المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
اهلا بكم في المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
اهلا بكم في المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية

علم الاجتماع- العلوم الاجتماعية- دراسات علم الاجتماع
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
Like/Tweet/+1
المواضيع الأخيرة
» أحمد محمد صالح : أثنوغرافيا الأنترنيت وتداعياتها الإجتماعية والثقافية والسياسية
المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Emptyالخميس أبريل 29, 2021 10:43 pm من طرف زائر

» قارة آمال - الجريمة المعلوماتية
المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Emptyالإثنين أبريل 26, 2021 5:37 pm من طرف ikramg

» معجم مصطلحات العلوم الإجتماعية انجليزي فرنسي عربي - الناشر: مكتبة لبنان - ناشرون -سنة النشر: 1982
المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Emptyالخميس أبريل 22, 2021 2:24 pm من طرف Djamal tabakh

» سيكلوجية_المسنين
المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Emptyالإثنين أبريل 19, 2021 4:46 pm من طرف Mostafa4Ramadan

» ممارسة خدمة الفرد مع حالات العنف الاسرى دعبد الناصر
المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Emptyالإثنين أبريل 19, 2021 4:45 pm من طرف Mostafa4Ramadan

» جرائم نظم المعلومات
المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Emptyالسبت أبريل 17, 2021 3:39 pm من طرف Djamal tabakh

» دور التعلم الإلكترونى فى بناء مجتمع المعرفة العربى "دراسة استشرافية"
المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Emptyالسبت أبريل 17, 2021 2:54 pm من طرف Djamal tabakh

» أصــــــــــــــــــــــــول التربية
المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Emptyالسبت أبريل 17, 2021 5:02 am من طرف Djamal tabakh

» نحو علم اجتماع نقدي
المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Emptyالإثنين أبريل 05, 2021 11:22 am من طرف ظاهر الجبوري

» د.جبرين الجبرين: الإرشاد الاجتماعي في المجتمع السعودي
المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Emptyالأربعاء مارس 31, 2021 4:25 am من طرف nahed

سحابة الكلمات الدلالية
الخدمة الجوهري في التلاميذ الاجتماعي موريس اساسيات العمل التغير المرحله الاجتماع الجريمة التنمية والاجتماعية الالكترونية محمد الجماعات التخلف البحث الشباب العنف المجتمعات المجتمع تنمية كتاب الاجتماعية
أحمد محمد صالح : أثنوغرافيا الأنترنيت وتداعياتها الإجتماعية والثقافية والسياسية
المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Emptyالجمعة مارس 12, 2010 11:26 am من طرف nizaro

المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  ___online

أثنوغرافيا …


تعاليق: 93
جرائم نظم المعلومات
المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Emptyالإثنين مارس 08, 2010 10:02 am من طرف فريق الادارة
المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  ___online.pdf?rnd=0

ضع ردا …


تعاليق: 5
أصــــــــــــــــــــــــول التربية
المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Emptyالأحد يناير 03, 2010 9:37 pm من طرف فريق الادارة

تهتم مادة (اصول التربية) بدراسة الاسس التاريخية …


تعاليق: 146
نحو علم اجتماع نقدي
المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Emptyالسبت يوليو 24, 2010 2:02 am من طرف فريق الادارة

العياشي عنصر
نحو علم اجتماع نقدي






يعالج الكتاب …


تعاليق: 13
لأول مرة : جميع مؤلفات الدكتور محمد الجوهري - مقسمة علي ثلاث روابط مباشرة وسريعة
المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Emptyالسبت أبريل 23, 2011 10:27 pm من طرف باحث اجتماعي
مدخل لعلم الأنسان المفاهيم الاساسية في …


تعاليق: 283
أصل الدين - فيورباخ
المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Emptyالإثنين مارس 01, 2010 10:38 pm من طرف فريق الادارة



أصل الدين - فيورباخ

المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  …


تعاليق: 223
العنف في الحياه اليوميه في المجتمع المصري-احمد زايد
المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Emptyالخميس يناير 14, 2010 10:27 am من طرف فريق الادارة
المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  ______-_

[hide][url=http://www.4shared.com/file/196965593/6e90e600/______-_.html]…


تعاليق: 43
مبادئ علم الاجتماع - للمؤلف طلعت ابراهيم لطفي
المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Emptyالثلاثاء ديسمبر 22, 2009 7:25 am من طرف فريق الادارة


مبادئ علم الاجتماع


إذا أعجبك الكتاب اضغط لايك في …


تعاليق: 264
نظرة في علم الاجتماع المعاصر - د. سلوى خطيب
المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Emptyالسبت فبراير 06, 2010 11:31 am من طرف فريق الادارة
نظرة في علم الاجتماع المعاصر
د. سلوى خطيب

رابط التحميل


تعاليق: 39
التدين الشعبي لفقراء الحضر في مصر
المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Emptyالأربعاء مايو 26, 2010 4:14 am من طرف فريق الادارة

التدين الشعبي لفقراء الحضر في مصر

[img]…


تعاليق: 22

 

 المجتمع المدني دراسة في إشكالية المفهوم

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
فريق الادارة
المدير العام
المدير العام
فريق الادارة


عدد المساهمات : 3110
نقاط : 8100
تاريخ التسجيل : 04/12/2009

المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Empty
مُساهمةموضوع: المجتمع المدني دراسة في إشكالية المفهوم    المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Emptyالخميس ديسمبر 29, 2011 12:08 am



)L

المجتمع المدني

دراسة في إشكالية المفهوم

أ.م.د. عامر حسن فياض


إن مفهوم المجتمع المدني لم يظهر بشكله الخالص، إنما ظهر، كما هو حال ظهور وتبلور مفهوم الديمقراطية، من خلال تطور تأريخي يفسره منتظم فكري فلسفي مر بمرحلة تبلور مديدة منذ بروزها بهيئة نطف في فكر الفيلسوف الإنجليزي (جان لوك) 1691، او بصورة ناضجة في فكر الفرنسي (جان جاك روسو) (القرن 18)، أو أكثر نضجاً في فلسفة الحق لـ(هجيل) فيما بعد(1). حاول كل من لوك وروسو وهجيل ان يربطوا نشوء المجتمع المدني بعملية "انتقال" و"خروج" التجمع البشري من حالة إلى أخرى فقدموا الصياغات الأولى لمفهوم المجتمع المدني بوصفه كل تجمع بشري انتقل او خرج من حالة الطبيعة الفطرية إلى الحالة المدنية التي تتمثل بوجود هيئة سياسية قائمة على اتفاق تعاقدي. وبهذا المعنى فان المجتمع المدني هو "المجتمع المنظم سياسياً، أو أن المجتمع المدني يعبر عن كل واحد لا تمايز فيه، كل يضم المجتمع والدولة معاً(2).

وفي حدود تطور مفهوم المجتمع المدني في تاريخ الفكر السياسي الحديث والمعاصر نؤكد أن ظهور المجتمع المدني، كمفهوم، في حلقته الاولى عند المفكر الفرنسي (توماس هوبز) لم يكن منفصلاً عن الدولة، بل كان مجرد تعبير عن انتقال مبدأ السيادة (بمعنى القدرة او الهيمنة او السيطرة او النفوذ) من السماء (أي الحكم بالحق الإلهي) إلى الارض (أي الحكم على اساس العقد الاجتماعي)، رغم ان تصور الحكم الذي رافق (هوبز) كان ديكتاتورياً مطلقاً، وان لم ينفصل المجتمع المدني في هذه الحلقة الأولى عن المجتمع السياسي.

بعد (هوبز) فان افتراض طبيعة المجتمع او تخيل وجوده دون دولة عند المفكر الانجليزي (جون لوك) بشكل خاص، هو افتراض وجود افراد اجتماعيين في حالتهم الطبيعية، أي دون دولة، وهو الافتراض الذي يبنى عليه المجتمع المدني في حلقته الثانية كمجتمع مدني قائم بذاته، أي بانفصال عن الدولة(3).

وقد اضاف المفكر الفرنسي (مونتسكيو) وفيما بعد الامريكي (الكسي دي توكفيل) برؤيتهما ليجعلا من المجتمع المدني وسيط يوازن الدولة ويحد من تاثيرها المباشر في الفرد. او ان هذا المجتمع على حد تعبير الالماني (هيجل) يمثل "الحيز الاجتماعي والاخلاقي الواقع بين العائلة والدولة"(4).

وقد تحول افتراض (جون لوك) لمجتمع خارج الدولة في النظرية الليبرالية الى السوق. وبعد ان كان المجتمع المستند الى العلاقات المتبادلة بين الافراد في السوق هو ما ينتج مجتمعاً مدنياً خارج الدولة اصبح السوق هو نموذج المجتمع، ولم تعد هنالك حاجة لمصطلح المجتمع المدني.

ومما يلفت النظر ان الماركسية التقليدية التي سادت لاحقاً (في نموذجها السوفيتي خصوصاً) تعاملت مع مفهوم المجتمع المدني باسلوب التجاهل والاقصاء والتهميش. فكثيراً ما اهملت المجتمع المدني واعابت عليه بوصفه مفهوماً برجوازيا، لان الحديث عنه يعني الغطاء والتبرير لعدم الحديث بصراحة، وبكل وضوح، عن صراع الطبقات والمآس المترتبة عليه(5).

والحقيقة ان (كارل ماركس) في رده على (هجيل) والهيجلية، نظر الى المجتمع المدني بوصفه الاساس الواقعي للدولة وفضاءاً للتنافس والصراع، ليس الاقتصادي فقط، كما يرى (هيجل) بل السياسي والطبقي ايضاً. وهذا الفضاء سوف يخصه (ماركس) بفرع معرفي مستقل هو الاقتصاد السياسي.

ان ما يفسر عدول (ماركس) اللاحق عن استخدام مفهوم المجتمع المدني واستبداله بمفهوم (المجتمع البرجوازي) في دراسته للاقتصاد الرأسمالي يمكن تلمسه وملاحظته في تأكيد ماركس على ان المجتمع المدني لا يمكن ان يبحث الا في الاقتصاد السياسي. وهذا التأكيد تكرر لاكثر من مرة في كتابه "مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي" وفي اجزاء مختلفة من كتابه "رأس المال"(6).

بيد ان التطورات اللاحقة على ما كتبه (كارل ماركس) قد بينت ان المجتمع المدني يمثل فضاءً للتنافس والصراع بمختلف اشكاله (الاقتصادية، السياسية، الايديولوجية، الثقافية) بين الطبقات والفئات الاجتماعية كافة. وهذه التطورات التي شهدها مفهوم المجتمع المدني ستكون موضع اهتمام المفكر الايطالي الماركسي (انطونيو رامشي) فهو يرى ان هناك مستويين للمجتمع هما:

الاول: يمكن ان يدعى المجتمع المدني الذي هو مجموعة التنظيمات التي غالباً ما تسمى تنظيمات خاصة.

والثاني: يدعى المجتمع السياسي او الدولة.

ويحتوى المجتمع المدني عند (غرامشي) على العلاقات الثقافية الايديولوجية ويضم كل النشاط الروحي-العقلي. واذا كان صحيحاً ما قاله (كارل ماركس) من ان المجتمع المدني هو البؤرة المركزية ومسرح التاريخ كله. فالمجتمع المدني عند كل من (ماركس) و(غرامشي) هو اللحظة الايجابية والفعالة في التطور التاريخي، وليس الدولة هي تلك اللحظة كما ورد عند هيجل. غير ان اللحظة الايجابية والفعالة، أي المجتمع المدني، تمثل الظاهرة البنيوية التحتية (القاعدة) عند ماركس، بينما هي عند (غرامشي) تمثل لحظة فوق بنيوية (بناء فوقي). وهذا ما يفسر اهتمام (غرامشي) الواسع بقضايا الثقافة، واهتمامه الخاص بمفهوم المثقف والمثقفين عبر التفرقة الشهيرة التي قام بها بين المثقف التقليدي والمثقف العضوي ودور الاخير في الهيمنة.

ان المجتمع المدني عند (غرامشي) يمثل المرحلة النهائية في تنظيم المصالح المختلفة، المتقدمة في القاعدة (البناء التحتي) كمرحلة انتقالية باتجاه الدولة. وهنا فان المجتمع المدني هو وجود خاص خارج نطاق الدولة رغم كونه على علاقة جوهرية بالدولة انه الوسيط بين التشكيلة الاقتصادية والدولة وكلها تخص مرحلة محددة تاريخياً.

وعند (غرامشي) يشكل المجتمع المدني مع الدولة ما يعرف بالمنظومة السياسية في المجتمع. ويسميها (غرامشي) ذاته بـ(الدولة الموسعة) أي منظومة سياسية بشقيها المدني والسياسي. وبهذا المعنى يقول (غرامشي): "ان الدولة هي المجتمع السياسي زائد المجتمع المدني"(7) بينما يحتوي المجتمع المدني على التنظيم السياسي للمجتمع باحزابه ونقاباته وتياراته السياسية، فان الدولة تحتكر السلطة السياسية عبر اجهزتها ومؤسساتها المختلفة. وبهذا المعنى تكون العلاقة بين المجتمع المدني والمجتمع السياسي علاقة جدلية. فيمكن للمجتمع المدني ان يكون مسانداً للدولة او معارضاً لها. ففي الحالة الاولى يشكل المجتمع المدني مصدر الشرعية لسلطة الدولة عبر مشاركة منظمات المجتمع وفئاته المختلفة في صنع القرار. اما في الحالة الثانية التي تتصدى الدولة بجهازها ومؤسساتها القمعية لكل اشكال الاضطراب والثورة، تبدو الدولة وكأن المجتمع هو الذي وجد من اجلها لا العكس.

نلاحظ مما تقدم تداخل وتفاعل الدولة والمجتمع المدني عبر توافقهما تارة، وعبر تعارضهما تارة اخرى.

ومنذ (غرامشي) ثمة تطور مثير للاهتمام اخذ يفصح عن نفسه فيما يخص العلاقة بين الدولة والمجتمع. فبعد ان استحوذت الدولة ولفترة طويلة على اهتمام المفكرين، اخذ الاهتمام ينصب، تدريجياً على دراسة المجتمع المدني ضمن اطار الاهتمام بالديمقراطية وحقوق الانسان والتنمية والعدالة الاجتماعية على المستوى العالمي.

وفي نطاق الفكر العربي فلعل من المفارقات ان هذا الفكر لم يتعرف على مفهوم المجتمع المدني بحد ذاته، بل جاء هذا التعرف عبر الاهتمام المتزايد الذي لاقته مؤلفات (غرامشي) في المنطقة العربية بعد السبعينات. لكن الاهتمام بمفهوم المجتمع المدني بدأ يتسرب الى الفكر العربي المعاصر بدءاً من ثمانينيات القرن العشرين خصوصاً في اقطار المغرب العربي، حيث نوقش هذا المفهوم بغرض التفكير في ظروف التحول من الحزب الواحد الى التعددية الحزبية لاسيما في تونس والجزائر(8).

ولعل اوضح استخدام لمفهوم المجتمع المدني بالمعنى الغرامشي، يمكن رصده في فصول كتاب "الفلسفة الاجتماعية" للدكتور (غانم هنا) الذي يركز فيه الاهتمام على تقصي الفرق بين المجتمع المدني والمجتمع السياسي، وحدد فيه مكونات المجتمع المدني وخصوصية الفهم الغرامشي له من منظور الفلسفة النقدية. هذا بالاضافة الى الندوة التي عقدت في تونس حول المجتمع المدني، ثم توالى الاهتمام بالمفهوم، عربياً، لينتقل الى حقل التداول الواسع على صفحات الصحف والمجلات، وفي عقد الندوات كما حدث في ندوة القاهرة عام 1990، وندوة بيروت عام 1992 وغيرها(9).

والحقيقة ان شيوع استخدام مصطلح "المجتمع المدني" قد زاد من تشوشه واضطرابه، وحجب ضرورات التفكير في تأصيله النظري، وغيب الى حد بعيد امكانية تناوله النقدي. فالمجتمع المدني يعرف على نحو اجرائي بانه »جملة المؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تعمل في ميادينها المختلفة في استقلال عن سلطة الدولة لتحقيق اغراض متعددة منها، اغراض سياسية كالمشاركة في صنع القرار على المستوى الوطني، ومثل ذلك الاحزاب. ومنها اغراض نقابية كالدفاع عن المصالح الاقتصادية لاعضاء النقابة، ومنها اغراض مهنية كما هو الحال في النقابات للارتفاع بمستوى المهنة والدفاع عن مصالح اعضائها. ومنها اغراض ثقافية كما في اتحادات الكتاب والمثقفين والجمعيات الثقافية التي تهدف الى نشر الوعي الثقافي وفقاً لاتجاهات اعضاء كل جمعية. ومنها اغراض اجتماعية للاسهام في العمل الاجتماعي لتحقيق التنمية. وبالتالي يمكن القول ان الامثلة البارزة لمؤسسات المجتمع المدني هي: الاحزاب السياسية، النقابات العمالية، النقابات المهنية، الجمعيات الاجتماعية والثقافية«(10).

ويبين التحليل النقدي للتعريف الاجرائي السابق الذكر، ان جوهر المجتمع المدني ينطوي على اربعة عناصر رئيسية هي:

ـ العنصر الاول ويتمثل بفكرة (الطوعية) التي تميز تكوينات المجتمع المدني عن باقي التكوينات الاجتماعية المفروضة تحت أي اعتبار.

ـ العنصر الثاني ويشير الى فكرة (المؤسسية) التي تستغرق مجمل الحياة الحضارية تقريباً، والتي تشمل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

ـ العنصر الثالث ويتعلق بفكره (الغاية والدور) الذي تقوم به هذه التنظيمات والاهمية الكبرى (لاستقلالها) عن السلطة السياسية وعن هيمنة الدولة من حيث هي تنظيمات اجتماعية مستقلة تعمل في سياق روابط تشير الى علاقات التماسك والتضامن الاجتماعيين.

ـ العنصر الرابع ويكمن في ضرورة النظر الى مفهوم المجتمع المدني بوصفه جزءاً من منظومة مرتبطة به تشتمل على مفاهيم مثل. المواطنة، حقوق الانسان، التنمية، المشاركة السياسية الشرعية..الخ.

ان هذا المفهوم الاجرائي لا يكتمل دون ان نضع المجتمع المدني في سياق تطوره التاريخي، بكلمه اخرى ان عدم هدر السياق التاريخي لمفهوم المجتمع المدني سيجعل منه مفهوماً ديمقراطياً تنموياً يتصل بالبناء والتطور والتغيير. أي مفهوماً يتصل بالديمقراطية من جهة وبالتنمية من جهة اخرى.

وعن حدود هذا الاتصال وتلك العلاقة بين المجتمع المدني والديمقراطية والتنمية لنتوقف عند الصياغات الفكرية السياسية العامة للمفكر الانجليزي (جون لوك) حول النشوء التاريخي للمجتمع المدني بوصفه بناء ديمقراطي تنموي(11). فهذه الصياغات تشكل الاصول التي لم يخرج عنها من جاء بعده ليهتم بهذا الشأن، وعند (لوك) يتحدد مفهوم المجتمع المدني بدلالة كونه المجتمع المتقدم والمتميز عن التجمع البشري في حالة الطبيعة الفطرية. وفي معرض مقارنته بين الحالتين يصف (لوك) حالة الطبيعة بانها حالة الانسان ما قبل السياسي، بينما وصف حالة المجتمع المدني بانها حالة الانسان السياسي. واذا كان من الممكن ان تكون حالة الطبيعة حالة حرب، كما من الممكن ان يكون العقل الاجتماعي بمثابة نوع من الاستسلام الذي تنتهي اليه هذه الحرب ليقود بالتالي الى نوع من الحكم السياسي المطلق، وهذا ما تمسك به المفكر الفرنسي توماس هوبز، فان حالة الطبيعة، بالمقابل، من الممكن ان تكون حالة سلام، ليكون العقل الاجتماعي بمثابة اتفاق محدود اشتراطي وقابل، بخصائصه هذه، لان يقود الى حكم سياسي مقيد، وهذا ما اخذ به المفكر الانجليزي (جون لوك).

والاخير يعرف حالة الطبيعة بأنها حالة المخلوقات التي لم تكن عرفت بعد المجتمع المدني حتى في شكله الاولي، وفي ظل هذه الحالة يكون الناس احراراً متساوين ويحملون في اعماقهم نور العقل الذي يسمح لهم في تلمس القانون الطبيعي، وفي مطابقة سلوكهم مع متطلباته.

وهكذا نرى ان حالة الطبيعة عند (لوك) تدفع بنا الى تصور وضع يسود فيه السلام التام، ومجتمع بدون مؤسسات سياسية، الامر الذي يجعلها حالة تبدو بصفتها حالة الحرية التامة، وكذلك حالة المساواة، ولكن حالة الطبيعة هذه هي ليست حالة اباحة، فمما لا شك فيه-كما يرى (لوك) ان الانسان وهو يعيش في ظل حالة الطبيعة يمتلك الحرية المطلقة في التصرف بشخصه وبأمواله.

ولكن في الوقت نفسه، لا يملك، مع ذلك الحرية في تحطيم ذاته، ولا في تحطيم اي مخلوق الا في حالة استعمالها الذي يستهدف الحفاظ على النفس، كما يرى (لوك) ان حالة الطبيعة يحكمها القانون الطبيعي الذي يلزم كل واحد، فطالما كان الناس متساويين ومتمتعين بالاستقلال ينبغي ان لا يوقع احد الضرر بالاخر في حياته وفي صحته او في حريته او في امواله، ان كل واحد يتمسك بالحفاظ على ذاته، بعدم ترك موقعه هذا ارادياً، وللسبب نفسه ينبغي عليه، طالما ان ذلك لا يضر في مسعاه للحفاظ على ذاته، ان يعمل بقدر ما يستطيع من اجل حماية الناس الآخرين. كما ينبغي عليه ان لا يزهق او يتلف الحياة او ما يرتبط بالحفاظ على الحياة، سواء تعلق الامر بحرية شخص آخر او صحته او امواله.

ان (لوك) يبدو في هذا الرأي كما لو انه تمثل مجتمعه الطبيعي في شكل حياة مشتركة ما بين اناس طيبين لا يمتلكون حاجة لاكراه الدولة من اجل ان يطابقوا سلوكهم مع قواعد قانون غير مكتوب. عند ذلك نجد انفسنا عند المصدر النظري للمجتمع المدني في الفكر الليبرالي حيث ان اسبقية المجتمع واستقلاليته النسبية بالقياس الى الدولة يعنيان ان الاول (المجتمع) بمقدوره ان يتولى الامر بدون الثانية(الدولة). كما تعنيان، اكثر من ذلك، ان نشاطات المجتمع تتمتع، بالنسبة لاي بناء تنظيمي، بأهمية وقيمة تفوقان اهمية وقيمة الدولة.

وعلى حد تعبير(محمد فتحي الشنيطي)، في دراسته عن (جون لوك)، فأن (لوك) كان يعتقد ان حالة الطبيعة هي ليست الفردوس الارضي، وان مبادئ القانون الطبيعي ليست من النصاعة والبداهة، بحيث لا تجنح الميول الشريرة بالناس عن جادة الصواب، حيث ان حالة الطبيعة، بواقعها المسالم، لم تستمر. فالتطور الاقتصادي في مجتمع حالة الطبيعة نجم عن تعقل العلاقات الاجتماعية وانغماس تدريجي للعدالة والاستقلال الملازمين لحالة الطبيعة والحافظين للامن والسلام فيها، ويرجع (لوك) هذا التطور الاقتصادي الى استعمال العملة النقدية، فمع ظهورها بات الانسان يميل الى تملك اموال تفوق حاجاته، وقبل ذلك كان انسان حالة طبيعية مقيداً بعدم امكانية الحفاظ على ما يزيد عن حاجاته الاستهلاكية، ولكن مع ظهور العملة النقدية اصبح الادخار والاكتناز لهذه العملة ممكناً.

وبسبب من ذلك فأن ظاهرة عدم المساواة اذا كانت في البداية ضئيلة وغريبة عن حالة الطبيعة، فأنها، بعد ظهور العملة واكتنازها، راحت تتنامى وبذلك ثار الحقد عند من يملكون قدراً اقل، وثار الخوف عند من يملكون قدراً اعظم، وبالتالي دب الشقاق وعمت الفرقة واخذ الامن والسلام بالتوارى التدريجي.

