التنشئة الإجتماعية للطفل
التنشئة الاجتماعية على حد تعريف (جمس دريفر 1964م) أنها العملية التي يتكيف أو يتوافق الفرد من خلالها مع بيئته الاجتماعية ويصبح عضواً معترفاً به ومتعاوناً وكفؤاً.
أما (إنجلش 1958) فيعرف التنشئة الاجتماعية بالإشارة إلى خصوصيتها بالنسبة للطفل حيث يعتبرها العملية التي بموجبها اكتسب الشخص وخاصة الطفل الحساسية للمثيرات الاجتماعية وخاصة الضغط والالتزامات أو الواجبات الصادرة عن الجماعة أو عن حياة الجماعة ويتعلم الطفل كيف يتعامل أو يشق طريقه في وسط الجماعة وأن يتصرف مثلها في إطار الجماعة أو الثقافة المحددة التي ينشأ فيها.
ويعرف كل من (بيرلمان وكوزبي 1983) هذه العملية بأنها العملية التي بموجبها يعتنق أو يتقمص الناس قواعد أو قوانين السلوك السائدة في مجتمعهم ويسكبون الاحترام لقواعدهم.
التنشئة الاجتماعية هي عملية تفاعل الفرد بما لديه من استعدادات وراثية مع البيئة التي يعيش فيها ومن خلالها يتم تكون ونمو تدريجي شخصيته الفريدة من جهة واندماجه في الجماعة من جهة أخرى
التنشئة الاجتماعية هي عملية تعليم وتعلم يكتسب من خلالها الطفل القيم والمعايير الاجتماعية السائدة وما يجب عليه أن يقوم به من أدوار في المجتمع
أنواع التنشئة:
· التنشئة الدينية: تستخدم التنشئة الدينية الإسلامية ضوابط عديدة في تنشئة الفرد المسلم أبرزها (الترغيب والترهيب والمحاكاة والمحرمات).
· التنشئة المدرسية: قوامها التعليم والتدريب مبنية على الثواب و العقاب أو النجاح والرسوب من خلال زرع بذور المنافسة والتشجيع والتوبيخ(للتلميذ أو الطالب).
· التنشئة الفنية: يكتسب الفنان ضوابطه الفني من خلال تنشئته التي تتم فيها ممارسة دوره الفني كفنان التي يتعلم متطلباته ومستلزماته من المدرسة وموادها الفنية
2-1- العلاقة بين التربية و التنشئة الاجتماعية:
يرتبط مفهوم التربية بمفهومين آخرين هما التنشئة الاجتماعية وهي العملية التي عن طريقها يتعلم الطفل ثقافة مجتمعه بما فيها من القيم والمثل والأعراف والعقائد والنظم والقوانين والعادات والتقاليد وأنماط السلوك المقبولة،أي أنها العملية التي عن طريقها يكتسب الإنسان إنسانيته و يمتص قيم مجتمعه و يمتثل لها أو يخضع لها و يقبلها و يتم تحويله من كائن بيولوجي أي حيوي إلى كائن اجتماعي، ولكن يلاحظ أن هذه العملية يشترك في تحقيقها منظمات اجتماعية غير التربية منها الأسرة و المسجد و أجهزة الإعلام و أدوات الثقافة الجماهيرية و رجال الفكر و دعاة الإصلاح و القادة و من إليهم كما يرتبط مفهوم التربية بمفهوم التعلم و التعلم هو كل تغير يطرأ على سلوك الكائن الحي في الاتجاه المرغوب فيه على أن يحدث هذا التغير نتيجة للمران و التدريب والممارسة أو التكرار و ليس نتيجة المرض أو الإصابة أو النضج الطبيعي والحقيقة أن كل من التربية والتعلم والتنشئة ليس مستقلاً أو منفصلاً عن غيره من المفاهيم الأخرى و قد يشار إلى التربية على أنها نوع من التربية الرسمية أو النظامية التي تتم في المدارس و المعاهد و الجامعات إلاّ أن تدريب الفرد على القيام بدوره في الحياة الاجتماعية كعضو في جماعة معينة و كشخص يكشف عن وجود عملية مستمرة ومتصلة
2-2- التنشئة الاجتماعية في الثقافات المختلفة:
تختلف أساليب التنشئة الاجتماعية من ثقافة لأخرى ومن مجتمع لآخر حتى في المجتمعات البدائية فنجد في قبيلة ياكيما وهي من الهنود الحمر أن الأم تحمل طفلها في مهد على ظهرها طوال اليوم في المنزل والعمل وأثناء قضاء حاجاتها من السوق وهذا المهد يقيد النشاط الحركي التلقائي للوليد مما يؤثر عليه مستقبلاً فيتسم بالسلبية والتبلد العاطفي.
