الانترنت وسيلة حيوية في تحقيق التواصل الاجتماعي في زمن السرعة
حدِّد موعدا للقاء ثم اعْمل على تغيير العالم
شبكة النبأ: عندما أتصفح شبكة الإنترنت كل صباح، أتبع، كعادتي، الترتيب ذاته وهو: البريد الإلكتروني وعناوين الأنباء ثم فيسبوك. أقضي دقائق قليلة في متابعة أحوال أصدقائي ثم أنكبّ بعدها على عملي، وهو نفس العمل الذي يقوم به أشخاص على نحو 20 طاولة مكتب في أنحاء أميركا. وسواء أكانوا يفضلون موقع ماي سبيس أو فيس بوك أو أي موقع اجتماعي آخر فكل واحد يغتنم دقيقة من الوقت (مرة على الأقل) في كل يوم كي يحيي رفاقه الآخرين. تُعرف هذا الحلقة بـاسم "التواصل الاجتماعي" وهي تسمية شائعة لعملية التفاعل عبر شبكة الإنترنت وتشكيل حلقة اجتماعية.
هكذا إذن تتواصل جماعات الشبان، أو تتفاعل، عبر شبكة الإنترنت وتستفيد من علاقاتها عبر الإنترنت كي يشكل كل منها حياته أو يعمل حتى على التغيير خارج الشبكة. فقد أصبحت الشبكات الاجتماعية تستخدم لكل هدف وغاية من ضرب المواعيد الغرامية إلى تنظيم المظاهرات مرورا بإيجاد العمل والوظائف للفقراء.
يشكل المراهقون والشبان في العشرينات من أعمارهم أكبر نسبة من الفئات العمرية التي تستخدم ماي سبيس وفيس بوك، موقعي أكبر الشبكات الاجتماعية على الإنترنت، طبقا لدراسة أجرتها مؤسسة "روبيكون" الاستشارية لمجتمعات الإنترنت والحياة الاجتماعية. وكتب مايكل ميس، كاتب مدوّنة روبيكون، مؤخرا أن للمواقع الاجتماعية على الإنترنت تأثيرا كبيرا على صغار المستخدمين للشبكة. وكتب ميس عن نتيجة الدراسة قائلا إن "الشبكة اتخذت دورا هاما في الحياة الاجتماعية لمستخدمي شبكة الإنترنت."
وهذا الدور هو إبقاء الشبان، أعضاء الشبكة الاجتماعية، على اتصال ومشاركة مع كل معارفهم وأفراد الأسرة والأصدقاء وزملاء المهنة والعمل. فالشبكات الاجتماعية أكثر من مجرد دليل هاتف محدث للأم ربة المنزل. فالمتواصلون الشباب هم أعضاء شبكة الإنترنت نشأوا مع تكنولوجيا البريد الإلكتروني وسجلات التنظيم والمواعيد الرقمية والهواتف الخلوية الجوالة. وهم يرتاحون للاتصال بالإنترنت من أي مكان سواء عن طريق الهواتف الخلوية المحمولة أو الآيبود. وهم بدلا من أن يطلبوا من أي شخص بطاقة عمله الشخصية يضيفونه كصديق على موقع فيس بوك. بحسب تقرير لموقع امريكا دوت غوف.
يقول سيث بورجيس، المحرر المشارك في مجلة بوبيولر ميكانكس، إن دور شبكة الإنترنت آخذ في التزايد كدور اجتماعي – يمكّن من الحقوق الاجتماعية – نظرا لإمكانيته التنقلية. ويقول إنه "نظرا لطبيعة الأجهزة الجوالة فإنها تمكّن النشاط الاجتماعي عبر الإنترنت من أن يصبح فعلا نشاطا لا يختلف أو يتميز عن النشاط الاجتماعي (العادي) خارج نطاق شبكة الإنترنت."
ويتكهن بورجيس بأنه بالنظر إلى انتقال النشاط القائم على شبكة الإنترنت من كمبيوتر المكتب أو الكمبيوتر المحمول إلى الأجهزة الجوالة، فإن كثيرا من الناس سيلجأون إلى استخدام البرامج التي تمكنهم من الإفادة من نظام التموضع العالمي (نظام تحديد الموقع) للتواصل من خلال أجهزتهم الجوالة مع الآخرين. ويتوقع بورجيس أن تظهر خلال سنتين "تطبيقات تمكّن الناس من معرفة من من أصدقائهم يكون قريبا منهم بحيث يمكنهم من أن يلتقوا... فبدلا من أن تكون (الأجهزة) بديلا للتفاعل الواقعي الحقيقي بين الناس، فإنها ستسهل هذا التفاعل الحي. وبدلا من أن أدردش مع صديق لي من بيتي، سأكون قادرا على معرفة من يكون قريبا مني في الجوار ويمكن أن ألتقي معه بسهولة على فنجان قهوة."
وعلى الرغم من عدم تزوّد الهواتف الخلوية بنظام التموضع العالمي حتى كتابة هذه السطور فإن الشبان من مستخدمي الإنترنت توصلوا إلى الطريقة التي يتعرف كل منهم على الأمكنة التي يوجد فيها الآخرون وماذا يفعلون في أي لحظة من الوقت، وهم يسمون هذا "مايكروبلوغنغ" أو التدوين المصغر.
ويقول بورجيس، المحرر في مجلة الميكانيكا الشعبية، إن التدوين المصغر"يتضح أكثر ما يتضح من خلال خدمات مثل تويتر (Twitter) التي تمكّن الأشخاص من إذاعة رسائل تحديثية من سطر أو سطرين عن ما يفعلونه أو عن ما ينوون فعله. والتدوين المصغر لا يرتبط بموقع معين على الشبكة، فالمواقع، مثل تويتر، تسمح للمستخدمين بتحديث مدوناتهم بإرسال "تغذية" برسائل نصّية أو خدمة الرسائل القصيرة ثم إذاعة تلك التحديثات ونشرها على الشبكات الاجتماعية كشبكة فيس بوك. ويضيف بورجيس أن هذا الأسلوب يشكل تدوينا وتواصلا في نفس الوقت. ويقول إن التحديثات المستمرة "للوضع" أو الحالة التي يحدثها المستخدمون بمستجداتهم تشكل أيضا نوعا من التدوين المصغر لأن كل أصدقاء الشخص المدوِّن يطلعون على التحديث عندما يقوم الشخص بتحديث صفحته. فالتدوين المصغر يمكن تشبيهه بشجرة هواتف قائمة على الستيرويد (المادة العضوية الهرمونية المنشطة). فعندما يتبادل شخص معلومة عن حدث أو احتجاج أو شريط فيديو مع شبكته يمكن إعادة نشر أو بث تلك المعلومة بحيث تنتشر إلى أبعد بكثير عن مصدرها الأساسي.
كتب بن روجرز، محرك مشروع اتحاد ائتمان الغد التابع لمعهد فيلين للأبحاث ومدير مبادرة 30 دون 30، مؤخرا تقريرا لمؤسسته عن الوسائل التي تستخدم بها اتحادات الائتمان (الإقراض) الشبكات الاجتماعية للوصول إلى الشبان. قال إن "الميديا (وسائل الاتصال الاجتماعية) قد تكون طلاسم لمعظم اتحادات الائتمان، التي غالبا ما تكون صغيرة، وللمؤسسات المالية المحلية، لكنها آخذة في التغير البطيء." غير أنه بالتواصل عبر المبادرات الاجتماعية مثل التدوين والسماح للأعضاء بتقييم الأدوات والمنتجات المالية والتعليق عليها (وهي الطريقة التي يقيّم بها الزبائن المنتجات على موقع أمازون دوت كوم) تُظهر المؤسسات التجارية أنها على اطلاع ودراية بثقافة شبكة الإنترنت عند الشبان مستخدمي تلك المؤسسات. ويضيف روجرز أن هذا يدل على أن المؤسسات أدركت الحقيقة، وهي أن المشاركة ووسائل الاتصال الاجتماعية هي الكيفية التي يتفاعل بها الشبان مع بعضهم البعض والكيفية التي يمكن للشركات المتفهمة الموثوقة أن تتفاعل بها معهم."
يعرف روجرز متى تصيب المؤسسات التي يعمل لها أهدافها. وهو مع أنه في التاسعة والعشرين من عمره مخضرم في استخدامه الشبكات الاجتماعية باعتباره من مستخدمي فيس بوك وتويتر. ويقول روجرز "إن هناك مجموعة ناشطة فعلا لاتحاد ائتمان تويتر. فالدردشة التي تجري خلال اليوم هي، في أفضل وصف، كتلك التي تجري عند مبرد المياه. فنحو ربع ما نرسله عبر تويتر هو عبارة عن وصلات لاتحادات الائتمان أو قصص وتقارير مالية. أما الباقي فيتراوح بين أين كنا وفعلنا اليوم وما هي الوعكات التي يعاني منها أطفالنا وما نستمع إليه عبر سماعات آذاننا. إنها طريقة رائعة لتبادل الحديث عن الأمور التي نصادفها أثناء تصفحنا شبكة الإنترنت."
يوفر موقع تويتر لشاب محترف مثل روجرز وسيلة سريعة وكافية للوصول إلى زملائه وأصدقائه وأفراد أسرته والتواصل معهم. وهو يقول "إن تلك المدوّنة (تويتر) هي أيضا وسيلة متيسرة للإعلان عن آخر وأحدث إعلاناتنا المنشورة. وهي بالنسبة لشخص يعمل من منزله كأن له مكتبا يضم مجموعة من الناس الأذكياء الذين يتبادلون الأخبار وغالبا ما يتجادلون حول السياسة والاقتصاد."
شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 17/كانون الثاني/2009 - 19/محرم/1430