التخصص : علم اجتماععدد المساهمات : 1494نقاط : 3052تاريخ التسجيل : 01/01/2010 العمر : 54
موضوع: الاستبعاد الاجتماعي الخميس مارس 12, 2015 3:53 am
الاستبعاد الاجتماعي
بقلم : الأخضر حمونتي
عرفت المجتمعات البشرية تطورات متلاحقة على كل المستويات ، أثرت بشكل واضح على التركيبة الطبقية للسكان ، و على نوعية أنماط عيشها و أساليب تفكيرها و تفاعلاتها مع محيطها الإنساني و المجتمعي ، فاستفحلت ظواهر و مشكلات خطيرة ، رهنت مستقبل الشعوب و الأمم ، وربطته بمدى قدرتها على مواجهتها و التصدي لها ، و إيجاد الحلول الناجعة لتجاوزها . و تتجلى أحد أبرز هذه الظواهر فيما يسمى بالاستبعاد الاجتماعي ، الذي يعتبر آفة من آفات العصر بامتياز ، يلخص كل أشكال و أساليب الميز و التفرقة بين الناس ، سواء من حيث العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الانتماء الطبقي . و المغرب بلدنا العربي الإسلامي المنتمي لدول العالم الثالث ، لم يكن أبداً ليسلم من مثل هذه الآفات المهددة لكيانه ووجوده. فما معنى ظاهرة الاستبعاد الاجتماعي ؟ وما أسبابها ؟ و إلى أي حد يمكن مجابهة انعكاساتها السلبية ؟ . • أسباب الاستبعاد الاجتماعي :
إن ظاهرة الاستبعاد الاجتماعي ٬تولدت نتيجة عدة عوامل أفرزتها معطيات العصر المعقدة ، ونذكر منها على وجه الخصوص مايلي : 1- العوامل الثقافية و الدينية : أ- دور الاختلافات الدينية في استفحال ظاهرة الاستبعاد الاجتماعي : رغم أن الأغلبية الساحقة من المغاربة ٬ عرباً و أمازيغ سنيون ٬ يدينون بمذهب الإمام مالك منذ القرون الأولى للإسلام ٬ تمكنوا من اتقاء النزاعات و الصراعات الدينية٬ كما هو معروف في عدة مذاهب ساد بينها الاختلاف و التباين في ممارسة الشعائر الدينية ٬ وكذا في اجتهادات الفقهاء و العلماء . مما أفرز مجموعات و جماعات تتبادل تهم التكفير ٬ و الخروج عن الدين الصحيح . وهذا على سبيل المثال حال الشيعة و السنة في العراق ٬ كمذهبين متناقضين . ونفس الشيء يقال عن الكاتوليك و البروتستنت ٬ كاتجاهين دينيين متناحرين في المسيحية . هذا إلى جانب تيارات علمانية ليبرالية أو يسارية ٬ تندد بما تسميه الاستغلال السياسي للدين ٬ و تطالب بحرية المعتقد ٬ و نبذ التعصب الذي يطاله . فكل هذه العوامل تجعل عدة مذاهب اليوم أمام نقاشات و اختلافات قد تتطور و تصل إلى مستويات متقدمة من الإستبعاد و التنافر الاجتماعي ٬ إذا لم تتحرك الجهات المعنية . ب- تنوع اللغات و الثقافات : إن التنوع الثقافي داخل المجتمع المغربي ، و تشبث كل فرد بثقافته و انغلاقه عليها ، و امتناعه عن التعامل و التفاعل مع ثقافات أخرى ، تجعله يفر من كل ماهو خارج و غريب عن ثقافته . لأنه مؤمن بأن ثقافته هي التي لها الحق في السيادة على الجميع ، و هذا ما يؤدي إلى السقوط في متاهات الإستبعاد الاجتماعي ، و هو الأمر الحاصل عن بعض التيارات المتعصبة للغة ، سواء العربية أو الأمازيغية أو الحسانية الصحراوية ، و كذا بعض المدافعين عن الفرنسية و الإسبانية أي لغة المستعمر . 2-العوامل السياسية و الاقتصادية : إن الهوة الكبيرة بين الطبقات و الفئات الغنية ،المتوفرة على كل أسباب و وسائل الرفاهية ، و بين نظيراتها الفقيرة التي تعيش كل ألوان الاستغلال و القهر و المعاناة ، تفتح الباب على مصراعيه لاستفحال ظاهرة الاستبعاد الاجتماعي بالمغرب . •فيلات و شقق فاخرة مجهزة ، مقابل أحياء صفيحية، تنعدم فيها أبسط شروط الحياة. • ساعات عمل طويلة و شاقة ، بمصانع أشبه بأسواق النخاسة أي العبيد. • الحاجة إلى إشباع الرغبات و المتطلبات الاقتصادية ، التي يعجز الفرد عن تحقيقها داخل مجتمعه . • تدني مستوى المعيشة وانخفاض القدرة الشرائية ، وما تشكله من عقد نفسية لدى الشخص ، قد تكون أحد العوامل المهمة للوقوع في مستنقعات آفة الاستبعاد . • مظاهرات و احتجاجات يومية ، مطالبة بتحسين الوضع الاجتماعي العام . أوضاع وخدمات اجتماعية منعدمة ومتردية في أحسن الحالات ، مقابل مهرجانات البذخ و تبذير الأموال العمومية • جهلة و أميون يتربعون على كراسي المسؤولية ، في حين يقمع خيرة أبناء هذا الوطن من الدكاترة و الشباب العاطلين عن العمل … هذه فقط بعض المظاهر القليلة للاستبعاد الاجتماعي في المغرب . • انعكاسات الاستبعاد الاجتماعي : من الضروري أن تتمخض عن ظاهرة الاستبعاد الاجتماعي انعكاسات و نتائج ، وهي إما أن تكون مباشرة أو غير مباشرة. 1- الإنعكاسات المباشرة : تشمل كل الأمراض التي يتخبط فيها المجتمع المغربي ، من بطالة و فقر و جهل و تهميش و حرمان في المجالات الحيوية ، كالشغل و الصحة و التعليم …، و إن مثل هذه الانعكاسات المباشرة ، تقضي على كل أمل لدى المواطن في التقدم و التنمية ، و تهدده باليأس و السلبية في التعاطي مع شؤون بلده، و بالتالي لا يدلي بدلوه في أخذ المبادرات و صنع السياسات ، والإستراتيجيات الكفيلة بتطور المغرب . 2- الانعكاسات غير المباشرة : تتجلى على سبيل المثال ، في تفشي الأمراض النفسية و العصبية لدى الإنسان المستبعد اجتماعيا ، نتيجة اليأس و الإحباط الذي يستشعره داخل المجتمع . الشيء الذي يفسح المجال له لارتكاب أفعال و ممارسات قد تكون خطيرة ، كتعاطي الجرائم و المحذرات و الإرهاب . ذلك أن الاستبعاد يجعل الشخص يفكر في الانتقام، و اعتبار غيره المسؤول عما يتخبط فيه من مشاكل و أزمات . مما يولد لديه الكراهية ويغرس فيه نوازع الشر ،ضد كل من يتواجد معه أو يحيط به. • الحلول المقترحة للحد من ظاهرة الاستبعاد الاجتماعي : يبدو أنه أصبح من الضروري تكثيف الجهود ٬ لتطويق ظاهرة الاستبعاد الاجتماعي و الحد من استمرارها ٬ وهذا عبر عدة إجراءات ٬ نذكر منها على سبيل المثال ما يلي : . تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية ٬ الداعية إلى المساواة الاجتماعية و العدل و الإخاء و التضامن. . وضع و تفعيل قوانين زجرية ٬ لمحاربة الكسب غير المشروع و الاستغلال البشع للطبقة العاملة. . منع الامتيازات الممنوحة لأبناء الطبقات الميسورة في كل المجلات ٬ وخاصة تلك المتعلقة بالتشغيل و الصحة ٬ ثم الإفلات من العقاب … .تشجيع النخب الشابة من الفئات الضعيفة ٬ على التعلم و التكوين و دخول غمار المنافسة على تسيير الشؤون العامة ٬ من أجل وضع حد لسيطرة الأغنياء على كراسي المسؤولية في المجالس و المؤسسات المختلفة ( بلديات ٬ برلمان …). .دعم صناديق الحماية الاجتماعية ٬ و خفض أسعار المواد الأساسية حتى تتلاءم مع القدرة الشرائية للمواطن الفقير . . استفادة الفئات المعوزة من التطبيب و الشغل و السكن اللائق ٬ و كل الخدمات الاجتماعية الضرورية . . إنشاء مؤسسات صحية و اجتماعية خاصة بضحايا التهميش و الفقر والإقصاء و الإدمان على المحذرات … ، مع تقديم العلاجات اللازمة المجانية ، من أجل تجاوز معاناتهم النفسية و غيرها . و في الأخير ، تجدر الإشارة إلى صعوبة الإحاطة بكل جوانب هذه الظاهرة الاجتماعية و الخطيرة ، و أتمنى أن يتفوق آخرون من الكتاب ٬ في العمل على تسليط الأضواء عليها أكثر ٬ و جعل القراء يلمون بكل جوانبها
عدل سابقا من قبل باحث اجتماعي في الخميس مايو 07, 2015 11:38 pm عدل 1 مرات
باحث اجتماعي عضو زهبي
التخصص : علم اجتماععدد المساهمات : 1494نقاط : 3052تاريخ التسجيل : 01/01/2010 العمر : 54
موضوع: رد: الاستبعاد الاجتماعي الخميس مارس 12, 2015 3:55 am
عدن حرة / متابعات :
في دراسة بعنوان الاستبعاد الاجتماعي للنساء في عدن (تعزيز الاستجابة لتمكين النساء في عدن)مقدمه من المؤسسة اليمنية للدراسات الاجتماعية قام بها الدكتور / توفيق مجاهد سالم رئيس قسم الفلسفة في كلية الاداب جامعة عدن , تناولت الدراسة التي جاءت على فصلين جاء في الفصل الاول منها مشكلة الدراسة وإطارها النظري جاء فيه مشكلة الدراسة ومبرراتها وأهميتها وأهدافها ,المفاهيم الاساسية والمنهج التي تناولته الدراسة , وجاء في الفصل الثاني بعنوان الاستبعاد والتمكين للنساء في عدن:دراسة نظرية جاء فيه اوضاع النساء في عدن خلال المرحلة الاخيرة من الادارة البريطانية لعدن من 1947/1967م , وحالة الاستبعاد ودرجة التمكين للنساء في اليمن الديمقراطيه 1967/ 1990م وحالة الاستبعاد ودرجة التمكين للنساء في ظل الوحدة 1990/2012م . شملت الدراسة عينة 1200 استمارة استبيان موزعة على 900 امرأة و120 رجل في ست مديريات مختلفة من محافظة عدن أما عن تحليل هذه الدراسة لنتائج البحث الميداني ومؤشراته الرقمية , سوف نلخص نتائجها بالتالي:ـ أولاً:ـ في مجال الاستبعاد الاجتماعي. أفضت نتائج الدراسة الميدانية وتحليل البيانات الرقمية لمؤشرات الاستبعاد الاجتماعي , إلى الكشف عن مظهرين متباينين في مجتمع الدراسة , حول هذا الموضوع. المظهر الأول. يتعلق بمؤشرات الاستبعاد والتأكيد عليها من طرف العينات المبحوثة في هذه الدراسة, والمجال الخاص لظهور هذه المؤشرات الاستعبادية للنساء في عدن , هو الفضاء الاجتماعي الخارجي , حيث تكشف الدراسة الميدانية عن وجود تحول واضح في السياق الاجتماعي والثقافي السائد في المجتمع العدني , أدى إلى تحول كبير في مواقف واتجاهات العديد من افراد المجتمع تجاه المرأة , بطريقة أدت, كما لاحظنا, إلى تزايد نسبة القيود التي يفرضها المجتمع على المرأة وتمنعها من ممارسة بعض الأنشطة الاجتماعية والترفيهية بمفردها.
المظهر الثاني:ـ يتجلى من خلال ميل المؤشرات الخاصة بالاستبعاد إلى التراجع بشدة, مع ارتفاع نسبة التقدير لمؤشرات التمكين للمرأة, أما عن المجال الذي يتجلى خلاله هذه المظهر, فهو كما لاحظنا, المجال الخاص بالمرأة, أي مجال الأسرة وليس العالم الخارجي. حيث ما تزال المرأة في نطاق الأسرة تتمتع بكافة حقوق المشاركة, وفي هذا المجال, تكاد ظواهر التمييز والاقصاء أو التهميش ضد المرأة, على أساس النوع, أن تختفي من مشهد العلاقات الاجتماعية السائدة على مستوى الأسرة.
ـ أهم العوامل التي ساهمت في ظهور الاستبعاد الاجتماعي للنساء.
في ضوء نتائج الدراسة الميدانية, وما تناولته الدراسة في سياق تحليلها لهذه المشكلة يمكن الإشارة إلى:ـ 1ـ غياب الخدمات الاساسية التي تمنح النساء فرص المشاركة في الانشطة الاجتماعية, على مستوى الأحياء السكنية وعلى مستوى المحافظة, مثل الحدائق العامة, مؤسسات الرعاية الاجتماعية, والتعليمية, الأسواق, المراكز الثقافية والرياضية. إلخ. 2 ـ الشعور المتزايد لدى النساء, بأنهن لا يتلقن أي دعم أو مساندة تناصرهن في مطالبهن المتعلقة بالحفاظ على تلك المكاسب التي تحققت لهن في الفترات السابقة. 3 ـ تنامي ظاهرات التعدي على النساء في الأماكن العامة وعلى مستوى الأسواق والاحياء السكنية, في ظل تزايد الدعاوي المناهضة للمرأة من بعض الجماعات الأصولية المتطرفة. 4 ـ تدهور الوضع الأمني في عدن, التي لم تعرف في تاريخها سوى الأمن والأمان, تسبب بمزيد من تخلي النساء عن دورهن ومشاركتهن في الانشطة الاجتماعية المختلفة. ثانياً:ـ في مجال الاستبعاد الاقتصادي. جاءت نتائج الدراسة الميدانية, وكذلك تحليلنا للبيانات الخاصة بمؤشرات الاستبعاد الاقتصادي مؤكدة في العديد من معطياتها الرقمية على تلك القضايا التي تناولتها الدراسة في سياق بحثها في أوضاع المرأة في عدن خلال فترة ما بعد الوحدة. حيث بينت مختلف مؤشرات الاستبعاد الاقتصادي, على تزايد أعداد النساء غير النشطات اقتصادياً, على الرغم مما أظهرته المؤشرات المتعلقة برغبة المرأة في عدن بالمشاركة في مجال الانشطة الاقتصادية الحرة, في ظل غياب فرص التوظيف للمرأة في القطاعات الاقتصادية الرسمية والخاصة, بسبب الوضع الاقتصادي العام الذي تعيشه هذه المدينة, التي أعلنت عشية الوحدة بأنه العاصمة الاقتصادية.
ثالثاً:ـ على المستويين السياسي والثقافي.
اتضح من خلال متابعة وتحليل البيانات الرقمية ونسبها التأشيرية, أن أوضاع النساء في عدن, في ظل ظروف ما بعد حرب 94م قد تراجعت على المستويات كافة, متأثرةً بالنتائج السلبية الكبيرة , خلفتها وما تزال ظروف ما بعد الحرب, التي ترافقت مع غياب إي دور حقيقي مساند لقضايا المرأة الحقوقية والسياسية, وهو ما أدى إلى تعزيز مظاهر وآليات الاستبعاد السياسي ضد المرأة, وما زاد من سوء الوضع الاستبعادي للنساء من ميادين ودوائر صنع القرار كما بينت الدراسة هذا الأمر, هو توجه أعداد كبيرة من النساء إلى اختيار الاستبعاد الإرادي , والذي ظهرت مؤشراته الكبيرة من خلال نتائج الدراسة الميدانية والبيانات الرقمية للمؤشرات الخاصة بعضوية العينات المبحوثة في الاحزاب السياسية التي كشفت عن عزوف شديد للمرأة عن الانخراط في عضوية الأحزاب السياسية, وعدم مشاركتها في الانتخابات المحلية والبرلمانية والرئاسية, فضلاً عن عزوفها من التوجه للتقييد اسمها في سجل الانتخابات أو استخراج البطاقات الانتخابية, وما إلى ذلك من مظاهر وتجليات الاستبعاد السياسي للنساء بشكليه القهري والإرادي.
ـ توصيات ختامية. ـ تعزيز الوعي القانوني والحقوقي لدى المرأة من خلال تشجيع مختلف الهيئات ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات النسوية للقيام بالدراسات والندوات والورش والدورات التدريبية للنساء في مختلف القضايا القانونية وحقوق الإنسان. إلخ.
ـ ضرورة قيام وسائل الاعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة بدور أكبر في مناصرة قضايا المرأة , والتصدي لمختلف أشكال الخطاب التقليدي المتشدد والمعادي لقضايا المرأة الحقوقية.
ـ دعوة منظمات المجتمع المدني, والمؤسسات البحثية المختلفة بضرورة القيام بدور أكبر في دراسة قضايا المرأة في عدن. ـ تعزيز دور المنظمات النسوية الرسمية والمدنية والحزبية, للعمل بين أوساط النساء في عدن, بقصد تشجيعهن على الانخراط في مختلف الأنشطة الاجتماعية والسياسية.
ـ ضرورة تضافر جهود مختلف الهيئات الرسمية والشعبية , ومنظمات المجتمع المدني والنساء بشكل خاص, من أجل ضمان تمثيل عادل للمرأة في الهيئات البرلمانية ودوائر صنع القرار السياسي بما لا يقل عن 30%.