وفي قبيلة آرابش نجد أن رعاية الطفل بما فيه رضاعته وإطعامه ليس من مسؤولية الم وحدها بل يشترك في هذه المسؤولية الأب مع الأم على حد سواء هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى نجد في قبيلة تاشمبولي أن الأب هو الذي يقوم برعاية الأطفال وتنشئتهم والاستجابة لهم انفعاليا لدرجة أن الرجل إذا ما بدأت الزوجة تضع وليدها فإنه يحجز نفسه كي يعاني الآلام مثلها
ج
2-3- التنشئة القديمة:
المدارس السومرية والأكادية الأولى كان هدفها تدريب الكتاب اللذين تحتاجهم الدولة في الأمور الدينية والاقتصادية والإدارية.
والتربية المصرية القديمة احتوت على أهداف تربوية اقتصادية ودينية وأخلاقية بينما نجد أن التربية الصينية كانت منفصلة عن الدين والدولة وإن خدمت كليهما
2-4- التنشئة والمجتمع:
ثمة تباين واضح بين المجتمع والمؤسسات التربوية فالمجتمع يستند إلى مفاهيم تربوية متداولة ضمناً في عاداته وتقاليده دون كثير من الاهتمام بدراستها أو دراسة العوامل المؤثرة فيها أو استطلاع آثارها أو رفدها بالاطلاع على العلوم التربوية، والمؤسسة التربوية غالباً ما تكون مستندة إلى أطر نظرية تستمد مادتها من دراسات لا تمت إلى هذا الواقع بصلة لذلك لا نجد لها أي أهمية تذكر من الناحية التطبيقية2-5- الدين و التنشئة:
الأديان عامة أكثر ما هو معني بتأسيس أرضية راسخة للعلاقات داخل المجتمع ذلك أن الدين يسعى إلى تربية وجدان الفرد ودفعه إلى ترجمة التعاليم الدينية (التي تحث على النقاء والتكافل والتسامح والصدق والأمانة إلخ...) إلى سلوك في الحياة وبذلك تمد الفرد بالسلوكيات المرغوبة التي تهدف إليها التنشئة الاجتماعيةو مع مجيء الإسلام ظهرت بوادر أسس راسخة للتربية مع أن التربية كانت متداخلة مع علوم أخرى فالدين الإسلامي بفتحه لآفاق العلم و حضّه عليه و فرضه المساواة بين الأفراد و تأكيده على سلامة الروابط الأسرية و الاجتماعية و من ثم البنية التعليمية إضافة إلى الدور الريادي للجوامع و المساجد و تقدم العلوم عامة و تكريم العلم والعلماء وما جدّ من علوم في سياسة الصبيان والبنات و تدبيرهم
2-6- دور الأسرة في عملية التنشئة الاجتماعية:
في سن الطفولة الباكرة تمثل الأسرة أكبر مؤسسة تسهم في عملية التنشئة الاجتماعية للطفل ولكي يستطيع الأبوان تطبيع الطفل فإنهما يضعان عدة قواعد ويحاولان وضعها موضع النفاذ من خلال أي من العمليات الآتية:
· التعزيز: أي إعطاء المكافآت.
· العقاب.
· توفير المثال أو القدوة أو النموذج الذي تحتذي به الأسرة كنظام مرتبطة بشبكة اجتماعية أكبر بالأوضاع الاقتصادية و السياسية والاجتماعية للمجتمع الكبير و كذلك مكان العمل و الدراسة و وسائل الإعلام.
التأثير المتبادل بين أعضاء الأسرة يظهر في ثلاثة مستويات :
*المستوى الأول: علاقة الطفل بالوالدين و تأثير كل منهما بالآخر مباشرة.
*المستوى الثاني: العلاقات داخل الأسرة (العلاقة الزوجية و العلاقة بين الأخوة) وتأثير و تأثر كل علاقة بالأخرى و تأثير كل منهما على علاقة الوالدين بالطفل.
*المستوى الثالث: المحيط الاجتماعي الكبير فالظروف الاقتصادية و الثقافية والسياسية تؤثر على علاقة الوالدين بالطفل و على العلاقات داخل الأسرة و المستويات الثلاثة في تفاعل دائم و مستمر
2-7- دور المرأة العربية في عملية التنشئة الاجتماعية:
1- في الأسرة: حيث تقوم بدور المربي الأول للأطفال بالتعاون مع زوجها في إعداد وتربية أبنائهما إعداداً صالحاً للحياة.
2- دورها في المدرسة في مختلف مراحل التعليم من الحضانة إلى المرحلة الثانوية حيث تسهم في تربية النشء في هذه السن الخطرة وخاصة في مداري البنات حيث تمثل المعلمة قدوة حسنة ومثالاً يقتدى به أمام الكثير من الطالبات.
3- دورها في الحقل الجانبي حيث دخلت المرأة هذا الحقل وأبلت فيه بلاءً حسناً وساهمت فيه وتساهم في إعداد الأجيال الصاعدة من أرباب التخصصات العلمية والمهنية المختلفة وتمثل المرأة الجامعية دور الريادة لكثير من الطالبات.
4- في مجالات العمل حيث للمرأة العربية أدواراً قيادية في كثير من المؤسسات الإنتاجية والاجتماعية وتستطيع أن تسهم في تطبيع زملائها وأتباعها.
5- تسهم المرأة العربية في مجالات الخدمة العامة ورعاية طوائف مختلفة من أرباب الصعوبات في المجتمع.
6- تسهم المرأة في النشاط السياسي في كثير من المجتمعات العربية الراهنة.
تؤدي المرأة العربية دوراً هاماً ورئيسياً في مجال الطب والتمريض
2-8- علاقة التنشئة الاجتماعية بتعليم الأم:
من البحوث التي هدفت إلى الكشف عن علاقة التنشئة الاجتماعية بالتعليم مثل الذي قامت به نجاة خضر حيث أجرتدراسة موضوعها(دراسة مقارنة لأساليب تنشئة الأطفال عند الأمهات العراقيات والمصريات العملات عام 1973م) ولقد كشفت النتائج عن أن الأمهات المتعلمات يتميزن بالتسامح عن الأمهات غير المتعلمات كما بينت نتائج خاصة بهذه الدراسة أيضاً وجود فروق دالة بين اتجاهات الأمهات نحو تنشئة أبنائهن في الريف وبين اتجاهات الأمهات ف بالحضر
2-9- دور الأب في عملية التنشئة:
يقول الأنثربولوجي (مالينو فسكي):
" فرضت علاقات الزواج لخلق الاهتمام الأبوي بالأطفال فالثقافة ترغم الرجل على حماية المرأة الحامل ومشاركتها الاهتمام بالطفل... ومتى دفع في هذا الاتجاه فأنه سيعبر عن عاطفة حقيقية واهتمام كبير لأطفاله".
إن دور الأب لا يقل أهمية عن دور الأم وأهميته تنعكس في مظاهر الأبوة الجيدة بعبارة أخرى الأمومة الجيدة تقابل الأبوة الجيدة والطفل سينمو في اتجاه إيجابي لوجود الأب والأم معاً والعطف الوالدي يظهر كمتغير أكثر قوة من كونه نموذجاً ذكرياً
2-10- دور الطفل في عملية التنشئة:
يولد الطفل ولديه قدرة فطرية للاتصال بالغير ويعتمد نموه على التفاعل بين استعداداته الوراثية ومثيرات البيئة المحيطة به ورغم أن المولود ينمو تدريجياً كنتيجة لعامل النضج إلا أن التدريب والتعلم يلعبان دوراً أساسياً في تحديد الأنماط السلوكية المكتسبة.
لقد أجمع علماء النفس في ما مضى على أن السنوات الخمس الأولى من عمر الطفل هي الفترة الأكثر أهمية في تكوينه لكن الأبحاث الجديدة بينت دور البيئة الرحمية في نمو الطفل حيث تأكد أن للجنين قدرة على القيام بردود أفعال سمعية وحسية وانفعالية فيستجيب بمجموعة أفعال انعكاسية معقدة للمؤثرات الخارجية
2-11- التنشئة وجنس الطفل:
حسب نظرية التعلم الاجتماعي يتعلم الطفل الدور الجنسي من خلال مواقف وأساليب الثواب العقاب فيكتسب السلوك المتوقع منه حسب كونه ذكراً أو أنثى ومن خلال عملية التقليد يلاحظ سلوك النماذج(الذكرية والأنثوية) في الأسرة وخارجها، يلاحظ الأم وهي تطبخ وتهتم برعاية الأطفال والبيت والبنات يلعبن بالدمى والأب يعمل في الخارج والأولاد يلعبون بالكرة
2-12- التنشئة والطبقة الاجتماعية:
تعتبر الطبقة الاجتماعية التي تنتمي لها الأسرة عاملاً بارزا من العوامل المؤثرة في عملية التنشئة كونها تشكل البيئة المحيطة بالطفل وبالتالي تعمل ثقافتها وقيمها وأهدافها كمحور للتفاعل بين الطفل والأهل بينت دراسة لين وجوردون أن أمهات الطبقة المتوسطة في بريطانيا يشبهن أمهات الطبقة المتوسطة في أمريكا حيث أنهن أقل عقاباً لأبنائهن من أبناء الطبقة العاملة، ما وجد أن الأمهات في بريطانيا يملن إلى أن يكن أقل تسامحاً وأقل عقاباً في أمريكا.
وقد درس ألسن دافيز و هافيجهرست الفروق في التنشئة بين البيض والزنوج فوجد فرقاً بين الزنوج والبيض في تنشئة أطفالهم فالزنوج أكثر تسامحاً من البيض في تغذية وفطام أبنائهم لكنهم أكثر تشدداً من البيض في تدريب أطفالهم على النظافة.
http://www.syrivz.de/vb/archive/index.php?t-3478.html