ولعل عاملاً مهماً كان قد ساعد على ذلك، الا وهو تمسك الافراد بحقهم في دفع الاذى عن النفس، ومعاقبة من يحاول الاساءة، او يستفيد من ذلك كل فرد يجد نفسه قاضياً في قضيته، بل وفي قضية المجتمع الانساني بأسره.

هكذا يمكن القول ان ما كان سائداً في حالة الطبيعة، مع هذه التطورات الاقتصادية، هو ما يسمى بـ(العدالة الخاصة) التي لم تكن لتمثل الا رد فعل الضحية اواقاربه او اصدقائه، لكن اللجوء الى العدالة الخاصة كان زاد من اختفاء السلام والامن عن حالة الطبيعة. لذلك يرى (لوك) انه من الضروري وضع حد للعدالة الخاصة. وما كان الانسان الما قبل سياسي الا ان يستشعر بالحاجة الى اشياء ثلاثة معتمدة على نور العقل وهي:-

(قانون وضعي محدد وواضح، قاضي غير متحيز من اجل تطبيق هذا القانون، وقوة جماعية قادرة على ان تفرض احترام الحكم الصادر عن القاضي).

هذا ما كان يحتاجه الانسان الما قبل-سياسي، ولم يكن بحاجة الى اكثر من ذلك، بكلمة اوضح ان ما كان يحتاج اليه هو التضحية بحقه في اصدار الحكم، اما حقه في حماية حياته وحريته وامواله، فينبغي ان يبقى متكاملاً دون ان يمس، مهما كانت النتائج. ومن اجل بلوغ هذه التضحية يصار الى طريقة تعاقدية. وبهذا الخصوص يرى (لوك) ان الطريقة الوحيدة للانسان الما قبل- سياسي، من اجل ان يتنازل عن حريته الطبيعية، ويتحمل التزامات المجتمع المدني هو ان يتفاهم مع آخرين لغرض التجمع وتشكيل جماعة مكرسة من اجل ان تجلب لهم جميعاً الرفاه والامن والسلام، ضمن اطار التمتع بأموالهم وممتلكاتهم مع توفير افضل حماية ضد اعتداءات اولئك الذين لم ينتموا الى هذه الجماعة. ان هذه الجماعة ستمثل بلا شك الدولة، غير ان سلطة الدولة في نظر (لوك) تأتي عن مصدر وحيد هو حاصل تنازل الافراد عن حق محدد بالذات هوالحق في ايقاع العقاب الخاص لتحتكره الدولة لنفسها، وبالنتيجة فأن قيام الدولة، بموجب العقد الاجتماعي، ليس من شأنه ان يعدم الحريات الفردية التي كانت قائمة في حالة الطبيعة، وذلك من اجل ضمان التمتع بالحقوق الاخرى كافة. وهكذا فأن (لوك) كان يسلم بأن قيام الدولة، بموجب العقد الاجتماعي، يقترن بوجود سلطة اكراه عامة مستقلة عن سلطة كل فرد ومتميزة عنها ومتفوقة عليها ومتمتعة بالسمو بالقياس اليها. ولكن هذه السلطة لا تتجاوز حدود ممارسة العقاب العام من اجل ضمان السلام وبالتالي تهيئة الفرصة المناسبة لكل مواطن فيها للتمتع الفعلي بحقوقه وحرياته كافة.

اذاً الدولة هذه ستبدو- كما يقول (هارولدلاسكي) بمثابة (شركة ذات مسؤولية محددة) فهي ليست دولة ذات سلطة مطلقة بل دولة ذات سلطة مقيده، بمعنى انها سلطة ديمقراطية ومن هنا يرتبط نشوء وبناء المجتمع المدني بوجود السلطة الديمقراطية (الامر الذي يسمح لنا بتأكيد وجود علاقة بين المجتمع المدني والديمقراطية على اعتبار ان الاخيرة (اي الديمقراطية) تمثل المستلزم او المشروع السياسي للمجتمع المدني وجوداً واستمراراً وتفعيلاً.

وهذه العلاقة يؤكدها، بشكل واضح، (سعد الدين ابراهيم) عندما يشير الى انها علاقة وثيقة لاسيما في الركن او المقوم الثالث الاساسي للمجتمع المدني(12) الخاص بحق الاختلاف في الآراء وفي المصالح المادية والمعنوية. فهذا الركن هو جوهر الديمقراطية، بل ان الديمقراطية كما يقول (سعد الدين ابراهيم) هي( الجانب السياسي) للمجتمع المدني وزيادة على ذلك يشير (سعد الدين ابراهيم) الى ان هناك صلة واحدة في جوهرها بين عمليتي بناء المجتمع المدني(13) والتحول الديمقراطي لاسيما في المنطقة العربية فيقول (ففي الوقت الذي تنمو وتتبلور فيه التكوينات الاجتماعية والاقتصادية الحديثة، فأنها تخلق معها تنظيمات مجتمعها المدني الذي تسعي بدورها الى ترسيخ دعائم المشاركة في الحكم. واليوم اذا كان ترويج خطاب المجتمع المدني يتم من باب الديمقراطية، فأن هناك باب آخر للترويج هو باب التنمية فما هي حدود العلاقة بين المجتمع المدني والتنمية؟

ان التنمية على رأي عالم الاجتماع الامريكي (روبرت بونتام) تغذي (رأس المال الاجتماعي) بالقوة، والمصطلح الاخير يعني (المجتمع المدني)(14)، واذا كانت عملية الربط بين التنمية والمجتمع المدني تغذي الاخير بـ(القوة) فالمقابل ان التنمية الشاملة ستعتمد على رسوخ قيم ومبادئ المجتمع المدني، وفي هذا الصدد يؤكد (سعد الدين ابراهيم) ان الدعوة لقيم ومبادئ المجتمع المدني ودعم مؤسساته هي (الطريق الامثل للديمقراطية الحقة والتنمية الشاملة العادلة(15).

ومن ذلك يتضح لنا أن هناك مقترب يساعد على تحديد مفهوم المجتمع المدني الا وهو مقترب التنمية حيث أن الاهتمام بمفهوم المجتمع المدني يعود، اصلاً، الى مفردة ذات صلة بالتنمية الشاملة وهي مفردة (التحول الحضاري) او مفردة (التطور التاريخي) وفي هذا الشأن يشير (فالح عبد الجبار) في معرض المدخل العام لمفهوم المجتمع المدني والاهتمام الاستثنائي بمفهومه خلال العقد الاخير، بالقول »ان سمة الاهتمام الجاد وغير الجاد ايضاً، تأتي من تحول حضاري كبير يتمثل بأنهيار عالم قديم بمثله وقيمه ومفاهيمه ومقولاته الفلسفية«(16). كما تبدو العلاقة ايضاً بوصف المجتمع المدني يمثل مفهوماً تطورياً لظاهرة لها وجود حقيقي متغير في الزمان، وجود يمكن تلمس قسماته العامة. وبهذه الصفة التاريخية التطورية يكتسب مفهوم المجتمع المدني الملامح التاريخية، كما يتميز بخصوصية في حقبتنا الراهنة. ولا يقتصر الحديث عن العلاقة بين المجتمع المدني والتنمية من خلال مفاهيم التحول الحضاري والتطور التاريخي للمجتمعات فقط بل ايضاً من خلال الخصائص العامة للمجتمع المدني، فقد تميز المجتمع المدني الناشئ والمتبلور في المدن المستقلة بخصوصية وبخصائص عديدة اولها بروز الفرد في مجال الانتاج المادي والفكري، ثم الانتاج المتسارع للثروة على اساس الصناعة والتجارة، والانتماء للمجتمع بدل الانتماء لطائفة دينية او حرفية، والتسامح الديني، ونظرة جديدة الى المجتمع تقوم على دور فاعل للانسان، واعلاء شأن العلم والعقل(17).

وكل هذه الخصائص تعبر عن انشغالات تنموية، ولنكن على يقين ان هذه الخصائص المتمثلة بتطورات اقتصادية واجتماعية وثقافية لم تبرز جاهزة بل تبلورت بالتدريج على مدى عدة قرون على نار التطور الهادئة، التي لم تكن تخلو من توترات وتصادمات وانفجارات وحروب، وعليه فأن المجتمع المدني يرتبط بمفهوم التقدم الانساني عموماً وان التنمية ركن اساسي للتقدم الانساني.

والحقيقة ان التقدم الانساني لا ينحصر في مجتمع دون آخر، وبصدد المجتمع في المنطقة العربية فأن الحديث عن العلاقة بين التنمية والمجتمع المدني هوحديث عن تحول البنى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، اي الحديث عن التنمية الشاملة. والاخيرة في المنطقة العربية تمثل مستلزماً او شرطاً ملازماً لنشوء وتفعيل المجتمع المدني العربي قيد التشكيل، فطالما ان المجتمع المدني في المنطقة العربية هو (ضعيف وهلامي وقيد التشكل) فهو يحتاج الى مستلزمات اولها وآخرها اقامة التنمية الشاملة. ويصف (فالح عبد الجبار) عملية نشوء المجتمع المدني في المنطقة العربية لاسيما في حالة العراق مثلاً بوصفها عملية تنموية، ففي المدن العربية حيث تجري التحولات وتتغير صورة كل مدينة الى درجة يتعذر معها التعرف على ملامحها القديمة. فالجدران التي تفصل الاحياء (المحلات) عن بعضها البعض كخطوط انفصال ديني اوطائفي او قبلي او حرفي تنهار وتذوب مزيلة، بالتدريج، اشكال الاندماج الميكانيكية القديمة، وخالقه عوامل التحام عضوية جديدة، اي ان عوامل الاتحاد في هذه الاحياء (الحارات) القائمة على علاقات التبعية الشخصية وتضامن الاصناف الحرفية او الجماعية الدينية (مجموعة سنية اوشيعية او مسيحية او يهودية او طائفة صوفية)، او تخف بالتدريج لتحل محلها علاقات وروابط اجتماعية جديدة تتبلور بالتدريج في شكل الاتحادات الصناعية، وغرف التجارة ونقابات العمال والمنظمات المهنية والاحزاب السياسية(18).

والحقيقة ان كل هذه التحولات التنموية لنشوء معالم المجتمع المدني في المنطقة العربية تقوم على يد الدولة، والاخيرة تهيمن على الحيز الاكبر من اهم وظائف المجتمع المدني والمتمثلة بوظائف: انتاج وتبادل الثروة الاجتماعية، وميدان التنظيمات الاجتماعية وميدان انتاج الثقافة. ويمكننا القول-يقول (فالح عبد الجبار) ان زحف الدولة في الميدان الاول (الانتاج)، مهد لزحفها الظاهر في الميدان الثاني (التنظيمات الاجتماعية) والميدان الثالث (انتاج الثقافة)، وهانحن ازاء مجتمع مدني(19). واهن من جهة، ويفتقر من جهة اخرى الى الادوات المدنية للتعبير عن النفس.

ولكن رغم ذلك تظل الدولة في المنطقة العربية بوظائفها هذه تنمي نفسها، وفي الوقت ذاته تقود الى خلق مجتمع مدني(20).

ومما يفيد تأكيد العلاقة ما بين التنمية والمجتمع المدني في المنطقة العربية هو الضرورة المستقبلية للمجتمعات المدنية العربية ككل واحد، فوجود مثل هذه العلاقة يمثل ضرورة ملازمة لمستقبل وحدة الوطن العربي. واليوم تتحكم في مستقبل الوطن العربي ومجتمعاته ثلاثة مشاهد رئيسية محتملة يوردها (غسان سلامة)(21).

المشهد الاول: هو امتداد للاوضاع القائمة دون تغيير كيفي يذكر. الا وهو مشهد استمرار واقع ومنطق التجزئة، وهويمثل اسوأ الاحتمالات بالنسبة للوطن العربي عموماً، ولكل دولة على حده مهما كان حجمها او درجة ثرائها، ولبعض الدول الحدودية على اطراف الوطن العربي خصوصاً.



المشهد الثاني: هو احتمال التعاون الاقليمي او التنسيق العربي العام، وينطوي على وقف التدهور وتحسين الاداء العربي العام، سواء في داخل كل دولة ام في علاقات هذه الدول بالقوى الاقليمية والدولية المتربصة بها.

المشهد الثالث: هو احتمال الوحدة العربية، سواء بين تجمعات اقليمية ام بين الدول القطرية في شكل وحدة اتحادية (فيدرالية) وهو افضل الاحتمالات للمستقبل على الاطلاق، ليس فقط من حيث امن الوطن وعزة لمواطن ولكن ايضاً من حيث امكانيات التنمية الشاملة وسد الفجوة بين الدولة والمجتمع المدني.

مما تقدم يبدو لنا ان المنطقة العربية تعيش حالة التنمية الشاملة من جهة وحضور متزايد لفجوة قائمة بين الدولة والمجتمع المدني من جهة اخرى، الامر الذي يجعل من اقامة التنمية الشاملة وسد الفجوة بين الدولة والمجتمع المدني مستلزمان ضروريان لمستقبل افضل وفي تقديرنا ان الحديث عن العلاقة بين الثالوث المتلازم (التنمية والديمقراطية والمجتمع المدني) في الوطن العربي هو حديث عن استشراف مستقبلي جديد بكل معنى الكلمة.







الهوامش

(1) فالح عبد الجبار، الدولة والمجتمع المدني والتحول الديمقراطي في العراق، مركز ابن خلدون ودار الامين للنشر والتوزيع، القاهرة، 1995، ص42.

(2) المصدر نفسه، ص43.

(3) عزمي بشارة، المجتمع المدني (دراسة نقدية)، مركز دراسات الوحدة العربية، لبنان، بيروت، ط، 1998ف، ص12.

(4) المصدر نفسه، ص12.

(5) كريم ابو حلاوة، اشكالية مفهوم المجتمع المدني، دار الاهالي، دمشق، ط، 1998م.

(6) المصدر نفسه، ص76.

(7) المصدر نفسه، ص83.

(8) المصدر نفسه، ص100.

(9) انظر بحوث ومناقشات ندوة بيروت 1992 في كتاب المجتمع المدني في الوطن العربي ودوره في تحقيق الديمقراطية (مركز دراسات الوحدة العربية) بيروت، لبنان، ط1، 1992م.

(10) المصدر نفسه، ص292 (سيف الدين عبد الفتاح اسماعيل) المجتمع المدني والدولة في الفكر والممارسة الاسلامية المعاصرة..

(11) حول الصياغات الفكرية السياسية العامة لنشوء المجتمع المدني عند جون لوك انظر:

محمد فتحي الشنيطي، جون لوك، دار الطليعة، بيروت، 1969م.عبد الرضا حسن الطعان، تاريخ الفكر السياسي الحديث، دار الحكمة للطباعة والنشر، بغداد، 1992، ص ص 343-357.

(12) ينطوي مفهوم المجتمع المدني على ثلاثة مقومات او اركان اساسية: الركن الاول: هو الفعل الارادي، فالمجتمع المدني يتكون بالارادة الحرة لافراده، فهو غير الجماعة القرابية مثل الاسرة والقبلية، والركن الثاني هو التنظيم الاجتماعي، فالمجتمع المدني هو مجموعة من التنظيمات وكل تنظيم فيها يضم افراداً او اعضاء اختاروا عضويته بمحض ارادتهم الحرة، اما الركن الثالث للمجتمع المدني فهو ركن اخلاقي سلوكي. انظر سعد الدين ابراهيم-المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في الوطن العربي-عن كتاب محمد زاهي المغريبي-المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في ليبيا-مركز ابن خلدون ودار الامين للنشر والتوزيع ص ص 5-6.

(13) المصدر نفسه ص6.

(14) المصدر نفسه ص12. في دراسته المعنونة (جعل الديمقراطية تعمل: التقاليد المدنية في ايطاليا الحديثة) يذهب ربورت بونتام الى تأكيد ما ساماه (رأس المال الاجتماعي) Social Capital ولا يعدو هذا المصطلح ان يكون هو بذاته ما نسميه بـ(المجتمع المدني)-المصدر نفسه ص 8-9.

(15) فالح عبد الجبار-الدولة والمجتمع المدني والتحول الديمقراطي في العراق-مصدر سابق الذكر-ص الغلاف الاخير.

(16) المصدر نفسه ص 41 (53) المصدر نفسه ص 42.

(17) المصدر نفسه، ص47.

(18) المصدر نفسه، ص 63-64.

(19) المصدر نفسه، ص64.

(20) المصدر نفسه، ص63.

(21) غسان سلامة، المجتمع والدولة في المشرق العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت1987، ص9.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://socio.yoo7.com
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجتمع المدني دراسة في إشكالية المفهوم    المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Emptyالجمعة أغسطس 08, 2014 6:48 am

Very Happy Very Happy Very Happy Very Happy 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجتمع المدني دراسة في إشكالية المفهوم    المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Emptyالجمعة أغسطس 15, 2014 5:53 am


كاظم المقدادي
إشكاليات المجتمع المدني والمجتمع السياسي والديمقراطية

بسبب حداثة التجربة بعد انهيار النظام الدكتاتوري الذي هيمن لعدة عقود، ما تزال المكتبة العراقية تعاني من قلة الدراسات والمؤلفات التي تبحث في موضوع المجتمع المدني، وهو موضوع حيوي وهام جداً، يرتبط وثيق الإرتباط بالنظام الديمقراطي. وتبرز الحاجة الماسة لمثل هذه المؤلفات في عراق اليوم، الذي نطمح أن يكون عراقاً حراً ومستقلاً وديمقراطياً،اَمناً ومستقراً، أكثر من أي وقت اَخر.

" بعض إشكاليات المجتمع المدني والمجتمع السياسي والديمقراطية" لمؤلفه الباحث الأكاديمي العراقي د. صالح ياسر،من منشورات:" طريق الشعب"، سلسلة " قضايا فكرية"، بغداد، 2005، مساهمة جادة وقيمة في مجال المعرفة ونشر الوعي بموضوع المجتمع المدني والإشكاليات المرتبطة به، التي ظلت لحد الآن غامضة، وتتطلب معالجة متأنية وحصيفة. وهو رغم قلة صفحاته (90 صفحة) بحث علمي رصين، يسعى لتوضيح ثلاث اشكاليات: المجتمع المدني، والمجتمع السياسي، والديمقراطية، التي ترتبط وثيق الإرتباط فيما بينها. ولتوضيح هذا الترابط يقوم الكاتب بتحديد مضمون كل إشكالية، وصولاً للكشف عن طبيعة العلاقة الناشئة بين المجتمع المدني والدولة والتغيير الدائم فيها،وهي علاقة تتغير وتكتسي بأشكال ومضامين متنوعة بفعل عوامل متعددة، يوضحها المؤلف.
يشتمل المؤلف على مقدمة و 7 مباحث وخاتمة.
كرس المبحث الأول لمفهوم المجتمع المدني وتعريفه، ساعياً لتأصيله في الإطار المفاهيمي عبر إعادة صياغته وتحديد مدلولاته النظرية، ورصد مكوناته المعرفية، مبيناً بأنه ليس هناك مفهوم ثابت وجامد وناجز وقابل للإستخدام في كل زمان ومكان، وإنما هو مرتبط بتأريخ نشأته، وبالإشكاليات النظرية، وبنوعية المناظرة الفكرية، وبالصراع الإجتماعي. وضمن هذا النهج يتناول دور المجتمع المدني، ووظائفه،ومكوناته.

ويستعرض المبحث الثاني، وعنوانه" حول المجتمع المدني- تأريخية المفهوم والإشكاليات العامة"، ولادة مفهوم المجتمع المدني والتطورات والتمايزات التي طرأت عليه تأريخياً، محاولاً تحقيب سيرورة التطور التي شهدها هذا المفهوم وإستخداماته منذ نشأته حتى اليوم، ماراً بعدة مراحل:المرحلة الأولى (القرنين السابع عشر والثامن عشر) حيث يظهر مفهوم المجتمع المدني كنقيض لمفهوم الطبيعة والمجتمع الطبيعي، وإرتباطه فيما بعد بمفهوم القانون والعقد الإجتماعي، والسياسة المدنية الحديثة.أما المرحلة الثانية، فتشمل القرن التاسع عشر، وإنتقال السياسة من ميدان الديني والعرفي الى ميدان الإجتماعي،أي جعلتها حقيقية وإنسانية تعاقدية، وطرحت مسائل جديدة على المجتمع،مثل إعادة بناء العلاقات الإجتماعية ،أي إعادة بناء المجتمع المدني.ويسلط الباحث الضوء على رؤية هيغل للمجتمع المدني، الذي يعتبر الأسرة، والمجتمع المدني، ميداني فهم للدولة، وميداني نهائيتها.ويتوصل الى خلاصة مفادها ان الأساس التأريخي لمفهوم المجتمع المدني، ضمن إرتباطه بالواقع البرجوازي، وضمن الشروط التأريخية التي تشكل فيها، يقوم على اساس مضمون الحياة المدنية الحديثة والمعاصرة، الذي جوهره التحرر السياسي، وعلى التمييز بين الإنسان المطلق والإنسان الديني،أو بالأحرى على إنفصال وإستقلال الإنسان الديني، عن مواطن الدولة المدنية.وإن التحرر السياسي قلما يقضي على التدين الفعلي للإنسان، مثلما لا تعني العلمانية الإلحاد.ويقوم المجتمع المدني على أساس إحترام حقوق الإنسان، وهي جزئياً الحقوق السياسية، ومضمونها يكمن في المشاركة السياسية في الدولة .والمجتمع المدني هو مصدر السلطات، الذي لا يتحقق كمبدأ،إلا في ظل سيادة الديمقراطية.وهو مجتمع الإختلاف، والتعدد، والتعارض، والتناقض داخل بنيانه، وهياكله الإجتماعية والسياسية.ويشرح البرنامج الثوري لماركس الذي يطرح التخطي الجدلي للتناقض المزدوج بين المجتمع المدني والدولة السياسية البرجوازية.
وتشمل المرحلة الثالثة النصف الأول من القرن العشرين، وذلك في إطار إحتدام الصراع الثوري، وفي سياق إعادة بناء الأستراتيجية الثورية في مجتمعات أوربا الصناعية.ويعتبر الباحث ان المفكر الإيطالي الشيوعي أنطونيو غرامشي يعتبر أكبر مسؤول عن تطوير هذا الإستخدام الجديد ، الذي ترك أكبر الأثر على المفهوم كما يستخدم اليوم بعد إستبعاد عناصر فلسفية وعقائدية كثيرة منه. ويوضح طروحات غرامشي بشأن المجتمع المدني في إطار نظرية السيطرة والهيمنة، حيث إعتبر المجتمع المدني على الصعيد المفاهيمي أحد مكونات البنية الفوقية.ويشرح بالتفصيل مفهوم الهيمنة وجوهره.
أما المرحلة الرابعة فتشمل العقدين الأخيرين من القرن العشرين والآن، التي شهدت إعادة إكتشاف المفهوم من تراث غرامشي، لكن بعد تنقيته من بعض القضايا التي كانت موضع سجالات ساخنة خلال المراحل السابقة.فالمقصود بالمجتمع المدني كما يستخدم اليوم تلك الشبكة الواسعة من المنظمات التي طورتها المجتمعات الحديثة في تأريخها الطويل والتي ترفد عمل الدولة.ويذكرنا الباحث بان الإستخدام المعاصر لمفهوم المجتمع المدني قد مر هو نفسه بثلاث فترات رئيسية: الأولى- هي فترة الإنفتاح على المجتمع المدني من قبل الأحزاب والقوى والنظم السياسية بهدف ضخ دم جديد في السياسة وإضفاء طابع شعبي عليها بدأت تفقده.الثانية- هي فترة التعامل مع المجتمع المدني بوصفه منظمات مستقلة موازية للدولة ومشاركة في تحقيق الكثير من المهام التي تهم هذه الأخيرة بالتراجع عنها.وهذا المفهوم يتوافق مع إنتشار مفهوم العولمة.الثالثة- فترة طفرة المجتمع المدني الى قطب قائم بذاته ومركز لقيادة وسلطة إجتماعية، على مستوى التنظيم العالمي بشكل خاص، في مواجهة القطب الذي تمثله الدولة- الدول المتاَلفة في إطار سياسات العولمة والنازعة الى الخضوع بشكل أكبر فأكبر في منطق عملها للحسابات التجارية والإقتصادية.
وعلى ضوء مجموعة من الأطروحات التي تناولها الباحث يعرف المجتمع المدني بأنه عبارة عن مجموعة من المؤسسات، التي تقع خارج شبكة سلطة الدولة، تتيح للقوى الإجتماعية العاملة في مجالات الإقتصاد والحياة الثقافية والآيديولوجيا والسياسة ان تنظم نفسها بشكل حر بحيث تستطيع ان تلعب دورها في التطور الإجتماعي.وهو مفهوم يتجاوز مجرد التغيير السياسي.

