هذا أنا
شعر عزالدين مبارك
*******
هذا أنا
ابن البراري
والحنظل والشيح
والجوع الكافر
والرغيف الأسمر
وتغاريد البلابل
وهمسات الريح
هذا أنا
راعيا في صغري
آكلا عشبا وظلفا
متدثرا بالصفيح
وهائما على وجهي
حافيا كعود الحطب
وبقدمي قروح وقيح
هذا أنا
ماؤنا الغدران
الملونة بالتراب
يرتع فيها البعوض
والذباب القبيح
هذا أنا
زارتني الأمراض اللعينة
ودوائي عقاقير عشبية
وبعض التعويذات
وطلاسم مكتوبة
بحبر شحيح
هذا أنا
مازلت حيا
رغم الأوجاع
والضربات الصديقة
وهم الزمان
وكأني تناولت جميع التلاقيح
هذا أنا
أصبحت شاعرا بالصدفة
ألم الحروف الهائمة
من شتات الدواوين
وبقايا الأساطير
فتتحرك كالثعابين
زاحفة وبالسم تصيح
هذا أنا
عاشق عذري
مسكون بالحب
كورد الربيع
والغيمة الممطرة
وموجات البحر الهادرة
أتلذذ الاحتراق
في المنفى والترحال
بين المجرات والنجوم
ووجه مليح
مازلت هائما
كطفل الأيام الأولى
في حقول الزعتر والطين
ولم أتب عن شقاوتي
الدائمة
ولم يحن الوقت لكي أستريح.