المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
اهلا بكم في المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
اهلا بكم في المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية

علم الاجتماع- العلوم الاجتماعية- دراسات علم الاجتماع
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
Like/Tweet/+1
المواضيع الأخيرة
» أحمد محمد صالح : أثنوغرافيا الأنترنيت وتداعياتها الإجتماعية والثقافية والسياسية
دور المجتمع الافتراضي في صناعة الربيع العربي Emptyالخميس أبريل 29, 2021 10:43 pm من طرف زائر

» قارة آمال - الجريمة المعلوماتية
دور المجتمع الافتراضي في صناعة الربيع العربي Emptyالإثنين أبريل 26, 2021 5:37 pm من طرف ikramg

» معجم مصطلحات العلوم الإجتماعية انجليزي فرنسي عربي - الناشر: مكتبة لبنان - ناشرون -سنة النشر: 1982
دور المجتمع الافتراضي في صناعة الربيع العربي Emptyالخميس أبريل 22, 2021 2:24 pm من طرف Djamal tabakh

» سيكلوجية_المسنين
دور المجتمع الافتراضي في صناعة الربيع العربي Emptyالإثنين أبريل 19, 2021 4:46 pm من طرف Mostafa4Ramadan

» ممارسة خدمة الفرد مع حالات العنف الاسرى دعبد الناصر
دور المجتمع الافتراضي في صناعة الربيع العربي Emptyالإثنين أبريل 19, 2021 4:45 pm من طرف Mostafa4Ramadan

» جرائم نظم المعلومات
دور المجتمع الافتراضي في صناعة الربيع العربي Emptyالسبت أبريل 17, 2021 3:39 pm من طرف Djamal tabakh

» دور التعلم الإلكترونى فى بناء مجتمع المعرفة العربى "دراسة استشرافية"
دور المجتمع الافتراضي في صناعة الربيع العربي Emptyالسبت أبريل 17, 2021 2:54 pm من طرف Djamal tabakh

» أصــــــــــــــــــــــــول التربية
دور المجتمع الافتراضي في صناعة الربيع العربي Emptyالسبت أبريل 17, 2021 5:02 am من طرف Djamal tabakh

» نحو علم اجتماع نقدي
دور المجتمع الافتراضي في صناعة الربيع العربي Emptyالإثنين أبريل 05, 2021 11:22 am من طرف ظاهر الجبوري

» د.جبرين الجبرين: الإرشاد الاجتماعي في المجتمع السعودي
دور المجتمع الافتراضي في صناعة الربيع العربي Emptyالأربعاء مارس 31, 2021 4:25 am من طرف nahed

سحابة الكلمات الدلالية
المجتمعات كتاب المجتمع تنمية التنمية الشباب والاجتماعية العمل الجوهري الاجتماعي التخلف في العنف التلاميذ المرحله الجماعات اساسيات الجريمة محمد الاجتماع التغير الخدمة البحث موريس الالكترونية الاجتماعية
أحمد محمد صالح : أثنوغرافيا الأنترنيت وتداعياتها الإجتماعية والثقافية والسياسية
دور المجتمع الافتراضي في صناعة الربيع العربي Emptyالجمعة مارس 12, 2010 11:26 am من طرف nizaro

دور المجتمع الافتراضي في صناعة الربيع العربي ___online

أثنوغرافيا …


تعاليق: 93
جرائم نظم المعلومات
دور المجتمع الافتراضي في صناعة الربيع العربي Emptyالإثنين مارس 08, 2010 10:02 am من طرف فريق الادارة
دور المجتمع الافتراضي في صناعة الربيع العربي ___online.pdf?rnd=0

ضع ردا …


تعاليق: 5
أصــــــــــــــــــــــــول التربية
دور المجتمع الافتراضي في صناعة الربيع العربي Emptyالأحد يناير 03, 2010 9:37 pm من طرف فريق الادارة

تهتم مادة (اصول التربية) بدراسة الاسس التاريخية …


تعاليق: 146
نحو علم اجتماع نقدي
دور المجتمع الافتراضي في صناعة الربيع العربي Emptyالسبت يوليو 24, 2010 2:02 am من طرف فريق الادارة

العياشي عنصر
نحو علم اجتماع نقدي






يعالج الكتاب …


تعاليق: 13
لأول مرة : جميع مؤلفات الدكتور محمد الجوهري - مقسمة علي ثلاث روابط مباشرة وسريعة
دور المجتمع الافتراضي في صناعة الربيع العربي Emptyالسبت أبريل 23, 2011 10:27 pm من طرف باحث اجتماعي
مدخل لعلم الأنسان المفاهيم الاساسية في …


تعاليق: 283
أصل الدين - فيورباخ
دور المجتمع الافتراضي في صناعة الربيع العربي Emptyالإثنين مارس 01, 2010 10:38 pm من طرف فريق الادارة



أصل الدين - فيورباخ

دور المجتمع الافتراضي في صناعة الربيع العربي …


تعاليق: 223
العنف في الحياه اليوميه في المجتمع المصري-احمد زايد
دور المجتمع الافتراضي في صناعة الربيع العربي Emptyالخميس يناير 14, 2010 10:27 am من طرف فريق الادارة
دور المجتمع الافتراضي في صناعة الربيع العربي ______-_

[hide][url=http://www.4shared.com/file/196965593/6e90e600/______-_.html]…


تعاليق: 43
مبادئ علم الاجتماع - للمؤلف طلعت ابراهيم لطفي
دور المجتمع الافتراضي في صناعة الربيع العربي Emptyالثلاثاء ديسمبر 22, 2009 7:25 am من طرف فريق الادارة


مبادئ علم الاجتماع


إذا أعجبك الكتاب اضغط لايك في …


تعاليق: 264
نظرة في علم الاجتماع المعاصر - د. سلوى خطيب
دور المجتمع الافتراضي في صناعة الربيع العربي Emptyالسبت فبراير 06, 2010 11:31 am من طرف فريق الادارة
نظرة في علم الاجتماع المعاصر
د. سلوى خطيب

رابط التحميل


تعاليق: 39
التدين الشعبي لفقراء الحضر في مصر
دور المجتمع الافتراضي في صناعة الربيع العربي Emptyالأربعاء مايو 26, 2010 4:14 am من طرف فريق الادارة

التدين الشعبي لفقراء الحضر في مصر

[img]…


تعاليق: 22

 

 دور المجتمع الافتراضي في صناعة الربيع العربي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

دور المجتمع الافتراضي في صناعة الربيع العربي Empty
مُساهمةموضوع: دور المجتمع الافتراضي في صناعة الربيع العربي   دور المجتمع الافتراضي في صناعة الربيع العربي Emptyالخميس أغسطس 21, 2014 3:47 pm

دور المجتمع الافتراضي في صناعة الربيع العربي

الكاتب الأستاذ:محمد أمين شياب..جامعة 20 أوت 1955 -سكيكدة  
الخميس, 04 أبريل 2013 16:47
تمهيد:

إننا نعيش على وقع جملة من التحولات الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية وحتى الثقافية، التي مست مختلف الأبنية الاجتماعية للمجتمعات العربية وما الأحداث الأخيرة التي عرفتها المنطقة ومازالت تعرفها لحد الآن،إلا نتيجة لجملة من العوامل السباقة والممهدة لها كالفساد الإداري و السياسي وارتفاع مستويات البطالة بين أوساط الشباب، إضافة إلى الحرمان الاجتماعي الذي تعاني منه تلك الفئات الهامشية في المنطقة، كما لا ننسى التضييق على حريات التعبير بمختلف أشكالها وغيرها من الأسباب التي جعلت الوضع على فوهة بركان.

إن المتتبع لمسار هذه التحولات و التغيرات يجد أن المعلوماتية أو ما يعرف بالشبكة المعلوماتية (المدونات، منتديات التواصل الاجتماعي)، قد ساهمت في بلورتها و العمل على توجيه الرأي العام وحشد الجهود و الطاقات نحو خلق مجتمع افتراضي عابر للحدود و القارات، ولا يعترف بسلطة الرقابة، و كمناخ للتنفيس عن المكبوتات و التعبير عن الآراء و التطلعات بين مختلف فئات مجتمع، وانطلاقا مما سبق نطرح سؤال محوري ما هو الدور الذي لعبه المجتمع الافتراضي( شباكات التواصل الاجتماعي) في صناعة التحولات والتغيرات في المنطقة العربية أو ما يعرف بالربيع العربي؟      

أولا: المجتمع الافتراضي نظرة على تضاريس مفهومه: منذبداية خمسينيات القرن الماضي بدأتبوادر ظهور المجتمع الافتراضي، والذيارتبط ارتباطا وثيقا بالثورة التكنولوجيةخصوصا في مجال صناعة المعلومات، والاتصالات،  والحاسوب، وقد أصبح المجتمعالافتراضي حقيقة ملموسة في حياةالأفراد والمؤسسات، خصوصا في مجال الخدمات،والتجارة الإلكترونية، وبنوكالمعلومات، والترفيه، والإدارة الإلكترونية. وتشكلالحكومات الإلكترونية إحدى الأوجه المعبرة عن هذا التحول الراديكالي نحو تأسيسسلوك افتراضي، مبني على ما جادت به العولمة التي اجتاحت مختلف أنشطة الحياة اليومية لشعوب المعمورة، فالآن أصبح الواقعي يولد من رحم الافتراضي.

    لقد ظهر المصطلح في صورته الإنجليزية عنواناً لكتاب هووارد راينجولد Rheingold(1993) وقد عرفه بأنه: "هيتجمعاتاجتماعيةتنشأمنالشبكة،حينيستمرأناسبعددكاففيمناقشاتهمعلنيالوقتكافمنالزمنبمشاعرإنسانيةكافيةلتشكيلشبكاتمنالعلاقاتالشخصيةفيالفضاءالسايبري   cyberspace".1

فهذاالتعريفيشيرإلىأنالمجتمعاتالافتراضيةهيشكلجديدمنأشكالالتجمعاتالاجتماعيةالمستندةعلىالتكنولوجيا، كما يشتمل هذا التعريف على مجموعة من  العناصر :

1-    جماعة من البشر، تزيد وتنقص، تكبر وتصغر، وفق شعبيّة الموقع وسهولة استخدامه، غير أنّ هويّات أفراد هذه الجماعة تبقى موضع تساؤل وريبة ما لم يكن لها وجود حقيقي معلوم في العالم الواقعي، انهيار الحدود الجغرافية و الثقافية.

2-     اهتمامات مشتركة- بالأدب أو العلوم أو الفنون أو الصناعات أو الهوايات أو غير ذلك. وقد تكون الاهتمامات "تافهة"، أو غير جادّة، أو جانحة غير مقبولة من وجهة نظر من لا ينتمون إلى الجماعة أو المجموعة.

3-     تفاعل يتّصف بالاستمرارية وسرعة الاستجابة؛ من هنا لا يُعدّ البريد الالكتروني مجتمعاً افتراضياً، إلا إذا صاحبته الدردشة والرسائل النصيّة الفوريّة. تشمل التفاعلات تبادل المعلومات والدعم والنصيحة والمشاعر وفق طبيعة الجماعة أو المجتمع الافتراضي.

4-    وسيلة وفضاء للتواصل– منتدى أو غرفة دردشة أو موقع تواصل اجتماعي أو مجموعة بريديّة أو مدوَّنة، أو غير ذلك.

5-     شروط عضويّة- كلمة مرور واسم مستخدم وبيانات وقواعد تنظّم المشاركة والتفاعل، وما إلى ذلك.  

أما" إريكسون"  فيرىأنالمجتمعالافتراضيكمصطلحيشيرإلىالمحادثةوالحوارالمبنيعلىالكومبيوتر،وهويشيرإلىأنالحوارمهماكاننوعههومبنيأساساعلىالتفاعليةبينالعديدمنالمتصلينوالمستخدمين1، كما يعبر عنه دي موور ووايجاند de Moor and Weigand(2007) بأنه "نظام اجتماعي تكنولوجي"2.  وبالتالي المجتمع الافتراضيمفهوم يشيرإلىمجموعةمعينةمنمستخدميالإنترنت، كذلكيتكونهذاالمجتمع،حينيصبحمجموعةمنالأفرادعلىالخط،يتشاركونفيتفاعل اجتماعيرقميبشكلما،لهخصائصهالتكنو-اجتماعية وربمايشيرالمفهومأيضاإلى جماعاتتشتركفيخصائصاجتماعيةأوتنظيميةأوثقافية،أو سواها3،أوربمايشترك أعضاءهذاالمجتمعالافتراضيفيتوجهاتفكريةمعينة،أواهتماماتعلميةأواقتصاديةأو فنية،أوإعلامية،الخ..فالملاحظ على هذا التعريف هو الجمع بين ما هو اجتماعي و تكنولوجي.

في حين  عرّف المجتمع الواقعي بأنه جماعة من الناس يعيشون في منطقة جغرافية يتفاعلون فيما بينهم وفق أهداف محددة ومعايير واضح، أو ما أطلق عليه بارسونز باسم النسق الاجتماعي الأكبرفبالتالي يتشكل المجتمع المحلي أو الواقعي من:

ثانيا: المجتمع الافتراضي الميزة و الغاية:

1-مميزات المجتمعات الافتراضية:

لعل الشيء الملفت إلى نوعية هذا النسق هو تلك الخصائص التي تميزها عن باقي المجتمعات الأخرى،  

فالمجتمع الافتراضي يشتمل على خصائص لعل أهمها:

أ‌-       المرونة وانهيار فكرة الجماعة المرجعيّة بمعناها التقليدي، فالمجتمع الافتراضي لا يتحدّد بالجغرافيا أو القبيلة بل بالاهتمام والمصلحة.

ب‌-يستطيع المرء أن يتواصل مع غيره عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات ومجموعات الأخبار وغيرها من وسائط وبيئات إلكترونيّة في سيارته أو بيته أو مكتبه في أي وقت طالما توفر له حاسب آلي أو هاتف محمول أو حاسب محمول وخدمة إنترنت، ولأنَّ حدود الجغرافيا لم تعد تلعب دوراً في تشكيل المجتمعات الافتراضيّة، فهي مجتمعات لا تنام، فصباح الإمارات العربية المتّحدة فجر في الجزائر وظهيرة في غيرها وليل الإمارات فجر في سيدني وهكذا. يستطيع المرء أن يجد من يتواصل معه في المجتمعات الافتراضيّة على مدار الساعة.

ج‌-              تنتهي إلى عزلة وانفراد، على ما تعد به من انفتاح على العالم وتواصل مع الآخرين. من العجيب أنّ المجتمعات الافتراضية وقد نشأت  لأغراض شتّى منها تخليص البشر من عزلتهم تنتهي بهم إلى عزلة جديدة عن عالمهم الواقعي، هذه هي المفارقة الكبرى في المجتمعات الافتراضيّة، مفارقة يلخّصها عنوان كتاب لشيري تيركل Sherry Turkleهو كتابAloneTogether: Why We Expect More from Technologies than from Each Other"نحن معا، لكنّنا وحيدون: لماذا أصبحنا ننتظر من التكنولوجيا أكثر مما ينتظر بعضنا من بعض؟".

لقد نتج عن تطوّر المجتمعات الافتراضيّة حالات متفاوتة من الانقطاع عن العالم الواقعي وانهيار العلاقات الاجتماعيّة، لم يعد الناس يتزاورون كما كانوا يفعلون من قبل فقد أغنتهم الرسائل النصيّة القصيرة ورسائل البريد الإلكتروني والبطاقات الإلكترونية وما يكتبون ويتبادلون على الفيسبوك والتويتر عن التزاور والمعايدة. من هنا لم تعد صورة الأسرة التي تعيش في بيت واحد بينما ينهمك كلّ فرد من أفرادها في عالمه الافتراضي الخاص، لم تعد هذه الصورة مجرّد رسم كاريكاتيري، بل حقيقة مقلقة تحتاج مزيدا من الانتباه والاهتمام.

    د-  أنّها لا تقوم على الجبر أو الإلزام بل تقوم في مجملها على الاختيار، ليس هناك ما يرغم أحداً على قبول صداقة غيره، ولا على الردَّ على رسالة إلكترونية أو التعليق على مداخلة أو تدوينة. في المجتمعات التقليدية، لا يختار البشر آباءهم أو أمهاتهم أو إخوتهم أو أخواتهم أو سائر أقربائهم، لكنّهم يختارون أصدقاءهم على الفيسبوك ،  من هنا تبقى المجتمعات الافتراضيّة غير مستقرَّة تعوزها الاستمراريّة، وهي في أسوأ حالاتها تجمّعات وأمكنة عائمة غائمة عابرة ينهمك سكّانها العابرون طواعية في هذيان جماعي حرّ consensual hallucinationبتعبير داونز DownesDaniel.1

ه- في المجتمعات الافتراضيّة وسائل تنظيم وتحكّم وقواعد لضمان الخصوصيّة والسريّة وفيها درجات من المنع والحجب لما يعتقد القائمون على تنظيم هذه المجتمعات أنّه خروج على الأخلاق وانتهاك لخصوصيات الآخرين، قد يكون الحجب مفروضا من قبل القائمين على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من المجتمعات الافتراضيّة، وقد يمارس الأفراد أنفسهم في تلك المجتمعات الحجب أو التبليغ عن المداخلات والمواد غير اللائقة أو غير المقبولة.  (غير أنّ التحايل على تلك القواعد والتنظيمات يظلّ ممكنا يسيراً على من يريد.) وقد تابعنا تدخُّلات حكومة الصين – على سبيل المثال لا الحصر – بتعليق حسابات بعض من وجدت فيهم خطراً على استقرارها السياسي والاجتماعي مع اندلاع الثورات في عدد من البلاد العربيّة. في حالات أخرى تلجأ بعض الحكومات إلى تعطيل قنوات الاتصال جملة وتفصيلاً لضمان عدم التنسيق بين أفراد الجماعات التي تهدّد أمن البلاد من وجهة نظر تلك الحكومات. سوف تبقى مسألة الرقابة موضع خلاف وجدل ما بقي البشر ولعلّ التجربة الإنسانيّة والرسالات السماويّة والفلسفات الرصينة ترشدنا إلى ضرورة الاعتدال والوسطيّة – لا إفراط ولا تفريط – وإلى قدسيّة أعراض الآخرين ودمائهم فلا ضرر ولا ضرار.

و- أنّها فضاءات رحبة مفتوحة للتمرّد والثورة – بداية من التمرّد على الخجل والانطواء وانتهاء بالثورة على الأنظمة السياسيّة مروراً بالتمرد على الأخلاق العامة واللياقة واللباقة. من أسباب ذلك أن المجتمعات الافتراضيّة تتيح لروّادها التخفّي فلا يشعرون بالحرج في الكتابة عما يجول بخواطرهم أو خواطرهن، ولا في تبادل السباب والشتائم. وعندما يستخدم هؤلاء أسماءهم الحقيقية لا يشعرون بنفس الحرج أو الارتباك الذي يشعرون به في المواجهات الواقعيّة. وسوف يرد تفصيل ذلك في معرض الحديث عن الفيسبوك.

ي- كذلك تتسم المجتمعات الافتراضية بدرجة عالية من اللامركزية وتنتهي بالتدريج إلى تفكيك مفهوم الهويّة التقليدي، في المجتمعات الافتراضيّة أركان وزوايا وفيها مراكز تأثير مختلفة لا تنتهي إلى مرجع منفرد، ليست المجتمعات الافتراضية مدينة فاضلة واحدة ولا فضاء واحداً بل فضاءات تتقاطع وتتوازى وهي بتعبير رينينجر وشومار Renninger and Shumarفضاءات طوباوية متعدّدة heterotopia– على الأقل من وجهة نظر من يتمتعون بالإقامة فيها، أما من يدير تلك المجتمعات ويتحكّم فيها فهم الأدمنز adminsأو administratorsأو مديرو الصفحات ومنشئو المواقع الاجتماعية.1

ن- لم تعد الجغرافيا ولا الانتماء العرقي أو القبيلة تتحكّم في وجهة الانتماء. أصبح الانتماء إلى الوطن الأمّ بمعناه التقليدي تحية علم ونشيداً وطنياً يردّده التلاميذ في ملل في طوابير الصباح. جهود المدارس والمؤسسات الوطنيّة والمنظمّات غير الحكوميّة يواجهها طوفان من العوالم الافتراضيّة التي تأخذ روّادها وسكّانها – إلا من بلغ منهم مرحلة كافية من النضج والوعي - بعيداً عن بيئتهم الطبيعية وعن ثقافتهم ولغتهم ودينهم، وعن واجباتهم اليوميّة والتزاماتهم الدراسيّة أو المهنيّة والأسريّة، ولا يقتصر تفكيك الهويّة على الهويّة الوطنيّة أو القومية بل يتجاوزها إلى الهويّة الشخصية، ذلك لأنَّ من يرتادون المجتمعات الافتراضيّة يرتادونها في كثير من الأحيان بأسماء مستعارة ووجوه ليست وجوههم، وبعضهم له أكثر من حساب بأكثر من هويّة وفق غاياته أو غاياتها – هويّة مع زملاء العمل وأخرى مع الأصدقاء وهويّات أخرى لأغراض أخرى، في مثل هذه الظروف يصدق على الحياة في المجتمعات الافتراضيّة ما سبق من وصفها بالهذيان الجماعي الحرّ، ربّما تكون القدرة على التأقلم وإتقان أداء أدوار متباينة في الحياة والمواءمة بين المقام والمقال مهارات تستحق التقدير، لكنّ التحايل والتخفّي في سبيل إشباع وقتي وهمي، والكذب لإيقاع فرائس افتراضيّة قد تتحوّل فيما بعد إلى فرائس حقيقيّة – ذلك هو الوجه القبيح من قدرة البشر على التلوّن.

من خلال سمات وتوابع المجتمعات الافتراضيّة، نستطيع أن نوجز أسباب ظهورها في السعي إلى تحقيق عدد من الغايات هي:

غايات دينيّة أخلاقيّة religious and moral، من خلال الدعوة وتبادل النصيحة والمواد الدينيّة المسموعة والمرئيّة والمكتوبة، على أن التمحيص واجب والحذر ضروري لأنّ الأفكار التي يتبادلها من يرتادون تلك الفضاءات الإلكترونيّة ليست بريئة من الهوى أو الغرض. لا بدّ أنّ كل من له بريد إلكتروني قد وصلته رسالة أو رسائل فيها أحاديث نبويّة أو أحاديث قدسيّة أو أدعية وفيها إلحاح على ضرورة إعادة إرسالها حتى ينال المرسل الأجر والثواب. هنا ينبغي الحذر فليس كل ما تحمل هذه الرسائل يصمد أمام الجرح والتعديل. بعض ما تحمل هذه الرسائل مستفزّ وبعضها فيه استخفاف بمُستَقبِلها – "انشرها إذا كنت مسلماً" أو "إذا لم تنشرها فأنت لا تحب الرسول صلى الله عليه وسلم."  

غايات تجاريّة commercial، من خلال التسويق والإعلان والترويج، ويصدق على هذه الغايات في المجتمعات الافتراضيّة ما يصدق عليها في الواقع من تحايل ومبالغة. تتراوح الغايات التجاريّة الافتراضيّة بين التجارة النظيفة البريئة وبين غسيل الأموال والاحتيال، حيث تمتلئ صناديق البريد الإلكتروني برسائل من دول إفريقية تعرض علي المُستَقبِل المجهول أموالاً طائلة في مقابل مساعدة مرسليها في نقلها إلى حساباتهم، وهذا غيض من فيض صنوف الاحتيال الإلكتروني.      

غايات سياسيّة politicalمن خلال الدِّعاية والتحريض والتجييش، وقد عاين العالم العربي ما كان لمواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك وتويتر من تأثير بالغ في انتقال الثورات من بلد عربي إلى آخر ومن مدينة إلى أخرى.  

غايات تعليميّة  educationalمن خلال تبادل الأفكار والمواد التعليمية وتبادل الأخبار والمعلومات والخبرات. ليست مواقع التواصل الاجتماعي والمجتمعات الافتراضيّة شرّاً كلها بطبيعة الحال مالم تغادر التثقيف والإثراء إلى التسخيف والإلهاء. هناك عدد متزايد من الدراسات والأبحاث التي تتناول مواقع التواصل الاجتماعي وتأثيرها على التحصيل الدراسي بين طلاب وطالبات الجامعة.  لم تتوصل تلك الدراسات إلى فروق نهائية أو حاسمة في الإنجاز والتحصيل الأكاديمي بين الطلاب الذين يستخدمون كتاب الوجوه وبين أولئك الذين لا يستخدمونه، غير أنَّ الدراسات تشير إلى أنَّ الطلاب الجامعيين يميلون إلى استخدام كتاب الوجوه وغيره من المواقع الاجتماعية لغايات اجتماعية على حساب استخدامها لغايات تعليمية وأنّ الطلاب والطالبات الذين يستخدمون كتاب الوجوه ينخرطون في النشاطات اللاصفيّة في كلِّياتهم وجامعاتهم أكثر ممن لا يستخدمونه .

غايات ترفيهيّة  recreationalمن خلال تبادل الموسيقى والصور والمقاطع المصّورة وما إلى ذلك. وسوف نلاحظ في جزء لاحق من هذه الدراسة أنّ "الأصنام" والنجوم التي تسكن عالمنا الواقعي تظلّ تمارس نفوذها وتأثيرها في المجتمعات الافتراضيّة.

غايات أدبيّة literary/ aestheticمن خلال تبادل الكتابات الأدبية وتبادل الآراء حولها. لقد أتاحت المجتمعات الافتراضيّة فرصاً لا حصر لها لنشر الكتابات الأدبيّة التي تتراوح ما بين كتابات بالغة الرداءة وبين كتابات تستحق المتابعة والاحتفاء النقدي.

غايات نفسيّة اجتماعيّة  social-pyschologicalخروجاً من العزلة وسعيا إلى بناء علاقات اجتماعية تشبع حاجات البشر بوصفهم كائنات اجتماعيّة. وسوف نلاحظ لاحقاً أنَّ مواقع التواصل الاجتماعي تتيح الفرصة لمن لا يجيدون التعامل مع الآخرين في الواقع لأنّها تجنبهم حرج التواصل وجها لوجه.

غايات شبقيّة وهميّة illusory/ eroticعلى شبكة الإنترنت سراديب وأركان حمراء لا حصر لها لراغبي اللذات الجنسيّة الوهميّة التي يمكن أن تتحوّل إلى علاقات واقعيّة، لا تقتصر مخاطر هذه الممارسات على الخروج على الأخلاق بل تتجاوز ذلك إلى تدمير الأسر ورفع معدلات الطلاق في حال أدمن الأزواج أو الزوجات قضاء أوقاتهم في الجري وراء هذه الأوهام.

غايات عاطفيّةemotional. قد تنتهي تلك المواقع إلى التأسيس لعلاقات عاطفيّة منها ما ينتهي بالزواج في الواقع، غير أنّ العلاقات التي تبدأ من الفضاء الافتراضي تظلّ تتهدّدها الأكاذيب والأوهام ما لم تخضع لاختبارات العالم الواقعي.1

هذا على سبيل التجريد، أمّا الدوافع الحقيقيّة لاستخدام تلك المواقع في مختلف الثقافات والمراحل السنيّة والطبقات الاجتماعيّة فتبقى موضع بحث ودراسة، وفي مداخلاتنا هذه نحاول إبراز دور شبكات التواصل الاجتماعي في تحقيق غايات سياسية.  

ثالثا: التحولات التي يشهدها العالم العربي ودور شبكات التواصل الاجتماعي :

1-             الأطر والمفاهيم: لا شك أنّ العالم العربي يعيش مخاضاً غير مسبوق فيما بات يُعرف بالربيع العربي، هذاالربيع الذيبدالفترةطويلةيحمل في طياتهإمكانياتالتغييرالتيقدتحمللهالتحديثوالدمقرطة،حيثبداالمثقفالعربيفيالكثيرمنالأحيانعلىشاشاتالفضائياتوصفحاتالجرائدعاجزاعنمجاراتالواقعوعنتحليله،مكرراالخطابالسطحيالذيتشجعهبعضوسائلالإعلاموصامتافيكثيرمنالأحيان حول كون هذه التغيرات هي ثورات حقيقية أم  انتفاضة أم مايمكن أن نسميه حراك أو انفجار اجتماعي .

فالمفكرسميرأمين2،يتجاوزمايثيرهبعضالمثقفينفيالعالمالعربيمنأسئلةمنقبيلهلنحنبصددثورةحقيقيةأمأنعمقالإصلاحاتالثقافيةوالسياسيةوالاجتماعيةللانتفاضاتالشعبيةلمتصلإلىحدتسميتهابالثورة ؟حيثيباشرومنذالوهلة الأولى الحديث عن : الربيعالعربي،الصحوةالعربية،الثوراتالعربية، مؤكداأنهيغلفيتفسيرهللثورةالفرنسيةيشيرإلىثلاثمراحلقدتنطبقعلىكثيرمنالأنظمةوهي:الوضع،فالنفيفالتركيب،ويكونبذلكوضعمامبررافيفترةتاريخيةما،كالأنظمةالسياسيةالتيقامتفيالبلدانالعربيةبعداستقلالها،وعندماينتشرالنفيالعاملهذاالنظام نكونقدمررناإلىالمرحلةالثانية،ومنهاإلىالمرحلةالثالثةإذاآلهذاالنفيإلىهدمحقيقيلهذاالنظاموتركيبنظامجديد، فالأمر في العالمالعربيلايتجاوزمجردانتفاضةشعبية، ويضع هذه الانتفاضاتضمنمايسميهماوتسيتونغ-بالجنوبالموسع-.

أما عمر الشوبكي، فيرى أن ما حدث في تونس ومصر وغيرها ''هي ثورات وليست انتفاضات''، إلا أنه تحفظ بشأن المرجعيات التي يستند إليها الثوار، في إشارة منه إلى رفع الشباب لشعارات الثورات الكلاسيكية، على غرار الثورة البلشفية والفرنسية: ''هذا يشكل خطرا على الثورات العربية، إذا تواصل التماهي مع نماذج ثورات دعت إلى تفكيك الدولة بدل إسقاط النظام فقط''·

في حين تحاولنهلةشهال1الباحثةفيعلمالاجتماعالسياسي،الإجابةعلىنفسالسؤال بقولها:"منالخطأومنغيرالعدلتماماأننقللمنشأنمايحدثوأنننفيعنهصفةالثوريوالشعبيالأصيلوالعميق،وأننفسرهوفقاللمخططاتالغربيةالتيتتحكمفيهذهالأحداثوتهدفإلىتغييرصيغهيمنتهاأوإلىحدإقامةسايكسبيكوجديدة".

إنإطلاقصفةالثوراتأوالانتفاضاتعلىالأحداثالجارية في العالم العربي-حسب نهلةشهال-   لايتوقففقطعلىالتعريفاتالنظريةلهذهالمصطلحات،فطبقالهذهالتعاريففإنالأحداثالأخيرةلاتحملمشروعامكتملاوشاملالنسميهاثورات،لكنهافيالوقتنفسهقدمستأعصابالبنياتالمتسلطةمتجاوزةبذلكالرغبةالبسيطةفيزعزعةالنظامالسياسيفقطأواستبدالرموزه.

انطلاقا مما تقدم نترك للقاريء الحكم على الحراك الشعبي في بلداننا العربية فهل هو ثورة أو انتفاضة أو حراك وان كان من الصعب الحكم على واقع متغير يوميا لا يعطينا الفرصة لالتقاط الأنفاس والتفكير بهدوء كما يحدث في حالة الاستقرار ولو نسبيا.

2-             شبكات التواصل الاجتماعي والدور الريادي في صناعة التحولات العربية:

في ستينيات القرن الماضي، قال الفيلسوف الكندي مارشال ماكلوهان إن "الوسيلة هي الرسالة"، وهي مقولة عارضها كثيرون، بحجة أن الأداة التي يصنعها الإنسان لا يمكنها أن تحدد الرسالة التي يرغب بتقديمها، لذا كانت هذه المقولة واحدة من التي أثارت جدلا كبيرا خصوصا في مجال الدراسات الاجتماعية والإعلامية.

اليوم، ومع بروز دور وسائل الإعلام الاجتماعي في حياتنا كمستخدمين يوميين لأجهزة الكمبيوتر وشبكة الإنترنت، عادت مقولة ماكلوهان لتطبع ذات التساؤل في أذهاننا: هل باتت صفحات الفيسبوك وتويتر ويوتيوب هي الرسالة التي يرسلها الشباب العربي هذه الأيام للتعبير عن مواكبتهم للحداثة، وفي نفس الوقت رصد ما يمرون به من ظروف صعبة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والنفسية وحتى السياسية؟ولعل السؤال الذي نود الإجابة عليه في مداخلتنا هذه هو: هل أضحت شبكات التواصل الاجتماعي ((الفيسبوك والتويتر واليوتيوب)) شريكا فاعلا يساهم بقدر كبير في عملية تطوير الوعي الاجتماعي والسياسي والعلمي والتربوي والثقافي لأفراد المجتمع العربي ؟.

وهذا مانحاول عرضه من خلال التطرق لمختلف التحولات التي شهدتها الدول العربية فبدءا بتونس ومصر مرورا بليبيا، وصولا إلى سورية، وكيف أسهمت وسائل الاتصال الحديثة، المتمثلة في شبكات التواصل الاجتماعي، مثل «فايسبوك» و«تويتر»، في خلق نوع من الصحافة التشاركية؟، التي ساهمت بدورها في حركة التغيير السياسي؟.

أ‌-                 العالم الافتراضي والدعم المستمر لمختلف التحولات في العالم العربي :

(1)- تونس ومصر «الفايسبوك» «التويتر» كفضاء لتداول المعلومات :

لقد استخدم شباب الساحات في مصر وتونس في بداية تحركاتهم قوة ساحرة أساسية في تنمية حركة الشارع الذي كان مدار ثلاثة سنوات في كلا البلدين بسب السماح العام لاستخدام قوة الاتصال الاجتماعي التي تحولت فيما بعد القوة الساحرة في يد القوى الشبابية لتقود الشارع فيما بعد لثورة فعلية ضد النظامين.

فالإعلام الاجتماعي هو الذي كان صلة الوصل بين الثوار وساحاته وفي التعبئة العامة الشعب وإرسال الرسائل القصيرة ،والإعلام الاجتماعي هو كان وسائل الرد والقبول على كل العروض والطلب مع الحكومات ،فالإعلام الاجتماعي كان الرابط بين قادة الثوار وكل الثائرين في الساحات والأخذ بكل المواقف من خلال الرنات البسيطة والرسائل القصيرة التي كانت ردا حقيقا على كل الخطابات الكلاسيكية .

فالشباب التونسي كغيره من شباب البلدان العربية، يتعاطون الأنترنت ويرتادون مواقعها ويتقنون تكنولوجيات التواصل ، عبر المدونات و«فايسبوك» و«تويتر»، لقد فقد سؤال «ما العمل؟» اللينيني، بعدَه النظري وصار مرتبطا بكل شخص على حدة، وبكل صفحة من صفحات «فايسبوك»، صار بإمكان كل واحد، انطلاقا من تصوره الخاص، أن يمارس على الجبهة الواقعية «كان كل شيء في تونس «مكمما» وكان «فايسبوك» الموقعَ الوحيد الذي يسمح لنا بتبادل المعلومات»، تقول لينا بن مهنّي، أشهر المدونات التونسيات، صاحبة مدونة (Tunisien girl).

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باحث اجتماعي
عضو زهبي
عضو زهبي



التخصص : علم اجتماع
عدد المساهمات : 1494
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 01/01/2010
العمر : 54

دور المجتمع الافتراضي في صناعة الربيع العربي Empty
مُساهمةموضوع: رد: دور المجتمع الافتراضي في صناعة الربيع العربي   دور المجتمع الافتراضي في صناعة الربيع العربي Emptyالخميس أغسطس 21, 2014 3:47 pm

        فالشباب التونسي قاما بابتكار شكل للاحتجاج انطلاقا من العالم الافتراضي (الشبكات الاجتماعية «فايسبوك» و«تويتر»)، لكنْ سرعان ما يشتغل هاجس المحاكاة، ليتم تعميم ذلك الشكل عبر مناطق أخرى من الوطن العربي، لقد لعبت شبكات التواصل الاجتماعي دورا حاسما في هذا السياق، لأن التعبئة والتحرك تم أساسا و انطلاقا من الشبكة العنكبوتية، دعا التونسيون، عبر «فايسبوك» و»تويتر»، المصريين إلى الخروج من عزلتهم، ليجيبهم هؤلاء قائلين، عبر مدوناتهم: «لم نعد وحدنا»، مسلحين بدعم الآلاف من رواد الأنترنت عبر العالم، ومن ضمنهم الجماعات التي يسمي نفسها «Anonymous»، وتتكون من «مناضلين» أنترنتيين هاجموا المواقع الحكومية. لقد بدأت الحركة المصرية، على نموذج الحركة التونسية، عبر تحديد مواعيد اللقاء والتجمع على «فايسبوك»، لـ«قصف» الأهداف قصفا افتراضيا، وحتى الملصقات والشعارات تم تقاسمها افتراضيا. على صورة إحدى الملصقات، هناك رأس فرعون ضاحك، بشنب ولحية صغيرة مكتوب تحتها: «اخرج! الموسم الثاني، الحلقة الأولى»… إنها ثورة الهواتف المحمولة التي عوضت، إلى حد كبير، كاميرات الفضائيات. تقول إحدى النصائح التي وجهها التونسيون للمصريين: «لا تنقصوا من سلطة الصور والفيديوهات، صوروا ما أمكنكم ذلك». كان رد فعل النظام المصري سريعا حين «قطع» الاتصال عبر شبكة الإنترنت، لكن رد الفعل تجاوز هذا القطع، تماما كما حدث في بيرمانيا (2007) وفي إيران (2009)، حيث ظل قطع الإنترنت جزئيا مع ذلك،لكن المصريين تجاوزوا قطع الاتصال هذا وسرعان ما «ابتكروا» أرقامَ تشفير سرية، لفتح هذا الفضاءات التي أفلتت من الرقابة الرسمية، حتى ولو كانت صغيرة، لتبادل الأخبار والمعلومات وللتعرف على المبادرات من خلالها بسرعة، وهو ما أربك الأجهزة الأمنية والرقابية ودفعها إلى المزيد من العنف، لأنها صارت عاجزة عن رد الفعل على المستوى الافتراضي، المرتبط بشبكة الانترنت.

خلال التحولات التي شهدتها مصر وتونس وضع الإعلام الاجتماعي، الإعلام المرئي أمام معركة حقيقية في متابعة الأحداث واندلاع الثورات  والتغطية الإعلامية والميدانية لها،نعم نستطيع القول أن الإعلام الفضائي كان مواكبا لحركة التغير من خلال الوقوف معه في ساحات الميادين والشوارع والتغطية المباشرة لهذه الثورة ،فالسؤال الذي يكمن في ذهن المواطن بان الفضائيات كانت جانب الثوار في ساحاتهم وفي شوارعهم ،ولم تكن الأجهزة التكنولوجية في أيادي الثوار في الساحات ،وان اغلب الذين استشهدوا كانوا من ثوار الساحات والذين تم اعتقالهم بالأغلب هم من الذين كانوا يخرجون من المقاهي ،طبعا هذا صحيح ،لان الإعلام المرئي فرض عليه الوجود في الساحات لتغطية الحدث الذي كان مفاجأة له أيضا ولم يصنع هذا الحدث لذلك كان في معركة وجود والدفاع عن استمراره ،لان ثوار الساحات لم يستخدموا الإعلام المرئي في ثورتهم ،ولم يذاع أي بيان للثوار على الشاشات ولم يستخدم التلفزة لإرسال أي رسالة للمتظاهرين.

يُبيِّن هذا، بالملموس، الدور الكبير الذي لعبته شبكات التواصل الاجتماعي، باعتبارها فضاء لتداول المعلومات ، فقد كان "الفيس بوك" في ثورتي تونس ومصر هو المحرك الأساسي والرئيسي للثورة التي فتحت فيها صفحات في كلا البلدين باسم خالد سعيد في مصر ومحمد بوعزيزي في تونس ،وبرز  نشطاء "الفيس بوك"، وقيادات فعلية لأدارت الثورة من خلال نشطاء عرفوا بأسمائهم ك نواره فؤاد نجم وائل غنيم وأسماء محفوظ .

(2)- ليبيا و شبكات التواصل الاجتماعي لتعبئة الجماهير؛إن التوازن الفعلي للتحولات  التي شهدتها ليبيا يتجلى من خلال حماية الثورة برجال العسكر الذين انشقوا عن المؤسسة العسكرية وأعلنوا أنظامهم للثورة، ساعد بالاستقرار النسبي  الذي ساعد بطريقة أو بأخرى من استمرار العمل في جميع الوسائل الإعلامية المختلفة في ممارسة مهامها الإعلامية ،فكان الإعلام المرئي يمارس دوره الطبيعي ،إضافة للوسائل الإعلام الاجتماعية التي كانت تمارس دورها الفعلي من خيم المتظاهرين في ساحات الاعتصامات والميادين الذي يحتلها الثور، "الفيس بوك"، كان له دورا مميزا للتواصل والجوال والمواقع الالكترونية التي تستخدم في تعبئة الجماهير و حشدها للمظاهرات.

(3)- سورية وقوة إعلام التواصل الاجتماعي؛فالرئيس بشار الأسد خلال اجتماعه بوفد شبابي سوري تم سؤاله عن مدى تأثير المظاهرات على مستقبل النظام السوري ،فالجواب كان من قبل الأسد بأنه لا يهتم للمظاهرات وطبيعتها بل يهمه فعليا الصور التي ترسل للإعلام والأشرطة المسجلة التي تعلن في المواقع الإعلامية المختلفة،لقد كان الوضع في سوريا يختلف كليا عن كل الأوضاع في العالم العربي لأن النظام حاول ممارسة التعتيم الإعلامي منذ بداية ثورية الحرية من اجل تسويق خطابه، لقد مارس كل الممارسات التي تساعده على إسكات الصوت الإعلامي وتشويش الثورة منذ اليوم الأول الذي كانت فيه وسائل الأعلام المرئية مترددة بنقل الصورة الفعلية من داخل العاصمة السورية ،ولكن السبق الصحافي  والإعلامي بين القنوات الفضائية بين القنوات هي التي أجبرت الإعلام الفضائي بالتغطية لمسار الثورة ،فقناة أل"بي بي سي"، هي التي كانت السباقة لتغطية الحدث السوري مما دفع القنوات الأخرى بممارسة نفس السلوك لقد عمدت على نقل الصورة من موقع الحدث وفتحت الهواء للمعارضين للتحدث ،لكن النظام عمد إلى أقفال المراسلين من ممارسة مهامهم الإعلامية ومحاولة سحب الإعلاميين السوريين من القنوات العالمية ومنعهم من العمل فيها تحت التهديد والترغيب ، ومحاولة النظام المتعددة بسحب المصداقية من يد الإعلام الفضائي من خلال إرسال شرائط مصورة مفبركة ،وبث معلومات كاذبة لكي يستند إليها الإعلام الفضائي من اجل أقاعه في فخوخ المعلومات الكمية وغياب النوعية بسبب غيابه عن الحدث وبالتالي أضحى الإعلام المرئي إعلام غير قادر على صناعة الحدث .

عكس الإعلام الاجتماعي الذي كان القائد في ثورة الحرية السورية من اليوم الأول لها بالرغم من كل ممارسة النظام القمعية الذي مارسها ضد صانعوا هذا الإعلام الشعبي ، فالإعلام الاجتماعي هو الذي قاد العملية الإعلامية بوجه النظام السوري وكان البديل لكل وسائل الإعلام الكلاسيكية، فالإعلام الاجتماعي ووسائله فعلت فعلها في ثورة سورية ،لقد فتحت الصفحات العديدة على موقع "الفيس بوك"،ظهرت  صفحة حمزة الخطيب، والثورة السورية، وسورية الجديدة من الخارج ، لقد كانت هذه الصفحات صلة الوصل في التعليق على الأحداث وإبداء الرائي، وإيصال الرسائل بين المشتركين حتى خاض النظام وأمنه على كل الذين يستخدمون هذا الإعلام من خلال إغلاق صفحاتهم ،ومحاولة انتزاع أرقم الدخول للصفحات من المعتقلين ، لقد أبدع الإعلام الاجتماعي في ثورة سورية ،وإعلاميين هذا القطاع كان لهم الدور المميز والقاتل للنظام السوري في نقل الصورة الفعلية لصورة سورية وممارسة النظام ،لقد استخدم الثوار هواتف الثورية التي كانت صلة الوصل بين الثوار والعالم الخارجي، لكن الأهم من كل ذلك هو استخدام الصور من الهواتف النقالة التي تعتبر اخطر سيء في الإعلامي التي صفعت النظام من خلال التقاط الصور وإرسالها للوسائل الإعلامية المرئية والالكترونية ويكمن سر صور الجوال بأنها لا تخضع للمونتاج والفوتو شوب كونها تبقى كما هي لا يمكن التلاعب فيها وبالتالي عجز النظام عن تكذيبها أو وصفها بالمفبركة وهي التي دقت الإسفين الحقيقي في نعش النظام السوري  ،إضافة إلى اليوتيوب الذي كان العامل الثاني في فضح جرائم النظام،لم تفلح الهواتف النقلة ورسائلها في تنظيم العمل الثوري بسبب رقابة النظام لها ،لكن الإعلام الالكتروني كان له القدرة على تجسيد الصورة وعرضها على العالم من خلال ربط الحركة الثورية من خلال وسائل الثوار الإعلامية بالإعلام ،مما دفع وسائل الإعلام المرئي الاعتماد على وسائل الاتصال الاجتماعي المرسلة من الميادين وعرضها من خلال الأفلام المسجلة أو السكيب في العرض المباشر عن طريق الهواتف الذكية  ،فإعلام الثورة تطور ليكون إعلام منظم يقود عمل ثوري من دولة قمعية تحارب هذا الإعلام وتشل دوره وتعطل مفاعليه من خلال جيش الإعلام الالكتروني الذي يهاجم المواقع الالكترونية ومحاولة فتح ايميلات  المشتركين بالشبكات العنكبوتية المختلفة ، إلى شراء التكنولوجيات العالية واستخدام خبراء في الإعلام التكنولوجي من دول حليفة وصديقة لها خبرة في ممارسة هذه المهام.

لكن الثوار لم يتوقفوا إمام ضغط النظام فكانوا لهم بالمرصاد بوسائلهم المختلفة التي تخطت قوة النظام ،ولكن تطوره لتصل إلى أفلام تبث وترسل للشاشات والتلفزة وأغاني ترسل على اليوتيوب ،وراديو متحرك يبث أخبار الثورة بالإضافة إلى الخروج بصحف للثورة تمارس لتمارس دور الإعلام المعارض الحقيقي في دولة تفقد فيها مقومات العمل الإعلامي ، مما اجبر القنوات الفضائية الاعتماد على عمل الإعلام الاجتماعي في إشراكها في تغطية الخبر من خلال صورها المرسلة وشهودها العيان والتحدث معهم بأسماء مختلفة فهؤلاء شهود العيان هم قادة الحراك الثوري الفعلين والتي بدأت تظهر صورهم الفعلية عن طريق السكيب ، فالرئيس بشار الأسد خلال اجتماعه بوفد شبابي سوري تم سؤاله عن مدى تأثير المظاهرات على مستقبل النظام السوري ،فالجواب كان من قبل الأسد بأنه لا يهتم للمظاهرات وطبيعتها بل يهمه فعليا الصور التي ترسل للإعلام والأشرطة المسجلة التي تعلن في المواقع الإعلامية المختلفة.





3-             شبكات التواصل الاجتماعي ؛«فيسبوك» و«تويتر» يؤديان إلى انهيار آليات القمع الممنهج :

لقد لعبت وسائط الاتصال الاجتماعية في العالم العربي ، مثل «فايسبوك» و«تويتر»، دورا أساسيا في تعبئة الشباب وفي نشر التوعية السياسية وفي توحيد توجهاتهم بالشكل الذي يحولهم إلى جماعة ضاغطة حقيقية في الشارع، تنادي من أجل التغيير وتمارس مواطنتها بالشكل الذي تراه ملائما، لقد خلقت هذه الوسائط جيلا من الشباب «الفايسبوكيين»، الذين قد يبدون عموما ككائنات افتراضية، ما دامت بورتريهاتهم والمعلومات عنهم موجودة في عالم افتراضي ولا أحد بإمكانه التحقق من صحتها، لكن هذه «الكائنات»، وهو ما تناساه الكثيرون، وخصوصا في الأنظمة السياسية التسلطية وأجهزتها الأمنية، هي مجرد امتدادات لأشخاص موجودين بالفعل، أشخاص من لحم ودم، لهم آراء ومشاعر وأفكار وطموحات، أشخاص هم أنفسهم هذا الحشد الهائل من الشباب الذي تجاوز بالكاد سن العشرين في الوطن العربي ولم يعرف غير البطالة وانعدام فرص الشغل وانسداد الآفاق والبؤس الاجتماعي و اللامساواة، والاقصاء من خيرات اقتصاد الريع، بمختلف أشكاله، ومن فوائد صعود مؤشر التنمية الاقتصادية إلى 5% هنا بالذات، برز الدور الذي لعبته المدونات (Les blogues) والمدونون (blogueurs) في توحيد الآراء وفي خلق نوع من التصورات المشترَكة بين مستعملي «فايسبوك»، مثلا. لقد رأينا كيف أن المدونين ومستعملي «فايسبوك» و»تويتر» في مصر علقوا على أحداث تونس في صفحاتهم، مما أدى إلى ظهور ما يمكن تسميته ثورة متعاطي الأنترنت ورواده، الذين تبادلوا التهاني والتشجيعات، بحماس، على الشبكات الاجتماعية، حتى إن أحدهم كتب على «فايسبوك»: «التحقوا بثورة المرضى العقليين المصريين من أجل التغيير»، في إشارة ساخرة إلى إحراق البوعزيزي التونسي نفسَه. وخلف هذا الوصف الساخر كانت هناك دعوة جادة هي التي أسهمت في تجمع 25 جانْفْيي، إذ إن أكثر من خمسين ألفا من رواد الأنترنت المصريين أعلنوا، حسب المنظمين، إبان ذلك، أنهم قد يشاركون فيها.

لقد عوض «فايسبوك» و«تويتر» إلى حد بعيد، الدور الذي كانت تلعبه الأحزاب والزعماء السياسيون في صياغة رؤى وأفكار نظرية من أجل التغيير وفي قيادته وتوجيهه، بل إن وسائط الاتصال الحديثة هذه غطت على «الإفلاس» المريع لهذه الأحزاب والشخصيات السياسية، لقد كان دالا أن أغلب هذه التحركات الجماهيرية الشبابية، التي هدفت إلى التغيير وحققته بالفعل، كانت متعددة المشارب والتوجهات، حيث بدت أحيانا كما لو أنها هلامية، تماما كما هي متعددة الشبكة العنكبوتية وغرف الدردشة التي داخلها يتحاورون ويتبادلون الآراء، داخل هذه الشبكات الاجتماعية، يمكن لأي كان أن يصير حزبَ نفسه وزعيمَ نفسه، دون الحاجة إلى أوصياء أو آباء إيديولوجيين رمزيين أو إلى فعلة سياسيين بدا أن الكثيرين منهم بعيدون، كلَّ البعد، عما يفكر فيه الشبان والشابات، كل شيء يقول إنهم شباب مُعوَلم، بنفس الشكل واللباس الذي يمكن أن تجد عليه حشود الشباب، سواء في ساحة «تيانانمين» أو في «ساحة التحرير» أو في «نهج بورقيبة» أو في غيرها من الأماكن إن «ثورة الياسمين»، مثلا -وهو الاسم الذي أطلقته وسائل الإعلام الغربية على التحول السياسي الذي حدث في تونس- تحيل على أحداث أخرى، مثل «الثورة المخملية» في تشيكوسلوفاكيا، بعد انهيار جدار برلين (1987)، لكن التاريخ لا يكرر نفسه هنا، لأن تونس تمنحنا نمطا جديدا من التغيير السياسي يمكن أن نطلق عليه اسم «الثورات الناشئة أو الوليدة» (émergentes)، التي لم تستخلص دروسها إلى حد الآن، رغم أن الكثيرين، كما في بعض الجرائد المغربية، بدؤوا يكتبون نفس مقال الرأي تحت عنوان متشابه «دروس أو درس ثورة تونس»، علما أن ثورة 1917 نفسَها لم يبدأ الباحثون في استخلاص دروسها إلا عقودا بعد حدوثها. إن الشبان من حملة الشهادات، بنظاراتهم الطبية، هم الذين تقاطروا على نهج بورقيبة وعلى ميدان التحرير، «مسلَّحين» بهواتفهم المحمولة وبصفحاتهم على «فايسبوك»… إنها «ثورة النخب»، المنسجمة مع العولمة، ثورة النخب الطامحة إلى ولادة سياسية مغايرة غير التي عاشوها لسنوات، ثورة بلدان منخرطة في لعبة النمو الاقتصادي وفي خطاطة صندوق النقد الدولي، دول تبنّت، منذ سنوات، سياسة الخوصصة واستثمرت العديد من الأموال في قطاع التربية والتعليم وقامت بتوزيع العديد من الشهادات والدبلومات.

لقد اكتشف هؤلاء الشباب، الذين يشكلون نصف ساكنة الدول العربية، أن الشهادات لا تؤدي، بالضرورة، إلى الوظائف المأمولة وأن خيرات النمو موزَّعة بطريقة غير عادية ومنفلتة منهم لكنهم، عبر العولمة والانترنت، كونوا تصورات وسيناريوهات عما يمكن أن يطمحوا إليه ويحققوه، لو أن بلدانهم لا تمارس «التوريث السياسي» ولا تكون فيها الرشوة هي القاعدة الأساس وتكون فيها انتخابات حرة ولا تستحوذ فيها نخبة لا تتجاوز خمسة أو عشرة في المائة على خيرات البلاد، إن ما يهدد هذه البلدان الناشئة اقتصاديا هو بالتحديد، حجم المعرفة والعطش إلى التقدم، لدى هذه الفئة الاجتماعية الوليدة، وليس لدى «الخطر الإسلامي»، الذي كثيرا ما وظفته هذه الأنظمة لممارسة القمع وإفراغ الساحة السياسية وطرح الفكرة التي سادت في تونس ومصر وفي غيرهما لسنوات والقائلة «إما النظام أو الإسلاميون» منذ سنوات، وبالضبط سنة 2002، دق التقرير الصريح والمؤلم حول التنمية البشرية في العالم العربي، والذي نشره برنامج الأمم المتحدة للتنمية (PNUD) ناقوس الخطر، حين سلّط الضوء على الكوارث التي تمارسها الأنظمة التسلطية، وها هو الشارع يُذكّرها الآن بذلك، أمام قوة الانترنت والشبكات الاجتماعية، مثل «فايسبوك»، عملت الأنظمة القمعية على تقوية أجهزتها الأمنية.

لقد كان دالا في هذا السياق أن البوليس المصري كان يستخدم «فايسبوك» للتعرف على أولئك الذين يحاولون الدعوة إلى تنظيم تظاهرات محدودة العدد لاعتقالهم، لكن الأمر انقلب عليه وعوض أن يكون «فايسبوك» أداة قمعية، تحولت الوسائط الرقمية إلى وسائل للتحرر. وقد أتت تسريبات موقع «ويكليكس» مباشرة قبل ذلك، لتكشف، عبر الوثائق الدبلوماسية الأمريكية السرية، للعالم أجمع أن ما كان الحديث عنه يتم همسا هو حقائق ملموسة أثارت غضب النُّخَب المحلية الشابة في كل من تونس ومصر مثلا. لقد «منَع» النظام المصري «توتير» و«فايسبوك»، للحيلولة دون اتصال الناس في ما بينهم، لكن سرعان ما تضامنت «غوغل» معهم ووفرت لهم منذ فاتح فبراير خدمة جديدة للاتصال، إذ وضع العملاق الأمريكي خدمة هاتفية للسماح للمصريين بتجاوز انقطاع الأنترنت وإرسال رسائلهم على «تويتر». لقد كان دالا أن مجرد الدعوة إلى موعد في مكان ما كـ«نهج بورقيبة» في تونس، تؤدي إلى احتشاد الآلاف من حمَلة الشموع، ضمن احتفالات تُذكّر بماي 1986 في فرنسا، احتفالات سياسية يدعو فيها الشباب إلى تركه يضطلع بمهمة التغيير.

أظهر «فايسبوك» وباقي وسائط الاتصال الحديثة المرتبطة بالشبكة العنكبوتية أنه عامل من العوامل المهمة في شحذ الهمم وتعبئة الحشود وصياغة شعارات المرحلة من التحولات السياسية التي تعرفها بعض أقطار العالم العربي. أفرز هذا الأمر، أيضا، جيلا من المدونين الفاعلين بقوة في المجتمع المدني، يمكن تسميتهم المدونين -المقاومين أو المدونين -المنشقين، الذين جسّدوا، عبر كتاباتهم وإسهاماتهم، الحسَّ المدني الثاوي تحت أرتال القمع والرقابة، الحس الداعي إلى المواطنة كاملة الحقوق وإلى الحرية والمساواة في توزيع الثروة الوطنية وتحقيق العدالة الاجتماعية. لقد كان زهير يحياوي في تونس أحدَ أوائل هؤلاء المدونين المنشقين الشبان، وقد مات في سجون زين العابدين بن علي سنة 2005، بعد أن قضى سنة ونصف في الاعتقال التعسفي وخاض ثلاثة إضرابات عن الطعام.1

لم يكن يحياوي غير «عنوان» دال على هذا الجيل القادم، من مرتادي شبكة الانترنت والمواقع الافتراضية والمدونات، الجيل الذي بيَّن بالملموس أن الاختيار المفروض من طرف الأنظمة العربية بيْن البديل الإسلامي المتطرف أو استمرارية النظام العربي القمعي ليس الاختيارَ الوحيد أمام شباب تشرَّب -بعمق- مكومات العولمة الإعلامية والتواصلية والثقافية، انطلاقا من هنا بالذات، يمكن القول إن التحولات السياسية الملموسة في العالم العربي لم تعد تصاغ في اجتماعات المكاتب السياسية للأحزاب ولا في بيانات المثقفين واجتماعاتهم الماراطونية، بل في غرف الدردشة والمدونات.

إنه مجرد تفسير، من ضمن تفسيرات أخرى، لانهيار النظام الأمني العربي، الذي بلور الدولة الأمنية المفصولة عن الشعب وطموحاته، إلى جانب أخرى، كالانفجار الديموغرافي ونِسَب الدولة الريعية (من الريع) التي استحوذت على ثروات بلدانها، ومشكلات التوريث في الجمهوريات الوراثية (سوريا… إلخ). لقد وجدت الدولة الأمنية نفسها، بغتة، أمام جيل من الشباب، نما وترعرع في أحضان غرف الدردشة ومواقع الانترنت وصفحات «فايسبوك» و«تويتر» ، يكفي هنا التذكير بأن بلدانا، مثل تونس ومصر والمغرب، تعرف نسبة استعمال للانترنت تتجاوز ما هو معروف في دول متقدمة، مثل الأرجنتين وتركيا والشيلي، وهو ما يترجم، إلى حد ما، مطلبا ظل صامتا وسريا لسنوات، في الخروج من الانغلاق الذي يعاش من طرف هذه الأجيال كبؤس وجودي وحياتي. هكذا صارت الشبكات الاجتماعية ومواقع الأنترنت والمدونات رأسَ حربة المجتمعات المدنية العربية. يتعلق الأمر بتحول جذري في أشكال التمرد والاحتجاج لم يعد معها ممكنا بقاءُ المطالب والحركات الاحتجاجية داخل فضاء محكم الإغلاق!.







خاتمة:

في خضم عالم معلوماتي ذابت فيه الضدية بين الافتراضي والواقعي، حيث الافتراضي رحم يولد منه الواقعي والوقائع الملموسة، في شتى تفاصيلها المسموعة والمرئية، الشاردات والواردات، تصبح موردا للافتراضي وضمانة لمصداقيته، مكسبة إياه مقدرة هائلة على دفع الناس إلى معرفة الحقيقة كاملة غير منقوصة، جاءت مداخلتنا هذه لمحاولة الوقوف عند الدور الذي باتت تلعبه الثورة الرقمية والمعلوماتية المعاصرة في التحولات التي يشهدها العالم العربي، وذلك استناد إلى عدة مؤشرات؛ فشبكات التواصل الاجتماعي«العالم الافتراضي» ، دون شك، لعبت دورا هاما في تسريع نقل الأخبار والمعلومات وفي دمقرطة المعرفة والاتصال، باعتباره مجالا للتفكير والتأمل في بدائل مغايرة للواقع المعاش، يضاف إلى ذلك أن هذه الشبكات وعلى مستوى النقل السريع للمعلومات، ارتبطت بهاجس السرعة التي اجتاحت المجتمعات العربية، سواء على مستوى التنقلات والترحيلات أو الحياة اليومية أو الاستهلاك وغيرها، حيث أصبحت ضغطة واحدة على زر في لوحة المفاتيح تُفضي بك إلى كنز هائل من المعلومات،إن حال الأنظمة العربية مع الثورة المعلوماتية كحال من أوصد أبوابه الهشة في وجه طوفان عارم، معتقدا أنه قد أمِن شرها، بينما الطوفان يهدر، ليقتلع في طريقه الأخضر واليابس.















قائمة المراجع :

1-    الكتبباللغة العربية:

بهاء الدين محمد مزيد: المجتمعات الافتراضية بديلا عن المجتمعات الواقعية، قسم الدراسات جامعة الامارات العربية المتحدة دس.

2-الكتب باللغة الاجنبية :

-1Daniel downes: Interactive Realism the Poetics of Cyberspace،McGill-Queen's University Press،2005.



-2Howard Rheingold:"Virtual Communities are social aggregations that emerge from the Net whenenough people carry on those public discussions long enough،with sufficient humanfeelings،to form webs of personal relationships in cyberspace". The electronic version of The Virtual Community،Introduction (1993).



-3 Renninger, K Ann and Shumar WesleyBuilding Virtual Communities. Cambridge Cambridge University Press, 2002.



-4 Smock  A D, Ellison, N. B Lampe, and Wohn, D. Y,Facebook as a toolkit: A uses and gratification approach to unbundling feature use. Computers inhuman Behavior,2011.

3-المواقع الالكترونية:



1-  سمير أمين:بعدسنةالربيعالعربيالأولى ...عودةلإشكالياتالفهموالتأويل.

                  التاريخ: 02/04/2012                      .www.nekde.com   -1      

-2www.astf.net                           التاريخ: 12/03/2012                              

  -3 www.freewebs.com            التاريخ : 12/03/2012                





الخطة المعتمدة في المداخلة:

تمهيد:

أولا: المجتمع الافتراضي نظرة على تضاريس مفهومه.

ثانيا: المجتمع الافتراضي الميزة و الغاية.

ثالثا: التحولات التي يشهدها العالم العربي ودور شبكات التواصل الاجتماعي .

·       الأطر والمفاهيم.

·       شبكات التواصل الاجتماعي والدور الريادي في صناعة التحولات العربية.

·       شبكات التواصل الاجتماعي ؛«فيسبوك» و«تويتر» يؤديان إلى انهيار آليات القمع الممنهج.

خاتمة:





التاريخ:12/03/2012 .                                                                          www.astf.net    -1

1-  www.freewebs.com                         التاريخ : 12/03/2012.

2- بهاء الدين محمد مزيد: المجتمعات الافتراضية بديلا عن المجتمعات الواقعية، قسم الدراسات جامعة الامارات العربية المتحدة دس، ص 3.

3-Howard Rheingold:"Virtual Communities are social aggregations that emerge from the Net whenenough people carry on those public discussions long enough،with sufficient humanfeelings،to form webs of personal relationships in cyberspace". The electronic version of The Virtual Community،Introduction،(1993)،P 5

2005. p20. ،McGill-Queen's University Press،Interactive Realism: The Poetics of Cyberspace،1-  Daniel downes

                             



1 - Renninger, K Ann and Shumar WesleyBuilding Virtual Communities. Cambridge Cambridge University Press, 2002. p27.



1-Smock  A D, Ellison, N. B Lampe, and Wohn, D. Y,Facebook as a toolkit: A uses and gratification approach to unbundling feature use. Computers inhuman Behavior,2011,p27

2- سمير أمين:بعدسنةالربيعالعربيالأولى ...عودةلإشكالياتالفهموالتأويل.

                  التاريخ: 02/04/2012                                                               .www.nekde.com        

1– الرجع السابق :    

                التاريخ: 02/04/2012                                                               .www.nekde.com

                                              التاريخ: 28/03/2012.                             www. Tunizine.com    -1
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
دور المجتمع الافتراضي في صناعة الربيع العربي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  المجتمع الافتراضي. نحو مقاربة للمفهوم
» المجتمع الافتراضي
» المشاركة عبر المجتمع الافتراضي بقلم: وليد رشاد زكى
» المشاركة عبر المجتمع الافتراضي
» نظرية المجتمع الافتراضي(السايبري)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية :: مكتبة العلوم الانسانية والاجتماعية :: منتدي نشر الابحاث والدراسات-
انتقل الى: