


الملخص
يشير عصر المعلومات إلى العصر الذي تقود قاطرته تقنية المعلومات الحديثة التي تمثل الاندماج المتداخل للقفزات الهائلة في تقنية الحوسبة و الاتصالات بشكل ، يجمع ثلاث تقنيات متعاضدة . تخزين البيانات، إرسال البيانات الرقمية، الحاسبات الرقمية.
إن عصر المعلومات يتميز بالتوظيف المتداخل و الكبير لوسائل الإعلام و الاتصال المعـاصر، وكذا الاعتمـاد على التكنولوجيا الرقمية ، بشكل يساهم في تقديم خدمات وتوفير أنماط و قيم لم تكن موجودة بالسابق ، تحاول هذه الورقة معالجة المضامين التالية، المدخل المفاهيمي لعصر المعلومات ، المكونات الأساسية لعصر المعلومات ، الآثــار السوسيوثقافية لمجتمع المعلومات ( سلباً و إيجاباً )، لنختم الدراسة برؤية تحاول صياغة ميثاق أخلاقي عالمي لحماية الثقافـات الفرعيـة و صيانة الخصوصيات الثقافية المحلية لمجتمعات العربية الإسلامية.

Abstract
Every one conscious that at he actual epoch is known by high integration of computerized technology and communication as well, that gathering three implementation of technology –storage of information , expedition and transmission of digital data , digital computers.
The age of information is characterizing by interference and great employment of contemporary information and communication , moreover this kind of digital technology is used to be at service to create new type of value never existed before
In this paper I am trying to focus upon the following topic
-introduction to conceptual information age
-the basis of information age contents
-the socio-cultural affects upon information society whether in negative or positive sense
we conclude our study by founding and international deal to conserve and protect sectional and marginal cultures and safekeeping our local cultural characteristics for Arabs and Muslims .societies

مقدمـة:
يبرز الإعلام كسلطة قاهرة و قوية تُغيّر الأنماط الفكرية و الأنساق الإجتماعية بشكل يخلق عناصر جديدة لمجتمع حديث، أقل ما يمكن القول عنه أنّه عصر المعلومات، بكافة أنواعها و مكوّناتها، و هذا العصر المعلوماتي بدوره خلق إقتصادات جديدة لم تكن موجودة سلفاٌ كاقتصاد المعرفة Knowledge Economyو إقتصاد المعلومات Information Economy، و إقتصاد البحث و الإبداع Research and Innovation Economy و هذه المصفوفات و المرتكزات أحدثت بدورها ثقلا و تأثيرا على ساحة المجتمع و الثقافة و الهوية.
أولاً: مدخل مفاهيمي لعصر المعلومات:
يتشكل النظام الإعلامي الإتصالي المعاصر من عدّة مكونات يمكن إبرازها فيما يلي
1. مكونات تقنية: مثل شبكات الإتصال السلكية و اللاسلكية و وسائل الإتصال الجماهرية، و توزيعات الترددات الإذاعية، و توزيع مدارات الأقمار الصناعية.
2. مكونات إقتصادية: و تشمل على المستوى الدولي الرسوم و التعريفات، و النظم الجمركية و الضرائبية، و إستراتيجيات إستثمار رأس المال و حماية الملكية الفكرية، و تشمل على المستويات الوطنية، نظم الملكية، وسائل الإتصال و إدارتها و الإشراف عليها و نُظم التمويل و الإستثمار.
3. مكونات سياسية و تشريعية: مثل المسائل الخاصة بسيادة الدولة، و المعاهدات و الإتفاقات الدولية و التوازن الجيوبوليتيكي.
4. مكونات ثقافية: و تشمل صور الأمم و الشعوب، و قضايا و مشكلات الهيمنة على الناتج الإعلامي و تسويقه و حماية الهوية الثقافية.
5. مكونات السيطرة و الضبط الاجتماعي، و تدفق المعلومات، و الحق في الإتصال و الرقابة و غيرها: و تشبه ممارساتها على المستوى الدولي ممارساتها على المستويات المحلية.
إنّ المكونات السابقة الذكر ساهمت كمظاهر و أدوات في إبراز عصر المعلومات، و لعلّ العولمة كظاهرة و سيرورة أثّرت بشكل في صعود هذا المصطلح " أي عصر المعلومات Information Age" إلى ركع المعترك السياسي الثقـافي و الاجتماعي.
إنّ علاقة العولمة بكل من ثورة المعلومات و ثورة وسائل الإتصال و ثورة الحاسبات الإلكترونية هي علاقة تبادليـة من حيث السبب و النتيجة، و يظهر ذلك فيما يلي:
1. حدوث نمط من التفاعلية الجديدة بين قطاع الإتصال و المعلومات و بين سائر القطاعات الإجتماعية و هو ما أنتج مجتمعات توصف بمجتمعات المعلومات Information Societies.

2. اتسعت الأنشطة الإعلامية الاتصالية مُتخطية الحدود القومية بحيث أضحت المجتمعات المختلفة وثيقة الإتصال ببعضها البعض Highly Interrelated ، و هو ما يسمى دبلومـاسية الأقمـار الصنـاعية Satellite Diplomacy أو دبلوماسية الاتصال الإلكتروني Electronic Communication Diplomacy، بهذا الصدد يعتبر "جيد نز" أنّ ثورة الاتصالات و التطور الهائل في مجال تكنولوجيا المعلومات كان لهما أكبر الأثر في دعم عمليات العولمة .
إنّ شبكة الانترنت (Internet) العالمية أدت دوراُ مُعزّزاُ لإبراز المجتمع المعلوماتي، هذه الشبكة التي تعود جذورها لسنة 1969 في مبادرة سعت إليها وزارة الدفاع الأمريكية لإنشاء شبكة تربط بين الجامعات و مراكز البحوث لتأمين التنسيق بين الخبراء و صُنّاع القرار السياسي في أُفق قيام حرب نووية مُحتملة.
إنّ هذه الشبكة العنكبوتية قدّمت مصفوفات معلوماتية لم تكن موجودة في السابق مثلا أنظمة التعليم الإلكتروني، الصحة الإلكترونية، المصرفة الإلكترونية، التعاقد الإلكتروني، الحكومة الإلكترونيـة، بحيث يُصبح المواطن و المستهلك و صانع القرار وجهاٌ لوجه أمام مرآة إلكترونية و بشكل متفاعل و يومي و لعلّ من أبرز مُمثّلي الاتجاه المُتفائل بالأدوار الإستراتجية للانترنت نائب الرئيس الأمريكي "الأسبق" آل غــور المفتون بالتقنيات الاتصالية و الذي أحاط نفسه بكبار مسئولي شركات الصناعة الإلكترونية في إطار دائرة التفكير المستقبلي في مشـاكل الاقتصاد الأمريكي و طُرق حلّها في أُفق قيام العصر المعلوماتي الجديد
إنّ هذا التداخل الكوني المتسارع و الذي تزايد و تنامي يجعلنا نُميّز بين ثلاث محطات وسائطية كبرى عرفتها البشرية و هي: الكتابة، و الطباعـة، و السمعي البصري، و هي بدورها تتلاءم مع ثلاث دوائر مُتمايزة و هي: التعبّد، الفـن و الفيديو، فالدائرة الصوتية Logos phère ترمز لها الكتابة من حيث وظائفها الرمزية الدينية ( الحضارات المُتمحورة حول الديانات الكتابية)، و الدائرة الخطية Graphos phère و تتزامن مع اكتشاف المطبعة و تخطي عصر الفن، أمّا الدائرة البصرة videos phère فهي حقبة التلفـاز و الانترنت، و الإعلام الفضـائي ( بكل عناصره كتلفزيون الواقـع و مواقع اليوتوب، و عصر المدونات Blog.
إنّ هناك مُؤشراً اجتماعيا و دولياً هاماً في عصر المعلومات و هو يُبرز نمط تفاعلي جديد و نزعة اجتماعية جديـدة هي ( الإنسانية المعلوماتية) و يتجلى ذلك في تداعيـات شبكة الانترنت التي تسـاهم بفاعلية في ربط المنظمات الدولية مع بعضها و تعمل على مساعدات المنظمات الدولية في إنجاز أعمالها على البعد الدولي حيث تكون كأداة نقل المعلومات إلى آلاف المنظمات في 133 دولة و التي تعمل في ميـادين مُختلفة كحقوق الإنسان، و البيئـة، و حمايـة الأقليـات و بهذا أصبحت شبكات الانترنت تُكسب الأطراف المتعاملة معها صفة الكيان الواحد ، رغم تعدّد الأطراف و إختلاف أماكن تواجدها و أزمنة حضورها بشكل يُساهم في زجّ الإنسانيـة في عصر المعلومـات الشاملة، عصر الطرق الفسيحـة "Autoroutes" التي تسلكها المعلومات بطريقة تصوغ المجتمعات في المستقبل وفق نمط يكاد يكون أكثر تشابهاً .
لقد شهـد النصف الثاني من القرن التاسع عشر مولد عدد من الاختراعات الإلكترونية، إذ بدأت تظهر ملامح تقنية إتصالية جديدة كان لها آثار عميقة في القرن الحالي، ذلك أن عصر الإتصال الإلكتروني قد حمل معه مجتمع المعلومات Information Society الذي يُعتبر مرحلة متقدّمة لما يُسمى مجتمع صناعي Industriel society.
لقد بدأت في الثمانينات من القرن الماضي عملية دخـول كثيف للمعلوماتية إلى المجتمعات الصناعية الغربيـة و منها إلى المجتمعات العربية و الإسلامية، و في الوقت الذي تأثّرت فيه كل قطاعات الإقتصاد الكبيرة بهذه التغيرات إقتضى الأمر تغييراً في العمق للنظام التقني الخاص بالمجتمعات و إبتكار أشكال جديدة لتنظيم العمل، و يمكن الجزم بأن حركات التغيير هذه في أنماط الحياة سوف تتوالى فتظهر إستخدامات سوسيو تقنية جديدة بالتأكيد.
و الواقع أن تقنيات الإتصال تتميّز بآثار خاصـة تختلف باختلاف المجتمعات، و عند تقويم آثار تقنيات الاتصال و الإعلام يبدو صحيحاً إلى حد كبير القول بأنّ التقنية تصنع التاريخ باعتبار تأثيرها في طبيعة النظام الاجتماعي و الاقتصادي الذي تعمل فيه، سواء شهد النظام تتابعاً معيناً أم لا، و سواء كانت هذه الآثار في نطاق التحكم البشري أم العكس، من المؤكد أنّ درجة تطور النظام الاجتماعي، و الاقتصادي هي التي تُحدّد إمكانات الاستفادة المُثلى من البدائل و الخيارات التي توفرها هذه التقنيات في مجال الإعلام و الإتصال .
إنّ مجتمع المعلومات ظاهرة و عملية ( process) أفرزتها العولمة الثقافية، إذ بفعل ضغوط الإعلام و الإتصال و إنسياب المعلومات برزت المظاهر التالية :
- أصبح المواطنون مبدئيا أكثر تكويناً، و أكثر إعلاماً، و أكثر و عياً، و أكثر تمسكاً بمطالبهم و حقوقهم.
- إظهار الشعور بالقلق المتزايد في المجتمعات القديمة من الإبداعـات و الابتكارات الجديدة بسبب انتقال المعرفة البشرية من مرحلة الكشف عن مكونات المـادة و الحياة و العقل إلى مرحلة التأثير و التلاعب بها إنتاجـاً و تصنيعـاً و تسويقاً.
- دور المؤسسات العمومية الغربية الإعلامية في نشر نموذج اللبرالية الإقتصادية التي تتّجه نحو إحتلال مكان الديمقراطية – الإجتماعية التي تجسّدت في دولة الرفاهية و إقتصاد السوق الإجتماعي و إقتصاد المشاركة.
- التزايد الإنفجاري لعدد الحركات الفكرية و الطوابق العقدية، و قد أحصى أندري غارسيا حوالي 10 آلاف حركة فكرية عقدية في العالم.
- العولمة الروحية و الدينية و تزايد دور الأديان في النزاعات و العلاقات الدولية، و تعدُد المؤتمرات حول موضوع حوار الأديان بحثاً عن المعايير و القواسم المشتركة الأخلاقية و السياسية و القانونية.
- تزايد دور المنظمات غير الحكومية في الدفاع عن حقوق الإنسان و البيئة.
- توظيف وسائل الإعلام و الإتصال للمطالبة بعولمة أكثر عدالة و إنسانية و ديمقراطية، بالإضافة إلى تزايد الضغوط للمطالبة بإقرار مبدأ و سياسة التعددية الثقافية.
و صفوة القول إنّ مجتمع المعلومات هو ذلك المجتمع الذي يتميّز بالخصائص التالية:
1. التوظيف المتداخل و الكبير لوسائل الإعلام و الإتصال المعاصرة.
2. الإعتماد على التكنولوجيا الرقمية للتواصل مع الأنا و الآخر.
3. التنميط و النمذجة المشتركة لكثير من الأنساق الفكرية و القيمية مما يُهدّد الهوية المحلية على حساب الهويـة العالمية ( الكوسموبوليتانية).
4. مجتمع المعلومات أصبح ذلك المجتمع الذي يتميز بخصائص جديدة من المواصفات كالأمية المعلوماتية، و الأنسنة الإلكترونية، و القيم العالمية، و المواطنة العالمية.
5. مجتمع المعلومات يتميّز بقدرة كبيرة على تمرير و توسيع الذاكرة الجماعية بفعل القدرة العالمية على تخزين المعلومـات كخزانـات المعطيات أو بنوك المعطيات، رغم أنّ تقسيم المعرفـة لا يتم بشكل عادل بين عالم الشمـال و الجنوب فبالنسبة لـ "J . Naisbih" فإنّ تكنولوجيا الإتصال تسمح بتقسيم فوري للإعلام ( أي المـادة الإعلامية) و نفس النزعة التفاعلية تسود لدى الكاتب المستقبلي ألفن توفلر Alvin Toffler الذي يتكلّم بهذا الصدد عن مجتمـع متعدد الأذواق (D’hyperchoix).
و من هنا فإنّ الانفجار الإعلامي يطرح على السطح قضية توزيع المعرفة و الوصول إلى منابعها، غير أنّه يطـرح سوسيولوجيا قضية التمييز بين ثقافة النخبة، و ثقافة الجماهير.
ثانيا: المكونات الأساسية لعصر المعلوماتية:
يمكن تحديد أهم مكونات عصر المعلوماتية في العناصر التالية:
1. هناك ارتباط بين عصر المعلومات و تقنية المعلومات، و لقد كان نشوء تقنية المعلومات عام 1945 برؤية العالم الأمريكي فانفار بوش Vannevar Bush حول الحصول على المعلومات و تخزينها و الوصول إليها و ربطها ببعضها البعض، و تخيّل لذلك نوعا معيناً من محطات العمل أسماه ميمكس Memex يمكنه التعامل إلكترونيا مع كمية كبيـرة من معلومات تشغيل ملايين المجلات، و في العام نفسه تم تطوير أوّل حـاسب رقمي عالي السرعة هو إنيـاك Eniac في جامعة بنسلفانيا و بدءاً من ذلك التاريخ حدثت طفرات نوعية في تقنية المعلومات خلال الخمسين عاماً المتتالية.
