هويدا عزالدين، ناجي محمد حامد: تأثير الانترنت على الشباب.. دراسة على طلاب الجامعات السودانية
لا شك أن كثيراً من الأسر السودانية اكتوت بنيران ثقافة شبكة الانترنت، فقد أحدثت ثقافة الانترنت تحولات مؤثرة في البيئة الثقافية مقارنة بوسائل الاتصال الأخرى، بجانب طرحها لمختلف المستجدات المعرفية والثقافية والفكرية، وكل ذلك كان له أثره السلبي ونتائجه الوخيمة على الشباب، ما جعلهم يرتادون بصورة دائمة مقاهي الانترنت التي أصبحت من أكثر الأماكن جذباً للشباب، ما جعل الموضوع يتحول لظاهرة مهددة للشباب يصعب تناولها من منظور أحادي نظراً لارتباطها بالعديد من الجوانب المجتمعية، وللوقوف على مدى أبعاد تلك الظاهرة نظم مركز دراسات المجتمع «مدا» أمس ورشة عن تأثير الانترنت على الشباب، وفي هذا الصدد قالت هويدا عز الدين عبد الرحيم باحثة متعاونة بمركز دراسات المجتمع إنه استناداً إلى آخر إحصائية تم الإطلاع عليها فقد بلغت أعداد المقاهى فى مختلف محليات ولاية الخرطوم فى عام 2011م «810» مقاهٍ منتشرة على امتداد الولاية، وأكدت من خلال الدراسة التي أعدتها أنه لم يتمكن فريق العمل من الحصول على أية إحصائية من أية جهة رسمية عن أعداد مقاهى الإنترنت بولاية الخرطوم، وعزت هويدا أسباب ارتياد الشباب لمقاهي الإنترنت إلى إهمال بعض أولياء الأمور والأسر وضعف مراقبتهم لأبنائهم، خاصة مع اغتراب الآباء وترك مسؤولية الأسرة على الأم، وتفاقم إشكالية الفراغ في حياة الشباب الذى يعتبر أهم أسباب التوجه للمقاهي وخاصة من قبل العاطلين عن العمل خاصة في ظل عدم التناسب بين مخرجات التعليم العالى وسوق العمل، وتكوين وتوسيع شبكة العلاقات بين الجنسين خاصة مع إتاحة الفرصة في المقاهي عبر الإسكايبي، وتطرقت الدراسة إلى استطاعة الكثيرين اختراق الأجهزة البريد الإلكتروني للآخرين بدرجة أمان أعلى فى أجهزة المقهى، بجانب إمكانية الدخول لمواقع الألعاب العنيفة ومواقع المسابقات والمراهنات، مما شجع بعض مرتادي مقاهي الانترنت من القيام بعمليات التجسس والتخريب على أجهزة الآخرين، وفي المقابل ذكرت الدراسة وجود العديد من الإيجابيات لمقاهي الإنترنت، منها التعرف على الأحداث والمستجدات السياسية والرياضية والاجتماعية والفنية، كما يتسنى من خلاله الاطلاع على أحدث المعلومات في مختلف ضروب المعرفة والعلوم، كما تتاح إمكانية الاطلاع على الصحف المحلية والعالمية والمجلات المتخصصة، والحصول على خدمات متقدمة «طبية، تعليمية.. الخ، باعتبار الانترنت أداة بحث علمية جيدة توفر إمكانية تبادل الآراء والخبرات، وعلى الرغم من ما يحمله الإنترنت من إيجابيات توجد العديد من الإشكاليات أو الجوانب السلبية لمقاهى الإنترنت المتمثلة في ضعف الضوابط الضرورية المتعلقة بعدم المساس بالقيم الدينية والاجتماعية والثقافية فى المقاهي، وضعف ضوابط السيطرة على نشر ثقافة العنف والتطرف بين فئة الشباب وهى الفئة الأكثر وجوداً في المقاهى، وبروز ظاهرة الجرائم الالكترونية كأحد الإفرازات المجتمعية الناتجة عن التعامل ضمن إطار شبكات التواصل الاجتماعي، خاصة أن الجرائم الالكترونية تعتبر من الجرائم المستحدثة التي يسهل حدوثها ويصعب إثباتها، كما توجد صعوبة في ضبط وإثبات القيد الزمني والمكاني في تلك الجرائم خاصة في مقاهي الإنترنت، إضافة إلى أن تعامل مرتادي المقاهي مع الانترنت فى ظل ضعف الرقابة والتنظيم يسهل ممارسة بعض الأنشطة التي قد تكون مخالفة للقانون، فضلاً عن توفير الشعور بالأمان خاصة مع انعدام المسؤولية المباشرة على أجهزة التحكم في المقاهى، وانتشار جرائم التشهير الاجتماعى وتشويه السمعة عبر المقاهي لضعف مستوى الرقابة، وصعوبة الوثوق والتحقق من المصداقية فى بعض المعلومات المنشورة، سواء فى المواقع خاصة مواقع التواصل الاجتماعي أو في المنتديات المختلفة. وأسهم توجه الشباب نحو التواصل التقني فى خفض معايير الكتابة باعتباره نتاجاً للتواصل الشفهى واستخدام لغة الشات لغة شبابية تجمع بين اللغة العربية والإنجليزية مما انعكس بشكل مباشر على اللغة الفصحى، وتنامي ظاهرة إدمان الانترنت وتعني الإحساس بعدم القدرة على الاستغناء عنه، «أى وجود نوع من الاعتمادية على شبكة الإنترنت»، خاصة مع الابتعاد عن المنزل ومتابعة الأسرة .
واستطاعت الدراسة بعد تقييم مدى آثار الانترنت علي الشباب، وضع توصيات تساعد على تجنب الآثار الوخيمة والمترتبة على الشباب، من بينها التوصيات المقترحة الآتية: تبنى إستراتيجية إعلامية تستهدف الإسهام بفاعلية فى نشر قدر من الوعى المجتمعى والتنوير بالتأثيرات المختلفة لمقاهى الإنترنت على الشباب سواء الإيجابية أو السلبية على مختلف الشرائح خاصة صغار السن، إجراء وحصر وإحصاء علمى دقيق لمقاهى الإنترنت بمختلف محليات ولاية الخرطوم، وتحديد العنوان، وإعداد سجل خاص ببيانات الملاك «الحصر الأخير تم فى 2011م، وصدر عن المجلس الأعلى للثقافة والإعلام والسياحة إدارة المصنفات الأدبية». وحالياً تم الفصل بين وزارة الثقافة والإعلام ووزارة الآثار والسياحة، وحظر دخول المقاهى بالزى المدرسى.
كما تقدم الدراسة مقترحاً بتحديد سن الدخول لمقاهى الإنترنت، واقتراح مقاهٍ معينة بمواصفات وبرامج محددة وآمنة لصغار السن من طلاب مرحلتى الأساس والثانوى فى مختلف محليات الولاية، وتوزيع آلية الرقابة على اداء المقاهي لأكثر من جهة، وضرورة تفعيل العمل بالضوابط التنظيمية والضوابط القانونية لعمل المقاهى وبشكل ملزم لكل الجهات ذات الصلة، وتكثيف حملات الرقابة والتفتيش على مخالفات المقاهي خاصة الموجودة بشكل عشوائى وغير المرخصة، وتشديد العقوبة على المخالفين، وزيادة دور الرقابة وتفعيل الأنظمة الرقابية بشكل فاعل، ومتابعة المستثمرين في هذا المجال، وضرورة سن قوانين صارمة على المقاهى العشوائية فى المناطق الطرفية من الولاية، بهدف توفير درجة عالية من الحماية، وذلك باستخدام أحدث نظم المراقبة والتشفير للمعلومات.