المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
اهلا بكم في المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
اهلا بكم في المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية

علم الاجتماع- العلوم الاجتماعية- دراسات علم الاجتماع
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
Like/Tweet/+1
المواضيع الأخيرة
» أحمد محمد صالح : أثنوغرافيا الأنترنيت وتداعياتها الإجتماعية والثقافية والسياسية
علاقة مٌؤلَف ابن خلدون التاريخي (العبر) بالمقدمة: د. فيروز عثمان صالح عثمان Emptyالخميس أبريل 29, 2021 10:43 pm من طرف زائر

» قارة آمال - الجريمة المعلوماتية
علاقة مٌؤلَف ابن خلدون التاريخي (العبر) بالمقدمة: د. فيروز عثمان صالح عثمان Emptyالإثنين أبريل 26, 2021 5:37 pm من طرف ikramg

» معجم مصطلحات العلوم الإجتماعية انجليزي فرنسي عربي - الناشر: مكتبة لبنان - ناشرون -سنة النشر: 1982
علاقة مٌؤلَف ابن خلدون التاريخي (العبر) بالمقدمة: د. فيروز عثمان صالح عثمان Emptyالخميس أبريل 22, 2021 2:24 pm من طرف Djamal tabakh

» سيكلوجية_المسنين
علاقة مٌؤلَف ابن خلدون التاريخي (العبر) بالمقدمة: د. فيروز عثمان صالح عثمان Emptyالإثنين أبريل 19, 2021 4:46 pm من طرف Mostafa4Ramadan

» ممارسة خدمة الفرد مع حالات العنف الاسرى دعبد الناصر
علاقة مٌؤلَف ابن خلدون التاريخي (العبر) بالمقدمة: د. فيروز عثمان صالح عثمان Emptyالإثنين أبريل 19, 2021 4:45 pm من طرف Mostafa4Ramadan

» جرائم نظم المعلومات
علاقة مٌؤلَف ابن خلدون التاريخي (العبر) بالمقدمة: د. فيروز عثمان صالح عثمان Emptyالسبت أبريل 17, 2021 3:39 pm من طرف Djamal tabakh

» دور التعلم الإلكترونى فى بناء مجتمع المعرفة العربى "دراسة استشرافية"
علاقة مٌؤلَف ابن خلدون التاريخي (العبر) بالمقدمة: د. فيروز عثمان صالح عثمان Emptyالسبت أبريل 17, 2021 2:54 pm من طرف Djamal tabakh

» أصــــــــــــــــــــــــول التربية
علاقة مٌؤلَف ابن خلدون التاريخي (العبر) بالمقدمة: د. فيروز عثمان صالح عثمان Emptyالسبت أبريل 17, 2021 5:02 am من طرف Djamal tabakh

» نحو علم اجتماع نقدي
علاقة مٌؤلَف ابن خلدون التاريخي (العبر) بالمقدمة: د. فيروز عثمان صالح عثمان Emptyالإثنين أبريل 05, 2021 11:22 am من طرف ظاهر الجبوري

» د.جبرين الجبرين: الإرشاد الاجتماعي في المجتمع السعودي
علاقة مٌؤلَف ابن خلدون التاريخي (العبر) بالمقدمة: د. فيروز عثمان صالح عثمان Emptyالأربعاء مارس 31, 2021 4:25 am من طرف nahed

سحابة الكلمات الدلالية
البحث محمد الجريمة العمل الاجتماعي في التغير العنف الاجتماعية الجماعات الالكترونية تنمية والاجتماعية المرحله المجتمع الشباب التخلف التنمية المجتمعات التلاميذ الاجتماع موريس كتاب الجوهري الخدمة اساسيات
أحمد محمد صالح : أثنوغرافيا الأنترنيت وتداعياتها الإجتماعية والثقافية والسياسية
علاقة مٌؤلَف ابن خلدون التاريخي (العبر) بالمقدمة: د. فيروز عثمان صالح عثمان Emptyالجمعة مارس 12, 2010 11:26 am من طرف nizaro

علاقة مٌؤلَف ابن خلدون التاريخي (العبر) بالمقدمة: د. فيروز عثمان صالح عثمان ___online

أثنوغرافيا …


تعاليق: 93
جرائم نظم المعلومات
علاقة مٌؤلَف ابن خلدون التاريخي (العبر) بالمقدمة: د. فيروز عثمان صالح عثمان Emptyالإثنين مارس 08, 2010 10:02 am من طرف فريق الادارة
علاقة مٌؤلَف ابن خلدون التاريخي (العبر) بالمقدمة: د. فيروز عثمان صالح عثمان ___online.pdf?rnd=0

ضع ردا …


تعاليق: 5
أصــــــــــــــــــــــــول التربية
علاقة مٌؤلَف ابن خلدون التاريخي (العبر) بالمقدمة: د. فيروز عثمان صالح عثمان Emptyالأحد يناير 03, 2010 9:37 pm من طرف فريق الادارة

تهتم مادة (اصول التربية) بدراسة الاسس التاريخية …


تعاليق: 146
نحو علم اجتماع نقدي
علاقة مٌؤلَف ابن خلدون التاريخي (العبر) بالمقدمة: د. فيروز عثمان صالح عثمان Emptyالسبت يوليو 24, 2010 2:02 am من طرف فريق الادارة

العياشي عنصر
نحو علم اجتماع نقدي






يعالج الكتاب …


تعاليق: 13
لأول مرة : جميع مؤلفات الدكتور محمد الجوهري - مقسمة علي ثلاث روابط مباشرة وسريعة
علاقة مٌؤلَف ابن خلدون التاريخي (العبر) بالمقدمة: د. فيروز عثمان صالح عثمان Emptyالسبت أبريل 23, 2011 10:27 pm من طرف باحث اجتماعي
مدخل لعلم الأنسان المفاهيم الاساسية في …


تعاليق: 283
أصل الدين - فيورباخ
علاقة مٌؤلَف ابن خلدون التاريخي (العبر) بالمقدمة: د. فيروز عثمان صالح عثمان Emptyالإثنين مارس 01, 2010 10:38 pm من طرف فريق الادارة



أصل الدين - فيورباخ

علاقة مٌؤلَف ابن خلدون التاريخي (العبر) بالمقدمة: د. فيروز عثمان صالح عثمان …


تعاليق: 223
العنف في الحياه اليوميه في المجتمع المصري-احمد زايد
علاقة مٌؤلَف ابن خلدون التاريخي (العبر) بالمقدمة: د. فيروز عثمان صالح عثمان Emptyالخميس يناير 14, 2010 10:27 am من طرف فريق الادارة
علاقة مٌؤلَف ابن خلدون التاريخي (العبر) بالمقدمة: د. فيروز عثمان صالح عثمان ______-_

[hide][url=http://www.4shared.com/file/196965593/6e90e600/______-_.html]…


تعاليق: 43
مبادئ علم الاجتماع - للمؤلف طلعت ابراهيم لطفي
علاقة مٌؤلَف ابن خلدون التاريخي (العبر) بالمقدمة: د. فيروز عثمان صالح عثمان Emptyالثلاثاء ديسمبر 22, 2009 7:25 am من طرف فريق الادارة


مبادئ علم الاجتماع


إذا أعجبك الكتاب اضغط لايك في …


تعاليق: 264
نظرة في علم الاجتماع المعاصر - د. سلوى خطيب
علاقة مٌؤلَف ابن خلدون التاريخي (العبر) بالمقدمة: د. فيروز عثمان صالح عثمان Emptyالسبت فبراير 06, 2010 11:31 am من طرف فريق الادارة
نظرة في علم الاجتماع المعاصر
د. سلوى خطيب

رابط التحميل


تعاليق: 39
التدين الشعبي لفقراء الحضر في مصر
علاقة مٌؤلَف ابن خلدون التاريخي (العبر) بالمقدمة: د. فيروز عثمان صالح عثمان Emptyالأربعاء مايو 26, 2010 4:14 am من طرف فريق الادارة

التدين الشعبي لفقراء الحضر في مصر

[img]…


تعاليق: 22

 

 علاقة مٌؤلَف ابن خلدون التاريخي (العبر) بالمقدمة: د. فيروز عثمان صالح عثمان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فريق الادارة
المدير العام
المدير العام
فريق الادارة


عدد المساهمات : 3110
نقاط : 8100
تاريخ التسجيل : 04/12/2009

علاقة مٌؤلَف ابن خلدون التاريخي (العبر) بالمقدمة: د. فيروز عثمان صالح عثمان Empty
مُساهمةموضوع: علاقة مٌؤلَف ابن خلدون التاريخي (العبر) بالمقدمة: د. فيروز عثمان صالح عثمان   علاقة مٌؤلَف ابن خلدون التاريخي (العبر) بالمقدمة: د. فيروز عثمان صالح عثمان Emptyالأحد مارس 14, 2010 1:34 am

علاقة مٌؤلَف ابن خلدون التاريخي (العبر) بالمقدمة
د. فيروز عثمان صالح عثمان
قسم الدراسات الإسلامية _ كلية الآداب
جامعة الخرطوم


مقدمة:-

يعتبر تاريخ ابن خلدون بمقدمته الشهيرة أروع ما كتب , وقد سمى ابن خلدون مُؤلَفَه التاريخي ب "كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر" . وهذا المؤلف التاريخي يتكون من نفس الكتاب ومقدمته وكذلك "التعريف بابن خلدون" الذي ذيلّ بها ابن خلدون تاريخه.

وتحتل مقدمة ابن خلدون مكاناً بارزاً بين كتب التراث ولم يبالغ أرسلان حينما وصفها بأنها خزانة علوم اجتماعية وسياسية واقتصادية وأدبية ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]) , وابعد من ذلك ما قرره مرغليوث بأنه لا مثيل لها في الأدب العربي . ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])

والذي يعنينا في هذه الدراسة من مقدمة ابن خلدون جانب "منهج الكتابة التاريخية" لمعرفة مدى تطبيق ابن خلدون لتلك المنهجية عند شروعه في كتابة مؤلفه التاريخي فقد نبّه ابن خلدون في مقدمته إلي جملة من المبادئ والشروط التي يجب على المؤرخ أن يلتزم بها عند كتابته للتاريخ وإلا وقع في المغالط، والتي منها على سبيل المثال : معرفة طبائع العمران وقواعد الاجتماع البشري , والبعد عن التقليد ومراعاة التغير والتبدل الذي يطرأ على الكون والخليقة , والاعتدال وعدم التشيع لرأي أو مذهب .... بالإضافة إلى تلك الشروط والمبادئ, فعلى المؤرخ عند تدوينه للتاريخ وتفسيره للأخبار والوقائع أن يراعي جملة من القوانين المنهجية والتفسيرية والتي نوجزها في قانون (السببية) أو (العلية) وقانوني (التشابه) و(التباين)، وكذلك قانون (المطابقة) والذي بموجبه يتأكد المؤرخ من موافقة الخبر ومطابقته لعوائد وأحوال المجتمع, فللعمران طبائع في أحواله ترجع إليها الأخبار وتحمل عليها الروايات والآثار. ويقدم قانون المطابقة على منهج الجرح والتعديل في الأخبار التاريخية . ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])

الحقل التاريخي للعبر:-

لدراسة علاقة العبر بالمنهجية التاريخية التي صاغها ابن خلدون في المقدمة أو الكتاب الأول كما يسميه ابن خلدون لابد أن نبين حدود هذا التاريخ, بعبارة أخرى أن نحدد الحقل التاريخي للعبر.

والواقع فان ابن خلدون كان ينوي أن يقصر تاريخه على بلاد المغرب العربي إذ يقول (وأنا ذاكر في كتابي هذا ما أمكنني منه في هذا القطر المغربي أما صريحاً أو مندرجاً في أخباره وتلويحاً لاختصاص قصدي في التأليف بالمغرب من الأقطار ) ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])ويعلل ابن خلدون ذلك قائلاً (لعدم اطلاعي على أحوال المشرق وأممه وان الأخبار المتناقلة لا تفي كنه ما أريده) ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).

ولكن يبدو أن ابن خلدون قد غير مساره بعض الشئ , فان ثمة إضافات قد ألحقها بالنسخة الأصلية بعد ارتحاله إلي المشرق يقول ابن خلدون موضحاً ذلك (ثم كانت الرحلة إلي المشرق لاجتناء أنواره وقضاء الفرض والسنة ...... فزدت ما نقص من أخبار ملوك العجم بتلك الديار , ودول الترك فيما ملكوه من الأقطار , وأتبعت بها ما كتبته في تلك الاسطار، وأدرجتها في ذكر المعاصرين لتلك الأجيال من أمم النواحي وملوك الأمصار والضواحي ) ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]) ثم أضاف ابن خلدون قائلاً (فاستوعب أخبار الخليقة استيعاباً). ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])

وفي موضع آخر من المقدمة حدد ابن خلدون حقله التاريخي قائلاً (ولم اترك شيئاً في أولية الأجيال والدول, وتعاصر الأمم الأول) ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])

والتحديد الأخير يوحي بأن تاريخ ابن خلدون هو تاريخ كوني أو عالمي. رغم أنه قد أكد على أن تاريخه قاصر على تاريخ المغرب (لاختصاص قصدي في التأليف بالمغرب وأحواله وأجياله وأممه) ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])

من الواضح أن تاريخ الأمم كتبه ابن خلدون ليبين موقع التاريخ الأول (تاريخ العرب والبربر) ضمن مختلف حقب التاريخ الكوني إذ يقول(ولما كان مشتملاً على أخبار العرب والبربر , من أهل المدر والوبر , والالماع بمن عاصرهم من الدول الكبرى ...... سمّيته كتاب العبر)([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).

فالموضوع الأساسي في (العبر) هو تاريخ العرب والبربر والتواريخ الأخرى معالجة بشرطين أساسيين يلخصهما على أومليل في الآتي :-

أن كل تاريخ خاص لابد له أن يتموضع بالنسبة للتاريخ الكوني , وثانيهما أن تلك التواريخ لها علاقة بتاريخ العرب والبربر , وهي علاقة المعاصرة ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).

واهتمام ابن خلدون بتاريخ الترك يتعلق باعتبارات ذات طبيعة نظرية فصاحب المقدمة وجد عند الترك كمجتمع وكتاريخ حقلاً ممتازاً للتدليل على نظرياته المتعلقة بالعمران، وخلاصة الأمر كما بين أومليل فان (توسيع كتاب العبر لم يؤد إلى أكثر من توسيع حقل التطبيق لنظرية صيغت في المغرب , ومن ثم فان نظرياته التاريخية الخلدونية لا تشمل مجموع التاريخ , بل تتعلق بتاريخ معين : هو التاريخ الذي يتناول الشعوب ذات البنية القبلية , أي يتناول بالذات الشعوب التي تعمل فيها العصبية، بصفتها عاملاً محدداً للتطور التاريخي ) ( [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])

وفي إطار هذا التحديد للحقل التاريخي للعبر سنحاول أن نبين مدى تطبيق ابن خلدون لمنهجيته التاريخية التي قررها في المقدمة, فقد حاول ابن خلدون أن ينطلق من المقدمة – بكل ما احتوته من قواعد ومبادئ منهجية- لتنفيذ مشروعه التاريخي الضخم “العبر". وكما يقول نصار فان (العلاقات الداخلية بين (المقدمة) والكتابين الآخرين تنطلق من المقدمة لا العكس) ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])

تفسير ابن خلدون للإحداث التاريخية في إطار مفهوم العصبية وقواعد العمران:-

قرر ابن خلدون في مقدمته أن موضوع التاريخ هو العمران أو الاجتماع وسائر ما يحدث فيه من "أحوال" ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]) وبذلك أصبحت مهمة المؤرخ تتناول كل الظاهرات الاجتماعية للنشاط الإنساني([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])، بل والواقعات السياسية والاقتصادية والثقافية, وكذلك الجماعات وبنيتها وحالتها النفسية والاجتماعية.([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])

والمتتبع للعبر يلحظ أنّ ابن خلدون قد قام بمعالجة وتفسير الكثير من الأخبار التاريخية استناداً على مفهوم العصبية وقواعد الاجتماع والعمران. وإذا تقرر أن المقصود بالعمران "الاجتماع البشري" فماذا يعني ابن خلدون بالعصبية.

العصبية والتعصب تعني المحاماة والمدافعة, وتعصبنا له ومعه نصرناه,([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]) وعصبة الرجل : بنوه وقرابته لأبيه , وإنّما سمّوا عصبة لأنهم عصبوا به أي أحاطوا به فالأب طرف والابن طرف , والعم جانب والأخ جانب والجمع العصبات ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]) ،وابن خلدون يقرر أن العصبية تنبني على القرابة والتي تنشأ عنها مناصرة ذوي الأرحام والنعرة عليهم , وأنه بجانب ذوي الأرحام فان العصبية تشمل أهل الولاء والحلف إذ يقول (إن صلة الرحم طبيعي في البشر إلا في الأقل , ومن صلتها النعرة على ذوي القربى وأهل الأرحام أن ينالهم ضيم أو تصيبهم هلكة ........ ومن هذا الباب الولاء والحلف.... ومن هذا تفهم معنى قوله صلى الله عليه وسلم "تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ", بمعنى إن النسب إنما فائدته هذا الالتحام الذي يوجب صلة الأرحام حتى تقع المناصرة والنعرة) ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])

بالإضافة إلي عصبية القرابة والولاء والحلف فانّ ابن خلدون قد أشار في مقدمته إلي نوعين من العصبية وهما : عصبية الدخالة ، وهي التي تنشأ نتيجة لفرار فرد من قومه ونسبه ودخوله إلي قوم ونسب أخر ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])وكذلك عصبية الرق والاصطناع والتي تنتج نتيجة لإصناع أهل العصبية قوماً من غيرهم أو استرقاقهم العبدان والموالي والتحامهم بهم حتى يضرب معهم أولئك الموالي والمصطفون بنسبهم في تلك العصبية وينتظموا فيها مساهمة في نسبها كما قال صلى الله عليه وسلم : مولى القوم منهم وسواء) .([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])

وبالرغم من أن العصبية مفهوم معقد كما ذهب ايف لاكوست ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])وبالرغم من أن هنالك صعوبة في إعطاء تفسير يعكس كل ديناميكية العصبية كما يراها ابن خلدون كما ذهب ربيع ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])فان ثمة محاولات قد جاءت من قبل العلماء والباحثين لتحديد هذا المفهوم عند ابن خلدون وإبراز زوياه ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])

يرى روزنتال أن العصبية هي القوة المحركة لمصير الدولة([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]) وقد أشاد لاكوست بهذا التعريف ، وأكد أن القبيلة والدولة لا تستطيع الاستيلاء على دولة ثم الاحتفاظ بها إلا إذا كانت تتمتع بخصائص اجتماعية وسياسية أطلق عليها ابن خلدون اسم العصبية ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])ويؤكد الجابري أن العصبية هي القوة قائلاً (فالعصبية عند ابن خلدون تعني أساسا القوة الجماعية التي تمنح القدرة على المواجهة , سواء كانت المواجهة مطالبة أو دفاعاً)([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).

الواقع فانّ ابن خلدون بالفعل – كما ذهب هؤلاء الباحثين _ يعتبر العصبية هي المصدر الوحيد للقوة , ويقرر في كثير من المواضع أن ظاهرة العصبية يتلازم وجودها مع وجود القوة إذ يقول (وإذا تبين ذلك في السكني التي تحتاج للمدافعة والحماية فبمثله يتبين لك في كل أمر يحمل الناس عليه من نبوة أو إقامة ملك أو دعوة , إذ بلوغ الغرض من ذلك كله إنما يتم بالقتال عليه لما في طبائع البشر من الاستعصاء ولابد في القتال من العصبية كما ذكرناه آنفا) ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]), وكذلك يقول (إن كل أمر تحمل عليه الكافة فلابد له من العصبية وفي الحديث الصحيح كما مر ما بعث الله نبياً إلا في منعة من قومه , وإذا كان هذا في الأنبياء وهم أولى الناس بخرق العوائد فما ظنك بغيرهم أن لا تخرق له العادة في الغلب بغير عصبية)([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).

قاعدة العزة بالكثرة:-

وبعد أن بيّنا مفهوم العصبية ينبغي أن ندلل على أن ابن خلدون قام بتفسير الكثير من الأحداث والوقائع التاريخية استنادا على هذا المفهوم واستناداً على طبائع وعوائد العمران. فعلى سبيل المثال حينما تحدث ابن خلدون في تاريخه عن "بني عبد مناف" حاول أن يفسر قوة وعزة "بني أمية" وتفوقها على "بني هاشم" في إطار قواعده الاجتماعية , فقرر أن هذه العزة والتفوق أنما يعود لكثرة رجال بني أمية فالعزة بالكثرة (كان لبني عبد مناف في قريش جمل من العدد والشرف لا يناهضهم فيها احد من سائر بطون قريش وكان فخذاهم بنو أمية وبنو هاشم حيا جميعا ينتمون لعبد مناف وينسبون إليه وقريش تعرف ذلك وتسأل لهم الرياسة عليهم إلا أن بني أمية كانوا أكثر عدداً من بني هاشم وأفر رجالا والعزة إنما هي بالكثرة، قال الشاعر : وإنما العزة للكاثر) .([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])

ونرى أن ابن خلدون في مواضع كثيرة من تاريخه يستصحب معه قاعدة "العزة للكاثر" . فنراه يربط القوة والتقدم بالكثرة , فحينما تحدث عن الاثبج في الفصل المعنون ب"الخبر عن دخول العرب من بني هلال وسليم المغرب من الطبقة الرابعة وأخبارهم هناك" قال (كان هؤلاء الاثبج من الهلاليين أوفر عددا وأكثر بطونا وكان التقدم لهم في جملتهم) .([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])

وكذا حين تحدث عن بنو مالك بن زغبة وبطونهم سويد والعطاف والديالم قرر أن لسويد عزة على العطاف والديالم لكثرتها قائلاً (وهؤلاء العطاف والديالم أقل عددا من سويد ... ولسويد عليهم اعتزاز بالكثرة) .([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])

وكذلك أرجع السبب في مكانة هسكورة _ إحدي قبائل المصامدة _ واعتزازها بين الموحدين إلي كثرتهم إذ يقول (هسكورة وهم أكثر قبائل المصامدة ... فكان لهم بين الموحدين مكان واعتزاز بكثرتهم وغلبهم).([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])

وكذلك نجده كلما تحدث عن (قوة) قبيلة جعل (الكثرة) لازمة من لوازمها فيتحدث عن مرنجيصة إحدى بطون يفرن قائلاً (كان هذا البطن من بني يفرن بضواحي أفريقية وكانت لهم كثرة وقوة) ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])وكذلك حينما يتحدث عن مغراوة إحدى بطون زناتة يتلازم الغلب والقوة مع الكثرة والسعة إذ يقول (هؤلاء القبائل من مغراوة كانوا أوسع بطون زناتة وأهل البأس والغلب منهم) ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])

هكذا نجد ابن خلدون في مواضع عديدة من تاريخه يفسر العزة والقوة في إطار إحدى قواعده التي أشار إليها في مقدمته، فقد كتب في مقدمته فصلا قرر فيه أن "عظم الدولة واتساع نطاقها وطول أمدها على نسبة القائمين بها في القلة والكثرة" ويوضح ابن خلدون السبب في ذلك قائلا (والسبب في ذلك أن الملك إنما يكون بالعصبية، وأهل العصبية هم الحامية الذين ينزلون بممالك الدولة وأقطارها وينقسمون عليها، فما كان من الدولة العامة قبيلها وأهل عصابتها أكثر كانت أقوى وأكثر ممالك وأوطانا، وكان ملكها واسع لذلك) .([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])

علاقة العصبية ببعض الأحداث التاريخية الهامة:-

وليست قاعدة "العزة للكاثر" هي القاعدة الوحيدة التي استصحبها ابن خلدون عند حديثه عن بني عبد مناف، فابن خلدون قد فسر ما كان من منازعات بين قبائل قريش في إطار ظاهرة "العصبية" . فهو يؤكد أن استفحال العصبية التي نهى عنها الإسلام هي سبب تلك المنازعات قبل الإسلام , ويقرر أن الفتن والحروب قد قلت بعد ظهور الإسلام لان الإسلام قد نهى عن العصبية والتفاخر بالآباء , واعتاض عنه بالعصبية الطبيعية، والتي هي ضرورية في الجهاد والدعوة إلي الدين، أما المشركون فقد شغلهم أمر الدين الجديد عن العصائب . يقول ابن خلدون موضحا ذلك (ولما جاء الإسلام ودهش الناس لما وقع من أمر النبوة والوحي وتنزل الملائكة وما وقع من خوارق الأمور ونسي الناس أمر العصبية مسلمهم وكافرهم, أما المسلمون فنهاهم الإسلام عن أمور الجاهلية وفخرها ... وأما المشركون فشغلهم الأمر العظيم عن شأن العصائب وذهلوا عنه حينا من الدهر، ولذلك افترق أمر بني أمية وبني هاشم بالإسلام . إنما كان الافتراق بحصار بني هاشم في الشعب لا غير، ولم يقع كبير فتنة لا جل نسيان العصبيات والذهول عنها بالإسلام، حتى كانت الهجرة وشرع الجهاد ولم يبق إلا العصبية الطبيعية التي لا تفارق وهي بعزة الرجل على أخيه وجاره في القتل والعدوان عليه فهذه لا يذهبها شئ ولا هي محظورة بل هي مطلوبة ونافعة في الجهاد والدعاء إلي الدين) .([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])

ويمضي ابن خلدون في تناول الأخبار التاريخية وتعليل الوقائع في إطار قواعد وطبائع العمران , فيقرر انه وبعد مقتل عثمان _ رضى الله عنه _ قد تفوق جيش معاوية على جيش عليّ برغم كثرة ووفرة عساكر عليّ- رضي الله عنه- لأنه وبالرغم من كثرة عدده كان يتكون من عصائب عديدة بينما كان جيش معاوية من قريش شوكة مضر , مما جعله أشد عصبية ومما كان له ابلغ الأثر في الانتصار , يقول ابن خلدون موضحا ذلك (ولما هلك عثمان واختلف الناس كانت عساكر عليّ أكثر عددا لمكان الخلافة والفضل إلا أنها من سائر القبائل من ربيعة ويمن وغيرهم، وجموع معاوية إنما هي جند الشام من قريش شوكة مضر وبأسهم نزلوا بثغور الشام منذ الفتح فكانت عصبيته أشد وأمضى شوكة، ثم كسر من جناح عليّ ما كان من أمر الخوارج وشغله بهم) .([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])

وكذلك ارجع ابن خلدون السبب في انقسام الدولة الإسلامية إلي دول بعد افتراق الخلافة إلي تعدد العصائب , وأرجع ما كان من قوة وتماسك الدولة الإسلامية في زمان الخلافة الراشدة وبني أمية من بعدهم إلي استحكام عصبية واحدة وهي عصبية العرب إذ يقول (لم يزل أمر الإسلام جميعا دولة واحدة أيام الخلفاء الأربعة وبني أمية من بعدهم لاجتماع عصبية العرب , ثم ظهر بعد ذلك أمر الشيعة وهم الدعاة لأهل البيت , فعلت دعاة بني العباس على الأمر واستقلوا بخلافة الملك ولحق الفل من بني أمية بالأندلس، فقام بأمرهم فيها من كان هنالك من مواليهم ومن هرب فلم يدخلوا في دعوة بني العباس , وانقسمت لذلك دولة الإسلام لدولتين لافتراق عصبية العرب , ثم ظهر دعاة أهل البيت بالمغرب والعراق من العلوية ونازعوا خلفاء بني العباس واستولوا على القاصية من النواحي كالأدارسة بالمغرب الأقصى، والعبيديين بالقيروان ومصر، والقرامطة بالبحرين، والدواعي بطبرستان، والديلم والاطروش فيها من بعده وانقسمت دولة الإسلام بذلك دولا متفرقة ) .([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])

إن إرجاع انتصار جيش معاوية على جيش عليّ _ رضي الله عنهما _ إلي تعدد عصائب جيش عليّ , وإرجاع ما كان من انقسام في الدولة الإسلامية بعد الخلافة الراشدة وبني أمية إلي السبب ذاته , لم يخرج عن ما قرره في المقدمة من أن "الأوطان الكثيرة القبائل والعصائب قل أن تستحكم فيها دولة" . ويذكر ابن خلدون السبب قائلاً (والسبب في ذلك اختلاف الآراء والأهواء، وانّ وراء كل رأي منها وهوى عصبية تمانع دونها فيكثر الانتقاض على الدولة والخروج عليها في كل وقت وان كانت ذات عصبية، لان كل عصبية ممن تحت يدها تظن في نفسها منعة وقوة) .([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])

أثر العصبية في اشتراط القرشية في خليفة المسلمين:-

بالإضافة إلي ما سبق من معالجات متميزة لابن خلدون لبعض الأحداث والوقائع التاريخية , فانه حينما تحدث في مقدمته عن شروط الخليفة أو الأمام ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]) تناول شرط "القرشية" بشئ من التحليل الذي استند فيه على قواعد الاجتماع وعلى ظاهرة العصبية بالإضافة إلي المستند الديني أو الفقهي . فقد قرر ابن خلدون أن شروط الخليفة أربعة ونبه إلي الاختلاف في الشرط الخامس والذي هو شرط القرشية إذ يقول (وأما شروط هذا المنصب فهي أربعة: العلم والعدالة والكفاية وسلامة الحواس والأعضاء مما يؤثر في الرأي والعمل، وأُختلف في شرط خامس وهو النسب القرشي)([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])

وقبل أن نقف على رأي ابن خلدون في هذا الشرط المختلف حوله نسلط الضوء على آراء العلماء فيه.

ذهب جمهور أهل السنة والشيعة وبعض المعتزلة إلي أنه ينبغي أن يكون الإمام قرشياً واستدلوا بأحاديث صحيحة مرفوعة للنبي صلى الله عليه وسلم تنص على أن "الأئمة من قريش". ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])

واستدلوا أيضا بالإجماع في عهد الصحابة، ومن الذين استدلوا بالإجماع النووي والماوردي والإيجي والتفتازاني .([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])

أما الخوارج وبعض المعتزلة وأبو بكر الباقلاني فقد ذهبوا إلي عدم اشتراط النسب القرشي وجوزوا أن تكون الإمامة في غير قريش.

واستدل هؤلاء بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (اسمعوا وأطيعوا وان استعمل عليكم عبد حبشي كأنّ رأسه زبيبة)([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]) ويفهم من هذا الحديث أن الطاعة واجبة لكل أمير قرشياً كان أو غير قرشي.

واستدلوا بقول عمر –رضي الله عنه- : " لو كان سالم مولي أبي حذيفة حيا لو ليته ،أو لما دخلتني فيه الظنة([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]) وجه الدلالة في قول عمر- رضي الله عنه- أنه يرى استخلاف غير القرشي كسالم مولى ابن حذيفة.

أما ابن خلدون فقد ذهب مع الفريق القائل باشتراط النسب القرشي([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]), واحتج بما احتجوا به من أدلة مثل قوله صلى الله عليه سلم:"الأئمة من قريش"([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]) وقوله "صلى الله عليه وسلم":"لا يزال هذا الأمر في هذا الحي من قريش" ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])

وفنّد ابن خلدون حجج من ذهبوا إلي عدم اشتراط النسب القرشي في الإمام فأكّد ابتدءً أنهم ما تبنوا هذا الرأي إلا حينما ضعف أمر قريش وتلاشت عصبيتهم وتغلبت عليهم الأعاجم وصار الحل والعقد لهم فاشتبه ذلك عليهم حتى ذهبوا إلي نفي اشتراط القرشية , وأكد أن الغرض من قوله "صلى الله عليه وسلم" :"أسمعوا وأطيعوا وان ولي عليكم عبد حبشي ذو زبيبة" المبالغة في إيجاب السمع والطاعة لذلك فلا تقوم به حجة , وأما ما نقل عن عمر أنه قال "لو كان سالم مولى حذيفة حيا لوليته"([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]) فأكد أنه ليس حجة لان مذهب الصحابي ليس بحجة، وأيضا لان عصبية الولاء حاصلة لسالم في قريش لان مولى القوم منهم . ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])

لم يكتف ابن خلدون بهذه المعالجة الفقهية, وقرر أن الأمر أبعد من التبرك بوصلة النبي صلى الله عليه وسلم إذ يقول( ومقصد الشارع منه لم يقتصر فيه على التبرك بوصلة النبي صلى الله عليه وسلم) .([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]) فما هي المصلحة من اشتراط النسب كما رآها ابن خلدون.

الواقع فان ابن خلدون قد حاول إن يعالج مسألة اشتراط النسب القرشي في الإمام في إطار قواعده الاجتماعية فارجع اشتراط القرشية لما كان لقريش من العصبية الغالبة والعزة على سائر العرب إذ يقول (وذلك أن قريش كانوا عصبة مضر وأصلهم وأهل الغلب منهم ... فكان سائر العرب يعترف لهم بذلك ويستكينون لغلبهم) ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]) والعصبية التي تكون بها الحماية والمطالبة ويرتفع بها الخلاف والفرقة هي مقصد الشارع من ذلك الشرط يقول ابن خلدون( فلابد أذن من المصلحة في اشتراط النسب وهي المقصودة من مشروعيتها وإذا سبرنا وقسمنا لم نجدها إلا اعتبار العصبية التي بها الحماية والمطالبة ويرتفع الخلاف والفرقة بوجودها لصاحب المنصب فتسكن إليه الملة وأهلها وينتظم حبل الإلفة)([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).

إذن فقد قرر ابن خلدون أن مقصد الشارع من اشتراط النسب في الإمام هي اعتبار العصبية, ولما كانت عصبية قريش هي العصبية الغالبة على سائر العرب, فقد اشترط في الإمام أن يكون قرشياً. ويؤكد ابن خلدون أنه لو جعل الأمر في سواهم لكان افتراق الكلمة وكان الخلاف متوقعا , وهو الأمر الذي حذر منه الشارع , وبانتظام كلمة قريش تنتظم كلمة مضر فتنقاد إليهم سائر العرب والأمم وسواهم، كما وقع في أيام الفتوحات واستمر بعدها في الدولتين إلي أن أضمحل أمر الخلافة، وتلاشت عصبية العرب.([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])

إذن فقد قرر ابن خلدون أن ذلك الشرط القائم على أدلة شرعية ودينية , كان يتماشى في الوقت ذاته مع مقتضيات وضرورات اجتماعية ووجودية , فقد كان لا بد له لدفع التنازع بين القبائل التي لا تستكين إلا لمن لها العزة والغلب . وأكّد ابن خلدون أن الوجود يشهد بذلك فقل أن يكون الأمر الشرعي مخالفاً للأمر الوجودي إذ يقول (ثم أن الوجود شاهد بذلك فأنه لا يقوم بأمر أمة أو جيل إلا من غلب عليهم، وقلّ أن يكون الأمر الشرعي مخالفاً للأمر الوجودي) .([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])

هل نفهم من كل ما مضي أن الخلافة الإسلامية قد أقيمت على مقتضى القوة والغلب , وكيف نفسر ما حدث يوم السقيفة , وما نقله ابن خلدون في تاريخه عن ذلك اليوم من أحداث تكشف أن اختيار الخليفة قد تم بالاختيار والشورى ؟ حيث احتجت قريش على الأنصار لما همّوا يومئذ ببيعة سعد بن عبادة وقالوا منّا أمير ومنكم أمير بقوله صلى الله عليه وسلم "الأئمة من قريش"، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم أوصانا بأن نحسن إلي محسنكم ونتجاوز عن مسيئكم، ولو كانت الإمارة فيكم لم تكن الوصية بكم فحجوا الأنصار ورجعوا عن قولهم منّا أمير ومنكم أمير وعدلوا عما كانوا همّوا به من بيعة سعد حتى اقبل الناس من كل جانب مبايعين لأبي بكر الصديق رضي الله عنه([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).

هل أراد ابن خلدون أن يقول في مقدمته : أن الخلافة قد قامت على الغلب وفي الوقت ذاته إن يقول في تاريخه أنها قامت على الاختيار والشورى ؟ .

وللإجابة على هذا السؤال نؤكد ابتداءً ما قررناه سابقا من أن العلاقات الداخلية بين "المقدمة" و "العبر" تنطلق من "المقدمة" لا العكس . ونتفق مع نصار في أنه لم يأت تنفيذ مشروع الرواية التاريخية إلا كمحاولة لعرض نسيج الواقعات التي تحمل "المقدمة" نظرياتها ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])

وبذلك نؤكد أنه ليس ثمة تعارض لمعالجة ابن خلدون لمسألة اختيار الخليفة واشتراط النسب القرشي في (المقدمة) وفي (العبر) . فابن خلدون قد قرر أن الخلافة تمت بالاختيار وبانحياز الصحابة إلي الأدلة التي تؤكد اشتراط النسب القرشي , وفي الوقت نفسه أكّد أن ذلك كان يتماشى مع ضرورات اجتماعية ووجودية فلابد من اعتبار العصبية الغالبة ، وارجع هذا التوافق الشرعي والوجودي إلي قاعدة عامة قرر فيها أنه "قل أن يكون الأمر الشرعي مخالفا للأمر الوجودي."([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])

الواقع فان تناول ابن خلدون لمسألة اشتراط النسب القرشي في الإمام تكشف عن عبقريته الفذة، فابن خلدون لم يكتف بالمعالجة الشرعية لهذه المسألة بل عالجها في إطار قواعد العمران والاجتماع التي أدت به إلى القول بأن مقصد الشارع من النسب القرشي يتعلق بالعصبية وأنه استناداً على ذلك وباطراد العلة فانه لا بد أن تكون عصبية الإمام هي العصبية الغالبة في كل زمان ومكان .

الفتوحات الإسلامية وعلاقتها بوحشية الأمم والحوافز المادية:-

ومن القواعد التي وضعها ابن خلدون في( كتابه الأول) _ أي المقدمة _ وانطلق منها إلي (العبر) قاعدة يقرر فيها: أنه إذا كانت الأمة وحشية كان ملكها أوسع والسبب في ذلك أنهم أقدر على التغلب والاستبداد, لقدرتهم على محاربة الأمم سواهم

ولعدم تعلقهم وارتباطهم بأرض معينة: إذ يقول في الفصل المعنون (في أنه إذا كانت الأمم وحشية كان ملكها أوسع" , وذلك لأنهم أقدر على التغلب والاستبداد كما قلناه واستعباد الطوائف لقدرتهم على محاربة الأمم سواهم، ولأنهم يتنزلون من الأهلين منزلة المفترس من الحيوانات العجم ،وهؤلاء مثل العرب وزناته ومن في معناهم من الأكراد والتركمان وأهل اللثام من صنهاجه , وأيضا فهؤلاء المتوحشون ليس لهم وطن يرتافون منه ولا بلد يجنحون إليه , فنسبة الأقطار والمواطن إليهم على السواء , فلهذا لا يقتصرون على ملكة قطرهم وما جاورهم من البلاد , ولا يقفون عند حدود أفقهم بل يظفرون إلي الأقاليم البعيدة ويتغلبون على الأمم النائية)([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).

إذن فقد ربط ابن خلدون الفتح والتغلب والاستبداد بوحشية الأمة , وقد أورد لنا ابن خلدون شواهد في (المقدمة) وفي (العبر) تؤكد ذلك ، فالخليفة عمر بن الخطاب _ رضي الله عنه _ عند فتح العراق حرّض المسلمين وحرك فيهم الحوافز التي تدفعهم إلي الفتح , وكان أول ما حرك هو الأشواق إلي مباهج الدنيا ومنافعها يقول ابن خلدون (وأنظر ما يحكي في ذلك عن عمر رضي الله عنه , لما بويع وقام يحرّض الناس على العراق فقال أن الحجاز ليس لكم بدار إلا على النجعة" ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])ولا يقوى عليه أهله إلا بذلك ) ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])أي أن ابن خلدون أراد أن يقول إن عمر بن الخطاب _ رضي الله عنه _ لما كان يعلم إن حقيقة العرب انه الجيل الذي معاشهم في كسب الإبل والقيام عليها في ارتياع المرعى وانتجاع المياه فقد حرضهم على فتح العراق لطلب الكلأ وغيرها من المنافع الدنيوية ، ثم ذكر ابن خلدون إن عمر بن الخطاب _ رضي الله عنه _ قد استحث بعد ذلك في المسلمين روح الجهاد لينالوا ما وعدهم الله في الكتاب من ارض قائلا "أين القُرّاءالمهاجرين عن موعد الله سيروا في الأرض التي وعدكم الله في الكتاب أن يورثكموها فقال ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون" ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]) ثم يؤكد ابن خلدون بعد ذكره لذلك الشاهد وغيره أن الأمم الوحشية يكون ملكها أوسع "وهذا شأن هذه الأمم الوحشية فلذلك تكون دولتهم أوسع نطاقا وابعد مراكزها نهاية"([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).

هل أراد ابن خلدون إن يربط انتصار العرب المسلمين في الفتوحات بأسباب واعتبارات ذات علاقة بخصائص هذه الشعوب وتركيبها وصفاتها الوحشية, بعيدا عن الأسباب والاعتبارات الروحية والدينية ؟

الواقع فإننا لا نمضي كما مضى مصباح العاملي إلي ذلك القول , فهو- أي العاملي- يؤكد ذلك قائلا (ورد حديث ابن خلدون عن خطاب عمر في سياق فصل في المقدمة تحت عنوان :"في أنه إذا كانت الأمة وحشية كان ملكها أوسع" , يعرض فيه أسباب قوة البدو والحوافز التي تدفعهم إلي الفتح , وهي دوافع صادرة عن مقتضيات الأرض وليس عن مقتضيات السماء) ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])بل يمضي العاملي ابعد من ذلك فيؤكد استنادا على تأويله لعبارات ابن خلدون أن عمر _ رضي الله عنه _ أراد إن يبني دولة الإسلام على الغلب والقوة , وانه لو أراد أن يبنيها على قوانين السماء لما تم له ذلك ( ولم يكن أمام عمر سوى خيار واحد ، ان عليه إن يبني دولة العرب وليس له أن يبنيها إلا على مقتضي القوة والغلب , ولو انه سعى إلي إقامتها على قوانين السماء لما كانت الدولة العربية ولما تحقق حلم صاحب الدعوة في جمع شمل العرب وتأسيس سلطتهم العامة لرد الضيم عنهم ولدفعهم إلي الأمام في مراتب الحضارة). ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])

الواقع فان هذا الباحث قد ذهب بعيدا في تأويله للقاعدة التي ذكرها ابن خلدون "في أنه إذا كانت الأمة وحشية كان ملكها أوسع". فتأكيد ابن خلدون على عامل القوة والوحشية في انتصارات العرب المسلمين لا يعني بالضرورة نفي العوامل الأخرى كالعامل الديني والروحي , وليس في عباراته ما يوحي بذلك، والأبعد من ذلك أن ابن خلدون قد أكد في أكثر من موضع في المقدمة على أهمية العامل الديني فنجده يفرد فصلا يقرر فيه أن "الدول العامة الاستيلاء العظيمة الملك أصلها الدين أما من نبوة أو دعوة حق" ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]) ووضح ابن خلدون السبب قائلا (وذلك لان الملك إنما يحصل بالتغلب , والتغلب إنما يكون بالعصبية واتفاق الأهواء على المطالبة وجمع القلوب وتأليفها إنما يكون بمعونة من الله في إقامة دينه) .([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])

وفي الفصل الذي يليه يقرر ابن خلدون أن "الدعوة الدينية تزيد الدولة في أصلها قوة على قوة العصبية التي كانت لها من عددها" ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])ويؤكد في ذات الفصل أنه حينما تفسد صبغة الدين يصير الغلب على نسبة العصبية وحدها دون زيادة الدين إذ يقول [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]واعتبر ذلك إذا حالت صبغة الدين وفسدت كيف ينتقض الأمر ويصير الغلب على نسبة العصبية وحدها دون زيادة الدين) . ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])

إنّ تلك الشواهد تؤكد لنا أن ابن خلدون لم يذهب إلي القول بأن تغلب العرب وانتصاراتهم في الفتوحات قد ارتبطت بدوافع الأرض دون السماء كما أكّد العاملي, بل أن ذلك قد تم لتفاعل تلك الدوافع معا , فالأسباب والعوامل الروحية والدينية قد ارتبطت بتلك الأسباب التي تتعلق بخصائص هذه الشعوب الضاربة في البداوة والوحشية.

وعمر ابن الخطاب _ رضي الله عنه _ كان يعي كل الوعي أن الإسلام هو دين الواقعية([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]), وانه دين الوسطية الذي جاء ليوازن بين المادية والروحية. ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]) فنجده _ رضي الله عنه _ في الفتوحات يحرك في المسلمين الحافز الروحي والمادي , وكتاب العبر يذخر بالشواهد التي تؤكد ذلك , فبالإضافة إلي ما ذكرناه من أن عمر _ رضي الله عنه _ قد رغّب المسلمين في العراق لطلب الكلأ ولطلب الجهاد , فانه يورد شواهد تؤكد ما كان للعامل الديني وما كان للدوافع الأخرى من اثر في الفتوحات .

فمن ذلك أنه حينما بعث عمر _ رضي الله عنه _ يعلي بن أمية إلي اليمن بين له أن دوافع الفتح دينية حيث أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك , وحتى لا يترك دينان بأرض العرب، يقول ابن خلدون موضحا ذلك (فكان بعث أبي عبيد هذا أول بعث بعثه عمر ثم بعث بعده يعلي بن أمية إلي اليمن وأمره بإجلاء أهل نجران لوصية رسول صلى الله عليه وسلم بذلك في مرضه , وقال أخبرهم إنّا نجليهم بأمر الله ورسوله أن لا يترك دينان بأرض العرب ثم نعطيهم أرضا كأرضهم وفاءً بذمتهم كما أمر الله)([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).

ونجد في العبر شواهد على ما كان للجانب المادي من أثر على الحث على الجهاد , من ذلك أن زهرة بن حيوة استطاع في معركة القادسية أن يقتل جالينوس ويأخذ سلبه , فما كان من سعد ابن علقمة إلا أن أوقف عطائه , فلما علم عمر – رضي الله عنه- بالأمر أنكر على سعد صنيعه وطلب منه إمضاء سلبه له بل وتفضيله على أصحابه في العطاء ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]) , لان عمر _ رضي الله عنه _ كان يدرك واقعية الإسلام وما للحوافز المادية من أثر في الجهاد وغيره .

وكذلك في اخبار القادسية نجد رستم والمغيرة بن شعبة يتفاوضان ونجد المغيرة في نهاية الأمر يخير رستم بين الإسلام أو الجزية أو القتال، ولا يكتف بذلك بل يؤكد أن ثمة دوافع مادية تقف وراء الفتح حيث أن عيال المسلمين قد ذاقوا طعام أرضهم فقالوا لا صبر لهم عنه، ويخبرنا بذلك ابن خلدون قائلاً (ثم ذكر – أي المغيرة - مثل ما تقدم أي التخيير بين الإسلام أو الجزية أو القتال ثم قال وان عيالنا ذاقوا طعام بلادكم فقالوا لا صبر لنا عنه) ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])

العصبية وأثرها في الخروج علي عثمان رضي الله عنه:-

ومن المعالجات التي تميّز بها ابن خلدون عن غيره من المؤرخين، مسألة الخلاف الذي دار حول عثمان – رضي الله عنه والخروج عليه والذي أدي إلى مقتله رضي الله عنه.

الواقع فانّ ابن خلدون قد حاول أن يعالج تلك المسألة في إطار قواعد العمران وفي إطار ظاهرة العصبية، فذكر- في تاريخه- انه وبعد استكمال الفتح وتفرق العرب بالأمصار قد آلت الرئاسة إلى قريش وأهل الحجاز دون سائر العرب، وأورد الأسباب التي جعلت العرب يقبلون ذلك الوضع رغم وعيهم التام بدورهم في الفتوحات، فهم يعترفون لأهل السابقة بالفضل ثم أنهم كانوا قريبي العهد من نزول الوحي والنبوة إذ يقول (فلم يكونوا – أي سائر -العرب – من تلك الصحبة بمكان إلا قليلا منهم وكان لهم في الفتوحات قدم، فكانوا يرون ذلك لا نفسهم مع ما يدين به فضلاؤهم من تفضيل أهل السابقة ومعرفة حقهم ، وما كانوا فيه من الذهول والدهش لأمر النبوة وتردد الوحي وتنزل الملائكة([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] ).

ثم بيّن ابن خلدون كيف أن العرب قد استنكرت ذلك الوضع بعد استحكام العصبة وبعد انحسار ذلك الذهول والدهش الذي ارتبط بنزول الوحي وتنزل الملائكة قائلاً (فلما انحسر ذلك العباب وتنوسي الحال بعض الشئ وذل العدو واستفحل الملك ، كانت عروق الجاهلية تنبض ووجدوا الرياسة عليهم للمجاهدين والأنصار من قريش وسواهم، فأنفت نفوسهم ووافق أيام عثمان فكانوا يظهرون الطعن في ولاته بالأمصار([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).

لا شك أن ابن خلدون بجعله من (العصبية) عاملاً رئيساًً أدى إلى الخروج على عثمان رضي الله عنه قد نجح في أن يقدم لنا تفسيراً وتحليلاً دقيقاً ، فالخلاف لا يتعلق (بشخصية) عثمان وما كان من أمر سياساته، بقدر ما يتعلق بوضع اجتماعي (وافق) زمان عثمان رضي الله عنه فالخروج لم يكن علي عثمان الخليفة بقدر ما كان خروجاً علي وضع اجتماعي تمثل في (استثار قريش بالرئاسة).

ويعرض لنا ابن خلدون عدة وقائع وحوادث ليؤكد بها أن الصراع الذي كان في عهد عثمان رضي الله عنه كان في حقيقته صراع بين (قريش وبقية العرب). من ذلك ما أورده في تاريخه من اجتماع وجوه الناس وأهل القادسية للتسامر عند سعيد بن العاص بعد عزل الوليد بن عقبة ، ومن أنهم كانوا يفيضون في أيام الوقائع والأنساب، وأنهم كانوا ربما ينتهون إلى الملاحاة، كما حدث بين سعيد بن العاص والأشتر (. . . وقد قيل أن سعيداً قال يوماً إنما هذا السواد بستان قريش، فقال له الاشتر السواد الذي أفاء الله علينا باسيافنا تزعم انه بستان لك ولقومك، وخاض القوم في ذلك فأغلظ لهم عبد الرحمن الاسدي صاحب شرطتة فوثبوا عليه وضربوه حتى غشي عليه، فمنع سعيد بعدها السمر عنده فاجتمعوا في مجالسهم يسبون سعيداً وعثمان والسفهاء يغشونهم) ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]) .ثم ذكر ابن خلدون أنه لما بلغ عثمان الأمر كتب إلى معاوية حتى يردهم عن هذه الفتنة ، فاجري معاوية عليهم ما كان لهم بالعراق، ثم اخبرهم يوماً انه قد بلغه أنهم قد نقموا قريش واخذ يذكرهم بفضل قريش علي العرب، فقام احدهم ينكر ذلك ويقلل من شأن قريش ، فكان ان رماهم معاوية بقلة العقول ثم ذكر شأن قريش وان عزها إنما كان بالله في الجاهلية والإسلام ولم يكن بكثرة ولا شدة ، وكانوا علي أكرم أحساب وأكمل مروءة، ثم ذكر النبي صلي الله عليه وسلم وان الله ارتضى له أصحابه وكان خيارهم قريشاً فبني الملك عليهم وجعل الخلافة فيهم وانه لا يصلح ذلك إلا بهم ثم قرّعهم ووبخهم وهددهم، وكتب إلى عثمان انه قدم علي أقوام ليست لهم عقول ولا أديان إنما همهم الفتنة وأموال أهل الذمة([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).

لا شك أن هذه المعالجة للخلاف الذي دار حول عثمان رضي الله عنه تتسم بالعمق، فالخلاف لم يتعلق بشخصية عثمان – رضي الله عنه- وسياساته بقدر ما كان يتعلق بوضع اجتماعي وافق زمانه رضي الله عنه، فخروج الناس وثورتهم لم يكن علي الخليفة عثمان رضي الله عنه بقدر ما كان علي وضع اجتماعي اتسم بتحكم وغلبة عصبية قريش على غيرها من العصبيات أي أن الصراع كان في حقيقته صراع بين قريش وبقية العرب ، وهو الأمر الذي أكده ابن خلدون بشواهد ووقائع تاريخية.

هكذا نجد ابن خلدون في تناوله للأخبار والوقائع التاريخية لا يكتف بنقلها وسردها، إنما يقوم بتفسيرها وتعليلها في إطار قواعد العمران والظاهرات الاجتماعية، فتفوق وغلبة بعض القبائل علي سبيل المثال عالجه في إطار قاعدة (العزة للكاثر) ، وعالج ما كان من منازعات بين القبائل العربية في الجاهلية في إطار ظاهرة العصبية، وارجع انقسام الدولة الإسلامية بعد الخلافة وبني أمية إلى تعدد العصائب ، وكذلك ارجع انتصار معاوية على عليّ- رضي الله عنهما- إلى تعدد عصائب جيش عليّ رضي الله عنه، وتكشفت عبقريته عندما تناول مسألة اشتراط النسب القرشي في إطار ظاهرة العصبية التي أدت به إلى القول باشتراط العصبية الغالبة في الإمام مطلقاً، وكذلك ارجع ابن خلدون انتصار العرب المسلمين في الفتوحات إلى صفاتهم وخصائصهم الوحشية ، وأكّد ما قامت به الحوافز المادية -بجانب الروحية- من دور في تحريك المسلمين في الفتوحات وفي انتصاراتهم، وكذلك حاول أن يبرز الأسباب الحقيقية التي كانت تقف وراء الصراع الذي كان في عهد الخليفة عثمان رضي الله عنه والتي أدت إلى مقتله، فبين أن الصراع مرجعه وسببه تفشي العصبية وان الصراع في حقيقته ما هو إلا صراع بين قريش وبقية العرب.

إن تلك الشواهد تدل علي مقدرة ابن خلدون في رفع الخطاب التاريخي من مستوي السرد والنقل إلى مستوي التفسير والتعليل ، وعلي مقدرته علي تجاوز ظاهر التاريخ إلى باطنه وعرض الأخبار في إطار قواعد العمران وطبائعها ليصبح التاريخ بالفعل خبراً عن الاجتماع الإنساني.

هل تجاوز ابن خلدون مغالط المؤرخين؟

ولنتثبت من تطبيق ابن خلدون لمنهجيته التاريخية بقي علينا أن نجيب على سؤال وهو : هل استطاع ابن خلدون في تاريخه أن يتجاوز المغالط والأخطاء التي وقع فيها سابقيه من المؤرخين مثل التشيعات للآراء والمذاهب والاهتمام بتدوين غرائب الأخبار والمبالغة في ذلك؟

من أسباب المغالط في الكتابة التاريخية والتي ذكرها ابن خلدون في مقدمته التشيعات للآراء والمذاهب، وبالرغم من أن ابن خلدون قد وقع في هذا الخطأ في بعض أجزاء مقدمته كما هو واضح عند معالجته لقصة العباسة أخت الرشيد ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]) وكذلك عند تناوله لمسألة الطعن في نسب إدريس بن إدريس بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]) إلا أنّ الأمر أوضح واشد عند غيره من المؤرخين كالمسعودي ولعل تناول المسعودي لمسألة تنامي وازدياد الثروات علي عهد الخليفة عثمان رضي الله عنه يؤكد ذلك.

فقد تحامل المسعودي كثيراً علي عثمان رضي الله عنه بسبب تعاظم وتنامي الثروات والأموال علي عهده، ففي حديثه عن عهد عثمان رضي الله عنه نجده يركز علي هذا الأمر، فقد نبه وأشار إلى ثرواته رضي الله عنه وغناه والي صفات تتعلق بالجانب المادي فنجده يقول في (مروج الذهب) : (كان عثمان في نهاية الجود والكرم والسماحة والبذل في القريب والبعيد... وبني داره في المدينة وشيدها بالحجر والكلس وجعل أبوابها من الساج والعرعر، واغتني أموالاً وجناناً وعيوناً بالمدينة)([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).

وأخذ المسعودي يعدد ثروة عثمان رضي الله عنه، وثروة بعض الصحابة علي عهده أمثال الزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وعبد الرحمن بن عوف والمقداد وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).

وينتهي المسعودي إلي انه يَصْعُب تتبع مَنْ تملك الأموال في زمان عثمان رضي الله عنه لكثرتهم قائلاً (هذا باب يتسع ذكره ويكثر وصفه، فيمن تملك من الأموال في أيامه)([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])[/font:261f
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://socio.yoo7.com
 
علاقة مٌؤلَف ابن خلدون التاريخي (العبر) بالمقدمة: د. فيروز عثمان صالح عثمان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» عثمان بن صالح العامر: أثر الانفتاح الثقافي على مفھوم المواطنة لدى الشباب السعودي" دراسة استكشافیة "
» المجتمع المدني العبر وطني: قراءة في المفهوم والوظائف
» كتب في علم الاجتماع التاريخي
»  العرب والفكر التاريخي - العروي
» نرحب بالاستاذ ابراهيم عثمان

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنتدى العربي للعلوم الاجتماعية والانسانية :: مكتبة العلوم الانسانية والاجتماعية :: المناقشات والحوار الصريح-
انتقل الى: