فريق الادارة المدير العام
عدد المساهمات : 3110 نقاط : 8100 تاريخ التسجيل : 04/12/2009
| موضوع: علم الإجتماع الآلي بقلم: سعاد العلوشي الثلاثاء مارس 09, 2010 12:42 am | |
| يعتبر علم الإجتماع علم يدرس الظواهر الإجتماعية المتعلقة بالجماعات ويعتبر "أوغست كونت" المؤسس الغربي له، غير أن كثيرا من الباحثين يعتبرون "عبد الرحمان بن خلدون" أحد أقدم في تأسيس هذا العلم. فعلم الإجتماع هو دراسة الحياة الإجتماعية للبشر، سواء بشكل مجموعات وقد عرف أحيانا كدراسة التفاعلات الإجتماعية، وهو توجه أكاديمي جديد نسبيا تطور في أوائل القرن التاسع عشر، وهو يهتم بسلوكنا ككائنات اجتماعية. لكن في الآونة الأخيرة وتحديدا منذ ظهور الفضاءات الإلكترونية في عالم شبكات الحواسيب، ظهر علم إجتماعي جديد تبلورت ملامحه مع تطور العلم. فهو علم قائم بذاته إلا أنه يجمع بين علمي الحاسوب والإجتماع، فعلم الحاسوب هو من آخر العلوم الطبيعية البحثة، ونفس الشيء بالنسبة لعلم الاجتماع فهو كذلك من آخر العلوم الانسانية والاجتماعية. ويعتبر العلم منطلق إنساني لا يرسو بالانسان إلا على مراسي العقل ومراسه في المنطق والفهم والادراك. فما طبيعة بحث واهتمام هذا العلم الاجتماعي الجديد؟ وما آلية تكونه وتشكله وتطوره؟ وما أهم موضوعاته ومباحثه؟ كل هذا سنتعرف عليه من خلال دراستنا لهذا العلم الجديد، العلم الإجتماعي الآلي هو كائن إلكتروني جديد شكل خلخلة، نقلة نوعية في نظرة الانسان لذاته ولعالمه، هذه النقلة، القفزة من شيء بسيط ألفناه إلى شيء معقد، صاحبها نوع من الغموض والدهشة، ولكن سرعان ما تم التأقلم معه فأصبح أفضل صديق وخير أنيس، إلا أن السؤال المطروح هنا هو أنه كيف لكائن آت من الفضاء يغزو حياة الانسان بشكل سريع دون مقاومة من أحد. فهذا الكائن أصاب الفكر الانساني بالشلل وأوقعه في فخ الكسل، فما كان يعد صعبا أصبح بوجوده أمرا بمنتهى السهولة، هذا الكائن الذي قلب منظور علم الإجتماع، وليد المنشأ الإلكتروني إلى جانب محاكاته للبيئة الإجتماعية الطبيعية في العقل والتصور والخيال والاحساس فضلا عن اللغة والرمز والتمثل. الأمر الذي يفرض ضرورة تغيير علم الإجتماع في البحث الموضوعي والعمل المنهجي. فعلم الإجتماع يسعى دائما نحو مزيد من التكامل والرقي والتعقد بسبب مجالاته المتنوعة التي يبحث فيها، فاليوم ظهر مركب جديد في وسطنا (الانترنيت) (إنسان آلة، إنسان حاسوب...) هو كائن مجسم حي. فعلم الإجتماع اليوم يتفرع إلى علم اجتماع الوسط المجتمعي الجديد وقد نسميه وسط الأنترنيت أو هذا Digital الرقمي Virtuel الالكتروني الافتراضي أو التخيلي Cyberspace الفضاء السايبري الفضاء الذي نشأ في رحم اختراع الانسان فرض نوعا من الاجتماعية، الفرد-الجماعة أو الفرد الأنترنيتي (رقمية)، فهذا الفضاء السايبري هو من اختراع الانسان، ويقودنا إلى الحديث عن مجتمع الحاسوب ومناقشة قضيته الأساسية في تطوير علم الاجتماع وعجز كثير من نظرياته ومناهجه التقليدية في القيام بالبحث العلمي الاجتماعي الرصين الذي يقدم العلم والمعرفة الضرورية لعصر المعلومات والمعرفة والانسان الآلي، فالحياة الاجتماعية الآن هي حياة رقمية بالدرجة الأولى، مما يفرض على علم الاجتماع أن يتسع قليلا ليشمل ببحثه المجتمع البشري الالكتروني. فلفهم الحاسوب فرض علينا الاتيان بفكر جديد يصعب وجوده في عالمنا الجديد فارضا علينا ثقافة ما، واقتصادا ما وعولمة ما... فالكل يحاول أن يضع أثره في المجتمع الجديد، الكل يحاول أن يصنع فيه كينونته، والكل يرسم فيه شيئا من تقاليده وأعرافه. فالعلم بصفة عامة هو إبداع إنساني وخبرة بشرية والمعرفة بأكملها إنسانية وطبيعية وليست إلا منتوجا اجتماعيا بشكل ما، لكن القضية المركزية تكمن في أن علم الاجتماع في العصر الرقمي لن يستطيع الوقوف على مبادىء ثابتة، لأن من طبيعة المجتمع أنه يتألف من الجماعات الإنسانية سواء أكانت موحدة أم مفككة، إن المجتمع بهذا الطرح الثنائي يشكل حركة متداخلة من الجماعات والأجيال متبادلة ومتداخلة الأدوار. وهذا ما يمثل موضوعا للبحث والتحليل بالنسبة لعلم الاجتماع. لقد توصل البحث الذي حول المنظومة التكنو-اجتماعية للأنترنيت إلى أن الانسان في العصر الرقمي أو مرحلة ما بعد الحداثة، ما بعد التكنولوجيا بالمنظور السوسيولوجي المعاصر، فعلم الاجتماع اليوم هو علم اجتماع الانسان الآلة وذلك تأسيسا على عامل التغير الرئيس في التحولات الاجتماعية الكونية "العامل المعلوماتي" أو "العامل التكنولوجي" رغم وجود اختلاف بسيط في التسمية إلا أنه لا يمس المعنى الذي يفصح عنه كلا التسميتين فالمعنى واحد والهدف كذلك واحد، فهو بمثابة محرك الجدلية الجديدة التي أفرزها التطور المجتمعي. فهو اليوم يؤسس ويطور المجتمعات الرقمية الافتراضية. فالأنترنيت يفتح المجال من أجل مكاملة العقل البشري وقدراته التكنو-اجتماعية. فالآلي هو الذي يسع علم الاجتماع الذي يستعد لفهم واستيعاب الانسان الآلة في موضوعه وقانونه وتفاعله وعلاقاته، فهو يضع عدسات جديدة للرؤيا والرؤية ليتعامل في منظوره المركب الجديد بمسميات ونظرات متشابهة (التكنولوجيا، الرقمية، المعلوماتية،...) إنه الانتقال من اجتماعية طبيعية، تقليدية إلى اجتماعية صنعية (آلية)، إنها مرحلة الانتقال إلى الوجود الكوني الاجتماعي (البشرية الآلية). فعلم الاجتماع الآلي يختص بالنظر السوسيولوجي فيما يتعلق بالتكنولوجيا عموما، وقد يتفرع للاهتمام بتكنولوجيا المعلومات ( علم اجتماع تكنولوجيا المعلومــــــــــــــات .(Sociology of information technology كما يمكن أن نشير إلى بعض المفاهيم والمصطلحات، كمفهوم التكنولوجيا الذي يشير إلى العلم المختص بالصنائع والمعرفة العلمية التي يمكن تطبيقها لإنتاج المنتجات الصنعية، إنها المعرفة المختصة والمهارة والخبرة، أما مصطلح تكنولوجيا المعلومات تستخدم في إنتاج استحداث المعلومات ومعالجتها وتحليلها وتخزينها وتبادلها، أما مفهوم المعلوماتية فهو يشبه نوعا ما مفهوم تكنولوجيا المعلومات، فالمعلوماتية تشمل كل ما يتعلق بالمنظور العلمي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وبالتالي فإن علم الاجتماع المختص بالتكنولوجيا يركز على العمليات الاجتماعية وذلك للرفع من مستوى الفهم بعمق لمسارات الابتكار والابداع الانساني، فعلم الاجتماع يطور أساليب ناجعة لإدارة المخاطر المتوفقة لأجل التكيف والتعامل الفعال مع المخاطر التكنولوجية المحتملة. وهناك العديد من المصطلحات نذكر منها: المعلوماتية الاجتماعية وهي حقل بحثي يجمع بين علوم النفس والاجتماع والمعلوماتية وهناك معلوماتية المجتمعات المحلية يشير هذا المصطلح إلى النشاط البحثي العلمي الذي يختص بدراسة كيف أن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تتفاعل مع المجتمعات المكانية وغير المكانية وهناك أيضا علم الاجتماع الالكتروني ويشير هذا المصطلح إلى إجراء الدراسات السوسيولوجيا عبر الانترنيت أي بمعنى التعاون عن بعد، ونجد أيضا علم الاجتماع الرقمي ويتأسس على كون معطيات العصر الرقمي يتحدد في المنتجات الرقمية المعلوماتية. وهناك علم الاجتماع الافتراضي الذي يتناول الحياة الاصطناعية، خصوصا مسألة تطوير مجتمع محاكي حاسوبي تحت رقابة خبراء مختصين. وبالتالي نخلص إلى أن كل هذه المفاهيم والمصطلحات تشكلت فيما يسمى بعلم الاجتماع الآلي الذي هو مضمن بشكل أو بأخر في مباحث هذه الفروع ومجالاتها السوسيولوجيا. فالملاحظ أن من أبرز المصطلاحات وأهمها في العلوم الاجتماعية مصطلح المجتمع المحلي ولقد اختلف علماء الاجتماع كثيرا بشأن هذا المصطلح نظرا لأنه الأكثر غموضا في علم الاجتماع. فمن هنا نلاحظ أن "الانسان الآلة" أصبح مفهوما شائعا في وسطنا الاجتماعي، فمن الطبيعي أن نتـأثر بهذا الكائن الالكتروني، فعلم الاجتماع الآلي يختص بالنظر السوسيولوجي في ما يختص بالتكنولوجيا وتطورها. | |
|