تأثير برامج التخصيصية على الأوضاع الاجتماعية للمرأة العاملة المصرية دراسة حالة للعاملات بالشركة العربية للراديو الترانزيستور والأجهزة الالكترونية تلي مصر NEC
هند فؤاد السيد محمد ابراهيم, ,عين شمس, الآداب علم الاجتماع ,الماجستير 2005
• إشكالية الدراسة:
شهد المجتمع المصري خلال الربع الأخير من القرن الماضي – وما يزال يشهد - تحولات اقتصادية واجتماعية كثيرة، تعدت في مداها وانعكاساتها التغيرات التي شهدها خلال قرون سابقة. ولقد امتدت هذه التحولات لتشمل بنية المجتمع المصري بكل فئاته وطبقاته.
ومن أهم هذه التحولات " تطبيق سياسات الإصلاح الاقتصادي والتكيف الهيكلي الشاملة "، التي أختارها صندوق النقد والبنك الدوليين، وذلك باتفاق " مايو- يوليو 1987"، المُبرم مع الحكومة المصرية، والذي اقتضى إجراء تعديلات شاملة في الاقتصاد المصري.
ومن أهم تلك البرامج " برنامج التخصيصية privatization "، الذي يعني تحول ملكية وإدارة القطاع العام إلي القطاع الخاص. وتؤدي عملية التحول هذه إلي كثير من الآثار السلبية والإيجابية التي تؤثر في العاملين بهذه الشركات، ذكورا كانوا أو إناثا.
ونسعى في هذه الدراسة إلي التعرف على وضع المرأة العاملة المصرية في ظل هذه السياسات، وخاصة بعد تطبيق برنامج التخصيصية.
وتتلخص إشكالية الدراسة في محاولة التعرف على الآثار الواقعة والمحتملة لأحد أهم برامج سياسات الإصلاح الاقتصادي " برنامج التخصيصية " على المرأة العاملة المصرية التي تقوم بدور الإنتاج داخل المصنع أو الشركة.
كما تحاول رصد أهم ملامح برنامج التخصيصية المؤثرة في فرص العمل المتاحة للمرأة سواء من ناحية " الكم " أي حجم هذه الفرص، أو "الكيف" نوعية الفرص.
وتسعى أيضا إلي الكشف عن وضع المرأة العاملة المنتجة في القطاع الخاص المحوّل، وذلك من حيث: " عدد ساعات العمل، وحجم الأجر، والرضا عن العمل فيه، والتسهيلات والخدمات الاجتماعية المقدمة للمرأة ومدى استفادتها منها، وفرص الترقي المتاحة أمامها داخل نطاق العمل، وأساليب تكيفها مع ظروف العمل الجديدة ".
ونحاول أيضا رصد آثار عمل المرأة بالقطاع الخاص المحوّل وظروفه في حياتها الأسرية، ورعاية أبنائها، ومدى تأثرهم بعملها فيه.
• وبناء على ما تقدم، فإن أهداف الدراسة هي:
1- رصد أهم ملامح برنامج التخصيصية المؤثرة على فرص العمل المتاحة أمام المرأة العاملة من حيث " الكم" و"الكيف".
2- التعرف على أوضاع المرأة العاملة في القطاع الخاص المحوّل من حيث ظروف العمل داخله.
3- الكشف عن أهم الآثار التي تنجم عن عمل المرأة في ظل ظروف هذا القطاع على حياتها الأسرية، والتزاماتها نحو زوجها وأبنائها.
4- تحديد رؤية المرأة العاملة لمستقبل عملها في ظل القطاع الخاص.
• ولتحقيق تلك الأهداف، نسعى إلي الإجابة على التساؤلات الآتية:
1. ما ملامح برنامج التخصيصية المؤثرة على حجم ونوع فرص العمل المتاحة أمام المرأة العاملة؟
2. ما ظروف وأوضاع المرأة العاملة في ظل إدارة القطاع الخاص بعد التخصيص؟
3. ما الآثار الاجتماعية والاقتصادية التي تؤثر في حياة المرأة العاملة الأسرية نتيجة عملها في القطاع الخاص؟
4. ما رؤية المرأة العاملة لمستقبل عملها في ظل القطاع الخاص المحوّل، وفي ظل الأوضاع الراهنة؟
• أسلوب الدراسة:
- وتعد الدراسة الراهنة " دراسة وصفية "، اعتمدت على أسلوب " المسح الاجتماعي
الشامل" كأسلوب أساسي لها، طُبق على كل العاملات بخطوط إنتاج الشركة العربية للراديو والترانزيستور والأجهزة الإلكترونية تليمصر NEC، وبلغ عدد العاملات بمصانع الشركة بعد التخصيص 86 عاملة، تم التطبيق على عدد 76 عاملة منهن. وتعد هذه الشركة عينة عمديه من بين الشركات التي تم تطبيق برنامج التخصيصية عليها، وتحولت إلي القطاع الخاص، ولازالت تعمل في نفس نشاطها السابق، ويعمل في خطوط إنتاجها "عمالة نسائية ". ولصغر حجم حالات الدراسة فلا يمكننا تعميم نتائج الدراسة على كل الشركات.
- كما أفدت من أسلوب " دراسة الحالة "، كأسلوب ثانوي لها، من خلال دليل الأستبار المتعمق الذي طبق على عشر من العاملات بالشركة، تم اختيارهن بناء على عدة اعتبارات تركز على التنوع في الظروف الاقتصادية، والاجتماعية لهن ولأسرهن.
• أدوات الدراسة وطرق التحليل:
واستخدم في الدراسة أداتا " الاستبيان – ودليل المقابلة المتعمق "، كما استخدمت برنامج الإحصاء المتقدم SPSS في معالجة البيانات الكمية الناتجة من استمارات الاستبيان. وتم التعامل بالطرق اليدوية البسيطة في معالجة البيانات الكيفية الناتجة من دليل الأستبار المتعمق، وذلك باستخدام "منهج التحليل الكيفي".
• نتائج الدراسة:
وقد خلصت الدراسة إلي نتيجة أساسية هى " أن المرأة العاملة المصرية تعتبر من أشد الفئات تأثرا بتطبيق برنامج التخصيصية على الشركات المصرية ".
- حيث أوضحت النتائج:
1- نقص فرص العمل المتاحة أمام العاملات بعد تطبيق برنامج التخصيصية، نظراً لتفضيل القطاع الخاص المحوّل عمالة الذكور عن عمالة الإناث ( وذلك للتنصل من الالتزامات القانونية والاجتماعية التي تتطلبها تلك العمالة ).
2- ظهور أشكال كثيرة من مظاهر التمييز النوعي ضد المرأة داخل أماكن العمل بالقطاع الخاص المحوّل، تمثلت في: ( تفضيل الذكور عليهن في قيمة الأجر، والحوافز، والترقيات، والمكافآت، وأسلوب معاملة الإناث، وكذلك عدم الاهتمام بجودة وصيانة الخدمات المقدمة للعاملات " كدار الحضانة، وخدمة النقل، والعلاج"، ومحاولات التسريح المتعمد لهن).
3- عدم قدرة المرأة العاملة على حل مشكلاتها أو نيل حقوقها داخل العمل بعد التخصيص، نظرا لعدم وجود قانون يحمي مصالحها، وانعدام دور النقابات العمالية داخل إدارة القطاع الخاص الجديدة , أو لعدم الالتزام بتطبيق القوانين الموجودة.
4- وجود حالة واضحة من عدم الرضا بين العاملات عن عملهن الحالي في ظل إدارة القطاع الخاص المحوّل، وتفضيلهن للقطاع العام السابق، ورغبتهن في عودته مرة أخرى، وإلغاء برنامج التخصيصية.
5- عدم توافر الإحساس بالأمان والاستقرار داخل العمل، وسوء معاملتهن، وقلة الدخل، وإلغاء البدلات المادية، والتحيز المستمر ضدهن، وانخفاض جودة الخدمات الاجتماعية المقدمة لهن، وزيادة ضغط ومجهود العمل بخطوط الإنتاج بدون دخل يعادل هذا المجهود، وإجبارهن على قبول نظام "المعاش المبكر" الذي تفرضه الشركة، تعد من أهم مشكلات المرأة العاملة داخل عملها في القطاع الخاص.
6- تدهور الحالة الصحية والنفسية والاقتصادية والمستوى المعيشي لأسر العاملات بسبب عملهن في القطاع الخاص المحوّل.
7- عجز المرأة العاملة عن التوفيق بين مهام وأعباء العمل المأجور، والتزامات وأعباء عملها المنزلي بصورة تُرضي كافة أفراد أسرتها.
8- ضعف علاقات الود والتفاهم بين أفراد أسرة المرأة العاملة، وزيادة معدلات الخلافات الأسرية بينها وبين زوجها وأبنائها ( نظرا لقلة الدخل وعدم قدرتها على تلبية رغبات ومطالب الأبناء سواء المادية أو الثقافية أو الاجتماعية التي اعتادوا عليها)