المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
اهلا بكم في المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
اهلا بكم في المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية

علم الاجتماع- العلوم الاجتماعية- دراسات علم الاجتماع
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
Like/Tweet/+1
المواضيع الأخيرة
» أحمد محمد صالح : أثنوغرافيا الأنترنيت وتداعياتها الإجتماعية والثقافية والسياسية
لنهضة الفكرية عند العرب و البدايات الأولى للإصلاح Emptyالخميس أبريل 29, 2021 10:43 pm من طرف زائر

» قارة آمال - الجريمة المعلوماتية
لنهضة الفكرية عند العرب و البدايات الأولى للإصلاح Emptyالإثنين أبريل 26, 2021 5:37 pm من طرف ikramg

» معجم مصطلحات العلوم الإجتماعية انجليزي فرنسي عربي - الناشر: مكتبة لبنان - ناشرون -سنة النشر: 1982
لنهضة الفكرية عند العرب و البدايات الأولى للإصلاح Emptyالخميس أبريل 22, 2021 2:24 pm من طرف Djamal tabakh

» سيكلوجية_المسنين
لنهضة الفكرية عند العرب و البدايات الأولى للإصلاح Emptyالإثنين أبريل 19, 2021 4:46 pm من طرف Mostafa4Ramadan

» ممارسة خدمة الفرد مع حالات العنف الاسرى دعبد الناصر
لنهضة الفكرية عند العرب و البدايات الأولى للإصلاح Emptyالإثنين أبريل 19, 2021 4:45 pm من طرف Mostafa4Ramadan

» جرائم نظم المعلومات
لنهضة الفكرية عند العرب و البدايات الأولى للإصلاح Emptyالسبت أبريل 17, 2021 3:39 pm من طرف Djamal tabakh

» دور التعلم الإلكترونى فى بناء مجتمع المعرفة العربى "دراسة استشرافية"
لنهضة الفكرية عند العرب و البدايات الأولى للإصلاح Emptyالسبت أبريل 17, 2021 2:54 pm من طرف Djamal tabakh

» أصــــــــــــــــــــــــول التربية
لنهضة الفكرية عند العرب و البدايات الأولى للإصلاح Emptyالسبت أبريل 17, 2021 5:02 am من طرف Djamal tabakh

» نحو علم اجتماع نقدي
لنهضة الفكرية عند العرب و البدايات الأولى للإصلاح Emptyالإثنين أبريل 05, 2021 11:22 am من طرف ظاهر الجبوري

» د.جبرين الجبرين: الإرشاد الاجتماعي في المجتمع السعودي
لنهضة الفكرية عند العرب و البدايات الأولى للإصلاح Emptyالأربعاء مارس 31, 2021 4:25 am من طرف nahed

سحابة الكلمات الدلالية
الجماعات في الاجتماعية موريس تنمية الجوهري التلاميذ الاجتماعي الشباب والاجتماعية العنف العمل التخلف الجريمة اساسيات محمد الخدمة المجتمع التغير المجتمعات التنمية الالكترونية المرحله كتاب البحث الاجتماع
أحمد محمد صالح : أثنوغرافيا الأنترنيت وتداعياتها الإجتماعية والثقافية والسياسية
لنهضة الفكرية عند العرب و البدايات الأولى للإصلاح Emptyالجمعة مارس 12, 2010 11:26 am من طرف nizaro

لنهضة الفكرية عند العرب و البدايات الأولى للإصلاح ___online

أثنوغرافيا …


تعاليق: 93
جرائم نظم المعلومات
لنهضة الفكرية عند العرب و البدايات الأولى للإصلاح Emptyالإثنين مارس 08, 2010 10:02 am من طرف فريق الادارة
لنهضة الفكرية عند العرب و البدايات الأولى للإصلاح ___online.pdf?rnd=0

ضع ردا …


تعاليق: 5
أصــــــــــــــــــــــــول التربية
لنهضة الفكرية عند العرب و البدايات الأولى للإصلاح Emptyالأحد يناير 03, 2010 9:37 pm من طرف فريق الادارة

تهتم مادة (اصول التربية) بدراسة الاسس التاريخية …


تعاليق: 146
نحو علم اجتماع نقدي
لنهضة الفكرية عند العرب و البدايات الأولى للإصلاح Emptyالسبت يوليو 24, 2010 2:02 am من طرف فريق الادارة

العياشي عنصر
نحو علم اجتماع نقدي






يعالج الكتاب …


تعاليق: 13
لأول مرة : جميع مؤلفات الدكتور محمد الجوهري - مقسمة علي ثلاث روابط مباشرة وسريعة
لنهضة الفكرية عند العرب و البدايات الأولى للإصلاح Emptyالسبت أبريل 23, 2011 10:27 pm من طرف باحث اجتماعي
مدخل لعلم الأنسان المفاهيم الاساسية في …


تعاليق: 283
أصل الدين - فيورباخ
لنهضة الفكرية عند العرب و البدايات الأولى للإصلاح Emptyالإثنين مارس 01, 2010 10:38 pm من طرف فريق الادارة



أصل الدين - فيورباخ

لنهضة الفكرية عند العرب و البدايات الأولى للإصلاح …


تعاليق: 223
العنف في الحياه اليوميه في المجتمع المصري-احمد زايد
لنهضة الفكرية عند العرب و البدايات الأولى للإصلاح Emptyالخميس يناير 14, 2010 10:27 am من طرف فريق الادارة
لنهضة الفكرية عند العرب و البدايات الأولى للإصلاح ______-_

[hide][url=http://www.4shared.com/file/196965593/6e90e600/______-_.html]…


تعاليق: 43
مبادئ علم الاجتماع - للمؤلف طلعت ابراهيم لطفي
لنهضة الفكرية عند العرب و البدايات الأولى للإصلاح Emptyالثلاثاء ديسمبر 22, 2009 7:25 am من طرف فريق الادارة


مبادئ علم الاجتماع


إذا أعجبك الكتاب اضغط لايك في …


تعاليق: 264
نظرة في علم الاجتماع المعاصر - د. سلوى خطيب
لنهضة الفكرية عند العرب و البدايات الأولى للإصلاح Emptyالسبت فبراير 06, 2010 11:31 am من طرف فريق الادارة
نظرة في علم الاجتماع المعاصر
د. سلوى خطيب

رابط التحميل


تعاليق: 39
التدين الشعبي لفقراء الحضر في مصر
لنهضة الفكرية عند العرب و البدايات الأولى للإصلاح Emptyالأربعاء مايو 26, 2010 4:14 am من طرف فريق الادارة

التدين الشعبي لفقراء الحضر في مصر

[img]…


تعاليق: 22

 

 لنهضة الفكرية عند العرب و البدايات الأولى للإصلاح

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
احمد امبارك
عضو جديد
عضو جديد



التخصص : فلسفة
عدد المساهمات : 4
نقاط : 6
تاريخ التسجيل : 23/09/2011
العمر : 58

لنهضة الفكرية عند العرب و البدايات الأولى للإصلاح Empty
مُساهمةموضوع: لنهضة الفكرية عند العرب و البدايات الأولى للإصلاح   لنهضة الفكرية عند العرب و البدايات الأولى للإصلاح Emptyالجمعة سبتمبر 23, 2011 12:20 am

النهضة الفكرية عند العرب و البدايات الأولى للإصلاح


احمد امبارك
مفتش التربية الوطنية لمادة الفلسفة











تمهيد:
عرفت بلاد الإسلام عهودا زاهرة، جعلتها من أهم المراكز الفكرية التي كان لها تأثير على العالم برمته ، ولكن منذ أواخر القرن الثاني عشر، بدأ الضعف يدب في أوصال المسلمين، فبدأ هذا البعد الحضاري يتلاشى ، نتيجة عوامل متشابكة استنزفت طاقة المسلمين الاقتصادية والعسكرية والدينية وجعلتهم مرتعا لأطماع الغزاة ..
عرف هذا العصر "بعصر الانحطاط "واستمر الحال على هذا الوضع حتى نهاية القرن الثامن عشر، وفي الوقت الذي استسلم فيه المسلمون لهذه الظروف، كانت أوربا تتهيأ لوضع نماذج ومفاهيم جديدة عن الحياة والكون، والعالم، و تتربص لاحتلال الوطن العربي الإسلامي ابتداء من القرن الثامن عشر،وهو مازاد الطين بلة،وأدى إلى تعميق مظاهر التخلف أكثر مما كانت عليه.يصف لوثروبستودارد LOTHROP STODDARD(1883-1950) حالة العالم الإسلامي قائلا:
" كان العالم الإسلامي في القرن الثامن عشر قد بلغ من التضعضع أعظم مبلغ ومن التدني والانحطاط أعظم دركة، فأربد جوه، وطبقت الظلمة كل صقع من أصقاعه، وانتشر فيه فساد الأخلاق والآداب، وتلاشى ما كان باقيا من أثار التهذيب العربي"(1)،لقد رافق هذا الوضع انحلال اجتماعي و سياسي و اقتصادي و ديني أضعف الأمم الإسلاميةو يمكن الكشف عن هذا الانحلال بتحليل مختلف الاوضاع الدينية و الاجتماعية و السياسية.

الأوضاع الدينية:
لقد كانت البلدان الإسلامية تعيش في الأوهام و الخرافات و في ظل البدع و العادات السيئة، و خاصة من قبل بعض مشايخ الصوفية الذين صاروا مقصدا للتبرك و التقديس .
لقد ساد الفساد في كل شيء، و خاصة في العقيدة بداية بالتصوف إلى الدروشة و التلاعب بعواطف العامة، كما كثر الهرج و المرج ، وأصبحت الطرقية عنوان للمذلة و المسكنة و الانعزال و التخلف و أصبح الصبر على الطبيعة القاسية من أهم أفكار الصوفية المتداولة آنذاك(2). لقد فسدت عقيدة التوحيد و أصبح بعض المسلمين يتبركون بالأولياء و بآثارهم، لأن الاعتقاد في نظرهم أولى من الانتقاد. ومن مفاسد العقيدة انتشار التطرف و التعصب المذهبي، حيث تشدد الفقهاء المتأخرون في القضايا الدينية و توسعت الهوة بين الناس و صعب عليهم فهم دينهم.لقد عمد بعض المستشرقين على إثارة الخلافات القديمة و زرع البلبلة و إحياء الطائفية،مما زاد من تفكك المسلمين و تشرذمهم و أصبح الدين عندهم مجرد لهو.
وإجمالا يمكن القول أن الدين كما فهمه هؤلاء، أصاب الفكر بالجمود و التحجر المذهبي حيث فسرت كل أنماط التخلف بإرجاعها إلى القضاء و القدر(4).
إن البحث عن الحقيقة في هذه الفترة كفر و استعمال العقل سفاهة و في هذا يقول محمد رشيد رضا:"إن معرفة الحقائق كفر،و فسر عدم الأخذ بالأسباب إيمانا و ترك الأعمال النافعة عدت توكلا، و الجبر صار توحيدا، و اعتبار الجهل و التسليم به صلاحا ، و استعمال العقل سفاهة، و الفهم مهانة و الاستسلام صار رضا و تسليما و تواضعا"(1)
إن مظاهر الفساد المختلفة أنتجت أمة عشائرية، و فكرا قبليا جامدا و مجتمعا يجمع بين قبول الفقر كقضاء و قدرا، و السكوت على الاستبداد و تفعيل الطبقية، و بذلك ضاعت مصالح المسلمين، و انهارت القيم السامية، و تحجر الفكر، و غلق باب الاجتهاد ،و تعطل الفكر، و عم التقليد، و أصيب الدين بنوع من القداسة يجتر بقايا الاجتهادات، لم ترق إلى مستوى الفكر الخلاق.
لكن سرعان ما بدأت هذه الأرضية المعادية للإبداع تزول بداية من القرن التاسع عشر مع بداية التحديات الدينية و العلمية و الاقتصادية، فطرحت قضية التقدم بقوة من ابرز الشخصيات التي دعت إلى النهضة و تفعيل الاجتهاد منها الشيخ محمد بن عبد الوهاب(1703/1791)، حيث ازداد النفوذ الوهابي في الجزيرة العربية، وكان الغرض هو تخليص العقيدة الإسلامية من الشوائب التي طمس بها وجهها الحقيقي بسبب التقليد و الإتباع و الشرك.
و قد شبه محمد بن علي السنوسي(1787/1859) ((2))العالم الإسلامي بالقطيع الذي لا راعي له، و قواه مشلولة و جاهلة و مستغلة، و فسر تراجع الآمة الإسلامية إلى إهمال العلماء للاجتهاد.
إن من أهم شروط الاجتهاد عند محمد السنوسي توفر الحرية التي هي الأداة الفعالة لكسر قيود السلطة السياسية، كما أن هذا الاجتهاد لا يلغي دور الدين، بل هو سعي حثيث للتوفيق بين العقل و النقل و هذا التوافق هو أساس الحركية و الديناميكية في الفكر الاجتهادي ، كما حاول الشيخ الطاهر الجزائري(1852-1920) في نفس المسار، الدعوة إلى استخدام العقل، و نبذ التحجرو التمذهب، في حين كان البعض يحارب
الاجتهاد كالشيخ عليش(1852-1881) الذي كفر عام1834 الشيخ محمد السنوسي بسبب اجتهاده.
لكن هذه الردود العكسية دفعت السنوسي و غيره من المجتهدين إلى التوفيق بين الدين و السياسية، و هو ما عجز الكثير من الحكام تحقيقه ميدانيا، مما زاد من الانغلاق في المجتمع.و في هذا الإطار يقول علي مراد:
"إن عصر الدفعة الخلاقة و الإنتاج الفكري العظيم، بدأ و كأنه يلفظ أنفاسه في كل أنحاء العالم الإسلامي، و تقوقع هذا العالم على نفسه فيما يشبه الانغلاق المعنوي بسبب غلق باب الاجتهاد منذ القرن الرابع الهجري"( )،و يسانده في هذا السيد جمال الدين الأفغاني إذ يقول:
"لماذا هذا الجمود و الوقوف على أقوال البعض، مع أنهم لم يقفوا عند أقوال البعض من سبقهم، فاجتهدوا بما يناسب عقولهم و عصرهم، لماذا لا نجتهد نحن في عصرنا و نضيف إلى ما توصلوا إليه ( ).
2-أوضاع التعليم و محتوياته
لم تكن محتويات التعليم ترضي أغلب المصلحين، كون هذه المناهج تهمش الدين وتعتبره مادة لا تؤثر في الرسوب و لا النجاح.
كان التعليم في الأزهر يعتمد على الطريقة القديمة التي تتمثل في حشو الأدمغة بالمعلومات دون نقد أو تمحيص و في هذا يقول أحمد أمين :
"...كان التعليم في عصر محمد عبده يقوم على الفلسفة اللفظية،و يعلم صاحبه الدقة في الفهم و القدرة على الجدل، و لكن لا يستخدم هذه الدقة لا في اللفظ و لا في الجدل،و لكن تجعل صاحبها غارقا في الاحتمالات بما يراه في الحواشي و الشروح من التأويلات..."(3)
كان التعليم يعتمد على الإملاء و من حق المعلم أن يجمع ما أعطاه لتلامذته في العام كله، أو في مادة معينة، ثم يصبح الكتاب مرجعا بعد طبعه،لذلك أجمع المؤرخون على جمع ما كتبه المعلمون من مقالات و كتب، تنشر دون مراقبة أو نقد، عدا كتب العقائد التي كان لا بد لها من رخصة للإذن بالنشر(1).
كانت طريقة الأزهر تعتمد على مبدأ"أعتقد و لا تنتقد" و هو ما دفع الشيخ محمد عبده إلى الدعوة لإصلاح الأزهر، و هو أعظم خدمة قدمها للإسلام وأن فساد الأزهر هو فساد المسلمين و إصلاحهم في إصلاحه.
لقد أعتمدت طريقة التعليم على الاجتهاد الفردي الذي يختلف من معلم لأخر ، هذه الصورة المزرية للتعليم ،دفعت إلى رفض ابن باديسهذه الطريقة قائلا:
"كان التلميذيقضي الشهور والسنينوهو لم يفهم شيئا، ببساطة فإن حصة القرآن الكريم كانت تتحول إلى كيفية تطبيق القواعد النحوية على هذا التفسير أو ذاك و هكذا يثقل عقل الطالب ويضيع وقته الطويل في الخصومات النحوية"(2).
يبدو أن سلبيات التعليم انعكست على العالم الإسلامي في مختلف المجالات، حيث أصبح أساس العلم هو رد البضاعة كما حفظت دون تحوير دون بالزيادة أو النقصان، بحيث كان التعليم حشوا و إطنابا لا يذكي قريحة و لا يفتح باب التجاوز والإبداع، و هذا ما أدىبمالك بن نبي (1905-1973)أيضا إلى نقده بشدة.
لم تتغير مضامين التعليم العربي منذ قرون، و التي تركزت حول العلوم الشرعية، ورواية الحديث، و قد تميزت هذه العلوم بالتقليد الأعمى و التكرار(3)، كما تميزت الكتب المدرسية بغياب عنصر التشويق، لأنها ألفت في زمن ضعف اللغة العربية، فلا يكاد يكون هناك تجاوبا بين المعلم و المتعلم، فهي تتكلم عن عصر غيرعصرالمتعلم ومحيط غير محيطه.وصور السيد جمال الدين الأفغاني هذا الجمود في قوله:"إن المسلمين بقوا مجتمعين أمام قنديل من الزيت، يقرأون هذا الكتاب أوذاك،فلم تأت في أذهانهم في يوم من الأيام فكره يتساءلون فيها، لماذا هذا القنديل ينطفئ؟ ويخرج دخانا عندما يرفع له غطاءه، لماذا يشتغل هذا القنديل عندما نغلق غطاءه"(1).
لقد ورثت حالة التعليم كما نرى جيلا ضعيفا،منكسر الخاطر، هجين الثقافة ،مفكك الروابط،جيل يعتمد على التقليد الأعمى و التجارب الفاسدة(2).
-الأوضاع السياسية والاقتصادية:
أصيب الاقتصاد كذلك بالتردي والجمود، و هو ما أضعف دور العرب كوسطاء لتجارة الشرق المربحة مع الغرب ((3)و مع إطلالة القرن التاسع عشر حدث الكثير من التطورات في شتى أنحاء العالم حيث تصاعدت حركة التحدي الأوربي فاحتل الفرنسيون مصر عام 1798 ، وأنفرد محمد علي(1821-1905) بحكمها بعد خروج الفرنسيين وأصبح حكم مصر وراثيا بموجب معاهدة لندن بين الدولة العثمانية والدول الغربية الكبرى عام 1841، وبذلك فتح محمد علي الباب على مسرعيه للحضارة الغربية طوال هذا القرن .
وفي عام 1830 احتلت فرنسا الجزائر وضمتها إلى مملكتها الاستعمارية واحتلت بريطانيا عدن عام 1839، لتأمين وصولها إلى الهند والشرق الأقصى، واحتلت تونس في عام 1881، وإستلاء الانجليز على مصر عام 1886 ثم على السودان عام 1899 ،واستيلاء ايطاليا على ليبيا عام 1916 واستيلاء فرنسا على المغرب في السنة نفسها، ثم اقتسام الشام والعراق بين بريطانيا وفرنسا بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى عام 1918 وهكذا تمزقت البلاد إلى أشلاء حيث كان له أثره العميق في تخلفنا..
عوامل النهضة الفكرية عند العرب و البدايات الأولى للإصلاح
شهدت العقود الأخيرة خلال القرن التاسع عشر ظاهرة يقظة العالم الإسلامي، وهي ظاهرة سياسية ودينية في الوقت نفسه، وقد تبلورت هذه الظاهرة نتيجة تيار فكري عريض تكوَّن من عنصرين،أولها:ذو اتجاه ديني، يستلهم الأيديولوجية الإصلاحية التي كانت في طور التشكُل في العالم الإسلامي منذ نهاية القرن الثامن عشر، وثانيهما: ينبع من أصول عَلمانية خالصة، ويتخذ من النموذج الأوروبي في التحديث مرجعاً له.و إن دل هذا على شيء فإنما يدل على صدق الحديث النبوي الشريف القائل:"من أن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لهل دينها" (1).
وبناءً على ذلك فقد حرص رواد الحركة الإصلاحية على التواصل مع كل التيارات الفكرية التي كانت تمد الفكر الإسلامي بأسباب البقاء والنماء في كل مراحله التاريخية. وقد حرصوا بشكل أخص على إثبات تواصلهم الوشيج مع علماء الشريعة في العصور الإسلامية الزاهية(2)، وكذلك حرصوا على إظهار التبجيل الفائق لأهم وأبرز ممثلي الفكر الإسلامي الكلاسيكي، مثل الغزالي (505هـ/ 111م)، وابن تيمية (728هـ/ 1328م) (3).
من المؤكد أن جميع هؤلاء المصلحين لم يكن لديهم نفس التوجه الفكري، ولا نفس المزاج النفسي، ولا نفس التصور والرؤية لماهيِّة الإصلاح الإسلامي في العصر الحديث. فبعضهم كان يعتقد أن مهمته في الحقل الإصلاحي تنحصر في محاولة إصلاح الأخلاق وحث الناس على التمسك بأحكام وتعاليم الدين الحنيف، وبشكل خاص الاستمساك بالعبادات والشعائر الدينية. وقد كان هذا الفريق من المصلحين يشعر بأن الله عز وجل قد اختاره وانتدبه لهذه المهمة «النبوية» من أجل إنقاذ الأمة الإسلامية من أخطاء وانحرافات العصر الجديد المحيطة بهم من كل جانب. وبعضهم الآخر كان يرى أن ميدان عمله الإصلاحي هو الحقل الاجتماعي، لذلك فقد حصر مهمته في العمل على دفع عجلة التغيير إلى الأمام في المجالات الفكرية والتربوية والاجتماعية من أجل تكييف البُنى الاجتماعية ـ الثقافية في العالم الإسلامي مع متطلبات الأزمنة الحديثة.
وبكلمة موجزة، فإنه يمكننا القول، بأنه ابتداء من منتصف القرن التاسع عشر، فإن العالم الإسلامي من الهند وإلى ضفاف حوض البحر الأبيض المتوسط، قد شهد ولادة طبقة جديدة من المثقفين المتنورين، كانوا طليعة شعوبهم الإسلامية نحو استشراف آفاق المستقبل. وقد أجمع هؤلاء المثقفون ـ كلٌ حسب تصوره ومنطلقاته الخاصة ـ على ضرورة تجديد فهم الإسلام باعتباره ديناً ونظاماً من القيم الأخلاقية والاجتماعية المتكاملة، وقد أعلنوا إيمانهم وثقتهم الكاملة بقدرة الإسلام على تمكين الأمة من تجاوز حالة التخلف والتأخر التي وجدتْ نفسها فريسةً لها.
العوامل التي ساعدت على هذه النهضة :
1-تأثيرات الثقافة الغربية:
لا يمكننا هنا أن نتتبع مختلف مراحل التغلغل الثقافي الغربي في المجتمعات الإسلامية، ولكن يمكننا أن نلاحظ أنه على الرغم من المواجهات العنيفة التي طبعت بداية هذا التغلغل، فقد أدى الدخول المباغت للثقافة الأوروبية في العالم الإسلامي إلى حدوث تغييرات حاسمة على مستوى الأفكار والعلاقات والبُنى الاجتماعية فيه( ). ونشير هنا إلى أن الاتصالات الأولى بين المجتمعات الإسلامية ودول الغرب الاستعماري، والتي كانت تتم عبر القنوات العسكرية والإدارية والإرساليات الدينية والسلع والبضائع، كانت تؤكد أنَّ أوروبا تشهد حالةً من الحِراك الاجتماعي الشامل من أجل تجاوز عصر «الأنوار» والانخراط الجدي في العصر «الصناعي». وبإمكاننا أن
نعرف مدى الصدمة التي أصابت الوعي الإسلامي آنذاك عن طريق قياس درجة الفضول التي أبْدَتها النُخب الإسلامية تجاه الأفكار الجديدة التي جلبتها معها قوى الغرب الاستعماري( ).
وفي الحقيقة فإن اكتشاف المسلمين للتقدم الأوروبي الهائل لم يثر قدراً كبيراً من الدهشة والتعجب فقط، بل أثار أيضاً بين أوساط المثقفين منهم تساؤلات مشوبة أحياناً بالقلق والخوف حول موقف المسلم من علوم الغرب وتقنياته الحديثة، وحول الموقف الذي يجب أن يتخذه المسلم في مواجهة الانتشار الكثيف للثقافة الغربية( ).
وهكذا فقد أصبحت مسألة الالتقاء أو التنافر بين الثقافة الإسلامية والثقافة الغربية، هي الموضوع الرئيسي المطروح على بساط النقاش والجدل الفكري الذي هيمن على الحياة الثقافية في العالم الإسلامي طوال القرن التاسع عشر.
في خضم هذه المقابلة والمقارعة بين الثقافتين الإسلامية والغربية، بدأت تظهر في المشهد الثقافي الإسلامي شيئاً فشيئاً مفاهيم وقيم غربية عديدة، وبدأت قاعدة تَلقيِّها الجماهيرية تزداد اتساعاً يوماً بعد يوم، وبدأت الشبيبة الإسلامية المتنورة تتفاعل تفاعلاً خصباً مع أهم هذه القيم والمفاهيم التي كانت سائدة في المجتمعات الأوروبية آنذاك مثل: مفاهيم الفردية، والليبرالية، التقدم الاجتماعي، والروح النقدية، والعقلانية، البحث الحر البعيد عن الحدود الضيقة المفروضة من قِبل التراث المدرسي.
لقد وجدت كل هذه المفاهيم والقيم طريقها إلى الذيوع والانتشار من خلال استخدام المؤرخين والأدباء ورجال الإصلاح لهم في كتاباتهم. وفي الحقيقة فإن مختلف صنَّاع الرأي العام في البلاد الإسلامية، بدأوا وبشكل طوعي بإستخدام منظومة المفاهيم والمصطلحات الأوروبية الجديدة للتعبير عن أفكارهم الدينية والاجتماعية على السواء بأساليب معاصرة، وفي الوقت نفسه متوافقة ومنسجمة مع روح الثقافة الإسلامية الأصيلة.

2-تطور الدولة العثمانية نحو التفكير الليبرالي:
إن تاريخ العالم الإسلامي يمتزج ويتداخل بشكل كبير مع تاريخ الدولة العثمانية منذ القرن السادس عشر الميلادي، وذلك لأن هذه الدولة كانت تُشكل فضاءً جغرافياً سياسياً مترامي الأطراف، يضم بين جنباته بالإضافة إلى تركيا بشقيها الأوروبي والآسيوي، وبعض المناطق البلقانية، القسم الأعظم من العالم بما فيه الجزائر حتى عام 1830م. وكانت أجزاء هذه الإمبراطورية الضخمة تخضع لسلطة موحدة يمثلها خلفاء بني عثمان، وقد كان هؤلاء الخلفاء يمارسون سلطة فعلية على رعايا دولتهم بخلاف السلطة الروحية لبابا الكنيسة الكاثوليكية في روما. وقد حظيت هذه الدولة بحكم ثقلها السياسي وهيبتها الكبيرة في الساحة الدولية بولاء ومساندة حقيقية من قِبل معظم المجتمعات والدول الإسلامية بما فيها تلك المجتمعات التي لم تخضع لوصايتهم السياسية، فقد كانت تشكل في نظر الجميع درعاً واقياً وسياجاً حامياً لوجود ومصالح المسلمين في كل أنحاء العالم.
وهكذا فإنه يمكننا القول بأن الخلفاء العثمانيين قد لعبوا دوراً كبيراً في التطور الاجتماعي والثقافي، وحتى المصير التاريخي بالنسبة للعديد من الشعوب الإسلامية التي كانت خاضعة لهم. ومن هنا يسهُل علينا القول بأن الإصلاحات التي قامت بها الدولة العثمانية في القرن التاسع عشر، تركتْ آثاراً كبيرة في حياة المسلمين وتطور مجتمعاتهم.
ولكن هذه الإصلاحات التي اتخذتها الدولة العثمانية على عجل بسبب ضغط القوى الأوروبية، والتي كانت في مجملها أقل من طموحات الرأي العام لأنها لم تتوسع لتشمل الحياة العقلية والاجتماعية للمسلمين، استُقبلت باستياء من قِبل جمهور المحافظين لأنها لا تمثل قارب النجاة الذي يمكنه إنقاذ الدولة العثمانية من علامات الضعف والوهن التي حلَّت بها، والتي كانت تنذر باقتراب انهيارها وسقوطها المروع.
وبالفعل فإن الدولة العثمانية (الرجل المريض في نظر أوروبا) بدأت تعاني شيئاً فشيئاً من تداعي قوتها العسكرية، وتقلص نفوذها السياسي على المسرح الدولي، والسبب الذي أدى إلى كل ذلك هو أنها لم تقم بعملية إعادة تنظيم عميقة لبُناها

الاجتماعية والاقتصادية،ولم تقم بمراجعة جذرية لأيديولوجيتها الفكرية، وهكذا استسلمت الدولة العثمانية لِقَدرها التاريخي المحتوم، ووقعت فريسة لا حول لها ولا قوة بين أنياب الفناء والاندثار.ومهما يكن من أمر فإن الإصلاحات التي دشنتها الدولة العثمانية، كانت تعكس بوضوح الخط التحديثي الذي انحازت له في القرن التاسع عشر، وقد ساند هذا الخيار ـ على الرغم من كل الملاحظات السابقة ـ جمهور العلمانيين، ومعظم جمهور الإصلاحيين الذين كانوا ينادون بضرورة الأخذ بأسباب التقدم، وضرورة انفتاح الدولة الإسلامية على التطورات الحديثة، ولكن من دون أي مساس بالرمز الديني الذي كان يمثله خليفة المسلمين، السلطان العثماني.
3-الحملة الفرنسية على مصر :
لقد عدت حملة نابليون على مصر وبلاد الشام من أبرز الأحداث التاريخية في حياة التاريخ العربي الحديث ، وفاتحة بارزة للقرن التاسع عشر، حيث شاهد المصريون مدى التقدم الغربي وعمق التخلف العربي الإسلامي، عن طريق إرساليات التبشيرية التي شرعت الأبواب في وجهها من القرن التاسع عشر،و البعثات العلمية التي أوفدها محمد علي.
لقد فتحت الثورة الفرنسية على مصر أبواب العرب على الحضارة الغربية بما اشتملت عليه الثورة الفرنسية من مبادئ سياسية وأنظمة إدارية وآداب وفنون وطباعة وصحافة وغيرها(1) أراد نابليون أن يدخل مصر فاتحا، فلجأ لتحقيق أهدافه التوسعية إلى أسلوب المودة ، حيث اصطنع الإسلام وادعى أنه يقوم بأحكامه الدنيوية والأخروية، ويحترم السلطان العثماني.لقد دخل مصر لإنقاذهاكما يدعي من نظام المماليك (2)، لكن الوقائع أكدت كذب هذه الحجج الواهية و تهافتها ،و هو ما عكسته الممارسات العملية و الأجواء العكرة التي خلفت(ثورة القاهرة )التي أقدم عليها الأئمة الثائرين ، فواجههم نابليون
بالقوة و التنكيل بالثائرين ومصادرة ممتلكاتهم(1) هو ما يعكس أطماعه في احتلال مصر لمكانتها الرائدة في الشرق العربي.
ألقى الفرنسيون بذور القومية في تربة مصر(2)و حققوا رغبتهم السياسية في إقامة دولة قوية في مصر ، إلى جانب زعزعة استقرار بلاد الإسلام.
لقد نجحت الثورة الفرنسية في إيقاظ عقول المصريين ، كما ولدت هذه الثروة اتجاها في المجتمع المصري يرمي نحو التغريب ، فكان لهذه الحملة تأثير بالغ في بناء المفاهيم الجديدة في المجتمع المصري .
وهذا يعكس تاريخيا كون مصر أقوى من غيرها من بلدان المشرق العربي، وأن

مصر في ظل حكم محمد علي وضعت العديد من الأحلام موضع التطبيق (3).
4- الدور المؤثر للطوائف والإرساليات التبشيرية:
إلى جانب الحملة الفرنسية أصبح دور الإرساليات التبشيرية بارزا في لبنان وسوريا التي افتتحت المدارس والمطابع و نشرت العلم في الربوع إبان القرن التاسع عشر(4) .
تعرف اللبنانيون على أخبار الثورة الفرنسية عن طريق التجارة المتبادلة بين مصر ولبنان ومن الحملة الفرنسية فتأثروا بما إشاعته الحملة من مبادئ ديمقراطية ، فدخلت مبادئ الثورة الفرنسية إلى لبنان عام 1860.
كانت مبادئ تلك الثورة (حرية ،إخاء ، مساواة ) نواة فكرة المدرسية المسيحية العلمانية في لبنان في القرن التاسع عشر ، تلك المدرسة التي يعتبر فاروق الشدياق الذي أعلن إسلامه وسمى نفسه أحمد (1804 -1887 ) وناصيف اليازجي (1800- 1871 ) وأديب
إسحاق (1856- 1885) ...الخ ،هؤلاء هو الرواد لهذه المدرسة(1)، يقول أديب إسحاق :"تلك ثورة الفرنسيين برزت إلى عالم العقل عام 1879 وصدمت قوة الاستبداد فضعضعتها ، ورفعت عن العيون نقابها وعن النفوس حجابها ، فأنست في جانبها روح الحرية ، وخلعتجلابيب الرق والعبودية(2)"ويضيف قائلا :" هذه الثورة ترى الموت في الحرية حياة ...والحياة في الرق موتا ...رسخت في عالم الوجود قدما وكثر الملأ من حولها وأدهشت الدنيا"(3)
لقد كانت الأقليات المسيحية هي الأكثر استجابة وبشكل تلقائي للأفكار الغربية الحديثة. وقد استطاعت الإرساليات التبشيرية التي وفدت إلى الشرق القيام بدور فاعل في عملية البناء الثقافي الحديث للطوائف المسيحية في الدولة العثمانية، وقد تمكنت من فعل ذلك بسبب ابتعادها عن الاشتغال بعملية التبشير بين أبناء المسلمين، وحصر نشاطها بين أبناء الطوائف المسيحية العثمانية. وقد شهدت الكنائس الشرقية في ذلك الوقت انفتاحاً ملحوظاً على الغرب وثقافته الجديدة بفضل الدعم السياسي والدبلوماسي الذي كانت تحظى به من قِبل القوى الأوروبية من جهة، وبفضل الدماء ذات الأصول الأنغلوسكسونية واللاتينية التي أتت عن طريق الإرساليات الأجنبية، وأخذت مكانها في عملية توجيه الكنائس الشرقية من جهة أخرى. وتجدر الإشارة إلى أنَّ مصير الأقليات المسيحية، ومشكلة حمايتها كان من بين الاهتمامات الثقافية للدول الأوروبية العظمى في علاقاتها مع الباب العالي في الأستانة.
لقد شكَّل الإصلاح الأول منذ سنة 1856م ـ الذي تمَّ بسبب ضغط القوى الأوروبية ـ مرحلة حاسمة في سياق التطور الاجتماعي والسياسي للطوائف المسيحية في السلطنة العثمانية، هذه الطوائف التي استفادت أكثر من غيرها من مجمل الإصلاحات والتنظيمات العثمانية الجديدة. وفي هذا الصدد يجب أن نذكر بأن الكنائس الشرقيةالكاثولوليكية المدعومة من روما تحولت ـ بفعل هذه الظروف الملائمة ـ إلى بؤرة نشيطة من بؤر الثقافة والفكر الجديد في الشرق آنذاك(1).وفي هذا السياق يجدر الانتباه أيضاً إلى أنَّ تعاظم نفوذ الإرساليات بعد عام 1856م وتغلغلها أكثر فأكثر في العديد من المجتمعات الإسلامية، أدى إلى إثارة ردود فعل دفاعية واحتجاجية من قبل المسلمين، الأمر الذي دفع بعضهم إلى زيادة تمسكهم بدينهم الإسلامي، ودفع بعض المسئولين الدينيين إلى زيادة الاهتمام بالتعليم الديني وتطوير مناهجه وأساليبه لمجاراة المدارس الدينية المسيحية. لهذا الأمر، فإننا سنجد عدداً من رجال الإصلاح الإسلامي ـ على غرار المبشرين البروتستانت ـ سيُعطون الأولوية في خطة إصلاحهم، إلى الدعوة إلى دراسة القرآن الكريم وزيادة الاهتمام به باعتباره المصدر الديني الأكمل والأوثق، والحكم عند الاختلاف في قضايا العقيدة والشريعة..

4-البعثات العلمية(التيار العلماني):
حاول محمد علي فور تسلمه السلطة عام 1805، إلى جعل مصر دولة حديثة ، تماثل دول أوربا المتمدنة ، قوة وعمرانا ، وفي سنة 1861 بدأ محمد علي بتوجيه من الفرنسيين في إنشاء المدارس النظامية ، وكان قد شرع في إرسال البعثات في العام نفسه ، وأرسل مع هذه البعثات أئمة للصلاة وكان منهم رفاعة رافع الطهطاوي (1801-1873) ذلك الشاب الأزهري الذي كان أنبغهم جميعا ، وقد تفتح ذكاؤه على الثقافة الفرنسية بخاصة وحضارة الغرب عامة، فأتقن الفرنسية ونبغ في تعلمها، ونقل عشرات الكتب في العلوم المختلفة الى اللغة العربية.كتب الطهطاوي كتاب "مباهج الألباب المصرية في مناهج الآداب العصرية"، يمتدح فيه الحرية والديمقراطية ويعجب بالبرلمان والصحافة ، كما ألف كتاب آخر"تخليص الإبريزفي تاريخ باريز"يرى أن أهل باريس أكثر حضارة من غيرهم ، لأنهم يعرفون معنى علم و الفن والجمال، أكمل الطهطاوي ما كان يحلم به شيخه حسن العطار(2)شيخ الأزهر في أيامه.
نقل إلى العربية القانون المدني الفرنسي، ونقل الدستور الفرنسي ، والنشيد الوطني الفرنسي وتغني به.
يتميز الفكر السياسي عند الطهطاوي بسمة بارزة، هي الفصل بين السلطات في الدولة، والتمييز بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، والسلطة القضائية، وهذا التمييز لم يحسم في الحقيقة إلا في العصر الحديث .
كان الطهطاوي يرى في كتابه الأول "تخليص الإبريز في تخليص باريس"الذي أصدره عام 1834 م، أن الشعب هو صاحب السيادة ، لكنه في كتابه "مناهج الألباب المصرية في مناهج الآداب العصرية "،أصبح يرى أن رئيس الدولة هو صاحب السيادة ومصدر جميع السلطات(1)، هذا التحول في الرأي السياسي للطهطاوي قد أدت إليه جملة من العوامل ربما ما نزل بالطهطاوي من عنت شديد بين حكم محمد علي وإسماعيل "1863-1879" على أيدي الولاة الرجعيين ، وقد أصبح هو احد أبناء الطبقة الحاكمة و قطبا من أقطاب الأوستوقراطية (2).
يعد الطهطاوي أول كاتب مصري ،حاول إيقاظ الوعي الوطني إلى حياة الاستقرار والطمأنينة (3)، ونستطيع أن نقول :انه مهما يكن من حسن قصد الطهطاوي ومن يمثله من رجال هذه المرحلة لاتصال الإسلام بالحضارة الغربية، فالشيء الذي لاشك فيه أن فكره قد طرأ عليه عناصر جديدة أحدثت تطورا خطيرا في نزعته التحررية التي سادت فرنسا في القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر، هذا التطور حدث تحت تأثره خلال إقامته بباريس وانغماسه في ترجمة الثقافات الغربية (4).
نستنتج مما سبق ، أن الطهطاوي قبل التشريع الوضعي الذي يستند إلى العقل ، ووافق في ذلك خير الدين التونسي(1866-1891)، الذي دعا إلى اقتباس من الغرب عن فقه وبصيرة، كان فيه خير الدين أكثر اهتماما بالنواحي الاقتصادية والسياسية.
لقد كان لهذا الأخير قناعة،بأن ما حل بالمسلمين من ضعف وانحطاط هو عرض زائل، وان صفة الانحطاط تداولتها الدول عبر التاريخ، فمن هو اليوم في تقدم كان بالأمس متأخرا، ومن نماذج إصلاحاته ،انه نهض بالقطاع الفلاحي، فأصلح الأراضي، وشجعزراعة أشجار الزيتون، في كل من صفاقصوزعوان، وسهل على الفلاحين دفع الضرائب، وجعل الدفع نقدا، ونظم العلاقة)بين الملاك والمزارعين، وبين الملاك والحكومة، فعادت للحكومة هيبتها ، فانصرفوا عنها(2)،أراد خير الدين التونسي إيصال رسالة للمجتمعات الإسلامية في عصره، وهي أن يعتبروا إذا ما أرادوا الخلاص وان يأخذوا من تجربة أوربا ما يفيدهم دون الانسلاخ عن هويتهم وقيمهم الحضارية، فهذا خيار لا مفر منه حفاظا على بقائهم .
يرى خير الدين أن الخروج من هذه الحلقة المفرغة التي تكرس التخلف وترسخ قواعده، يجب أن يتم عن طريق التجديد و التحديث الذي يسميه "بالتنظيمات "،فهذا خيار لا مفر منه، إذا ما أريد تجنب الوقوع تحت السيطرة الأجنبية، يأتي في مقدمة هذا التحديث إدخال تنظيمات سياسية شبيهة بتلك الموجودة عند الأوربيين، هذه التنظيمات ترتكز على دعامتين أساسيتين، وهما العدل والحرية الذين هما مبدآن أصليان في الشريعة الإسلامية لقد تصدى خير الدين لرد حجج المناهضين "للتنظيمات "وتنفيذ أرائهم ،ليعرج إلى موضوع خطير ألحق ضررا بالغا بالشعوب الإسلامية، وفي مقدمتها الإمبراطورية العثمانية، والمتمثل في الامتيازات الأجنبية ،فكانت هذه بحق، جرثومة غرست في جسم الآمة الإسلامية منذ الثلث الأول من القرن السادس، عشر والتي ما فتئت تنخره من الداخل إلى أن حولته إلى هيكل عظمي لا يستطيع الوقوف على قدميه، إلا بصعوبة شديدة ،فهذه حالة الإمبراطورية العثمانية في القرن التاسع عشر والتي ينطبق عليها بحق وصف الأوربيين لها "بالرجل المريض ".إن الدعوة إلى الاقتباس من أوربا لما هو مفيد للمجتمعات الإسلامية هو الكفيل بإخراجها من دائرة التخلف إلى أفق رحب من شأنه أن يوفر لها الرقي والرخاء.
5- ازدهار تقنيات الطباعة و ظهور الصحف:
عرفت مصر أول مطبعة عربية دخلت البلاد مع الحملة الفرنسية عام 1798، وكانت تسمى المطبعة الأصلية، وظلت مصر مدة عشرين عاما بعد خروج الفرنسيين دون مطبعة، حتى انشأ محمد علي "المطبعة الأصلية عام 1860،وقد ساهمت هذه المطبعة في نشر العديد من الكتب والمؤلفات الحديثة والقديمة، وإحياء التراث بطبع الكتب المترجمة وإيصالها إلى الناشئة من المثقفين العرب فكان لها دور كبير في النهضة العربية الحديثة (1) .
كانت الطباعة أحد العوامل الحاسمة في عملية النهضة الثقافية في العالم الإسلامي، فقد كانت البلاد الإسلامية متأخرة لمدة أربعة قرون بالنسبة لأوروبا في مجال الطباعة، ولم يتمكن العالم الإسلامي من إصدار الكتب والصحف والمجلات باستخدام تقنيات الطباعة إلا في بداية القرن التاسع عشر.
إن الجيل الجديد من المسلمين ،كان على عجلة من أمره لمواكبة أحداث عصره والإطلاع على أفكاره الجديدة، وكان يسعى بكل حماس إلى استيعاب التقدم العلمي والتكنولوجي الذي يمثل الغرب طليعته، فبعد قرون من الركود الفكري والنضوب الثقافي، بدأت تظهر في أفق العالم الإسلامي حاجةٌ ملحة للخلق والإبداع، وبدأت تتعالى في كل أصقاعه أصوات داعية إلى التغيير واستكشاف ثقافات الآخرين، والتحرر من ضغوط التراث المدرسي. وهكذا يمكن القول بأن حركة عقلية وروحاً جديدة بدأت تعلن عن نفسها، وتشير هنا وهناك الكثير من الدعوات الإصلاحية، والمبادرات الفكرية والجريئة والمتحمسة .كل هذا أدَّى إلى تشكل مناخ ملائم للدخول إلى عصر النهضة.
هذا العصر الذي لم يكن مجرد يقظة فكرية بل كان انبعاثاً وتجدداً حقيقياً أصاب كل مناحي الحياة (1).
البدايات الأولى للإصلاح( الفكر السلفي):
تعتبر أولى الردود عند المفكرين العرب ردود دينية، وكانت الحركات الدينية أقوى الحركات الفكرية،لقد أدى هذا المجهود الفكري إلى محاربة انتشار البدع
والمبالغة في التطرف من قبل الطرق الصوفية، كما أن الجهل بأصول العقيدة الصحيحة،دفع عددا من العلماء الذين أدركوا ضرورة الإصلاح الىإيقافالتدهور الذي يعيشه المسلمون في جميع المجالات،ففي القرن الثالث عشر ظهر أمام الحركية السلفية تقي الدين احمد بن تيمية (1262-1327) الذي دعا إلى تحرير الإسلام من البدع وقال في هذا الصدد".
" هكذا يريد هؤلاء الضالون المتحيرون أن يفعلوا بالمؤمنين يريدون أن يدعوا من دون الله ما يضرهم ولا ينفعهم وهي المخلوقات والأوثان والأصنام وكل ما عبد من دون الله، ويريدون أن يردوا المؤمنين على أعقابهم، يردونهم عن الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت(1)وسار على نهجه تلميذه شمس الدين محمد بن القيم الجوزية 1291م -1350م الذي تولى نشر أفكار أستاذة في بلاد الشام ومصر وألف كتاباتها في القضاء الشرعي هو"الطرق الحكمية في السياسة الشرعية"، ومن أراء هذين العاملين الجليلين استمدت الحركة الإصلاحية السلفية تعاليمها(2)، وأهم هذه الحركات السلفية الحركة الوهابية.(3)

الحركة الوهابية
تعتبر الحركة الوهابية أول رد فعل ديني على انحلال المجتمع العربي في العصور الحديثة (4) تنسب إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب وهو زعيم الفرقة التي تسمى الوهابية، ولد في قرية العينية في نجد عام 1703 وتعلم دروسه الأولى بها، أقام نحو أربع سنين في البصرة، وخمس سنين في بغداد، لم يتمكن من زيارة بلاد الشام،خرج من بلدته يدعو الناس إلى أفكاره الجديدة درس كتب ابن تميمة، وابن الجوزية في الإصلاح الديني، ألف عدة كتب صنعها آراءه في الإصلاح الديني أهمها كتاب التوحيد، كتاب كشف الشبهات، كتاب السيرة المختصرة، كتاب السيرة المطولة، أهم مسألة
شغلت ذهنه مسألة التوحيد وهي عماد الإسلام، ومن اجل هذا سمي هو وأتباعه أنفسهم "بالموحدين "أما اسم الوهابية فهو اسم أطلقه الخصوم وأستعمله الأوروبيون.
تركز الحركة الوهابية على نبذ الشرك ،و عبادة الله وحده،و أن الله وحده هو مشرع العقائد و كلام الفقهاء في التحريم و التحليل ليس حجة في الدين،و أن مصدر التشريع هو القرآن الكريم و السنة النبوية الصحيحة.
كما تقوم على التوحيد و هو أن الله سبحانه منفرد بالخلق والتدبير عن الملائكة والأنبياء وهو أن الله يعبد وحده ، لاملكا مقربا ونبيا مرسلا، إلا أن هذه الحركة، قد صدمت البعض بتصلبها وعدم تسامحها ففقدت تأييد بعض أهل السنة واعتبروها سفسطة(1)
لم تقتصر الدعوة الوهابية على البلاد الإسلامية بل تعدتها إلى الكثير من الأقطار العربية ،فكان الحج فرصة سامحة لعرض الدعوة الوهابية في الجزيرة العربية.
وعلى الرغم من الطابع الأصولي الذي اتسمت به الحركة الوهابية(2)، فإن دعوتها الدينية كانت تتضمن عدة عناصر جديدة:
أ- على مستوى التفكير العقائدي، فإنه يمكننا اعتبار هذه الحركة، قد قدَّمت نموذجاً للبروتستانتية الإسلامية، وذلك عندما أصرَّت على حصر السلطة التشريعية في يد الله ورسوله أي في القرآن والسنة فقط، ورفضت أي تساهل أو تأويل عقدي فيما يتعلق بوحدانية الله عز وجل وصفاته،كما أبدَتْ تشدداً صارماً في قضية الالتزام بالأخلاق الإسلامية.
ب- أما على مستوى الواقع الاجتماعي: فقد استنهضت هذه الحركة روح الفعالية الاجتماعية والثقافية والسياسية في المسلمين، وشحذت عزائمهم حتى يرتفعوا إلى مستوى عظمة تاريخهم وحضارتهم في الماضي.
وهكذا فإن الحركة الوهابية مزوَّدةً بحساسيتها الأخلاقية الكبيرة، وسياستها الشرعية الداعية إلى المساواة والعدل، وطموحها نحو استعادة عظمة الإسلام، قد عملتْ بلا كلل ولا فتور على إنهاض الأمة الإسلامية، ومن أجل ذلك فقد خاضت نضالاً ضد روح التقليد المذهبي، وضد الظلامية التي كانت تنشرها بعض الطرق الصوفية، وضد الروح الانهزامية والسلبية التي كانت تشل إرادة وفاعلية الحكومات والشعوب الإسلامية أمام الأزمات التاريخية التي كانت تعاني منها الأمة الإسلامية آنذاك. وبناءً على هذه المواقف الجريئة، فإن أفكار الدعوة الوهابية قد لاقت تجاوباً وتفاعلاً معها من قِبل الجيل الجديد من المثقفين المسلمين في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، على اعتبار أنَّ هذه الأفكار تتوافق مع روح الأزمنة الحديثة التي بدأت منذ الحملة الفرنسية على مصر، وبداية عهد التنظيمات الجديدة في الدولة العثمانية. وبالفعل فإن الروح التجديدية التي بثتها الحركة الوهابية قد انتشرت انتشاراً واسعاً في جميع أنحاء العالم الإسلامي، على مستوى البلاد العربية، وشبه القارة الهندية ، و انعكست أثارها في الاتجاهات الحديثة للإصلاح السياسي الإسلامي عند السيد : جمال الدين الأفغاني و الشيخ محمد عبده و تلميذهما رشيد رضا.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
لنهضة الفكرية عند العرب و البدايات الأولى للإصلاح
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ***///***حركة الدفاع عن المستهلك , بين البدايات والافاق***///***
» الجذور الفكرية للنظرية البنيوية :
» التدريس الناجح لذوى الاعاقة الفكرية
» النخب الفكرية العربية: بحث في إجرائية المفهوم
» التدريس الناجح لذوى الاعاقة الفكرية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية :: مكتبة العلوم الانسانية والاجتماعية :: منتدي نشر الابحاث والدراسات-
انتقل الى: