ابريل 2010
1
الشبكات الاجتماعية. محاولة للفهم
المصدر: السياسة الدولية
بقلم: وليد رشاد زكى
من المفاهيم المرتبطة بالمجتمع الافتراضى، والتى ذاع صيتها بشكل يستدعى الانتباه، مفهوم الشبكات الاجتماعية، حيث دفع ولوج الملايين من البشر إلى تفاعلاتها الباحثين إلى محاولة ابتكار منهجيات علمية فى دراساتها. وهناك حقيقة تستوقف المتأمل فى دروب دراسة الشبكات الاجتماعية، مؤداها أن الواقع يسير على نحو سريع لم تتواكب مع سرعته النظريات والمنهجيات العلمية التى تنشغل بدراسة الشبكات الاجتماعية. تستعرض هذه الورقة فى محورها الأول مفهوم الشبكات الاجتماعية وأنواعها، والخدمات التى تقدمها وأنواعها. كما تستعرض فى محورها الثانى تاريخ تطور الشبكات ومراحلها، وتأسيسها على المستوى العالمى، ومردودها المحلى على المستويين السياسى والاجتماعى. أما المحور الثالث، فيركز على مقولة البناء الشبكى، ومقولة الاعتماد المتبادل، ورأس المال الاجتماعى كأداة تحليلية للشبكات الاجتماعية. ويتناول المحور الرابع العناصر التأسيسية للشبكات الاجتماعية على خلفية الأطر الفكرية الحاكمة لمؤسسيها بالتطبيق على نموذج موقع Face Book، كما يستعرض المنهجيات العلمية لدراسة الشبكات الاجتماعية. وتختتم الورقة بنظرة حول مستقبل الشبكات الاجتماعية.
الشبكات الاجتماعية.. "رؤية للمفهوم":
ازداد الاهتمام الأكاديمى بقضايا الشبكات الاجتماعية والمجتمع الافتراضى منذ أن أصبح الإنترنت بتفاعلاته جزءا من الحياة اليومية للملايين من البشر. ولم يعد مصطلح "المجتمع الافتراضى" من المفاهيم التى تستوقف الانتباه عند سماعه، إذ أصبح ذا عمومية وانتشار، ليس على المستوى والتحليلات العلمية، ولكن أصبح مفهوما متداولا عن العديد من المستخدمين لشبكة الإنترنت. ويرجع المفهوم إلى هاوارد رينجولد الذى وضع الكتاب الرائد فى هذا السياق بعنوان المجتمع الافتراضى
"Virtual Community" والذى عرف المجتمع الافتراضى بأنه تجمعات اجتماعية تشكلت من أفراد فى أماكن متفرقة فى أنحاء العالم، يتقاربون ويتواصلون فيما بينهم عبر شاشات الكمبيوتر والبريد الإلكترونى. يجمع بين هؤلاء الأفراد اهتمام مشترك، ويحدث بينهم ما يحدث فى عالم الواقع من تفاعلات، ولكن عن بعد من خلال آلية اتصالية هى الإنترنت(1).
يشكل المجتمع الافتراضى مجال نمو الشبكات الاجتماعية، ويشكل الفضاء المعلوماتى (Cyber Space) الحيز والإطار الذى يتم فى سياقاته تجميع خيوط الشبكات الاجتماعية. فقد عرفه نبيل على بأنه "فضاء جديد تقطنه الجماعات، تمارس فيه الصفقات وتقام فيه المؤسسات والمتاحف. تنقل فيه المعلومات بسرعة فائقة. ليس هناك سلطة مركزية تحكمه أو جهة رقابية تراجعه، بل مجرد لجان أو مجموعات غير حكومية"(2).
نجح الإنترنت فى تسهيل التفاعلات الاجتماعية، ليس على مستوى الإفادة فحسب، ولكن على مستوى الشبكات الاجتماعية. فلقد عرف السون وبويد الشبكات الاجتماعية بأنها "مواقع تتشكل من خلال الإنترنت، تسمح للأفراد بتقديم لمحة عن حياتهم العامة، وإتاحة الفرصة للاتصال بقائمة المسجلين، والتعبير عن وجهة نظر الأفراد أو المجموعات من خلال عملية الاتصال، وتختلف طبيعة التواصل من موقع لآخر"(3). ولقد عرفت الشبكات الاجتماعية بأنها "مجموعة من المواقع على شبكة الإنترنت، ظهرت مع الجيل الثانى للويب web 2 تتيح التواصل بين الأفراد فى بنية مجتمع افتراضى، يجمع بين أفرادها اهتمام مشترك أو شبه انتماء (بلد - مدرسة - جامعة - شركة... الخ) يتم التواصل بينهم من خلال الرسائل، أو الاطلاع على الملفات الشخصية، ومعرفة أخبارهم ومعلوماتهم التى يتيحونها للعرض. وهى وسيلة فعالة للتواصل الاجتماعى بين الأفراد، سواء كانوا أصدقاء نعرفهم فى الواقع، أو أصدقاء عرفتهم من خلال السياقات الافتراضية"(4).
تتعدد الخدمات التى تبثها الشبكات الاجتماعية، ومن أبرزها(5):
1- الملفات الشخصية أو صفحات الويب: وهى ملفات يقدم فيها الفرد بياناته الأساسية، مثل الاسم، والسن، وتاريخ الميلاد، والبلد، والاهتمامات، والصور الشخصية، ويعد الملف الشخصى هو بوابة الوصول إلى عالم الشخص.
2- الأصدقاء أو العلاقات: وهى خدمة تمكن الفرد من الاتصال بالأصدقاء الذين يعرفهم فى الواقع، أو الذين يشاركونه الاهتمام نفسه فى المجتمع الافتراضى. وتمتد علاقة الشخص ليس فقط بأصدقائه، ولكن تتيح الشبكات الاجتماعية فرصة للتعارف مع أصدقاء الأصدقاء بعد موافقة الطرفين.
3- إرسال الرسائل: تسمح هذه الخدمة بإرسال الرسائل، سواء إلى الأصدقاء الذين فى قائمة الشخص، أو غير الموجودين فى القائمة.
4- ألبومات الصور: تتيح هذه الخدمة للمستخدمين إنشاء عدد لا نهائى من الألبومات، ورفع مئات الصور، وإتاحة المشاركات لهذه الصور للاطلاع عليها وتحويلها أيضا.
5- المجموعات: تتيح الشبكات الاجتماعية فرص تكوين مجموعات بهدف معين أو لأهداف محددة، ويوفر موقع الشبكات لمؤسس المجموعة أو المنتسبين والمهتمين بها مساحة من الحرية أشبه بمنتدى حوار مصغر، كما تتيح فرصة التنسيق بين الأعضاء فى الاجتماعات من خلال ما يعرف باسم Events ودعوة الأعضاء لتلك المجموعات، ومعرفة عدد الحاضرين وأعداد غير الحاضرين.
6- الصفحات: ابتدع هذه الفكرة موقع Face Book وتم استخدامها على المستوى التجارى بشكل فعال، حيث تسمح هذه الخدمة بإنشاء حملات إعلانية موجهة تتيح لأصحاب المنتجات التجارية فرصة عرض السلع، أو المنتجات للفئات التى يحددونها. ويقوم موقع الفيس بوك باستقطاع مبلغ مع كل نقرة يتم التوصل إليها من قبل المستخدم.
مراحل النشأة من التأسيس العالمى إلى المردود المحلى:
عند الحديث عن مراحل تطور الشبكات الاجتماعية فى الفضاء المعلوماتى، تجدر الإشارة إلى مرحلتين أساسيتين:
المرحلة الأولى: ويمكن وصفها بالمرحلة التأسيسية للشبكات الاجتماعية، وهى المرحلة التى ظهرت مع الجيل الأول للويب
web 1. ومن أبرز الشبكات التى تكونت فى هذه المرحلة شبكة موقع sixdegrees.com، الذى منح للأفراد المتفاعلين فى إطاره فرصة طرح لمحات عن حياتهم وإدراج أصدقائهم. وقد أخفق هذا الموقع عام 2000. ومن المواقع التأسيسية للشبكات الاجتماعية أيضا موقع classmates.com الذى ظهر فى منتصف التسعينيات، وكان الغرض منه الربط بين زملاء الدراسة. شهدت هذه المرحلة أيضا إنشاء مواقع شهيرة أخرى، مثل موقع live journal، وموقع cyworld 1999 الذى أنشئ فى كوريا، وموقع Ryze الذى كان يهدف إلى تكوين شبكات اجتماعية لرجال الأعمال لتسهيل التعاملات التجارية(6). وكان أبرز ما ركزت عليه مواقع الشبكات الاجتماعية فى بدايتها خدمة الرسائل القصيرة والخاصة بالأصدقاء. وعلى الرغم من أنها وفرت بعض خدمات الشبكات الاجتماعية الحالية، إلا أنها لم تستطع أن تدر ربحا على مؤسسيها، ولم يكتب لكثير منها البقاء.
المرحلة الثانية: يمكن وصف المرحلة الثانية بأنها الموجة الثانية للويب web 2، والمقصود هنا أنها ارتبطت بتطور خدمات الشبكة، وتعتبر مرحلة اكتمال الشبكات الاجتماعية. ويمكن أن نؤرخ لهذه المرحلة بانطلاقة موقع my space، وهو الموقع الأمريكى المشهور، ثم موقع الفيس بوك. وتشهد المرحلة الثانية من تطور الشبكات الاجتماعية على الإقبال المتزايد من قبل المستخدمين لمواقع الشبكات العالمية. ويتناسب ذلك الإقبال المتزايد مع تزايد مستخدمى الإنترنت على مستوى العالم.
حذبت الموجة الثانية للشبكات الاجتماعية العديد من المتفاعلين على مستوى العالم، وتعد مواقع الشبكات الاجتماعية وسيلة للتواصل والتقاطع بين العالمية والمحلية. فالتفاعلات تتم على خلفية السياق العالمى، وتتبلور متغيراتها على الصعيد المحلى، وذلك عبر عدة متغيرات يمكن الوقوف عليها فى النواحى التالية:
1- المتغيرات الاجتماعية:
تتلخص المتغيرات الاجتماعية للشبكات فى محورين، يتمثل المحور الأول فى تكوين الصداقات، بينما يتمثل المحور الثانى فى عضوية الجماعات، ويمكن طرحهما من خلال السياق التالى:
أ- تكوين الصداقات:
سهلت الشبكات الاجتماعية من تكوين الصداقات، حيث تجمع الشبكات بين الصداقات الواقعية، والصداقات الافتراضية. والفرضية الأساسية التى تقوم عليها هذه الصداقات هى مشاركة الاهتمامات، والجمع بين أصحاب الاهتمامات عبر الفضاء المعلوماتى.
ب- عضوية الجماعات:
سمحت الشبكات الاجتماعية بأن تجمع فى طياتها الجماعات الاجتماعية ذات الاهتمامات المتجانسة، ومن الممكن أن تؤسس هذه الجماعات بين أفراد المجتمع المحلى، أو يتم الاشتراك فيها على مستوى الصعيد العالمى. والمتأمل لواقع الفيس بوك وانتشاره فى مصر - على سبيل المثال - يدرك من خلال ملاحظاته انتشار الجماعات المحلية، فهناك جماعات لمعظم المحافظات، بل هناك مدارس أسست جماعات على الفيس بوك، كما أن هناك جماعات مرتبطة بالجامعات المصرية، وجماعات للكليات المختلفة، وجماعات لأصحاب الاهتمامات وغيرها. والمراد الوصول إليه فى هذه النقطة أن منشأ الشبكات الاجتماعية عالمى، ومردوه الاجتماعى محلى، حيث تقع هذه الجماعات على متصل العالمية والمحلية.
2- المتغيرات السياسية:
أصبح الشأن السياسى متغيرا أساسيا بالنسبة للشبكات الاجتماعية، التى أسهمت فى دمج التفاعلات السياسية بين عالمين، الأول هو العالم الواقعى، والثانى هو العالم الموازى المتمثل فى الشبكات الاجتماعية المنتشرة عبر الفضاء الافتراضى. إن المردود البارز للشبكات الاجتماعية يتجلى بوضوح فى النواحى السياسية. ويمكن التدليل على ذلك فى ثلاثة محاور، يتمثل الأول هو تعبئة الرأى العام، ويتمثل المحور الثانى فى ممارسة قضايا المواطنة، والثالث فى تفعيل دور المجتمع المدنى.
أ- تعبئة الرأى العام:
تلعب الجماعات المنتشرة فى الشبكات الاجتماعية دورا فعالا فى تعبئة الرأى العام تجاه بعض القضايا السياسية. فعلى سبيل المثال، أضحت الشبكات الاجتماعية مجالا للاحتجاجات والتشجيع على الإضرابات. والدليل على ذلك أن هناك حركات اجتماعية مثل حركة شباب 6 أبريل فى مصر، استغلت الفضاء الافتراضى فى التحريض على الإضراب والتحول من السياق الافتراضى إلى السياق الواقعى. من ناحية أخرى، فتحت الشبكات الاجتماعية مجالا جديدا للدعايات الانتخابية وطرح البرامج الانتخابية، حيث تكونت جماعات عبر شبكة الفيس بوك على المستوى المحلى فى عدة دول لنشر البرامج الانتخابية، وجمع التأييد الشعبى، وبذلك أضحت الشبكات الاجتماعية بوابات للممارسة السياسة. وقد ظهر هذا الاهتمام بالسياسة مع ظهور الموجة الثانية للشبكات الاجتماعية، وعلى استحياء فى البداية، ثم ازداد صيت الشبكات الاجتماعية ومردودها على ممارسة السياسة على الأصعدة المحلية.
ب- ظهور المواطنة الافتراضية:
فتحت الشبكات الاجتماعية المجال أمام ممارسة قضايا المواطنة عبر الإنترنت، وهى الظاهرة التى أطلق عليها المواطنة الافتراضية Virtual citizenship. ففى ظل التوترات التى تعانيها الدولة القومية، وتقلص الحقوق السياسية، وعدم مصداقيتها - إلى حد ما - فى السياقات الواقعية للمجتمعات العربية، يصبح المجتمع الافتراضى مجال ممارسة لحقوق المواطنة، والمطالبة بالحقوق السياسية(7).
ج- تفعيل دور المجتمع المدنى:
تسهم الشبكات الاجتماعية وتناميها فى السياقات العالمية ومردودها المحلى فى زيادة تفعيل دور المجتمع المدنى، حيث إن هناك العديد من منظمات المجتمع المدنى قد بنت لها قواعد فى المجتمع الافتراضى عبر الشبكات الاجتماعية. تستغل بعض النقابات والجمعيات الأهلية الشبكة فى زيادة التواصل بين أفرادها، ودعوة المستفيدين إلى برامجها ومشروعاتها.
نظرية الشبكات الاجتماعية.. "المقولات الرئيسية":
باتت الشبكات الاجتماعية تشكل واقعا اجتماعيا له مردوده على الكيانات السياسية والاجتماعية. ولذلك، فإن الوقوف على إطار نظرى تحليلى أصبح أمرا مهما لتفسير هذا الواقع. ولدت فكرة التنظير للشبكات الاجتماعية من رحم علم الاجتماع، فلقد تبنى التنظير الاجتماعى أطرا تحليلية، أبرزها التحليلات المرتبطة برأس المال الاجتماعى لدراسة فاعلية الشبكات الاجتماعية. وتجدر الإشارة فى هذا الصدد إلى مفارقة أساسية، تتبلور فى أنه على الرغم من ذيوع الشبكات الاجتماعية وانتشارها فى الآونة الأخيرة، إلا أن العلوم السياسية لم تستطع أن تبلور نظرية متماسكة لاستخدام هذه الجماعات كأداة تحليلية فى العلوم السياسية. وهنا، برزت دعوة مؤداها ضرورة الاستفادة من الفرضيات النظرية المطروحة فى علم الاجتماع فى تفسير واقع الشبكات الاجتماعية، مع الأخذ فى الاعتبار تأثيراتها على واقع الحياة السياسية(8). ومن المفيد هنا استعراض المقولات الأساسية المتعلقة بالشبكات الاجتماعية على مستوى التنظير الاجتماعى.
1- مقولة البناء الشبكى:
تنطلق هذه المقولة من حقيقة مغزاها أن البناء الشبكى يمثل الرابط بين مجموعة من الحزم الاجتماعية التى تتمثل فى الأفراد أو الجماعات، أو كيانات مثل الشركات والمؤسسات. وعلى عكس الفرضيات المرتبطة بالبناء الاجتماعى فى التنظير التقليدى، فالتفاعلات المتبادلة التى تتم داخل البنية الشبكية لا يشترط أن تسرى فى الكيان الشبكى كله. فقد يتم التفاعل الاجتماعى فى مستواه الافتراضى بين الأفراد بعضهم بعضا، أو الجماعات والأفراد، وقد يهمل الأفراد أو تهمل الجماعات تفاعلات مع أفراد آخرين داخل الشبكة. وقد يصل الأمر إلى غياب التفاعل لدى بعض الأفراد داخل الشبكة. ويعتمد البناء الشبكى على دعامتين أساسيتين، تتمثل الدعامة الأولى فى قوة الروابط، التى تعنى أن الشبكات الاجتماعية والبناء الشبكى يستمد طاقته التى تسبب ذيوع وانتشار الشبكة على قوة الروابط بين الأفراد أو الجماعات، والتى يتمخض عنها متانة البناء. والدعامة الثانية تتمثل فى خواص الروابط، التى تتنوع بتنوع مجالات الاهتمام، والتى تتعدد بدورها داخل البناء الشبكى.
يتمحور البناء الشبكى فى مجالين، يتمثل الأول فى البناء الشبكى العالمى، المتمثل فى بنية تفاعلية عالمية تتصل بموضوعات لا تخص جماعة إثنية أو أقلية معينة، ولكن تنصهر كل الأقليات والتباينات الثقافية داخل بوتقة التفاعل العالمى للشبكة. والثانى يتمثل فى البناء المحلى للشبكات الاجتماعية. وهنا، يظهر دور الجماعات المحلية التى خلقت لنفسها وحدات داخل التفاعلات العالمية، والتى يتمحور التركيز فيها على الموضوعات والسياسات المحلية، أو التى تخص جماعات بذاتها فى إطار اهتمام داخلى. وتخضع البنية الشبكية فى هذا المحتوى إلى تجانس الثقافى إلى حد كبير(9). ويضيف الباحث فى هذا الصدد رؤية مؤداها أن الأفراد والجماعات فى إطار الشبكات الاجتماعية لهم القدرة على التفاعل مع البنية الكوكبية والبنية المحلية فى وقت واحد، وهنا يتهجن البعد الثقافى للأفراد ويجمع بين المحلية والعالمية. ويترجم ذلك بوضوح فكرة الثقافة الرمزية "Cyber Culture" التى تتلخص فى أنها ثقافة المتفاعلين فى السياقات الافتراضية.
2- مقولة الاعتماد المتبادل:
يمثل الاعتماد المتبادل مقولة أساسية مرتبطة بتحليلات الشبكات الاجتماعية، مع ملاحظة أن هذه مقولة تختلف باختلاف أدبيات العلوم الإنسانية. فإذا كان الاهتمام فى أدبيات علم النفس النظرية تركز على المحور السلوكى فى تفسير مرجعية الاعتماد المتبادل، فإن أدبيات العلوم السياسية تركز على فكرة نقل المعلومات، باعتبار أن لها دورا فى تحليل الشبكات الاجتماعية من ناحية، ولها مؤثراتها السياسية من ناحية أخرى. بينما تركز أدبيات علم الاجتماع على تفسير الاعتماد المتبادل فى سياقاته الاجتماعية. والفرضية الأساسية للمقولة يمكن بلورتها فى الجملة الآتية "يلعب الاعتماد المتبادل دورا أساسيا فى تبادل المعلومات بما يؤثر على المعتقدات والقرارات الشخصية والجماعية والمنافع وحتى الاحتجاجات والإضرابات"، مع الأخذ فى الاعتبار أن تشكل الاعتماد المتبادل يكون بحسب قوة الروابط بين الأفراد والجماعات. وتتفاوت قوة الروابط بالدوافع المختلفة لاستخدام الشبكات الاجتماعية، فالدوافع الترفيهية تختلف عن الدوافع الاجتماعية التى تختلف بدورها عن الدوافع السياسية، مع ملاحظة دينامية العلاقات عبر الشبكات الاجتماعية. إذ إنها من الممكن أن تضعف، لأنها مرتبطة باهتمامات الأفراد التى ربما تضعف قوتها بما يؤثر على فاعلية الاعتماد المتبادل(10). والجدير بالذكر أن الشبكات الاجتماعية لا تنشأ من فراغ، ولكن منشأها الأصلى يخضع للاعتبارات الأيديولوجية. فمؤسسو الشبكة، سواء كانوا أفرادا أو جماعات، يتبنون أفكارا معينة، وتنشأ بناء على هذه الأفكار الشبكة. هذا لا يعنى أن هناك استاتيكية فى البناء الشبكى، فقد تتغير التوجهات الفكرية لمؤسسى الشبكة. وتعتبر شبكة الفيس بوك مثالا على ذلك، حيث أسس الموقع Mark Zuckerberg وهو طالب فى جامعة هارفارد الأمريكية، خوفا من أن إدمانه للإنترنت قد يجعله يفقد أصدقاءه بعد الانتهاء من الدراسة الجامعية، فأسس موقع Face Book، ثم توسع الموقع ليضم، إضافة لطلبة جامعة هارفادر، طلاب مدارس وجامعات أخرى، ثم واصل الموقع اتساعه إلى أن أصبح يمثل أكبر مواقع الشبكات العالمية(11). وإذا كانت الفرضية الأساسية للمجتمع الافتراضى منذ نشأته ترتكز على مشاركة الاهتمامات، التى تعد محددا أيديولوجيا يستمد مرجعيته من الأطر الفكرية الحاكمة للمستخدمين، فإن الشبكات الاجتماعية تتميز بإمكانية الدخول والخروج إليها، وذلك تبعا للتغيرات التى تطرأ على معتقدات أو أفكار الفرد. والمقصود هنا أن هناك قدرا كبير من المرونة والحرية فى الدخول والخروج من الشبكة.
منهجية تحليل الشبكات الاجتماعية:
أشار هيلست (Van Der Hulst) إلى الحاجة إلى أدوات بحث متقدمة لدراسة الشبكات الاجتماعية، ومن ضمنها ما وصفه بأسلوب تحليل الشبكات الاجتماعية. يستهدف هذا التحليل فحص الأبنية الاجتماعية المعقدة، والتى تسمح بتطبيقات واسعة، وتشتمل على الكثير من الرسوم البيانية، وتستخدم التقنيات الحسابية للوصول إلى مؤشرات تحدد خصائص النشاط الشبكى، والأدوار الاجتماعية، والمشاركات. والغرض الأساسى للتحليل الشبكى يكمن فى الكشف عن أنواع الروابط بين المسجلين، وتحديد المنافع والقيود والبناء الشبكى، بالإضافة إلى التركيز على خصائص الشبكة(12).
تحليلات الإثنوجرافيا الافتراضية:
تعتبر المناهج الوصفية إحدى الوسائل المنهجية لدراسة الشبكات الاجتماعية، ومن أبرز التكنيكات التى تستخدم فيها هى دراسة الحالة الافتراضية، وهى وسيلة مفيدة فى تحليل الشبكات، ودراسة التجمعات فى السياقات الافتراضية. وتستخدم دراسة الحالة الافتراضية داخل وسط الإنترنت، وتستهدف وحدة التحليل فيها الأفراد أو الجماعات، وتتم جميع المقابلات والاستجابات من خلال وسيط، هو الإنترنت، عبر أحد المواقع الشبكية لجمع معلومات عن الفرد أو الجماعة. وتستهدف الوصول إلى بيانات كيفية يمكن من خلالها تقديم وصف للجماعات والعقد الشبكية. ومن ضمن أدوات الإثنوجرافيا الافتراضية الملاحظة التى تتم فى سياقات دراسة المجموعات عبر الإنترنت.
الهوامش:
1- تجدر الإشارة إلى أن هناك نسخة إلكترونية من هذا الكتاب على شبكة الإنترنت، يمكن الحصول عليها.
- Haward Rhingold, Virtual Community, 1993, http//:
www.com.user/(R)vcboal2- نبيل على، تحديات عصر المعلومات، مكتبة الأسرة، الأعمال العلمية، القاهرة، 2003، ص 254.
3- Danah m. Boyd, Nicole B. Ellison, Social Network Sites; Definition, History and Scholarship, Journal of Computer Mediated Communication, vol(13), issue (1).
ttp://icmc.indiana.edu/vol13issue1/boyd.ellison.html4- مواقع الشبكات الاجتماعية وطريقة عملها، وحدة المعرفة، جوجل، 2009، متاحة فى مواقع الشبكات الاجتماعية وطريقة عملها:
http://knol.google.com5- مواقع الشبكات الاجتماعية وطريقة عملها، مرجع سابق.
6- Danah m. Boyd, Nicole B. Ellison, Social Network sites; Definition, History and Scholarship, op. cit.
7- للمزيد حول أبعاد المواطنة الافتراضية، انظر: وليد رشاد، المواطنة فى المجتمع الافتراضى.. "تأملات نظرية على مرجعية الواقع المصرى"، ورقة مقدمة إلى المؤتمر السنوى العاشر للمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، القاهرة، الفترة من 16 - 19 مايو 2009.
8- Annica, Santdstro, The Performance of Policy Networks. The Relation Between Networks Structure And Networks Performance, The Policy Studies Journal, Vol 36. Issue 4, Published By Wiley Periodicals, Oxford, 2008, P. 497, 505.
9- Garry Robins, Yoshikashima, Social Psychology And Social Networks: Individuals And Social Systems, Asian Journal Of Social Psychology, Vol 11, Black Well Publication, 2008, P. 5-6.
10- David. Siegel, Social Networks And Collective Action, American Journal Of Political Science, Vol 53, Number 1, January, 2009, P. 124-125.
11- نيرمين خضر، الآثار الاجتماعية والنفسية لاستخدام الشباب المصرى لمواقع الشبكات الاجتماعية، دراسة على موقع الفيس بوك، ورقة مقدمة لمؤتمر الأسرة والإعلام وتحديات العصر، المؤتمر الدولى الأول، كلية الإعلام، جامعة القاهرة، الفترة من 10 - 17 فبراير، 2009، ص 2.
12- Van Der Hulst, Introduction To Network Analyses (Sna) As Investigative Tool, Springer Science And Business Media, Published Online: 13 December 2008.
- Ebsco host database, p. 104-105.
13- يمكن الرجوع إلى هذه الدراسة فى:
- Patricia Drentea And Jennifer L. Moren-cross, Social Capital And Social Support On The Web:, The Case Of An Internet, Mother Site, Sociology Of Health & Illnes Issn 98890141 Blackwell Publishing Oxford, 2005, Pp. 920-943.
14- يمكن الرجوع لهذه الدراسة فى:
- Perolof Agren, on The Creation Of Social Capital In Virtual Community: Case Study,
Www.uofrmetic.nmu.se,15- يمكن الرجوع إلى هذه الدراسة فى:
- Susanc. Kinvelly, Problems And Promises In The Study Of Virtual Community: A Case Study, University Of Pennsylvania, school Of Social Works Usa 2000
Www.isoc.orglinet2000/cdproceedings/29/29_.1htm.