باحث اجتماعي عضو زهبي
التخصص : علم اجتماع عدد المساهمات : 1494 نقاط : 3052 تاريخ التسجيل : 01/01/2010 العمر : 54
| موضوع: المشاركة عبر المجتمع الافتراضي بقلم: وليد رشاد زكى الثلاثاء سبتمبر 15, 2015 3:38 am | |
| المشاركة عبر المجتمع الافتراضي بقلم: وليد رشاد زكى
لقد أعاد المجتمع الافتراضي النظر في العديد من مفاهيم العلوم الاجتماعية، بشكل يمكن من خلاله القول أن معظم المفاهيم العلمية في إطار هذه العلوم تتأرجح بين العالم الواقعي والافتراضي. ومن هذه المفاهيم مفهوم المشاركة الذي تبلور منذ زمن بعيد علي مستوي الواقع والنظرية، والآن يعاد تشكل هذا المفهوم علي مستوي البنية والثقافة في المجتمع الافتراضي. وهذه المقالة تحاول أن تقدم طرحاً للمشاركة عبر المجتمع الافتراضي من خلال مجموعة من المحاور. يستعرض المحور الأول المشاركة علي خلفية المجال العام الافتراضي من منطلق حقيقة مؤداها أن المجال العام الافتراضي يشكل حيز المشاركة عبر الإنترنت. ويستعرض المحور الثاني لبنية وثقافة المشاركة الافتراضية من خلال الوقوف علي المحددات البنائية التي يتكون في إطارها هذا النمط من المشاركة، ويستعرض أيضا محددات الثقافية لها، مع الوقوف علي بعض ملامح ثقافة المشاركة الافتراضية. بينما يستعرض المحور الثالث أنماط المشاركة الافتراضية وآليات المشاركة عبر الفضاء المعلوماتي. ويستعرض المحور الرابع المشاركة بين السياق الواقعي والافتراضي، ويطرح مبررات المشاركة الافتراضية، وجدلية العلاقة بين المشاركة الواقعية والافتراضية. وفي النهاية يتم طرح رؤية مستقبلية تتحدد من خلالها بعض مطالب تحقيق مشاركة مستقبلية واعية عبر الإنترنت. أولا: مفهوم المشاركة علي خلفية المجال العام الافتراضي. إذا كان المجال العام الواقعي يشكل بوابة للمشاركة في تفاعلات متباينة الاتساق والقوة فإن الإنترنت قد شكل جال عاما جديدا وهو المجال العام الافتراضي virtual public sphere ولقد طرح يونج (Young 2005) إلي أن نمط الاتصال المتوفر من خلال الإنترنت شكل فضاءا جديدا يمنح الفرصة أمام تشكيل مجال عام، وعبر عنه علي أنه مجال يعتمد علي التبادل المجاني للأفكار والآراء بين المواطنين ويلعب دورا في هدم الأنظمة المغلقة. وفي موضع آخر يعرفه يونج أنه فضاء عام طبيعي ورمزي مكون من اتصال اجتماعي مركب يفتح المجال أمام قمع النظم الاجتماعية التقليدية ويتصف بأنه مجال تفاعلي يعتمد علي المشاركة (1). إن المجال العام عبر الإنترنت هو مجال محكوم بالصور Image ويتحرك بحقيقة وهي المعرفة، حيث تتحدد المشاركة في إطاره بقوة المعرفة وليس بعلاقات القوة، ويصبح المصدر الرئيسي لشرعية المجال العام الافتراضي هو الإحساس بالجماعة، في حين أن شرعية المجال العام الواقعية كانت تستمد من الهيبة أو مكانة الشخص وأهميته. فالمجال العام الافتراضي علي حسب تعريف مايس Warren Mayes، ( 2009) فضاء طبيعي يحدث داخله تفاعل عام تترك فيه الناس مصالحهم الخاصة وينشغلوا بالقضايا ذات الطابع الاجتماعي العام، يسهل النفاذ إليه " (2). ولقد أشارت رايسزZize Rissi (2002) إلي أن الإنترنت ساعد في تشكيل المجال العام البديل الذي يضم الأفراد الخارجين عن علاقات القوة والمهمشين والمقصود هنا بالمهمشين هم الأفراد الذين لم تمكنهم امتيازاتهم من المشاركة في المجال العام الواقعي. ويتناسب ذلك مع ما طرحه Habrmass من أن المجال العام هو سعي مأسوي لرشد شبه مستحيل (3). يتضح من ذلك أن الانترنت قدم ميزة نسبية للأفراد الذين يمتلكون المعرفة من المشاركة في تفاعلات المجال العام الجديد الذي يتيح أعمق سبيل إلي المشاركة بمفهومها الواسع. ويمكن تحديد مفهوم المشاركة الافتراضية التي تتم في سياقات المجال العام الافتراضي كما حددها كل من جاري روبنس ويوشي كاشيما Garry Robins، Yoshikashima،علي أنها مشاركة تتم عبر البناء الشبكي، والذي يتمثل في مجموعة من الحزم الاجتماعية التي تتمثل في الأفراد أو الجماعات أو كيانات مثل الشركات والمؤسسات، ويمثل البناء الشبكي الرابط بين الأفراد والمجموعات (4) من هنا يتضح أن المشاركة في السياق الافتراضي هي تفاعل بين الأفراد أو المجموعات يتم من خلال وسيط الإنترنت وعبر المجال العام الافتراضي لمناقشة قضايا ذات طابع شخصي أو اجتماعي، يتمخض عنها منفعة للأفراد أو الجماعات. ثانيا: بنية المشاركة في المجتمع الافتراضي: إن المشاركة عبر مواقع الشبكات الاجتماعية باتت تشكل منظومة ثقافية متكاملة، إذ أن الإنترنت جعلت المجتمع يتحرك نحو نمط جديد من أنماط الوعي الجماعي، وقد وسع من مفهوم المشاركة، فهناك العشرات من طرق المشاركة عبر الإنترنت منها التعاون والاتصال وإدارة المشروعات والاتصال الجماعي وتجميع المعلومات والأخبار. الخ الميزة النسبية التي يقدمها الإنترنت في المشاركة هي القدرة علي النفاذ والاشتراك لعدد كبير من الناس (5). ويمكن الوقوف في هذا الطرح علي البنية التي تتشكل خلالها المشاركة الافتراضية والمحددات الثقافية التي تتحرك خلالها: 1- بنية المشاركة الافتراضية: إن المشاركة عبارة عن علاقة تفاعلية تتحرك داخل سياقات اجتماعية لها بنية خاصة يمكن الوقوف علي هذه البنية من داخل المجتمع الافتراضي علي النحو التالي: - المعرفة: إذا كانت المعرفة تمثل أساساً للمشاركة في تفاعلات السياقات الواقعية، فهي ضرورة أيضا للمشاركة عبر الإنترنت، وخاصة أن المجتمع الافتراضي يقوم بالدرجة الأولي علي المعرفة، فلا مشاركة بدون معرفة. ولا يقصد بالمعرفة ضرورة الفهم بموضوع الاشتراك فقط ولكن يشمل أيضا معرفة طريقة النفاذ إلي المشاركة مع الآخرين عبر مواقع الشبكات الاجتماعية أو غيرها. خاصة وأن تفاعلات المجتمع الافتراضي بشكل عام هي تفاعلات نخبوية بالأساس، فلا يقوم الاشتراك عبر الإنترنت علي طريقة الحشد التقليدية المعروفة عبر كلاسيكيات علم الاجتماع، ولكنها تقوم علي أساس من المعرفة. - الفعل: إذا كانت المعرفة تشكل البعد الأول للمشاركة في سياقات التفاعلات الافتراضية، فإن الفعل يشكل الركن الثاني المكمل للمعرفة، فلا فعل بدون معرفة، والمعرفة لا ترقي إلي مستوي المشاركة بدون فعل. والمقصود بالفعل هنا هو النشاط الذي يقوم به الشخص المتفاعل، والذي يمتلك القدرة علي النفاذ إلي مواقع التفاعلات للاشتراك في الموضوعات المتباينة للتفاعلات عبر الإنترنت. فإذا وقف المتفاعل علي أعتاب المعرفة فقط لم تكتمل المشاركة. فهناك بعض الأفراد قد يمتلكون آليات المعرفة والنفاذ إلي الشبكة ويقفون عند هذه النقطة دون أن يحولوا المعرفة إلي تلك معرفة بالفعل من خلال عملية المشاركة. - التفاعل: المقصود بالتفاعل هنا هو تبادل المعلومات والمعارف، فتكتمل المشاركة بتحويل الفعل أو النشاط إلي تفاعل، وقد يكون هذا التفاعل مع الأفراد أو يمتد إلي الجماعات، مع الأخذ في الاعتبار أن تفاعلات ومشاركات المجتمع الافتراضي تقوم بالأساس علي مشاركة الاهتمامات. 2- المحددات الثقافية للمشاركة الافتراضية: تتشكل المشاركة الافتراضية عبر ثقافة الإنترنت، وقد وضعت Bueby، Gldschald مجموعة من المحددات للمشاركة عبر الإنترنت يمكن التركيز علي بعضها في السياق التالي(6): أـ الأهداف: أتاح الإنترنت فرص جمة للمشاركة في تحقيق الأهداف المجتمعية بشكل عام إذ أتاح الفرصة أمام المواطنين إلي التأثير علي التخطيط واتخاذ القرارات، وذلك من منطلق أن الإنترنت أداة اتصال بين الحكومة والمواطنين. فالمشاركة عبر السياقات الافتراضية تسمح للأفراد للتعلق علي الخطط والقرارات وإرسال التعليقات بما قد يسهم في تدعيم التفاعل النوعي بين الحكومة والمواطنين، مع الأخذ في الاعتبار أن تلك المشاركة تتوقف علي المرونة المتشكلة بين طرفي الحوار. ب ـ التوقيت: الفكرة الأساسية للتوقيت تتمثل في أن التفاعلات التي تتم عبر المشاركة الالكترونية تتم بشكل فوري، فالمشاركة المتصلة يتم فيها التفاعل بين الأطراف المختلفة قبل اتخاذ القرارات وبعدها. فتفاعلات الإنترنت ليست جميعها تفاعلات مؤجلة لأنها تواكب الأحداث والقرارات. ج - ويضيف الباحث في هذا الصدد رد الفعل، علي اعتبار أنه يمثل مرجعية التفاعل والمشاركة، بمعني أن المشاركة لابد أن تعود بنفع علي المشاركين حتي لو تمثل هذا النفع في تمضية الوقت فيمثل ذلك في حد ذاته مكسبا للمشاركة. وتجدر الإشارة إلي أن ثقافة المشاركة عبر الإنترنت يمكن وصفها بعدد من السمات يمكن الوقوف علي بعضها في السياق التالي: - ثقافة المشاركة الافتراضية نخبوية: يدرك المتأمل لواقع المشاركة في أبعادها المختلفة أنها تحتاج إلي طبيعة معينة في التفاعل تختلف عن التفاعلات الواقعية. فهي ثقافة نخبوية تحتاج إلي قدر من المعرفة والتعليم في النفاذ والتعامل مع المتغيرات المختلفة في إطار تفاعلات الإنترنت. - ثقافة المشاركة متعدية القومية: المتعارف عليه أن الثقافة وليدة المجتمع الذي تتشكل في إطاره. وعلي هذا الأساس فإذا كان من الطبيعي الوقوف علي ملامح محددة للثقافة في إطار القومية، فمن الصعب الوقوف علي تحديد دقيق للثقافة في إطار المجتمع الافتراضي كونها ثقافة متعدية القومية تجمع بين ثقافات متعددة.فهي ليست ثقافة متجانسة، بل هي منظومة ثقافية تتشكل من ثقافة المتفاعلين الذين قد لا يجمعهم هوية أو إطار ثقافي مشترك. لذلك فإن ثقافة المشاركة عبارة عن تهجين ثقافي يتسم بالتنوع وعدم التجانس، فهي ثقافة عابرة للهوية وعابرة للقومية. - ثقافة المشاركة سيسيوتقنية: فهي ثقافة تجمع في طياتها بين ما هو ثقافي علي مستوي التفاعل وبين ما هو تكنولوجي علي مستوي الوسائط. ثالثا: أنماط وآليات المشاركة الافتراضية يدرك المتأمل لواقع المشاركة علي الأصعدة الافتراضية والواقعية أنها تتحرك علي خريطة من الأنماط، وعبر مجموعة من الآليات والوسائل والتي يمكن الوقوف عليها في السياق التالي. 1ـ تنميط المشاركة الافتراضية: يمكن تنميط المشاركة عبر الإنترنت إلي مجموعة متنوعة من الأشكال، مع الأخذ في الاعتبار أن أنماط المشاركة في التفاعلات الواقعية ذات أبعاد متعددة فإن نظيرتها علي المستوي الافتراضي لها تنويعاتها أيضا. وفي هذا الصدد يمكن للباحث أن ينمط المشاركة في عدد من الأبعاد علي النحو التالي: أ- من حيث مستوي التفاعل: يمكن تنميط المشاركة الافتراضية من حيث مستوي التفاعل كما حددها كل من جاري روبنز ويوشي كاشيما Garry Robins، Yoshikashima إلي نمطين يتمثل الأول في البناء الشبكي العالمي، والمتمثل في بنية تفاعلية عالمية تتضمن موضوعات ذات مجال عالمي لا تخص جماعة إثنية أو أقلية معينة ولكن تنصهر كل الأقليات والتباينات الثقافية داخل بوتقة التفاعل العالمي للشبكة. والثاني يتمثل في البناء المحلي للشبكات الاجتماعية، وهنا تظهر دور الجماعات المحلية التي خلقت لنفسها وحدات داخل التفاعلات العالمية، والتي يتمحور التركيز فيها علي الموضوعات والسياسات المحلية أو التي تخص جماعات بذاتها في إطار اهتمام داخلي، وتخضع البنية الشبكية في هذا المحتوي لتجانس ثقافي إلي حد كبير (7) ب ـ من حيث محتوي المشاركة: يمكن في هذا الإطار تقسيم المشاركة عبر الإنترنت إلي مشاركة اجتماعية، وينصب محور الاهتمام فيها علي القضايا ذات الطابع الاجتماعي مثل التعارف وتكوين الصداقات ومشاركة الاهتمامات الاجتماعية والمشاركات الأسرية، حيث فتح الإنترنت مجالا للتفاعلات الأسرية خاصة في حالة البعد الجغرافي أو السفر لأحد أفراد الأسرة. وقد تمتد التفاعلات الاجتماعية إلي تفاعلات علي مستوي السياق القومي وقد تنحصر في بؤرة السياقات الأسرية. وهناك المشاركة السياسية، حيث فتح الإنترنت مجالا جديد للمشاركة السياسية والمتأمل في واقع الإنترنت يدرك أن الشبكات الاجتماعية ومواقعها أضحت بوابة للتفاعلات السياسية وعرض البرامج الانتخابية والتصويت علي بعض استطلاعات الرأي وغيرها من القضايا ذات البعد السياسي. وهناك المشاركة الاقتصادية، فلقد فتح الإنترنت مجالا لأصحاب الأعمال والشركات للتفاعل عبر سياقات المجتمع الافتراضي بما يسهم في تجسير الفوارق المكانية والجغرافية أمام رجال الأعمال وفتح قنوات للاستفادة من التجارب الاقتصادية عبر مواقع الشبكات. جـ ـ من حيث ديمومة المشاركة: يمكن تقسيم هذا البعد إلي قسمين يتعلق الأول بالمشاركات المستمرة، حيث هناك تفاعلات تتميز بالديمومة في النواحي الاجتماعية أو الثقافية أو السياسية وغيرها، والقصد هنا يتمثل في أن المشاركة لها بعد طولي مستمر باستمرار الاهتمامات التي تجمع أصحابها. وهناك نمط من المشاركات يمكن أن تسميته بالمشاركات المتقطعة، وهذا النمط يتواصل مع موضوعات الاهتمامات المتباينة، ولكن بشكل غير دوري. فقد تكون المشاركة متقطعة لاعتبارات خاصة بالفرد أو بموضوعات التفاعل التي يشارك فيها. 2ـ وسائل المشاركة الافتراضية: وتتعدد وسائل المشاركة في السياق الافتراضي ولعل الشبكات الاجتماعية باتت تشكل بوابة عبور لمشاركات فاعلة في السياق الافتراضي. وهذا ما دعا أوجز Swite (2009) إلي اعتبار الشبكات الاجتماعية منظمة عصرانية غيرت في أسلوب الحياة من حيث الأسلوب والإدارة والممارسة " (8). وتتعدد الخدمات التي تبثها الشبكات الاجتماعية، والدلائل علي مدي العموم والانتشار من حيث أعداد الشبكات أو المستخدمين يؤكد علي أنها تقدم خدمات تستدعي الاهتمام ومن أبرز الخدمات التي تقدمها الشبكات الاجتماعية في سبيل المشاركة تتمثل في الملفات الشخصية أو صفحات الويب، هي ملفات تمكِّن من خلالها الفرد من كتابة بياناته الأساسية مثل الاسم والسن وتاريخ الميلاد والبلد والاهتمامات والصور الشخصية، ويعد الملف الشخصي هو بوابة الوصول إلي عالم الشخص. وتكوين الصداقات أو العلاقات، وهي خدمة تمكن الفرد من الاتصال بالأصدقاء الذي يعرفهم في الواقع، أو الذين يشاركونه نفس الاهتمام في المجتمع الافتراضي. وتمتد علاقة الشخص ليس فقط بأصدقائه، ولكن تفتح الشبكات الاجتماعية فرصة للتعارف مع أصدقاء الأصدقاء بعد موافقة الطرفين، وإرسال الرسائل: تسمح هذه الخدمة بإرسال الرسائل، وسواء إلي الأصدقاء الذين في قائمة الشخص، أو غير الموجودين في القائمة.كما أن الشبكات الاجتماعية فرص تكوين مجموعات الاهتمام، حيث يمكن إنشاء مجموعة بهدف معين أو أهداف محددة، ليوفر موقع الشبكات لمؤسس المجموعة أو المنتسبين والمهتمين بها مساحة من الحرية أشبه بمنتدي حوار مصغر، كما تتيح فرصة التنسيق بين الأعضاء في الاجتماعات ودعوة الأعضاء لتلك المجموعات، ومعرفة عدد الحاضرين وأعداد غير الحاضرين (9). وتتعدد آليات التواصل لبناء المشاركات الفاعلة داخل السياقات الافتراضية من خلال ما يقدمه الإنترنت من خدمات للتواصل، منها خدمة الدردشة الجماعية Chat وتعتبر هذه الدردشة من أبرز الخدمات الافتراضية فهي أقوي الوسائل التي تستخدم في تشكيل العلاقات الاجتماعية الافتراضية العابرة للحدود. وترجع البدايات لاستخدام الدردشة عبر الإنترنت إلي عام 1988، فقد ابتدع الطالب الفنلندي جاركو Jarklso Aikerinen نظام الدردشة علي الإنترنت بحيث يمكن ذلك الناس من الاتصال عن بعد عبر الإنترنت، وكان ذلك بمثابة مدخل إلي تكوين علاقات اجتماعية ومشاركات عالمية أخذ بناؤها في التطور. وتتسم هذه الخدمة بالمرونة وذلك لأنها تتيح للفرد التحدث بطريقة مباشرة On line مع مجموعة من الأشخاص في نفس الوقت. ومن الآليات أيضا المحادثة Talks وهي من الخدمات الافتراضية التي تقدم من خلال الإنترنت، فهي تسمح بربط الحواسيب علي الإنترنت مع بعضها بعضا ثم كتابة رسائل من شخص إلي شخص آخر عندما يحدث هذا النوع من الاتصال فإن المتفاعلين عبر هذه الطريقة يكتبون رسائل ثم يقوم الآخر باستقبالها كما لو أنها تكتب أمامه وهذا ما يحاول الباحث إلقاء الضوء عليه، حيث أن هذه الخدمة تمكن الفرد من التحدث مع أي شخص علي وجه الأرض دون مقابل مادي، وقد تطورت هذه الخدمة لتسمح بتفاعلات عن طريق كاميرا الوجه بالوجه. وتعد القوائم البريدية Mailing list : بوابة للمشاركة أيضا وهي عبارة عن نظام مجهز بحيث يسمح بتكوين مجموعات من المستخدمين يمكن إرسال رسائل إليهم واستقبال رسائل منهم تتعلق هذه الرسائل بموضوع محدد. والمجموعات الإخبارية News Groups حيث يحيا داخل بوتقة الإنترنت آلاف من المجموعات الإخبارية مصنفة في مجموعات مختلفة تغطي تقريباً جميع مجالات المعرفة بحيث يستطيع الفرد الدخول إليها لطلب أي شئ، فهناك ما يزيد علي عشرات الآلاف من المجموعة الإخبارية مسجلة علي الإنترنت ويضاف إليها المزيد من المجموعات الإخبارية الجديدة علي فترات متقاربة، وهي نظام يتألف من آلاف اللوحات من النشرات الموزعة التي تتناول موضوعاً معيناً، ويتم تنظيم هذه المجموعات تنظيماً متسلسلاً حسب الموضوعات التي تناقشها حيث يكتب التوصيف العام لموضوع البحث في بداية اسم المجموعة ثم يليه أسماء الموضوعات الفرعية متدرجة التخصص، فمنها موضوعات خاصة بالتقنية وموضوعات اجتماعية وإخبارية وسياسية وثقافية وتقنية وغيرها من موضوعات الاهتمامات المتباينة (10). رابعا: المشاركة بين الواقعي والافتراضي: يمكن الاعتماد في هذا العنصر علي فرضية مؤداها أن المشاركة تتحرك علي طرفين أولهما هو السياق الواقعي والطرف الآخر هو السياق الافتراضي، إذ أن المشاركة الافتراضية لا تتحرك في سياق معزول عن المشاركات الواقعية وفي هذا الصدد يمكن الوقوف علي مبررات المشاركة داخل السياقات الافتراضية وجدلية العلاقة بين ما هو واقعي وما هو افتراضي في إطار المشاركة. 1- مبررات المشاركة الافتراضية: إن المشاركة بشكل عام تحركها دوافع أشهرها هو المنفعة أو المصلحة، استنادا إلي مقولة براون في أن المصلحة هي كل سلوك هادف وقد تتحرك من أجل المشاركة ذاتها علي خريطة التفاعلات الواقعية. فالبعد الاجتماعي للمشاركة في الواقع سواء كانت هذه المشاركة علي مستوي التفاعلات الضيقة أو المستويات الأوسع علي مستوي المجتمع الأكبر هناك ما يبررها. ولقد تمخض عن الإنترنت علاقات ومشاركات لها ما يبررها وانتشرت عبر الفضاء المعلوماتي لتوافر عدد من المقومات يمكن إيجازها في السياق التالي: - الحرية: لقد فتحت الإنترنت مجالا للحرية يعبر من خلاله إلي تفاعلات قد يجد لها الأفراد أو الجماعات محاذير لها في الواقع. فعنصر الحرية شكل مبرر للتفاعل خارج القيود والأطر التقليدية للمشاركة. والمتأمل واقع الشبكات الاجتماعية يجدها تزدحم بالعديد من التفاعلات، والتي قد لا يستطيع بعض الأفراد الخوض فيها داخل السياقات الواقعية. فعنصر الحرية يعد من أكبر المبررات للمشاركة عبر الانترنت. - مشاركة الاهتمامات: تنطبق هذه الوسيلة علي ما هو واقعي وما هو افتراضي. فالأفراد لا يشاركون بإيجابية في تفاعل لا يتواكب مع اهتماماتهم. والمجتمع الافتراضي يستند بالأساس إلي هذه الفرضية بشكل أساسي بما قد يمثل ذلك مبررا للاشتراك في تفاعلات يجد الفرد قبولا لها. وتجدر الإشارة إلي أن المشاركة مع أفراد يشتركون في نفس موضوعات الاهتمام عبر الإنترنت هي فرصة سانحة لمن يمتلكون القدرة علي التفاعل عبر الانترنت علي تحقيق مشاركة فاعلة. 2- جدلية العلاقة بين المشاركة الواقعية والافتراضي. هناك فرضية أساسية نسلم بها في بداية هذا العنصر هي أنه ليس المراد هو عقد مقارنة بين المشاركة الافتراضية والواقعية أو لبحث أيهما يحل محل الآخر وذلك لان كليهما يمثل واقعا يتفاعل الأفراد والجماعات علي خلفيته. ورغم ذلك إلا أن الجدل يحتدم بين المشاركة علي الصعيد الواقعي والافتراضي. ويمكن في هذا الصدد الوقوف علي وجهتي للنظر تتمثل الأولي في نظرة تشاؤمية مؤداها أن انتشار المشاركة عبر الإنترنت تساهم في تفكك العلاقات علي مستوي التفاعل الواقعي بين الأفراد والجماعات، بينما تطرح وجهة النظر الأخري نظرة تفاؤلية مؤداها أن علاقات الإنترنت والمشاركة عبر الفضاء المعلوماتي تزيد من الأرصدة الاجتماعية للأفراد والجماعات، بما قد يساعد علي خلق رأس مال اجتماعي يتأرجح مداه من السياقات الافتراضية إلي الواقعية. وتجدر الإشارة إلي أن الورقة تتبني اتجاها معتدلا يري أن المشاركة الافتراضية تتكامل مع المشاركة الواقعية خاصة وأن المشاركة الافتراضية باتت واقع يشترك فيه ملايين البشر عبر مواقع الشبكات الاجتماعية وغيرها. وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها، ولكن علي مستوياتنا العربية نحن في حاجة إلي تنمية ثقافة المشاركة الإيجابية عبر الواقع و الإنترنت من أجل تحقيق منافع تنموية واجتماعية. رؤية مستقبلية: يدرك المتابع لواقع مستخدمي الإنترنت أن هناك تزايدا في الإقبال علي المشاركة بأشكالها وسبلها المختلفة، وهنا تتأرجح التوقعات المستقبلية للمشاركة عبر سياقات المجتمع الافتراضي بين الإيجابية والسلبية. فأما الايجابية فتتمثل في إتاحة الفرصة أمام تنوع ثقافي خلاق واستثمار المعلومات علي نحو يمكن من خلاله تحقيق مكاسب فردية واجتماعية. وأما السلبية فتتمثل في استغلال المشاركة الافتراضية في أعمال العنف والإرهاب والجريمة، خاصة وأن هذه الظواهر السلبية وجدت لها سبيلا عبر الانترنت (11). وثمة نقطة جديرة بالاهتمام في هذا السياق تتمثل في الحاجة إلي دعم مطالب المشاركة عبر الإنترنت وثقافتها بشكل إيجابي علي مستوي مجتمعاتنا العربية. فالواقع يشير إلي مشكلة مؤداها أن ثقافة الإنترنت تنمو علي نحو متسارع مقارنة بالواقع الاجتماعي المعاش، من هنا تقع مسئولية ضبط إيقاع التوازن بين ما هو واقعي وما هو افتراضي ذ فيما يتعلق بالمشاركة - علي مؤسسات التنشئة الاجتماعية المختلفة وعلي رأسها ثلاثية (الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام) بما قد يسهم في بلورة ثقافة ايجابية لمشاركة واعية عبر الإنترنت تمنح فرص مستقبلية يعود صداها علي الأفراد والجماعات. المراجع: 1-Chang woo Young, the internet, alternative public sphere and political dynamism: Korea s non- gaek (polemist) websites, the pacific review, vol 81, no3 September, 2005، p396-399. 2- Wareeen Paulmayes, unsettled post ذ revolutionaries in the on line public sphere, journal of social issues in south east Asia, vol 24، no 1، 2009، p 89- 121. 3- Zizi Papache rissi, the virtual sphere, the internet as a public sphere, new media and society, vol 4, no1, 2002, p15-18. 4- Garry Robins، Yoshikashima، social psychology and social networks: Individuals and social systems، Asian journal of social psychology، vol 11، Black well publication، 2008، p 5- 6 5- Rise of the participation culture، 2006،p 20، available at www.wsjb.com/RPC/20061125_RPC.pdf 6- Robert c.goodspeed، citizen participation and the internet in urban planning، final paper urben studies and planning program university of Maryland for the degree of master of communication planning، 9 may، 2008goodspeedupdate.com/.../goodspeed-internetparticipation.pdf 7- Garry Robins، Yoshikashima، social psychology and social networks: Individuals and social systems، o.p، cit. 8- O.C.Mcswete، the challenge of social networks، Administrative theory and praxis، vol 13، issue 1، march، 2009، p 95-96. 9- مواقع الشبكات الاجتماعية وطريقة عملها، وحدة المعرفة، جوجل 2009متاحة في: واقع - الشبكات - الاجتماعية - وطريقة عملهاhttp://knol.google.com 10- فهمي محمود طلبة وآخرون - الإنترنت طريق المعلومات السريع - مجموعة كتب دلتاذ بدون سنة نشر ص 30- ص33 11-Rise of the participation culture،op. cit. | |
|