خصائص الثورة المعلوماتية: -٢
تميزت الثورة المعلوماتية بخصائص وسمات خاصة جعلتها تختلف عن غيرها من
الثورات التى حدثت فى الماضى، أو التى تحدث حاليًا بشكل مواكب للمعلوماتية، ومن أهم
هذه الخصائص ما يلى:
١- المعلوماتية: ثورة رقمية تختلف عن الثورات السابقة: -٢-٢
فهناك كانت ثورة الفحم والكهرباء، وما تبعهما من تغييرات جذرية فى المجتمع على
المستوى الاجتماعى والاقتصادى والسياسى. فهذه التحولات التاريخية الكبيرة كان لها دورًا
انعطافيًا فى التطور البشرى والتقدم الحضارى، ولكن تحولات القرن العشرين هى شئ آخر
فى منعطفاته، إذ استخلص هذا القرن كل تجارب التاريخ واستجمع خبراته وبدأ حركة
تصاعدية بلغت ذروتها فى نهاياته وبدء إطلالته على القرن الواحد والعشرين ٤. وتعد الثورة
المعلوماتية من أهم ما تحقق فى ذلك القرن ٥، وتطورت بشكل واضح ومؤثر وفاعل فى
المجتمع مع نهاية هذا القرن ودخول القرن الواحد والعشرين.
وتتميز الثورة المعلوماتية بأن كل أشكال المعلومات يمكن أن تصبح رقمية: النصوص،
والرسومات، والصور الساكنة والمتحركة، والصوت، وتلك المعلومات يتم انتقالها خلال
الشبكة بواسطة أجهزة إلكترونية وسيطة، تمامًا كما يتم انتقال رسالة تقليدية بمظروف خلال
عدة مكاتب للبريد، حتى تستقبل فى النهاية بنقطة معينة. لقد فتحت الثورة الرقمية إمكانية
تحقيق الشبكات الحالية للاتصالات والتى يمكن من خلالها تخزين وتوزيع كم هائل من
. المعلومات الرقمية المستمرة فى التزايد المطرد ٦
٢- المعلوماتية: ثورة معرفية تتضاعف فيها المعلومات بشكل مذهل: -٢-٢
١٩٨٠ م ٧، وقد قدرت موسوعة المستقبل – تضاعفت مرة خامسة بين عامى ١٩٦٠
أن المعلومات العلمية العامة تتضاعف كل ١٢ سنة، وأن Encyclopedia of the Future
المعلومات العامة تتضاعف كل سنتين ونصف السنة ٨. مما يعنى أن ما كان يقتضى آلاف
السنين من التطور أصبح يتم خلال عقد واحد وربما أقل فى المستقبل، كأننا أشبه بقطار
. زمنى يخترق التطور اختراقًا وكلما ازداد توغ ً لا فى المستقبل ازدادت سرعة اخترا
المعلوماتية: أربع ثورات فى ثورة واحدة: -٢-٢
إن الثورة المعلوماتية التى بدأت فى القرن العشرين يمكن القول بأنها وصلت فى ذروتها
إلى أربع ثورات متداخلة ومتكاملة وهى، الثورة الأولى تمثلت فى ظهور الحاسب الآلى
الشخصى (الكمبيوتر)، والثورة الثانية هى شبكة المعلومات (الإنترنت)، والثورة الثالثة هى
ثورة الوسائط المعلوماتية (الإنفوميديا)، أما الثورة الرابعة فهى طريق المعلومات السريع
(سالانترنتز)، والذى تعد الإنترنت فيها مجرد حارة صغيرة مقارنة بذلك الطريق هائل
. الاتساع ١٠
ويرى أصحاب الرؤى المستقبلية أن الإنترنت ما هى إلا مجرد بداية، فهى بمنزلة طريق
ترابى يمهد لطريق المعلومات السريع فى القرن الواحد والعشرين ١١ . وقد أبدت الدول
والمنظمات اهتمامًا كبيرًا بطريق المعلومات فائق السرعة نظرًا لأهميته فى تطوير
الإنترنت، فعلى سبيل المثال رصدت اليابان ٤٥٠ مليون دولارًا لإنشاء شبكة ألياف قومية
بحلول عام ٢٠١٥ م، والولايات المتحدة أكثر من ٢٠٠ مليون دولار، وقد قدرت السوق
الأوروبية نفقاته بحوالى ٢٠٠ مليون دولار، والتزمت المملكة المتحدة مبدئيًا بحوالى ٤٥
. مليون دولار
٤- المعلوماتية: ثورة يصعب السيطرة عليها: -٢-٢
إن الطبيعة التى تكتنف الثورة المعلوماتية من الاعتماد على تحويل أى معلومات وأى
نشاط أو تعاملات إلى أرقام يسهل نقلها والتعامل معها، يجعل من الصعب التحكم فى هذه
الثورة أو فى تحديد أو حجب تطورها. وإذا كان الغرب هو الذى أبدع هذه الثورة الحديثة،
. فإنه يلهث وراءها حتى لا تسبقه كالمارد الذى أطلق من سجنه ولا يمكن التحكم فيه ١٣
يرى "الفين توفلر": "أن القوة فى القرن الواحد والعشرين لن تكون فى المعايير الاقتصادية
.١٤"Knowledge أو العسكرية، ولكنها تكمن فى المعرفة
المعلوماتية: تغييرات حتمية: -٢-٢
إن روح التغيير موجودة فى أعماق التشكل البشرى، وإنه سنة اجتماعية لا يمكن إلغاؤها،
وأن حقيقة قيام الأمم وقدرتها على النهوض يعتمد على مدى قدرتها فى إيجاد التغييرات
اللازمة لتطوير حركتها التصاعدية، وعلى نوعية استجاباتها للتغيرات الخارجية التى تهب
عليها من جهات أخرى، لذلك فإن الأمم التى لا تستجيب للتغيير تحكم على نفسها بالموت،
فانحطاط أغلب الحضارات وانقراضها يبدأ عندما تعجز عن فهم أنه يجب أن تغير من
. واقعها استجابة للمستجدات التى واكبت الحركة البشرية المتصاعدة ١٥
وتعد الثورة المعلوماتية واحدة من أكبر التغييرات التى يمكن أن تحدث للحضارات، فهى
كما سبق ذكره ثورة تختلف عن غيرها من الثورات السابقة أو المصاحبة فى مجال العلوم،
لها طبيعتها وجوانبها الخاصة، ولأنها ترتبط بالمعلومات ولأن المعلومات تمثل العصب
الأساسى فى جميع أوجه الحياة، فهكذا الثورة المعلوماتية بقوتها وقدرتها الفائقة أصبحت
تمثل العصب الرئيسى لكل التغييرات الممكنة فى مختلف نواحى الحياة الحضارية.
فلم يحدث تغيير كبير فى البنية الحركية والتطورية للعالم مثلما يحدث اليوم، فالآلاف
الستة من السنوات التى تشكل التاريخ المدون للبشرية لا تمثل سوى العشر الأخير من
الثانية، وقد احتاج الإنسان إلى ١٧٥٠ عامًا لمضاعفة معارفه التكنولوجية وهى مرحلة تمثل
الثلث الأخير فى هذا العشر من الثانية، بعدها أخذت القفزات تتسارع، ففى ١٥٠ عامًا
تضاعفت مرة أخرى علوم البشر، ثم مرة أخرى خلال خمسين عامًا، هذه الخبرة البشرية