2. يتميّز المجتمع المعلوماتي بالإنتشار الواسع للحواسيب الشخصية بأنواعها المحمولة العالية الكفاءة و الوظائف و الشبكات المحلية اللاسلكية، و إنتشار إستعمال السواتل لتوصيل خدمـات الانترنت و الهواتف و الصحة و التعليـم إلى الأماكن النائية، يُضاف إلى ذلك إنخفاض أسعار المعدات التقنية و تكلفة خدمات الشبكات، و ستنتشر الطرفيـات الحاسوبية المعلوماتية في المنازل و المكـاتب بين الأفراد الذين يستعملون الوسائط المتعددة للمعلومات كالصور الثابتـة و المتحركة و الثلاثية الأبعاد و الصوت و البيانات و المهاتفة الإلكترونية عبر الأنترنت، بما يُسهّل إنسياب المعلومات و شفافيتها.
3. سيتّصل كل شيء في أي زمان و مكان عبر بنية تحتية متينة من الإتصالات اللاسلكية بفعل التقنيات العاليـة بعضها ببعض مثل: المكالمات الهـاتفية عبر الانترنت ( أو الهاتف الأنترنيتي)- ما أضحى يسمى لاحقا بـ (skype) و الانترنت اللاسلكي المتنقل، و تربط حالياً الهواتف المتنقلة و المساعدات الرقمية الشخصية Personal Digital Assistance لاسلكياً بالانترنت، الإذاعة الأنترنتية بحيث يستفيد كل شخص و كل فئة بالبـرامج الأنترنتية التي تتلائم و أذواقه.
4. مع بداية الألفية الثالثة أنطلق تطوّر مُتفائل في تقنية الاتصالات اللاسلكية المتنقّلة و خدماتها إلى الجيل الثـالث Third Generation Of Wireless من خلال نظام موحّد للإتصالات البعيدة الرقمية المتنقلّة و الذي يهدف إلى توافـق و توحيد أنظمة الإتصالات المتنقلة المختلفة الحالية في أوربا و أمريكا الشمالية و آسيا الباسفيك في شبكة اتصالات دولية تسمى الإتصالات البعيدة المتنقّلة الدولية International Mobile Telecommunication 2000, IM-2000 و يتبنـّاها الإتحاد الدولي للإتصالات البعيدة International Telecommunication Union (ITU).
5. تتنامى منظمات و مظاهر الأعمال الإلكترونية ( E – Business) يتم بموجبه تبادل البيانات إلكترونياً بواسطة ( الانترنت، و الأنترانات، و الإكسترانات)، و يظهر هذا التنامي في الميدان التعليمي بصفة أكبر، فعلى سبيل المثـال تضـاعف عدد الدوريات الإلكترونية في الولايات المتحدة الأمريكية في الفترة 1996- 1997 مما سـاهم في رفع كمية و نجاعة النشر العلمي، و قد استأثرت الجامعات و معـاهد البحوث بنحو 6 % من ضروري خدمـات الويب (web) و أصبحت كمية المعلومات العلمية على الويب تماثل نحو 6 ملايين كتاب تقليدي أي نحو 6 تريليونان بايت ( ألbyte حرف حاسوبي يتكوّن من 8 Bytes) ، كما ظهرت في الولايات المتحدة مبادرة المكتبة الرقمية Digital Library Initiative عام 1994 بدعم من مؤسسة العلوم القومية (NSF)، و مؤسسة البحـوث المتقدّمة العسكريـة (APRA) و نـاسا (NASA)، و ذلك ضمن مبادرة أكبر تُسمى مبادرة البنية التحتية للمعلوماتNational Information Infrastructure (NII) ، كما اتخذت ماليزيا جدول أعمال قومي يُسمى " رؤية Vision 2020" بحيث تصبح أمة غنية بالمعلومات و تنخرط في عصر المعلومات وكخطوة أولى أنشأت ما يسمى بـ " الرواق الممتاز للوسائط المتعدّدة Multimedia Super Corridor، و هو عبارة عن مساحة من الأرض تبلغ نحو 15 كلم عرضا و 50 كلم طولاً تشمل مدينتين ذكيّتين الأولى تُسمى "Putrajaya" حيث يتم بموجبها تنفيذ الحكومة الإلكترونية و الأخرى تُسمى " سيبرجايا Cyberjaya" المتخصّصة في مجال إدارة الأعمال، و في الدول العربية بادرت المملكة العربية السعودية إلى مشروع تقنية المعلومات للجيل الجديد من الطلبة و الأردن إلى مدينة تقنية المعلومات، و إمارة دبي إلى مشروع الحكومة الإلكترونية و مدينة دبي إلى مدينة دبي للإنترنت 2000، و تبعت ذلك كثير من الدول و في ذات المسار المعلوماتي لضمان خدمات تعليمية و صحيّة و مصرفية ذات كفاءة عالية.
6. يبدو التحول إلى مجتمع معلوماتي محمّلاً و مُثقلاً بالإيجابيـات التي تُخفي في ضلالـها عدّة سلبيـات، و لكن يمكن القول أنّ هذا التحول يساند بقوة قضية الإستثمار في القوى البشرية العلمية و يرتقي بالتعليم و التدريب بشكل يُغيّر نمط حياة الإنسان و الشعوب و الحكومات، رغم إنطوائه على عدّة فجوات و أزمات كقضايا الخصوصية الثقافية و الأمن الفكري، و مسألة الفجوة المعرفية و المعلوماتية و الاختراق.
ثالثا: الآثار و المؤشرات السوسيوثقافية على الهوية " رؤية نقدية":
يُحدّد محمود علم الدين أن تكنولوجيا الإعلام و الإتصال تشمل الزوايا الثلاث التالية :
 ثورة المعلومات: و هو ذلك الانفجار المعرفي الضخم المتمثل في ذلك الكم الهائل من المعرفة في أشكال تخصصات و لغات عديدة، والذي يُحاول السيطرة عليها و الاستفادة منه بواسطة تكنولوجيا المعلومات.
 ثورة وسائل الإتصال: المتمثلة في تكنولوجيا المواصلات السلكية و اللاسلكية بدءاً بالتلفزيون و الحصص المتلفزة و انتهت الآن بالأقمار الصناعية و الآليات البصرية.
 ثورة الحاسبات الإلكترونية: و هي تلك الثورة التي توغّلت في كل مناحي الحياة و امتزجت بكل وسائل الإتصال و اندمجت معها، و بروز شبكة الإنترنت إزداد الإتساع الدولي للأنشطة المعلوماتية و ارتبط ذلك الاتصال بعمليتين هما:
- عملية التخطي التجاري للحدود القومية: Transnationalization.
- عملية التخطي المعلوماتي للحدود القومية: Informationalization.
في كتاب صدر سنة 1995 للسيد لورانس غرد سمان – وهو الرئيس السابق لهيئة الإذاعة العامة وابن تلفزيون NBC تحت عنوان :الحوار الالكتروني :إعادة تشكيل الديمقراطية في عصر الإعلام يرى انه بينما يقترب العالم من ولوج القرن 21 تتحول الولايات المتحدة إلى جمهورية إلكترونية وأن نطاقا سياسيا يتشكّل في الولايات المتحدة، نظام ديمقراطي يزيد فيه كثيرا تأثير الناس اليومي على قرارات الدولة .
وهناك عاملان يدفعان هذا التحول الديمقراطي إلى حد كبير هما:
1. المسيرة التي بدأت منذ حوالي 200 سنة والتي تدفع نحو كفاءة المساواة السياسية لجميع المواطنين.
2. النمو الهائل لوسائل الاتصالات بعيدة المدى والتداخل المذهل بين التلفزيون والهاتف والأقمار الصناعية و الكابل وأجهزة الكمبيوتر الشخصي.
إن الدول النامية أصبحت عرضة للاختراق من وسائل الاتصالات الدولية، ووسائل الاتصالات خصوصا القنوات التلفزيونية ليست مجرد وسائل إخبارية، فهي دليل على التحول في اتجاه عالم بلا حدود وقد ترتب عن ذلك تراجع مفهوم السيادة الوطنية حيث أن كثير من الأمور المرتبطة بها لم يكن أساسها فقط فاعلية السلطة والأسلاك الشائكة بل كانت تستند أيضا إلى السيطرة على المعلومات، وعلى ما يبدو ونتيجة للثورة الراهنة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والطابع الدولي لوسائل الاتصال وتطور الوظيفة الإخبارية بعد استعانتها بالتغطية الإعلاميـة التلفزيونية المعتمدة على الأقمار الصناعية المستفيدة من البث التلفزيوني المباشر عبر الأقمـار الصناعية، فإنّ معظم الدول قد فقدت السيطـرة المفروضة على المعلومات. أما بالنسبة للشعب فإن تأثر الثورة "المعلوإتصالية" سلبـي، إنّ المهم في الشعب ليس كونـه مجموعة من البشر كما قد يوحي التعريف القانوني للمصطلح، و إنمّا تكمن أهمية الشعب و ما له من تأثير مباشر في قوة الدولة في مدى تماسك هذا الشعب و إيمانه و ولائه للدولة التي ينتمي إليها و يقطن بها، ونتيجة لتأثير الثورة "المعلوإتصالية" و " الشبكات الحاسوبية" في إدراك المرء للزمان و المكان و التحكّم في المسافات و القفز على الفواصل الجغرافية، يمكن أن يتكوّن نوع من الإحساس بالولاء و المشاركة و هو ما يطلق عليه المجتمعات الإلكترونية، و من شأن ذلك أن يضعف من ولاء الشعوب لأنظمتها السيـاسية و للدولـة التي يتواجدون داخل حدودها. إنّ هذه التغيـرات في المفاهيم التقليدية " للدولة – السلطة – الأمن" و بروز مفاهيم جديدة كالأمن الثقافي، يعود بالأساس إلى السمـات الضاغطة لتكنولوجيا الإعلام و الإتصال و التي نُجملها فيما يلي :
1. التفـاعلية: و تُطلق على الدرجة التي يكون فيها المشاركين في عملية الإتصال تأثيراً على الأدوار و يستطيعون تبادلها و تُسمى هذه الممارسة " الممارسة التفاعلية".
2. اللاجماهرية: أي أنّ الرسالة الاتصالية من الممكن أن تُوجّه إلى فرد واحد أو إلى جماعة مُعيّنة و ليس إلى جماهير ضخمة – بالضرورة.
3. اللاتزامنية: و تعني إمكانية إرسـال الرسائل و استقبالها في وقت مناسب للفرد المستخدم و لا تتطلّب من كل المشاركين أن يستخدموا النظام في الوقت نفسه.
4. قابلية التحرك أو الحركية: هناك وسائل إتصال كثيرة يمكن لمستخدمها الإستفادة منها في الإتصال بأي مكـان إلى آخر أثناء حركته مثل الهاتف النقال.
5. قابلية التحويل: و هي قدرة وسائل الإتصال من نقل المعلومات من وسيط لآخر، كالتقنيات التي يمكن بها تحويل الرسالة المسموعة إلى رسالة مطبوعة و العكس.
6. قابلية التوصيل: أي إمكانية توصيل الأجهزة الاتصالية بتنويعة كبرى من أجهزة أخرى بغض النظر عن الشركة الصانعة لها أو البلد الذي تمّ فيه الصنع.
7. الشيوع و الانتشار: أي الانتشار الواسع لنظام وسائل الإتصال حول العالم.
8. التدويل أو الكونية: إنّ البيئة الأساسية الجديدة لوسائل الإتصال تحوّل إلى بيئة عالمية دولية و ذلك حتى تستطيع المعلومة أن تتّبع المسارات المُعقدة تعقُد المسالك التي يتدفّق فيها رأس المال عبر الحدود الدولية جيئةً و ذهابا.ً
أ‌. المخرجات الإيجابية لتكنولوجيا الإعلام و الإتصال:
إن دراسة المخرجـات الإيجـابية لتكنولوجيان الاتصال، يرتبط بالمضامين التي تبثها وسائـل الإعلام و الاتصال و التي يفترض فيها أن ترتبط بالقيم، و كل ما كان الارتباط وثيقا بالقيم كل ما كان التأثير فعّالاً. و يمكن بهذا الصدد إدراج أهم إيجابيات المضامين الإعلامية و الاتصالية فيما يلي:
1. سرعة الاتصال: إنّ الاتصال السريع كظاهرة مادية و ثقافية طبعت المنظومات الرمزية للمجتمعات المتقدمة في العقدين الأخيرين من القرن العشرين ليس حبيس المجال الإعلامي، بل هناك اليوم الوسائط و القنوات و البنوك المعلوماتية التي تُمكّن من التداول المشترك للمعطيات، و من تسهيل العمليات التجارية و تجنيس فروع المقاولة، و ليس غريباً في الوقت الحالي أن نجد الشباب و خاصة الطلبة هم مبدعي العالم الإتصالي الجديد منذ الخطوات الأولى مثل بيل جيتكس حين كان طالبـاً جامعياً إلى أن أصبح أغنى أغنياء العالم، و هو يتربّع على سُدة الإدارة الإمبراطوريـة المقاولاتية و المعلوماتية " ميكروسوفت"، إنّ شعار جيتس " حاسوب في كل بيت" هو ثورة على العصر البطيء للاتصال لدخول زمان السرعة الذي يربط بين سلطة الإتصال و سلطة المال.
إنّ ما يمكن قوله هو أنّ الاشتراك و الاختراعات المرتبطة بالفضاء و تطوير صناعة الآليات البصرية و توجيه الليزر و الربط بين الصورة و الصوت، إنتهاءاً بالإبداع المؤشر للإنترنت كلها قفزات مكنّت من التأثير في حياة إنسان نهاية القرن العشرين عبر مستويات ثلاثة:
1. نقل الأخبار و سرعة نشرها ارتباطا بممارسة الديمقراطية.
2. نقل إيديولوجيات متعدّدة عبر تعدّد وسائطي " جريدة، تلفزة، سينما".
3. نقل الزمن الفارغ خارج أوقات العمل إلى زمن منظّم يجمع بين الترفيه و التثقيف من خلال تنظيم الوقت الحر.
2. الانترنت "شبكة الوظائف و الخدمات المتعدّدة": إنّ شبكة الانترنت تُؤدي وظائف متعدّدة أهمها :
أ‌. وظيفة تجارية: تتمثّل في تبسيط المعاملات التجارية و الصفقات المالية.
ب‌. وظيفة ثقافية: تتجلى في تبادل المعلومات عن طريق الإتصال بحواسيب أخرى أو بواسطة كلمات مفاتيح.
ت‌. وظيفة ترفيهية: تتمثّل في قدرة كل منخرط أو مستعمل للشبكة على اللجوء إلى حقل الألعاب الافتراضية أو اللعب مع شخص آخر يبعده بآلاف الكيلومترات.
ج‌. وظيفة إتصالية: تتجلى في البريد الإلكتروني الذي ينتقل بسرعة و الذي لا يكلّف مبلغاً ماليا كبيرا، كما يُكلّف إرسـال كتاب من مكان إلى آخـر إذ يكفي إرسـال الكتاب مُسجلاً في قرص صغير ليتم استقباله من طرف المرسل إليه و يُمكن بهذا الصدد أن تساهم الانترنت في عملية تزييف الوعي أو تقوية الوعي بالقضايا الإجتماعية و قد ترفع من الإحساس بالإنتماء و الإحساس بقضايا الداخل و المشاركة السياسية الفعـّالة و هو ما برز في مُسمّيات كثيـرة مثل " الديمقراطية الإلكترونية"، كمـا تُقدّم الأنترنت و غيرها من وسائـل الإتصال إمكانية تجربة عوالم قد لا تكون هـامة في واقع الفرد المتعامل مع الأداة الإعلامية، فهذه الوسائل تجعل الفرد يُعايش عوالم متعدّدة تحمل الإنسان زماناً و مكاناً إلى عوالم خيالية.
3. التنشئة/ القيم/ الإنسجام: إنّ وسائل الإتصال لا تُغيّر آراء الناس و مواقفهم بقدر ما تعمل على تدعيم هذه الأخيرة، و يرتبط هذا الطرح بطرح لازار سفيلد على إفتراض أنّ العمل الإجتماعي أساس تكويـن الآراء و المواقف و من هنا فإنّ الطرح الإعلامي يجب أن يُعزّز بُنية العلاقات الإجتماعية. من جهة أخرى تُعدّ وسائل الإتصال مؤسسات إجتماعية تُقدّم أحزمة ثقافية محلّية و وافدة و بالتالي فهي تساهم في عملية التطبيع الإجتماعي للفرد مع محيطه الداخلي القريب و الدولي البعيد و ذلك بفعل الأقنية المختلفة كالتعليم، البرامج الترفيهية، كمـا تُظهر الدراسات أن وسائل الإتصال تساهم في توسيع دائرة الإستفادة من الثقافة و تساعد على تحقيق الإنسجام و الإحساس بالإنتماء إلى المجتمع الذي تربطه صفات مشتركة كالثقافة و اللغة و التاريخ و الدين و المكـانة الجغرافية. إنّ وسائل الإتصال تُوفّر تجربة متكاملة قد لا تتوفّر محلياً كأن ينتقل الفرد من ثقافة إلى أخرى بمجرد تغيير القناة التلفزيونية أو الإذاعية، و ذلك ما يجعل الفرد ينظر إلى ذاته و محيطه عن بعد، الشيء الذي يجعل الفرد يتبنى رُؤى جديدة تنقله من القيم المطلقة إلى القيم النسبية، بفعل الثـراء و التعدّد و الإختلاف في المعلومـات و طرق التعاطي مع هذه المعلومات.
4. تغيير مفهوم الإتصال و بروز الميديولوجيا: لم يعد الإتصال مادياً و لن يتقيّد الآن و مستقبلا بشرط التواصل اللغوي لوحده، لقد عوّض الهاتف منذ عقود مضت فكرة الإتصال المباشر و ساهمت وسائل الإعلام في إبداع مجالات جديدة للإتصال بين أطراف لا تتعارف فيما بينها حسياً، و أسهمت ثورة المعلومات في تنويع قنوات التواصل و بذلك تحوّل كل موضوع حتى لو كان حميمياً إلى موضوع إتصالي ينقل مضمونه هاتفياً و من هنا نتّبع القيمة المتعاضمة لأشكال الإتصال الحديث كإتصال سريع و فعّال عكس الإتصال التقليدي" الرسالة" الذي ظلّ مهدداً بمخاطر إنقطاعه و تسلُّل طرف ثالث إلى داخل النص المرسل و تعميم ما في النص الإتصالي من أسرار و مضامين، و للإتصال من هذا المنظور مزايا تُعبّر عن روح العصر أهمها:
 سرعة الإنجاز التقني للفعل الإتصالي.
 سرعة تتابع مراحل الإتصال.
 التركيز على الصور في المجال الإتصالي.
 إدماج عناصر الترفيه و الفرجة و التشويق.
 الانتقال من موضوع واقعي إلى موضوع افتراضي.
 اختزال الاتصال عن بعد المكان في الإتصال الوجيز الزمن.
إنّ قراءة سريعة لهذه المزايا تكشف عن وجود حقيقتين اثنين: أولهما تخص السرعة، و الثانية تخص التقنية، فتقييم نتائج الفعل الإتصالي ينزع دائماً إلى البحث عن أقصى مدة زمنية لتحقيق الاتصال، و أنجح وسيلة تقنية لبلوغ الغاية نفسها. إن الانتقاء التكاملي و الاندماجي في البنية السوسيو- إقتصادية أوجد مجموعة من الانتقالات أهمها :
أ‌. الانتقال من المادي إلى الرمزي.
ب‌. الانتقال من العمودي إلى الأفقي، ديمقراطية تداول الأخبار و المعلومات و تعميم وسائل الإتصال.
ج. الانتقال من المحتوى إلى العلاقات، و هو انتقال عُرفت الحلقة الحقيقية لبدايته في منطق العلم الحديث الذي تحوّل من البحث في الماهيات إلى البحث في العلاقـات بين عناصر الظاهرة، إنّه إنتقـال يسهل و يُغني المجـال الاقتصادي و سيظهر الآن من خلال تقنيات الإشهار و تفاصيل العرض التي تتمركز حول الشكل المرئي لتقديم المنتوج.
د‌. الانتقال من التبعية إلى الاستقلالية، فزمن الاتصال السريع و السري عوض زمن الإتصال البطيء إذا استطاع الاتصال و الإعلام الحديث من الدفع بالانتماء إلى الاستقلالية و القدرة على المشاركة في إنتاج الرسالة الاتصالية. إنّ هذه الوظائف الأربعة في شكلها الانتقالي جعل الكثيرين و منهم المفكر الفرنسي " ريجيس دوبريه " ينادون بانتعاش علم جديد هو الميديولوجيا كعلم اجتماعي يدرس الوظائف الإجتماعية و الاتصالية و الإيديولوجية للوسائط – التقني- ثقافية، إنّ الميديولوجيا كدراسة للبنيات التحتية الرمزية و التقنية المؤسسة للبنيات الفوقية الثقافية هي علم يأخذ مكان الإقتصاد السياسي الذي يدرس البنية الفوقية للعمل المجرد المؤسس على قاعدة البنية التحتية للبضاعة.
ب‌- المخرجات السلبية لتكنولوجيا الإتصال:
يقصد بالمخرجات السلبية تلك الـتأثيرات السوسيولوجية المرتبطة بالقيم و التي تؤثّر على آلية تعـاطي الجمـاهير مع الظواهر الإجتماعية بفعل حزمة من القيم - السلبية - لعلّ أهمها:
الشك/ الخمول/ الاغتراب: إنّه تحت شعار ترسيخ الثقافة العالمية و ترسيخ قيم المعرفة العلمية و البحث العلمي و من خلال سرد المعلومـات عن طريق صدّق أو لا تصدّق، و إنّما يتم بواسطة إمداد القـارئ بأرشيف ضخم من المعلومات المتناثرة و المعزولة عن أي سياق ثقافي و يتم تكريس اغتراب الفرد و المشاهد عمليا، فضلاً عن ذلك تساهم ثورة المعلومات في الدول الغربية على تقوية النزعة الماضوية في مجتمعات الأطراف ليس فقط عن طريق رد الفعل المباشر كما يوهم المركز الأطراف بأنّ أساليبها في المعرفة مساوية للتخلف بهدف نزع مجتمعات الأطـراف عن ثقافتها الوطنية و تحفيزها لإدخالها في ثقـافة المركز باسم التثاقف أو المثاقفة مع التركيز على ما يُظّن أنّه الإيجـاب في التحديث و المعـاصرة دون السلب المتمثل في نزع المجتمعات عن ثقـافتها المحلية و إغترابهـا في الآخر و نتيجة لذلك تمّ شق الثقافة الوطنية في معظم الدول النامية إلى نزعتين متعارضتين: العلمانية و السلفية، المعاصرة و الأصالة، المستقبلية و الماضـوية، و تحوّلت هذين النزعتين إلى قوتين إجتماعيتين تتصـارعان من أجل الوصول إلى السلطة. و يمكن تلخيص ما سبق فيما يلي:
أ‌. الشك Cynisme: و يظهر هذا الجانب من خلال تأثير وسائل الإعلام على احتقار الفرد العُرف و الدين و التقـاليد و الرأي العـام و الأخلاق الشائعة، كما يظهر في العزوف عن العمل السياسي و عدم الثقـة في رجال الحركة السياسية.
ب‌. عدم المبالاة و الخمول Apathy: يتمثل في عدم الاهتمام بالأفـراد أو المواقف أو الظواهر بالإضـافة إلى عدم الاعتراف بالمسؤولية الشخصية أو تحمّلها، و كذلك فقدان الشعور و الحساسية بعواطف الآخرين.
ج‌. الاغتراب Anomie: و هو شعور الفرد بأنّ المجتمع و السلطة لا يحسان به و لا يعنيهما أمره و بأنّه مزدرى من هذا المجتمع و لا قيمة له، و من شأن هذا أن يؤدي إلى فقدان الفرد الحماس و الدفع للمشاركة الفعّالة هذا و قد ربط بعض الباحثين بين حالة الاغتراب هذه و بين الشخصية المتسلطة، مما قد يُفسّر ظهور بعض الجماعات المتطرفة على مستوى العالم النامي بوجه خاص في النصف الثاني من القرن العشرين، و في هذا يُفسّر الباحث الأمريكي " دانيال لرنر" ما يحدث في العالم النامي من ثورات بأنّ ذلك يرجع إلى إنتشار وسائل الإعلام في هذه الدول النـامية، و بخاصة التلفزيـون، و التي أدّت إلى إنفتاح شعوب هذه الدول على العالم و معرفتها لما يعيشه أبناء الدول المتقدمة، و مقارنة شعوب الدول النامية حالها بحال هؤلاء الذين يعيشون في دول ديمقراطية متقدمة، و هذا ما أدى إلى خلق نوع من التطلعات لدى شعوب الدول النامية من الصعب إشباعها في ظل الظروف الإقتصادية و السياسية التي تعيش فيها شعوب الدول النامية هذه التطلعات و عدم إشباعها هو السبب الذي يُفسّر إندلاع هذه الثورات في الدول النامية.
د‌. التبعية Alienation: مفهـوم التبعية تعني فقدان الفرد لحريّته، لذاته، و ذلك بسبب عوامـل خارجيـة إقتصادية، سياسية، و بذلك فحالة التبعية هذه تعتبر رد فعل لحالة الإغتراب السابقة الإشارة إليها، و ذلك عندما يعتقد الفرد أنّ السياسة أو الحكومـة في بلدة يُسيّرها آخرون لصالح جماعات معينّة، و أن يتمّ هذا على أُسس و قواعد غير عادية فتكون النتيجة أن يصبح الفرد أسيراً لأفكار خاطئة و تأسُره تيارات معادية لقيم المجتمع الذي يقطنه. هذا و يُصاحب هذه الأزمات إضعاف كبير لدور قادة الرأي و الفكر بفعل سلطة و سطوة الصورة و الصوت و إضعـاف الفعل الإتصالي الإجتماعي، و تعظيم قيم الإستهلاك المادي بفعل ضغوط الإشهار و كل هذا على حسـاب الخصوصيات المحلية و تعزيزاً للبعد العالمي. و يورد "عزّي عبد الرحمان " بهذا الخصوص نظرية المحيط التي أظهرت أنّ وسائل الإتصال تلعب دوراً سالبـا بطريقة غير مقصودة في المجتمع الغني بالعادات و التقاليد و التفاعل الإجتماعي، ذلك أنّ وسائل الإتصال تُبعد أفراد المجتمع عن بعضهم البعض، و يترتّب عن ذلك أن تدفع وسـائل الإتصال المجتمع الغني بالثقـافة المعـاشة و العلاقات الإجتماعية إلى الفقر في المجالات المذكورة و من ثمّ التشابه مع المجتمعات التي تتّصف بالإنعزال الإجتماعي و قلّة الروابط الثقافية.
هـ. تعمُّق الفجوة الإعلامية: رغم ما أفرزته تكنولوجيا المعلومات من مفاهيم دمقرطة المعرفة إلاّ أنّ المساواة الإجتماعية في مجال التكنولوجيا لم تتحقق، فعديد من أعضاء جماعات الأقليات و الجماعات محدودة الدخل ليس لديهم تليفونات، و حتى في أكثر الدول ثراءأً و ليبراليةً مثل أمريكا نجد أنّ حوالي 95 % من المنازل يوجد بها تليفونات، في حين أنّ هذا الرقم يصل حوالي 85 % من المنازل الأمريكية التي يقطنها أمريكيون من أصل أفريقي. هذا مثال داخل الدولة الواحدة، أما الفجوة المعرفية بين دول المحيط و المركز فعميقة جداً فالفرضية الخاصة بفجوة المعرفة Information Gap Hypothesis تُثير قلقاً مشابهاً و مساوياً فيما يتعلّق بتأثيرات تكنولوجيا المعلومات، حيث أنّ هذا المدخل يُميّز بين الأثرياء بالمعلومات و الفقراء بالمعلومات و بالطبع فإنّ المجتمعات التي تتّسم بالثراء المعلوماتي هي التي تتمتّع بمستويـات عالية و مُتميّزة من التعليم و تستطيع الوصول إلى مصادر المعلومات مثل المكتبات و أجهزة الكومبيوتر المنزلية المتصلة بشبكة المعلومات في حين أنّ المجتمعات التي تعاني الفقر المعلوماتي تحصل على مستويات متدنية من التعليم و الوصول إلى مصادر المعلومات و تميل إلى أن تكون فقيرة أيضاً من الناحية الإقتصادية.
و‌. تقمص أدوار جديدة: يبرز تقمُص الأدوار في تقليد الممثلين و الشخصيات التي يصنعها الإعلام، و قد أورد الباحث Bandura صاحب نظرية التعلم الإجتماعي أنّ تأثير وسائل الإتصال يكمن في التقمُّص Modeling و يعني ذلك أنّ الجمهور يلاحظ و يشارك تجربة الآخر ثُمّ يتّخذ ذلك نموذجاً، أمّـا التأثير السلبي فيكمن في طبيعة صاحب القدوة فيما إذا كانت صفات قيّمة أو غير ذلك. كما تُسـاهم محتويات الإتصال كأفلام العنف و الجنس و اللغة التي تُخّل بالقيم و مع مرور الزمن إلى إضعاف درجة الإنفعال و المقاومة التي تصاحب هذه المحتويات في بداية أمرها، فذلك بعد مقدّمة لما قد ينتج من ذلك من سلوكيات و على هذا الأساس عمدت العديد من الثقافات إلى وضع حدود لما لا يمكن التلفّظ بـه خشية تحوّل ذلك إلى فعل، و بيّن هؤلاء الباحثون أنّ تكرار الرسالة التي تخرج عن سياق الثقافة قد يُؤدي إلى إضعاف الحساسية Desensibilization و من ثمّ لا يفرز المُتلقّي عن نقد الرسالة أو الشك فيها. هذا و نشير إلى أنّ تقمُّص هذه الأدوار يزداد بفعل الضخ الإعلامي و الإدمان على الوسيلة خصوصاً السمعية البصرية مما يُشكّل حالة إستلاب و إستسلام لكل ما تبثُّه الوسيلة من مضامين دون أن يتمّ تعرضُها للنقد ممّا يشكّل مزجاً مُتناقضاً يستقرُّ في وعي المُتلقي، هذا المزج يكون بين ثنائيات الواقع/ الخيال، المادي/ الرمزي.
رابعا: رؤية مستقبلية حول أهمية الثقافات الفرعية في عصر المعلومات: (الواقع و البحث عن ميثاق أخلاقي لصيانة الهوية):
يتضح من خلال المرحلة الجديـدة من مراحل الثورة الاتصـالية المتعددة الأوجه و المظـاهر أن الإعلام العـربي و إعـلام الدول النامية بحاجة إلى صياغة إستراتيجية جديدة بشكل يحفظ المقومات الثقافية العربية و الإسلامية و التي يراها الغرب و من خلاله نظرته المتحيزة على أنها ثقافات هامشية أو فرعية، و مادامت القنوات الإعلامية العربية قد تجاوزت عقبة الكم- إذ يتجاوز تعدادها المائتي قناة (200)- فإنها بحاجـة إعلاء قيم الجودة و النوعية و الرسالية.
بهذا الصدد يرى د. السيد ولد أباه أن أمام الإعلام العربي تحديات ثلاث يجسدها في ما يلي :
* تعميـق و تجذير خط الإنفتاح الإعلامي، و مسلك تعددية الرأي و حرية التعبير، تكاملا مع الانفتاح الفكري و السياسي و الثقافي، و حركية الانتقال نحو الأساليب و النظم العادلة التي يعبر عنها المجتمع المدني الحي في أغلب الساحات العربية.
* تكريس سمة الاحتراف و التخصص، و استخدام الوسائل التقنية المتاحة لذلك، لتمتين أواصر الثقة بالمتفرج و القارئ و المتابع العربي الطامح إلى استقبال مادة إعلامية موضوعية و متجدّدة، تمكّنه من الاطلاع الدقيق و غير المتحيز على قضايا مجتمعه، و رهاناته السياسية و الثقافية، مما يسّد ثغرة إغراء الإعلام العربي الوافد الذي يشد عادة المتفرج العربي بالمظهر الموضوعي الذي يبدو متمسكا به.
* المساهمة في حماية النسيج الثقـافي و المجتمعي العـربي، من تحديات و إنعكاسـات العولمة المتسـارعة تقوم على أسـاس التقنيات الاتصالية المتجـددة، و تستهدف الحضارات المختلفة في قيمها و مقومات وعيها الثقافي، لتقدم نموذجا أحاديا يتم السعي لتعميمه عبر أدوات الاختراق الإعلامي الأكثر فتكا.
و يسود اتجاه متشائم-في عصر المعلومات، قوامها التخوف من سيطرة الثقافة الأمريكية على الثقافات الفرعية، بهذا يلاحظ رواد هذا الاتجاه أن الثقافة الأمريكية تتميز بنفوذ عالمي بسبب الدور الذي تقوم به شركات الإعلام الأمريكية في تسويق الثقافة الأمريكية، فضلا عن تكريس الثنائية و الانشطار في الهوية الثقافية لدول العالم الثالث حيث تستطيع فئة بعينها التعامل مع منتجات العولمة الثقافية بحكم إجادتها للغات الأجنبية أما بقية أفراد الشعب فتعيش في عزلة ثقافية، و هو ما يعني استمرار ثنائية الصراع بين الأصالة و المعاصرة، و القديم و الحديث
و تماشيا مع الاتجاه السابق، فإن المركزية الغربية لا تقف عند حدود تقديم رؤية للعالم، بل تتجاوز حسب أنصار هذا الاتجاه إلى تقديم مشروع لتجانس الإنسانية من خلال رؤية منفردة هي –رؤية النموذج الغربي- و بالمقابل نجد أن المادة الأولى إعلان مبادئ التعاون الثقافي الدولي ما يلي:
- لكل ثقافة كرامة و قيمة يجب احترامها و المحافظة عليها.
- من حق كل شعب و من واجبه أن ينمي ثقافته.
- تشكل جميع الثقافات بما فيها من تنوع خصب، و بما بينها من تباين و تأثير متبادل، جزء من التراث الذي يشترك في ملكيته البشر جميعا .
و انطـلاقا من تلك المبادئ، و من السعي لبلورة إستراتيجية ثقافيـة ناجعة، بما يمكنه تسميته "السياسة الثقافية" و التي تعني: " مجموع المبـادئ و المعـايير التي تحكم نشاط الدولة إتجاه عمليـات تنظيم و إدارة و رقـابة و تقييـم و مواءمة نظم و أشكال الاتصال المختلفة، على الأخص منها وسائل الاتصال الجماهيري من أجل تحقيق أفضل النتائج الاجتماعية الممكنة في إطار النموذج السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي الذي تأخذ به الدولة" ، فإنه يجب و بهذا الصدد مراعاة العناصر التالية:
1- إستكشاف الاحتياجـات الثقافية العامة و النوعية و تحديد أولويـاتها وفقا لظروف المجتمع و طموحـاته و الاتفاق على المناهج و الأساليب التي ينبغي إتباعها لتحديد الاحتياجات.
2- وضع التشريعات و اللوائح التي تعاون في تقنين السياسات و وضعها موضع التنفيذ، و تحديد دور الدولـة في النشاط الثقافي و واجبه في توفير البنية الأساسية اللازمة لهذه الأنشطة سواء عن طريق أجهزتها المختصة بتمويل منها أو الاعتماد كليا أو جزئيا على المبادرات الفردية و نشاط المؤسسات الأهلية غير الحكومية.
يبدو جليا غياب الرسالة الإعلامية الفعالة، رغم توفر الأداة الإعلامية، بل كثرتها، كمـا يبدو أن الثقافـة العربية، و الثقافات الفرعية تجابه اليوم تحديات عصر المعلومات العصر الذي تحول فيه العالم إلى قرية إلكترونية"، غير أن المحافظة على التنـوع الثقافي يعتبـر مقوما أساسا للمجتمع الإنساني، و لا يستطيع أحد أن ينكر الخصوصيات الثقافيـة في عالم يعـج بالأديان و الحركات العقائدية و الطقوس الشعبية و ما يقارب 600 لغة، بهذا الصدد يرى المنصف وناس "إذا كانت العولمة أمـرا واقعـا، أو واقعا أمـرا، خاصة إذا اتخذنا خطابا "حتمويا" فلتكن العولمة عندئذ مناسبـة كبرى لأن تظهر الشعوب "تمايزاتها الثقافية" و أن تبـرز خصوصياتها الحضارية و إبداعاتها الدفينة، حتى لا تكون العولمة هيمنة ثقافية و إختراقاً للثقافات الأخرى، و إفتقاداً لها، فيمكن أن تكون العولمة منـاسبة لإبراز المواد الذاتية في مختلف مجالات الحياة و الثقافة.
الخاتمـة "الحاجة إلى ميثاق أخلاقي":
يحتاج عصر المعلوماتي الحالي إلى روح أخلاقية عالية ترقى بالقارئ و المشـاهد و المتعلم و المستهلك إلى مدارج الإنسانية التي تحاور الأنا و الآخر، و لا تتمركز حول ذاتها و بهذا الصدد نرى بعض الجهود الدولية تسعى إلى إقامـة نظام معلوماتي اتصالي متوازن تسوده قيم الاعتماد المتبادل، نذكر بهذا الصدد، على سبيل المثال مؤتمر قمة الدول الصناعية الثمانية في بروكسل عام 1995، إذ أوصى بهذا الصدد بتفعيل مبدأ تبادل الإنتاج السمعي البصري على أساس التعدديـة الثقافية اللغوية، كما نثمن جهود المؤسسات الدولية كاليونسكو، و الأسيسكو الداعية إلى حوار الثقافات.
إن مثل هذه الجهود تساهم في احترام الخصوصية الثقافية و التنوع الثقافي كرصيد قوي للحضارة الإنسانية، كما تعطى الفرصة للثقافات المتنوعة للتعبير عن نفسها، و تجند كل القوى الحية في العالم من أجل النضـال ضد التهميـش و الاستغلال الفردي و الجماعي في العالم، كما تساهم في خلق تجمعات ثقافية أهلية تكون بمثابة برلمانـات دولية تعزز خلق مناخ إيجابي لتطوير أخلاقيات عالمية تضامنية بديلة عن أخلاقيات التنافس و السيطرة و الابتزاز. من دون تأسيـس نظـام أخلاقـي إعلامـي عالمي موحد لن نتوصل أبدا إلى منطق و فلسفة موحدتين عالميـًا، و لن تكون هناك دقّـة في وسائل الإعلام العالمية، و سيظل المجتمع المعلوماتي ساحة مليئة بالشروخ الثقـافية و المعرفية و الاجتماعية.
قائمة المراجع:
باللغة العربية
1. أبو بكر سلطان أحمد، التحول إلى مجتمع معلوماتي نظرة عامة، مركز الإمارات للدراسات و البحوث الإستراتيجية، أبو ظبي 2002.
2. السعد عمر سعيد، الأبعاد الثقافية للعولمة في نفين مسعد (محرر)، رؤية الشباب العربي للعولمة، معهد البحوث و الدراسات العربية، القاهرة، 2000.
3. السيد ولد أبّاه، إتجاهات العولمة: إشكالات الألفية الجديدة بالمركز الثقافي العربي، المغرب. 2001
4. الطاهر بن خرف الله، البعد الثقافي للإتصال السياسي ( نحو ثورة سياسية بالمعلومات)، المجلة الجزائرية للعلوم السياسية، العدد الثاني، شتاء 2002- 2003.
5. المنصف وناس، مضامين العولمة الاتصالية و الثقافية، مجلة الإذاعات العربية، اتحاد إذاعات الدول العربية، تونس، العدد 1982
6. أمجد جبريل، العولمة و الهوية الثقافية في نيفين مسعد (محرر)
7. باسم علي خريسان، العولمة و التحدي الثقافي، دار الفكر العربي. بيروت. 2001
8. بوحنية قوي، التكنولوجيا الحديثة للإتصال و واقع الخطاب الإعلامي العربي، المؤتمر العلمي الثالث لكلية الآداب، فيلادلفيا، الأردن. 1997/ 1998
9. بوحنية قوي، وسائل الإعلام و الإتصال و حتمية التغير السوسيوثقافي، مجلة العلوم الإنسانية. جامعة باتنة. الجزائر. العدد 14. جوان 2006.
10. بوحنية قوي، تنمية الموارد البشرية في ظل العول
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://socio.yoo7.com
فريق الادارة
المدير العام
المدير العام
فريق الادارة


عدد المساهمات : 3110
نقاط : 8100
تاريخ التسجيل : 04/12/2009

عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية Empty
مُساهمةموضوع: رد: عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية   عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية Emptyالخميس يناير 19, 2012 2:04 pm

10. بوحنية قوي، تنمية الموارد البشرية في ظل العولمة، و مجتمع المعلومات، مركز الكتاب الأكاديمي، الأردن، 2008
11. هبة أحمد عبدالله، العولمة و قضايا المرأة في نيفين مسعد (محرر).
12. حسن حنفي، ثورة المعلومات بين الواقع و الأسطورة، مجلة السياسة الدولية، العدد 123، يوليو. 1995
13. محمد لعقاب، المسلمون في حضارة الإعلام الجديدة، دار الأمة، الجزائر،1996 محمد لعقاب، المسلمون في حضارة الإعلام الجديدة، دار الأمة، الجزائر،1996
14. ممدوح محمود منصور، العولمة، دراسة في المفهوم و الظاهرة و الأبعاد، دار الجامعة الجديدة للنشر. الإسكندرية.2003.
15. مي العبدالله سنو، العرب في مواجهة تطور تكنولوجيا الإعلام و الاتصال (محرر) في "العرب و الإعلام القضائي، مركز دراسات الوحدة العربية، أغسطس، 2004
16. عزي عبد الرحمان، الثقافة و حتمية الإتصال، نظرة قيمية، مجلة المستقبل العربي. مارس 2003.
17. راسم محمد الجمال، تطور نظم الإتصال في المجتمعات المعاصرة، مركز الإمارات للدراسات و البحوث الإستراتيجية، أبو ظبي. 2001.

باللغة الإنجليزية:
1. Jhon Keane, GLOBAL CIVIL SOCIETY ? Cambridge university press, 2003
2. Han Jangwoo, Internet, Social Capital and Democracy In The Information Age: Korea’s defeat movement, the red devils, Candle ligh Anti – U.S, demonstration and presidential during 2000 – 2002
3. . Giddens, A, the third way, policy press, London, 1998
4. Lester M. salamon, s.woj ciech sokolowski, Regina liste, Global Civil Society: An Overview 2003
5. Phil Graham, The knowledge Economy and Alienation. www. Philgraham.net/ Alienation.pdf
6. Robin Cowan, universities and the knowledge economy, prepared for the conference Advancing knowledge and the knowledge economy at the national academies, Washington DC, 10-4 January,2005,www.advancing knowledge.com/arafts/Cowan-Cowan universities. PDF.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://socio.yoo7.com
ismail ebd elaty
عضو نشيط جدا
عضو  نشيط جدا



التخصص : اجتماع سياسى
عدد المساهمات : 35
نقاط : 35
تاريخ التسجيل : 15/12/2011
العمر : 36

عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية Empty
مُساهمةموضوع: رد: عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية   عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية Emptyالسبت يناير 21, 2012 12:36 pm

ميرسي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
عصر المعلومات و آثاره الإجتماعية: المكونات و المؤشرات السوسيوثقافية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الحركات الإجتماعية من منظور سوسيولوجي
» أ. رباحي فضيلـة: الألعاب المستوردة وإشكالية الخصوصيات السوسيوثقافية للطفل
» الكتاب :النظرية الإجتماعية
» التنشئة الإجتماعية.Socialisation
» التنشئة الإجتماعية للطفل

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية :: مكتبة العلوم الانسانية والاجتماعية :: منتدي نشر الابحاث والدراسات-
انتقل الى: