دور الأسرة في تنشئة الأبناء على قيم التنمية والتحديث
دراسة اجتماعية لعينة من الابناء والامهات في مدينة الرياض
رسالة دكتوراه
جامعة الملك سعود – عمادة الدراسات العليا – قسم الدراسات الاجتماعية
إعداد / نورة بنت شارع بن حثلان العتيبي
إشراف / أ . د عبد القادر بن عبد الله العرابي
1424هــ / 1425هــ
المخلص:
تناولت هذه الدراسة "دور الأسرة السعودية في تنشئة الأبناء على قيم التنمية والتحديث" وقد توصلت إلى معرفة هذا الدور من خلال الوقوف على آراء واتجاهات الآباء والأمهات حول تنشئة الأبناء على قيم التنمية والتحديث.
وتعتبر هذه الدراسة من الدراسات الحديثة في مجال القيم الأسرية والتنمية، وتتجلّى أهميتها في أنها تسلط الضوء على الدور التنموي للأسرة السعودية من خلال تنشئة الأبناء على القيم التي تحتاج إليها التنمية الاجتماعية. وتعتبر عملية الربط بين موضوع الأسرة وقيم التنمية والتحديث أحد الإسهامات البارزة لهذه الدراسة.
ويتمثل هذه الدراسة الرئيسي في معرفة العلاقة بين بعض الخصائص الاجتماعية المتعلقة بالآباء والأمهات، كالعمر والمستوى التعليمي والمستوى الاقتصادي والموطن الأصلي، والخصائص الاجتماعية الأخرى المرتبطة بالأسرة كالحجم ووجود العمالة المنزلية على اعتبار أنها متغيرات مستقلة للدراسة ذات تأثير في تنشئة الأبناء على قيم التنمية والتحديث، وقد حددت قيم التنمية والتحديث باعتبارها متغيرات تابعة، وهي : قيم احترام الوقت، والتخطيط، والإنتاجية، والاعتماد على النفس وتحمل المسؤولية، والإنجاز، والإبداع، والاستهلاك، واحترام العمل اليدوي، واحترام الأنظمة والتعليمات، وقيمة الطموح التعليمي والمهني.
وتتضمن الأهداف الأخرى للدراسة معرفة أهم أدوار الأسرة السعودية في تنمية المجتمع وتطويره، وأهم الصعوبات التي تواجه الأسرة في تنشئة الأبناء على قيم التنمية والتحديث، وكذلك معرفة مدى اتفاق أو اختلاف إجابات الآباء والأمهات حول تنشئة الأبناء على قيم التنمية والتحديث.
ولقد تمت صياغة فروض الدراسة على النحو التالي :-
1- الآباء والأمهات الأصغر عمراً أكثر اهتماماً بتنشئة الأبناء على قيم التنمية والتحديث.
2- كلما ارتفع المستوى التعليمي للآباء والأمهات، زاد الاهتمام بتنشئة الأبناء على قيم التنمية والتحديث.
3- كلما ارتفع المستوى الاقتصادي للأسرة، زاد الاهتمام بتنشئة الأبناء على قيم التنمية والتحديث.
4- كلما قل حجم الأسرة ، زاد لاهتمام الآباء والأمهات بتنشئة الأبناء على قيم التنمية والتحديث.
5- لا توجد علاقة بين الموطن الأصلي للآباء والأمهات، وتنشئة الأبناء على قيم التنمية والتحديث.
6- كلما زاد اعتماد الأسرة على العمالة المنزلية، قل الاهتمام بتنشئة الأبناء على قيم التنمية والتحديث.
يشمل مجتمع البحث جميع الأسر السعودية المقيمة في مدينة الرياض، وقد تم الاعتماد على المدارس المتوسطة للبنات الموزّعة جغرافياً على أحياء مدينة الرياض كافةً واعتبارها مجتمع بحث أولي تم من خلاله الوصول إلى الأسر السعودية عينة الدراسة الأساسية، واختيرت عينة الدراسة عن طريق العينة العشوائية العنقودية المتعددة المراحل.
وتتلخص طريقة اختيار العينة في حصر جميع المدارس المتوسطة للبنات في مدينة الرياض، فيبلغ مجموعها (282) مدرسة متوسطة، وبعد ذلك قسمت المدارس أربع مجموعات حسب الموقع الجغرافي لها، ثم أخذت عينة عشوائية من المدارس، فأصبح حجم العينة (37) مدرسة، وقد تم حصر جميع الفصول الدراسية في المدارس المختارة فبلغت (434) فصلاً دراسياً، ثم أخذت عينة عشوائية منتظمة من الفصول فكانت واحداً وسبعين فصلاً، وبعد ذلك تم حصر عدد الطالبات في الفصول المختارة فبلغ (1530) طالبة، ومن ثم تم إعطاء كل طالبة استبانة واحدة لأسرتها يجيب عن أسئلتها الأب أو الأم، فكان مجموع ما وزع من استبانات (1530) استبانة، وبعد جمع الاستبانات تم تفريغ البيانات وتحليلها إحصائياً.
ومن أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة ما يلي :-
1- وجود تأثير معنوي طردي عند مستوى الدلالة 0.05 لمتغير عمر الآباء والأمهات على تنشئة الأبناء على قيمة الإنجاز، واحترام الأنظمة والتعليمات، واحترام العمل اليدوي، بمعنى أنه مع تقدم عمر الآباء والأمهات يزداد الاهتمام بتنشئة الأبناء على تلك القيم،
2- وجود تأثير معنوي طردي دال إحصائياً عند مستوى الدلالة 0.05 لمتغير المستوى التعليمي للآباء والأمهات على تنشئة الأبناء على قيمة الإنتاجية، أما بالنسبة لبقية قيم التنمية والتحديث فلا توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بينها وبين متغير المستوى التعليمي.
3- وجود تأثير معنوي دال إحصائياً عند مستوى الدلالة 0.05 لمتغير المستوى الاقتصادي للأسرة على تنشئة الأبناء على قيمة الإنتاجية، بمعنى وجود فروق معنوية بين المستوى الاقتصادي وتنشئة الأبناء على قيمة الإنتاجية، كما أثبتت النتائج وجود تأثير معنوي عكسي لمتغير المستوى الاقتصادي للأسرة على تنشئة الأبناء على قيم التخطيط والإبداع والإنجاز واحترام العمل اليدوي والاستهلاك، وهذه النتيجة تدعم الفرض الثالث للدراسة لكن ليس بنفس الاتجاه الذي افترضته الباحثة.
4- وجود تأثير معنوي طردي لمتغير حجم الأسرة عند مستوى الدلالة 0.05 على تنشئة الأبناء على قيم الإبداع والإنتاجية، وقيمة الطموح التعليمي والمهني، وقيمة الوقت .
5- وجود تأثير معنوي عند مستوى الدلالة 0.05 لمتغير الموطن الأصلي للآباء و الأمهات على تنشئة الأبناء على قيمة تحمل المسئولية والاعتماد على النفس وقيمه الإنتاجية, أما بقية القيم فليس لمتغير الموطن الأصلي تأثير عليها.
6- وجود تأثير معنوي إيجابي لمتغير العمالة المنزلية عند مستوى الدلالة 0.05 على تنشئة الأبناء على قيم تحمل المسئولية والاعتماد على النفس والإبداع والانجاز والاستهلاك .
وتوضح النتائج الأخرى للدراسة ن من أهم أدوار الأسرة في تنمية المجتمع تشجيع الأبناء على التفوق والنجاح, ويرى (42%) من الآباء والأمهات أن دور الأسرة في تنمية المجتمع كبير جداً, وتتمثل أهم الصعوبات التي تواجه الأسرة في تنشئة أبنائها على قيم التنمية والتحديث في التأثير السلبي لوسائل الإعلام بنسبة (47%) , والفروق بين الآباء والأمهات ليست كبيرة فيما يتعلق بتنشئة الأبناء على قيم التنمية والتحديث.
ويتضح من نتائج الدراسة مجتمعة أن تأثير المتغيرات المستقلة الخاصة بالآباء والأمهات وبالأسرة بشكل عام محدود في تنشئة الأبناء على قيم التنمية والتحديث, ذلك أن تأثير المتغيرات المستقلة لم يظهر إلا في قيم محدودة من قيم التنمية والتحديث, وبناءً على ذلك نتوصل إلى أن الدور الفعلي للأسرة السعودية يتوافق بشكل محدود مع الدور المتوقع منها في تنشئة الأبناء على قيم التنمية والتحديث, ذلك أنها تواجه بعض الصعوبات التي تؤثر سلبياً في تنشئة الأبناء على قيم التنمية والتحديث, ولما للأسرة من ارتباط بنائي ووظيفي بمؤسسات المجتمع فإن الأمر يتطلب تبني مؤسسات المجتمع لإستراتيجية تنموية تعزز قيم التنمية والتحديث لدى أفراد المجتمع, وتدعم دور الأسرة في تنشئة أبنائها على قيم التنمية والتحديث عن طريق التوعية والإرشاد الاجتماعي وغيرها من الوسائل التي يمكن أن تسهم في تفعيل دور الأسرة التنموي في المجتمع.