ثقـافــة الفقر في حقل الأنثربولوجيا
18
مارس 2016
بقلم خالد طحطح
قسم: الفلسفة والعلوم الإنسانية
تبنى الباحث والأنثروبولوجي الأمريكي المختص، من جامعة شيكاغو، لويس أوسكار مفهوم "ثقافة الفقر" في الستينيات من القرن الماضي باعتبارها طبقة خاصة. وقد استمدّ الفكرة من خلال ملاحظاته العميقة للمجتمعات الفقيرة بأمريكا الوسطى والجنوبية، وبالخصوص في منطقة بورتوريكو بالمكسيك، والتي اتخذها ميداناً لدراساته.
إنّ الدرجة التي يجب أن نعتبر فيها الفقر طبقة اجتماعية مختلفة عن بقية الآخرين موضوع تكرَّرَ باستمرار في عدد من الدراسات النظرية؛ فقد سبق أن تحدَّث بإسهاب الفيلسوف الألماني الشهير كارل ماركس عن البروليتاريا الرثة في كتاباته التي انتقد فيها النظام الرأسمالي الأوروبي خلال القرن التاسع عشر. كما قام في العشرية ما بين 1950- 1960 الباحث الفرنكفوني لابنس بدراسة المقيمين في التجمعات السكنية الانتقالية في فرنسا، وهم أشخاص فقراء جداً، وفي الأساس يفترض أن يكون إيواؤهم هناك انتقالياً فقط، ولكنّ هؤلاء السكان أقاموا بصورة دائمة، وتزوجوا فيما بينهم، وكانت احتكاكاتهم مع الخارج شبه منعدمة تقريباً، بل وأكثر من ذلك ظهروا كأنهم مستقرون في هذا الوضع منذ عدة أجيال. كان لهؤلاء الأشخاص الأكثر فقراً جميع مميزات الجماعة الحقيقية المنسجمة، مما يجعلنا على صواب في إطلاق وصْف طبقة اجتماعية عليهم[1]. كان لهذا التحليل وهذه الدراسة المتميزة صدى في الأفكار التي وسَّعها لاحقاً أوسكار لويس السابق الذكر، الذي حلَّل في أبحاثه الشهيرة الحياة الفقيرة بالاستناد إلى ثقافة خاصة بمفهوم الأنثروبولوجيا الثقافية، حيث الفقراء يتقاسمون نظام معتقدات وأنماط سلوك كانوا ينقلونها إلى أولادهم تباعاً بفضل تنشئتهم الاجتماعية الخاصة بهم. وبالطبع فثقافة الفقر هذه كانت متكيفة مع محيطها الخاص، وكانت تسمح لأعضائها بمواجهة صعوبات الحياة اليومية، وهي مثل أية ثقافة أخرى بدون هذا سوف تزول ولا يمكنها الاستمرار في التواجد. هذه الأطروحة حول ثقافة خاصة بالفئات الأكثر فقراً في المجتمعات الصناعية لاقت معارضة قوية في تلك الحقبة من طرف عدد كبير من المختصين في الأنثروبولوجيا الثقافية، لأنّ هذه الفئات كانت، على الأقل، بأمريكا اللاتينية تسهم حقيقة في الثقافة العامة للفئات العمالية، وكان لها أيضاً بالموازاة تواجد بين الطبقات المتوسطة.
ظل هذا النوع من التضارب في التحليل والآراء حاضراً باستمرار في الإجابات المقترحة لتفسير الحضور الدائم للفقراء بين المجتمعات الوافدة (المهاجرة تحديداً). غير أنّ أطروحة ثقافة الفقر التي اختفت لمدة قصيرة ما لبثت أن عادت ثانية إلى الوجود في حالات عديدة، وبقوة أكبر، وقد تم إسقاطها على غيتوات السود في الولايات المتحدة الأمريكية. كما تم ربطها في حالات أخرى بغياب العمل أو تعذره، والذي يعتبر محدداً رئيساً لهذه الطبقة السفلية داخل المجتمع، وبالنسبة إلى لابنس فإنّ العالم السفلي المحروم من كل شيء في الضواحي الفرنسية ربما كان يتألف من ورثة جزء من البروليتاريا التي أهملت أثناء فترات تطور الثورة الصناعية.
لقد ظهرت مفاهيم أخرى سابقاً في الدراسات المختصة التي اهتمت بمجال المهمش، ومنها مفهوم الغريب، الذي يعني حسب مقالة ألبيون سيمول، مؤسس قسم علم الاجتماع والأنثربولوجيا بجامعة شيكاغو، من يقيم في المجتمع على الهامش، فلا يدرك آلياته الحميمية ويبقى على نحو ما خارج الجماعة. وقد تناول موضوع الغريب أيضاً إي شوتز في دراسته عن الغيتو اليهودي. كما تناولته دراسات كثيرة اهتمت بثقافة الزنوج في أمريكا وعلاقتها بالتهميش الذي طالهم على يد العرق الأبيض، وتبرز في هذا الصدد أطروحات روبرت بارك التي حاولت تفسير أصل مشاعر العداء العرقية في الفوارق الاقتصادية[2]. وقد تعمق تلميذه من بعده بوكاردوس الذي نشر أطروحته عن الهجرة والمواقف العرقية، والذي يعتبر امتداداً وتعميقاً لأفكار بارك، مع التركيز على العوامل السوسيو نفسية، والقلق النفسي، ومختلف أنواع الإحباط والضغط التي تنتجها حالة الهجرة مثلاً[3].
إنّ النقطة الحيوية في الجدل الذي أُثير بشأن مفهوم "ثقافة الفقر" - كما طورها أوسكار لويس- يتمثل في كون الفقر منتشراً في كل مكان؛ فهل يتقاسم هؤلاء الفقراء ثقافة مشتركة تميزهم عن غير الفقراء؟ يُركِّز المؤلف على الفرد في تفسيره للفقر مبتعداً بذلك عن التفسيرات البنيوية والمؤسساتية التي تركز على الخصائص والسمات الجماعية. لقد أراد أوسكار - بوصفه عالم أنثروبولوجيا- فهم الفقر والسمات المرافقة له باعتباره ثقافة وطريقة حياة تنتقل من جيل إلى جيل عبر مسارات العائلة؛ فالأطفال يتشربون عادة القيم والسلوكيات الأساسية لثقافتهم من هؤلاء، مما يجعلهم غير مهيئين نفسياً للاستفادة من الفرص التي تتاح لهم لإحداث تغيير حقيقي في حياتهم مستقبلاً.
في هذا الإطار تندرج سيرة أطفال سانشيزLes enfants de Sanchez, التي كتبها أوسكار لويس[4]، والتي قدّم فيها نموذجاً لمنهج بيوغرافي في الأثنولوجيا بجميع مؤهلاتها وخصائصها في الرواية العائلية، من خلال سرد حياة أسرة مكسيكية تحت بروليتارية، عاشت في غرفة واحدة بمدينة كازا كراندي Casa grande. وقد سبق له أن قام بدراسة ميدانية عن الهجرة القروية لقبائل الأزتيك في اتجاه مكسيكو، وبالخصوص إلى مدينة كازا كراندي، وخلالها التقى بسانشير وأولاده عن طريق المصادفة؛ فقرَّر بعدها إنجاز دراسة معمقة عن هذه الأسرة، وخصوصاً حين وافق الإخوة كونسويلو وروبرطو ومارطا ومانويل وخيسوس القيام بسرد حياتهم بحضوره. وقد تم له ذلك بعد أن استطاع كسب ثقتهم من خلال علاقة صداقة طويلة جمعته بهم، لدرجة أنّ أوسكار لويس أحس بأنّ له أسرتين: أسرته في الولايات المتحدة الأمريكية، وأسرة سانشيز التي قضى برفقتها مئات من الساعات.
لقد سرد الرواة من أبناء سانشيز حياتهم كاملة بحضور الباحث لويس أوسكار، وذلك تماشياً مع الأسئلة التي كان يطرحها عليهم هذا الأخير من حين لآخر، وقد كانت مواضيع النقاش متشعبة ومتعددة في آن؛ فقد تحدثوا عن: (المشاكل والعقد/ الموت/ الخيانة/ العنف/ الانحراف/ الإجرام/ الإحساسات والمشاعر/ القدرة على الفرح/ الرغبة في الفهم والحب/ الأمل في حياة أفضل...إلخ). لقد كانت منهجية الاستجواب التي اعتمدها الباحث وسيلة ناجعة للحصول على أكبر قدر من المعلومات. ولذا فإنه يمكننا أن نتحدث من خلال النموذج البحثي الذي اتبعه عن منهج بيوغرافي أو عن منهج تاريخ الحياة، الذي يبتغي إعادة إحياء تجربة الفاعلين؛ فإذا كانت النصوص تفرد مكاناً واسعاً لأصوات أخرى غير أصوات الباحث يستخرجها من خلال الوثائق والسجلات، فإنّ الأمر هنا مختلف تماماً حيث تعطى الأهمية لأصوات المتحاورين في الحقل مباشرة. ومن الملاحظ في النموذج الذي اتخذناه دليلاً غياب أي وسيط؛ فالروايات هنا ليست محكية من طرف شخص برجوازي، وإنما هو تحقيق اجتماعي مع أشخاص غير مختصين يحكون عن حياتهم بعفوية وحرية وبساطة، مما أعطى للعمل جانباً كبيراً من الصدقية والصراحة، إذ التصريحات المختلفة التي استقاها شكلت وسيلة تحقق داخلي سمحت له بإنجاز سيرة موضوعية، حيث تعمق بشكل دقيق في دراسة نفسية هؤلاء الأشخاص الذين عاشوا هذا المستوى المدقع من الفقر لمدة طويلة، خاصة وأنّ هذا الموضوع -حسب أوسكار- لم يكن موضوع دراسة جادة لعلماء النفس والأطباء النفسانيين المختصين.