ـ ضرورة تضافر الجهود المشتركة بين مختلف المكونات المجتمعية في عدن, لمواجهة بعض الأفكار والسلوكيات الصادرة من بعض الأفراد والجماعات المتطرفة , للحد من ممارساتها العدائية تجاه المرأة, حيث باتت العديد من النساء والفتيات عرضة لأشكال من العنف اللفظي والجسدي , والنفسي , من قبل هذه الجماعات في العديد من أحياء وشوارع عدن.
ـ أخيراً دعوة لنساء عدن على نحو خاص, بأهمية تضافر جهود كل النساء في عدن, للحفاظ على الهوية الثقافية والرمزية للمرأة العدنية, من خلال التفكير بأهمية الحفاظ على الأزياء الخاصة بالمرأة العدنية, وعدم السماح باستبعاد نساء عدن من داخل هويتهن الرمزية المعروفة بالشيدر العدني, أو اللهجة العدنية الأصيلة ..إلخ.
باحث اجتماعي عضو زهبي
التخصص : علم اجتماععدد المساهمات : 1494نقاط : 3052تاريخ التسجيل : 01/01/2010 العمر : 54
موضوع: رد: الاستبعاد الاجتماعي الخميس مارس 12, 2015 3:56 am
من التخفيف من الفقر والبطالة إلى مواجهة الاستبعاد الاجتماعي (3) د. محمد الميتمي
أ.د/ محمد الميتمي
ربما قد يرى البعض أن لا حاجة لنا بقياس مظاهر الاستبعاد، إذ يكفي التجول في أنحاء مدن اليمن وأريافها لترى البؤس والمعاناة الإنسانية الدرامية لملايين البشر التي ولّدها هذا الاستبعاد، ويكفي أن ننظر في عيون الأطفال والنساء والمهمشين الذي لا يحصى عدد هموهم يفترشون الشوارع والطرقات ويتسولون لنتبين مقدار حجم الهوة التي تبتلع روح ومعاني المواطنة المتساوية وتُهتّك نسيج الوحدة الوطنية.
ولكننا أرتأينا أهمية أن نقيس هذا الاستبعاد الاجتماعي عبر مؤشرات كمية لكي نستوعب حجم الكارثة التي أنتجها الاستبعاد. وللقيام بذلك سنلجأ لبعض المؤشرات الكمية التي تقيس بدرجة أساس نتائجه التي تتمظهر في أشكاله مادية كالفقر والبطالة ونقص الدخل وما شابه ذلك.غير أن هناك مؤشرات نوعية لهذا الاستبعاد كالقهر وانعدام الحرية والاستلاب الداخلي لا تسمح مساحة مقال كهذا بتناولها.ولذا فسنكتفي بالمقاييس الكمية المتاحة التي سندخل فيها مباشره دون شرحها أو تعريفها إلا بما تقتضيه الحاجة لمساعدة القارئ على استيعابها.
المؤشر الأول هو عدد السكان الواقعين تحت خطوط الفقر وديناميامته تشير المصادر الإحصائية الرسمية الوطنية والدولية إلى اتساع رقعة الفقر في اليمن منذ مطلع التسعينات. ففي عام (1992م) كانت نسبة السكان الواقعين تحت الفقر الوطني وفقر الغذاء قد وصلت إلى (19.1%) و(9%) على التوالي، وارتفعت عام (2005م) إلى (34.8%) و(13%)، وبحلول عام (2011م) وصلت إلى (56%) و(33%) على التوالي من إجمالي سكان اليمن.
أي أن عدد السكان تحت خط الفقر العام وفقر الغذاء أرتفع من 2.4 مليون و 1.2 مليون نسمة على التوالي عام 1992م إلى 13 مليون نسمة وبعدد لا يقل عن تسعة ملايين تقرييا اليوم تحت خط فقر الغذاء.
كما ارتفع عدد العاطلين عن العمل من (9%) من إجمالي قوة العمل عام (1994م) إلى (35%) بحلول عام (2011م).
وبلغة الأرقام الفصحية ارتفع عدد العاطلين من 324 ألف عاطل إلى 2.5 مليون عاطل عن العمل يمثل الشباب نسبة (60%) منهم تقريبا.سوف نستخدم معامل جيني للدخل لإيضاح قوة الاستبعاد الاجتماعي وديناميته وحدته في اليمن خلال العقود الثلاثة الماضية.
وهذا المعامل يشير إلى أنه كلما كانت قيمته صفرا كان العدالة الاجتماعية مثالية وكلما أقتربنا من الواحد الصحيح كلما اشتد التمايير الاجتماعي. ففي اليمن فقد إرتفع معامل جيني من (20.3)تقريبا في عام (1992م) إلى (0.42)عام (1998م) ليرتفع إلى (0.6) بحلول عام 2005م، ولا شك أنه اليوم قد تجاوز (0.7%) على أقل تقدير.
وبمعنى آخر لم يعد يتعدى اليوم نصيب نسبة العشرين في المائة من الفئة الأفقر في المجتمع أكثر من (1.6%) من إجمالي الدخل القومي فيما تستأثر العشرين في المائة الأغني بأكثر من (67%) من هذا الدخل مقابل (8%) و(84%) قبل ثلاثة عقود من هذا التأريخ ، كما أن اليمن من بين أبرز الدول في العالم من حيث مؤشر عدم المساواة في ملكية الأرض حيث بلغ هذا المؤشر في اليمن في منتصف التسعينات نحو 0.64 مقابل 0.35 في مصر على سبيل المقارنة وهو مؤشر يزداد ارتفاعا.
وهنا نلحظ حجم الهوة المتسعة للتمايز والاقصاء الاجتماعي في هذا البلد والتي أشتدت خلال العقود الثلاثة الماضية.
وها نحن ندخل العقد الثاني من الألفية الثانية وما زال اليوم هناك أكثر من (60%) من السكان لا يحصلون على المياه النقية ونحو (85%) لا يعرفون الصرف الصحي ومازال نصف السكان في سن التعليم لا يحصلون على التعليم وثلث السكان يعيشون في إراض قاحلة متهالكة، ويكون الاستبعاد اشد ضراورة وقساوة تجاه المرأة، حيث بلغ مؤشرعدالة النوع الاجتماعي في اليمن عام 2012م نحو 0.75 مقارنة بمؤشر العدالة هذا في هولندا على سبيل المقارنة بنحو 0.04 ومقارنة بمتوسط عالمي وقدره 0.46 ، بل أننا أكثر ترديا في هذا المؤشر بمقدار نقطتين عن بلدان جنوب الصحراء الافريقية الأفقر في العالم.ولهذا لا عجب بأن تحتل اليمن من بين أعلى المعدلات في العالم من حيث وفيات الاطفال الرضع والاطفال دون سن الخامسة ووفيات الامهات.
وهو الأمر الذي جعل اليمن تحتل اليوم واحد من أدنى مراتب التنمية البشرية في العالم حيث يشير تقرير التنمية البشرية في العالم لعام 2013م إلى أن اليمن قد تراجعت في هذا المؤشر إلى المرتبة 160 من بين 185 دولة في العالم بعد أن كانت تحتل المرتبة 144 قبل عشر سنوات فقط من هذا التاريخ.
لقد خلفت منظومة الحكم السابق ذات النهج الاقصائي دمارا هائلا في البنية الاجتماعية اليمنية مما يتطلب منا جهوداً جبارة وحثيثة لردم الهوة السحيقة التي خلفها هذا الاستبعاد في كافة أبعاده. ويكفي أن نشير للإيضاح إلى أنه من أجل تقليص عدد الفقراء بمقدار النصف فقط أي من 13 مليون فقير في الوقت الحاضر إلى سبعة ملايين فقير بحلول عام 2023 فإننا نحتاج إلى نمو اقتصادي مستدام لمدة عشر سنوات بمعدل لا يقل عن (7%) سنويا.
سوف نناقش في الحلقة الأخيرة من هذا المقال السبل الكفيلة بردم هذه الهوة السحيقة والخلاص من مخلفات الاستبعاد.
باحث اجتماعي عضو زهبي
التخصص : علم اجتماععدد المساهمات : 1494نقاط : 3052تاريخ التسجيل : 01/01/2010 العمر : 54
موضوع: رد: الاستبعاد الاجتماعي الخميس مارس 12, 2015 3:57 am
من التخفيف من الفقر والبطالة إلى مواجهة الاستبعاد الاجتماعي (1+2) د. محمد الميتمي
أ. د. محمد الميتمي
الرؤية المحجوبة عمدا (1) تعيش اليمن موجة عارمة من الاحتجاجات الاجتماعية والسياسية التي ما زالت تعم البلاد طولا وعرضا بحيث غدت تجليا بارزا للأزمة اليمنية ، أو بالأصح تعبيرا مكثفا عن المكامن الهيكلية لهذه الأزمة من حيث اتساعها وعمقها وحدتها. يعجز البعض اليوم عن تفسير معنى هذه الأزمة، أو يكتفون بتجاهلها أو تفسيرها في مظاهر جزئية كالبطالة والفقر المنتشرين على نطاق واسع بين سكان اليمن.
فقد رهن هؤلاء أفقهم وقدراتهم فيما مضى على الرؤية والتصرف واتخاذ القرار في مقاييس مظللة إلى حد كبير أتبعها النظام السياسي السابق أو تعمد اتباعها ، وهو الذي أظل طريقه في معالجة المشكلات ومواجهة التحديات التي تحيط بالبلاد بالركون إلى مقاييس ناقصة لا تنطق ولا تفصح إلا عن جوانب جزئية من واقعنا الأليم.
وهنا نحب أن ننوه بأن ما نقيسه ونقيس به أمر بالغ الأهمية بما له من تأثير بالغ على تصوراتنا وقرارتنا نحن نرى العالم الذي من حولنا من خلال عدسات لا تتلون فقط عبر أيديولوجياتنا وأفكارنا ولكن أيضا من خلال المعطيات المؤشرات الإحصائية الدقيقة والشاملة التي نستخدمها لقياس ماذا يجري داخل مجتمعنا هذا.
لقد تبنت الحكومات اليمنية السابقة المتعاقبة - على ضوء ما أنتجته من مؤشرات مظللة - سياسات وإجراءات مجتزئة وزائفة هدفها المعلن التخفيف من الفقر ومكافحة البطالة عبر ما أطلق عليه استراتيجيات التخفيف من الفقر واستراتيجيات التشغيل. وعلى الرغم أن هذه الإستراتيجيات قد مضى عليها أكثر من عقدين من الزمن فإنها ليس فقط لم تسفر عن نتائج على أرض الواقع ، بل عمقت الفقر والبطالة ووسعت نطاقهما ورفعت سقوف الاستبعاد الاجتماعي ووسعت من مساحته وهو الاستبعاد الذي يغدو اليوم المسئول الأول عن هذه الأزمة العميقة التي تضرب بتداعياتها قلب المجتمع وعقله وتدوي اليوم بأعلى صوت مسموع.
لقد بلغ الاستبعاد الاجتماعي اليوم في اليمن نطاقا وحدا لم يعد ممكنا معه تجاوزها بحلول مؤقتة أو مجتزأة. وليس بمحض الصدفة أن تكتشف الحكومة اليمنية في نهاية 2010 أن جميع أهداف الألفية الانمائية الثمانية التي تبنتها بتوجيه ومساندة ودعم من المجتمع الدولي في مطلع التسعينيات لم تتحرك قيد أنملة إلى الأمام بل أصابها التردي والفشل، ولكنه اكتشاف بعد فوات الأوان.
الاستبعاد - قراءة في المفهوم (2-4) لكي تعيش خارج المجتمع ينبغي أن تكون حيوانا أو آلها (أرسطو) أشرنا فيم سبق، إلى مساعي التشويش والتظليل المتعمد لمنظومة الحكم السابق وخلط المفاهيم والمقاييس لما هو جزئي ومشتق كالبطالة والفقر مع ما هو كلي وسببي كالاستبعاد الاجتماعي أي خلط السبب بالنتيجة لحرف الأنظار بعيدا عن المعالجات الحقيقة التي تتوجه إلى جذور المشكلة الكامنة في المنظومة ذاتها.
فقد ظلت المنظومة السياسية الحاكمة تحصر الاستبعاد الاجتماعي العميق الجذور في اليمن ذو الأبعاد الأفقية والرأسية على أنه لا يعدو لما رأت فيه الحكومات المتعاقبة بالفقر. وعلى الرغم من وجود علاقة ارتباط عضوي وديالكتيكي بين الترتيب الطبقي الاقتصادي وظاهرة الاستبعاد الاجتماعي ، فإن الحقيقة أن الاستبعاد الاجتماعي ظاهرة تتعدى مجرد أن يكون الفرد فقيرا في المجتمع. وعلى الرغم من أن مفهوم الاستبعاد الاجتماعي مفهوم جدلي وشائك وواسع المعنى ، فأننا لا ننوي في هذا المقال إلا أن نستخدمه في السياق الذي ينبغي على الحكومة الانتقالية وأي حكومة قادمة أن تتعامل معه لمقاربة ومعالجة الأزمة اليمنية الراهنة بطريقة ممنهجة وسليمة وفعالة ليتحقق حلم أولئك الذين ثاروا ودفع بعضهم حياتهم ثمنا للخلاص منه، ولتفادي انهيار البناء الاجتماعي المتصدع التي أفرزته عقود من الاستبعاد الاجتماعي.
الاستبعاد الاجتماعي وهو نقيض المساواة والاندماج الاجتماعي ويقصد به حرمان الأفراد من حقوق المواطنة المتساوية على كافة المستويات والحقول : كالمشاركة في الإنتاج والاستهلاك ، والعمل السياسي ، والمشاركة في الحكم والإدارة والتفاعل الاجتماعي . الاستبعاد الاجتماعي يتعارض مع مبدأ الفرص المتكافئة وحقوق المواطنة المتساوية. ونقدم الاستبعاد الاجتماعي هنا كونه ليس مجرد مسألة شخصية تعود إلى تدني قدرات الفرد الطبيعية والمكتسبة للفرد ، وإنما هو محصلة نمط اجتماعي - سياسي سائد في المجتمع تترابط وتتنوع فيها الملامح والأبعاد السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية فتعمل على إقصاء وتهميش أفراد وجماعات داخل المجتمع طبقا لاعتبارات تقررها وتُفعّلها المنظومة وتعيد إنتاجها بصور مختلفة. ويتولى الاستبعاد في أول الأمر وآخره انتهاك قيم العدالة الاجتماعية وتدمير أسس التعايش والتضامن الاجتماعي بين أبناء الوطن الواحد. يؤدي الاستبعاد إلى وجود فرص تعليمية ومهنية غير متكافئة ، وبناء العوائق والسدود أمام الجماعات والأفراد الذين أستبعدهم النظام من "رعايته وحمايته" بما فيهم جميع الفقراء والعاطلون والمهمشون الذين هم نتاج لهذا الاستبعاد. فالجياع وسيئو التغذية على سبيل المثال يتعذر عليهم أن يتلقوا تعليما وتحصيلا جيدا ، كما أن غياب الدخل بل نقصه سيحاصر خيارتهم في تأمين وسائل التعلم والرعاية الصحية الجيدة التي ينالها المحظوظين من أبناء وطنهم فتصبح المنافسة غير عادلة وغير متكافئة. المدارس الخاصة على سبيل المثال التي تتاح لأبناء النخبة لا تكرس فقط الاستبعاد ولكنها تمارس العزل الاجتماعي بين أبناء الوطن الواحد.
ولما كان الاستبعاد الاجتماعي في اليمن مسألة هيكلية غائرا في بنية النظام ونمط الحياة السائد فقد اخذ كل كل الأشكال المنتجة له بما فيها الاقتصادي والسياسي والقانوني والعرفي والاجتماعي والجغرافي والديني والطائفي وغيرها كالتمييز والإقصاء على أساس الجنس واللون ليغدوا نمطا كليا من الاستبعاد يعيد إنتاج وتكريس وظيفته بأشكال وأدوات ومساحات واسعة ومتعددة. ودون الدخول في التفاصيل فواقع وضع المرأة اليمنية ، والفئات الهامشية "كالأخدام" والأطفال ، وسكان بعض المناطق الجغرافية كتهامة والمناطق الجنوبية وتلك غير المشمولة بالروابط القبلية والعائلية ذات التسلسل الحاشدي ، وبعض الطوائف الدينية كالطائفة اليهودية والإسماعيلية والشيعة ، وغير المنتمين حزبيا أو سياسيا لغير الحزب الحاكم أو غير الموالين له والأفراد أو الجماعات غير المنضوين في شبكة الموالاة التي انتظمت طوعا أو كرها بالنظام الشمولي العائلي أمثلة بينة على الممارسات العملية للاستبعاد الاجتماعي في اليمن. ووعينا وفهمنا الصحيح والكامل بمشكلة الاستبعاد تساعدنا في التصدي له والخلاص منه.
باحث اجتماعي عضو زهبي
التخصص : علم اجتماععدد المساهمات : 1494نقاط : 3052تاريخ التسجيل : 01/01/2010 العمر : 54
موضوع: رد: الاستبعاد الاجتماعي الخميس مارس 12, 2015 3:57 am
الاستبعاد الاجتماعي بين اللي «فوق» واللي «تحت»
قضية الاستبعاد الاجتماعي شغلت بال كثير من علماء الاجتماع كونها سببا مباشرا في تقسيم المجتمعات وظهور بؤر التوتر والانقسام فيها فالاستبعاد الاجتماعي يعمل في تضاد تام مع عملية الاندماج التي تقوم عليها المجتمعات حتى ان مفهوم الدولة ذاته يعد ناقصا مع وجود بوادر الاستبعاد الاجتماعي فيها.
هناك نوعان من الاستبعاد الاجتماعي يمكن ملاحظتهما في مجتمعات الرأسمالية الناقصة، حيث يؤدي رأس المال دورا سلبيا نتيجة عدم ارتباطه بنشوء الديمقراطية وطبقاتها الملازمة لها تاريخيا. فوجود الاثنيات والطوائف وجود طبيعي في جميع المجتمعات ولا يمكن ان يشكل خطرا عليها الا اذا اقترن بفكرة النقاء والاصطفاء او امتلاك الحقيقة لفئة أو طائفة دون غيرها لذلك يمكن التعامل مع نتائجه مع التسليم بوجوده اصلا.