المبحث الثالث كرس لمفهوم "المجتمع المدني العالمي"، الذي بدأ في الظهور في السنوات الأخيرة، في سياق طائفة من الأوضاع والتحولات العالمية على الصعيدين السياسي والفكري، ضمن مرحلة جديدة شهدت بروز معلمين أساسيين، هما:إنهيار نظام القطبية الثنائية، وبروز ظاهرة العولمة وما طرحته وتطرحه من تحديات وإستحقاقات تطول المجتمع.ويتناول العوامل الكامنة وراء نشوء هذا المجتمع، ويستعرض الطروحات التي شرحت وفسرت نشوءه،وهي تختلف بإختلاف المرجعيات النظرية والتأريخية. ويركز على مقاربة المفهوم، حيث تقوم المقاربة الأولى على أساس النظر الى "المجتمع المدني العالمي" بإعتباره جزء من تجليات مشروع العولمة، وبإعتباره مستوى مواكباً للمستوى الإقتصادي لهذه الظاهرة.وتقوم المقاربة الثانية، وهي مناقضة للأولى، على النظر لهذا المجتمع بإعتباره جزء من عملية أوسع، هي النضال المشترك من أجل العدالة الدولية والسلام العالمي..ويفرز ابرز علائم المجتمع المدني العالمي ، والعناصر الأساسية التي جعلت ولادته ممكنة.

أما المبحث الرابع، وعنوانه:" الدولة- المجتمع السياسي/ بعض الإشكاليات المرتبطة بمضمون الدولة" فيحاول إعادة التفكير بطبيعة الدولة والسعي لوضعها في مكانها الطبيعي ضمن التطور التأريخي الملموس، أي مقاربتها تأريخياً، ضمن مسعى الرد على الأطروحة السائدة حول حدوث قطيعة بين الدولة والمجتمع المدني.ويفرد حيزاً وافياً لطبيعة العلاقة ما بين الطبقات الإجتماعية، المحددة أساساً وإعتباراً لموقعها ضمن البنية الإقتصادية، وما بين السلطة السياسية من خلال الدولة.

ويركز المبحث الخامس، الموسوم:" الديمقراطية: بعض الإشكاليات العامة"، على الرابط بين الديمقراطية والمجتمع المدني، ويسعى للتأكيد على دور مؤسسات المجتمع المدني في العملية الديمقراطية، معطياً إجابة وافية لسؤال: ما هي الديمقراطية،ويشرح الآليات الأساسية التي أنتجتها التجربة التأريخية للديمقراطية كعملية للحكم وكإطار مؤسسي وليس كفلسفة ونظام إجتماعي، وهذه الآليات هي: التعدد التنظيمي المفتوح، وتداول السلطة السياسية، ومنظومة الحقوق والحريات العامة، واَلية المؤسسة.

ومن منطلق الحاجة الملحة للتمييز بين خصائص نشوء وتطور المجتمع المدني في البلدان المتطورة والبلدان النامية بشكل عام، والبلدان العربية بشكل خاص،يتناول المبحث السادس، وعنوانه:" المجتمع المدني والدولة السياسية في العالم العربي- بعض التعميمات" هذه الخصائص،ويسعى لتقديم خلاصات مكثفة للتطور التأريخي للدولة في العالم العربي والمسارت التأريخية الفعلية التي إتخذتها وساهمت بإحباط أية محاولة لنشوء المجتمع المدني، بأبعاده المعروفة عالمياً، في هذه البلدان، وفك الإشتباك بين المجتمع المدني والمجتمع السياسي.ويعرض السمات الأساسية والخصائص المشتركة للمجتمع المدني في البلدان العربية.

وخصص المبحث السابع والأخير، الموسوم:" دور منظمات المجتمع المدني في التحول نحو الديمقراطية"، لدور هذه المنظمات في ظروف العراق الملموسة،أي لحظة تحوله نحو الديمقراطية في ظل عملية سياسية بالغة التعقيد، حيث يمر العراق حالياً بعمليتين مترابطتين، هما بناء المجتمع المدني والتحول نحو الديمقراطية، في ظل مخاطر وتحديات جدية تواجه العمليتين.ولحداثة التجربة يشير الباحث الى العوائق التي تواجه العاملين في هذا الميدان، ويدعو،بغية تجاوزها، الى ضرورة ان يستعيد المجتمع والجماهير العراقية شعورها بجدوى المشاركة وجدوى التضحيات، ولابد من زعزعة الأسس الإقتصادية والسياسية لعملية الفساد، وتكريس جملة الممارسات الحقوقية والتنفيذية التي تمنع كل أشكال التعدي على حقوق المواطنين، الفردية والجمعية،والمزيد من الحقائق الديمقراطية في الحياة السياسية، والحذر من تسطيح فكرة المجتمع المدني وتخفيضها وإختزالها الى جمعيات غير حكومية تهتم بقضايا جزئية، والتأكيد على إستقلالية هذه المنظمات،والنضال من أجل جعل حركة المجتمع المدني في العراق لا تنفصل عن حركة المجتمع المدني العالمية، ومواصلة منظماتها لعملها في مجال الإصلاح الديمقراطي، والقيام بخطط لنشر ثقافة حقوق الإنسان والمشاركة الديمقراطية، وتطوير الديمقراطية داخل هذه المنظمات، ودعم المجتمع المدني بكافة مؤسساته ومنظماته، وتفعيل الحوار بين مكونات المجتمع العراقي بهدف بناء عراق جديد على اساس ديمقراطي إتحادي يضم كل مكوناته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجتمع المدني دراسة في إشكالية المفهوم    المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Emptyالثلاثاء أبريل 14, 2015 11:16 pm

إشكالية المجتمع المدني في المغرب


الحديث عن المجتمع المدني في المغرب هو بالضرورة حديث عن الأزمة، أزمة المفهوم و أزمة الممارسة، وهذا المعطى لا يستقيم إلا إذا حددنا طبيعة هذه الأزمة على المستوى النظري والعملي، فنعرض في المرحلة الأولى للمفهوم من حيث مضامينه، وسياقه التاريخي، ونعرج في مرحلة ثانية على التجربة التاريخية المغربية و كيفية تعاملها مع المجتمع المدني وطبيعة توظيفها لمضمونه .



إشكالية المفهوم و الوظيفة

إذا كانت الخاصية المميزة للمعرفة عموماً محكومة بتجديد مفاهيمها وبناء معجمها الخاص من خلال وجود آلية وطريقة واضحة في بنية المفهوم وتنظيم الميدان المعرفي في موضوعه وتخصصه و أفقه، فإن مفهوم المجتمع المدني لا زال أسير مشكلة المعنى بتعبير فيبر لتباين منطلقه المرجعي ـ الوظيفة ـ وأشكال فهمه و ممارسته ـ التوظيف ـ .

بداية نميز في التعاريف التي أعطيت للمجتمع المدني بين مستويات عدة .

فالمستوى الأول يحصره في الفعالية التي تشجعها الممارسات التعاونية والتشاورية التي هي الجوهر المشترك للعديد من أفكار المجتمع المدني (1)

و المستوى الثاني يحده في مجموع المؤسسات المدنية والاجتماعية ومن ثم القنوات التي يتم فيها للمجتمع الحديث التعبير عن رغباته والدفاع عن نفسه في وجه ما يعرف عند هوبز " اللوفيتان "(2)

أما المستوى الثالث فقد تعاطى فيه أصحابه مع هذا المفهوم بنوع من الاحتراس مخافة التنميط وغياب الدلالة الشافية والجامعة المانعة؛ فعده كريشان كومار(3) مفهوماً فضفاضاً يميل ليعني كل الأشياء وكل الأشخاص . ويؤكد أن الشعبية المتنامية لهذا المصطلح تزيد من تراكم الالتباسات الموروثة عنه وتخلق قلقاً وتناقضات صريحة حوله، ذلك أن الكتابات عنه كانت احتفالية بدل أن تكون نقدية، وحسبه محمد أحمد بنيس (4) مفهوماً إجرائياً يساعد على اجتراح قراءات جديدة لطبيعة الحراك الاجتماعي بعد أن حالت البلبلة الإيديولوجية دون التعامل العلمي معه، في وقت عد هذا المجتمع ممارسة يومية وخياراً اجتماعياً ورهاناً سياسياً ضد الدولة الشمولية الراعية والموجهة لفعاليات البشر، كما يعني أيضا دور القطاع الخاص المنظم والقوي بوصفه حامياً فعلياً لهذا المجتمع الذي يشكل دوراً حاسماً و أساساً (5).

وفي السياق نفسه يورد الدارس ثلاثة تعاريف تخص السوسيولوجيا السياسية وتعني به مجموع المؤسسات التي تتيح للأفراد التمكن من الخيرات و المنافع العامة دون تدخل أو توسط الحكومة (6)

أما التعريف الثاني فهو للندوة التي عقدت ببيروت سنة 1992 التي اقترحت التالي:" المجتمع المدني المقصود في هذه الندوة هو مجموع المؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تعمل في ميادينها المختلفة في استقلال عن سلطة الدول لتحقيق أغراض متعددة، منها أغراض سياسية كالمشاركة في صنع القرار على المستوى القومي ومثال ذالك الأحزاب السياسية ومنها أغراض نقابية كالدفاع عن المصالح الاقتصادية لأعضاء النقابة، ومنها أغراض مهنية كما هو الحال في النقابات للارتفاع بمستوى المهنة والدفاع عن مصالح أعضائها ومنها أغراض ثقافية كما في اتحادات الكتاب و المثقفين والجمعيات الثقافية التي تهدف إلى نشر الوعي الثقافي وفقا لاتجاهات أعضاء كل جمعية، ومنها أغراض اجتماعية للإسهام في العمل الاجتماعي لتحقيق التنمية وبالتالي يمكن القول إن الأمثلة البارزة لمؤسسات المجتمع المدني هي: الأحزاب السياسية، النقابات المهنية، النقابات العمالية، الجمعيات الاجتماعية و الثقافية "(7).

أما الأستاذ حميد العموري(8) فيورد تعريفاً آخر ويعني به مجموع التنظيمات التي تناضل من أجل تعميق وتوطيد المسار الديمقراطي وتفعيل مقتضياته وجعله اختياراً استراتيجياً.

لقد نحت التعاريف المساقة أعلاه نحو تحديد المضامين عوض التعاريف، وركزت على البعد المؤسساتي والعملي وتجاهلت السياق الفلسفي والمعرفي، لذلك جاءت قاصرة عن توضيح هذه الأبعاد في مفهوم ، إذ هو تصور وفعل قيمي يرنو إلى تفعيل المضامين والأساليب الديمقراطية بوساطة آليات تفتقر لسلطة الإكراه المادي وتسعى إلى إفراغ السلطة من محتواها السلطوي لصالح القيم التشاركية انطلاقاً من بعد كوني لا يركن إلى جغرافيا أو دين أو قبيلة أو وهم يدعي التفوق مهما كانت طبيعته .

إن مسعى التحديد المفاهيمي قد يستنير إذا آزره بعد تاريخي حاول رصد ملامحه وخصائصه و سياقات تشكله على مستوى التطور الحضاري العام .

ففي تصور هيغل ينصب موضوع المجتمع المدني على المجال المعرفي أو الميدان الذي يتناول المؤسسات و الممارسات التي تقع بين مجال الأسرة و الدولة (9) ، و تكمن و ظيفتها الأساس في الإنتاج و تبادل الخيرات و المنافع في أفق تحقيق الحاجات الضرورية ، غير أن هيغل يقف موقفاً حذراً من هذا المجتمع على اعتبار أنه قاصر بحكم طبيعته المتميزة على الخصوص بتباين مكوناته في الرؤى و الغايات وتناقضها في المصالح، ليرتد هذا التباين إلى استحالة الوصول إلى استقرار سياسي كفيل بتحقيق التقدم و التطور(10)

لقد كان هيغل واقعياً أكثر من اللازم في تعريفه هذا حين استبعد وجود مؤسسة غير الدولة بإمكانها تحقيق التقدم والتطور لألمانيا انسجاماً مع ما كان في فرنسا و انجلترا، وعلى النهج نفسه سار ماركس حيث لم يستطع الانفكاك من الهيغيلية إلا بعد كتاب رأس المال، وفيه ميز بين البنية التحتية والبنية الفوقية، ورتب المجتمع المدني ضمن البنية الأولى لأنه يمثل القاعدة المادية، وطبيعي أن يكون دوره حاسماً حسب التفكير الماركسي في تحديد طبيعة وشكل البنية الفوقية، هذا فضلاً على أنه يمثل أحد أهم مستويات وتمظهرات الصراع الطبقي بحكم التناقضات التي تطاله (11).

أما غرامشي فيعد من أوائل المفكرين الذين منحوا المجتمع المدني مكانة خاصة تكمن في انفصاله عن الجهاز القهري للدولة وعن المؤسسات الاقتصادية للمجتمع، حيث إن ميدانه هو الذي يتم فيه دعم و منازعة فرص الهيمنة عن المؤسسات الثقافية والأنشطة المجتمعية (12)، وتقوم استراتيجية هذا الجهاز على الهيمنة الإيديولوجية بواسطة المثقف العضوي أو الجمعي لإنتاج رأسمال رمزي مضاد يستعان فيه بمؤسسات الحزب والمدرسة والكنيسة والإعلام فيما يسميه غرامشي بحرب المواقع (13) ، ويتبدى أن غرامشي قد منح الايديولوجيا طابعاً فعالاً من خلال نقلها من البنية التحتية إلى البنية الفوقية رغبة في توفير فضاء أرحب وإخراج التصور الماركسي من الخطية المفرطة في أفق تقديم أفكار تنسجم و روح العصر، و اجتراح و سائل بإمكانها تقديم الحافز إلى نهضة جديدة .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجتمع المدني دراسة في إشكالية المفهوم    المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Emptyالثلاثاء أبريل 14, 2015 11:16 pm

هذا في الوقت الذي لم ينفصل فيه هابرماس عن هذا المسار إذ فصل بدوره الحقول الاجتماعية و الثقافية عن الحقول السياسية والاقتصادية ، فمن الناحية السياسية السلطة والإدارة لها منطقها الخاص و الاقتصاد له منطقه االخاص أيضاً .

أما المجتمع المدني فمطبوع بخاصية التضامن والتواصل الحر والمفتوح ويستثنى من عملية الفصل هاته السوق لأنه يعمل في ذلك شأن العمليات القهرية والبيروقراطية للدولة التي تعمل وفق مبدأ قد يهدد الكينونة الذاتية المستقلة للمجتمع المدني (14).

إن النقاش حول المجتمع المدني استناداً إلى هيغل وماركس وغرامشي وهابرماس يجد رافده المرجعي الأساس في الفكر السياسي الحديث في القرنين 17م و 18م خاصة في كتابات فلاسفة أمثال هوبز ولوك وسبينوزا ثم روسو، و تتأطر هذه الفترة ضمن مقولة أو نظرية التعاقد الاجتماعي التي ظهرت في إطار المجتمع البورجوازي الذي حل بعد انهيار المجتمع الإقطاعي، وقدم ليكون صيغة و أداة لهدم مقومات مجتمع القداسة ونظرية الحق الإلهي في السلطة وتكبيل وتقييد حرية الإنسان في ظل مجتمع تراتبي قوامه نبالة دم و "نجاسة" آخر، هذه النظرية أرخت لقطيعة سياسية وأفق فكري وثقافي يستمد مشروعيته من طبيعة القيم التي جاء بها وتتمثل في الآتي (15):

ـ قيمة الفرد و ما تعنيه من مضمون حقوقي وسياسي يكفل الحق في الحياة والفكر والملكية .

ـ قيمة المجتمع وتكمن في الالتزام بالمقتضيات الأخلاقية والقانونية الضرورية لتأسيس الجماعة .

ـ قيمة الدولة وسيادتها وهذا لايتأتى إلا إذا اعترف المجتمع بها وعد الحقوق الناتجة عنها مشروعة و مقبولة .

ولم يكن هذا المجتمع لينفصل عن النسق العام الذي تميز بظهور العديد من المفاهيم ذات الصلة وهي الدولة والأمة والمواطنة والديمقراطية والحرية وقيم التنوير والنزعات الدستورية والجمهورية والفرد و عدد آخر من مثيلات هذه الأفكار والخصائص، بصيغة أخرى إعادة بناء مجتمع على علاقة جديدة بين الشعب والسلطة بتنقية الفضاء الاجتماعي من العراقيل والعوائق التي تحول دون نهضته وتأهيله ليكون في مستوى ما كان ينادي به .

غير أن مسار تشكل هذا المفهوم والصيغ التي قدمت في شـأنه لا تجلو عنه بعضاً من الالتباس المتعلق بطبيعته، فالتوق إلى ترويجه واقتصار التحليلات على ذكر وتعداد الجوانب الإيجابية يوصف بالبحث عن مخلص من المجتمع السياسي وتقديم ذاته باعتباره بديلاً لهذا المجتمع بصيغة أقرب للتنحية والإقصاء . إن مثل هذا النزوع يكرس لأزمة المعنى وماهية هذا المجتمع ويحيل على طابع الغموض والهلامية، لأنه يفتقر إلى التعيين الطبقي (16) ، أي أن هذا المجتمع لن تحققه إلا "طبقة " مهيمنة أو تحالف طبقي مهيمن يجد في هذا المجتمع الفضاء الاجتماعي الذي يحقق سيطرتها الطبقية (17)، ومن هنا نشير إلى وجاهة تصور هيغل المشار إليه سابقاً من حيث طبيعة ومكونات هذا المجتمع وليس غاياته، لأن مكمن الخطر أن يضحى هذا المجتمع ميداناً يحتضن ما تبقى من موضوعات لم تحظ بأي اهتمام بمعنى أنه أصبح ميداناً مفيداً لبعض الأغراض المعيارية والبلاغية فحسب(18) أي غياب نسق فكري متكامل واضح و مشروع بيّن المعالم من شأنه أن يفضي إلى تبني تصورات انتقائية أو نفعية مبلقنة قد تزيد من الوضع الأداتي وتغرق في غياهب الفجائي والآني، ويزداد الأمر التباساً و تعقيداً حين يتم استحضار هذا المفهوم بإيجاد صور له خارج سياقه الحضاري (19) كالأوقاف و تنظيم الحرف فضلاً عن المدارس و المؤسسات الخيرية .

إن الموقف هنا لا يتعلق بأفضلية حضارة على أخرى ولكن السياق الابستمولوجي يفرض ذاته بحدة إذ إن الظاهرة السياسية العربية والميكانيزمات التي صاغت نموها وتشكلها تختلف جذرياً عن الظاهرة الليبرالية الأوربية، وأولى المفارقات في هذا الشأن مسألة القداسة، فالظاهرة العربية الإسلامية محكومة في ظاهرها وباطنها بالقداسة، والظاهرة الغربية الأوربية جاءت لرفض نظرية الحق الإلهي في السلطة وهذا مؤشر من بين مؤشرات عدة تجعل الحديث عن المجتمع المدني بمضمونه الليبرالي داخل التجربة والمجال الإسلامي مسألة محفوفة بالمخاطر والمنزلقات النظرية، وهذا لا يعني عدم وجود معالم هذا المجتمع داخل التجربة الإسلامية ولكن له شروطه الخاصة وروح عصره .

إضافة إلى خاصية أخرى وهي أن المجتمع المدني وفر الحوافز الحضارية في أوربا لميلاد الدولة، بالمقابل كانت الدولة وراء بروز المجتمع المدني في المجال الحضاري الإسلامي .

المجتمع المدني في المغرب و إشكالية التوظيف

لا يمكن الحديث عن المجتمع المدني في المغرب دون الحديث عن الدولة و طبيعتها السياسية و التاريخية وبمعنى أدق الحضارية، إذ لا ينفصل الأمر عن تحديد هذه الخاصية فبوساطتها قد يتأتى لنا معرفة أوجه العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني و بالمعنى الذي صيغت به هذه العلاقة .

تمتلك الدولة التي تشكلت في المجال الحضاري الإسلامي العديد من الخصائص التي تثير القلق المفاهيمي والمعرفي ومن ضمنها العلاقة مع المعارضة والفعاليات التي تمتح من معين يختلف ويخالف منطق الدولة، وعادة ما كانت تلجأ إلى ابتلاع أو تشويه أو تنحية هذا المكون الأساس مما جعل المجتمع هشاً أمام جبروتها بحكم امتدادها التاريخي العريق في تنحية المنافسين، و ظلت هذه الخاصية ملازمة للدولة التي سادت المجال الإسلامي إلى وقتنا الحاضر، و طبع مسيرتها " بتأبيد " الفشل في إرساء السبل الناجعة للتنمية وهو ما عاشته بشكل كبير دول ما بعد الاستقلال التي أرست معالم دولة وقعدت للمشاريع التنموية التي لم تكن في مستوى التطلعات .

و من أجل فك الارتباط بين الدولة اللاتنموية وضعف الفاعلين، تمت استعادة مفهوم المجتمع المدني و التركيز خصوصاً على حقوق الإنسان من خلال رد الاعتبار للإنسان بوصفه مواطناً، فكانت هذه القيمة الاعتبارية في الوقت ذاته تكريماً و اعترافاً بالمجتمع المدني أيضاً (20) ولن يأخذ هذا الاعتراف صفته " الحقوقية " إلا بالديموقراطية التي تعد مؤشراً دالاً على كيفية وجود المجتمع المدني (21) ، لأن تهميشه كان يعني غياب الشرعية التي يقوم عليها مشروع الدولة الحديثة ويدل في سياق آخر على تأجيل مسـألة التنمية التي تعني تحديث البنى والأنساق الاجتماعية والثقافية وفق أفق ينشد التغيير الاجتماعي ويتوسل بالمعرفة لبناء مستقبله الحضاري، و هنا تحضر سلطة المثقف الذي يتحلى بروح الاستقلالية والنزوع النقدي ويروم خدمة الفكر و الروح (22) ويتجاوز النظرة الواقعية وتصبح مهمته احتياجاً يسهم في اليقظة والسيطرة على صناعة المصير .

انطلاقا من كل ذلك نتساءل: بأي معنى ورد المجتمع المدني في التجربة التاريخية لمغرب ما بعد الاستقلال؟ و ما هي العلامات التي ميزته؟

بداية يمكن القول إن الدولة المغربية الحديثة لم تنفك من عقال التقليدانية، بل ظلت تتغذى على رصيد تاريخي مكثف تجلى في دولة المخزن و الدولة التي تتعالى على المجتمع و تتجاوزه تارة بمفهوم القبيلة والتي تمتد من التاريخ المرابطي ثم الموحدي فالمريني، وتارة أخرى بمفهوم الشرف انطلاقاً من الدولة السعدية وإلى الدولة العلوية، وهذا ما أفضى إلى غياب الاستمرار في بناء الدولة وتأسيس مشروعها المجتمعي الخاص القادر على تجاوز بنياته الارتكاسية وتطوير قدراتها ومفاهيمها ومضامينها لتتساوق مع منطق العصر، ويتمظهر هذا المأزق في تأجيل الانتقال الديموقراطي منذ ما بعد الاستقلال مروراً بما يسمى بالانتقال الديمقراطي في بداية السبعينات وصولاً إلى التناوب التوافقي، حيث لم يتم الفصل بين الدولة باعتبارها مجالاً للوحدة والسياسة باعتبارها حياضاً للتعدد والاختلاف (23)، و كثيراً ما كان النهج السلطوي يصر على فرض الاندماج وفق "أناه " وما عداه ليس إلا خارجاً عن الجماعة وعن الدين ذلك ما أجل فهم واستيعاب مضمون الحركات الاحتجاجية، وقد هذا التباين أعاد إلى الأذهان سؤالاً قديماً جديداً: من يؤسس من المجتمع أم الدولة ؟

فإذا كان من الثابت أن الغاية التي يرنو إليها النظام السياسي الإسلامي في تجربته التاريخية هو إنتاج الطاعة التي ارتقت إلى الواجب و بمفهوم أعمى لا يستحضر الإنسان إلا ليكون من الرعايا المطيعين بحقوق ضحلة وهزيلة على المستوى التاريخي طبعاً، فإنه بالمقابل أرسى دولة يطبعها الوجل بل و الرهاب من أي تحرك اجتماعي، وعلامات ذلك كثيرة في المغرب الحديث لعل أعنفها و أكثرها درامية أحداث 1981 الشهيرة بشهداء كوميرة .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجتمع المدني دراسة في إشكالية المفهوم    المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Emptyالثلاثاء أبريل 14, 2015 11:17 pm

لقد استطاعت السلطة السياسية المغربية أن تتسيد إنتاج المفاهيم السياسية والتنموية بحكم استنادها إلى قاعدة اجتماعية وثقافية عريضة تتمثل في الفئات المستفيدة بمخلف تلاوينها وأطيافها (24) وأن تحتكر كافة مصادر القوة والثروة والنفوذ وأن تسوق وتروج لخطابات تنتقص من الحركات الاجتماعية و السياسية وتجعلها خارج دائرة الاهتمام بل ومنبوذة في الواقع والمخيال الاجتماعيين (25) ، وما قد يفسر هذا المنحى في التعامل مع المجتمع عامة والمدني منه خاصة هو طبيعة المواقف والتي يمكن حصرها في ثلاثة (26):

ـ المواجهة؛ و يقصد بها الطابع الحدي في الصراع وتقوم فلسفته على النزعة الخطية في تفسير وتأويل القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وامتدت من بداية 1970 وإلى غاية أواسط 1980، على أن العلامة المميزة لهذا الأسلوب هي المنع والاعتقال والمصادرة والاغتيال والمحاكمات الصورية، بل وصلت إلى النفي ونزع الجنسية .

ـ المنافسة؛ ويقوم هذا الأسلوب على استنبات جمعيات تستمد قوتها من الدولة وترفع نفس القيم و المضامين التي نادى بها المجتمع المدني، قصد تحجيمه وتقزيمه وتلغيمه، والترويج في المقابل للخطاب الرسمي ولا أدل على ذالك من ظهور العديد من جمعيات السهول والهضاب إيليغ، أنكاد، أبي رقراق، الاسماعيلية الكبرى، الأطلس الكبير، رباط الفتح، دكالة، حوض سبو، الصويرة موغادور، فاس سايس، حوض آسفي، أحمد الحنصالي، تاونات الوردزاغ ، هذه الجمعيات أشرف عليها أعيان وعائلات مخزنية (27) ، الأمر نفسه ينطبق على الأحزاب السياسية حيث ظهر الأحرار المستقلون أي التجمع الوطني للأحرار فيما بعد ، ثم الحزب الوطني الديموقراطي ، والاتحاد الدستوري. ويتضح من هذا الأسلوب أن غايته هي المزاحمة المفضية إلى التدجين والاحتواء وتبديد الطاقة وتشتيت التركيز وامتصاص البريق و الوهج ، و ترسيم سيادة السلطة بغية تأبيدها .

ـ الاحتواء؛ و ينبني على توظيف بعض فعاليات المجتمع المدني في المشاريع التنموية وفي مؤسسات الدولة ولعل أبرز مثال على ذالك اللجنة الوطنية للتربية والتكوين والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان سنة 1991.

إن المواقف المساقة أعلاه لا تعني الحسم في موقف الدولة من المجتمع المدني، إذ إن الأمر موكول إلى ثقافة التأثير والتأثر، فقد استطاعت الدولة أن تحسن من خطابها السياسي والحقوقي ومن ألفاظها المدنية، وأصبح بموجب ذلك تداول العديد من المصطلحات الدالة حقوقياً وتبنيها سواء في الاتفاقيات الدولية أو في الخطابات الرسمية الموقعة بين الدولة وفعاليات المجتمع المدني، فالأمر يرجع في النهاية إلى كيفية توظيف الخطاب الرمزي أو ما سماه غرامشي بحرب المواقع عوض حرب الحركة التي تميز بها الأسلوبان السابقان، ولا أدل على ذلك من اقتحام بعض الفعاليات المدنية لمجالات كانت إلى وقت قريب حكراً على المخزن، و إن كان من تغيير فهو مرهون بمراحل وليس بلحظة حاسمة .

هذا القضية لا تندرج في القراءة المتأنية لأشكال تعاطي الدولة مع المجتمع المدني أو الأحزاب، إذ ظلت سياسة الدولة في ملامحها الكبرى وقسماتها أسيرة منطق تصور الدولة لعلاقتها بالمجتمع القائمة على الريبة و الاحتياط والتعامل الحذر، فالانفتاح لم يأت نتيجة الرغبة في التغيير وتطوير ثقافة المؤسسات و الرقي بالممارسة السياسية والمدنية، بل وسمه العجز عن إيجاد الحلول الناجعة للمشاكل الاجتماعية المتراكمة منذ سياسة التقويم الهيكلي التي غذت بؤر التوتر الاجتماعي وأسهمت في تذكية الغضب الشعبي (28)، بالإضافة إلى أن هذا الانفتاح أملته الحاجة إلى إعادة بناء وهيكلة النظام والحقل السياسيين بتجديد المفاهيم والتصورات الخاصة بذلك سياسياً واجتماعياً (29) ، غير أن هذا السعي وهذه الرغبة يكشفان عن مجاهل تجأر بحقيقة في منتهى الأهمية تمني العين لكنها لا تطفئ عطشاً نوردها في المنزلقات التالية :

ـ منزلق الدولة ؛ معلوم أن الدولة تمتلك سلطة العنف المشروع والذي يتأتى بالثقافة الرسمية والإعلام الرسمي والدين الرسمي، وفي هذا المستوى يحتضر التنوع و الاختلاف وتضيع القيم وتصبح الحكومة و أي سلطة سياسية سيدة للمجتمع عوض أن تكون خادمة له (30)، من ذلك جر الثقافة إلى الإعلام بتبسيطها وتحويلها إلى إحدى الوسائل المكرسة لخدمة الإعلام الرسمي، والأدهى تحويلها إلى ثقافة استهلاكية هابطة تنحصر وظيفتها في الإمتاع والتسلية وتسطيح الوعي وتسويغ وتبرير العديد من المفاهيم خاصة الأمنية وتعميمها باعتبارها معايير وحيدة في المجتمع (31) ، ومن ذلك تواتر الاستثناء المغربي في الأمن وتغييب الأمن الروحي و الغذائي والنفسي والثقافي والبيئي(32) ، وحتى الفني الذي أضحى دوره تسويق خطاب الترقي الاجتماعي عن طريق الأسلوب النفعي والأداتي الذي يخلو من المضمون، والذي يغيب بشكل سافر إمكانية السمو بالمجتمع عن طريق الإسهام في اقتصاد المعرفة عبر غياب البرامج الثقافية التي تسهم في الذكاء الكوني، وإيجاد الحلول للمشاكل العالقة، كل ذلك بهدف إنتاج فرد خارج دوائر القلق المعرفي و الثقافي، وترسيم الأيقونات الغنائية والكروية بمختلف تلاوينها وتسييد خطاب العنف على حساب خطاب القضايا والرموز، قد يكون للأمر دلالة إذا صنف في إطار التطور خارج الأنماط المتعارف عليها، لكن المسألة خلاف ذلك إذ السعي حثيث لاستئصال الإنسان وتدجينه وتنويم وعيه و تثبيت المجتمع عند ساحل الحضارة عوض عمقها وتركيب الفرد على قالب الاستسلام والمصالحة عوض المشاكسة وطرح التصورات والبدائل في إطار الحرية المسؤولة، فكأن السلطة تصر على حقها الكامل في أن تقول للمجتمع أنا من يجب أن تصير أنت على صورتي .

ـ يتعلق المستوى الثاني بالأحزاب التي تسعى إلى استثمار مقولة المجتمع المدني في إطار سعيها لكسب الساحة النضالية على حساب الدولة فيما يمكن أن يسمى بالتوظيف المباشر والصيغة النفعية، وهذا المسعى يرجع إلى بدايات المجتمع المدني في المغرب الذي شكل ظهوره رافداً نضالياً للأحزاب حسب ما يظهر من تأسيس العصبة المغربية لحقوق الإنسان الموالية والتابعة لحزب الاستقلال، أو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان الموالية لحزب الاتحاد الاشتراكي، أو الجمعيات كجمعية الشعلة للتربية والثقافة التابعة للاتحاد الاشتراكي، أو جمعية الطلائع أطفال الغد الموالية لحزب التقدم والاشتراكية، أو جمعية التربية والتخييم التابعة لحزب الاستقلال، وحتى النقابات لم تسلم من هذا التوظيف كالكونفدرالية الديموقراطية للشغل التابعة للاتحاد الاشتراكي إلى حين تأسيس الفيدرالية الديموقراطية التابعة حالياً لهذا الحزب، والاتحاد العام للشغالين بالمغرب الدرع النقابي التابع لحزب الاستقلال .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجتمع المدني دراسة في إشكالية المفهوم    المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Emptyالثلاثاء أبريل 14, 2015 11:17 pm

ويخص المستوى الثالث المجتمع المدني والإشكالات المرتبطة به، فعلى الرغم من المكتسبات التي حققها والأهداف التي يروم تحقيقها خاصة تحديث المؤسسات ودمقرطة النظام و تقنين العلاقات بين الدولة و المجتمع و اكتساح مجالات جديدة كانت محظورة (33) ، الأكثر من هذا تحقيق الاستقلالية عن الفاعلين السياسيين بتأسيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان في دجنبر 1988 ، و آخرها دسترة المجتمع المدني في دستور سنة 2011م ، فإن الأمر ينطوي على العديد من الإشكالات لعل أبرزها طبيعة الفرد المدني و مقوماته المعرفية والثقافية، وهذا الإشكال يحيل بالضرورة على طبيعة المعايير والمقاييس التي تضبط الانتماء إلى قوى المجتمع المدني (34)

أما الإشكال الذي يبدو أكثر استعصاء فهو الذي يتعلق بمكونات المجتمع المدني ومدى مدنيتها، فإذا سلمنا بمقولة ممارسة السياسة في المغرب انطلاقا من مرجعية القبيلة أو من علاقة الشيخ بالمريد، فإن المجتمع المدني لا زال بعيداً عن صيغة تعاقدية واضحة ذات مشروع متكامل قائم على أساس التعاقد المدني .

و تحت وطأة كل هذه الإشكالات لا زال الفرد المغربي بمفهومه ومضمونه يراوح مكانه ولا يغادره بعيداً عن الاكراهات والضرورات المرتبطة بفترات الانتقال، فإلى حدود اللحظة يفتقر هذا المفهوم إلى معنى واضح و إلى صفة معينة تميزه، كل ما هنالك خصائص وملامح عامة أكثر من هوية حضارية منسجمة و مندغمة، و ليست عرقية أو قبلية أو دينية .

أما ما تعلق بالأطراف الثلاثة، الدولة والأحزاب والمجتمع المدني، فلم تتخلص بعد من ما يمكن أن نسميه " بنظرية " التفوق في غياب ثقافة التعاقد والتشارك، فالدولة تنطلق من سيادتها القائمة على العنف المشروع بعيداً عن سلطة وثقافة المؤسسات، وما قد يلحق هذه الإوالية من شطط في التوظيف و الاستعمال، و يطال الأحزاب الهاجس نفسه من خلال سيطرة نزعة التفوق السياسي .

ويظل المجتمع المدني يقدم نفسه باعتباره البديل عن المجتمع السياسي وعن سلطة الدولة وهذا ما يضعف الأحزاب والدولة في الآن ذاته ، فتتبدد المجهودات والطاقات لصالح منطق الأقوى، و في كل ذلك يغيب التسامي عن الانتماء المرجعي لصالح المواطنة التي هي فوق الأصول و المرجعيات .

لم تكن المحاولة التي أقدمنا عليها إلا رغبة في متابعة ظاهرة المجتمع المدني في المغرب بتجلياتها التاريخية، و كنا نستبطن في قرارة أنفسنا أننا لا نحاكم طرفاً على آخر، بقدر ما أننا حاولنا أن نقيم موضوعيا هذه التجربة مع إيماننا العميق بحسن النيات التي ترافق هذا المشروع الطموح في الصيغة المتعارف عليها حاليا ، فالقصد كل القصد المحاولة في البناء انطلاقا من المتابعة و المساءلة النقدية بعيدا عن المحاكمة .

الهوامش:

[1] كلاوس أوفه ، المجتمع المدني و النظام الاجتماعي ، مجلة الثقافة العالمية ، ع 107، 2001، ص 57.[1]

سعيد بنسعيد العلوي ،المثقف العربي و استراتيجيات التنمية ، مجلة الوحدة ، س 6، ع 66، 1990، ص 82.[2]

كريشان كومار ،حول مصطلح المجتمع المدني ، مجلة الثقافة العالمية ، ع 10، 2001، ص 36.[3]

محمد أحمد بنيس ،المجتمع المدني العربي و التباسات التأصيل ، مجلة وجهة نظر ، س2، ع 7، 2000، ص 14.[4]

عمر البرنوصي ،مفهوم المجتمع المدني ، مجلة فكر و نقد ، س 4، ع 37، 2001، ص 23.[5]

نفسه ص 30.[6]

نفسه ، ص 31.[7]

حميد العموري ، المجتمع المدني في المغرب ،مجلة وجهة نظر، س 2 ، ع 7، 2000، ص 6.[8]

كريشان كومار ،المرجع السابق، ص 38.[9]

عمر البرنوصي ،المرجع السابق، ص 24.[10]

نفسه ، ص 25.[11]

كريشان كومار ،المرجع السابق ، ص 38.[12]

عمر البرنوصي ،المرجع السابق ، ص 27.[13]

كريشان كومار ،المرجع السابق ، ص 39.[14]

عمر البرنوصي ، المرجع السابق ،ص 23.[15]

فالح عبد الجبار ،الديمقراطية المستحيلة ....الديمقراطية الممكنة ، مجلة الفكر التقدمي ، ع 12، 1990، ص 34.[16]

محمد سليمان ،المجتمع المدني و الدولة في الوطن العربي ، مجلة الطريق ، ع2ـ3،1995، ص 153.[17]

كومار كريشان ،المرجع السابق ، ص 40.[18]

سعيد بنسعيد العلوي ، المرجع السابق، ص 82.[19]

محمد سليمان ، المرجع السابق ، ص 152.[20]

سعيد بنسعيد العلوي ،المرجع السابق، ص 83.[21]

محمد أركون ،بعض مهام المثقف العربي اليوم ، ترجمة هاشم صالح ، مجلة الوحدة ، س6، ع 66، 1990، ص 12 . [22]

محسن خوخو ،الانتقال الديمقراطي في المغرب ، مجلة فكر و نقد ، س5 ، ع 47، 2002، ص 23.[23]

منتصر حمادة ،أي نخبة دينية لأي مجتمع مدني المغرب؟ مجلة وجهة نظر، س2، ع 7، 2000، ص 15.[24]

نفسه ، ص 15.[25]

توفيق بوعشرين ،محنة المجتمع المدني في المغرب ، مجلة وجهة نظر ، س 2 ، ع 7، 2000 ص 3.[26]

عبد الرحيم العطري ، صناعة النخبة ، دفاتر و جهة نظر ـ 9 ـ ، ط 1، 2006،ص 139ـ140، هامش 147. [27]

توفيق بوعشرين ،المرجع السابق ، ص 4.[28]

حميد العموري ،المجتمع المدني في المغرب ، مجلة وجهة نظر ، س2، ع 7 ، 2000، ص 6.[29]

منتصر حمادة ،المرجع السابق ، ص 12ـ13 .[30]

مراد كاسوحة ،المثقف العربي...الواقع و الطموح ، مجلة الوحدة ، س6،ع 66، 1990، ص 91.[31]

إذا ما تتبعنا المشهد التلفزي المغربي نلاحظ طغيان الجانب الترفيهي و السهرات و المسابقات من خلال العديد من الأسماء التي أصبح ظهورها[32]

مألوفا على حساب القيم المعرفية و الثقافية التي بإمكانها تثوير الوعي و رفع مستوى التحدي الحضاري دون التفريط في القيمة الفنية للمجتمع .

حميد العموري ،المرجع السابق ، ص 6.[33]

نفسه ، ص 7.[34]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجتمع المدني دراسة في إشكالية المفهوم    المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Emptyالثلاثاء أبريل 14, 2015 11:18 pm

ويخص المستوى الثالث المجتمع المدني والإشكالات المرتبطة به، فعلى الرغم من المكتسبات التي حققها والأهداف التي يروم تحقيقها خاصة تحديث المؤسسات ودمقرطة النظام و تقنين العلاقات بين الدولة و المجتمع و اكتساح مجالات جديدة كانت محظورة (33) ، الأكثر من هذا تحقيق الاستقلالية عن الفاعلين السياسيين بتأسيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان في دجنبر 1988 ، و آخرها دسترة المجتمع المدني في دستور سنة 2011م ، فإن الأمر ينطوي على العديد من الإشكالات لعل أبرزها طبيعة الفرد المدني و مقوماته المعرفية والثقافية، وهذا الإشكال يحيل بالضرورة على طبيعة المعايير والمقاييس التي تضبط الانتماء إلى قوى المجتمع المدني (34)

أما الإشكال الذي يبدو أكثر استعصاء فهو الذي يتعلق بمكونات المجتمع المدني ومدى مدنيتها، فإذا سلمنا بمقولة ممارسة السياسة في المغرب انطلاقا من مرجعية القبيلة أو من علاقة الشيخ بالمريد، فإن المجتمع المدني لا زال بعيداً عن صيغة تعاقدية واضحة ذات مشروع متكامل قائم على أساس التعاقد المدني .

و تحت وطأة كل هذه الإشكالات لا زال الفرد المغربي بمفهومه ومضمونه يراوح مكانه ولا يغادره بعيداً عن الاكراهات والضرورات المرتبطة بفترات الانتقال، فإلى حدود اللحظة يفتقر هذا المفهوم إلى معنى واضح و إلى صفة معينة تميزه، كل ما هنالك خصائص وملامح عامة أكثر من هوية حضارية منسجمة و مندغمة، و ليست عرقية أو قبلية أو دينية .

أما ما تعلق بالأطراف الثلاثة، الدولة والأحزاب والمجتمع المدني، فلم تتخلص بعد من ما يمكن أن نسميه " بنظرية " التفوق في غياب ثقافة التعاقد والتشارك، فالدولة تنطلق من سيادتها القائمة على العنف المشروع بعيداً عن سلطة وثقافة المؤسسات، وما قد يلحق هذه الإوالية من شطط في التوظيف و الاستعمال، و يطال الأحزاب الهاجس نفسه من خلال سيطرة نزعة التفوق السياسي .

ويظل المجتمع المدني يقدم نفسه باعتباره البديل عن المجتمع السياسي وعن سلطة الدولة وهذا ما يضعف الأحزاب والدولة في الآن ذاته ، فتتبدد المجهودات والطاقات لصالح منطق الأقوى، و في كل ذلك يغيب التسامي عن الانتماء المرجعي لصالح المواطنة التي هي فوق الأصول و المرجعيات .

لم تكن المحاولة التي أقدمنا عليها إلا رغبة في متابعة ظاهرة المجتمع المدني في المغرب بتجلياتها التاريخية، و كنا نستبطن في قرارة أنفسنا أننا لا نحاكم طرفاً على آخر، بقدر ما أننا حاولنا أن نقيم موضوعيا هذه التجربة مع إيماننا العميق بحسن النيات التي ترافق هذا المشروع الطموح في الصيغة المتعارف عليها حاليا ، فالقصد كل القصد المحاولة في البناء انطلاقا من المتابعة و المساءلة النقدية بعيدا عن المحاكمة .

الهوامش:

[1] كلاوس أوفه ، المجتمع المدني و النظام الاجتماعي ، مجلة الثقافة العالمية ، ع 107، 2001، ص 57.[1]

سعيد بنسعيد العلوي ،المثقف العربي و استراتيجيات التنمية ، مجلة الوحدة ، س 6، ع 66، 1990، ص 82.[2]

كريشان كومار ،حول مصطلح المجتمع المدني ، مجلة الثقافة العالمية ، ع 10، 2001، ص 36.[3]

محمد أحمد بنيس ،المجتمع المدني العربي و التباسات التأصيل ، مجلة وجهة نظر ، س2، ع 7، 2000، ص 14.[4]

عمر البرنوصي ،مفهوم المجتمع المدني ، مجلة فكر و نقد ، س 4، ع 37، 2001، ص 23.[5]

نفسه ص 30.[6]

نفسه ، ص 31.[7]

حميد العموري ، المجتمع المدني في المغرب ،مجلة وجهة نظر، س 2 ، ع 7، 2000، ص 6.[8]

كريشان كومار ،المرجع السابق، ص 38.[9]

عمر البرنوصي ،المرجع السابق، ص 24.[10]

نفسه ، ص 25.[11]

كريشان كومار ،المرجع السابق ، ص 38.[12]

عمر البرنوصي ،المرجع السابق ، ص 27.[13]

كريشان كومار ،المرجع السابق ، ص 39.[14]

عمر البرنوصي ، المرجع السابق ،ص 23.[15]

فالح عبد الجبار ،الديمقراطية المستحيلة ....الديمقراطية الممكنة ، مجلة الفكر التقدمي ، ع 12، 1990، ص 34.[16]

محمد سليمان ،المجتمع المدني و الدولة في الوطن العربي ، مجلة الطريق ، ع2ـ3،1995، ص 153.[17]

كومار كريشان ،المرجع السابق ، ص 40.[18]

سعيد بنسعيد العلوي ، المرجع السابق، ص 82.[19]

محمد سليمان ، المرجع السابق ، ص 152.[20]

سعيد بنسعيد العلوي ،المرجع السابق، ص 83.[21]

محمد أركون ،بعض مهام المثقف العربي اليوم ، ترجمة هاشم صالح ، مجلة الوحدة ، س6، ع 66، 1990، ص 12 . [22]

محسن خوخو ،الانتقال الديمقراطي في المغرب ، مجلة فكر و نقد ، س5 ، ع 47، 2002، ص 23.[23]

منتصر حمادة ،أي نخبة دينية لأي مجتمع مدني المغرب؟ مجلة وجهة نظر، س2، ع 7، 2000، ص 15.[24]

نفسه ، ص 15.[25]

توفيق بوعشرين ،محنة المجتمع المدني في المغرب ، مجلة وجهة نظر ، س 2 ، ع 7، 2000 ص 3.[26]

عبد الرحيم العطري ، صناعة النخبة ، دفاتر و جهة نظر ـ 9 ـ ، ط 1، 2006،ص 139ـ140، هامش 147. [27]

توفيق بوعشرين ،المرجع السابق ، ص 4.[28]

حميد العموري ،المجتمع المدني في المغرب ، مجلة وجهة نظر ، س2، ع 7 ، 2000، ص 6.[29]

منتصر حمادة ،المرجع السابق ، ص 12ـ13 .[30]

مراد كاسوحة ،المثقف العربي...الواقع و الطموح ، مجلة الوحدة ، س6،ع 66، 1990، ص 91.[31]

إذا ما تتبعنا المشهد التلفزي المغربي نلاحظ طغيان الجانب الترفيهي و السهرات و المسابقات من خلال العديد من الأسماء التي أصبح ظهورها[32]

مألوفا على حساب القيم المعرفية و الثقافية التي بإمكانها تثوير الوعي و رفع مستوى التحدي الحضاري دون التفريط في القيمة الفنية للمجتمع .