لقد قدم لويس أوسكار من خلال رواية الحياة الموسومة بـ "أطفال سانشيز" صورة وطريقة بيوغرافية في الأثنولوجيا أُطلق عليها اسم "الأثنوبيوغرافيا"، وقد استخلص الأوربيون وغيرهم من خلال هذه الرواية فائدة كبيرة فيما يتعلق بأهمية روايات الحياة الذاتية؛ فالجمهور القارئ يستمتع كثيراً بقراءة روايات الحياة التي يمكن عدها جنساً هجيناً بين البيوغرافيا والسيرة الذاتية. وهو ما يفسر الرواج الكبير الذي حققته أعمال كثيرة مشابهة خلال فترة السبعينات وما بعدها. ويمكن الإشارة هنا بالدرجة الأولى إلى كتاب: المعرفة والسلطة في المغرب لصاحبه الأنثروبولوجي الأمريكي، من جامعة دارتموند، ديل ايكلمان، الذي يعتبر المجتمعات المركبة مجتمعات لا يمكن فهم مظاهر واقعها السياسي والاجتماعي إلا عن طريق بيوغرافية الأفراد، وهذا ما نلمسه في عدد من الدراسات الأخرى التي اتبعت المنهج نفسه، حيث قام كل من الصحافي الفرنسي جون لاكوتير وزوجته سيمون برسم صور لكل القوى السياسية والاجتماعية الرئيسة التي عملت في الفترة التي أدت أحداثها إلى استقلال المغرب، وذلك عن طريق الوصف البيوغرافي لأهم الشخصيات الفرنسية والمغربية لتلك الفترة. وقام قبله المؤرخ والسوسيولوجي الشهير جاك بيرك من جهته بالكتابة عن حياة العالم المغربي الحسن اليوسي الذي عاش في فترة القرن السابع عشر، وقدمه كنموذج مختلف عن علماء القرويين انتماء ومعرفة وثقافة، وذلك بالنظر إلى جذوره القروية ومواقفه المتمردة تجاه السلطة في عهد المولى إسماعيل. إنه نموذج لعالم من طينة أخرى لم يسلك مسار علماء فاس الموالين للتقليد، بل إنه من العلماء بالغي الندرة في زمانه بالمغرب، غير أنه ليس بالإمكان مقارنته مع علماء الضفة الشمالية للمتوسط، حيث ساد النقد العقلاني قرنين قبل زمانه[5]. وهو العالم ذاته الذي نجده حاضراً أيضاً وبشكل بارز عند صاحب كتاب تأويل الثقافات كليفورد غيرتز عن الإسلام في المغرب وأندونوسيا، والذي أعطى فيه وصفاً دقيقاً للوسط الثقافي والديني خلال فترة حرجة من تاريخ المغرب، وهي فترة تثبيت الدولة العلوية ركائز سلطتها الدينية والسياسية بعد القضاء على خصومها من الدلائيين والسملالين. كما استغل واتربوري، عالم السياسة الأمريكي، حياة تاجر سوسي يعيش في الدار البيضاء ليضرب مثلاً للحساسيات السياسية لجيل بأكمله[6]. وفي السياق نفسه تناولنا في أطروحتنا التي خصصناها للفقيه علي بن محمد السوسي السملالي، مواقف عالم من القرن التاسع عشر، متشبع بالثقافة المدينية بالرغم من جذوره القروية، وجعلناه أحد أهم مفاتيح فهم البنية الثقافية والسياسية لمغرب القرن التاسع عشر، فحياته وكتاباته التي تصنف ضمن دائرة الكتابة الإصلاحية بامتياز تسلط الضوء على بعض الجوانب الخفية من مواقف السلطة من الإصلاح، وعلاقة السلطة بالرعية. كما يُمْكِننا من خلال تتبع سيرة حياته تلمس الفروقات الفردية بين العلماء والكتاب خلال الفترة المدروسة[7].
إنّ منهج السيرة الذي تمّ توظيفه في حقول السوسيولوجيا والأثنولوجيا، والذي سُمِّيَ في البداية بالمنهج البولوني (الذي ركز على روايات الحياة) تمّ تطبيقه أول مرّة في العشرينيات من القرن الماضي، وذلك قبل دراسة لويس أوسكار، حيث قام عالما الاجتماع بمدرسة شيكاغو وليام إسحاق طوماس (1863-1947) وفلوريان ويتولد زنانييكي (1882-1958) بدراسة هامة عن الفلاحين البولونيين المهاجرين إلى أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية. وتتطرق هذه الدراسة التي تم نشرها في خمسة أجزاء لوضعية العمال والفلاحين البولونيين في موطنهم الأصلي، ثم وضعيتهم بعد هجرتهم لأمريكا، من خلال تسليط الضوء على أنماط وأشكال التفاعل والعلاقات التي نسجوها فيما بينهم بعد الهجرة أو تلك التي نسجوها مع غيرهم سواء من المهاجرين الآخرين أو المقيمين، وهذا ما استدعى بالضرورة التطرق إلى موضوع الاندماج أو الانصهار. وكما سبق فقد تمّ اعتماد تقنية "دراسة الحالة" أو "المنهج البيوغرافي" من خلال تدوين قصص وحكايا حياة هؤلاء المهاجرين[8]. وقد استمرت الاتجاهات البحثية الأنجلوساكسونية من بعدهما في الاعتماد على هذا المنهج البيوغرافي لدراسة الفئات الاجتماعية المهمشة، التي لم تُتَحْ لها في السابق فرصة الحديث عن نفسها. وهكذا تمّ إنتاج سير فردية واجتماعية متعددة ساهمت في تجديد أبحاث التاريخ والسوسيولوجيا والأنثربولوجيا، وأعادت الاعتبار للمعيش اليومي.
مسرد المراجع والمصادر:
- إيكلمان، ديل، المعرفة والسلطة في المغرب، صور من حياة مثقف من البادية في القرن العشرين، ترجمة محمد أعفيف، ليتوغراف طنجة، طبعة جديدة، 2009
- طحطح، خالد، علي بن محمد السوسي السملالي بيوغرافية ثقافية، أطروحة دكتوراه، تحت إشراف الأستاذ عبد الرحيم بنحادة، كليّة الآداب والعلوم الانسانية الرباط، نوقشت موسم 2013-2014، مرقونة.
- عبد الرحمن المالكي، مدرسة شيكاغو ونشأة سوسيولوجيا التحضر والهجرة، إفريقيا الشرق، المغرب، الطبعة الأولى، 2016
- كولون، آلان، مدرسة شيكاغو، ترجمة مروان بطش، مجد/ المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2012
- المساتي، عادل، سوسيولوجيا الدولة بالمغرب: إسهام جاك بيرك، تقديم أحمد بوجداد، سلسلة المعرفة الاجتماعية والسياسية، الطبعة الأولى، المغرب، 2010
- يانيك لوميل، الطبقات الإجتماعية، ترجمة جورجيت الحداد، دار الكتاب الجديد المتحدة، بيروت، الطبعة الأولى، 2008
Oscar Lewis, Les enfants de Sanchez, autobiographie d'une famille mexicaine, traduit de l'anglais par Céline Zens, Edition. Gallimard, Paris, 1963.
[1] يانيك لوميل، الطبقات الإجتماعية، ترجمة جورجيت الحداد، دار الكتاب الجديد المتحدة، بيروت، 2008، الطبعة الأولى، ص 26
[2] آلان كولون، مدرسة شيكاغو، ترجمة مروان بطش، مجد/ المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ، الطبعة الأولى، 2012 ص ص 57، 67، 72، 73
[3] عبد الرحمن المالكي، مدرسة شيكاغو ونشأة سوسيولوجيا التحضر والهجرة، إفريقيا الشرق، الطبعة الأولى، 2016، 146
[4] Oscar Lewis, Les enfants de Sanchez, autobiographie d'une famille mexicaine, traduit de l'anglais par Céline Zens, Edition. Gallimard, Paris, 1963
[5] عادل المساتي، سوسيولوجيا الدولة بالمغرب: إسهام جاك بيرك، تقديم أحمد بوجداد، سلسلة المعرفة الاجتماعية والسياسية، الطبعة الأولى، 2010، ص ص 50، 51
[6] بخصوص هذه النقطة تحديداً يراجع، ديل إيكلمان، المعرفة والسلطة في المغرب، صور من حياة مثقف من البادية في القرن العشرين، ترجمة محمد أعفيف، ليتوغراف طنجة، طبعة جديدة، 2009، ص 23
[7] خالد طحطح، علي بن محمد السوسي السملالي بيوغرافية ثقافية، أطروحة دكتوراه، تحت إشراف الأستاذ عبد الرحيم بنحادة، كلية الآداب والعلوم الإنسانية الرباط، نوقشت موسم 2013-2014، مرقونة.
[8] عبد الرحمن المالكي، مدرسة شيكاغو ونشأة سوسيولوجيا التحضر والهجرة، م، س، ص ص 97، 98