مراحل تطور النقود في دولة الإمارات العربية المتحدة
مر تاريخ النقد في دولة الإمارات العربية المتحدة بعدة مراحل حاله كحال بقية عملات الدول العالم الأخرى، وقد تم تقسيم هذه المراحل في دولة الإمارات إلى مرحلتين:
الأولى: وهي المرحلة التى سبقت قيام الاتحاد، والتي شهدت تنوعاً كبيراً فى العملات.
المرحلة الثانية: فكانت بعد قيام الاتحاد بين الإمارات والوصول إلى المرحلة النهائية، وهي المرحلة الحالية وذلك بقيام “المصرف المركزي” في دولة الإمارات العربية المتحدة بإصدار درهـم الإمارات.
وتعتبر المرحلة الأولى مرحلة تنوعت فيها العملات التي استخدمتها الإمارات العربية المتحدة، والسبب في ذلك يعود إلى كثرة المعاملات والتبادل التجاري في الدولة، ولموقع الإمارات كونها حلقة وصل بين الشرق والغرب والشمال والجنوب، فقد كانت محطة للتجار ومركزاً للتجارة منذ القدم.
ونظراً لحاجة البلاد الماسة إلى وسيلة لتسهيل عملية التجارة والمعاملات فمن الطبيعي أن تكون هناك نقوداً، فتم التعامل بالدنانير والدراهم الأموية كونها جزء من أرض الخلافة، كما تم التعامل بالدنانير والدراهم العباسية ونقود الدويلات المحلية في المنطقة كدولة بنو سامة وبنو وجيه في عمان، وكذلك نقود الدولة البويهية والدراهم الملوية طويلة الاحساء “اللارين”، وبالنقود الفارسية في عهد الدولة الصفوية والقاجارية، وعملات من عهد ماريا تريزا والمعروفة في المنطقة بـ”ريال فرنس” وبيزة برغش وبيزة السلطان فيصل بن تركي العمانيتان، واللتان كانتا تستخدمان كأجزاء لريال ماريا تريزا.
ولكن أكثر النقود شيوعاً في المنطقة كانت هي النقود البريطانية الهندية وذلك منذ إنشاء شركة “الهند الشرقية”، والتي استمر التعامل بها حتى نهاية الاحتلال البريطاني من القارة الهندية في عام 1947، وكذلك بسبب للعلاقات التجارية والاقتصادية التي تربط الامارات بالهند.
روبية خاصة بالخليج
في عام 1950 قررت الحكومة الهندية اصدار نقد خاص سمي بـ”روبية الخليج”، ليستمر التعامل بها حتى العام 1965، ليقرر بعدها البرلمان الهندي سحب “روبية الخليج”، لتصدر الدول عملات خاصة بها حيث صدر ريال دبي، ليتم بعد ذلك في العام 1973 اصدار الدرهم الاتحادي بعد قيام دولة الامارات العربية المتحدة، وهو النقد الوطني الذي لايزال التعامل به.
للنقود الفارسية حقبة
سك حكام هرمز نقوداً غربية الشكل في عاصمتهم لار اطلقوا عليها اسم لارين، وفي عام 1926 قلد السلطان العثماني سليمان القانوني سلاطين هرمز وأمر بسك نقود شبيهة في البصرة وأطلق عليها كذلك اسم لارين، ثم قام السلطان محمد عدلي شاه في كراجي الديبل بضرب نقود مشابهة اللارينات الهرمزية والعثمانية، ونظراً لاستخدام النقود العثمانية وشيوعها، استخدمت اللارينات بأنواعها الثلاثة في جميع دول الخليج العربي منها، موانئ الإمارات ولكن ظل استخدامها مقتصراً على الموانئ البحرية فقط كعملة تجارية بحرية ولم يتم استخدامها في الداخل، ولقرب الامارات من منطقة هرمز وللرابطة التجارية بين موانئ الإمارات وموانئ فارس وكراجي، نجد أن أكثر هذه النقود شيوعاً ما تم سكه في لار بفارس والديبل في باكستان.
ارتبطت الإمارات بعلاقات تجارية واقتصادية مع العديد من المناطق المجاورة ومنها بلاد فارس، وكون أن العلاقة والتبادل التجاري مع الساحل الفارسي أكثر ارتباطاً، لقربها من الموانئ الخليجية، وكذلك انتقال بعض التجار إلى دبي لحسن المعاملة والتسهيلات التجارية والحماية المتوفرة، إضافة لعدم وجود ضرائب مما ساعد هؤلاء التجار على نقل تجارتهم ورؤوس أموالهم، فقاموا بإدخال الوحدات النقدية الفارسية التابعة لحكومة آل قاجار في إيران إلى منطقة الخليج لاستخدامها كوحدات نقدية صغيرة كأجزاء “ريال ماريا تريزا”، وذلك لصعوبة التعامل به لكبر حجمه وارتفاع سعره ولعدم وجود أجزاء صغيرة منه، ما ساعد على انتشار الوحدات الفارسية والفئات التي أدخلت إلى البلاد مثل القران، والشاهي والشرخي.
ريالات نمساوية وفرنسية وبيزة فيصل
ريال ماريا تريزا ملكة المجر والنمسا، كما هو معروف في المنطقة العربية وخاصة منطقة الخليج بالريال الفرنسي وهو في الحقيقة ريال نمساوي، وقد تم التعامل بهذا الريال في الإمارات منذ حوالي 1700 ولغاية 1920 مع الروبية الهندية، وكان يستخدم كحلي لزينة النساء في ذلك الوقت. ونظراً لرابطة الدين والنسب التي تربط أبناء الإمارات وعمان، وكذلك العلاقات والمبادلات التجارية والاقتصادية بين البلدين، قررت الإمارات التعامل ببيزة السلطان برغش، وكذلك بيزة السلطان فيصل بن تركي.
الروبية الأكثر انتشاراً
يرجع الفضل في ادخال الروبية إلى منطقة الخليج العربي والجزيرة العربية لتجارة اللؤلؤ سواء من تجار الإمارات أو التجار الهنود الذين يزورون الإمارات، وذلك لشراء محصول الغواصين من اللؤلؤ في مواسم الغوص، وترتبط الإمارات عامة مع الهند بعلاقات تجارية واقتصادية قديمة، حيث تمكن تجار دبي من الانفتاح على أسواق الهند وشرق أفريقيا وبلاد فارس والبصرة، فكانت الإمارات حلقة وصل ومحطة تجارة الشرق والغرب مما جعل لها مكانة في أسواق العالم. وتلا استخدام الروبية الهندية ظهور نوع جديد من العملة وهو الروبية الهندية البريطانية التي استخدمت في الإمارات رسمياً، وكان هناك أنواع من الروبيات استخدمت وتداولت تباعاً منها، روبية الملك وليام الرابع وروبية الملكة والإمبراطورة فيكتوريا، وقد مرت الروبية الهندية في عهد الملكة والإمبراطورة فيكتوريا بعدة أطوار فيها، وعرفت روبية الملكة فيكتوريا بالروبية الثانية وشاعت تسميتها بروبية أم بنت لوجود صورة الملكة على وجهها، وروبية الملك جورج الخامس وروبية الملك جورج السادس وتم والتي تم تداولها في الإمارات حتى عام 1948 وعرفت محلياً بروبية أم ولد.
وروبية حكومة الهند بعد الاستقلال، وروبية الهند الجديدة والبيزة الجديدة المتداولة وصدرت عند استقلال الهند وجاز تداولها في الإمارات وجاء هذا الإصدار مع جواز التعامل بالقطع السابقة لحين اختفائها من الأسواق حيث أن كل قطعة من القطعة القديمة تدخل البنك لا يعاد صرفها، وبعد أن تقرر سحب روبية الخليج وأجزائها من الإمارات، كان لابد من ايجاد نقد بديل عنها فقررت “إمارة أبو ظبي” التعامل بالدينار البحريني وأجزائه من القطع المعدنية، بينما قررت “إمارة دبي” وبقية الإمارات الأخرى استخدام الريال السعودي الورق، واستخدام القطع المعدنية البحرينية كأجزاء للريال السعودي، وذلك لبضعة أشهر حتى تم إصدار ريال قطر ودبي بعد أن قررت حكومتا دبي وقطر إصدار نقد مشترك.
نهاية المطاف
وفي السادس من شهر حزيران (يونيو) 1966 تم تداول النقد الجديد وهو ريال قطر ودبي، واستمر تداول ريال قطر ودبي في كل من دبي وقطر وبقية الإمارات الأخرى، عدا “إمارة أبوظبي” التي أبقت على تداول الدينار البحريني حتى قيام دولة الإمارات، حيث تم إصدار العملة الوطنية في 19 أيار (مايو) من عام 1973 بموجب القانون الاتحادي رقم 2 والذي قضى حينها بإنشاء “مجلس النقد” والذي قام بإصدار العملة الجديدة وتم الاتفاق على تسميتها بـ”الدرهم” وذلك بعد صدور القانون الاتحادي رقم 10 للعام1980 ليتضمن تنظيم المهنة المصرفية وإنشاء وتحديث جهاز “المصرف المركزي” كسلطة نقدية بديلاً لـ” مجلس الـنـقـد”.