ما يهمنا هنا نمط آخر مؤسس لعملية الاستبعاد الاجتماعي له علاقة بعملية التطور التي مرت بها مجتمعاتنا العربية واجتياح الرأسمالية وحدها لهذه المجتمعات دون مصاحبة حقيقية لتشكيلاتها الارضية الضابطة لقيامها كنشوء برجوازية وطنية مطالبة بحقوقها. وطبقه وسطى مستقله
النوعان من الاستبعاد الاجتماعي الذي اشرت اليه احدهما متعلق بالنخبة او بالطبقة العليا في المجتمع والآخر بطبقة المهمشين فيه، الاولى لانها مكتفية والثانية لأنها مقصية، الاولى لها مبرراتها بنفي نفسها اختياريا والثانية لا تستطيع ان تبرر شعورها بالاستبعاد ,الاولى عادة ماتكون ضيقة، ومحصوره, والثانية غالبا مفتوحة وتزداد مساحتها مع الوقت، الاولى لها اخلاقياتها ،والثانية كذلك، الاولى تمجد الوضع الراهن، والاخرى تطلب التغيير.
شكلت الدراسات الاجتماعية مدخلا هاما لدراسة وجود الاستبعاد الاجتماعي في المجتمعات الريعية وأثبتت الدراسات ان عملية توزيع الريع عامل هام في وجود وقيام مثل هذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة وان من اهم ســــــلبياتها انزياح المجــــــــتمع ضد نفسه ومكوناته بل انه حتى في المجتمعات المتقدمة شكلت جيوب المهمــــــــشين مشكلة للانظمة والحـــــكومات والخطورة في مجتمعاتنا لها شقان ليس فقط متعلقين بأطراف المجتمع نفسه الطــــبقة العليا والطبقة الدنيــــــا بل في غياب الطبقة الوسطى كذلك واضمحلالها، الذي نفهمه ان الاستبعاد الاجتماعي بشكله التاريخي المعروف متعلق بطبقة المهمشين وجيوبها اما الشكل الذي يلاحظ في مجتمعاتنا الخليجية بالذات ان جزءا آخر يسعى لاستبعاد نفسه اجتماعيا نظرا لاكتفائه وعدم حاجته ربما وهنا مكمن الخطورة متى شعرت فئة او طبقة باكتفائها واستغنائها عن باقي فئات المجتمع فالأمر خطير على المجتمع ككل مترابط يشد بعضه بعضا ويتلاحـــــم افراده في جميع الظروف والمناسبات .
يشكل القبول بالتحول الديمقراطي ا جسرا يمكن العبور فوقه لتجاوز هذه المثالب التي نتجت عن قصور بعض المجتمعات تاريخيا ليس بالضرورة ان يكون المجتمع منتجا للديمقراطية ولكنه من الضرورة الاقتناع بها واستيعابها من نسيجه وبعض آلياتها مع التطور لمنع الاحتكاك الذي قد يحدث لو استفحل الامر والذي نشهده في مجتمعات عديدة والذي لا نتمناه ان يحدث في اي بلد عربي فنحن لانزال نأمل في أن تستمر حنية الناس اللي "فوق" ع الناس اللي "تحت" كما يردد "احمد عدويه "وطالما الأمر كذلك فوجودنا ليس وجود حقيقي وانما وجود زائف كما يعتبره "هايدغر" لانه ليس كينونه مستقله وانما كينونه ملحقه اي زائفه
باحث اجتماعي عضو زهبي
التخصص : علم اجتماععدد المساهمات : 1494نقاط : 3052تاريخ التسجيل : 01/01/2010 العمر : 54
موضوع: رد: الاستبعاد الاجتماعي الخميس مارس 12, 2015 3:58 am
النظام التعليمي والاستبعاد الاجتماعي
يعتبر مفهوم الاستبعاد الاجتماعي من المفاهيم التي بدأت في الانتشار منذ تسعينيات القرن العشرين، ويعرف بأنه ابعاد لبعض فئات المجتمع وعدم القدرة علي المشاركة بفاعلية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وهذا يعني ان هناك شكلين من اشكال الاستبعاد الاجتماعي في المجتمعات المعاصرة، الأول هو الاستبعاد اللا ارادي لأولئك القابعين في القاع والمعزولين عن التيار الرئيسي للفرص التي يتيحها المجتمع، اما الشكل الثاني فهو الاستبعاد الارادي، حيث تنسحب الجماعات الثرية من النظم العامة واحيانا من القسط الأكبر من ممارسات الحياة اليومية فيما يطلق عليه ثورة جماعات الصفوة، وتعيش هذه الجماعات داخل مجتمعات محاطة بالاسوار بمعزل عن بقية افراد المجتمع، وتنسحب من نظم الصحة العامة والتعليم العام والخدمات الأخري المتاحة في المجتمع الكبير. بنظرة إلي المجتمع المصري في الوقت الراهن نجد ان ما سبق الاشارة إليه يتمثل في المجتمع بوضوح بل انه يمكن القول إن المجتمع المصري يعد نموذجا للاستبعاد الاجتماعي باشكاله ويؤكد علي ذلك تقرير التنمية البشرية حيث يشير إلي ان 19% من نسبة السكان يعيشون تحت خط الفقر وفقا للمعايير التي وضعها البنك الدولي مع وزارة التخطيط في مصر، اما نسبة الأطفال المحرومين من التعليم الابتدائي في مصر فانها تبلغ 13% وهؤلاء هم فقراء المستقبل، وان نسبة لاتتعدي 10% من السكان تسيطر علي رءوس الاموال والمناصب العليا، والواقع يشير إلي ان هذه الفئات تسعي لانشاء مدن عمرانية جديدة ومنتجعات مسورة ذات ابواب خاصة وتتمتع بخدمات امنية وحواجز تبعد عنهم نظائرهم من المواطنين، وفي هذه الحالة تكون الاقلية في وضع يمكنها من استبعاد الاكثرية، حيث تعيش هذه الجماعة بمعزل عن بقية المجتمع. بمزيد من التمحيص إلي نظام التعليم المصري نجد انه انعكاس واضحا للنظام الاجتماعي والاقتصادي، حيث ينقسم التعليم إلي: اولا: تعليم قومي، ويتمثل في تعليم ديني تمثله المدارس الأزهرية والمدارس الخاصة الإسلامية والمدارس المسيحية، وتعليم عربي وتمثله المدارس الحكومية والمدارس الخاصة عربي، وتعليم اللغات وتمثله المدارس التجريبية، ومدارس اللغات الخاصة، ويتميز كل نوع من المدارس السابقة بثقافة خاصة تميزه عن النظم الاخري، وعلي الرغم من ذلك فان هذه المؤسسات تشترك جميعها في عموميات الثقافة، فاللغة العربية هي لغة أولي في جميع المدارس السابقة بما في ذلك مدارس اللغات، كما ان مادة الدراسات الاجتماعية هي مادة اساسية وتدرس باللغة العربية وتلتزم جميع المدارس بمنهج موحد بما في ذلك مدارس اللغات، ولذلك تندرج جميع المدارس السابقة تحت مسمي التعليم القومي. ثانيا: تعليم اجنبي متعدد الروافد والمتمثل في المدارس الأمريكية والفرنسية والكندية والالمانية والانجليزية ويلتزم كل نظام تعليم من الانظمة السابقة بتدريس مناهج الدولة التابع لها، فالمدرسة الكندية تلتزم بتدريس المنهج الكندي، والمدرسة الانجليزية تلتزم بتدريس المنهج الانجليزي، والمدارس الأمريكية بتدريس المنهج الأمريكي، وفي هذه الانظمة تعتبر اللغة الانجليزية ـ الالمانية ـ الفرنسية هي اللغة الأولي بالنسبة للتلاميذ، ويخير التلاميذ بين اللغة العربية ولغة اجنبية اخري كلغة ثانية، وعادة ما يختار التلاميذ العرب اللغة العربية كلغة ثانية، ويتم تدريس المنهج الوزاري في اللغة العربية، ولكن ذلك يتم في اضيق الحدود، حيث يكتفي بتدريس اجزاء محدودة من كتاب الوزارة. وبما ان النظام التعليمي يعتبر نظاما فرعيا متفاعلا مع النظم القومية في المجتمع ومقارنة بالوضع الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع المصري يصبح التقسيم الفعلي للمجتمع علي هذا النحو: تعليم اجنبي للصفوة، ويخص الشرائح العليا من المجتمع والتي تمثل النخبة الاقتصادية والسياسية تعلم أبناءها في مدارس اجنبية علي اختلاف انواعها، وهي الفئة الأكثر تأثيرا في المستقبل، وتعليم قومي للعامة، ويخص الطبقة المتوسطة التي يتعلم ابناؤها بمدارس التعليم الخاص علي أختلاف مستوياته من مدارس اللغات التي تحولت إلي مدارس لفقراء الطبقة العليا الجديدة إلي المدارس التجريبية ومدارس منخفضة المصروفات (تعليم قومي) وتعليم حكومي مجاني للفقراء، أو لاتعليم علي الاطلاق لهؤلاء القابعين في القاع. هناك مجموعة من النتائج المترتبة علي هذا الواقع التعليمي وابرزها أنه يكرس هذا الواقع التعليمي الاستبعاد الاجتماعي ويمده إلي المستقبل، فعندما يعيش ابناء الطبقة الاجتماعية العليا في مجتمعات ومنتجعات خاصة منعزلين عن المجتمع يتعلمون في مدارس خاصة تعليما أجنبيا خالصا ويتحدثون لغة مختلفة يتبنون قيما مختلفة ويشعر هؤلاء الابناء بالسعادة بهذا الاستبعاد علي اعتبار انه نوع من التميز وتنسحب هذه الفئات إلي اعلي بعيدا عن الواقع المتردي، ونظرا لتميزهم التعليمي والطبقي يتولي هؤلاء الابناء المناصب العليا في المجتمع ويستأثرون بالمراكز القيادية ويرجع ذلك إلي تميزهم التعليمي أو إلي توارثهم للمناصب العليا لآبائهم، ونحن نتساءل كيف يكون اداء هذه الفئة عندما تتولي مناصب تتعلق بالفئات الأخري؟ أما الفئة الثانية المستبعدة لااراديا هم هؤلاء الابناء الذين تلقوا تعليما حكوميا أو لم يتلقوا تعليما علي الاطلاق، فلقد تم استبعادهم بشكل نهائي من اي فرص ترقي في المستقبل. ماذا يعني هذا؟ ان فئات المجتمع تتحول إلي جزر ثقافية منعزلة، وتتعدد ولاءات المجتمع المصري، ويعمل ذلك علي عدم وجود وحدة في الفكر والعمل بين فئات المجتمع، مما يسهم في قلة التفاعل الاجتماعي وضعف تماسك افراد المجتمع وارتباطهم، ويؤدي ذلك إلي تفكك النسيج الاجتماعي، في الوقت الذي تحتاج الدولة فيه إلي كل اشكال التعاون الاجتماعي والتماسك والوحدة الاجتماعية.
باحث اجتماعي عضو زهبي
التخصص : علم اجتماععدد المساهمات : 1494نقاط : 3052تاريخ التسجيل : 01/01/2010 العمر : 54
موضوع: رد: الاستبعاد الاجتماعي الخميس مارس 12, 2015 3:59 am
ضحايا الاستبعاد الاجتماعى
بقلم خالد السرجانى ٢/ ١٠/ ٢٠١١ يطلقون عليهم فى أدبيات علم الاجتماع مسمى «البروليتاريا الرثة». وفى علم الاقتصاد يسمونهم «القطاع غير الرسمى». ونطلق عليهم نحن اسم «الباعة الجائلين». ولابد من أن نعترف بأنهم ظاهرة استشرت فى السنوات القليلة الماضية، حيث احتلوا أرصفة الشوارع، وأقاموا أسواقا غير شرعية، لكنهم لم يأتوا من فراغ، وإنما هم نتيجة سياسات اقتصادية واجتماعية منحازة للأغنياء فقط، الأمر الذى أدى إلى تهميش معظم السكان واستبعادهم عن كل مصادر الثروة، وإخراجهم عمدا عن أى تأثير سياسى أو اجتماعى أو اقتصادى.
وهذا الاستبعاد الاجتماعى شمل التعليم حيث إن هؤلاء على عكس الباعة الجائلين التقليديين، لديهم مؤهلات دراسية عالية أو متوسطة، ولكنهم بالفعل، وبفضل النظام التعليمى المتدنى، الذى أصبح موجها لطبقات بعينها، ليس لديهم القسط الوافر من التعليم الذى يؤهلهم للعمل فى القطاع الرسمى سواء كان خاصاً أم عاماً، فضلا عن أنهم جميعا ليست لديهم واسطة تساعدهم فى الحصول على عمل فى ظل حالة التعليم المتدنية، وبالتالى فإن الخيار الوحيد المتاح لهم فى ظل هذه الظروف هو الوقوف بكرتونة أو استاند خشب فى الشارع لكسب الرزق. وبسبب طريقة تعامل الأمن معهم، سواء السعى لتوظيفهم كمرشدين له،
أو الحصول على إتاوات منهم مقابل تركهم يكسبون رزقهم، أصبح لديهم «غلظة» فى الشخصية، وقدر من القسوة فى التعامل مع الآخرين، وهو ما جعل بعض أفراد المجتمع يصفونهم بالبلطجية. وقد اتضح ذلك خلال الحملات الأمنية التى وصفت بأنها تهدف إلى إعادة الانضباط إلى الشارع المصرى.
وإن كان جزء منهم كذلك، فإن التعامل الأمنى معهم ليس كافيا، بل يتطلب سياسة اجتماعية من قبل الدولة. فإذا كانت بريطانيا لديهما معهد لدراسة الاستبعاد الاجتماعى، فإن لدينا مراكز أبحاث اجتماعية قومية لديها دراسات عن هذه الظاهرة، ولديها كفاءات يمكنها أن تساعد فى وضع السياسات الاجتماعية الكفيلة بالقضاء على هذه الظاهرة خلال مدى زمنى معقول.
والسياسة الاجتماعية المطلوبة يجب أن تسير على محورين، الأول هو منع هذه الظاهرة مستقبلا عبر تطوير التعليم وإنهاء الطبقية التى تسود فيه، ويجب أن يخصص الجزء الأكبر من ميزانية التعليم لصالح المناطق الفقيرة، وأن تعطى حوافز للمدرسين الأكفاء فى حال عملهم فى هذه المناطق لكى لا يعتبر هذا العمل عقابا. وهذا المحور كفيل بتقليل الظاهرة فى المستقبل.
أما المحور الثانى فهو يتعلق بهؤلاء المهمشين، أى الباعة الجائلين الحاليين الذين يقفون حاليا فى الشوارع ويلعبون لعبة القط والفار مع أجهزة الأمن والتنظيم فى المحليات. حيث يجب أن ندرك أن هذه الظاهرة لن تتوقف من دون حل جذرى لها يعوض هؤلاء عن سياسات الاستبعاد الاجتماعى التى دامت ما يزيد على ٤٠ عاما،
فهى بدأت فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات واستمرت ولكن بقسوة أشد فى عصر الرئيس السابق حسنى مبارك، ويكون ذلك عبر البحث عن بديل لهم، وهو ما قامت به تركيا وبعض الدول الأوروبية عبر تخصيص أسواق محددة لهم، وأن يتم تسيير مواصلات إلى هذه الأسواق بما يمكن المواطنين من الذهاب إليها للشراء.
كذلك يجب أن يتم تنظيم دورات لإعادة تأهيلهم، سواء بتعليمهم مهنة، واستكمال ما ينقصهم من التعليم، حتى تتاح لهم فرص العمل الجديرة بهم، وحتى يدخلوا فرص المنافسة فى سوق العمل سواء داخليا أو إقليميا. ولا يكفى أن تكون هذه الدورات مجانية فقط، بل يجب أن تكون بأجر مناسب يكفيهم خلال فترة التدريب لفتح بيوتهم، ويمكن أن تقوم بذلك منظمات المجتمع المدنى، وعبر تبرعات من المواطنين أو جهات التمويل الأجنبية.
ولابد من أن يتم ربط دورات إعادة التأهيل هذه بمتطلبات سوق العمل فى مصر والدول المحيطة بها المستوردة للعمالة. بذلك فقط نكون قد عوضناهم عن الاستبعاد الاجتماعى الذى عانوا منه، وعانى المجتمع المصرى منه طيلة ٤٠ عاما.
باحث اجتماعي عضو زهبي
التخصص : علم اجتماععدد المساهمات : 1494نقاط : 3052تاريخ التسجيل : 01/01/2010 العمر : 54
موضوع: رد: الاستبعاد الاجتماعي الخميس مارس 12, 2015 4:00 am
الاستبعاد الاجتماعي وعلاقته بالعنف لدى الشباب الجامعي صورة عمان - أحمد الطراونة - صدر حديثا لأستاذ علم الاجتماع في جامعة مؤتة د.حسين محادين، والباحث في علم الاجتماع رامي العساسفة كتاب بعنوان: «الاستبعاد الاجتماعي وعلاقته بالعنف لدى، الشباب الجامعي، مؤشرات وآفاق». وقال محادين أن هذا الكتاب الذي جاء ضمن سلسلة التثقيف الشبابي وتحت رقم (129) وبدعم من المجلس الأعلى للشباب قد هدف بالدرجة الأساس إلى تسويق مفهوم الاستبعاد الاجتماعي كونه قد وفد من الفكر الاجتماعي الغربي إلى الأدب النظري العربي من خلال هذه الدراسة النظرية والتطبيقية الأولى عربيا بحدود اطلاع الباحث. وانه جاء ليشرح مفاهيم ومؤشرات جديدة حول الاستبعاد الاجتماعي تحمل خصوصية الشباب والمجتمع الجامعي في الاردن، مجيبا على التساؤل المهم، ما المقصود بالاستبعاد الاجتماعي علميا؟ حيث تقصّى الباحثان مفهوم الاستبعاد والذي عرف بوصفه احد أشكال الانغلاق الاجتماعي، فقد كان يرى أن الانغلاق الاستبعادي بمنزلة المحاولة التي تقوم بها جماعة لتؤمن لنفسها مركزا متميزا على حساب جماعه أخرى من خلال عملية إخضاعها . وللاستبعاد الاجتماعي أبعاد عدة، وهو موجود في مختلف المجالات والأشكال، فمثلا هيمن مفهوم العرق أو الطائفة عند الحديث عن الاستبعاد الاجتماعي لفترة طويلة، والاستبعاد الاجتماعي في ابسط صوره هو عدم الحصول على الموارد وانعدام القدرة على الاستفادة منها، والحرمان من الفرص التي تعزز الوصول إلى هذه الموارد واستخدامها.. وأكد الباحثان أن الاستبعاد الاجتماعي قاد الاهتمام في أوساط صانعي السياسات والأوساط الأكاديمية لفهم المشاكل من وجهة نظر الآخرين ،ونجد مفهوم الاستبعاد الاجتماعي ليس مفهوما ساكنا، في الواقع ، بل هو عملية أو عمليات التهميش والتمييز في الحياة اليومية والتفاعل ،إذ أصبح مصطلح الإقصاء جزءا من المفردات الاجتماعية الهامة ومن المفيد الاعتراف بأن فكرة ومفهوم الاستبعاد الاجتماعي لديه اتصالات مع مفاهيم راسخة في الكتابات عن الفقر والحرمان . ويرى الباحثان أن هناك بعض المؤشرات التي تدل على الاستبعاد الاجتماعي مثل: الصعوبات المالية التي تواجه الأسرة. نقصان شديد في الاحتياجات الأساسية للإنسان. ظروف السكن غير الملائمة. تدني قدرة الفرد في الإدراك الذاتي لحالته الصحية. عدم الرضا عن العمل أو النشاط الأساسي للفرد داخل المجتمع. قلة وندرة الاتصالات مع الأقارب والأصدقاء. من الجدير الإشارة إلى أن الاستبعاد الاجتماعي يمكن أن ينشأ عن طرق متنوعة ،لكن من المهم التعرف على براعة الفكرة وانتشارها وضرورة توخي الحذر في عدم استخدام هذا المفهوم بشكل عشوائي لوصف كل شكل من أشكال الحرمان. ويشير مفهوم الاستبعاد إلى عدم التمكن من التواصل مع الآخرين والمشاركة في حياة المجتمع ،يشكل هذا الاستبعاد حرمانا ذا أهمية جوهرية لما فيه من إفقار لحياة الشخص. وأكد الباحثان على أن الاستبعاد الاجتماعي هو ظاهرة من الماضي والحاضر على حد سواء، وهو مؤثر على الملايين من الأشخاص الذين يكافحون للبقاء على قيد الحياة بسبب ظروفهم الصعبة سواء في العيش أو العمل، وعلى مر التاريخ تطورت الأشكال التي يتخذها الاستبعاد الاجتماعي سواء بخصائصه أو المواقف المعتمدة تجاهه، ويبدو أن الجهات الفاعلة المعنية لا تلعب الدور المطلوب الذي يعكس رغبتها في تخفيض والقضاء على الاستبعاد الاجتماعي. وقدم الباحثان قراءة في مفهوم الشباب والعنف للوصول إلى الأسباب التي تسبب العنف والتي يكون الاستبعاد الاجتماعي احد أهمها. حيث قدم الباحثان قراءة في العنف كمهدد للبيئة الجامعية، حيث تلعب الجامعات كتنظيمات مجتمعية كما يفترض أدوارا تربوية و اجتماعية هادفة ضمن المجتمع الأكبر،حيث تسهم في تشكيله وتركيبه عبر بنائها لانساق ثقافية واجتماعية وبهذا فهي تشكل مصادر أساسية للتفاعل الاجتماعي والثقافي وفقا لخصوصية كل مجتمع. و بما أن الجامعة تشكل مكانا للتفاعل التعليمي والتربوي المتبادل بين مختلف مكونات البيئة الجامعية من جهة، ومن جهة ثانية تعرف الطلبة على ثقافات وأفكار زملائهم من أبناء المجتمعات العربية والإسلامية الأخرى. فأنها تهدف أيضا إلى توسيع مدارك الطلبة وتوسيع قاعدة معارفهم من خلال تطويرهم فكرا وتعلما من مفاهيم مجتمعاتهم المحلية إلى ما هو عالمي في الوقت ذاته. لقد أكدت الإستراتيجية الوطنية للشباب في الأردن على انه يمكن للعملية التعليمية أن تكون أفضل إذا استطاعت أن تدمج الطالب والأهل والمؤسسات المجتمعية في خططها وبرامجها، حيث أن الأساليب التقليدية في التعليم لا زالت هي السائدة، وان الإدارات التعليمية تمارس سلطة ولا تمارس تربية ،ولا تملك قنوات حوار رئيسة مع المجتمعات المحلية، وأن السلطوية التربوية والتعليمية العنيفة تنتج جيلا ضعيفا ومحبطا لا يقوى على مواجهة المشكلات والتحديات التي تواجهه ،فضلا عن عدم قدرته على تحقيق المعجزات. وبناء على ما سبق، يمثل العنف ممارسة سلبية تهدد استقرار البناء الاجتماعي للجامعات وعوامل استمراريته وتطوره الآمن كمجتمعات صغيرة ولدى أعضائها من الطلبة الشباب كأصحاب ثقافة فرعية فيه
باحث اجتماعي عضو زهبي
التخصص : علم اجتماععدد المساهمات : 1494نقاط : 3052تاريخ التسجيل : 01/01/2010 العمر : 54
موضوع: رد: الاستبعاد الاجتماعي الخميس مارس 12, 2015 4:00 am
بقلم : د. هاني جرجس عياد .. تداول الفكر الإنساني على مدى العصورالقديمة ثم العلم الإنساني والاجتماعي في العصور الحديثة قيمة (المساواة) وأهميتها حيث حلمت الشعوب بالعدل الاجتماعي.
وأدخلت ذلك في مذاهبها ورؤاها الطوباوية ثم في فلسفاتها ونظمها الدينية والأخلاقية والقانونية. وما زالت المساواة وما زال العدل بعيدين عن الواقع وعن الناس.
ولكن العلم الاجتماعي المعاصر وضع أيدينا على معنى ملموس للعدل ومؤشر صادق للمساواة: فالمساواة هي اندماج الناس في مجتمعهم على أصعدة: الإنتاج، والاستهلاك، والعمل السياسي، والتفاعل الاجتماعي، أما اللا مساواة فتعني الاستبعاد أو الحرمان أو الإقصاء عن هذه المشاركة.
وقد شغلت قضية الاستبعاد الاجتماعي بال كثير من علماء الاجتماع وذلك لأنها تعد سببا مباشرا في تقسيم المجتمعات، وظهور بؤر التوتر والانقسام فيها، فالاستبعاد الاجتماعي يعمل في تضاد تام مع عملية الاندماج التي تقوم عليها المجتمعات.
ويعتبر مفهوم الاستبعاد الاجتماعي من المفاهيم التي بدأت في الانتشار منذ تسعينيات القرن العشرين، ويعرف بأنه إبعاد لبعض فئات المجتمع وعدم القدرة على المشاركة بفاعلية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وهذا يعني أن هناك شكلين من أشكال الاستبعاد الاجتماعي في المجتمعات المعاصرة، الأول هو الاستبعاد اللاإرادي لأولئك القابعين في القاع والمعزولين عن التيار الرئيسي للفرص التي يتيحها المجتمع، أما الشكل الثاني فهو الاستبعاد الإرادي، حيث تنسحب الجماعات الثرية من النظم العامة وأحيانا من القسط الأكبر من ممارسات الحياة اليومية فيما يطلق عليه ثورة جماعات الصفوة، وتعيش هذه الجماعات داخل مجتمعات محاطة بالأسوار بمعزل عن بقية أفراد المجتمع، وتنسحب من نظم الصحة العامة والتعليم العام والخدمات الأخرى المتاحة في المجتمع الكبير.
إن موضوع الاستبعاد الاجتماعي، الذي هو نقيض الاندماج أو الاستيعاب، موضوع حيوي وكاشف لطبيعة البنية الاجتماعية في أي مجتمع، فالاستبعاد ليس أمرا شخصيا، ولا راجعا إلى تدني القدرات الفردية فقط بقدر ما هو حصاد بنية اجتماعية معينة ورؤى محددة ومؤشر على أداء هذه البنية لوظائفها.
وهو ليس موقفا سياسيا، أو طبقيا، أو اقتصاديا فقط، ولكنه كل ذلك، وهو ليس شأن الفقراء وحدهم، ولا هم الأغنياء وحدهم، وإنما هو مشكلة الجميع، وليس أمامهم سوى تقليل الاستبعاد وتعظيم الاندماج لتحقيق الاستيعاب أي المواطنة الحقة.
التخصص : علم اجتماععدد المساهمات : 1494نقاط : 3052تاريخ التسجيل : 01/01/2010 العمر : 54
موضوع: رد: الاستبعاد الاجتماعي الخميس مارس 12, 2015 4:01 am
بقلم : د. هاني جرجس عياد .. تداول الفكر الإنساني على مدى العصورالقديمة ثم العلم الإنساني والاجتماعي في العصور الحديثة قيمة (المساواة) وأهميتها حيث حلمت الشعوب بالعدل الاجتماعي.
وأدخلت ذلك في مذاهبها ورؤاها الطوباوية ثم في فلسفاتها ونظمها الدينية والأخلاقية والقانونية. وما زالت المساواة وما زال العدل بعيدين عن الواقع وعن الناس.
ولكن العلم الاجتماعي المعاصر وضع أيدينا على معنى ملموس للعدل ومؤشر صادق للمساواة: فالمساواة هي اندماج الناس في مجتمعهم على أصعدة: الإنتاج، والاستهلاك، والعمل السياسي، والتفاعل الاجتماعي، أما اللا مساواة فتعني الاستبعاد أو الحرمان أو الإقصاء عن هذه المشاركة.
وقد شغلت قضية الاستبعاد الاجتماعي بال كثير من علماء الاجتماع وذلك لأنها تعد سببا مباشرا في تقسيم المجتمعات، وظهور بؤر التوتر والانقسام فيها، فالاستبعاد الاجتماعي يعمل في تضاد تام مع عملية الاندماج التي تقوم عليها المجتمعات.
ويعتبر مفهوم الاستبعاد الاجتماعي من المفاهيم التي بدأت في الانتشار منذ تسعينيات القرن العشرين، ويعرف بأنه إبعاد لبعض فئات المجتمع وعدم القدرة على المشاركة بفاعلية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وهذا يعني أن هناك شكلين من أشكال الاستبعاد الاجتماعي في المجتمعات المعاصرة، الأول هو الاستبعاد اللاإرادي لأولئك القابعين في القاع والمعزولين عن التيار الرئيسي للفرص التي يتيحها المجتمع، أما الشكل الثاني فهو الاستبعاد الإرادي، حيث تنسحب الجماعات الثرية من النظم العامة وأحيانا من القسط الأكبر من ممارسات الحياة اليومية فيما يطلق عليه ثورة جماعات الصفوة، وتعيش هذه الجماعات داخل مجتمعات محاطة بالأسوار بمعزل عن بقية أفراد المجتمع، وتنسحب من نظم الصحة العامة والتعليم العام والخدمات الأخرى المتاحة في المجتمع الكبير.
إن موضوع الاستبعاد الاجتماعي، الذي هو نقيض الاندماج أو الاستيعاب، موضوع حيوي وكاشف لطبيعة البنية الاجتماعية في أي مجتمع، فالاستبعاد ليس أمرا شخصيا، ولا راجعا إلى تدني القدرات الفردية فقط بقدر ما هو حصاد بنية اجتماعية معينة ورؤى محددة ومؤشر على أداء هذه البنية لوظائفها.
وهو ليس موقفا سياسيا، أو طبقيا، أو اقتصاديا فقط، ولكنه كل ذلك، وهو ليس شأن الفقراء وحدهم، ولا هم الأغنياء وحدهم، وإنما هو مشكلة الجميع، وليس أمامهم سوى تقليل الاستبعاد وتعظيم الاندماج لتحقيق الاستيعاب أي المواطنة الحقة.
التخصص : علم اجتماععدد المساهمات : 1494نقاط : 3052تاريخ التسجيل : 01/01/2010 العمر : 54
موضوع: رد: الاستبعاد الاجتماعي الثلاثاء أبريل 28, 2015 2:50 pm
الاستبعاد الاجتماعي.. محاولة للفهم
مجموعة مؤلفين تحرير:جون هيلز- جوليان لوغران- دافيد بياشو الناشر: المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب- الكويت
هذا الكتاب ينتمي إلى مدرسة فكرية عملاقة – ازدهرت في بريطانيا المعاصرة من روادها عالم الاجتماع الشهير أنتوني غيدنز – هدفها تجديد الديموقراطية الاجتماعية، ومعقلها الرئيسي مدرسة لندن للاقتصاد والعلوم الاجتماعية.
وهي مدرسة لا توافق على أن يسير علم الاجتماع في أثر نموذج العلوم الطبيعية، أملا في اكتشاف قوانين عامة للسلوك الاجتماعي، لأن ذلك يعزل علم الاجتماع عن التاريخ. والتاريخ هو المعمل الحقيقي للمشتغل بدراسة المجتمع، كما علمنا الرواد الأوائل لهذا العلم.
واستكمالاً لرفض وجهة النظر المحافظة في علم الاجتماع ترفض هذه المدرسة اقتصار مهمة هذا العلم على الوصف والتفسير. وتعلمنا أن علم الاجتماع والعلوم الاجتماعية عموماً إنما هي جزء لا يتجزأ من الموضوع الذي تسعى إلى فهمه، وترى ذلك أمراً جوهرياً لا مفر منه.
وبذلك تجهر هذه المدرسة بنظرتها إلى علم الاجتماع بوصفه نشاطا نقدياً. ولهذا أيدت دعوة رايت ميلز إلى أهمية الخيال السوسيولوجي في البحث الاجتماعي وفي الكتابة الاجتماعية. وقد قدم غيدنز – أستاذ مؤلفي هذا الكتاب ومرشدهم الفكري – صياغة حديثة لهذا الخيال السوسيولوجي تقوم على أبعاد ثلاثة: أولها الإفادة من التجربة الاجتماعية على امتداد التاريخ، وثانيها التعلم من التجارب الاجتماعية للآخرين (المختلفين عنا). أي أن ممارسة الخيال السوسيولوجي هي التي ستمكننا من التحرر من القيود الصارمة التي تحصرنا في حدود التفكير في ضوء نوع من المجتمع الذي نعرفه (أي الغربي) والآن فقط (أي الصناعي المعاصر).
ومن شأن مراعاة هذين البعدين أن تقودنا إلى الجناح الثالث للخيال السوسيولوجي، وهو النظر – عند بحث أي موضوع – إلى آفاقه المستقبلية. فعلينا كما يقول غيدنز أن نعي المستقبلات البديلة المتاحة لنا. فالخيال السوسيولوجي – في بعده الثالث – ينصهر كلية مع مهمة علم الاجتماع في الإسهام في نقد الأشكال الاجتماعية القائمة.
وهذا النقد لا يقوم على التأمل، أو الشطح الفكري، أو التوجهات الطوباوية (الخيالية أو المثالية) أيا كان مصدر إلهامها، بل يقوم على الرصد العلمي للواقع والتحليل العلمي الناقد. ومن خلال فهمنا للأشكال الاجتماعية التي توارت من الماضي، ولتلك الأنماط من الحياة الاجتماعية المختلفة جذرياً عن الأنماط الحديثة الناتجة عن عمليات التغير الاجتماعي الراهنة. يمكن أن نساعد – كما تؤكد هذه المدرسة الفكرية – في إنجاز مهام علم الاجتماع كنظرية نقدية. فعلم الاجتماع يطرح سؤالا مؤداه: ما هي أنماط التغير الاجتماعي الممكنة والمرغوبة، وكيف يمكن أن نجاهد من أجل تحقيقها؟
هذا هو الإطار الفكري الذي استلهمه واضعو هذا الكتاب، وهي نظرة تأمل أن نفيد منها في تأمل واقعنا، وتدبر البدائل المستقبلية لتعظيم إيجابياته وتقليل سلبياته.
غيدنز رائد دراسة الاستبعاد
على أن دور غيدنز لم يقتصر على هذه الريادة الفكرية العامة، ولكنه – ببصيرته النافذة وفكره الثاقب – لفت الانتباه مبكراً إلى قضية الاستبعاد الاجتماعي، حيث نبهنا إلى وجود شكلين للاستبعاد في المجتمعات المعاصرة بلغا درجة فائقة من الوضوح والتبلور، الأول هو استبعاد أولئك القابعين في القاع. والمعزولين عن التيار الرئيسي للفرص التي يتيحها المجتمع. أما الشكل الثاني – عند القمة – فهو الاستبعاد الإرادي، أو هو ما أسماه غيدنز (ثورة جماعات الصفوة)، حيث تنسحب الجماعات الثرية من النظم العامة، وأحياناً من القسط الأكبر من ممارسات الحياة اليومية. إذ يختار أعضاؤها أن يعيشوا بمعزل عن بقية المجتمع، وبدأت الجماعات المحظوظة تعيش داخل مجتمعات محاطة بالأسوار، وتنسحب من نظم التعليم العام، والصحة العامة... الخ، الخاصة بالمجتمع الكبير.
وقد اهتم الفصل الثاني من كتابنا هذا بكلا شكلي الاستبعاد، وبذلك يلفت نظرنا إلى الاستقطاب الذي أحدثته عولمة الاقتصاد على المستوى الطبقي، حيث عملت على إضعاف الطبقة الوسطى (أو حتى تدميرها أحياناً) وخلفت المجتمع يعاني الاستقطاب الحاد بين طبقة عليا كثيرة القوة والنفوذ قليلة العدد. وطبقة أدنى (هي غالبية الناس) كثيرة العدد قليلة الحول والمال.
الاستبعاد والمساواة
تداول الفكر الإنساني، على مدى العصور ثم العلم الإنساني والاجتماعي في العصور الحديثة قيمة المساواة وأهميتها، وحلمت الشعوب بالعدل الاجتماعي. وأدخلت ذلك في مذاهبها ورؤاها الطوباوية، ثم في فلسفاتها ونظمها الدينية والأخلاقية والقانونية. وما زالت المساواة وما زال العدل بعيدين عن الواقع وعن الناس.
ولكن العلم الاجتماعي المعاصر وضع أيدينا على معنى ملموس للعدل ومؤشر صادق للمساواة: المساواة هي اندماج الناس في مجتمعهم على أصعدة: الإنتاج، والاستهلاك، والعمل السياسي، والتفاعل الاجتماعي، واللامساواة هي الاستبعاد أو الحرمان أو الإقصاء عن هذه المشاركة.
وما لم نربط مفهومنا للاستبعاد بفكرة المساواة الاجتماعية بوصفها لب عملية الاندماج ومن ثم نفيا للاستبعاد، ما لم نفعل ذلك نكون بصدد خلط وقصور في الفهم على الصعيد السياسي والصعيد العلمي على السواء. من هنا يؤكد كتابنا هذا أن الحكومة التي تتظاهر بأنها مهتمة بالاستبعاد الاجتماعي، ولكنها لا تبالي بعدم المساواة الاجتماعية، هي – بتعبير مهذب – حكومة تعاني من الخلط واضطراب الرؤية. فالحقيقة التي أكدها مؤلفو الكتاب أن في مقدور السياسة الاجتماعية العامة أن تؤثر بوضوح في ما تحدثه أي درجة من عدم المساواة في مقدار الاستبعاد الاجتماعي وحدته.
ويشرح كتابنا – بكل تفصيل – أنه لم يستطع أي مجتمع معاصر أن يقترب بقوة من إعمال مبدأ العدالة بوصفها الفرصة المتكافئة إعمالاً تاماً. وإن كانت البشرية قد حققت قدراً من التقدم في هذا المضمار بالقياس للمعايير التاريخية. وهو أمر ليس عارضاً أبداً لأن تاريخ العالم لم يشهد إلا قلة ضئيلة من المجتمعات التي اعترفت بتكافؤ الفرص كمطمح يتعين التطلع إليه. وما دامت فكرة العدالة بوصفها الفرصة المتكافئة أصبحت تعد محكاً للسياسة الاجتماعية العامة، فمن المحتمل أن يكون للاعتراف بالإخفاق في تحقيق هذه الفكرة في مجال معين أبعاد سياسية مهمة وحاسمة.
وتؤكد بريان باري في هذا الكتاب أن الاستبعاد الاجتماعي يتعارض مع مبدأ الفرص المتكافئة من ناحيتين على الأقل: أولاهما ان الاستبعاد يؤدي إلى وجود فرص تعليمية ومهنية غير متكافئة، والثانية أن الاستبعاد يشكل – واقعياً – إنكاراً للفرص المتكافئة على صعيد المشاركة السياسية.
دراسة الاستبعاد ثمرة توجه إنساني متقدم من هنا نتبين أن الاهتمام بدراسة الاستبعاد الاجتماعي إنما يصدر عن توجه إنساني متقدم: يُعلي من قيمة الإنسان الفرد، ويجاهد لكيلا يقع هذا الفرد ضحية لتطور المجتمع الذي يعيش فيه.
وكلنا يعلم أن السياسات الاقتصادية – الاجتماعية قد اجتازت في تطورها المعاصر مراحل متباينة، وبدلت أهدافها وغيرت من خططها وبرامجها مرات كثيرة، فسعت أولاً إلى تراكم الثروة، وحددته هدفاً للمجتمع ورأت فيه سعادة الفرد وسعادة المجموع. ثم تبينت أن المال وحده دون قيم توجهه وعلم يرقّيه وصحة تعرف كيف تفيد منه سيكون نجاحاً منقوصاً. من هنا اتجهت إلى تنمية البشر: برفع مستواهم المعرفي والصحي والأخلاقي... الخ، باعتبار ذلك أساس كل نهضة وشرط كل سعادة، ولكن غياب العدالة وتفاقم اللامساواة في الانتفاع بثمرات ذلك شدها يساراً مرة، ويمينا مرات. وعادت أخيراً لتستعيد بُعدها الإنساني، وتركز على تحقيق السعادة للجميع.
وبريطانيا ذات تراث عريض وممتد في دراسات المجتمع ذات التوجه الإنساني، فيها عاش ماركس وألف كتبه (وإن لم تنبت بذرته ثماراً على الأرض البريطانية ولا الأوروبية)، وفيها ترعرعت الاتجاهات الاشتراكية المعتدلة ذات التوجهات الإصلاحية (يكفي أن نذكر الحركة الفابية)، وهي كذلك صاحبة التراث الأوفر والأثرى في دراسات الفقر والحرمان: راونتري، وبفردج، وتاونسند، وكثيرون غيرهم، لذلك لا يفاجئنا ان تنبعث دراسة الاستبعاد الاجتماعي المعاصرة من الأرضية الخصبة لعلم الاجتماع البريطاني.
الاستبعاد مؤشر للبنية الاجتماعية موضوع الاستبعاد الاجتماعي، الذي هو نقيض الاندماج أو الاستيعاب، موضوع حيوي وكاشف لطبيعة البنية الاجتماعية في أي مجتمع. فالاستبعاد ليس أمراً شخصياً، ولا راجعاً إلى تدني القدرات الفردية فقط بقدر ما هو حصاد بنية اجتماعية معينة ورؤى محددة ومؤشر على أداء هذه البنية لوظائفها. وهو ليس موقفاً سياسياً فقط، ولا طبقياً... الخ، ولكنه جماع كل ذلك. وهو ليس شأن الفقراء وحدهم، ولا هم الأغنياء وحدهم، وإنما هو مشكلة الجميع، وليس أمامهم سوى تقليل الاستبعاد وتعظيم الاندماج وتحقيق الاستيعاب أي: المواطنة الحقة.
ومع أن الكتاب يوضح مراراً أن الاستبعاد الاجتماعي ظاهرة متميزة عن الفقر، ومتميزة كذلك عن عدم المساواة الاقتصادية، إلا أنه ينبهنا بكل الوضوح إلى الرابطة بين الدخل والاستبعاد الاجتماعي، لأنها رابطة ليست مباشرة وبادية للعيان، ولكنها تنشأ عبر معايشة مصير مشترك، من خلال المشاركة في المؤسسات ذات الطابع العام.
ورفع مستوى الخدمات والمرافق العامة كالمدارس والمؤسسات الصحية وغيرها، وتقديمها مجاناً لجميع المنتفعين يمكن أن تخفف من خطورة التفاوت في الدخول الشخصية. ولكن كتابنا يشدد هنا على شرط تقديم تلك الخدمات بمستوى واحد وبجودة عالية إلى الحد الذي يجعل هذه المؤسسات المجانية هي الوحيدة التي يلجأ إليها أغلب السكان، ويعتمدون عليها، ليس هذا فقط، بل إن توافر المسكن الملائم شرط مادي حاسم للانخراط في الشأن العام وتجنب الاستبعاد. ولم يعد الأمر مجرد مكان إيواء، وإنما هو عنوان محدد تسهل المراسلة عليه، وهاتف هو الأداة الأساسية للتواصل والتفاعل... الخ
وهذا الفهم للاستبعاد الاجتماعي يؤكده ويقيم الدليل عليه الكتاب الذي بين يدي القارئ، إذ يتناول الاستبعاد بوصفه حرماناً مستمراً وليس شأناً عارضاً، وبوصفه أزمة متعددة الأبعاد والمكونات تنطوي على: حرمان من المشاركة في مجالات العمل والإنتاج، ومن الاستهلاك الحقيقي الذي تتطلع إليه الكثرة، ومن المشاركة في الاهتمام بالشأن العام (أو الممارسة السياسية اليومية) وأخيراً من كثير من عمليات التفاعل الاجتماعي.
باحث اجتماعي عضو زهبي
التخصص : علم اجتماععدد المساهمات : 1494نقاط : 3052تاريخ التسجيل : 01/01/2010 العمر : 54
موضوع: رد: الاستبعاد الاجتماعي الثلاثاء أبريل 28, 2015 2:51 pm
الاستبعاد الاجتماعي
أية رؤية اقتصادية وأية إستراتيجية شاملة لا تراعي الأبعاد الاجتماعية وتهتم فعليا بتطويرها وتفعيلها، هي رؤية لا تخدم سوى طبقات اجتماعية محددة. وحيث أن الرؤى والاستراتيجيات تحتاج إلى مرجعيات نظرية وفكرية تستند عليها، فأنه من المفيد استعراض المرجعية الفكرية للديمقراطية الاجتماعية في بريطانيا.
فقد صدر عن سلسلة عالم المعرفة كتاباً تحت عنوان (الاستبعاد الاجتماعي)، تضمن مجموعة من الدراسات القيمة لباحثين ينتمون إلى مدرسة فكرية عملاقة ازدهرت في بريطانيا المعاصرة ورائدها عالم الاجتماع الشهير انتوني غيدنز، هدفها تجديد الديمقراطية الاجتماعية، ومعملها الرئيسي مدرسة لندن للاقتصاد والعلوم الاجتماعية.
يركز الكتاب على قضية الاستبعاد الاجتماعي، حيث يلفت انتباهنا البرفسور (غيدنز) لوجود شكلين للاستبعاد في المجتمعات المعاصرة بلغا درجة فائقة من الوضوح والتبلور، الأول هو استبعاد أولئك القابعين في القاع والمعزولين عن التيار الرئيسي للفرص التي يتيحها المجتمع، أما الشكل الثاني عند القمة، فهو الاستبعاد الإرادي، أو ما يسميه (غيدنز) (ثورة جماعات الصفوة) حيث تنسحب الجماعات الثربة من النظم العامة أو أحياناً من القسط الأكبر من ممارسات الحياة اليومية، أو يختار أعضاؤها أن يعيشوا بمعزل عن بقية المجتمع، وحيث تعيش هذه الجماعات المحظوظة داخل مجتمعات محاطة بالأسوار، وينسحب من نظم التعليم العام والصحة العامة... الخ الخاصة بالمجتمع الكبير، وينتهي (غندنز) إلى نتيجة خطيرة بأن الاستقطاب الذي أحدثته عولمة الاقتصاد على المستوى الطبقي، حيث عملت على اضعاف الطبقة الوسطى (أو حتى تدميرها أحياناً) وإيجاد استقطاب حاد بين طبقة عليا كثيرة القوة والنفوذ قليلة العدد، وطبقة أدنى (هي غالبية الناس) كثيرة العدد قليلة الحول والمال.
في هكذا حال تبرز قيمة المساواة وأهميتها وتحقيق حلم الشعوب في العدل الاجتماعي، ولذلك فإن هذه المدرسة الفكرية (مدرسة لندن) تؤكد على أن مفهوم الاستبعاد ما لم نربطه بفكرة المساواة الاجتماعية بوصفها لب عملية الاندماج ومن ثم نفياً للاستبعاد نكون بصدد خلط وقصور في الفهم على الصعيد السياسي والعلمي على السواء، وعليه فإن الكتاب يؤكد بأن الحكومة التي تتظاهر بأنها مهتمة بالاستبعاد الاجتماعي وتطرح برنامج الدمج والتمكين والتشاركية ولكنها لا تبالي بعدم المساواة الاجتماعية هي حكومة تعاني باضطراب الرؤية كتعبير مهذب استخدمه الكتاب، حيث القصد أكبر وأعمق من الاضطراب!
ويشير الكتاب إلى أن السياسات الاقتصادية – الاجتماعية قد اجتازت في تطورها المعاصر مراحل متباينة وبدلت أهدافها وغيرت خططها وبرامجها مرات كثيرة، فسعت أولاً إلى تراكم الثروة، وحددته هدفاً للمجتمع ورأت فيه سعادة الفرد والمجموع، ثم تبينت أن المال وحده دون قيم توجهه وعلم يرقيه وصحة تعرف كيف تفيد منه سيكون نجاحاً منقوصاً، ولذا اتجهت إلى تنمية البشر برفع مستواهم المعرفي والصحي والأخلاقي وغيرها باعتبار ذلك أساس كل نهضة وشرط كل سعادة، ولكن غياب العدالة وتفاقم اللامساواة في الانتفاع بثمرات ذلك شدها يساراً مرة ويميناً مرات.
إن الاستبعاد الذي هو نقيض الاندماج والاستيعاب هو ليس أمراً شخصياً حسب الكتاب ولا راجعاً إلى تدني القدرات الفردية فقط بقدر ما هو حصاد بنية اجتماعية معينة ورؤى مهددة ومؤثرة على أداء هذه البنية لوظائفها، وهو ليس موقفاً سياسياً فقط ولا طبقياً ولكنه جماع كل ذلك وهو ليس شأن الفقراء وحدهم ولا هم الأغنياء وإنما هو مشكلة الجميع، غير أن الأهم هو تأكيد الكتاب بالعلاقة الواضحة بين الدخل والاستبعاد الاجتماعي، ولذلك ترى مدرسة لندن بأن رفع مستوى الخدمات والمرافق العامة، كالمدارس والمستشفيات وتقديمها مجاناً لجميع المنتفعين يمكن أن يخفف من خطورة التفاوت في الدخول الشخصية. ولكن كتابنا يشدد هنا على شرط تقديم تلك الخدمات بمستوى واحد وبجودة عالية إلى الحد الذي يجعل هذه المؤسسات المجانية هي الوحيدة التي يلجأ إليها أغلب السكان ويعتمدون عليها، ليس هذا فقط، بل أن توافر المسكن الملائم شرط مادي حاسم للانخراط في الشأن العام وتجنب الاستبعاد، ولم يعد الأمر مجرد مكان للإيواء وإنما هو عنوان للتواصل والتفاعل.
إن الاستبعاد بوصفه حرماناً مستمراً وليس شأناً عارضاً، وبوصفه أزمة متعددة الأبعاد، حرمانا من المشاركة في مجالات العمل والإنتاج، ومن الاستهلاك الحقيقي الذي تتطلع إليه الكثرة، ومن المشاركة في الاهتمام بالشأن العام كالممارسة السياسية اليومية وغيرها من عمليات التفاعل الاجتماعي.
ولذا فإن هذا الكتاب يهم كل عربي وكل شرقي بل وكل من ينتمي إلى العالم الثالث رغم أنه لم يؤلفه أي من أبناء مجتمعات المعاناة.
لقد كلف مؤتمر القمة الأوروبية في لشبونه الدول الأعضاء فيه باتخاذ سياسة تعزيز التماسك والاندماج الاجتماعيين بوصفه هدفاً استراتيجياً، ولذلك دخل مفهوم الاستبعاد الاجتماعي مباشرة في العملية السياسية للحكومة البريطانية بعد أن قامت حكومة حزب العمال عام 1997، بإنشاء (وحدة الاستبعاد الاجتماعي) للتنسيق بين الوزارات المعنية، في الوقت نفسه، أسس على البحوث الاقتصادية والاجتماعية (مركز تحليل الاستبعاد الاجتماعي) واتجه المركز إلى إجراء حوار موسع حول الموضوع على الصعيدين الكتابة العامة والبحث العلمي الرصين، وهذا الكتاب الذي نستعرض محاوره هو واحد من ثمرات هذا المركز.
إن تبيان هذه الإجراءات أعلاه هدفه توضيح حجم التلاحم بين السياسة الاجتماعية الاقتصادية الرشيدة والبحث العلمي الملتزم اجتماعياً، واللقاء المستمر بينهما لرسم السياسات واقتراح البرامج، فهل يصل مجتمعنا إلى هذه المرحلة من التواصل بين صانعي السياسة والاقتصاد وعلماء الاجتماع؟!.
عبدالله جناحي كاتب من البحرين
باحث اجتماعي عضو زهبي
التخصص : علم اجتماععدد المساهمات : 1494نقاط : 3052تاريخ التسجيل : 01/01/2010 العمر : 54
موضوع: رد: الاستبعاد الاجتماعي الثلاثاء أبريل 28, 2015 2:51 pm
أحرار لكن فقراء ” الاستبعاد الاجتماعي ” وخطوطه الحمراء بقلم / عبدالعزيز بن محمد الخاطر ( كاتب قطري ) ما أقصده بالحرية هنا هو ذلك النمط من الحرية الشخصية الذى افتقدته المجتمعات الاشتراكية في فترة الحكم الشمولي كحرية التملك والسفر وغيره ، أما ما قصدته بالفقر ليس هو ذلك المفهوم التقليدي الذى يتبادر الى الذهن بمعنى الحرمان والافتقار لما هو ضروري للرفاه المادي ولكنه التعريف الجديد الذى أدخلته الأمم المتحدة في تقريرها حول التنمية البشرية تحت مسمى ” الفقر البشري ” ويعني الحرمان من الفرص والخيارات التي تعتبر أساسية للتنمية البشرية وتطوير المجتمعات واتجاهها نحو الديمقراطية وبعدها بالتالي عن أشكال الحكم القمعية والتسلطية ومن أهم مقايسة الاستبعاد الاجتماعي أي عدم القدرة على اقتحام مناطق معينة داخل المجتمع وتقليل الحراك الاجتماعي لفئاته وتحديد الفرص وتحديد كذلك سقف المستقبل لكل فئة من فئات المجتمع . فالأدوار بالتالي محدده سلفاً لهذه الفئات ولا يمكن تجاوزها . بهذا المعني تدخل جميع دول عالمنا العربي والإسلامي ضمن دائرة ” الفقر البشري ” فجميع شعوب الدول فقيرة بشرياً ولا يمكن بحال من الأحوال أحداث التطور السياسي الفعلي دونما تفكيك لآليات الفقر البشري المشار إليه بتوسيع الخيارات المتاحة لدى الناس وإلغاء الاستبعاد الاجتماعي وفتح سقف المستقبل لجميع الفئات بحيث يمكن لكائن من كان أن يصل الى أعلى مراتب السلطة وهكذا . وقد سبق لماركس أن أشار الى أن المجتمع الرأسمالي مجتمع فئوي والحرية فيه في تقابل مع الفقر وقد وصف الفلاح في المجتمع الرأسمالي بأنه حر لكنه فقير . لذلك فأن أنصاف الديمقراطيات لا تنفع مع هذا المفهوم الجديد للفقر الذى تحددت أبعاده في الحرية مع إمكانية للحراك الاجتماعي دون قيود ودون سقوف تحدد من يصل الى المواقع المتقدمة دون غيره ومن لا يحق له سياسياً أو ربما تاريخياً تحقيق ذلك . إن ما حدث في العقود الأخيرة من اقتناص غير برئ لمفهوم الديمقراطية مجاراة للعصر وهرباً من بشاعة الوصف بإهدار حقوق الإنسان ومصادرة الحريات لا يخرج من كونه جراحه تجميلية لتلك البشاعة يفضحها ويكشف عيوبها هذا المفهوم الجديد للفقر بالرغم أن هناك مزيداً من الحرية تتمتع بها تلك الشعوب إلا أنها فقيرة ومحدده الطموح والمستقبل سلفاً وجميعنا يلحظ الانتكاسات المتكررة على التجارب الديمقراطية المنقوصة وسبب ذلك في مضامينه يعني الاستبعاد الاجتماعي لفئات أخرى لم تتمكن بالطريقة السليمة من تغيير الوضع الراهن . ولابد هنا من الإشارة الى أن مفهوم الفقر البشري يتضمن العديد من المؤشرات التي لابد من اعتبارها للأخذ به في سبيل تطور المجتمع فهو عملية تنموية في حد ذاته ، من هنا تبدو الإشكالية فيما يتعلق بالدول النامية فلا يمكن بحال من الأحوال العمل على تلافي مضامين الفقر البشري إذا كان في ذلك تهديداً للأنظمة القائمة لأن في ذلك زوالها واستبعادها من السلطة . فمن صالحها بالتالي الإبقاء على مؤشرات هذا النوع من الفقر لأنه يرتبط بقيامها واستمرارها . في حين تحتل الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية المراكز المتقدمة في هذا المقياس الجديد كما يشير تقرير الأمم المتحدة عام 1998م فليس هناك استبعاداًً لفئة أو تنظيماً أو طبقة من إمكانية التحرك الى الأمام أو الى الخلف وكل ذلك مرتبط بقدرتها على تنظيم نفسها وما يمكن أن تقدمه من برامج في جميع المجالات ، بينما تحتل الدول الأفريقية والأسيوية بما فيها دولنا العربية والإسلامية مراتب في ذيل القائمة لجمود مجتمعاتها واقتصارها على تكويناتها التاريخية السابقة فالملك ملك والخفير خفير . فكل الذى شهدته العقود الأخيرة ونشهده الآن في خضم هذا العالم النامي هو مزيداً من الحرية الفردية يقابلها تجسيداً واضحاً لمؤشرات الفقر البشري الذى أشرته إليه خاصة مفهوم الاستبعاد الاجتماعي فحقيقة تلك الشعوب الواضحة تتجلى في أنهم أحراراً لكنهم فقراء ومن الصعوبة بمكان كسر هذه المقابلة التي تقبض ثمن الحرية باهضاً حيث تقرنه بالفقر وفي ذلك ضياع لقيمة الحرية ما بعده ضياع .
باحث اجتماعي عضو زهبي
التخصص : علم اجتماععدد المساهمات : 1494نقاط : 3052تاريخ التسجيل : 01/01/2010 العمر : 54
موضوع: رد: الاستبعاد الاجتماعي الثلاثاء أبريل 28, 2015 2:52 pm
هل التعليم عامل ترابط أم استبعاد اجتماعي?
أكدت عدة بحوث أن الفشل في التعليم يرتبط ارتباطا قويا بعمليةالاستبعادالاجتماعيSocial Exclusion , يضاف إلى هذا ظهور عدد متزايد من الشواهد على أن الأمر أكثر من مجرد الارتباط بل إن العلاقة بينهما علّية ويمكن عكسها.وان كان ذلك يمثل عملية طويلة وصعبة. ومع ذلك نستطيع ان نطرح التساؤل التالي: هل التعليم عامل ترابط أم عامل استبعاد؟ وهذا السؤال هو محور محاولتنا الأجابة عليه في طرحنا, فإذا كنا نتبنى رؤية أن التدني في مستوى التحصيل الدراسي له علاقة وثيقة بمظاهر الاستبعاد الاجتماعي والتي أهمها جيوش العاطلين عن العمل وبالتالي المبعدين عن المشاركة في أنشطة الحياة العامة, فانه قد عرض مؤتمر القمة العالمية للتنمية الاجتماعية منذ أكثر من عقد,والذي قد عقد في كوبنهاجن من 6 إلى 12 مارس 1995 صورة مزعجة للحالة الاجتماعية الراهنة مذكّرا بوجه خاص بأن أكثر من مليار كائن بشري في العالم في فقر مدقع ويعاني معظمهم كل يوم من الجوع وان أكثر من 120 مليون شخص في العالم يعانون رسميا من البطالة وان أكثر منهم بكثير في حالة عمالة تشبه البطالةUnemployment والأعداد تتزايد كما تصرح به تقارير التنمية الإنسانية الصادرة عن برنامج الأمم الإنمائي وكذلك تقارير البنك الدولي ولا يتسع المجال لذكرها الآن, وكثيرا ما يعتبر نظام التعليم مسئولا عن البطالة, لاسيما إذا علمنا تدني متوسط تراكم رأس المال البشري(مع تحفظنا في إطلاق هذا المصطلح دون تحديده ببعض الضوابط القيمية) في عالمنا العربي. وبشيء من التفاؤل الحذر يحاول تقرير دايلور المقّدم إلى منظمة اليونسكو في العام 1996 أن يجيب عما إذا كان التعليم عامل ترابط أم عامل استبعاد بأن التعليم قد يكون عامل ترابط إن هو عني بأخذ اختلاف الأفراد والجماعات البشرية في الحسبان, مع تجنب أن يكون هو ذاته عاملا من عوامل الاستبعاد الاجتماعي. فمبدأ المنافسة -المؤاتي في بعض الحالات للتنمية الفكرية- يمكن في الواقع أن ينحرف عن القصد ويترجم بممارسة مفرطة للاختيار بالاستناد إلى النتائج المدرسية. وحينئذ يبدو الرسوب المدرسي أمرا لا رجعة فيه وكثيرا ما يولّد التهميش والاستبعاد الاجتماعيين. وهناك بلدان كثيرة وخاصة من البلدان المتقدمة, تعاني حاليا من ظواهر محيّرة جدّا للسياسات التعليمية: فمن المفارقات أن إطالة مدة الالتحاق بالمدرسة أدّت بالأحرى إلى تدهور لا إلى تحسّن, وضع الشباب المغبونين اجتماعيا,و/أو الذين يواجهون حالات رسوب مدرسي. فالرسوب وترك الدراسة يصيبان نسبة هامة من التلاميذ, حتى في البلدان التي يبلغ فيها الإنفاق على التعليم أعلى المستويات في العالم. فهما يتسببان في انفصام بين فئتين من الشباب, يزيد من خطورته انه يمتد إلى عالم العمل. فمن لم يحصلوا على مؤهّل يتقدمون إلى العمل في المؤسسات بعائق يكاد أن يعصي على الحل. وهكذا فان بعضهم, وقد اعتبرتهم المؤسسات غير صالحين للتوظف, يجدون أنفسهم مستبعدين نهائيا من عالم العمل, ومحرومين من أي إمكانية للاندماج في المجتمع. وحينئذ يصبح الفشل الدراسي الذي يؤدي إلى الاستبعاد, ذلك السبب الذي يكمن في كثير من الحالات وراء بعض أشكال العنف أو الانحرافات الفردية. وهذه العمليات التي تمزّق النسيج الاجتماعي تؤدي في آن معا إلى التنديد بالمدرسة باعتبارها عامل استبعاد اجتماعي, والى شدة الطلب عليها باعتبارها مؤسسة رئيسية تساعد على الدمج أو على إعادة الدمج. وتتسم المشاكل التي تثيرها السياسات التعليمية بالصعوبة الشديدة: إذ يجب لذلك اعتبار مكافحة الفشل الدراسي ضرورة اجتماعية ملحة. وإذا كان احد الأعمدة الأربعة لأسس التعليم هو " تعلم لتكون" (صاغ هذه الأسس تقرير دايلور الصادر عن اليونسكو1996 وهي: تعلم لتكون, تعلم لتعرف, تعلم لتعمل, تعلم لتتعايش مع الآخرين) وهو يعني أن على التربية أن تسهم في التنمية الشاملة لكل فرد... فان ذلك منوط بإتاحة الفرص للشباب في تفعيل قدراتهم الإبداعية والتخيلية. ويدلنا تحليل جون هوبكرافت لبيانات الدراسة القومية لنمو الطفل على أنه يعتبر " نتائج الاختبارات المدرسية خلال مرحلة التعليم الإلزامي أقوى مؤشرات مرحلة الطفولة على سوء العاقبة عند البلوغ" . فتؤكد هذه الدراسة وغيرها أن الأفراد الذين يتخرجون في المدرسة بمستويات منخفضة من التحصيل الدراسي معرّضون بشدة لخطر الاستبعاد الاجتماعي عند البلوغ ، ويرتبط التحصيل الدراسيAchievement ارتباطا قويا بالبطالة وبالدخل في كل بلاد العالم المتقدم, ويمكن القول بوجه عام أن معدّلات البطالة تنخفض بارتفاع مستوى التحصيل الدراسي للعمّال (منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية 2000) . كما يتأكد أن تحصيل المهارات الأساسية في القراءة والكتابة والحساب يؤثّر تأثيرا عميقا في المشاركة في سوق العمل والبطالة. وتدل بعض الشواهد على أن هذا الخطر يزداد خصوصا بالنسبة إلى ذوي المهارات الشديدة الضعف في الحساب. ومن حيث القدرة على الالتحاق بسوق العمل فلا تتاح سوى وظيفة واحدة من بين كل خمسين وظيفة لأصحاب المستوى المهاري الأدنى، وتتاح 50 % فقط من الوظائف لأصحاب المستوى المهاري الثاني!، ومعنى هذا أن البالغين ذوي المهارات المنخفضة معرّضون للبطالة بمعدل خمسة أضعاف أصحاب المهارات المتوسطة. ويلاحظ أن صعوبات سوق العمل المرتبطة بضعف المهارات الأساسية تبدأ في الظهور خلال المراحل الأولى من الحياة العملية .وقد كشفت دراسة مواليد الفوج السكاني عام 1970 في بريطانيا أنه في سن الحادية والعشرين يزداد احتمال تعطّل خريجي المدارس الذكور ذوي المهارات الضعيفة وأنهم مروا بتجربة البطالة عددا من الشهور يبلغ ضعف ما تعرض له نظراؤهم ذوو المهارات الأساسية المتوسطة . ولكنا نجد بحوثا أخرى عن المهارات الأساسية تشير إلى أن مستوى تحصيل الرياضيات يكون حاسم التأثير في احتفاظ المرء بوظيفته في عالم الاقتصاد الحديث ،كما يلاحظ لأن الإناث اللائي تخرجن بمستويات مهارة ضعيفة كنّ أقل تعرضا للبطالة من نظرائهن الذكور، وان كان يميزهن تعديل المسار المهني وتنوعه، والتنقل بين الوظائف، وعمليات التدريب والتعليم، كما أنهنّ يتعرضن للبطالة على فترات متباعدة أو يتجهن إلى الزواج وتكوين أسرة في سن مبكرة. ومن هنا يتضح وجود علاقة بين المؤهلات ،والمشاركة في سوق العمل والدخل .ولهذا نلاحظ ازدياد حاجة الأفراد إلى نيل بعض المؤهلات ،وفي عام 1986 كانت 62% فقط من الوظائف المتاحة تتطلب نوعا من المؤهلات ،وفي عام 1997 ارتفعت النسبة إلى 69% وقد ازداد عبر الزمن إدراك أهمية المؤهلات كعامل في تفسير البطالة . كما يرتبط ضعف المهارات الأساسية بعدّة آثار أخرى تظهر لدى الكبار, في سن السابعة والثلاثين نجد أن ثلث أصحاب المهارات الأساسية الشديدة الضعف لم يستطيعوا تملّك المسكن الذي يقيمون فيه، في مقابل أقل من 10%من الرجال والنساء ذوي المستوى المهاري الجيد. كما أن أعداد كبيرة من أصحاب المهارات الضعيفة لا يدلون بأصواتهم في الانتخابات العامة , فقد تبين أن 32%من الرجال و30% من النساء ذوي مهارات القراءة والكتابة المنخفضة قد عجزوا عن الإدلاء بأصواتهم في بريطانيا عام 1989، فضلا عن هذا ثبت وجود علاقة عكسية بين التحصيل الدراسي وتدهور الصحة العامة مقاسا بمؤشر الوهن. وهذه المؤشرات التي عرضناها آنفا تؤكد الأسباب التي توضح لماذا يتفوق ابناء الطبقات العليا على أبناء الطبقات المتوسطة او الطبقات الأخيرة على الطبقات العاملة حسب ما توصل اليه بورديو. ولذلك نرى أن كارنوي يحمّل سياسات التعليم مسؤولية الإخفاق الدراسي لدى أبناء الطبقات الفقيرة فهو يرى أن سياسات التعليم موجّهة لتعليم فئة محددة.علاوة على أن مشكلة التسرب من المدارس في الدول النامية ناتج عن العائد السلبي لهذا النظام التعليمي، خاصة وان أبناء الطبقات الدنيا هم الأكثر رغبة في ترك المدرسية، حيث تصل نسبة المتسربين منهم إلى 60%في العام الدراسي الثالث ، كما إن نسبة 40 %فقط من أبناء هذه الطبقات هي التي تشعر أو تتمتع بتقدير الذات والاعتماد على النفس . وبإيجاز إن أبناء الطبقات الأغلبية الفقيرة هم الأكثر فشلا في النظام التعليمي وعدم التمتع بفرص الحياة الاقتصادية والاجتماعية نتيجة إستراتيجية هذا النظام الموجه إلى أبناء الطبقات العليا. وهذا ما يعكس -عموما- العلاقة المتبادلة بين مشكلة التسرب ومشكلة الحراك الاجتماعيSocial Mobility, حيث إن هناك علاقة سلبية بين التعليم واكتساب المهن لأن الحراك يتميز بأنه حراك أفقي لا رأسي بمعنى أن ينتقل أبناء الطبقات الفقيرة للحياة في المدينة بدلا من الريف، والعمل في المصنع بدلا من الأرض دون تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة, نتيجة للدخول المتدنية التي يتحصل عليها هؤلاء الأفراد من مهنهم المتواضعة. وهكذا نرى أن كارنوي بشكل غير مباشر يبين العلاقة الوثيقة بين نوعية التعليم ونوعية المهن وعلاقة كل منهما بالطبقة الاجتماعية كما بينا في إطار توضيحنا علاقة الاستبعاد الاجتماعيSocial Exclusion بنوعية التعليم. و يبقى السؤال مفتوحا أمام الباحثين هل التعليم عامل ترابط ام استبعاد الاجتماعي؟ أحمد جميل حمودي
باحث اجتماعي عضو زهبي
التخصص : علم اجتماععدد المساهمات : 1494نقاط : 3052تاريخ التسجيل : 01/01/2010 العمر : 54
موضوع: رد: الاستبعاد الاجتماعي الخميس مايو 07, 2015 11:31 pm
مفهوم الإقصاء.. أديتيا أنوبكومار / ترجمة: بثينة الإبراهيم
* يعرّف الإقصاء بأنه العملية الاجتماعية التي يتم بها تهميش الأفراد _ وبخاصةٍ تهميش جماعةٍ ما في مجتمعٍ أكبر_ كإقصاء الطبقة الدنيا مثلاً. * " لم يُخلق الناس سواسيةً، وهذا هو أصل فساد المجتمع" فرانك هربرت
يصف مصطلح "الإقصاء/ التهميش" عادةً أفعال المجتمعات البشرية أو ميولها الصريحة في التخلص من غير المرغوب بهم أو الذين تراهم بلا منفعة، أو استثنائهم "تهميشهم" من أنظمة الحماية والتفاعل السائدة في المجتمع، ومن ثم تقليص فرصهم ومواردهم المالية التي تعينهم على البقاء. تتعدّد مظاهر الإقصاء في الخطاب السياسي والاجتماعي والاقتصادي، إذ تتنوع بين الإبادة/ التطهير العرقي وبعض الممارسات التي تظهر كراهية الغرباء في أكثر أشكالها تطرفاً، أو قد تظهر في هيئة مصاعب تتعلق بالجانب الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الفردي/ العائلي. وقد تتنوع مظاهر الإقصاء تبعاً لمستوى نمو المجتمع ثقافياً، _و ربماعلى نحو أكثر أهمية_ نموه اقتصادياً فعلى سبيل المثال، سيكون من الطبيعي أن تظهر الجماعات "المهمشة" في العالم الثالث أي في الدول النامية، أكثر من ظهورها في دول العالم الأول/ الدول المتقدمة. في الحقيقة، يمكن كذلك التفريق بينهما بناءً على الخيارات المطروحة ضمن هذا الإطار، فأولئك الذين يعيشون في ظل ظروفٍ قاسية مجبرين ( وبعيدين كلياً عن أنظمة الحماية التي يتمتع بها سكان العالم الأول) يتركون غالباً للموت جوعاً، أو مرضاً أو بسبب الحروب. ويمكن لنا أن نضيف إلى جانب هؤلاء الأقليات المتنوعة والنساء...كما نجد في الدول المتقدمة تهميش متعاطي المخدرات من ذوي الدخل المنخفض. هذا التهميش المتعمد أو المقصود يحمل في جنباته مظاهر مما يسمى "الداروينية الاجتماعية". وقد نستطيع تفسير بعض المصطلحات ذات الطبيعة السيو سياسية في ضوء مصلح "الإقصاء/ التهميش"، فكلمة "الحرب" مثلاً تعني في جوهرها العنف الاجتماعي واسع النطاق الهادف إلى إقصاء العدو، وعلى نحو مشابه تبدو كلمة "العدو" جوهرياً اعتباراُ للنظير بأنه ذو نية عدائية ومن ثم الرغبة بجعل "العدو" كياناً مهمشاً سواءٌ أكان ذلك بمحض إرادته أو بإرادة المستهدف بالعدوان. ويظهر "الإقصاء / التهميش" في لب كل مسائل الصراع الاجتماعي، التي تختلف تسمياتها باختلاف مظاهرها وتمثلاتها. كان "تحسين النسل" هو المصطلح الذي أطلق على جملة من الأفكار العلمية التي تؤيد إقصاء الأفراد (قتلاً أو إجهاضاً) الموسومين بالوضاعة تبعاً لمعيار العرق وحده. وقد صاغ تعبير "تحسين النسل" السير فرانسيس جالتون، أحد أقرباء تشارلز داروين، عام 1883 ليشير إلى دراسة واستخدام "الاستيلاد الانتقائي" ( للبشرأ والحيوانات) لتحسين النوع عبر الأجيال، وكان ذلك تحديداً فيما يتعلق بالصفات الوراثية. طور جالتون خلال سنوات تعريفه ليشمل أنواعاً محددة من "تحسين النسل إيجابياً" (أي تشجيع الأصلح على التكاثر) و"تحسين النسل سلبياً" (أي تثبيط أو حرمان الأقل صلاحية من التكاثر). ومع ذلك، يرتبط المبدأ الذي حدده جالتون بشكل مباشر مع تعاليم داروين وأعماله، فبحسب الأخير تعيق الحضارة الإنسانية آليات الطبيعة في الاصطفاء الطبيعي. إن مساعدة المعدمين هي أحد أهداف الحضارة، ولذلك فإنه عند تعارضها مع الاصطفاء الطبيعي تكون مسؤولة عن انقراض الأضعف. إن أحد تطبيقات تحسين النسل الأكثر رعباً هو إقصاء أي طرف لا يُرى فيه الكفاءة، فقد تنوعت سياسات "تحسين النسل سلبياً" في الماضي بين التفرقة العنصرية و التعقيم "جعل المرء عقيماً"، أو حتى في الإبادة. إن أحد أشهر تطبيقات "تحسين النسل" أو بالأحرى أكثرها سوء سمعة في التاريخ، كانت في ألمانيا في زمن حكم أدولف هتلر، ومحاولاته لإيجاد عرق ألماني "صافٍ". فقد أجرى النازيون تجارب متطرفة وحشية غالباً على أناس أحياء لاختبار نظرياتهم الجينية. وخلال الثلاثينيات والأربعينيات، قام النظام النازي بتعقيم مئات الآلاف الذين وجد أنهم غير صالحين عقلياً، كما قتل عشرات الآلاف من المعاقين في برامج "القتل الرحيم" الإجبارية. تأتي الولايات المتحدة في المرتبة الثانية في تطبيقها "لتحسن النسل"، فقد سنّت عدة ولايات بدءاً من كونيكتيكت عام 1896 قوانين للزواج "بمعايير جينية"، بحيث حرمت المصابين بالصرع أو العته أو الضعف الذهني من الزواج. كما كان قانون "تسجيل المهاجرين" لأيقاف تدفق "العرق الوضيع" من أوروبا الشرقية والغربية ممارسة أخرى لتحسين النسل. وقامت بعض الولايات بتعقيم المصابين بالعته طوال القرن العشرين تقريباً، وقد حكمت محكمة الولايات المتحدة العليا في قضية "باك ضد بيل" عام 1927 بأن ولاية فرجينيا يحق لها تعقيم أولئك الذين تراهم "غير أكفاء"، وقد كان قرار المحكمة سارياً على ثلاثة أجيال من المصابين بالعته ما يعني أنه أباح التعقيم الإجباري. بين عامي 1907 و 1963، الحقبة الأكثرنشاطاً لتحسين النسل، تم تعقيم ما يفوق 64000 شخص قسرياً بموجب التشريع الذي يبيح تحسين النسل في الولايات المتحدة. وعندما حوكم القادة النازيون بسبب جرائم الحرب التي ارتكبوها في نيورمبيرغ بعد الحرب العالمية الثانية، كان تبريرهم لعمليات التعقيم الهائلة التي أجروها ( أكثر من 450000 في أقل من عشر سنوات) بأنهم استلهموا ذلك من ممارسات الولايات المتحدة . وعند فرض قوانين كهذه في مجتمعاتٍ لا يملك المهمشون فيها أي قرار لن يكون أمامهم سوى القبول بالقرارات المفروضة. وحري بنا القول أن تحسين النسل قد تراجع، وأصبح مصطلحاً يثير الاشمئزاز بالرغم من أنه عاد للظهور ثانية في شكل مختلف في قضية الاستنساخ. يعد مصطلح الداروينية الاجتماعية مصطلحاً وصفياً يطلق على النظرية الاجتماعية التي جمعت بين نظرية داروين في التطور عبر الاصطفاء الطبيعي و بين العلاقات الاجتماعية للبشرية. يقول سبنسر في كتابه "التقدم: القانون والعلة 1857": " هذا التقدم العضوي هو القانون لكل أشكال التقدم، سواءٌ أكان ذلك في تطور الأرض أو الحياة على سطحها، أو تطور المجتمع أو الحكومة..هذا التطور من البسيط إلى المعقد في عملية من التمايز المستمر يدوم أبداً". ذكر مالتوس ( وهو كاتب معروف آخر في الداروينية الاجتماعية) في كتابه مقال في قانون النمو السكاني 1798، ذكر أن النمو السكاني المتزايد سيفوق المخزون الغذائي مما سيؤدي إلى مجاعات في محيط الفقراء. وقد ذكر بعض علماء التاريخ بأن البريطانيين قد استغلوا نظرية مالتوس وبضع أفكار مشابهة لتبرير التصدير المستمر للمحاصيل الزراعية من إيرلندا حتى عندما كان الإيرلنديون يعانون من المجاعة، وتحديداً المجاعة الكبرى التي وقعت بين عامي 1845 و 1849. ولأن الداروينية الاجتماعية تحضر في الذاكرة الجماعية مترافقةً مع العنصرية والإمبريالية وتحسين النسل فإن انتقادات كهذه تطبق أحياناً ( أو يساء تطبيقها) على أي نظرية سياسية أو علمية أخرى تجسد الداروينية الاجتماعية. تنقسم الأنظمة التي تعارض تهميش الأفكار إلى نمطين: يركز الأول على الأفراد ضمن المجتمع النظام "غير المتحضر" للاصطفاء الطبيعي ومركزاً بدلاً من ذلك على تقدم المجتمع ككل، بينما يقلل الثاني ببساطة من شأن الشرعية الكلية للسلطة والواجب في المجتمع ويوازن بين مشكلة التهميش ومفهوم الفرد باعتباره حالة خاصة. يعارض إيمانويل كانت هذا في أعماله التي عالجت مفهوم التاريخ الشامل، وقد كانت أفكاره عن المجتمع "يوتوباوية/ مثالية " داعياً إلى بناء المجتمع والحضارة باعتبارهما تقدماً اعتيادياً بعيداً عن الاصطفاء الطبيعي والداروينية الاجتماعية. وقد عكست أعمال كانت رؤيته حول المجتمع الذي يعمل من الداخل ليتطور ككل أكثر من مجرد التخلص من العناصر الجينية "غير الضرورية أو غير المرغوب بها". وقد جاءت أطروحته ذات الأفكار التسعة حول التاريخ الشامل كالتالي: 1- تطور كل قدرات الكائن الطبيعية كما هو مقدر لها وبما يتناسب مع غايتها. 2- هذه القدرات الطبيعية في الإنسان ( باعتباره الكائن العاقل الوحيد على الأرض ) الموجهة نحو استخدام العقل تتطور في النوع لا في الأفراد. 3- أرادت الطبيعة أن ينتج الإنسان بمحض إرادته تماماً كل ما يتجاوز وجوده الحيواني و أن يسعى نحو السعادة والكمال اللذين يستطيع حمايتهما بعقله وليس بغريزته. 4- إن الوسيلة التي تعتمدها الطبيعة لتطور قدرات الإنسان هي في إيجاد التضاد فيما بينها في المجتمع، ومن ثم سيكون هذا التضاد هو السبب لإيجاد نظام يحكمه القانون في المجتمع. 5- تكمن مشكلة النوع البشري الكبرى _ الذي تجبره الطبيعة على البحث عن حل لها _ في تأسيس مجتمع مدني شامل يحكمه الحق. 6- هذه المشكلة هي أصعب وآخر ما يتوجب على الجنس البشري حله. 7- تعتمد مشكلة تأسيس دستور مدني كامل على مشكلة العلاقات الخارجية التي يحكمها القانون مع الدول الأخرى ولا يمكن حلها ما لم يتم حل الأخيرة. 8- يمكن أن نعتبر تاريخ الجنس البشري بشكل عام إدراكاً لخطة الطبيعة الخفية لخلق دستورعام كامل داخلياً وخارجياً للهدف نفسه، 9- يجب أن ينظر إلى المحاولة الفلسفية لإيجاد وحدة مدنية كاملة للجنس البشري باعتبارها ممكنة ومساعدة لتحقيق هدف الطبيعة في ذلك. ويكمن الهدف من هذه الأطروحة في جعل كل فرد عضواً وعاملاً فاعلاً في المجتمع ( ومن ثم يسعى لإلغاء كل ممارسات الأنظمة الاجتماعية التي قد تؤدي إلى تهميش الجماعات المختلفة). عالج فيلسوف آخر هذه المسألة بالرغم من أن طرحه كان مختلفاً قليلاً، فقد كانت آراء هنري ديفيد ثيورو ذات طبيعة استعلائية، مقللة من احتمالية تهميش أي طرف من المجتمع، من خلال التأكيد على ضرورة الموازنة بين المجتمع والفرد. وفي نقده للتقدم المجتمعي عبر الوراثة قال:" أن تأتي إلى العالم وريثاً لثروة ما لا يعني أنك مولود فحسب بل يعني بالأحرى أنك مولود ميتاً. أن تعيش على إحسان صديق ما أو على تعويض حكومي يمكنك من البقاء حياً، بما يمكن استخدامه من مفردات لوصف هذه العلاقات، يعني أنك تعيش في ملجأ." وفيما يتعلق بالمجتمع والآمال المجتمعية يقول ثيورو:" ربما أكون قلقاً أكثر من اللازم فيما يتعلق بحريتي. أشعر أن ارتباطي بالمجتمع والتزامي نحوه ضئيل جداً وزائل". وهذا يثير قضية الالتزام والنظام الاجتماعيين وكيف يؤثر كل منهما في تصرفات الأفراد. وعلى الرغم من كون هذه الآراء متطرفة/ راديكالية لكنها تعارض آثار الإقصاء. وثيورو هنا لا يتخلى عن المجتمع لكنه يحتفظ بمسافة بينهما ليحافظ على حالته "الفردية" كما يرغب، بحيث لا يرزح تحت تأثير مطالب المجتمع وحاجاته. (" لقد استقرت العلاقات العامة، ولا بد من الاهتمام الآن بالفرد، لنتأكد _ كما تعهد مجلس الشيوخ الروماني_ بأن الفرد لا يتعرض للإساءة. إن الضغوطات التي يمارسها المجتمع على أفراده والضغوطات بحكم الاختلافات الطبقية/ الطائفية/ الدينية هي أيضاً مما يستحق الدراسة، ولذلك يتحدث ثيورو واصفاً مأزق الأفراد واختلاف تقبلهم للقدر فيقول:" وبالتالي يستلقي الناس على ظهورهم ويتحدثون عن سقوط الإنسان دون بذل أي جهد للنهوض." ويبدو المجتمع إذن واحداً من اثنين: إما أنه مجتمع للاصطفاء الطبيعي حيث يكون البقاء فيه للأصلح، أو أنه مجتمع يتقدم فيه الناس جميعاً على نحو حضاري. إن أحد المظاهر المهمة للمجتمع هو فكرة التماثل، والعلاقة بين الجماعات المتماثلة وغير المتماثلة في المجتمع، كالعلاقة بين الجماعات المسيطرة والجماعات المهمشة مثلا. ويعرف سي.إتش. كولي التماثل بأنه السعي للحفاظ على مجموعة من المعايير وضعتها جماعة ما، وهو تقليد اختياري/ طوعي للنمط السائد من الأفعال والتي تتميز عن السلوك التنافسي أو العدائي للمحاكاة من خلال البقاء مستسلما إلى حد ما بهدف الاستمرار لا التفوق، شاغلاً نفسه غالباً بالماديات والشكليات. من جهة أخرى يمكن أيضاً أن نميزه عن التقليدي اللا إرادي عندما يكون مقصوداً لا آلياً. ولذا فإنه لن يكون من التماثل ، بالنسبة لمعظمنا، التحدث باللغة الإنجليزية لأننا عملياً لا نملك خياراً في هذا الأمر، ولكن يمكن لنا أن نختار محاكاة طريقة معينة في اللفظ أو أنماط الخطاب التي يستخدمها من نرغب بالتعاطي معهم. يكمن الدافع وراء هذا التماثل في الإحساس _ قوياً كان أم ضعيفاً_ بمصاعب عدم التماثل / الاختلاف وآلامه. حيث يرى كثير من الناس أنه من المؤلم الذهاب إلى مناسبة مسائية دون ارتداء اللباس المناسب لها، وينبع الألم من الإحساس بفضول الآخرين المزدري الذي يتخيل المرء أنه سيثيره. ويتعرض إحساسه بذاته اجتماعياً للتجريح بفعل رأيه السلبي عن نفسه الذي يعزوه إلى الآخرين. هذا المثال نموذج للأسلوب الذي تهيمن به الجماعة على أفرادها في كل الأمور التي لا يملك المرء حيالها هدفاً خاصاً واضحاً. يجبرنا العالم على فعل ذلك دون هدف معين، من خلال الدافع المشترك بيننا جميعاً لاحتقار الغريب دون سبب واضح لذلك. تقول جورج إليوت في حديثها عن فساد الأهداف السامية لبعض الأفراد:" ليس هنالك في العالم ما هو أكثر غموضاً من عملية تغيرهم تدريجياً ! لقد استنشقوه في البدء دون معرفة منهم، قد نكون أنا وأنت أطلقنا أنفاسنا مسببين العدوى لهم حين ننفث أكاذيبنا المتشابهة واستنتاجاتنا السخيفة أو ربما جاء ذلك بفعل سحر نظرة امرأة." " الوحدة مخيفة وثقيلة"، والاختلاف يحكم علينا بأن يوجد جينات في الآخر، إن لم يوجد البغضاء، بحيث يعرقل الراحة والتلقائية التي تتطلبها بساطة التواصل والتعاطف. ولذلك فإنه من الصعب أن نشعر بالراحة مع أحد يرتدي ملابس أفضل أو أسوأ من ملابسنا، أو مع من يختلف أسلوبه عنا بشكل ملحوظ، بغض النظر عن ضآلة تقدير فلسفتنا لأشياء كهذه. ومن جهة أخرى، فإن التشابه في التفاصيل الصغيرة التي تمكنهم من نسيانها تعطي الناس شعوراً بالارتياح لأول وهلة مع بعضهم البعض ولذا فإنه مهم جداً للتعاطف الذي نرغب به جميعاً مع الناس الذين نهتم لأمرهم. قد يبدو كبح الاختلاف دافعاً طبيعياً، وأن التسامح يتطلب بعض الجهد الأخلاقي. كلنا نقدر نظامنا الفكري التقليدي، وكل ما قد يعترضه بأسلوبٍ لا مبرر له في ظاهره يزعجنا ويسبب لنا الامتعاض نسبياً، لذا فإن نزوعنا الأول يتجه نحو قمع الغريب، ونتعلم أن نتحمله فقط عندما يتوجب علينا ذلك إما لأن ذلك يبدو معقولاً أو لأنه عصيٌ على اعتراضاتنا. يلخص ماركس نظريته المادية في التاريخ التي تعرف أيضا بالمادية التاريخية: " في إنتاجهم الاجتماعي، يدخل الناس بالضرورة في علاقات محددة مستقلة عن إرادتهم أي علاقات الإنتاج المناسبة للمرحلة لتطور القوة المادية للإنتاج. تفرض هذه الشمولية للعلاقات الإنتاجية بنية المجتمع الاقتصادية، الأساس الحقيقي الذي تنهض عليه البنية الفوقية القانونية السياسية والتي تستجيب له أنماط محددة من الوعي الاجتماعي. يفرض نمط الإنتاج في المجتمع المادي العملية العامة للحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية. ليس وعي الأفراد هو الذي يحدد وجودهم لكن وجودهم الاجتماعي هو الذي يحدد وعيهم. وبالعودة للحديث عن المهمشين أنفسهم، نجد أن الجماعات المهمشة اليوم في أغلب بقاع العالم، هي الدول النامية أو الأقليات الإثنية واللغوية والدينية، كما نجد أيضاً المثليين ومدمني المخدرات أو مرضى الإيدز. تهمش النساء في المجتمعات ذات الاقتصادات النامية بالإضافة إلى ذوي الاحتياجات الخاصة (المعاقين جسدياً أو ذهنياً). في دول كالهند نجد مشكلة تهميش جماعة الداليت، والقبائل وبعض الطبقات والمجتمعات المتخلفة. هناك العديد من أنماط التهميش التي قد تكون واضحة أو ضئيلة. ومن الأمثلة على التهميش التوظيف الانتقائي أو التفرقة بين المتقدمين للوظائف بناء على دينهم أو أصلهم أو توجههم الجنسي، أو حتى تاريخهم الطبي. ويمكن اعتبار استهداف بعض الجماعات بالعنف أو النقد القاسي ونشر الكراهية والخوف من الأجانب إلخ كنوع صارخ للتهميش. يحاول علماء الاجتماع حل ألغاز الحضارات بتحليلها، ففي السياق الهندي تبدو الهند حضارة متفردة في الواقع. فذبح المسلمين في المجتمع الهندي، ردود الفعل التي تولد العنف، إقصاء الطبقات الدنيا والطوائف والقبائل المتخلفة بالإضافة إلى جماعة الداليت، وتهميش قسم كبير من المجتمع اقتصادياً، كل هذه الأمور تسهم في حل اللغز. إذن تبدو قضية التهميش في الهند حقيقية جداً.ونرى ذلك فيما يتعلق بشؤون النساء وحقوقهن، ربما لا يكون الأمر واضحاً في المدن الكبرى كما في المدن والبلدات والقرى الصغيرة. يظهر التمييز ضد النساء على كل صعيد، ابتداء من وأد البنات إلى زواج الأرملة ثانية وما إلى ذلك..لا يبدو حال جماعة الداليت أفضل ( وهذا يعود غالباً إلى الفساد الذي يسمح لقلة من المحظوظين بالانتفاع من البرامج المتاحة ). يواجه المسلمون أيضاً التهميش التي تواجهه أقليات أخرى مختلفة. كما أن إقصاء الشرفاء هو مسألة أخرى، ولذا فإن التهميش يبدو واحداً من عدة قضايا أخرى هامة تتراوح بين الفساد والبيئة. ما الدور الذي تؤديه وسائل الإعلام في كل هذا؟ سعت وسائل الإعلام في السنوات العديدة الماضية إلى تكرار الأنماط لتكون القاعدة أو الطبيعي. إن الدور الذي يجب أن تؤديه وسائل الإعلام يكمن في زيادة الوعي حول القضايا الاجتماعية والعوامل العامة التي تؤدي إلى تهميش الجماعات المختلفة، ولتعيد تثقيف الجماهير حول مفهوم الإقصاء. السؤال الذي يجب أن نطرحه:" هل يكفي العمل على كبح انتشار نظرية التهميش، في أثناء العمل على تأسيس مجتمع المساواة للقضاء على مشكلة التهميش أو تقليصها على الأقل؟ هل هذا ممكن فعلاً؟". يجب أن تعمل وسائل الإعلام أيضاً على تثقيف المهمشين أنفسهم وتعريفهم بحقوقهم التي يكفلها لهم الدستور الديمقراطي ( قد يبدأ ذلك دورة التغيير، تغيير ما يحق لك وما لا يحق، وبين الحكومات والمهمشين..) ولذلك يغدو التهميش مشكلاً أكثر فأكثر، كلما كثر الحديث عنه دون فعل شيء حياله وضده. يجب أن يعمل الجميع ضد التهميش سواء أكان ذلك على مستوى الأفراد أو على مستوى القانون الدولي من أجل العدالة الاجتماعية، لأنه يظهر في كل المستويات إرادياً أو لا إرادياً. إن آثار الإقصاء كبيرة، إذ يعاني المهمشون من أزمة هوية ( إذ ينظر إليهم غالباً على أنهم "أشخاص سيئون") وربما يؤدي هذا إلى إثارة قتال أو جرائم اجتماعية ( على مستوى الجماعات العرقية، أو الدينية، أو اللغوية، أو الأشخاص الذين يعانون من مشاكل طبية كالإيدز وغيره، ذوي التوجه الجنسي المختلف "المثليين"، بينما تقمع النساء والمعاقون جسدياً أو المتخلفين عقلياً ويجبرون على قبول ما يقدم لهم، و/ أو ما يفرض عليهم من أفكار ( دون أن يكون لهم خيار في ذلك). هذه الزوايا التي تعزز النظر إلى المهمشين بهذا الشكل بما أنهم مجبرون على ذلك. يتم إبعاد المهمشين وإزاحتهم من السياق العام فيما يتعلق بمهارات صنع القرار والسلطة، ويظلون لذلك جماعة هامشية تحظى بتمثيل ضئيل ( وبسبب تهميشهم لا يرغب الكثيرون بتنظيم احتجاج ضد هذا الإقصاء) تعمد السياسة والممثلون السياسيون على تلبية رغبات الأغلبية، ولذا يظل المهمشون على وضعهم بالنسبة لأولئك الذين يمتلكون السلطة أو من هم في مواقع السلطة. في كل جزء من الجماعات المهمشة يظهر تراتب من عدم المساواة ضمن الجماعة، يزيد درجة الإقصاء. ويكون هذا التراتب عموماً مبنياً على أحد عاملين _ تعليم الجماعة التي ينتمي إليها المهمش وبنيتها الداعمة، والحالة / القوة المالية التي يتمتع بها ضمن جماعته على مستوى الأسرة ومن ثم على المستوى الاجتماعي ( في نطاق محلي ) ومن ثم على المستوى العالمي. كما تعتمد الدرجة أيضاً ( دولياً) على القوانين التي تساعد تنمية الجماعات أو تعيقها. وهذه أكثر الزوايا سوءاً بالإضافة إلى خطورة الدور الذي تؤديه وسائل الإعلام. يصف جون بودريار كيف تقدم وسائل الإعلام الأخبار وتنشر الآراء في في كتابه " التشبيهات والمحاكاة"، مشكلاً مفهوم العلاقة بين الإدراك والواقع، ويمكن القول بأن وسائل الإعلام تتبع نموذجاً كالتالي: " يرى التمثيل المحاكاة شكلاً زائفاً يسعى لاحتوائه، وتقابله المحاكاة بوصف التمثيل صورة مجردة" يمكن إيجاز المراحل المتعاقبة للصورة بما يلي: 1- أن تكون انعكاساً للواقع. 2- أن تغطي الواقع وتفسده. 3- أن تغطي غياب الواقع. 4- ليس لها علاقة بالواقع: فهي تبدو صورة أخرى قائمة بذاتها. في المرحلة الأولى تكون الصورة حقيقية: تمثيل النظام المقدس ( القصة الحقيقية). وفي الثانية تكون سيئة لكونها منحرفة ( تم تغيير الواقع نوعا ما). في الثالثة تستغرق في كونها حدثاً ( القصة المنشورة) وهي هنا نوع من السحر، بينما لا يكون للرابعة أي علاقة بالحدث على الإطلاق ولكن بالمحاكاة. ( الشائعات و"الأفكار الملقنة" بالإضافة إلى المفاهيم الخاطئة التي تشكلت في ذهن المشاهد). يلخص هذا العرض الدورة التي يمر بها أي حدث في وسائل الإعلام، كما يبين أن كيف يزداد التهميش ( وكيف أن انحساره أو ازدياده معتمد على أدائه في عالم الإعلام.) __________________________________________ المراجع: 1- الإقصاء/التهميش: ويكيبيديا. 2- تحسين النسل: ويكيبيديا 3- الداروينية الاجتماعية: ويكيبديا. 4- إيمانويل كانت: نظرية التاريخ الشامل والخطة العالمية. 5- هنري ديفيد ثيورو: حياة دون مبادئ، والدن ومقالت أخرى. 6- سي. إتش. كولي: الطبيعة الإنسانية والنظام الاجتماعي_ المحاكاة. 7- كارل ماركس: مقدمة في نقد الاقتصاد السياسي. 8- ن. جي. ديميراث: خطر التعددية. 9- جاك دريدا: البنية، العلامة، الدور. 10- جون بودريار: التشبيهات والمحاكاة. ملاحظات: 1- الاستيلاد الانتقائي: عملية تهجين الحيوانات والنباتات _ ولاحقا الإنسان_ للحصول على صفات معينة. 2- رهاب الأجانب: يستخدم لوصف كراهية الغرباء أو احتقارهم والحذر منهم. 3- قانون تسجيل المهاجرين: سنته الولايات المتحدة عام 1940 وفرضت على كل البالغين من غير المواطنين للتسجيل كمهاجرين تحت طائلة العقوبة. 4- قضية باك ضد بيل: أصدرت المحكمة العليا حكما في هذه القضية يسمح للولاية بإجراء التعقيم الإجباري "لغير المؤهلين" بمن فيهم المتخلفين عقلياً. 5- مجاعة إيرلندا الكبرى أو مجاعة البطاطس: بين عامي 1845 و1849 وتسببت بوفاة مليون شخص وهجرة مليون آخرين. 6- جماعة الداليت: هي جماعة تعرضت "لحظر المساس" الذي يقضي بنبذ هذه الجماعة بإقصائها من السياق العام ، ولذلك فقد واجهت هذه الجماعة تمييزاً في التوظيف والمكانة على أيدي الجماعة المهيمنة، وقد ألغى الدستور الهندي عام 1950 ممارسة حظر المماس وعلى الرغم من ذلك وقعت حالات لاضطهاد الداليت في بعض المناطق الريفية.
باحث اجتماعي عضو زهبي
التخصص : علم اجتماععدد المساهمات : 1494نقاط : 3052تاريخ التسجيل : 01/01/2010 العمر : 54
موضوع: رد: الاستبعاد الاجتماعي الثلاثاء يوليو 07, 2015 12:53 pm
من الاستبعاد الاجتماعي إلى التماسك الاجتماعي ندوة روسكيلدة (استراتيجيات جديدة للتنمية) الدنمارك 2-4 مارس 1995 تأليف :صوفي بسيس ترجمة الدكتور شريف محمد السعيد تخطيط وسياسة اجتماعية أشراف الأستاذ الدكتور طلعت السروجي عميد كلية الخدمة الاجتماعية الأسبق جامعة حلوان عرض الثلاثاء 1/2/2011
أن التنمية المستدامة قادرة علي منع الفصل العنصري الاجتماعي والكوارث البيئية. كما أن الفقر والاستبعاد وانعدام المساواة منذ نهاية الحرب الباردة ، من الأسباب الرئيسية لعدم الاستقرار في العالم. وهي أحدي نتائج العولمة . ومن أسباب العولمة: 1- تطوير وسائل النقل وتكنولوجيا الاتصالات . 2- التخلي عن نظام أسعار الصرف الثابتة و انتشار العملات الأوروبية. 3- انتهاء القيود المفروضة على حركة من رأس المال. 4- ظهور الشركات عابرت القارات. 5- التكتلات السياسية التي سادت في جميع أنحاء العالم في العصر الحديث. وقد أدى هذا النظام العالمي الجديد إلى أزمة الدولة القومية ، وتعدد الاضطرابات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تعد من الأسباب الرئيسية لارتفاع نسبة الاستبعاد والفقر المدقع في العالم. وهذه الاضطرابات تمثل واحدة من أهم التحديات التي تواجه صناع القرار، والتي تنذر بتغيرات عميقة، كما تولد أزمة اجتماعية مداها أصبح واضح أكثر من أي وقت مضى. وهذه الأزمة الاجتماعية موجودة على نطاق العالم أجمع، إلا أن بلدان الجنوب تمثل الغالبية الساحقة من أولئك الذين يعيشون في فقر مدقع، وكذلك البلدان الاشتراكية سابقا والتي دفعت ثمنا باهظا من أجل سرعة الانتقال إلى اقتصاد السوق، وذلك بأستثناء دول النمور. وتتسع الهوة بين البلدان الغنية والبلدان الفقيرة، نتيجة التوزيع غير المتكافئ في ثروة العالم وتلك من الأسباب الرئيسية للأزمة الاجتماعية المتنامية. والتي دفعت الكثير من الدول نحو تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية. ويعد الاستقطاب الاجتماعي من أهم نتائج الاصلاحات الجارية. ويعد الاستبعاد الاجتماعي من اسباب الأزمة العالمية الاجتماعية التي صاحبت عولمة الاقتصاد. وعلى الرغم من أن غالبية البلدان الصناعية ، فضلا عن عدد كبير من البلدان النامية شهدت نمو اقتصادي في السنوات القليلة الماضية ، إلا ان تلك البلدان غير قادرة على تخفيف المشاكل الاجتماعية أو كبح انتشار الفقر. وانتشر مفهوم الاستبعاد أكبر من أي وقت مضى مع تفاقم الأزمة الاجتماعية. على عكس ما حدث أثناء الثورة الصناعية في القرن الماضي، ويبدو أن الاستبعاد قد حل محل الاستغلال الذي يعد احد الأسباب الرئيسية للفقر. وساهمت ثورة التكنولوجية في العقود القليلة الماضية في الاستقطاب الاجتماعي والتقليل من تهميش الأفراد والفئات المحرومة وذلك على نطاق العالم، في حين ان البلدان الأقل نموا تحتل مكان هامشي على نحو متزايد في إنتاج الثروة وفي شبكات التجارة العالمية. ان الاستبعاد من العمل السبب الرئيسي لفقدان المراكز الاجتماعية. كما ان معدلات البطالة والعمالة الناقصة في جميع أنحاء من العالم تعطي فكرة عن حجم الإستبعاد الاجتماعي في العالم اليوم. كما ان ظاهرتين الاستغلال والاستبعاد ، غير مستقلين تماما عن بعضها البعض. ويمكن القول ، بأن النجاحات التي حصلت عليها الدول الأوروبية لتحقيق الرفاه والنقابات العمالية في النضال ضد الاستغلال ساهم في استبعاد الشكل السائد من الظلم الاجتماعي؟ وقلل من الزيادة في عدد المستبعدين الذين يعيشون على هامش التيار الرئيسي للمجتمع، كما ان انتشار الاستبعاد الاجتماعي في جميع أنحاء العالم قد ساهم في تعزيز الاستغلال في سوق العمل. أن الاستبعاد هو ظاهرة متعددة الأوجه ولكنه يختلف عن الفقر، فهو ( الإستبعاد الإجتماعي ) يحول دون تمتع الافراد والجماعات بالمشاركة الأقتصاديةوالسياسية والثقافية الكاملة. ومصطلح الإستبعاد الإجتماعي تعريفيا هو الحرمان من الموارد والحقوق بالإضافة الى أنه مجموعة العوامل التي تحول دون مشاركة الفرد والجماعة في الأنشظة المجتمعية وعدم القدرة على التفاعل والإنصهار في بوتقة المجتمع الأوحد الذي يستوعب الكل بلا استثناء . هذا وقد عرفت منظمة الأمم المتحدة الإستبعاد الإجتماعى بأنه: الافتقار الى الدخل والموارد لضمان سبل العيش المستدامة ؛ والجوع وسوء التغذية وسوء الصحة ، وقلة أو انعدام فرص الحصول على التعليم وغيرها من الخدمات الأساسية وزيادة معدلات الاعتلال والوفيات الناجمة عن الأمراض؛ التشرد والسكن غير الملائم ؛ السلامة البيئية والاجتماعية والتمييز، وعدم المشاركة في صنع القرار في الحياة المدنية والاجتماعية والثقافية. وعلي هذا فإن الإستبعاد الإجتماعي هو الذي يفرق بين البشر بل وبين كل المخلوقات وحتى الجماد فكلنا ندور فى حلقة الإستبعاد الإجتماعي المفرغة ويبدو أن الفكاك من هذه الحلقه هو أمر شبه مستحيل على الأقل فى زماننا هذا . وايضا الإستبعاد الإجتماعى لا يعني بالضرورة نقص المال أى الفقر رغم ان المال والدخل هو عامل أساسي فى تحدي نسبه الإستبعاد وشكله بل هو مجموعة من المشكلات والمعوقات التى تتراكم والتي تفرز شخصا غير مندمجا في مجتمعه. من أسباب الاستبعاد الاجتماعي في العصر الحديث تقديم تعليم رديء للغالبيةالعظمى من أفراد المجتمع، وقصر التعليم الجيد على جماعة محددة في المجتمع. وهناك ثلاثة أبعاد للاستبعاد، البعد الاقتصادي وهو منتج مباشرة من الفقر مثل الاستبعاد عن العمل والحرمان بالتالي من دخل منتظم. البعد الاجتماعي ويتعلق بوضع الفرد في المجتمع، الأمر الذي يؤدي إلى التمزق في النسيج الاجتماعي والتضامن. وأخيرا ، البعد السياسي ويتعلق بوضع بعض الفئات من السكان -- مثل النساء والعرقية والدينية محرومون من كل أو جزء من نظمها السياسية -- الأقليات أو المهاجرين وحقوق الإنسان. ويشير الاستبعاد إلي وجود تمزق في العقد الاجتماعي الذي تقوم عليه دولة الرفاه وضعف أو غياب تماما في السياسات الاجتماعية، وغياب شبكة المؤسسات القادرة على تعزيز التقدم الاجتماعي . ولتحول الاستبعاد الاجتماعي إلى تماسك اجتماعي يقتضي ذلك بعض الشروط من أجل التغيير كأولويات حاكمة للسياسة الاجتماعية، حيث يتم تقليل القيود المفروضة علي الحراك الاجتماعي. وإعادة تعريف دور الدولة، وتعزيز ربط المجتمع من أجل تحقيق التماسك الاجتماعي الدائم، وإعطاء معنى جديدة للديمقراطية، وصياغة عقد اجتماعي جديد، ووضع حد أدنى للأجور المتخذة كوسيلة لمكافحة الاستبعاد.