حميد العموري ،المرجع السابق ، ص 6.[33]

نفسه ، ص 7.[34]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجتمع المدني دراسة في إشكالية المفهوم    المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Emptyالثلاثاء أبريل 14, 2015 11:19 pm

المجتمع المدني والتنمية: أية علاقة؟



د.حافظ عبد الرحيم


التقديم:
يسجّل العالم منذ عقود ذيوعا متزايدا لعبارة المجتمع المدني، وذلك حتى في أكثر المواقع اختلافا وتباينا إلى حدّ المفارقة، بدءا من الأحزاب السياسية وصولا إلى جمعيات "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".
ولئن كان الإرث النظري المتعلق بالمجتمع المدني واسعا فإن إرث الممارسة في هذا المضمار بقي منحصرا في مجالات ضيّقة إلى حدود عقد الثمانينات حيث سيستعيد العالم شرعية الحديث عن هذا المفهوم وينمّي من اهتمامه به والسعي إلى توظيفه في حقول شتى (حقل الفعل السياسي، الحقل الأكاديمي، الإعلامي..). لقد بات من المعلوم أنه في سياق العولمة المقترن بمسار تملص الدولة من التزاماتها Le désengagement de l'Etat انتشر الحديث عن شرعية استعاضة المجتمع المدني عن الدولة ليحل محلها في عمليات البناء والتنمية.
ولكن مهما تكن درجة واقعية ونجاعة هذا الاختيار فإنه يبقى متأكدا عدم خلوّ هذا الاختيار من خلفيات إيديولوجية وصراعات اجتماعية على طرفيْ نقيض ورهانات على درجة من التنوّع إلى جانب التمثلات والانتظارات وحتى المصالح الفئوية- الذاتية لحَمَـلة كل خطاب وفاعليه الميدانيين. وفي رأينا فإنّ السؤال المحوري الذي يطرح نفسه على المستوى السوسيولوجي هو هل أن تداول هذا المفهوم عربيا يحيل إلى "واقع اجتماعي" وإلى نمط من العلاقات الاجتماعية الفعلية القابلة للملاحظة والتي تعكس نقلة نوعية في الوعي وبالتالي في الممارسة؟ وهل أن تداول منطوق "المجتمع المدني" يحيل إلى مفهوم محدّد قابل للدراسة السوسيو-سياسية أي يحيل إلى قاع نظري ومجال معرفي معيّن؟...
ما ترومه هذه الورقة فقط أن تطرح الأسس النظرية لإشكالية تسمح بإثراء فهمنا للفعل الاجتماعي في مستوى دوافعه الداخلية والآليات المحرّكة له على مستويين هما في الظاهر متباعدان إلا أنهما في جوهرهما متعضّيان: - المجتمع المدني الذي غالبا ما يحيل إلى جملة التمثلات السياسية أو المسيّسة للحقوق الأساسية لكل مواطن، وبالتالي لنمط علاقة الدولة بالمجتمع.
- التنمية التي تحيل في الظاهر إلى مجال الفعل الاقتصادي المعلوم، لكنها في عمقها يتداخل فيها الاجتماعي مع الاقتصادي والثقافي والسياسي الايديولوجي.
وبناء عليه سوف ينحصر عملنا في عنصريْن أساسييّن إذ سنعمد في عنصر أول إلى طرح إشكالية تحديد المفهوم بين الفكر الغربي وفكر الدولة النامية الحديثة العهد بالاستقلال مستحضرين في ذلك الموجّهات الإيديولوجية التي صاحبت نشأة المفهوم وتطوّره نظرية وممارسة في كلا الحقلين. أما في العنصر الثاني فسيكون هاجس الورقة تناول طبيعة العلاقة بين المجتمع المدني والتنمية للبرهنة على تعضّي المكوّنيْن في شتى المستويات المذكورة آنفا.
المجتمع المدني إشكالية تحديد المفهوم:
في مختلف الأدبيات المعتنية بالموضوع ذات التوجهات النظرية المتنوعة إلى حدّ التناقض، يعدّ التمييز بين المجتمع المدني والمجتمع السياسي تمييزا ذا بال بدءا من المقاربة الليبرالية وصولا إلى المقاربات ذات الخلفيات النظرية الماركسية ( 1) .
فنحن نقف في إطار المجتمع المدني على جملة المؤسسات التي تسمّى تداولا مؤسسات خاصة لا بالمعنى الفردي بل بالمعنى القطاعي من حيث هي مجالات فعل. ويكون هذا المجتمع المدني نتاجا خصوصيّا مرتبطا بآليات اقتصادية وسياسية تتميز بالحرية، بما يحوّل المجتمع ككل إلى فضاء مواطنة وحرّيات قائم أساسا على المشاركة الفاعلة في شتى الـمجالات، ولا تتأتى فعالية هذه المشاركة إلا عبر ترسيخ(تربية) سلوك ديمقراطي، وهو ما أشار إليه علي أومليل الذي ربط بين وجود المجتمع المدني وتوفر سلوك ديمقراطي مع ضرورة تحقق نمو اقتصادي واجتماعي يتميّز باستقلاليته عن القوى الخارجية ( 2).
أما المجتمع السياسي فمضمونه الوظيفة القيادية التي تعبّر عنها الدولة أو الحكومة القانونية( 3) المستعملة للإكراه من أجل المحافظة على النظام، إلا أنّ درجة الإكراه تتغيّر تبعا لطبيعة العلاقة بين المجتمع المدني والمجتمع السياسي أي حسب أهمية المجتمع المدني وفعاليته، فإذا كان هذا المجتمع نشيطا وفاعلا يتجسّد الإكراه من خلال الهيمنة السياسية ذات الشرعية القانونية أما إذا كان ضعيفا غير فاعل فإن الإكراه يتجسّد من خلال وسائل مادية من مثل العمل العسكري.
وبناء عليه تغدو العلاقة عضوية بين المجتمعيْن وتتغيّر تبعا للأوضاع التاريخية ولفعل المثقفين. ولا شك أن الفضل في التمييز بين المجتمعيْن السياسي والمدني يعود أساسا إلى هيغل الذي اعتبر أن المجتمع المدني ليس هو الدولة إلا أنه وبشكل مفارق لا يمكن أن يتجسّد إلا من خلالها. فالعلاقة بينهما علاقة وحدة معقدة من الصراع والتكامل. إنه مجتمع يقترن عند هيغل بدلالات الفردانية والضرورة ويحيل إلى جملة التجمّعات المهنية والحرفية والأسرية الضيّقة التي ليس بإمكانها تحقيق حريتها وإرادتها إلا في ظلّ دولة راعية مطلقة تحميها. فمن المعلوم أنّ هيغل قد نظر إلى المجتمع في توزّعه إلى دوائر ثلاث لكلّ دائرة خاصيتها المميّزة والمعيار الذي يحكمها، فدائرة العائلة محكومة بقيمة الحبّ الذي يشدّ أفرادها بعضهم إلى بعض. أمّا دائرة المجتمع المدني فتسود داخلها قيمة التنافس الاقتصادي بين أفراد متباعدين. في حين أن دائرة المجتمع السياسي(الدولة) محكومة بقيم العقلانية التي توجّه سلوك الأفراد. لكنّ الأهم هو أن هيغل نظر إلي المجتمع المدني باعتباره "وحدة عاجزة" تحتاج بشكل مستمرّ إلى الرقابة من قِبَلِ الدولة ذات "اليد الطولى".
ولئن تبنّى ماركس التعريف الهيغلي للمجتمع المدني فإنّ نمط العلاقة بين المجتمع المدني والدولة بدا مغايرا في تصوّر ماركس. وربّما يعود ذلك في المقام الأول إلى الحضور المكثف لمفهوم الصراع الطبقي الذي هيمن على التحليل السوسيوتاريخي للماركسية بحيث "همّش الصّراعُ الطبقيُّ مفهومَ المجتمعِ المدنيِّ". لكن الأهم في سياق هذه المساهمات تبقى مساهمة الإيطالي GRAMSCI-A الذي فضّل القفز فوق الفكر الماركسي والعودة إلى هيغل مباشرة. فاعتبر أن المجتمع المدني يمثل مجالا يضمّ في إطاره المؤسسات الخاصة والحرّة من مثل المدارس والكنائس والنقابات... وتضمّ الدولة هذا "الجسم الشبحي"، إلى جانب كونها جهاز قمع، مؤسسات متنوعة تفصح عبرها الدولة عن وجودها وهي مؤسسات تتمتع بهامش من الحرية وتساهم في تكريس الايديولوجيا السائدة ثقافيا وسياسيا واقتصاديا... بحيث تنجح هذه الدولة في ممارسة هيمنتها الإيديولوجية والسياسية( 4)، ذلك أن الدولة حسب التصوّر الهيغلي هي فكرة مدنية تعاقدية( 5) قائمة على مؤسسات هي مؤسسات المجتمع المدني الذي يعدّ بمثابة الرحم الملائم لتنمية النخب والكفاءات.
وبالخلاصة فإن المجتمع المدني يمثل المضمون الأخلاقي للدولة. وهو نمط من التنظيم يميل إلى التعدّد وفي إطاره تتحقق دينامية الخلق والتغيير في المجتمعات( 6). ومن هنا يكون غرامشي قد أحيا المفهوم وخلع عليه مضامين من جنس التحوّلات التي يشهدها المجتمع الليبرالي أين يقوم تناقض جلي بين قيم الفردانية في إطار اقتصاد السوق وبين القيم الجماعية لأي أمة. فتقوم الرغبة في التوفيق بين النمطيْن من القيم على الهيئة التي تحدّد نمط العلاقة بين المجتمع المدني والدولة.
كما تستوقفنا في هذا السياق مساهمة المفكر والديبلوماسي الفرنسي TOCQUEVILLE الذي أعْجِبَ إلى حدّ الافتتان بالقدرات الواسعة للمجتمع الأمريكي على خلق الجمعيات في مختلف مناحي الحياة. فلقد تبيّن لـ TOCQUEVILLE أن الأمريكيين يتفنّنون في بعث الجمعيات التي تلعب دور الإطار
الذي يسمح بالتعاضد بين الناس من أجل تحقيق أهداف مشتركة على خلاف الفرنسيين مثلا الذين ينتظرون تدخّل الدولة لتحقيق هذه الأهداف أو الأنكليز الذين ينتظرون تدخّل الرّجل الإقطاعيّ من أجل الأهداف نفسها. فالجمعيات، طبقا لما لاحظه ودوّنه TOCQUEVILLE في مؤلفه الضخم المذكور،هي إطار الفعل والمبادرة حتى الثقافية والأخلاقية، حيث يؤكد في هذا المضمار أنّ فنّ إنشاء الجمعيات في البلدان الديمقراطية هو أب التقدّم، إذ أن التقدّم في كلّ المجالات منوط به. فالبلدان الأكثر ديمقراطية هي البلدان التي يجيد فيها الناس فنّ السعي الجماعي نحو تحقيق الرغبات المشتركة على اعتبار وجود علاقة تلازم بين الجمعيات والمساواة كما يؤكد TOCQUEVILLE ( 7). لا بل إن هذا الأخير يذهب أكثر من ذلك حين يعتبر أن فنّ الانتظام ضمن الجمعيات مؤشر تحضّر وأنه فنّ يتنامى بالتوازي مع تنامي شروط المساواة( 8) وأن كل تقدّم في أي مجال هو رهين دفع العمل الجمعياتي( 9).
وبحثا عن المبرّرات الموضوعية التي يمكن أن تساهم في تفسير هذا النزوع نحو الإعجاب بالممارسة الجمعياتية داخل هذا المجتمع وجدها TOCQUEVILLE في آثار الثورة الديمقراطية وما أرسته من تعلـّق بالمساواة ورفض نزوعات الهيمنة لدى الدولة ومنع الناس من ممارسة حرّياتهم. فبعث الجمعيات الفاعلة تمثل إحدى الآليات الضرورية، إلى جانب مبدإ الفصل بين السلط كما أكد عليه مونتسكيو طبعا،التي تمنع الدولة من ممارسة تجاوزات في حق المواطن وحرّياته. فللحدّ من مطلقية سلطة ما لا بدّ من وجود سلطة مكافئة لها.
وبالخلاصة فإنه لا يختلف المفكرون في أن مفهوم المجتمع المدني في المجال الغربي قد نشأ وتطوّر عبر سيرورة من المراكمات المعرفية والرهانات السياسية والصراعات الاجتماعية وحتى التحوّلات الإيديولوجية. فلقد اعتبر عبد الباقي الهرماسي أن استعادة تداول مفهوم المجتمع المدني في القرن العشرين إنما يعود إلى عوامل متداخلة صنّفها كالآتي:
الإخفاق الذي مرّت به دولة الرّفاه بكامل خصائصها التي تحدّث عنها كينز وتلاميذه.
بروز الحركات الاجتماعية التي أحيت من جديد التنافس بين مكوّنات المجتمع سعيا نحو إرساء قِيَمٍ جديدة، وإحداث حركية داخل مؤسسات المجتمع: الحركات الطلابية، والنقابية، والنسوية.
تأثير التحوّلات التي شهدتها آنذاك الكتلة الاشتراكية على المجتمع المدني قوّةً وضعفًا بشكل سيخلخل الدولة الكليانية( 10).
لكن مع بداية الثمانينات شهد مفهوم المجتمع المدني تحوّلات جوهرية وذلك في سياق التغيّرات العالمية خلال العشريتيْن الأخيرتيْن من القرن العشرين وخاصة مع صعود نجم حركة "تضامن" ببولونيا. إثرها مباشرة سوف يتمّ تبنّي هذا المفهوم خلال المداولات العالمية المتعلقة بالتنمية المستديمة ودمقرطة المجتمعات والمناداة بمزيد مشاركة الفاعلين المستفيدين Acteurs-bénéficiaires في جهود التنمية. ومع صدور التقرير العالمي للتنمية (البنك العالمي1987) تمّ تبنّي المقاربة التشاركية واعتبار المجتمع المدني(خاصة المنظمات غير الحكومية N.G.O ) طرفا. فغدت العملة الرّائجة في أنشطة جميع منظمات التنمية سواء الحكومية أو الخاصة أو العالمية. فمن المعلوم أن التغيّرات الأكثر كثافة في أوروبا الشرقية حصلت من خلال التحوّل من القطاع العمومي والحكومي الشامل نحو ما سُمّي بالعمومي-الخاص والحكومي- الجماعي. ومن هذا المنطلق توسّع مجال فعل المجتمع المدني وهامشه في المبادرة والمشاركة في التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. لقد غدت التنمية شأنا جماعيا. لكن لا بدّ من الإقرار في هذا السياق بحضور التأثير الايديولوجي للمنظومة الغربية الداعية إلى الخوصصة خاصة خلال مرحلة حكومتيْ ريغن- تاتشر على امتداد عقد الثمانينات كاملا (1979- 1990). وهو ما يسمح بالقول بأن المفهوم قد اكتسب داخل المنظومة الليبرالية دلالات جديدة أكثر تنوّعا وربّما حتى مرونة بالنظر إلى تخليه عن البعد السياسي في درجاته العليا وبعده الآحادي القائم على التقابل سلطة/ سلطة مضادّة لينوّع من مجالات فعله داخل أنساق اجتماعية وثقافية متنوّعة كانت مبتلعة من قبل الدولة بما هي "أفعى متعدّدة الرؤوس" تمارس رقابة على المادي كما على الرمزي في آن. سيتمّ التخلي إذن عن منطق دولنة المجتمع لصالح نمط مجتمعي تعدّد فيه أقطاب الفعل وتجدّد أساليب العمل داخل حقول خصبة من قضايا المرأة والبيئة وحقوق الإنسان والطفل والتنوّع الثقافي... في تفاعل أقرب إلى الندّية مع الحقل السياسي. فكأنّما المدني غدا على حدّ عبارة عالم الاجتماع الفرنسي Alain TOURAINE رديفا للمجتمعي. إذن في هذا السياق النظري يجوز لنا أن نتساءل عن طبيعة العلاقة بين المجتمع المدني والمجتمع السياسي تبعا لأوضاع تاريخية متغيرة في إطار التجربة العربية عامة( 11) ثم تجربة تونس في البناء الوطني على وجه التخصيص.
لقد حاول وجيه كوثراني( 12) ترصّد التجسيدات المؤكدة في ثنايا التجربة العربية الإسلامية في
الحكم وحتى خلال الممارسة اليومية لوجود مجتمع مدني أو علامات دالة عليه فانتبه إلى ما يسمّى في إطار التجربة العربية بمؤسسات المجتمع الأهلي التي بدت لوجيه كوثراني متمتعة بهامش واسع من الاستقلال عن الدولة والأهم حسب الباحث أنها استقلالية تضفي على هذه المؤسسات الإيجابية والدينامية الضروريتيْن رغم تسلطية الدولة السلطانية. ويربط كوثراني هذه المؤسسات ووجودها ونمط اشتغالها بأشكال التنظيم الاجتماعي المهني داخل المدينة العربية الإسلامية حيث نظام الحرف والأسواق وشيوخ الطوائف وسلطة رجال الصوفية وذوو السلطان الروحي عامة ومؤسسات الخدمة الاجتماعية والعلمية وخاصة مؤسسة الوقف.
لكن وفي سياق جدلي يمكن أن نستحضر هنا مساهمة الأستاذ الطاهر لبيب( 13)، حيث يقرّ صراحة بصعوبة الحديث ولو في الحد الأدني عن نواة لـنـشأة مجتـمع مدني عربي إسلامي مؤكـّـدا أنّ ( مفهوم المجتمع المدني عندنا بلا تاريخ « ( 14). فكيف نبحث عن » مجتمع مدني في مجتمع ما قبل مدني ) ( 15). وهذا ما جعل الباحث يحترز على شرعية الإقرار بوجوده في إطار تجربتنا العربية الإسلامية في الممارسة السياسية حيث يهيمن ما سمّاه بـ"براديغم الطاعة"، رغم أن مرحلة الاستعمار تبدو كما لو أنها أتاحت لأول مرّة فرصة ظهور مجتمع مدني في مواجهة السلطة لكنّه مستقطب بهدف تحقيق التحرّر الوطني لا بهدف الحرّية المدنية... إنّه في مواجهة السلطة الحاكمة باعتبارها دولة استعمارية بحيث قامت قطيعة واستمرّت ذهنيّا بين المجتمع المدني والدولة، أي أن العلاقة كانت قائمة على الإقصاء المتبادل حتى اليوم، إنّه(المجتمع المدني) » فضاء الضدّية المقصاة « ، بحيث لم تنشأْ علاقة صراعية جدلية بينه وبين السلطة بل قامت مسافة فراغية على حدّ عبارة الطاهر لبيب ذاته( 16). لذا ستبدو أزمة المجتمع المدني العربي حسب السيد ياسين أزمة ثقافية بالأساس تجد ترسّباتها المفسّرة في أزمة الشرعية وأزمة الهوية وأزمة العقلانية داخل دولة تسلطية ناشئة( 17). وضمن هذا الحديث العربي عن المجتمع المدني يبرز الحديث في ما يرى علي الكنز( 18) عن "اندحار الإعجاب بالدولة" لـ"صالح التجربة الاجتماعية وللفاعلين الجدد" بعد أن تراجعت الدولة الوطنية عن موقع الصدارة في الفعل نظرا لما منيت به من إخفاقات واهتزاز للشرعية لصالح فاعلين جدد من مثل الشباب من المتعلمين الجدد والمرأة التي دخلت مجال العمل المأجور واهتزاز ثقافة الآحادية (الحزب الواحد، الأيديولوجيا الوحيدة،التنظيم الآحادي...). لذا سيحاول الحقوقي المغربي عبد الله ساعف( 19) أن يشخّص العوائق التي حالت وتحول دون قيام مجتمع مدني عربي والتي يمكن اختزالها، إذا ما أجزنا لأنفسنا ذلك، في كونها عوائق مؤسسية وعوائق ثقافية نفسية سلوكية. فالدولة بما هي مؤسسة المؤسسات بدت لعبد الله ساعف قد احتلت المشهد السياسي خطابا وممارسة وتتكفل بكل المهمات باعتبارها الفاعل المحوري الوحيد الذي لا يضاهيه فاعل والذي يعتبر نفسه الوحيد القادر على التعبير على تطلعات الناس، فكانت دولنة Etatisation المجتمع لا بل حتى أزلمته Clientélisation في حين أن مؤسسات الوساطة بين الدولة والمجتمع بدت غائبة أو تكاد. أما ثقافيا ونفسيا فإن الثقافة السياسية السائدة ونزعات الأشخاص الفاعلين من خلال نمط الفعل الذي "يختارونه" تساهم جميعها في عرقلة المجتمع وإعاقته عن ممارسة فعله الحرّ. فطرح مسألة المجتمع المدني جاء في سياق ما تزال فيه الدولة مصرّة على التمسّك بالهامش الأوسع من مجال الفعل رغم أنّها وبشكل مفارق تعترف بشرعية التعددية السياسية. لكنّ الممارسة تصرّ على مخاتلة الخطاب، على خلفية أولوية بناء دولة عصرية قادرة على إنجاز كل الانتظارات أي تلك الدولة التي سيسمّيها CAMAU لاحقا بـ"الدولة الترجّى"( 20) التي قامت على دعوة ضمنية للتنازل والتضحية بالديمقراطية السياسية في مقابل الالتزام بتحقيق الرّفاه للجميع حتى وإن تجاوز قدراتها الواقعية.
يمكن القول إجمالا إن المرحلة الأولى من البناء الوطني تأسست أولا على توجّه يقوم على المزج-الانسجام(الاندغام) بين الحزب والدولة بمختلف هياكلها ومؤسساتها، أي أنها مرحلة قامت أساسا على هيمنة المجتمع السياسي على المجتمع المدني. والمسوّغ في ذلك أن مقاومة التخلف والتخلّص من مخلفات الاستعمار وبناء أمة جديدة يقتضي أوّلا رصّ الصفوف ولَـمَّ الشّمل وتجاوز الاختلافات "التي تُـذْهِبُ ريح الأمة" فلا بد من التعبئة الشاملة والاستنفار. إنها دولة نهضت على إيديولوجيا التوحّد والتجميع في مقابل التعدّد والتنوّع بما أدّى إلى ابتلاع المجتمع المدني من قبل الدولة التي تسعى إلى ترسيخ شرعية وجودها الحديث العهد بشكل انتهى بها إلى ابتلاع ما يسمّى في علم الاجتماع السياسي بالمجال العام Espace public ، على اعتبار حضورها الطاغي الذي تربطه علاقة طردية مع الحق في المبادرة في شتى مستوياتها. فالحضور المكثّف للدولة يكبح من استقلالية الحركات الاجتماعية وحقها في التنظم والمبادرة والمناورة والمشاركة الفاعلة في مجالات العمل الاقتصادي والثقافي والسياسي عبر تأطير الفئات الاجتماعية.
هذا الخطاب خلق خلال السنوات الأولى من الاستقلال نخبة متجانسة مدفوعة بالشحنة التي أفرزها حدث الاستقلال والتحمّس لبناء أمة عصرية مضاهية لأمم "العدّو" بشكل يعبّر عن رغبة في تعميق الشعور بلذة الانتصار. إنّه توجّه تجميعي سيتعمّق مع السنين ليعطّل عملية انفتاح الحزب ثم تباعا انفتاح باقي أجهزة الدولة على مكونات المجتمع المدني( 21)، خاصة وأن الحزب لن يـنجح في معالجة ما سمّاه الباحث الأمريكي ASHFORD بالاختلافات الجيليّة رغم وعْـيِهِ بها وممارسة الإقصاء على بعض أصـناف الفاعلين السياسيين الذين يأبون الانـصياع، بما ينتهي إلى توسيع ما كان قد سمّاه الباحثُ نفسُه بمساحات عدم الرضى.
لذا يمكن القول أنه تواصَـلَ أداء النسق السياسي على النمط السابق، أما الانفتاح فاقتصادي بحتٌ، يقوم على التوجه باقتصاد البلاد نحو التحرّر من رقابة الدولة وتشجيع المبادرة الخاصة والمنافسة مع فتح الأبواب للاستثمارات الأجنبية لتحريك الدورة الاقتصادية وتشغيل اليد العاملة التي تمثل عبئا يرهق كاهل الدولة. إضافة إلى التعويل على فئة التكنوقراط الذين لا تحدوهم أغراض سياسية بعيدا عن "المهاترات الإيديولوجية" بما سيكون منطلقا جديدا لطرح مسألة مدى توافق تطور المؤسسات مع نمو المجتمع المدني أي تخلص المجتمع المدني، من هيمنة المجتمع السياسي تدريجيا( 22).
وفي واقع الحال فقد أدى الاحتكار لحق الممارسة السياسية إلى عدم تسْـييس المجتمع المدني أي إلى عدم قيام مؤسسات مؤهلة لاحتواء الممارسة السياسية المتنوّعة والتنافسية النزيهة بين مختلف الأطراف المتواجدة داخل الحقل الاجتماعي. بما سيكون أثره عظيما داخل باقي الهياكل الاجتماعية. لا بل إن النتائج ستكون عكسية ومفارقة إذ سيتم تسْيـيسُ المؤسسات الاجتماعية الموضوعة لغير ذلك في الأصل وخاصة المدرسة، الشركة، الجامع، وحتى مؤسسة الجيش..
في تعضّي المدني مع التنمويّ:
يختلف علماء السياسة والاجتماع حول تحديد دور المجتمع المدني. هل أنّ دور المجتمع المدني ينحصر في إرساء مبدإ المواطنية والدفاع عن المصلحة العامة والحريات العامة وحقوق الإنسان ومصالح الفئات الاجتماعية (المرأة، المهمّشين، الشباب...) وحتى الفئات الفرعية من مثل المدمنين و...؟ أم أنّ دور المجتمع المدني أوسع من ذلك وأكثر تسيّسا على اعتبار أنّه موكول إليه تغيير السياسات في إطار من التنوّع والتعدّد والمشاركة الحرّة حتى تغيير الأنظمة السياسية استنادا إلى أن ماهية المفهوم تحيلنا ضرورة إلى المجتمع في تميّزه عن السلطة أي في مواجهة الدولة. وحينها تأتي على رأس مؤسسات هذا النمط المجتمعي الأحزابُ السياسيةُ داخل السلطة وخارجها. يتأكد في هذا السياق كذلك أنه سواء انحصر دور المجتمع المدني في مجرّد إرساء مبدإ المواطنة الفاعلة والدفاع عن الحقوق والحريات وعن مصالح الفئات الاجتماعية أم كان دورا أكثر تسيّسا من خلال مواجهة الدولة والسعي إلى تغيير السياسات وحتى الأنظمة القائمة أنّ جوهر المدنية يتعضّى مع الرغبات التنموية. وبناء عليه ينهض سؤال أساسي يتعلق بتجليات هذا التعضّي ومبرّراته.
لكن مهما يكن من أمر هذا الاختلاف يبقى الأكيد حسب رأينا أنّ دور المجتمع المدني في جوهره هو دور تنموي. التنمية هنا في معناها الشمولي المتعدّد الأبعاد، من منطلق أن هذا النمط المجتمعي يمثل حقلا للتدبّر الجماعي لسبل حلّ الخلافات وتحقيق المطالب المتنوّعة وتأكيد الهويّات في حال تعدّدها. لقد غدا من البديهيات اليوم القولُ أن السياسة كما الاقتصاد والاجتماع هي مجالات لتصارع المصالح الخاصة، وهو صراع نسبي ومتعدّد المقاييس والمعايير بالنظر إلى الخصوصيات المميّزة لكل مجتمع. لكن إذا كانت غاية النشاط الإنساني في نهاية المطاف هي تنمية الإنسان مطلقا بما هو قيمة في ذاتها، فإنّه يغدو من الشرعي الحديث عن تنمية كلّ إنسان بدون استثناء، ينمّي فيه إمكانياته النفسية وقدراته الجسدية وطاقاته الروحية الظاهرة والكامنة، عبر تثمين القيم الأساسية التي ينشدّ إليها من مثل الحرّية والمساواة والعدالة والتضامن والسلام....
ينطلق مفهوم التنمية اليوم من التسليم بأن الإنسان هو الفاعل الأساسي في دفع مسار التنمية وهو في الآن نفسه غايتها وهدفها النهائي. ويأخذ هذا المفهوم بعدا شموليا بالضرورة. فالفعل التنموي يستهدف في الوقت ذاته هذا الإنسان في وجوده وقيمه وتصوّراته وعلاقاته والبيئة التي يعيش فيها هذا الإنسان نفسه سواء البيئة المادية أو البيئة الاجتماعية. إنها (أعني التنمية) بالخلاصة توزيعٌ عادلٌ للدخل وتأمينٌ للخدمات الأساسية للجميع وتمتع بالرفاه وهي أيضا مشاركة فاعلة لكل فرد من أفراد المجتمع في اتخاذ القرار بالنظر إلى موقعه ودوره في هذا المضمار.
وإنّ توسّع المجتمع المدني واستقلاليته يؤشّران إلى تنامي قدرة المجتمع وجماعاته على الاستمتاع بشكل عادل بإمكانيات البلاد وقيمها على أساس مبدإ المواطنة دون غيره والتحرّك بشكل مستقلّ عن الدولة وأجهزتها التي يتقلّص دورها المهيمن. فالديمقراطية والمشاركة والتنمية ليست فقط عملية تصويت في إطار ممارسة انتخابيّة شكلية، بل هي كلّ ما من شأنه تأمين المشاركة المستمرّة في آليات اتخاذ القرار والتنفيذ ميدانيا. وتفيد معطيات الواقع قيام علاقة طردية بين مستوى النموّ الاقتصادي وأشكال توزيع السلطة وأساليب التسيير. إذ النموّ يتراجع عندما يزداد التباين في الدخل نعم ولكن أيضا عندما يكون هناك نزوع لاحتكار سلطة اتخاذ القرار وعدم ترك هامش كاف لمؤسسات المجتمع للمشاركة في مسارات التنمية تصوّرا وتنفيذا مما يؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي بعد فقدان الثقة. فينخفض الاستثمار ويتباطأ النموّ الاقتصادي على الهيئة نفسها التي كان نبّهنا إليها عبد الرحمان بن خلدون في مقدّمته حين تحليله لأثر كل نمط في علاقة الدولة بالمجتمع على مستوى النمو سواء الاقتصادي أو الاجتماعي أوالسياسي.
لا جدال أن مفهوم التنمية قد تطوّر خلال العقود الأخيرة بحيث ما عاد يُقتصَر في تحديده على المؤشرات التقنية والكمية فقط بل إنه غدا يشمل عديد المؤشرات النوعية الأخرى المتعلقة خاصة بنمط العيش. بمعنى أنه ما عادت مؤشرات الدخل(دخل الفرد) والصحّة(أمل الحياة، وفيات الأطفال والعمر المتوقع عند الولادة...) والتعليم(نسب التمدرس، نسبة الأمية...) هي المعتمدة فقط في قياس التنمية إذ هناك مؤشرات نوعية تعكس الاحتياجات الأساسية للإنسان غدت معتمدة أيضا في هذا القياس، وخاصة تلك المؤشرات المتعلقة بالمشاركة في معناها الواسع اقتصادية كانت أم سياسية أم ثقافية. وبناء عليه لم تعد التنمية، كما يؤكد الأخصّائيون، من مسؤولية الماسكين بزمام السلطة وحدهم، بل أضحت مسؤولية المجتمع بأسره عبر المؤسسات المدنية التي تساهم فعليا في وضع التصوّرات واقتراح سبل التنفيذ وحتى المساهمة في التشريع عبر مشاركة حقيقية وفاعلة. من هذا المنطلق تصبح الشراكة بين مكوّنات المجتمع المدني والمجتمع السياسي شرطا أساسيا لتحقيق أهداف التنمية في ظل واقع اتسعت فيه الهوّة بين القدرة على توفير الخدمات وبين تزايد الاحتياجات خاصة في البلدان النامية، بما يدعو إلى تعزيز المواطنة من أجل الدفاع عن الشأن العامّ (الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية) الذي ما عاد منحصرا في الدولة ومؤسساتها. من منطلق هذا التصوّر تتحوّل الدولة إلى منسّق تحالفات واسعة بين جميع مكوّنات المجتمع وقواه الفاعلة على مستوى المؤسسات المشاركة في العملية التنموية في شتى مستوياتها (جمعيات مدنية، تعاونيات، نقابات، بلديات، مجالس محلية، مؤسسات إعلامية، مراكز دراسات، ...)
ومن ثمّ فإنّ من بين المسؤوليات المطروحة على منظمات المجتمع المدني اليوم هي تطوير ثقافة جديدة قوامها تقديم مشاريع متماسكة وقابلة للتنفيذ والدفاع عن هذه المشاريع سواء داخل الأوساط الحكومية أو في أوساط المجتمع عامة. ويؤكد المهتمّون للموضوع أنه لا يمكن لهذه الشراكة بين الدولة والمجتمع المدني أن تكون حقيقية وفاعلة إلا بتوفّر شروط دنيا أساسية هي:
* الشرعية التي تتمثل في اعتراف السلطة الحاكمة بدور المجتمع المدني وإقرارها بشرعية فعله وحقه في المخالفة والاقتراح.
* الاستقلالية التي تكون على مستويين: مستوى الرؤية والتصوّر للمسألة التنموية وفق الاحتياجات
ثمّ مستوى التنظيم والإدارة وآليات صنع القرار.
* الحق في المحاسبة والمكاشفة وإرساء الشفافية في التوزيع والتبادل والمتابعة والتقييم والتشاور على أساس آليات ممأسسة.
ما يستخلص ممّا سبق أنّ المجتمع المدني هو مجتمع المبادرة, فهو مجتمع يظلّ مفتوحا لعدد كبير من المبادرات التي لا تتطلب احتراف العمل السياسي أو النقابي أو الجمعياتي عامة. وهو في الآن نفسه بناءٌ متمـيّـزٌ عن:
* الدولة بما هي جهاز حكم وتسيير بيروقراطي للمجتمع تسعى إلى احتواء الفعل الاجتماعي ومختلف آلياته.
* البناء الاجتماعي والثقافي التقليدي على اعتبار أن العشيرة أو الطائفة لا يمكن أن ينبني عليها مجتمع مدني بالنظر إلى أن مجالات الفعل والمبادرة في إطار هذه البناءات الاجتماعية محدودة بحدودها وأن أسُسَ الروابط الاجتماعية فيها هي أسسٌ دموية.
وفي واقع الأمر فإنّنا إذا ما حاولنا مساءلة المفهوميْن في تعضّيهما معا (تنمية مع مجتمع مدني) فإنّ ذلك سيحيلنا إلى تركيبة ثلاثية الأطراف حيث التنمية والمجتمع المدني هما الضلعان الأوّلان أما ثالث أضلاع المثلث فهو الروابط الاجتماعية وأشكال التضامن الاجتماعي التي تمثل الخيط الموصل الذي يمكن أن يشكل مرجعية مشتركة بين التنمية والمجتمع المدني. هذه التركيبة الثلاثية تسمح بالعبور نحو فعل جماعي منتج تكون فيه معايير التحكيم مشتركة بين ممارسي التنمية الاقتصادية وبين فاعلي المجتمع المدني.
فالسؤال المحوري يبقى متعلقا بكيفية تمثّلنا للعلاقات التي يمكن أن تقوم، داخل مجال ما للتنمية، بين
تحقيق التنمية الاقتصادية ودعم وجود أدوار في هذا الاتجاه يضطلع بها المجتمع المدني. فالمجتمع المدني في الحقيقة ينزّل فعله ضمن أفق يهدف إلى إضفاء عمق إنساني (أنسنة) على علاقات التبادل بين الناس داخل مجتمع سياسي ما. وتطمح حركية المجتمع المدني إلى تحقيق الرّفاه المعيشي الذي لا يمكن قياسه بالمؤشرات والحصص المعروفة من مثل P.I.B و P.N.B بل بالنظر إلى بعده الجماعي، كما بالنظر إلى تطوير القيم الاجتماعية وتوزيع الثروات المشتركة والتوازنات العلائقية والاجتماعية .
وبناء عليه يغدو لزاما،إذا ما أردنا استجلاء الدور الذي يمكن أن يلعبه المجتمع المدني ضمن سيرورة دفع التنمية الاقتصادية محليا، وطنيا أو حتى عالميا أن نحاول تبيّن مختلف المعاني (في تكاملها كما في تعارضها) التي تعطيها المجتمعات في شتى مستوياتها (محلي وطني عالمي) لمفهوم التنمية والانتظارات التي تحملها إزاءها. هذه العملية تبقى ضرورية على صعوبتها في رأينا خاصة وأن دراسة التنمية الاقتصادية ما تزال في مجتمعاتنا تتمّ، بدرجة تزيد أو تنقص، من قِـبَـل الاقتصاديين الذين يقيسون ويقيّمون مستندين في ذلك بشكل واسع إلى قواعد بيانية رقمية. أمّا المجتمع المدني والقيم والتصوّرات التي يحملها فتعود إلى حقل تحليل علماء الاجتماع وعلماء السياسة والقانونيين وكل الأخصّائيين الذين يصفون الوضعيات الاجتماعية القابلة للملاحظة (ولكن في معظم الأحيان عبر معايير خارجية مسقطة). ومن هذا المنطلق، لا بدّ من التأكيد على ضرورة البحث عن المعايير النابعة من داخل المجتمع ذاته Endogènes بهدف بناء مقاربة تنموية أوضح وذات عمق إنساني تعيد للإنسان، داخل عالمه، مكانته المغايرة للمكانة التي تعطيه إيّاها الأرقام، إلى جانب التأكيد على ضرورة رسم أهداف تنموية لا عبر ربط هذه الأهداف بأهداف تأهيل التجهيزات والخدمات على أهميتها ولكن عبر ربطها بأهداف دعم الروابط واللحمة الاجتماعية بما هي واحد من المؤشرات على السلم الاجتماعية التي تسمح بقياس الأشواط المقطوعة والباقي قطعها في مسيرة التنمية. كما يمكن أن يمثل هذا المؤشر معيار تحكيم صالح لأصحاب القرار سواء في الميدان الاقتصادي أو الاجتماعي. وإذا كانت اللحمة الاقتصادية تتجسّد من خلال المؤشرات الاقتصادية المعلومة والمشتركة بين الدول والجماعات في معظمها فإنّ اللحمة في بعدها الاجتماعي تحيل إلى الممارسة العادلة من قبل مختلف الفئات الاجتماعية لحقوقها الأكثر تنوّعا: الحقّ في الصحّة، في السكن، في التعليم، في الحماية الاجتماعية، وفي الإدماج الاقتصادي، والحقّ في التصويت، كما في تقاسم القيم الأخلاقية من مثل الحقّ في الاحترام والترفيه دونما تمايز على أساس الجنس والحق في استثمار الذاكرة الجماعية والانتماء إلى المجموعة والحرية في اكتساب الوعي الخ... هذه الحقوق جميعها تحيل في الآن نفسه إلى حقل احترام الحريات الفردية كما إلى حقل التوجّهات السياسية التي يختارها الناس عبر التصويت ويكونون، فرديا كما جماعيا، على استعداد لتحمّل نتائجها إيجابا أو سلبا.
الخاتمة:
ما طمحت إليه هذه الورقة يتوقف عند حدود طرح السؤال حول الشرعية المعرفية كما الشرعية السياسية- الاجتماعية لإعادة تداول الخطاب المتعلق بالمجتمع المدني خلال هذه المرحلة التاريخية بالذات وذلك على أنقاض مرحلة من البناء الوطني تميّزت برغبات احتوائية واسعة أظهرتها الدولة آنذاك إزاء مؤسسات المجتمع. ويبقى متأكدا من ناحية أخرى أن إشكالية إعادة تداول خطاب المجتمع المدني تمثل إشكالية جوهرية يتجاوز تناولها حدود هذه الورقة، بل يحتاج إلى الطرح المفصّل ضمن مقاربات متعدّدة الاختصاصات. كما رامت الورقة في مستوى ثان تبيّن علاقة التعضّي الممكنة بين خطاب المجتمع المدني وخطاب التنمية أهما خطابا تكامل أم تعارض؟ لنتبيّن قيام علاقة سببية بينهما،حيث يبقى دور المجتمع المدني في جوهره دورا تنمويا مهما تكن الخلفيات الإيديولوجية الموجّهة لهذا الفعل، على اعتبار أنّه فعل تشاركي يرمي في جوهره، داخل مجتمع سياسي ما، إلى أنسنة علاقات التبادل بين الناس في اختلافهم وإضفاء الشرعية على المسار كلّه دونما احتكار لهامش الفعل من قِـبَلِ الدولة، بما يسمح بتحقيق الرفاه المعيشي الذي يقاس بالنظر إلى بعده الجماعي، كما بالنظر إلى تطوير القيم الاجتماعية وتوزيع الثروات المشتركة والتوازنات العلائقية والاجتماعية استنادا إلى معايير داخلية نابعة من فعل الفاعلين أنفسهم وتصوّراتهم وقيمهم ومبادراتهم واختياراتهم، الهادفة جميعا إلى دعم اللحمة الاجتماعية في ظل واقع الاختلاف والتنوّع.

***************

1نذكر هنا فقط بـ:

• TOCQUEVILLE(A-de): De la démocratie en Amérique, 7ème édition Gallimard, Paris, 1951.
• GRAMSCI (A): GRAMSCI dans le texte - Editions sociales, Paris, 1975 .
• MARX (k ) et ENGELS ( F): L'Idéologie Allemande .Editions sociales, Paris, 1972.
2علي أومليل: الإصلاحية العربية والدولة الوطنية - المركز الثقافي العربي،المغرب- 1985 (خاصة الفصل V ) ص،ص: 200 - 199
3GRAMSCI (A) : GRAMSCI dans le texte - Editions sociales, Paris, 1975, p 606.
4 يمكن العودة إلى جون كاميت : غرامشي حياته أعماله ، ترجمة عفيف الرّزاز، مؤسسة الأبحاث العربية، ط1، بيروت 1984.
5هاربرت ماركيوز : العقل والثورة، هيغل ونشأة النظرية الاجتماعية ، ترجمة فؤاد زكرياء، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1979، ص،ص: 92-93.
6برهان غليون : بناء المجتمع المدني: دور العوامل الداخلية والخارجية ، ضمن المجتمع المدني في الوطن العربي ودوره في تحقيق الديمقراطية، بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية، ط1، بيروت، 1992، ص736.
7TOCQUEVILLE(A-de): De la démocratie en Amérique …….. op.cit ……, T: II, p: 107
8 Ibid, p: 109
9 Ibid, p: 109
10عبد الباقي الهرماسي : المجتمع المدني والدولة في الممارسة السياسية الغربية(من القرن التاسع عشر إلى اليوم:دراسة مقارنة ) ضمن المجتمع المدني في الوطن العربي... المرجع نفسه....ص.ص: 99-102.
11في خصوص تعاطي الممارسة السياسية العربية مع مفهوم المجتمع المدني يمكن أن نستحضر أعمالا عديدة منها:
• عبد الحميد الأنصاري: نحو مفهوم عربي إسلامي للمجتمع المدني ، المستقبل العربي، س24، ع272، أكتوبر2001.
• سعد الدين إبراهيم: المجتمع المدني والتحوّل الديمقراطي في الوطن العربي ، مركز التنمية السياسية، القاهرة، 1991.
• عزمي بشارة: المجتمع المدني: دراسة نقدية(مع إشارة للمجتمع المدني العربي) ، م. د. و.ع، ط2، بيروت، 2000.
• حليم بركات: المجتمع العربي في القرن العشرين بحث في تغير الأحوال والعلاقات ، م. د. و.ع ، ط1، بيروت، 2000.
• جاد الكريم الجباعي: المجتمع المدني وهوية الاختلاف ،دار ترقا للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق،2003.
• LABIB Tahar : GRAMSCI dans le discours des intellectuels arabes ; in : GRAMSCI dans
le monde arabe ; ouvrage collectif ; (S/D) BRONDINO (M) et LABIB (T) et autres, éd : Alif- les Editions de la Méditerranée , Tunis, 1994,p.p : 13- 39. voir surtout les deux pages :34 et 35.
12وجيه كوثراني: المجتمع المدني والدولة في التاريخ العربي ، ضمن المجتمع المدني... المرجع نفسه....ص.ص123-127.
13الطاهر لبيب : علاقة المشروع الديمقراطي بالمجتمع المدني العربي ، ضمن المجتمع المدني في الوطن العربي... المرجع نفسه....ص.ص339-367.
14المرجع نفسه، ص95.
15الطاهر لبيب: غرامشي العرب ، مجلة الشروق، عدد2، حزيران-يوليو 1999، بيروت. يمكن العودة أيضا إلى مساهمته الموسّعة في المؤلف الجماعي والمتعلـّق بتعاطي المفكرين العرب مع الفكر الغرامشوي:
LABIB Tahar : GRAMSCI dans le discours ,…op.cit…p.p : 13- 39 .
16الطاهر لبيب : علاقة المشروع الديمقراطي ، ... مرجع سابق، ص95.
17السيد ياسين: مستقبل المجتمع المدني: الأزمة الثقافية ومستقبل المجتمع المدني ، ضمن المجتمع المدني في الوطن العربي... المرجع نفسه....ص.ص783-801.
18علي الكنز : من الإعجاب بالدولة إلى اكتشاف الممارسة الاجتماعية ، ضمن المجتمع المدني في الوطن العربي... المرجع نفسه....ص.ص:203-215.
19عبد الله ساعف : المجتمع المدني في الفكر الحقوقي العربي ، ضمن المجتمع المدني في الوطن العربي... المرجع نفسه ....ص.ص:227-256.
20CAMAU (M) : Tarajji ya dawla ou la force et l'espérance: propos sur le désengagement de l'Etat en Tunisie ; Bulletin de CEDEJ, n° 23 / 17 ème année ,1988, pp 81 - 108 .
21اُنظرْ سعد الدين إبراهيم: مصادر الشرعية في أنظمة الحكم العربية ، ضمن : أزمة الديمقراطية في الوطن العربي ، بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1984. ص ص: 403- 431.
22CAMAU (M) : Pouvoirs et Institutions au Maghreb , horizon Maghrébin-Cérès productions, Tunis, 1978 ; p 26 et p 65 .
*أستاذ علم الاجتماع – جامعة صفاقس – تونس
و كل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور نصاً و دون تعليق.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجتمع المدني دراسة في إشكالية المفهوم    المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Emptyالثلاثاء أبريل 14, 2015 11:19 pm

تناقضات مفهوم «المجتمع المدني» في الإصلاح السياسي العربي

رشيد قويدر

طغى في العقد الأخير، وما زال، مصطلح المجتمع المدني على مختلف الخطابات السياسية الحزبية العربية، وعلى وجه التحديد الخطاب الليبرالي واليساري والقومي، وباعتباره المصطلح المهيّمن والمبالغ في شاعريته حدّ الافتنان والهيام، من دون أن نغفل أنه من أهم الموضوعات في علم الاجتماع والسياسة. إلا أنه مفهوم مُختلف عليه في التفسير والتحديد والوجهة من زوايا شتى، ويحمل تأويلات بعضها ينطوي على اتجاهات بالغة التطرف، بدءاً من تحديد الدور الإنساني ودور الاقتصاد ونظام الدولة والثقافة المحلية على ضوء علاقات الانتاج. فغياب التحديد يعني مباشرة غياب المرشد في الحياة السياسية، خصوصاً في عالم ثالث ما زال يخطو نحو الديموقراطية، هو أول من يتأثر بموجات وممارسات العولمة الغربية، وبالذات منها ممارسات الليبرالية المتوحشة في اعصارات عولمتها الاقتصادية، في حين ينبغي أن يستمد مشروعه من كينونته وقيمه التي يفرضها واقعه.
ويتباين هذا المفهوم الأوروبي الغربي مع المفهوم الأميركي، لكن أوروبا في مقاومة هذا المفهوم، وضعت مفاهيمها النظرية في مصاف الهدف الأساسي لاهتمامات علومها الإنسانية حول الاستخدام المعاصر للمفهوم المذكور، فثمة أشكال متنوعة ومختلفة من المجتمع الرأسمالي، رغم أنها جميعها ترتبط بميلاد الحداثة والمواطنة والديموقراطية، وفي استخدامات متباعدة ومتنوعة، يهمنا منها ذلك الإنساني الذي أخذ السياق التاريخي في الاعتبار، وربط شروط الديموقراطية بمفاهيم وتوجهات إنسانية نحو عدالة اجتماعية نسبية ما.
منذ تسعينات القرن الماضي، أي منذ انهيار المنظومة السوفياتية، تغيرت وبدرجة متسارعة خريطة معتقدات الفكر الإنساني اليساري العربي. فالبعض بات يقدم المجتمع المدني باعتباره النظرية الاجتماعية الحديثة، والآخر في حال هيام أشبه بحال ثأر من ماضوية ذاتية. وفي مبالغة تقفز عن أن مصير التحول الديموقراطي العربي، تعتمد أساساً على حل اشكالية الصراع، يجدر الربط بين الديموقراطية والعدالة الاجتماعية، والإدراك بأن مفهوم المجتمع المدني قد استخدم من قبل الغرب في الحرب الباردة في معارضة الدول الاشتراكية السابقة، فهو راهناً بات يلعب دوراً رئيسياً في إعادة النظر في طبيعة المجتمعات الليبرالية بنية وممارسات، وفي ضبط وترشيد الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وفي أوروبا بالذات، تعرض على الصعيد العملي للتنقيح المستمر عبر أنماط مؤسسية مجتمعية، وصولاً الى خليط مناسب للحال المعينة في زمانها.
أما عربياً، فقد افتقد استخدام مفهوم المجتمع المدني الى الدقة التي يستحقها، حين يجري تقديمه كمذهب خالص نقي فضفاض وبلغة احتفائية معممة، باسم النظام الاجتماعي المنشود، أو خروجاً من المأزق الراهن. وفي غياب تحديات واستراتيجيات تحرك مثل هذه الخطابات والأدبيات المهيمنة، عبر تحديد نموذج نظام اجتماعي، بدءاً من الآراء المتعارف عليها بشأن السوق الحرة والصراعات الطبقية وبما يولّد ذلك من دلالات في المعيار التقويمي تؤدي الى الكشف بجلاء عن الروابط المدنية، وطالما أن رأس المال الاجتماعي ليس محايداً، فهو جوهر القدرة على التحدي، انطلاقاً من الواقع الاقتصادي وعلاقات الانتاج ومفاهيم معينة نسبية من العدالة الاجتماعية، باعتبارها الطاقة التي تعمل بها الديموقراطية، أي في مقاربات مفاهيمية واقعية غير منغلقة، تمكن الناس من المشاركة في الممارسات الترابطية.
وطالما أن كل المفاهيم قابلة جوهرياً للجدل، وبالذات تلك الوضعية المصاغة اجتماعياً وتاريخياً، نخص منها مفهوميّ الديموقراطية والعدالة الاجتماعية، بالبحث عن نموذج بناء معقول لمقاربة مفهوم المجتنع المدني من حيث الجوهر، فإن حال الترابط ينبغي أن تجري باستخدام محدد لرسم السياسات والممارسات، وليس عبر افتراضات ذهنية عامة، وفروع معرفية شاقة، فالنظرة الوضعية تعني أولاً بالظاهر والوقائع، بعيداً عن أي تجريد أشبه بالهرطقة وعملية غناها ومراكمتها تقوم على أنها قابلة للجدل الخلاق لا الى الفناء الفكري.
وفي مراجعة سريعة لتاريخ المفهوم، فإن تراث المجتمع المدني المستمد من المفهوم الأوروبي، أصوله مغرقة في القدم، بدءاً من الفلسفة الاغريقية (أرسطو)، حين ارتبطت فكرته منذ تلك البدايات، بالمبادئ الأساسية للسياسة وعلم الاجتماع، ثم حقق قفزات عملاقة منذ القرن الثامن عشر، حين قام مفكرو أوروبا برسم الحدود الفاصلة بين الدولة والمجتمع المدني، كأداة نقدية عملية في مواجهة أنظمة الحكم المطلق، وصولاً الى مرتبة تحليلية في فروع المعارف المتخصصة في مجالي السياسة وعلم الاجتماع، اللذين ينصب اهتمامهما الأساسي على فكرة المجتمع المدني. تلا ذلك، التراث المستمد من الفيلسوف هيغل، ومن ثم ماركس على وجه الخصوص، والذي قام بتحديد مباشر في مقولته المتكررة عن الاقتصاد السياسي للرأسمالية، وفحوى كتابه «الثامن عشر من برومير»، والتي آثرت تحليل التركيب البنيوي للمجتمع المدني، والتماسه من الاقتصاد السياسي، فما ذهب اليه ماركس ايضاً، هو أن قوى التغيير التاريخي المصيرية، التي يقع الفاعلون البشر ضحية لها، هي ذاتها من اثارة الفعل الانساني، ومن آثاره الجانبية غير المتوقعة. فالاخفاق بالمعايير العقلانية، هو نتيجة العمى وعدم التبصر بنواحي القصور، وصولاً الى نظرية «الأزمة». ويعتقد ماركس ان المؤسسات التي عززت سوء التوجيه الخاص بالفعل، يمكن تغييرها هي ذاتها، من خلال نوع محدد جداً من الفعل، يمكن تسميته بـ «الثورة أو الصراع الطبقي».
وينبغي هنا التأكيد على أن اخفاقات نهايات القرن العشرين في نموذجها السوفياتي قد مرت بذات الاعتبار المعياري للعدالة الاجتماعية، أي بذات نوع «العمى وعدم التبصر»، ونحو العودة مجدداً الى مفاهيم المجتمع المدني، السلم والانسانية، ومؤازرة أسباب الحياة والعدالة الاجتماعية، باعتبارها المفاهيم المعاصرة للهوية والمواطنة، التي هي امتداد حتمي للديموقراطية، ولممارستها من قبل جميع شرائح المجتمع، وهي مسارات مسيطرة بغض النظر عن المكان الذي تنتمي اليه في هذا العالم، لكنها في الدراسات النظرية الأوروبية تتركز حول الى أي مدى ينبغي احتواء شروط السوق.
وفي تحديد أكثر لهذا التراث، برز منهج آخر، اعتمد عليه غرامشي، وسار عليه آخرون بعده أبرزهم «هابر ماس»، الذي اهتم بالجوانب غير الاقتصادية للمجتمع المدني، بنظرته اليه ككينونة منفصلة، ليس عن الجهاز القهري للدولة فحسب، بل ايضاً عن المؤسسات الاقتصادية للمجتمع. ومركزه هو الميدان الذي يتم به دعم ومنازعة فرض الهيمنة، عبر المؤسسات الثقافية والاجتماعية والأنشطة المجتمعية. وتواصل من بعده ايضاً، من فصل الحقول الاجتماعية الثقافية عن الحقول السياسية والاقتصادية، ولكن عبر نظرة أن لكل من هذه الحقول منطقها الخاص، فالسياسة لها السلطة والادارة، أما التراكم فيكمن في الاقتصاد، والتواصل الحر والمفتوح فهو في المجتمع المدني. وهنا يجري استثناء السوق وفق هذا المنهج، باعتبارها تقوم بنفس العمليات البيروقراطية للدولة، فهي تعمل بكينونتها الذاتية المستقلة، لكن مبدأ هذه الكينونة المستقلة يهدد تماسك الحياة العامة والمجتمع المدني وماهيته، لأن المجتمع المدني لا يوجد في فراغ مستقل مكتف بذاته، بل في موقع الحاجة للموارد المادية والثقافية المختلفة.
إن مجموع الملاحظات السابقة، لا ينتقص من حقيقة ان على المجتمعات العربية أن تعيد بناء ذاتها، لتتحول الى مجتمعات مدنية، انطلاقاً من احتياجاتها، وما يتطلبه ذلك من اصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي، لا أن يعكس موجة الضغط الخارجية، وبما يوحي منطق عملياتها الأولى في الليبرالية الاقتصادية بلا حدود، وعلى «تأليه» السوق والأرباح الهائلة لصالح الشركات العابرة الكبرى، والتي تتحول مصالحها الى استراتيجيات للهيمنة مغلفة بشعارات ديموقراطية عامة. بينما المهمة البحثية العربية الراهنة، تبدأ من حقيقة ان الاستقلال الاقتصادي هو وحده القادر على تكريس الاستقلال السياسي، وبالتركيز على قضايا العدالة الاقتصادية والاجتماعية، وإعادة توزيع الثروات والمداخيل من خلال إعادة سيطرة الشعوب على ثرواتها ومقدراتها، الى جانب البعد السياسي. فالرأسمالية بلا حدود تفتقر الى ضبط النفس أمام المزيد من الاحتكارات والمكاسب وعلى حساب الطبقات الفقيرة والوسطى، وازدياد معدلات البطالة، وتراكم هذه الظاهرة خصوصاً بين ملايين الشباب، الذين لم يرعاهم المجتمع في التعليم والصحة والحق بالعمل. فالشعارات المجردة باسم «الديموقراطية»، لا يمكن الوثوق بها كأساس لاصلاح وتطوير المجتمع وتحقيق التنمية من دون ربطها بالعدالة الاجتماعية، ومن دون تقديم تصورات نقدية لمكونات النظام المؤسسي الثلاث، الدولة، السوق، المجتمع، فالثقافة المدنية لا تنشأ نشوءاً آلياً.
وأخيراً، أليست معضلة الفقر والبطالة سبباً في صعود تيار الاسلام الأصولي السياسي المتشدد، على صعيد المجتمع العربي عموماً من جيوش المهمشين، والذين باتوا مشكلة معقدة تواجه عملية التحول الديموقراطي العربي، بما ينطوي عليه لاحقاً من اتجاهات سياسية واقتصادية وثقافية بالغة في التطرف؟
و كل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجتمع المدني دراسة في إشكالية المفهوم    المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Emptyالثلاثاء أبريل 14, 2015 11:20 pm

نظام المجتمع المدني العالمي

المهندس فؤاد الصادق

يُقال ان العالمَ انتقلَ مِن النظام الدولي العالمي، وهو يعايش حالياً بدايات للمرحلة الإنتقالية لظهور نظام ما يُسمى بظهور المجتمع المدني العالمي، وربما لا تستغرق المرحلة الإنتقالية المذكورة والحبلى بالفوضى برمتها أكثر مِن 5 أعوام ستمضي كالبرق أو أسرع.
فماذا نحن فاعلون؟
والمقصود بالنظام الدولي - بإيجاز وتبسيط - هو النظام الذي يرتفع خلاله الدول المتأتي مِن تفاعلات بين الدول ومؤسساتها الرسمية والتمثيلية، بينما المراد مِن النظام العالمي هو النظام الذي تزداد فيه كثافة الاتصالات والتفاعلات بين الشعوب والأفراد في العالم.
فـي الـوقت الـذي يعني نظام المجتمع المـدني العالمي المرتقب في جانب مِن مفهومه إزياد تفاعلات مؤسسات
المجتمع المدني، وربما إرتفاع دورها ايضا، والانتقال إلى النظام الجديد لا يبد ومستعبداً، بل يبقى احتمالاً وارداً وبقوة، وخاصة إذا كُتِبَ النجاح لدعوات الإصلاح والدمقرطة، ولاسيما الدعوات المتسمة بالحكمة والموضوعية والعقلانية، والتي تطمح إلى إصلاح له أسسه ومؤسساته وجذوره الداخلية شعبياً ونخبوياً ، كي تكون الدمقرطة ذاتية مستدامة تعالج جذور الإرهاب وتزرع التنمية الشاملة المرحلية المستدامة.
إذن التحول إلى ظهور هذا النظام وارد، وباحتمال قوي، ولكي لا نخرج كما خرجنا مِن المرحلتين السابقتين:
مرحلة النظام الدولي، ومرحلة النظام العالمي، وللخروج مِن الإقتصاء والتهميش والإحتزال لا مناص مِن الاهتمام، وعلى أعلى المستويات بدراسة كل متداخلات النظام المرتقب الجديد لوضع الإستراتيجيات والخطط والبرامج العملية الميدانية والسياسات والإجراءات الكفيلة بضمان دور إيجابي حضاري فاعل لأمتنا عالمياً والخطوة الأولى تأسيس مؤسسات رسمية (مجازة) غير حكومية فاعلة كثيرة متنوعة الأهداف والغايات ، ومعترف بها في المؤسسات الأممية، بل مدعومة مِن الأخيرة، هذا إضافة إلى التعاون والإمتداد الدولي والعالمي لكل مؤسسة.
الخلاصة وبچلمة ونص (كما في المثل العراقي) نحن بحاجة إلى مؤسسات المجتمع المدني وفي كافة المجالات وبالمواصفات المذكورة وغيرها المعروفة، وقد قال سبحانه وتعالى:
﴿وأتوا البيوت مِن أبوابها﴾.
﴿إن الله لا يغير ما بقوم حتى...﴾
وفي المثل الشعبي العراقي:
(اللي ما يعرف تدابير خطته تأكل شعيره)
فهلا نبدأ؟!
كي لا نقيم التماثيل مِن الثلج ثم نشكو أنها تذوب كما في المثل الألماني.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجتمع المدني دراسة في إشكالية المفهوم    المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Emptyالثلاثاء أبريل 14, 2015 11:20 pm



محمد أبو رمان


تمثل اللحظة السياسية الراهنة في النظام العربي نقطة تحوّل تاريخية تحمل في ثناياها عملية تبدل وتغير في طبيعة النظام وأسسه وشرعيته ومشروعيته الواقعية، أي قدرته على البقاء والاستمرار في ظل حالة العجز والضعف التي تزداد مظاهرها يوماً بعد يوم. فعلى سبيل المثال - لا الحصر- يرى رضوان السيد في رسالته :
"مقالة في الإصلاح العربي"
أن النظام العربي الحالي اكتسب روافع مشروعيته وسماته العامة من فترة "الحرب الباردة". وبما أن هذه الحرب قد انتهت فإن هذا النظام يسير في طريق الزوال والأفول.
وعلى الرغم من توافق كثير من المفكرين العرب على التوصيف السابق. إلا أن حالةً من الضبابية والاختلاف في تقدير المرحلة القادمة وتعريفها، وتحديد معالم الطريق المؤدي إلى الإصلاح السياسي المطلوب. فهناك مقاربة فكرية ترى أن التحوّل الديموقراطي يرتبط بانتشار الثقافة (المدنية- الديموقراطية) في أوساط المجتمع، بينما يرى خبراء أن العامل الثقافي هو عامل مفسر لاستقرار الحالة الديموقراطية ورسوخها، وليس لنشوء عملية التحول.
ويربط كثير من المثقفين والخبراء بين النمو الاقتصادي وبين التحول الديموقراطي؛ إذ يقيسون درجة التطور السياسي بمستوى الدخل الفردي، من خلال علاقة طردية بين المتغيرين. إلاّ أن المسافة الفاصلة بين النمو الاقتصادي وبين الوصول إلى التغيير الديموقراطي غير واضحة لكثير من الخبراء، إذ لا توجد إجابات محددة واضحة عن هذا السؤال.
ما يفتقده العالم العربي هو وجود رؤية نظرية عميقة تسبر أغوار المرحلة الحالية وشروطها ومقوماتها وتقدم تفسيراً وتعريفاً واضحاً لها، يسمح بإدراك الأرضية التي نقف عليها والآفاق الممكنة والمحتملة. هذه المقاربة النظرية ما زالت ضعيفة، مما يجعل الواقع الحالي في مرحلة أقرب إلى الضبابية. لكن يمكن في هذا المجال الإفادة من مراحل التحول الديموقراطي في كثير من دول العالم الأخرى التي تمكنت من العبور، والوصول إلى مرحلة النظم الديموقراطية المستقرة، خاصة ما يطلق عليها صموئيل هانتنجتون
"الموجة الديموقراطية الثالثة".
بالضرورة لن تمر النظم العربية بالمراحل ذاتها التي مرت بها الدول الأخرى. لكن بلا شك فإن هذه بمثابة "قراءة إرشادية" للمرحلة الراهنة.
في هذا السياق يقدم كتاب :
ديناميات السيرورة الديموقراطية والمجتمع المدني"
لـ "غرايم جيل" (ترجمة شوكت يوسف، وزارة الثقافة السورية 2005) دراسة معمقة لمراحل التحول الديموقراطي من خلال استقراء وتحليل عشرات حالات الدول التي شهدت تحوّلاً ديموقراطياً في الفترة الأخيرة، خاصة في أميركا اللاتينية وأوروبا الشرقية.
يقوم هذا الكتاب على مقاربة تبدو أكثر واقعية، من خلال تقسيم عملية التحوّل الديموقراطي إلى ثلاث مراحل رئيسة:
الأولى: مرحلة اعتلال النظام.
الثانية: التحول الديموقراطي.
والثالثة: استقرار الديموقراطية. وفي النظر إلى الحالة السياسية العربية اليوم، فإنها تعيش مرحلة الاعتلال بأينع صورها..
اعتلال النظام : أسبابه ومؤشراته
ُ عرّف "اعتلال النظام" بأنه تفكك النظام الرسمي وانحلاله واستبدال بنىً جديدة بالبنى والأساليب القديمة. لكن ليس بالضرورة أن ينشأ عن عملية الاعتلال استبدال النظام الحالي بآخر ديموقراطي، فهناك العديد من التجارب التاريخية التي قام فيها نظام سلطوي محل النظام السلطوي السابق.
وعلى الجهة المقابلة للمقاربة التي تربط الديموقراطية بدرجة النمو الاقتصادي، فإن اعتلال النظام ينشأ غالباً عن "أزمة اقتصادية" تؤدي إلى العديد من المشكلات الاقتصادية التي يشعر بها المواطنون، كتزايد معدلات الفقر والبطالة والتضخم وضعف القدرة الشرائية لدى الناس، مما يطرح تساؤلات كبيرة حول السياسة الاقتصادية للنظام. وفي حال كان النظام متماسكاً قوياً فسيكون قادراً على احتواء الأزمة من خلال إجراءات اقتصادية ليبرالية، لكن إذا كان النظام ضعيفاً قد تؤدي الأزمة الاقتصادية إلى زلزلة جذوره وبنيانه السياسي ذاته.
المشكلة لا ترتبط بالأزمة الاقتصادية ذاتها. لكن بتداعياتها الاجتماعية والسياسية، خاصة في ظل النظم السلطوية التي تعتمد في مشروعيتها على استرضاء فئات كبيرة من المجتمع من خلال سياسة اقتصادية رعوية. وفي حالة الأزمة الاقتصادية وتفاقمها يحدث تعبئة مضادة للنظام، الذي يبدأ بخسارة قاعدته الاجتماعية شيئاً فشيئاً، وتتحول فئات كبيرة لممارسة الضغوط على النظام. في هذه الحالة قد تتفاقم أزمة النظام إذا ما بدأت النخبة الحاكمة تشعر بالقلق وعدم الثقة بالنفس، وهو ما يحصل إذا كانت النخبة الحاكمة جديدة لم تُختبر في محكّات السياسة بعد. مما يؤدي - في المحصلة- إلى تضافر الأزمتين (السياسية والاقتصادية) على قدرة النظام في احتواء المشكلات.
ومن علامات عجز النظام حالة التفكك والاستقطاب التي تظهر داخل القوى المتحكمة والرئيسة فيه. فغالباًِ ما تنقسم هذه القوى إلى جناحين:
الأول: "المحافظ" يرى أن النظام لا يزال قادراً من خلال سماته الحالية، على الاستمرار والبقاء.
بينما الثاني: "الإصلاحي" يرى أن النظام، حتى يحافظ على وجوده ويتلافى احتمالات الانهيار، لا بد أن يجدد ذاته، ويعيد النظر في كثير من مقوماته بحيث يحافظ على الهيكل العام، لكن يغير كثيراً من التفاصيل. ومن الممكن جداً –كما سيأتي في المقال التالي- أن تحدث "صفقة سياسية" بين الإصلاحيين في داخل النظام وبين "المعارضة المعتدلة".
ومن العوامل المؤدية – أيضاً- إلى اعتلال النظام ونمو أزماته العامل الدولي، الذي يتمثل بضغوط سياسية واقتصادية، إذا استبعدنا انهيار النظام من خلال الغزو العسكري؛ فهذه الضغوط تساهم بدرجات متفاوتة في تأزم النظام. وهناك ضغوط النظام الاقتصادي الدولي التي تلقي أعباء كبيرة على مدى قدرة النخب الحاكمة على رسم إستراتيجية اقتصادية داخلية تتجنب الانعكاسات السلبية للنظام الاقتصادي العالمي. ويضيف عدد من الباحثين دور النظام الدولي في إيجاد مناخ عالمي محفز للديموقراطية، خاصة بعد إخفاق الأيدلوجيا الشيوعية، وظهور اتجاه عالمي نحو الديموقراطية والليبرالية إذا أسقطنا المؤشرات السابقة في "اعتلال النظام" على واقع النظام الرسمي العربي، نجد أنها تتجلي بدرجات متفاوتة في أغلب الدول العربية. لكن السؤال هو:
إلى أي مدى يمكن أن يحتفظ النظام العربي بقدرته على البقاء؟
بالتأكيد لا يرتبط الأمر بالشرعية السياسية؛ فالنظم السلطوية تعتمد على الأمن بالدرجة الأولى، وعلى خوف الناس من التغيير. لكن هناك عامل مدى قوة النظام ذاته ودرجة تماسكه، والمدى الذي وصلت إليه الصراعات داخل النخب الحاكمة، فكلها عوامل مؤثرة في عملية الانتقال. إلاّ أنّ "بريزورسكي" يشير إلى عامل مؤثر، له أهميته الخاصة في الحالة العربية، وهو:
مدى وجود أو غياب البديل المقنع للناس.
فكثير من الأوقات يكون مصدر قوة النظام خوف الناس من حالة الفوضى والاحتمالات القادمة، ولعل هذا أحد الأسرار الرئيسة في عدم انهيار النظام العربي إلى الآن.
التحوّل الديموقراطي: مراحله وسيناريوهاته
عملية ولادة الديموقراطية من رحم النظام السلطوي ليست بالنظرية الناجزة بعد في حقل العلوم السياسية، لكن يشير (غرايم جيل) إلى جملة من العمليات والمراحل التي تصاحب عملية التحول الديموقراطي، أبرز هذه المراحل "اللبرلة" التي يلجأ إليها النظام السلطوي للحيلولة دون حدوث تغييرات بنيوية في قواعد النظام وأصوله، وتدفع النخب الإصلاحية في النظام باتجاه "اللبرلة" ودرجة من الانفتاح السياسي مقابل حالة من التعنت من قبل النخب المحافظة، التي لا ترى أن حالة اعتلال النظام وصلت إلى مرحلة الخطر، الذي يبرر المراهنة بتبني إصلاحات ليبرالية.
ترى العديد من الأدبيات التي تتناول موضوع الإصلاح السياسي أن "اللبرلة" هي مرحلة أساسية – في أغلب الدول التي تمر بمرحلة انتقالية-، وتمثل "اللبرلة" محاولة من النظام السلطوي للتحايل على استحقاق الإصلاح السياسي الديمقراطي، من خلال انفتاح سياسي جزئي يقوم في بعض الحالات على إطلاق سراح السجناء السياسيين، وحرية التعبير، وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية في القضايا غير الحساسة أو غير المؤثرة. فيما يُعرّف هانتنجتون "اللبرلة" بأنها " اختيار جزئي من قبل النظام السياسي لا تتضمن إمكانية اختيار المسؤولين الحكوميين من خلال انتخابات تنافسية حرة". أما (لوسيانو مارتيز) فيعرف "اللبرلة" أنها تبني الديموقراطية باستثناء أربعة مبادئ رئيسة في اللعبة الديموقراطية: الإجماع على قواعد اللعبة، تحمّل الحكام مسؤولياتهم السياسية، حق التمثيل السياسي، تداول السلطة.
صحيح أن "اللبرلة" خيار النخبة الحاكمة، للحد من تداعيات اعتلال النظام، إلا أن نتائج ومخرجات عملية "اللبرلة" ليست مضمونة دوماً. فقد تحفز هذه الفترة قوى اجتماعية وسياسية على زيادة هامش مطالباتها ومدافعتها للنظام السياسي باتجاه مزيد من الإصلاح السياسي والتحول الديموقراطي. في هذا المجال، وإذا كانت المعارضة أو القوى السياسية على درجة من القوة والكفاءة السياسية قد تصل إلى عقد ميثاق جديد مع النخب الإصلاحية داخل النظام الحاكم، يقوم هذا الميثاق أو تلك "الصفقة" – بعبارة أدق- على الحل الوسط والالتقاء بمنتصف الطريق. في حين تختلف مضامينها من دولة إلى أخرى بين شروط إجرائية أو شروط جوهرية تتعلق بصميم الحياة السياسية و يعرف هانتنجتون الصفقة السياسية بين اللّينين في النظام والمعتدلين في المعارضة بأنها :
مقايضة المشاركة بالاعتدال"؛
بمعنى السماح للمعارضة بالمشاركة في مقابل رفض المعارضة للخيارات الراديكالية، وقبولها بالحلول الإصلاحية المعتدلة. وتمثل "الصفقة مرحلة متقدمة وإيجابية في عملية التحوّل؛ إذ إنها تحد من حالة الضبابية واللا يقين الناشئة عن اعتلال النظام، وهي ضمانات كبيرة للطرف الليّن (الإصلاحي) في النظام بالتقليل من خسائره أو مخاوفه من عملية التحوّل أو بعبارة أخرى ترشيد الانتقال إلى الديموقراطية.
ما يلفت الانتباه في حالة "الصفقة" أنّها تقوم على خيارات وممارسات نخبوية أي بين نخب في الحكم ونخب في المعارضة، وتستبعد غالباً خيار الجماهير. وهذا الاتجاه يعكس رؤية تيار عريض من الخبراء والمثقفين الغربيين، الذين يعدون دَوْرَ الجماهير وقوى المجتمع المدني ثانوياً وليس أساسياً في عملية التحول الديموقراطي؛ إذ يرصد هانتنجتون (6) حالات فقط من (33) حالة تحوّل لعبت فيها الجماهية دوراً محورياً ورئيساً في المقابل فإنّ سيناريوهات التحوّل الديموقراطي استناداً إلى أدبيات التحوّل الديموقراطي تأخذ عدة صيغ؛
الأولى "مبادرة النظام"، ويقوم هذا (السيناريو) على تصوّر أن ميزان القوى بين الحكم والمعارضة يميل لصالح الحكم؛ إذ ينشأ إصلاحيون - في النظام- ويتمكن الإصلاحيون من تحقيق نفوذ كبير داخل النظام، ويبادرون إلى القيام بإصلاحات ليبرالية، تتسع دائرة مطالب المعارضة المعتدلة بمزيد من الإصلاحات. فيقوم الإصلاحيون بالتفاوض مع المعتدلين في المعارضة ويتوصّلون معهم إلى اتفاق يعيد تأسيس جزء من بنية النظام وأدواته باتجاه توسيع دائرة صنع القرار ومحاسبة السلطة والحريات العامة.
في المقابل يقوم (السيناريو) الثاني على تصور أن ميزان القوى يميل لصالح المعارضة على حساب الحكم، ويقوم هذا التصور أن النظام ينشغل بـ"اللبرلة"، وتستغل المعارضة هذا الوضع لتكثيف نشاطها، فترد الحكومة بعنف لاحتواء الموقف، يعمل قادة الطرفين على احتواء الوضع من خلال سلسلة كبيرة من المفاوضات التي تتسم بالصعوبة والشد والجذب مما يؤدي في المحصلة إلى اتفاق يقوم على توسيع الضمانات ومكاسب سياسية كبيرة للمعارضة.
أما (السيناريو) الثالث والأخير فيقوم على تصوّر أنّ تقود جماعات المعارضة التحوّل والتغيير بعد أن يسقط النظام أو يُسقَط. ويفترض هذا (السيناريو) أن النظام ضعيف من حيث الكفاءة السياسية، وأنه لا ينجح في صد ضغوط وحملات المعارضة المتتالية؛ فيردّ بعنف، مما يزيد حالة العزلة والضعف، ويؤول في النهاية إلى السقوط، فتتولى المعارضة تصميم عملية التحوّل والصيرورة الديموقراطية.
القيمة الحقيقية للسيناريوهات السابقة، المستنبطة من استقراء حالات التحوّل في العديد من دول العالم، أنّها تقدم رؤية استشرافية للمرحلة السياسية القادمة، بعد حالة الاعتلال التي يعاني منها النظام العربي اليوم. لكن – كما ذكرتُ سابقاً- ليس بالضرورة أن تمر الدول العربية بالمراحل أو السيناريوهات نفسها، وإن كان سيناريو "الصفقة" مرشح للنضوج في العديد من الدول العربية. لكن الأمر يتطلب كفاءة وجرأة سياسية من قبل الإصلاحيين في الحكم والمعارضة المعتدلة. لكن في الحالة العربية تمثل جماعة الإخوان المسلمين وحركات الإسلام السياسي الانتخابي مركز الثقل في المعارضة العربية، وهو ما يضع على عاتق هذه الحركات مسؤولية إدراك اللحظة السياسية وقواعد التعامل مع النخب الحاكمة من ناحية. وأن تجعل مسألة الإصلاح السياسي والمطالب الديموقراطية لبّ خطابها السياسي وتفاوضها مع النخب الحاكمة.
فهل نشهد مثل هذا السيناريو في المرحلة القادمة؟
وكل ذلك نصاً ودون تعليق بحسب رأي الكاتب في المصدر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجتمع المدني دراسة في إشكالية المفهوم    المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Emptyالثلاثاء أبريل 14, 2015 11:21 pm


محمد أبو رمان


تمثل اللحظة السياسية الراهنة في النظام العربي نقطة تحوّل تاريخية تحمل في ثناياها عملية تبدل وتغير في طبيعة النظام وأسسه وشرعيته ومشروعيته الواقعية، أي قدرته على البقاء والاستمرار في ظل حالة العجز والضعف التي تزداد مظاهرها يوماً بعد يوم. فعلى سبيل المثال - لا الحصر- يرى رضوان السيد في رسالته :
"مقالة في الإصلاح العربي"
أن النظام العربي الحالي اكتسب روافع مشروعيته وسماته العامة من فترة "الحرب الباردة". وبما أن هذه الحرب قد انتهت فإن هذا النظام يسير في طريق الزوال والأفول.
وعلى الرغم من توافق كثير من المفكرين العرب على التوصيف السابق. إلا أن حالةً من الضبابية والاختلاف في تقدير المرحلة القادمة وتعريفها، وتحديد معالم الطريق المؤدي إلى الإصلاح السياسي المطلوب. فهناك مقاربة فكرية ترى أن التحوّل الديموقراطي يرتبط بانتشار الثقافة (المدنية- الديموقراطية) في أوساط المجتمع، بينما يرى خبراء أن العامل الثقافي هو عامل مفسر لاستقرار الحالة الديموقراطية ورسوخها، وليس لنشوء عملية التحول.
ويربط كثير من المثقفين والخبراء بين النمو الاقتصادي وبين التحول الديموقراطي؛ إذ يقيسون درجة التطور السياسي بمستوى الدخل الفردي، من خلال علاقة طردية بين المتغيرين. إلاّ أن المسافة الفاصلة بين النمو الاقتصادي وبين الوصول إلى التغيير الديموقراطي غير واضحة لكثير من الخبراء، إذ لا توجد إجابات محددة واضحة عن هذا السؤال.
ما يفتقده العالم العربي هو وجود رؤية نظرية عميقة تسبر أغوار المرحلة الحالية وشروطها ومقوماتها وتقدم تفسيراً وتعريفاً واضحاً لها، يسمح بإدراك الأرضية التي نقف عليها والآفاق الممكنة والمحتملة. هذه المقاربة النظرية ما زالت ضعيفة، مما يجعل الواقع الحالي في مرحلة أقرب إلى الضبابية. لكن يمكن في هذا المجال الإفادة من مراحل التحول الديموقراطي في كثير من دول العالم الأخرى التي تمكنت من العبور، والوصول إلى مرحلة النظم الديموقراطية المستقرة، خاصة ما يطلق عليها صموئيل هانتنجتون
"الموجة الديموقراطية الثالثة".
بالضرورة لن تمر النظم العربية بالمراحل ذاتها التي مرت بها الدول الأخرى. لكن بلا شك فإن هذه بمثابة "قراءة إرشادية" للمرحلة الراهنة.
في هذا السياق يقدم كتاب :
ديناميات السيرورة الديموقراطية والمجتمع المدني"
لـ "غرايم جيل" (ترجمة شوكت يوسف، وزارة الثقافة السورية 2005) دراسة معمقة لمراحل التحول الديموقراطي من خلال استقراء وتحليل عشرات حالات الدول التي شهدت تحوّلاً ديموقراطياً في الفترة الأخيرة، خاصة في أميركا اللاتينية وأوروبا الشرقية.
يقوم هذا الكتاب على مقاربة تبدو أكثر واقعية، من خلال تقسيم عملية التحوّل الديموقراطي إلى ثلاث مراحل رئيسة:
الأولى: مرحلة اعتلال النظام.
الثانية: التحول الديموقراطي.
والثالثة: استقرار الديموقراطية. وفي النظر إلى الحالة السياسية العربية اليوم، فإنها تعيش مرحلة الاعتلال بأينع صورها..
اعتلال النظام : أسبابه ومؤشراته
ُ عرّف "اعتلال النظام" بأنه تفكك النظام الرسمي وانحلاله واستبدال بنىً جديدة بالبنى والأساليب القديمة. لكن ليس بالضرورة أن ينشأ عن عملية الاعتلال استبدال النظام الحالي بآخر ديموقراطي، فهناك العديد من التجارب التاريخية التي قام فيها نظام سلطوي محل النظام السلطوي السابق.
وعلى الجهة المقابلة للمقاربة التي تربط الديموقراطية بدرجة النمو الاقتصادي، فإن اعتلال النظام ينشأ غالباً عن "أزمة اقتصادية" تؤدي إلى العديد من المشكلات الاقتصادية التي يشعر بها المواطنون، كتزايد معدلات الفقر والبطالة والتضخم وضعف القدرة الشرائية لدى الناس، مما يطرح تساؤلات كبيرة حول السياسة الاقتصادية للنظام. وفي حال كان النظام متماسكاً قوياً فسيكون قادراً على احتواء الأزمة من خلال إجراءات اقتصادية ليبرالية، لكن إذا كان النظام ضعيفاً قد تؤدي الأزمة الاقتصادية إلى زلزلة جذوره وبنيانه السياسي ذاته.
المشكلة لا ترتبط بالأزمة الاقتصادية ذاتها. لكن بتداعياتها الاجتماعية والسياسية، خاصة في ظل النظم السلطوية التي تعتمد في مشروعيتها على استرضاء فئات كبيرة من المجتمع من خلال سياسة اقتصادية رعوية. وفي حالة الأزمة الاقتصادية وتفاقمها يحدث تعبئة مضادة للنظام، الذي يبدأ بخسارة قاعدته الاجتماعية شيئاً فشيئاً، وتتحول فئات كبيرة لممارسة الضغوط على النظام. في هذه الحالة قد تتفاقم أزمة النظام إذا ما بدأت النخبة الحاكمة تشعر بالقلق وعدم الثقة بالنفس، وهو ما يحصل إذا كانت النخبة الحاكمة جديدة لم تُختبر في محكّات السياسة بعد. مما يؤدي - في المحصلة- إلى تضافر الأزمتين (السياسية والاقتصادية) على قدرة النظام في احتواء المشكلات.
ومن علامات عجز النظام حالة التفكك والاستقطاب التي تظهر داخل القوى المتحكمة والرئيسة فيه. فغالباًِ ما تنقسم هذه القوى إلى جناحين:
الأول: "المحافظ" يرى أن النظام لا يزال قادراً من خلال سماته الحالية، على الاستمرار والبقاء.
بينما الثاني: "الإصلاحي" يرى أن النظام، حتى يحافظ على وجوده ويتلافى احتمالات الانهيار، لا بد أن يجدد ذاته، ويعيد النظر في كثير من مقوماته بحيث يحافظ على الهيكل العام، لكن يغير كثيراً من التفاصيل. ومن الممكن جداً –كما سيأتي في المقال التالي- أن تحدث "صفقة سياسية" بين الإصلاحيين في داخل النظام وبين "المعارضة المعتدلة".
ومن العوامل المؤدية – أيضاً- إلى اعتلال النظام ونمو أزماته العامل الدولي، الذي يتمثل بضغوط سياسية واقتصادية، إذا استبعدنا انهيار النظام من خلال الغزو العسكري؛ فهذه الضغوط تساهم بدرجات متفاوتة في تأزم النظام. وهناك ضغوط النظام الاقتصادي الدولي التي تلقي أعباء كبيرة على مدى قدرة النخب الحاكمة على رسم إستراتيجية اقتصادية داخلية تتجنب الانعكاسات السلبية للنظام الاقتصادي العالمي. ويضيف عدد من الباحثين دور النظام الدولي في إيجاد مناخ عالمي محفز للديموقراطية، خاصة بعد إخفاق الأيدلوجيا الشيوعية، وظهور اتجاه عالمي نحو الديموقراطية والليبرالية إذا أسقطنا المؤشرات السابقة في "اعتلال النظام" على واقع النظام الرسمي العربي، نجد أنها تتجلي بدرجات متفاوتة في أغلب الدول العربية. لكن السؤال هو:
إلى أي مدى يمكن أن يحتفظ النظام العربي بقدرته على البقاء؟
بالتأكيد لا يرتبط الأمر بالشرعية السياسية؛ فالنظم السلطوية تعتمد على الأمن بالدرجة الأولى، وعلى خوف الناس من التغيير. لكن هناك عامل مدى قوة النظام ذاته ودرجة تماسكه، والمدى الذي وصلت إليه الصراعات داخل النخب الحاكمة، فكلها عوامل مؤثرة في عملية الانتقال. إلاّ أنّ "بريزورسكي" يشير إلى عامل مؤثر، له أهميته الخاصة في الحالة العربية، وهو:
مدى وجود أو غياب البديل المقنع للناس.
فكثير من الأوقات يكون مصدر قوة النظام خوف الناس من حالة الفوضى والاحتمالات القادمة، ولعل هذا أحد الأسرار الرئيسة في عدم انهيار النظام العربي إلى الآن.
التحوّل الديموقراطي: مراحله وسيناريوهاته
عملية ولادة الديموقراطية من رحم النظام السلطوي ليست بالنظرية الناجزة بعد في حقل العلوم السياسية، لكن يشير (غرايم جيل) إلى جملة من العمليات والمراحل التي تصاحب عملية التحول الديموقراطي، أبرز هذه المراحل "اللبرلة" التي يلجأ إليها النظام السلطوي للحيلولة دون حدوث تغييرات بنيوية في قواعد النظام وأصوله، وتدفع النخب الإصلاحية في النظام باتجاه "اللبرلة" ودرجة من الانفتاح السياسي مقابل حالة من التعنت من قبل النخب المحافظة، التي لا ترى أن حالة اعتلال النظام وصلت إلى مرحلة الخطر، الذي يبرر المراهنة بتبني إصلاحات ليبرالية.
ترى العديد من الأدبيات التي تتناول موضوع الإصلاح السياسي أن "اللبرلة" هي مرحلة أساسية – في أغلب الدول التي تمر بمرحلة انتقالية-، وتمثل "اللبرلة" محاولة من النظام السلطوي للتحايل على استحقاق الإصلاح السياسي الديمقراطي، من خلال انفتاح سياسي جزئي يقوم في بعض الحالات على إطلاق سراح السجناء السياسيين، وحرية التعبير، وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية في القضايا غير الحساسة أو غير المؤثرة. فيما يُعرّف هانتنجتون "اللبرلة" بأنها " اختيار جزئي من قبل النظام السياسي لا تتضمن إمكانية اختيار المسؤولين الحكوميين من خلال انتخابات تنافسية حرة". أما (لوسيانو مارتيز) فيعرف "اللبرلة" أنها تبني الديموقراطية باستثناء أربعة مبادئ رئيسة في اللعبة الديموقراطية: الإجماع على قواعد اللعبة، تحمّل الحكام مسؤولياتهم السياسية، حق التمثيل السياسي، تداول السلطة.
صحيح أن "اللبرلة" خيار النخبة الحاكمة، للحد من تداعيات اعتلال النظام، إلا أن نتائج ومخرجات عملية "اللبرلة" ليست مضمونة دوماً. فقد تحفز هذه الفترة قوى اجتماعية وسياسية على زيادة هامش مطالباتها ومدافعتها للنظام السياسي باتجاه مزيد من الإصلاح السياسي والتحول الديموقراطي. في هذا المجال، وإذا كانت المعارضة أو القوى السياسية على درجة من القوة والكفاءة السياسية قد تصل إلى عقد ميثاق جديد مع النخب الإصلاحية داخل النظام الحاكم، يقوم هذا الميثاق أو تلك "الصفقة" – بعبارة أدق- على الحل الوسط والالتقاء بمنتصف الطريق. في حين تختلف مضامينها من دولة إلى أخرى بين شروط إجرائية أو شروط جوهرية تتعلق بصميم الحياة السياسية و يعرف هانتنجتون الصفقة السياسية بين اللّينين في النظام والمعتدلين في المعارضة بأنها :
مقايضة المشاركة بالاعتدال"؛
بمعنى السماح للمعارضة بالمشاركة في مقابل رفض المعارضة للخيارات الراديكالية، وقبولها بالحلول الإصلاحية المعتدلة. وتمثل "الصفقة مرحلة متقدمة وإيجابية في عملية التحوّل؛ إذ إنها تحد من حالة الضبابية واللا يقين الناشئة عن اعتلال النظام، وهي ضمانات كبيرة للطرف الليّن (الإصلاحي) في النظام بالتقليل من خسائره أو مخاوفه من عملية التحوّل أو بعبارة أخرى ترشيد الانتقال إلى الديموقراطية.
ما يلفت الانتباه في حالة "الصفقة" أنّها تقوم على خيارات وممارسات نخبوية أي بين نخب في الحكم ونخب في المعارضة، وتستبعد غالباً خيار الجماهير. وهذا الاتجاه يعكس رؤية تيار عريض من الخبراء والمثقفين الغربيين، الذين يعدون دَوْرَ الجماهير وقوى المجتمع المدني ثانوياً وليس أساسياً في عملية التحول الديموقراطي؛ إذ يرصد هانتنجتون (6) حالات فقط من (33) حالة تحوّل لعبت فيها الجماهية دوراً محورياً ورئيساً في المقابل فإنّ سيناريوهات التحوّل الديموقراطي استناداً إلى أدبيات التحوّل الديموقراطي تأخذ عدة صيغ؛
الأولى "مبادرة النظام"، ويقوم هذا (السيناريو) على تصوّر أن ميزان القوى بين الحكم والمعارضة يميل لصالح الحكم؛ إذ ينشأ إصلاحيون - في النظام- ويتمكن الإصلاحيون من تحقيق نفوذ كبير داخل النظام، ويبادرون إلى القيام بإصلاحات ليبرالية، تتسع دائرة مطالب المعارضة المعتدلة بمزيد من الإصلاحات. فيقوم الإصلاحيون بالتفاوض مع المعتدلين في المعارضة ويتوصّلون معهم إلى اتفاق يعيد تأسيس جزء من بنية النظام وأدواته باتجاه توسيع دائرة صنع القرار ومحاسبة السلطة والحريات العامة.
في المقابل يقوم (السيناريو) الثاني على تصور أن ميزان القوى يميل لصالح المعارضة على حساب الحكم، ويقوم هذا التصور أن النظام ينشغل بـ"اللبرلة"، وتستغل المعارضة هذا الوضع لتكثيف نشاطها، فترد الحكومة بعنف لاحتواء الموقف، يعمل قادة الطرفين على احتواء الوضع من خلال سلسلة كبيرة من المفاوضات التي تتسم بالصعوبة والشد والجذب مما يؤدي في المحصلة إلى اتفاق يقوم على توسيع الضمانات ومكاسب سياسية كبيرة للمعارضة.
أما (السيناريو) الثالث والأخير فيقوم على تصوّر أنّ تقود جماعات المعارضة التحوّل والتغيير بعد أن يسقط النظام أو يُسقَط. ويفترض هذا (السيناريو) أن النظام ضعيف من حيث الكفاءة السياسية، وأنه لا ينجح في صد ضغوط وحملات المعارضة المتتالية؛ فيردّ بعنف، مما يزيد حالة العزلة والضعف، ويؤول في النهاية إلى السقوط، فتتولى المعارضة تصميم عملية التحوّل والصيرورة الديموقراطية.
القيمة الحقيقية للسيناريوهات السابقة، المستنبطة من استقراء حالات التحوّل في العديد من دول العالم، أنّها تقدم رؤية استشرافية للمرحلة السياسية القادمة، بعد حالة الاعتلال التي يعاني منها النظام العربي اليوم. لكن – كما ذكرتُ سابقاً- ليس بالضرورة أن تمر الدول العربية بالمراحل أو السيناريوهات نفسها، وإن كان سيناريو "الصفقة" مرشح للنضوج في العديد من الدول العربية. لكن الأمر يتطلب كفاءة وجرأة سياسية من قبل الإصلاحيين في الحكم والمعارضة المعتدلة. لكن في الحالة العربية تمثل جماعة الإخوان المسلمين وحركات الإسلام السياسي الانتخابي مركز الثقل في المعارضة العربية، وهو ما يضع على عاتق هذه الحركات مسؤولية إدراك اللحظة السياسية وقواعد التعامل مع النخب الحاكمة من ناحية. وأن تجعل مسألة الإصلاح السياسي والمطالب الديموقراطية لبّ خطابها السياسي وتفاوضها مع النخب الحاكمة.
فهل نشهد مثل هذا السيناريو في المرحلة القادمة؟
وكل ذلك نصاً ودون تعليق بحسب رأي الكاتب في المصدر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Empty
مُساهمةموضوع: رد: المجتمع المدني دراسة في إشكالية المفهوم    المجتمع المدني  دراسة في إشكالية المفهوم  Emptyالثلاثاء أبريل 14, 2015 11:21 pm

إشكالية مفهوم المجتمع المدني
ينطوي مفهوم المجتمع المدني على ثلاثة استخدامات متشابكة على الرغم من تباينها, الأول الاستخدام السياسي ويعود هذا الاستخدام إلى جون لوك الذي لم يفرق بين المجتمع المدني والمجتمع السياسي ، أما الاستخدام الثاني فيشير إلى المدلول الاجتماعي للمجتمع المدني حيث يستخدم هذا المفهوم لتوصيف النظام الاجتماعي القائم على فكرة الديمقراطية ، أما الاستخدام الثالث فيؤكد الناحية الفلسفية بمعنى انه يستخدم كغاية أخلاقية تحاول تقديم العلاقة بين الفرد والمجتمع ، أي شكل العلاقة بين الدولة والمجتمع. فإذا ما أردنا أن نحدد مفهوم المجتمع المدني فأن ذلك يتم عبر فصله وتميزه عن المجتمع السياسي، الذي يتكون من التنظيمات السياسية المركزية التي تختص بتكوين السلطة المركزية وحمايتها ، بينما المجتمع المدني يتألف من التنظيمات المدنية التي تقوم على الخصوصية والاستقلالية الذاتية وتخضع إلى قوانين غير الرسمية وهذا لا يعني أنها تقوم على أساس الضبط الدقيق لسـلوك أفرادها والقسر، إنما طريقة تكوين السلطة الداخلية فيها وممارستها مختلفة عن الشأن السياسي الذي تبنى فيه العلاقات على أساس قانون ثابت وعام ومجرد وموضوعي. وبذلك فمؤسسات المجتمع المدني تتميز بالمرونة والديناميكية فهي تولد وتنشأ على أساس العمل الطوعي للأفراد المستند إلى المصالح الخاصة والمشتركة ، لكنها تنمو وتتطور في سياق نمط من العلاقة مع المجتمع السياسي يقوم على الاستقلالية قدر الإمكان .
وفي هذا يتفق المفهوم التقليدي للمجتمع المدني في أسبقية النظام الاجتماعي على النظام السياسي ، فإذا كان المجتمع السياسي يشمل كل المؤسسات الحكومية على اختلاف مستوياتها المكرسة لبسط سلطة الدولة ، أي يشمل عنصر الإجبار المادي المشروع الذي تحتكره الدولة فأن المجتمع المدني هو المنظمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والقانونية التي تظم في حيزها شبكة معقدة من العلاقات والممارسات بين القوى والتكوينات الاجتماعية في المجتمع . لذلك فمؤسسات المجتمع المدني تنشأ من تبلور التفاعلات والعلاقات بين مختلف القوى الاجتماعية محورها المركزي أنماطاً متباينة من التضامنات الخاصة وتميزه عن المجتمع السياسي من ناحيتي المركزية والرسمية .ينظر إلى التمييز بين المجتمع السياسي والمجتمع المدني على انه ابرز علائم الديمقراطية ، فربط مفهوم الديمقراطية بالمجتمع المدني ليس له في الواقع آلا وظيفة واحدة وهي إعطاء نوع من الشرعية السياسية لمشروع الحداثة الذي تمثله الدولة . ويتبين مدى مصداقية التحول الديمقراطي في الدول من خلال تطوير قوى المجتمع المدني وانتظامها في مؤسسات وتنظيمات مدنية على أساس المصالح الخاصة والمشتركة بينهما في حين أن مستوى وعمق التحول الديمقراطي يتحددان ويقاسان بدلالة حرية العمل السياسي لهذه المؤسسات وامتلاكها القدرة الكاملة في التعبير عن المصالح وتمثيلها بشكل صحيح . هذا يعني أن مفهوم المجتمع السياسي وأن وصف بالديمقراطية لا يعني شيئاً دون مفهوم المجتمع المدني فهو ينتج السياسي وينتج الدولة السياسية , ففكرة مجتمع سياسي بلا مجتمع مدني أو فكرة مجتمع دولة وطنية بلا مجتمع مدني يشعر المرء بالأسى.
نستطيع القول أن فهم الحد الفاصل بين المجتمع السياسي والمجتمع المدني يأتي عن طريق فهم طبيعة السلطة والسياسة ، فما كان يعد في مرحلة ما من شؤون المجتمع المدني يمكن أن يصبح من شؤون المجتمع السياسي والعكس صحيح فهي تختلف مع تغير النظم الاجتماعية . الآمر الذي يجعل من غير الممكن استخدام هذا المفهوم من دون تحريره من اختلاطين رئيسيين أولهما أن المجتمع المدني رصيد قيم الحرية والتحرر مما يضعه في موقف النقيض من السلطة والدولة .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المجتمع المدني دراسة في إشكالية المفهوم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  المجتمع المدني دراسة في إشكالية المفهوم أ.م.د. عامر حسن فياض
» المجتمع المدني: المفهوم والأبعاد
» المجتمع المدني العبر وطني: قراءة في المفهوم والوظائف
» دور مؤسسات المجتمع المدني في التنشئة السياسية
» الاندماج الاجتماعي في بلد واحد .. من المجتمع الأهلي إلى المجتمع المدني (من الرعوية إلى المواطنة)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية :: مكتبة العلوم الانسانية والاجتماعية :: منتدي نشر الابحاث والدراسات-
انتقل الى: