باحث اجتماعي
عضو زهبي
التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54
 | موضوع: نظرية الشبكات الاجتماعية من الايدولوجيا الى الميثودولوجيا  الأحد سبتمبر 13, 2015 11:53 pm | |
|
نظرية الشبكات الاجتماعية
من الايدولوجيا الى الميثودولوجيا
وليد رشاد زكي
خرج من تحت عباءة المجتمع الافتراضي مفاهيم ونظريات وأطر منهجية عديدة, فلقد أعاد النظر في العديد من المفاهيم المرتبطة بالمجتمع والسياسة, ويشكل هذا المجال وعد للباحثين من مختلف التخصصات. ومن المفاهيم التي ذاع صيتها بشكل يستدعي الانتباه مفهوم الشبكات الاجتماعية التي تزحف نحو بلورة بعض المقولات النظرية حولها,وقد اعتمدت في تأسيسها واستخدامها علي اعتبارات أيديولوجية خالصة, ولكن ولوج الملايين من البشر إلي تفاعلاتها دفع الباحثون إلي ابتكار منهجيات علمية في دراساتها. وهناك حقيقة تستوقف المتأمل في دروب دراسة الشبكات الاجتماعية مؤداها أن الواقع يسير علي نحو سريع لم تتواكب مع سرعته النظريات والمنهجيات العلمية التي تنشغل بدراسة الشبكات الاجتماعية. تنطلق هذه الورقة من فرضية تحولات الشبكات من نشأتها الخاضعة للأطر الفكرية لمؤسسيها ومستخدميها إلي السبل الميثودلوجية في دراساتها . وتحقيقا لذلك الغرض انقسمت الورقة إلي أربع محاور عنون المحور الأول بالشبكات الاجتماعية " رؤية للمفهوم " يستعرض هذا المحور مفهوم الشبكات الاجتماعية والخدمات التي تقدمه وأنواعها. وعنون المحور الثاني بالشبكات الاجتماعية: مراحل النشأة من التأسيس العالمي إلي المردود المحلي. يستعرض هذا المحور تاريخ تطور الشبكات ومراحلها , وتأسيسها علي المستوي العالمي ومردودها المحلي علي المستوي السياسي والاجتماعي . وعنون المحور الثالث بنظرية الشبكات الاجتماعية " المقولات الرئيسية": يركز هذا المحور علي مقولة البناء الشبكي ومقولة الاعتماد المتبادل , ورأس المال الاجتماعي كأداة تحليلية للشبكات الاجتماعية. وعنون المحور الرابع : تحليل الشبكات الاجتماعية من أيديولوجيا النشأة والنفاذ إلي ميثودولوجيا الدراسة. يتناول هذا المحور العناصر التأسيسية للشبكات الاجتماعية علي خلفية الأطر الفكرية الحاكمة لمؤسسيها بالتطبيق علي نموذج موقع face bock , والخلفية الأيديولوجية لعملية النفاذ إلي الشبكة ,كما يستعرض المحور للمنهجيات العلمية لدراسة الشبكات الاجتماعية. وتختتم الورقة بنظرة حول مستقبل الشبكات الاجتماعية.
أولا: الشبكات الاجتماعية "رؤية للمفهوم"
أزداد الاهتمام الأكاديمي بقضايا الشبكات الاجتماعية والمجتمع الافتراضي منذ أن شكل الإنترنت فضاءه المعلوماتي ونجاحه في تأسيس جماعاته الافتراضية , وعبوره إلي الملايين بصورة ملفته للانتباه . فلقد أصبح الإنترنت بتفاعلاته جزء من الحياة اليومية للعديد من البشر . ولم يعد مصطلح المجتمع الافتراضي من المفاهيم التي تستوقف الانتباه عند سماعه إذ أصبح ذو عمومية وانتشار ليس علي المستوي والتحليلات العلمية ولكن أصبح مفهوم متداول عن العديد من المستخدمين لشبكة الإنترنت . ويرجع المفهوم إلي هاوارد رينجولد Rhngold (1993) الذي كتب الكتاب الأول والرائد في هذا السياق بعنوان المجتمع الافتراضي virtual community والذي عرف المجتمع الافتراضي علي أنه تجمعات اجتماعية تشكلت من أماكن متفرقة في أنحاء العالم يتقاربون ويتواصلون فيما بينهم عبر شاشات الكمبيوتر والبريد الإلكتروني يتبادلون المعارف فيما بينهم ويكونون صداقات يجمع بين هؤلاء الأفراد اهتمام مشترك ويحدث بينهم ما يحدث في عالم الواقع من تفاعلات ولكن ليس عن قرب ,وتتم هذه التفاعلات عن طريق آلية اتصالية هي الإنترنت الذي بدوره ساهم في حركات التشكل الافتراضية(1) .
يشكل المجتمع الافتراضي مجال نمو الشبكات الاجتماعية , ويشكل الفضاء المعلوماتي cyber space الحيز والإطار الذي تتم في سياقاته تجميع خيوط الشبكات الاجتماعية فقد عرفه نبيل علي أنه " فضاء جديد تقطنه الجماعات تمارس فيه الصفقات وتقام فيه المؤسسات والمتاحف والمعارف ومنافذ البيع تعقد فيه التحالفات وتحاك فيه المؤتمرات تنقل فيه المعلومات بسرعة فائقة ورغم محاكاته لفضاء الواقع إلا أنه يختلف في طبوغرافيته وطبيعته وقوانينه وأعرافه عن فضاء الواقع فليس هناك سلطة مركزية تحكمه أو جهة رقابية تراجعه بل مجرد لجان أو مجموعات غير حكومية"(2). كما عرفه أحمد زايد (3) بأنه العالم الفضائي غير المرئي وغير المرتبط بمكان وزمان والذي تتداول داخله المعلومات الإلكترونية.
من الطرح يبدو أن هناك إعادة تشكل لقضايا المجتمع والسياسة علي نحو افتراضي , فلقد نجح الإنترنت في تسهيل التفاعلات الاجتماعية ليس علي مستوي الإفادة فحسب ولكن علي
مستوي الشبكات الاجتماعية . فلقد عرف السون وبويدBoyd , Ellson الشبكات الاجتماعية علي أنها " مواقع تتشكل من خلال الإنترنت تسمح للأفراد بتقديم لمحة عن حياتهم العامة , وإتاحة الفرصة للاتصال بقائمة المسجلين , والتعبير عن وجهة نظر الأفراد أو المجموعات من خلال عملية الاتصال , تختلف طبيعة التواصل من موقع لآخر" ( 4) . ولقد عرفت الشبكات الاجتماعية علي أنها " مجموعة من المواقع علي شبكة الإنترنت ظهرت مع الجيل الثاني للويب web 2 تتيح التواصل بين الأفراد في بنية مجتمع افتراضي يجمع بين أفرادها اهتمام مشترك أو شبة انتماء ( بلد – مدرسة – جامعة – شركة ...الخ) يتم التواصل بينهم من خلال الرسائل أو الاطلاع علي الملفات الشخصية ,ومعرفة أخبارهم ومعلوماتهم التي يتيحونها للعرض . وهي وسيلة فعالة للتواصل الاجتماعي بين الأفراد سواء كانوا أصدقاء نعرفهم في الواقع أو أصدقاء عرفتهم من خلال السياقات الافتراضية " (5) .ولقد أوجز Swite (2009) مفهوم الشبكات الاجتماعية في أنها منظمة عصرانية غيرت في أسلوب الحياة من حيث الأسلوب والإدارة والممارسة " (6).
تتعدد الخدمات التي تبثها الشبكات الاجتماعية , والدلائل علي مدي العموم والانتشار من حيث أعداد الشبكات أو المستخدمين يؤكد علي أنها تقدم خدمات تستدعي الاهتمام ومن أبرز الخدمات التي تقدمها الشبكات الاجتماعية (7)
1- الملفات الشخصية أو صفحات الويب: وهي ملفات تمكن من خلالها الفرد من كتابة بياناته الأساسية مثل الاسم والسن وتاريخ الميلاد والبلد والاهتمامات والصور الشخصية , ويعد الملف الشخصي هو بوابة الوصول إلي عالم الشخص.
2- الأصدقاء أو العلاقات : وهي خدمة تمكن الفرد من الاتصال بالأصدقاء الذي يعرفهم في الواقع , أو الذين يشاركونه نفس الاهتمام في المجتمع الافتراضي . وتمتد علاقة الشخص ليس فقط بأصدقائه ولكن تفتح الشبكات الاجتماعية فرصة للتعارف مع أصدقاء الأصدقاء بعد موافقة الطرفين.
3- إرسال الرسائل: تسمح هذه الخدمة بإرسال الرسائل سواء إلي الأصدقاء الذين في قائمة الشخص , أو غير الموجودين في القائمة.
4- البومات الصور: تتيح هذه الخدمة للمستخدمين إنشاء عدد لا نهائي من الألبومات ورفع مئات الصور , وإتاحة المشاركات لهذه الصور للاطلاع عليها وتحويلها أيضا.
5- المجوعات: تتيح الشبكات الاجتماعية فرص تكوين مجموعات الاهتمام , حيث يمكن إنشاء مجموعة بهدف معين أو أهداف محددة , ويوفر موقع الشبكات لمؤسس المجموعة أو المنتسبين والمهتمين بها مساحة من الحرية أشبه بمنتدى حوار مصغر , كما تتيح فرصة التنسيق بين الأعضاء في الاجتماعات من خلال ما يعرف باسم Events ودعوة الأعضاء لتلك المجموعات , ومعرفة عدد الحاضرين وأعداد غير الحاضرين.
6- الصفحات: ابتدع هذه الفكرة موقع face bock وتم استخدامها علي المستوي التجاري بشكل فعال , حيث تسمح هذه الخدمة بإنشاء حملات إعلانية موجهة تتيح لأصحاب المنتجات التجارية فرصة عرض السلع أو المنتجات للفئات الذي يحددونها , ويقوم موقع الفيس بوك باستقطاع مبلغ مع كل نقرة يتم التوصل إليها من قبل المستخدم.
ارتبط تنوع الخدمات التي تقدمها الشبكات الاجتماعية في محيط الإنترنت بتنوع آخر يتمثل في تنميط الشبكات الاجتماعية . في هذا الصدد ليس من المنطقي أن نتحدث عن الشبكات العربية لان المجتمع الافتراضي هو مجتمع منفتح يضم في سياقاته الرحبة التفاعلات علي الصعيد العالمي , ولكن يمكن الإشارة علي استحياء إلي أنماط الشبكات الاجتماعية علي النحو التالي(8) :
1- شبكات أساسية: وهي التي يمكن وصفها بالشبكات الاجتماعية العامة, والتي تضم ملفات شخصية للمستخدمين وخدمات عامة تتمثل في المراسلات الشخصية ومشاركة الصور والملفات الصوتية والمرئية والروابط والنصوص.
2- شبكات عمل: وهي ليست شبكات ذات طابع عام وهي نمط من الشبكات ينصب اهتمامه علي المحترفين وترتبط بأصحاب الأعمال والشركات وتتضمن ملفات شخصية للمستخدمين تتضمن علي سيرتهم الذاتية وانجازاتهم.
3- شبكات المميزات الإضافية: هناك بعض الشبكات تتيح الفرصة أمام أعضائها في توفير مزايا إضافية تتمثل علي سبيل المثال في التدوين المصغر Micro blogging مثل موقع تويتر وبلارك.
4- الشبكات العربية هناك بعض الشبكات الاجتماعية التي ظهرت مؤخرا علي الإنترنت ,ولكنها لم ترتقي إلي مستوي الخدمات التي تقدمها الشبكات العالمية الكبرى . ومن أمثلة الشبكات الاجتماعية العربية مكتوب وفايح وعربيز Arabiz التي ظهرت في عام 2009 وكانت مخصصة للعرب المقيمين في ألمانيا ثم انتشرت في الدول العربية
من هنا يتضح أن الشبكات الاجتماعية هي شبكات عالمية تتيح الفرصة إلي التواصل بين الأفراد عبر العالم من خلال الفضاء المعلوماتي تضم في رحابها ملايين البشر, ويمكن من خلالها مشاركة الاهتمامات وتكوين الصداقات وإقامة الصفقات وغيرها من أوجه التفاعل التي تتم في محيطها.
ثانيا : الشبكات الاجتماعية : مراحل النشأة من التأسيس العالمي إلي المردود المحلي ".
تتنوع دوافع استخدام الشبكات الاجتماعية وذلك يرجع إلي متغيرات عديدة منها زيادة انتشار الإنترنت والتوسع في سرعته , وقله تكاليف النفاذ إلي الشبكات , وسهولة التعامل معها والمزايا والخدمات التي تقدمها هذه الشبكات . وعند الحديث عن مراحل تطور الشبكات الاجتماعية في الفضاء المعلوماتي تجدر الإشارة إلي مرحلتين أساسيتين :
المرحلة الأولي : يمكن وصف هذه المرحلة بالمرحلة التأسيسية للشبكات الاجتماعية, وهي المرحلة التي ظهرت مع الجيل الأول للويب web 1 وتشهد هذه المرحلة علي البداية التأسيسية للشبكات ومن أبرز الشبكات التي تكونت في هذه المرحلة هي شبكة موقع sixdegrees.com وهو الموقع الذي يمنح فرصة للأفراد المتفاعلين في إطاره فرصة طرح حياتهم ولمحاتهم العامة وإدراج أصدقائهم وبدأت فكرة قوائم الأصدقاء عام 1998., واخفق هذا الموقع عام 2000. ومن المواقع التأسيسية للشبكات الاجتماعية أيضا موقع classmates.com ذلك الموقع الذي ظهر في منتصف التسعينات وكان الغرض منه الربط بين زملاء الدراسة (9). شهدت هذه المرحلة مواقع متعددة من أشهرها أيضا موقع live journal وموقع cyworld 1999 الذي أنشئ في كوريا وموقع Ryze الذي تبلور الهدف منه في تكوين شبكات اجتماعية لرجال الإعمال لتسهيل التعاملات التجارية (10). وتجدر الإشارة في الطرح التالي أن أبرز ما ركزت عليه مواقع الشبكات الاجتماعية في بدايتها هي خدمة الرسائل القصيرة والخاصة بالأصدقاء , وعلي الرغم من أنها وفرت بعض خدمات الشبكات الاجتماعية الحالية إلا أنها لم تستطع أن تدر ربح علي مؤسسيها ولم يكتب لكثير منها البقاء.
المرحلة الثانية: يمكن وصف المرحلة الثانية بأنها مرحلة اكتمال الشبكات الاجتماعية , ويمكن
التأريخ للمرحلة الثانية بالموجة الثانية للويب web 2 والمقصود هنا أنها ارتبطت بتطور خدمات الشبكة . ويمكن أن نؤرخ لهذه المرحلة بانطلاقة موقع my space وهو الموقع الأمريكي المشهور . ثم موقع الفيس بوك (11).وتشهد المرحلة الثانية من تطور الشبكات الاجتماعية علي الإقبال المتزايد من قبل المستخدمين لمواقع الشبكات العالمية . ويتناسب ذلك الإقبال المتزايد مع تزايد مستخدمي الإنترنت علي مستوي العالم . ويشهد علي ذلك بعض المؤشرات الرقمية التي ستكشف عنها الأرقام المطروحة في الجدول التالي :
جدول يوضح أعدد مستخدمي الشبكات الاجتماعية علي الصعيد العالمي(12)
م اسم الشبكة الاجتماعية عدد المستخدمين
1 Face bock 350 مليون
2 Qzone 200 مليون
3 My space 130مليون
4 Windows live space 120 مليون
5 Hbbo 117 مليون
6 Orkut 100 مليون
7 Flixster 63 مليون
8 Fleckr 32 مليون
9 Last.fm 30 مليون
10 Fotolog 20 مليون
يتضح من خلال الطرح السابق أن الموجة الثانية للشبكات الاجتماعية ساهمت في جذب العديد من المتفاعلين علي مستوي العالم , وتعد مواقع الشبكات الاجتماعية وسيلة للتواصل والتقاطع بين العالمية والمحلية . إذ أن الفكرة الأساسية التي تقوم عليها الشبكات الاجتماعية هي عالمية الاهتمامات ومحلية المردود . فالتفاعلات تتم علي خلفية السياق العالمي وتتبلور متغيراتها علي الصعيد المحلي وذلك عبر عدة متغيرات يمكن الوقوف عليها في النواحي التالية :
1-المتغيرات الاجتماعية:
تتلخص المتغيرات الاجتماعية للشبكات في محورين يتمثل المحور الأول في تكوين الصداقات, بينما يتمثل المحور الثاني في عضوية الجماعات , ويمكن طرحهما من خلال السياق التالي:
أ- تكوين الصداقات
سهلت الشبكات الاجتماعية من تكوين الصداقات, حيث تجمع الشبكات بين الصداقات الواقعية والصداقات الافتراضية ,والفرضية الأساسية التي تتواكب مع تكوين الصداقات هي مشاركة الاهتمامات, فلقد نجحت الشبكات الاجتماعية في الجمع بين أصحاب الاهتمامات عبر الفضاء المعلوماتي . وإمكانية تفعيل هذه الصداقات واردة ويمكن تبلورها في تأسيس رأس مال اجتماعي يمكن أن يتيح الإمكانية لفرص تتأرجح مداها بين السياق الواقعي والسياق الافتراضي . كما أنها تتيح فرصة للتواصل ليس فقط في إطار السياقات المحلية ولكن علي الصعيد العالمي .
ب- عضوية الجماعات
سمحت الشبكات الاجتماعية أن تجمع في طياتها الجماعات الاجتماعية ذات الاهتمامات المتجانسة, ومن الممكن أن تؤسس هذه الجماعات بين أفراد المجتمع المحلي أو يتم الاشتراك فيها علي مستوي الصعيد العالمي. والمتأمل واقع الفيس بوك وانتشاره في مصر- علي سبيل المثال- يدرك من خلال ملاحظاته انتشار الجماعات الأثنية المصرية علي الفيس بوك التي تخص جماعات محلية فهناك جماعات لمعظم المحافظات بل هناك مدارس أسست جماعات علي الفيس بوك , كما أن هناك جماعات مرتبطة بالجامعات المصرية وجماعات للكليات المختلفة , , وجماعات لأصحاب الاهتمامات وغيرها . والمراد الوصول إليه في هذه النقطة أن منشأ الشبكات الاجتماعية عالمي ومردوه الاجتماعي محلي, حيث تقع هذه الجماعات علي متصل العالمية والمحلية.
2- المتغيرات السياسية :
إن عضوية الأفراد سواء في الجماعات المتشكلة عبر الشبكات الاجتماعية فتح الباب للممارسة السياسية في الفضاء المعلوماتي فالشأن السياسي أصبح متغير أساسي بالنسبة للشبكات الاجتماعية . إذ أن الشبكات الاجتماعية ساهمت في تأرجح التفاعلات السياسية بين عالمين الأول هو العالم الواقعي , والثاني هو العالم الموازي المتمثل في الشبكات الاجتماعية
المنتشرة عبر الفضاء الرمزي . أن المردود البارز للشبكات الاجتماعية يتجلي بوضوح في النواحي السياسية ويمكن التدليل علي ذلك في ثلاث محاور يتمثل الأول هو تعبئة الرأي العام , ويتمثل المحور الثاني في ممارسة قضايا المواطنة , والثالث في تفعيل دور المجتمع المدني.
أ- تعبئة الرأي العام
تلعب الجماعات المنتشرة في الشبكات الاجتماعية دوارا فعالا في تعبئة الرأي العام تجاه بعض القضايا السياسية ويمكن صياغة بعض الوقائع – علي سبيل المثال وليس الحصر – المثال الأول يتعلق الاحتجاجات الجماهيرية : فقد أضحت الشبكات الاجتماعية مجال الآن للاحتجاجات والتشجيع علي الإضرابات. والدليل علي ذلك أن هناك حركات اجتماعية مثل حركة شباب 6 ابريل استغلت الفضاء الافتراضي في التحريض علي الإضراب والتحول من السياق الافتراضي إلي السياق الواقعي . المثال الثاني متمثل في الدعاية الانتخابية : فقد فتحت الشبكات الاجتماعية مجال جديد للدعايات الانتخابية وطرح البرامج الانتخابية . والدليل علي ذلك تكوين الجماعات عبر شبكة الفيس بوك علي مستوي الصعيد المحلي لنشر البرامج الانتخابية , وتجميع أكبر قدر ممكن من المستخدمين .وتستخدم في جمع التأييد الشعبي و وتزخم الشبكة بجماعات تعمل في هذا المنحي . فلقد أضحت الشبكات الاجتماعية بوابات للممارسة السياسة . ويتجلي في هذا المنظور بوضوح فكرة التقاطعات بين العالمية والمحلية . إذ أن منشأ هذه الشبكات عالمي , ومعظم الشبكات الاجتماعية تأسست لغرض اجتماعي متمثل في فكرة التواصل الاجتماعي بين الأفراد الذين يشتركون في نفس الاهتمام , ثم توجه الاهتمام وخصوصا مع ظهور الموجة الثانية للشبكات الاجتماعية وعن استحياء في البداية إلي ممارسة السياسة عبر الشبكات , ثم ازداد صيت الشبكات الاجتماعية ومردودها علي ممارسة السياسة علي الأصعدة المحلية.
ب- ظهور المواطنة الافتراضية
إن الشبكات الاجتماعية فتحت المجال أمام ممارسة قضايا المواطنة عبر الإنترنت والتي أطلق عليها المواطنة الافتراضية Virtual citizenship . فعند الحديث عن المواطنة لا يغيب البعد السياسي إذ ارتبطت بحقوق وواجبات اجتماعية سياسية النشأة وإذا كان الاستقرار علي خاصية محددة الأبعاد والملامح المصرية أمر قد يبدو صعب في أفق الملمح الثقافي للمواطنة الافتراضية فقد يبدو أكثر قبولا علي المستوي السياسي . ففي ظل التوترات التي تعاني منها الدولة القومية وتقلص الحقوق السياسية وعدم مصداقيتها- إلي حد ما - في السياقات الواقعية علي أطر المجتمعات العربية يتجلي في أفق المجتمع الافتراضي الذي تتكشف فيه المطالبة بالحقوق السياسية . فهناك ممارسة لحقوق المواطنة في المجتمع الافتراضي , وهناك أيضا قضايا يتم سحبها من الواقع إلي المجتمع الافتراضي الذي يعد بوابة جديدة لعبور وتحقيق المواطنة مع الأخذ في الاعتبار أن قضايا المواطنة الافتراضية عالمية النشأة ومحلية المردود(13).
ج- تفعيل دور المجمع المدني.
تسهم الشبكات الاجتماعية وتناميها في السياقات العالمية ومردودها المحلي في زيادة تفعيل دور المجتمع المدني , حيث أن هناك العديد من منظمات المجتمع المدني منه علي سبيل المثال الأحزاب السياسية علي الصعيد القومي قد بنت لها قواعد في المجتمع الافتراضي عبر الشبكات الاجتماعية . تروج من خلال هذه الشبكات للبرامج والسياسات التي تتبناها , وهناك بعض النقابات والجمعيات الأهلية استغلت الشبكة في زيادة التواصل بين أفرادها , ودعوة المستفيدين إلي برامجها ومشروعاتها .
ثالثا: نظرية الشبكات الاجتماعية " المقولات الرئيسية"
من منطلق حقيقة مؤداها أن الشبكات الاجتماعية تعبر عن مرحلة من مراحل الوعي الإنساني , ومن منطلق أنها باتت تشكل واقعي اجتماعي له مردوده علي الكيانات السياسية والاجتماعية , فإن الوقوف علي إطار نظري تحليلي أصبح أمر مهم لتفسير واقع الشبكات الاجتماعية . إلا أن الأمر يزاد صلابة في هذا الاتجاه وخصوصا بعد سقوط النماذج الكبرى والمستويات الكبرى من التنظير السيسيولوجي. فإن بؤرة الاهتمام النظري في تفسير هذا الواقع الجديد يقبع تحت منظار النظريات الصغرى . " مع الأخذ في الاعتبار أن التنظير المرتبط بالشبكات الاجتماعية يحتاج إلي مرونة تفسيرية كونها ارتبطت بفكر ما بعد الحداثة وذلك علي حد تعبير Mc.Swite "(14).
لقد ولدت فكرة التنظير للشبكات الاجتماعية من رحم علم الاجتماع, فلقد تبني التنظير الاجتماعي أطر تحليلية أبرزها التحليلات المرتبطة برأس المال الاجتماعي كمردود لدراسة فاعلية الشبكات الاجتماعية . وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلي مفارقة أساسية تتبلور في أنه علي الرغم من ذيوع الشبكات الاجتماعية وانتشارها في الآونة الأخيرة إلا أنها لم تستطع أن تشكل نظرية متماسكة إلي حد كبير كأداة تحليلية في العلوم السياسية . وتتزايد الصيحات علي مستوي التنظير السياسي إلي تبني أطر تحليلية خاصة وأن فكرة الشبكات الاجتماعية أصبحت متغيرسياسي فاعل في الآونة الأخيرة.وهنا برزت دعوة مؤداها ضرورة الاستفادة من الفرضيات النظرية المطروحة في علم الاجتماع في تفسير واقع الشبكات الاجتماعية , مع الأخذ في الاعتبار تأثيراتها علي واقع الحياة السياسية (15).ويمكن بلورة الإطار النظري التحليلي في جزأين أساسيين الأول يتعلق بالمقولات الأساسية للشبكات علي مستوي التنظير الاجتماعي , والثانية التركيز علي رأس المال الاجتماعي كأداة تحليلية للشبكات الاجتماعية.
1- المقولة الأولي للتحليل النظري : مقولة البناء الشبكي.
تنطلق هذه المقولة من حقيقة مغزاها أن البناء الشبكي يمثل مجموعة من الحزم الاجتماعية التي تتمثل في الأفراد أو الجماعات أو كيانات مثل الشركات والمؤسسات, ويمثل البناء الشبكي الرابط بين الأفراد والمجموعات. وتعتمد هذه المقولة علي فرضية عدم التداخل بين عناصر البناء الشبكي . فالبناء الشبكي ليس متفاعل كله كما في الفرضيات المرتبطة بالبناء الاجتماعي في التنظير التقليدي. فالتفاعلات المتبادلة التي تتم داخل البنية الشبكية لا يشترط أن تسري في الكيان الشبكي كله . فالتفاعل الاجتماعي في مستواه الافتراضي يتم بين الأفراد بعضهم البعض أو الجماعات والأفراد, وقد يهمل الأفراد أو تهمل الجماعات تفاعلات مع أفراد آخرين داخل الشبكة. وقد يصل الأمر إلي غياب التفاعل لدي بعض الأفراد داخل الشبكة. ويسمي هؤلاء الأفراد بالسلبيين . ويعتمد البناء الشبكي علي دعامتين أساسيتين . تتمثل الدعامة الأولي في قوة الروابط. والتي تعني أن الشبكات الاجتماعية والبناء الشبكي يستمد طاقته التي تسبب ذيوع وانتشار الشبكة علي قوة الروابط بين الأفراد أو الجماعات, والتي يتمخض عنها متانة البناء. والدعامة الثانية تتمثل في خواص الروابط: والتي تتنوع بتنوع مجالات الاهتمام , التي تتعدد بدورها داخل البناء الشبكي . ويتمحور البناء الشبكي في مجالين يتمثل الأول في البناء الشبكي العالمي: والمتمثل في بنية تفاعلية عالمية تتضمن موضوعات ذات مجال عالمي لا تخص جماعة أثنية أو أقلية معينة ولكن تنصهر كل الأقليات والتباينات الثقافية داخل بوتقة التفاعل العالمي للشبكة. والثاني يتمثل في البناء المحلي للشبكات الاجتماعية : وهنا تظهر دور الجماعات المحلية التي خلقت لنفسها وحدات داخل التفاعلات العالمية والتي يتمحور التركيز فيها علي الموضوعات والسياسات المحلية أو التي تخص جماعات بذاتها في إطار اهتمام داخلي , وتخضع البنية الشبكية في هذا المحتوي إلي تجانس الثقافي إلي حد كبير (16). ويضيف الباحث في هذا الصدد رؤية مؤداها أن الأفراد والجماعات في إطار الشبكات الاجتماعية لهم القدرة علي التزامن بين البنية الكوكبية والبنية المحلية , وهنا يتهجن البعد الثقافي للأفراد ويجمع بين المحلية والعالمية ويترجم ذلك بوضوح فكرة الثقافة الرمزية cyber culture التي تتلخص في أنها ثقافة المتفاعلين في السياقات الافتراضية .
2- المقولة النظرية الثانية: مقولة الاعتماد المتبادل.
يمثل الاعتماد المتبادل مقولة أساسية مرتبطة بتحليلات الشبكات الاجتماعية, مع ملاحظة أن هذه مقولة تختلف باختلاف أدبيات العلوم الإنسانية. فإذا كان الاهتمام في أدبيات علم النفس النظرية تركز علي المحور السلوكي في تفسير مرجعية الاعتماد المتبادل, فإن أدبيات العلوم السياسية ترتكز علي فكرة نقل المعلومات باعتبار أن لها دور في تحليل الشبكات الاجتماعية من ناحية , ولها مؤثراتها السياسية من ناحية أخري , بينما تركز أدبيات علم الاجتماع علي تفسير الاعتماد المتبادل في سياقاته الاجتماعية . والفرضية الأساسية للمقولة يمكن بلورتها في الجملة الآتية " يلعب الاعتماد المتبادل دورا أساسيا في تبادل المعلومات بما يؤثر علي المعتقدات والقرارات الشخصية والجماعية والمنافع وحتى الاحتجاجات والإضرابات" . مع الأخذ في الاعتبار أن تشكل الاعتماد المتبادل يكون بحسب قوة الروابط بين الأفراد والجماعات . وتتفاوت قوة الروابط بالدوافع المختلفة لاستخدام الشبكات الاجتماعية فالدوافع الترفيهية تختلف عن الدوافع الاجتماعية التي تختلف بدورها عن الدوافع السياسية , مع ملاحظة دينامية العلاقات عبر الشبكات الاجتماعية إذ أنها من الممكن أن تضعف لأنها مرتبطة باهتمامات الأفراد التي ربما تتهاون في قوتها بما يؤثر علي فاعلية الاعتماد المتبادل ( 17).
2- رأس المال الاجتماعي كأداة تحليلية للشبكات الاجتماعية.
لسنا بصدد طرح أطروحات رأس المال الاجتماعي النظرية لدي منظريه أمثال بورديو وكولمان وبوتنام ولين , ولكننا بصدد الوقوف عليه كأداة تحليلية يمكن من خلالها تفسير واقع
الشبكات الاجتماعية علي شبكة الإنترنت . خاصة وأن الكتابات عن رأس المال الاجتماعي ارتبطت بالسياقات الواقعية, أما المفارقة هنا هو تأصيله علي المستوي الافتراضي . ويتأسس رأس المال الاجتماعي علي شبكة العلاقات الاجتماعية التي يملكها الفرد , والتي يحصل منها علي رصيده في التفاعلات التي من الممكن أن تحقق مآرب ذات أبعاد متباينة له , ويتأسس ذلك علي الثقة والمعايير . هذه الفرضية الأساسية لرأس المال الاجتماعي علي السياق الواقعي
. أما علي الصعيد الافتراضي يتأسس رأس المال الاجتماعي بناء علي شبكة من الارتباطات بين أفراد التفاعلات الافتراضية المنتشرة عبر الإنترنت. فالنقطة الجوهرية الفاصلة بين محددات رأس المال الاجتماعي الافتراضي والواقعي هي مجال التفاعلات , إذ أن المجال الافتراضي يتأسس عبر تفاعلات الإنترنت التي تشكل آلية التواصل لتحقيق رأس المال الاجتماعي الافتراضي وذلك عبر عدة من الخصال والسمات منها ما طرح لها Anita Blanchard بلانشرد وهورن Tom Horan علي النحو التالي :
أ- الارتباط المدني الافتراضي
من خلال الدراسة المعنونة برأس المال الاجتماعي والمجتمع الافتراضي أشار كلا من بالانشرد وهورن إلي أن هناك نوع من الارتباط المدني بين أفراد التفاعلات في السياقات الافتراضية , ويقصد بهذا الارتباط التحولات التي تحدث من السياقات الواقعية إلي السياقات الافتراضية والعكس . بمعني الاشتراك في المجموعات المنظمة عبر الإنترنت ذات الأبعاد الاجتماعية يؤسس علي عنصرين الأول متمثل في التبادل المعلوماتي : ويدرك المتأمل لهذه المقولة أن التبادل المعلوماتي يسهم في طرح مجال للاستفادة في حل المعضلات ذات الأبعاد التقنية والاجتماعية . وهذه الفكرة تربط مع الاعتماد المتبادل كمقولة لتحليل الشبكات الاجتماعية. ولقد اعتبر بلانشرد أن فكرة تبادل المعلومات من محددات تشكل رأس المال الاجتماعي في سياقاته الافتراضية , حيث تطرح أوجه للتبادل الفاعل . ويتمثل العنصر الثاني في الدعم الاجتماعي : والمقصود به هنا هو الدعم الذي يستفيد به الفرد من خلال امتلاكه شبكة من العلاقات الاجتماعية عبر تفاعلات المجتمع الافتراضي يمكن من خلالها تحقيق منافع تتأرجح هذه المنافع بين الواقع الافتراضي والمجتمع الواقعي .(18)
ب- لاجغرافية رأس المال الاجتماعي الافتراضي
الفرضية الأساسية عند بوتنام لرأس المال الاجتماعي في سياقاته الواقعية تتبلور في مقولته كلما قلت تفاعلات الشبكات الاجتماعية الكثيفة , كلما قل احتمالية تشكيل رأس المال الاجتماعي. ويربط هذا المنظور رأس المال بسياقاته الواقعية ذات الطابع الجغرافي
والإطار الفيزيقي في التفاعل . إلا أن الإنترنت ساهم في تشكلات جديدة وشبكات اجتماعية يطلق عليها بلانشرد شبكات اجتماعية كثيفة . وفي خضم هذا الإطار يمكن الإشارة إلي أن احتمالية تشكل رأس مال اجتماعي في المجتمع الافتراضي أمر يسير, وذلك لأن تفاعلات سياقاته لا تتم في إطار شبكة واحدة من العلاقات ولكن هناك شبكات
كثيفة من التفاعلات يمكن الاستفادة منها في تحقيق منافع شتي , مع الأخذ في الاعتبار أن العلاقات الشبكية التي من الممكن أن تسهم في خلق رأس المال الاجتماعي في سياقاته الافتراضية ترتبط باهتمامات المتفاعلين (19). فالتحليلات النظرية المرتبطة بتنظير رأس
المال الاجتماعي يجب أن تراعي بعده الافتراضي في الشبكات الاجتماعية(20).
رابعا : تحليل الشبكات الاجتماعية من أيديولوجيا النشأة والنفاذ إلي ميثودولوجيا الدراسة.
تتنوع الشبكات الاجتماعية في الفضاء المعلوماتي بتنوع مجالات الاهتمام حسب الأيديولوجيات التي جعلت هناك إلحاحا علي الساحة العلمية لدراستها في شكل منهجي . ويمكن تحليل هذا العنوان في عنصرين أساسيين يتناول الأول الأيديولوجي التأسيسية , وأيديولوجيا النفاذ والثاني يتناول المناهج والأدوات العلمية في دراسة الشبكات الاجتماعية.
1- أيديولوجيا الشبكات الاجتماعية " النشأة والنفاذ للشبكة.
تتباين الأيدولوجيا علي مستوي الفكر والتنظير وعلي مستوي الممارسات العملية . وتعتبر الايديولوجيا هي بوابه السلوك والتفاعل العملي للأفراد والجماعات , وامتد الحديث عنها في السياقات الافتراضية وذلك علي محورين :
المحور الأول : أيديولوجيا نشأة الشبكات الاجتماعية.
لا تنشأ الشبكات الاجتماعية من فراغ ولكن منشأها الأصلي يخضع إلي للاعتبارات الأيديولوجية . فمؤسسي الشبكة سواء كانوا أفراد أو جماعات يتبنوا أفكار
معينة, وتنشأ بناء علي هذه الأفكار الشبكة . هذا لا يعني أن هناك استاتيكية في البناء الشبكي , ولكن قد تتغير الوجهات الفكرية لمؤسسي الشبكة تبعا لتغير الايديولوجيا المسيطرة علي تفكيرهم خاصة وأن الأيديولوجيات ليست حتمية . ويضرب الباحث هنا مثال لأيدولوجيا الشبكات من خلال نموذج شبكة الفيس بوك حيث أسس الموقع Mark Zuckerberg وهو طالب في جامعة هارفارد الأمريكية , كانت فكرته الأيديولوجية في إنشاء الموقع خوفه من أن إدمانه للإنترنت يجعله يفقد أصدقائه بعد الانتهاء من الدراسة الجامعية فأسس موقع face bock بناء علي هذه الفكرة الأيديولوجية التي سيطرت عليه وكان عمره وقتئذ ثلاثة وعشرون عاما . ثم توسع الموقع ليضم في طياته طلاب المدارس والجامعات , واتسع الموقع إلي أن أصبح يمثل أكبر مواقع الشبكات العالمية(21) . يتضح من هنا أن التأسيس هنا ظهر من خلال مجموعة الأطر الفكرية التي سيطرت علي فكر هذا الشاب .
ب- أيديولوجيا النفاذ إلي الشبكة.
لا تعمل الشبكات الاجتماعية بمعزل عن سياقاتها بمعني أدق لا تعمل الشبكات الاجتماعية بمعزل عن المجتمع الافتراضي.وإذا كانت الفرضية الأساسية للمجتمع الافتراضي منذ نشأته ترتكز علي مشاركة الاهتمامات , فإن الأفراد أو الجماعات عند النفاذ إلي الشبكات الاجتماعية يحتكموا إلي الاهتمامات , التي تعد بدورها محدد أيديولوجي ينطوي علي عنصر اختيار يستمد مرجعيته من الأطر الفكرية الحاكمة للمستخدمين. وتجدر الإشارة أيضا إلي إمكانية الدخول والخروج إلي الشبكة , وذلك تبعا للتغيرات التي تطرأ علي معتقدات أو أفكار الفرد . والمقصود هنا أن هناك قد كبير من المرونة والحرية في الدخول والخروج من الشبكة. فإذا كان الفرد في تفاعلاته الواقعية محكوم بعوامل الأيديولوجيا المحكومة بجدران الزمان والمكان , فإن التفاعلات التي تتم في إطار الشبكات الاجتماعية تتحرر فيها الأايديولوجيا من حواجز الزمان والمكان ولكنها لم تستطع أن تنفك عن أصولها الفكرية التي تمنح الفرصة إلي النفاذ أو الخروج أو عدم الاشتراك.
2- ميثودلوجيا الشبكات الاجتماعية.
ارتبطت الشبكات الاجتماعية بتطور الإنترنت ومجتمعه الافتراضي وإذا كان تأسيس الشبكات الاجتماعية مرتبط بالأطر الفكرية الحاكمة لسلوك الأفراد والجماعات المؤسسة ومرتبط أيضا بأسباب النفاذ إلي الشبكات . فإن المتأمل واقع البحوث العلمية علي مستوي العلوم الإنسانية يدرك أنها اتخذت من المجتمع الافتراضي بما يحويه من شبكات اجتماعية قبلة للدراسات العلمية . وواجهت هذه العلوم تحدي – ولا زالت – في تطوير منهجيات علمية تدرس وتفسر ما يحدث داخل التفاعلات الافتراضية. فالنشأة الأيديولوجية استدعت الدراسة العلمية وسيحاول الباحث وبشكل مقتضب عرض بعض الأوجه المنهجية علي الصعيد العلمي لدراسة الشبكات الاجتماعية .
1- منهجية تحليل الشبكات الاجتماعية.
تشير وجهات النظر إلي ضرورة الحاجة إلي أدوات بحث متقدمة في دراسة الشبكات
الاجتماعية علي حد تعبير هيلست Van Der Hulst . ومن ضمن الأدوات ما وصفه بأسلوب تحليل الشبكات الاجتماعية حيث أشار إلي أن هذا التحليل يعد منهجية أكثر من كونه نظرية . يستهدف هذا التحليل فحص الأبنية الاجتماعية المعقدة والتي تسمح بتطبيقات واسعة , وتشمل علي الكثير من الرسوم البيانية , وتستخدم التقنيات الحسابية التي يتم من خلالها تحليل الأنماط العلائقية للعقد – التي تمثل المسجلين في الشبكات – والارتباطات أي الروابط مستندة إلي الحسابات الرياضية , وتخرج هذه الحسابات بمقاييس للبناء الشبكي أو بارامترات تحدد خصائص النشاط الشبكي والأدوار الاجتماعية والمشاركات. والغرض الأساسي للتحليل الشبكي يكمن في الكشف عن أنواع الروابط بين المسجلين , وتحديد المنافع والقيود والبناء الشبكي . بالإضافة إلي التركيز علي خصائص الشبكة , مع الأخذ في الاعتبار أن هذا التحليل الشبكي قد يسهم في بناء السيناريوهات التي تخرج بنتائجها من تحليل للارتباطات والعقد بين المجموعات (22).
3- تحليلات الأثنوجرافية الافتراضية.
تعتبر المناهج الوصفية الافتراضية أحد الوسائل المنهجية لدراسة الشبكات الاجتماعية ومن أبرز التكنيكات التي تستخدم فيها هي دراسة الحالة الافتراضية . وبصرف النظر عن وجهة الاختلاف عما كانت منهجية دراسة الحالة أداة أم منهج فهي وسيلة مفيدة في تحليل الشبكات ودراسة التجمعات في السياقات الافتراضية . وتستخدم دراسة الحالة الافتراضية داخل وسط الإنترنت, وتستهدف وحدة التحليل فيها الأفراد أو الجماعات , وتتم جميع المقابلات والاستجابات من خلال وسيط وهو الإنترنت عبر أحد المواقع الشبكية لجمع معلومات عن الفرد أو الجماعة . وتستهدف الوصول إلي بيانات كيفية يمكن من خلالها تقديم وصف للجماعات والعقد الشبكية . ومن ضمن أدوات الاثنوجرافيا الافتراضية الملاحظة التي تتم في سياقات دراسة المجموعات عبر الانترنت , وتنقسم الملاحظة إلي الملاحظة بالمشاركة ومن الدراسات التي استخدمت هذا التكنيك دراسة درننا drentea وكروس cross (2005) (23), حيث تمت دراسة جماعة للأمهات عبر الفضاء المعلوماتي والتي كانت تقدم النصائح إلي الأمهات عبر مراحل الحمل والولادة والرضاعة وكان كروس أحد المشاركين في المجموعة واستخدم تقنية الملاحظة بالمشاركة . كما أن هناك ملاحظات بغر مشاركة تستخدم في بحوث الجماعات عبر الإنترنت.
3- تحليلات البريد الالكتروني .
استخدمت تحليلات البريد الالكتروني بشكل ملحوظ في الدراسات المرتبطة بالمجتمع الافتراضي . حيث يقوم الباحث باستئذان المجموعة أو القائمة البريدية التي يبغي دراساتها ويقوم بجمع الرسائل البريدية التي تتم في إطار المجموعة التي يدرسها , ثم يتولي عملية تحليل هذه الرسائل . مع الأخذ في الاعتبار تحديد الفترة الزمنية التي يتم من خلالها جمع البريد الالكتروني . وهناك تكنيكات علمية مستحدثة لتحليل رسائل البريد الالكتروني استخدمها العديد من الباحثين المشغولين بدراسة المجتمع الافتراضي منهم أولف اجرين Agren (24)الذي استخدمه في تحليل رسائل البريد الالكتروني لجماعة الصحفيين المبتدئين السويدية والذي قسم تحليلات البريد الالكتروني إلي تحليلات من خلال ملاحظات بالمشاركة وملاحظات بدون مشاركة , ومن الدراسات التي استخدمت الملاحظة بغير مشاركة في تحليلات البريد الالكتروني دراسة كينفي Susan C.KINNEVY التي أجراها علي جماعة نشطاء السلام (25) .
4- المسوح الافتراضية.
تعتمد المسوح الافتراضية علي حصر مواقع بذاتها , أو دراسة الأفراد داخل جماعة افتراضية معينة داخل البنية الشبكية . وتجدر الإشارة هنا أن فكرة العينة العشوائية أمر صعب في المسوح الافتراضية. لذلك تعتمد غالبا المسوح الافتراضية علي العينات العمدية في معظمها , خاصة في ظل عدم توافر إطار لها . ومن أشهر الأدوات المستخدمة في المسوح الافتراضية الاستبيان الالكتروني: وهو أداة لجمع البيانات من السياقات الافتراضية. والذي يصمم الباحث استمارته وتوضع علي أحد المواقع علي الشبكة, ويرسل الباحث الرابط إلي الأفراد عبر الشبكة أو بريدهم الالكتروني , ثم يتولي المبحوث ردها إلي نفس الموقع أو البريد الالكتروني الذي يحدده الباحث. ويفضل في الاستمارة المسحية علي الإنترنت أن تكون جميع الأسئلة فيها مغلقة .
من هنا يدرك المتأمل لواقع الدراسات والمنهجيات التي تتم في إطار التفاعلات الشبكية علي المستوي الافتراضي أنها استوجبت تطوير منهجيات علمية تواكب التغير السريع الذي يحدث في إطار التفاعل الافتراضي. فكما أن تطور الشبكات سريع, فإن تطور المنهجيات لابد أن يتواكب مع هذا التطور, ويمثل ذلك التحدي الكبير أمام دراسات المجتمع الافتراضي بشكل عام.
خلاصة
إن واقع الشبكات الاجتماعية وتنامي واتساع دوائرها , يمثل صعوبة في التكهن بمستقبل الشبكات الاجتماعية وذلك لاعتبارين:
1- سرعة التغيرات التي تطرأ علي هذه الشبكات , وارتباط تحولاتها بصناعة البرمجيات التي تتطور في عالمنا بشكل ملحوظ.
2- كثرة المتفاعلين في سياقات الشبكات الاجتماعية, وكثرة الأفراد الذين ينضموا إليها. يجعل من إحصاء العام الماضي أو قبل الماضي شيء تجاوزه الزمن.
ولكن تزايد الجماعات علي الشبكات سواء في السياقات العالمية أو استغلال هذه الشبكات علي خلفية السياقات المحلية يستنفر التفكير المستقبلي حول إمكانية ظهور التنظيمات الاجتماعية في شكلها المؤسسي علي الشبكات في الفضاء المعلوماتي . وعلي الخصوص منظمات المجتمع المدني و ليس معني ذلك اختفاء هذه المنظمات من الشبكات الاجتماعية الحالية , ولكن المقصود تزايد التفعيل لهذه المنظمات في شكل أكثر فاعلية ومؤسسية. و ذلك لا يعني أن المجتمع الافتراضي يزيح المجتمع الواقعي ليحل محله , ولكن يشكل بوابه جديدة للتفاعلات التي تخرج عن إطار المحلية وتبقي إشكالية التكهن بمستقبل التفاعلات الواقعية في ظل الانخراط في التفاعلات الافتراضية . وتبقي الإشكالية البحثية التي تستنفر العقول الأكاديمية لمحاولة الإجابة الرصينة ما مستقبل التفاعلات الواقعية في ظل تنامي الشبكات الاجتماعي في الفضاء المعلوماتي ؟ وهل تساهم هذه الشبكات الاجتماعية بدعم رأس المال الاجتماعي بصورة فعالة؟
الهوامش
1- تجدر الإشارة إلى أن هناك نسخة إلكترونية من هذا الكتاب على شبكة الإنترنت –يمكن الحصول على هذه النسخة من موقع Haward Rhingold ولقد ظهر هذا الكتاب عام 1993 –ويحتوي هذا الكتاب على مقدمة وتسعة فصول.
Haward Rhingold ,Virtual Community,1993, http//:www .com .user/h(R)Vcboal
2-نبيل علي , تحديات عصر المعلومات , مكتبة الأسرة , الأعمال العلمية ,القاهرة, 2003 , ص254.
3- -أحمد زايد , عولمة الحداثة وتفكيك الثقافات الوطنية,عالم الفكر,مجلد 32, الكويت , يوليو, سبتمبر, 2002 , ص16.
4- Danah m. Boyd, Nicole B.Ellison , Social network sites; Definition , history and scholar ship , Journal of computer mediated communication , vol(13),issue (1)
http://icmc.indiana.edu/vol13issue1 /boyd.ellison.html
5- مواقع الشبكات الاجتماعية وطريقة عملها , وحدة المعرفة , جوجل , 2009 متاحة في
مواقع _الشبكات_ الاجتماعية_ وطريقة_ عملهاhttp://knol.google .com
6- O.C.Mcswete, the challenge of social networks, Administrative theory and praxis, vol 13 , issue 1 , march , 2009 , p 95-96.
7- مواقع الشبكات الاجتماعية وطريقة عملها , مرجع سابق.
7- خدمات الشبكات الاجتماعية , متاحة في
خدمات_الشبكات _الاجتماعية http:// ar.wikipedia.org/wiki/
9- المرجع السابق ذكره.
10- Danah m. Boyd, Nicole B.Ellison , Social network sites; Definition , history and scholar ship ,op.cit..
11- خدمات الشبكات الاجتماعية , مرجع سابق.
12- LIST OF SOCIAL NETWORKING WEBSITES ,2009, AVAILABLE AT
en.wikipedia.org/wiki/List_of_social _networking website http://
13- للمزيد حول أبعاد المواطنة الافتراضية أنظر وليد رشاد , المواطنة في المجتمع الافتراضي " تأملات نظرية علي مرجعية الواقع المصري" ورقة مقدمة إلي المؤتمر السنوي العاشر , للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية ,القاهرة, الفترة من 16- 19 مايو 2009
14- O.C.Mcswete, the challenge of social networks, Administrative theory and praxis, op.cit , p 95-96.
15- Annica , Santdstrom , the performance of policy networks . the relation between networks structure and networks performance , the policy studies journal , vol 36 . issue 4, published by Wiley periodicals , Oxford, 2008 , p 497 , 505
16- Garry Robins, Yoshikashima, social psychology and social networks: Individuals and social systems, Asian journal of social psychology , vol 11, Black well publication , 2008 , p 5- 6
17- David. Siegel , Social networks and collective action , American journal of political science , vol 53, number 1, January , 2009, p 124-125.
18 AnitaBlanchard and Tom Horan , Virtual Communities and Social Capital , Idea Group Publishing, 2000,
www.idea-group.com/downloads/excerpts/garson.pdf
19 – ibd
20- للمزيد يمكن الرجوع إلي وليد رشاد رأس المال الاجتماعي بين السياق الواقعي والافتراضي , مجلة الديمقراطية , عدد يوليو, 2009, من منشورات الأهرام .
21- نيرمين خضر , الآثار الاجتماعية والنفسية لاستخدام الشباب المصري لمواقع الشبكات الاجتماعية , دراسة علي موقع الفيس بوك , ورقة مقدمة لمؤتمر الأسرة والإعلام وتحديات العصر , المؤتمر الدولي الأول , كلية الإعلام , جامعة القاهرة , الفترة من 10- 17 فبراية , 2009, ص2
22- Van DER Hulst ,Introduction to network analyses(S N A) as investigative tool, Springer Science and Business Media, Published online: 13 December 2008
Ebsco host database, p 104- 105
23- يمكن الرجوع إلي هذه الدراسة في
- Patricia Drentea and Jennifer L. Moren-Cross, Social capital and social support on the web:, the case of an internet ,mother site, Sociology of Health & Illnes ISSN 0141–9889 Blackwell Publishing Oxford, 2005, pp. 920–943
24- يمكن الرجوع لهذه الدراسة في
Per olof Agren ,On the creation of social capital in virtual community: Case study, www.uofrmetic.nmu.se,
25- يمكن الرجوع إلي هذه الدراسة في
-Susan–C. kinvelly– problems and promises in the study of virtual community: A case Study, university of Pennsylvania ,school of social works USA 2000 www.isoc.orglinet2000/cdproceedings/29/29¬_1.htm.
| |
|
