التحديث وملامح التغير الاجتماعي في بناء ووظائف الأسرة الريفية: دراسة ميدانية بمنطقة الجميل شعبية النقاط الخمس/

التحديث وملامح التغير الاجتماعي في بناء ووظائف الأسرة الريفية: دراسة ميدانية بمنطقة الجميل شعبية النقاط الخمس/

أمباركة ابوالقاسم الذئب، إشراف:إجلال إسماعيل حلمي،عثمان على اميمن.


ملخص: سطر ابن خلدون مقولته الشهيرة في المقدمة بأن ”الإنسان مدني (اجتماعي) بطبعه”، فالأسرة أول بنية اجتماعية يجد الإنسان فيها نفسه، ففيها يعيش السنوات الأولى من عمره، التي تشكل أنماط شخصيته الاجتماعية، وهي المركز الأساسي لحياة الفرد. والأسرة هي المؤسسة التربوية الأولى التي يتلقى فيها الفرد مبادئ التربية الاجتماعية والسلوك، وآداب المحافظة على الحقوق والقيام بالواجبات، هذا فضلا عن أن ما بها من عادات وتقاليد تربط أفراد الأسرة معا، ثم تربطهم بالمجتمع الذي يعيشون فيه.
كما تعد الأسرة الوعاء الثقافي الأول الذي تشكل حياة الفرد وتتناوله بالتنشئة الاجتماعية، فالأسرة أداة لنقل الثقافة، تختار من الثقافة ما تراه مهماً، حيث تقوم بتفسيره وإصدار الأحكام عليه؛ مما يؤدي إلى التأثير على اتجاهات الطفل لعدد كبير من السنين، وعليه يمكن القول إن نظرة الطفل إلى الميراث الثقافي تتكون من وجهة نظر أسرته، كما تقوم الأسرة بمهمة التطبيع الاجتماعي Socialization، فتصبغ سلوك الطفل بصبغة اجتماعية.
وعليه فإن الأسرة تعد بمثابة وسيط حيوي مؤثر في شخصية الفرد وبناء ذاته، فمنها يكتسب قيم المجتمع وثقافته، ويتعلم طرق التفكير السائد في مجتمعه، ويتشرب العادات والاتجاهات والأفكار وأساليب التعاون والتواصل مع الآخرين (حمودي، 2008).
وفي ظل المتغيرات الاجتماعية المتوالية التي يعيشها مجتمعنا، لم تعد الأسرة بإمكانياتها الذاتية قادرة على التصدي للآثار والتداعيات السلبية الناتجة عن تلك المتغيرات؛ مما أبرز عدداً من المشكلات، التي تسببت في إحداث أنواع من الخلل في بنية الأسرة، وأعاقت قدرة أعضائها عن القيام بمهامهم.
يتغير العالم منذ مطلع التسعينيات بوتيرة وتسارع كبيرين غير مسبوقين، وآثار هذا التغير متعددة الأبعاد، اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية وقِيمية وغيرها، وهي تغيرات عابرة للجغرافيا والحدود السياسية والثقافية، فعالمية التغير تطرح سياقاً جديداً تتم في إطاره عمليات التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبشرية. بصفة عامة، إن هذا السياق أتاح للعوامل والقوى والضغوط الخارجية دوراً أكبر في حياة المجتمعات محلياً وإقليمياً، مع التأثير في الأطر الفكرية والمؤسسية وأنماط السلوك في المجالات المختلفة؛ فباتت المجتمعات أسيرة أحد خيارين:
أحدهما المناهضة ومقاومة هذا التيار وبالتالي انعزالها، والآخر التكيف مع هذه القوى والضغوط الخارجية، وتقبل شروطها ومنطقها وأدواتها في معالجة التحديات الداخلية والاستجابة للمطالب وتلبية الاحتياجات الوطنية الداخلية المنسجمة مع دعوات القوى الخارجية وأهدافها.
هذا السياق عبر- الإقليمي وعبر- القطري ليس مجرد عامل من بين عدة عوامل، وإنما هو العامل الأهم الذي في ضوئه، وبدرجة التوافق مع ما يعبر عنه ويمثله - تتم قراءة عملية التنمية والتحديث ومستواها وتقييمها، وقياس مدى مواكبة المجتمعات للتطور والمعاصرة.
ولقد أدت الثورة التكنولوجية والمعلوماتية في مجالات الاتصالات والنقل بصفة أساسية إلى إلغاء الحدود والحواجز، واختصار المسافات الجغرافية والزمن بشكل مذهل؛ وهذا أدى إلى تزايد الانفتاح والتفاعل المتبادل حتى الاندماج الاقتصادي والثقافي على حساب الاستقلال والسيادة والخصوصية؛ وبالتالي تقلص دور الدولة ومؤسساتها لصالح تحرير التجارة وانسياب البضائع ورأس المال الأجنبي والمعلومات، وكذلك تراجع دور الدولة في المجال الثقافي؛ حيث انحسرت أعمال الرقابة، وتدفقت المعلومات بكافة أشكالها وأنواعها مباشرة وبكلفة زهيدة عبر الإنترنت والبرامج التلفزيونية وغيرها إلى من يطلبها في أي مكان في العالم، وبدون أدنى قدرة من جانب الدولة على التدخل في محتواها أو اعتراض انسيابها.
يعد النظام الأسرى واحداً من بين تلك النظم الاجتماعية، التي تتأثر بعوامل التحديث وملامح التغير الاجتماعي، وأي تغير في البناء الاجتماعي لابد أن يطول النظام الأسرى، حيث يتغير بناء الأسرة ووظائفها؛ لكي تواكب ظروف التغير، وتفلح في مواجهة ذلك التغير الذي يعتمل في النظم الأخرى، كما تتأثر بتبدل نسق القيم في الحياة الاجتماعية بشكل عام، وتتأثر باتجاهات أفراد المجتمع نحوها، ونحو ظاهرة التغير الاجتماعي عامة.
تستند الدراسة الحالية على الاتجاه النظري البنائي الوظيفي، الذي ينطلق من فكرة محورية منبثقة عن التفسير الوظيفي للتدرج الاجتماعي مفادها: أن تباين الأفراد في أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية ونصيبهم من الفرص المتاحة إنما يعد حقيقة إنسانية عرفتها كافة أشكال المجتمعات الإنسانية، كما أن للتحديث الاجتماعي المادي دوراً كبيراً في تغيير النظم السائدة في المجتمعات اليوم، وعليه فإن مشكلة البحث انبثقت من علاقة بين بعض متغيرات الخلفية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية المختارة ببعض متغيرات مظاهر التحديث الاجتماعي المادي ومظاهر التغير في وظيفة الأسرة الريفية، ومظاهر التغير في بناء الأسرة الريفية، وجوانب الوعي لدي أفراد العينة، ومظاهر التحديث للأسرة الريفية بالجميل، مع تقويم مستقبل الظروف العامة في الجميل ومستقبل حياة الفرد.
نبعت أهمية البحث من خلال تناوله المشكلات الناجمة عن التغير الاجتماعي، ورصد مظاهر التحديث، التي سادت المجتمع في (منطقة الجميل) خلال العقود الأخيرة بفعل برامج التنمية الاقتصادي الاجتماعي والثقافي، كذلك الكشف عن انعكاسات التحديث على بناء الأسرة ووظائفها بمنطقة الجميل.
وتبرز علاقة التطور الاجتماعي المادي بالتطور أو التغير على المستوى الفكري، كما تحدد اتجاهات الفرد نحو مكونات حياته الاجتماعية من بني ومؤسسات اجتماعية وقيم ومعايير وجماعات بشرية. ولقد طرح التغير الاجتماعي المادي والمعنوي بدائل جديدة لوظائف النظم الاجتماعية التقليدية كالأسرة، فالمدرسة والمطعم مثلاً يمكن أن يعوضا دور الأسرة في إعداد الفرد للحياة وإشباع حاجته للغذاء، والشيء نفسه يقال عن المصنع والفندق وغيرهما.
استخدم الاستبيان المغلق لجمع بيانات هذا البحث، وقد تم عرضه علي مجموعة من المحكمين الذين لهم باع طويل في التدريس والبحث وخبرة عميقة، وحذفت بناء على توجيهاتهم وتحكيمهم بعض العبارات التي تأكد عدم ارتباطها بالدرجة الكلية لكل مقياس، وتأكد فشلها في التمييز بين المبحوثين، الذين يؤكدون أو يرفضون محتوى العبارات عند حساب صدق الاتساق الداخلي، وبناء على هذا الحذف تمتعت الدراسة بصدق الاتساق الداخلي بين العبارات، واستخدمت عدة أدوات إحصائية لتحقيق أهداف البحث، ولأجل التعامل إحصائيا مع البيانات الكمية، ومن بين هذه الأدوات الارتباط واختبار (ت)، واختبار (ف)، واختبار مربع كاي (كا2)، والنسب المئوية، والانحدار المرحلي.
كما تضمن البحث التعريف ببعـض المفاهيم التـي اشتمل عليها عنوان البحث، وكثـر استعمالها في متنه، مثل الأسرة، التغير الاجتماعي، مظاهر التحديث، بناء الأسرة، وظيفة الأسرة...الخ. وتهدف هذه الدراسة إلى رصد مظاهر التغيير والتطوير والتحديث في المبادئ والقيم لدى عينة الدراسة، التي تنتمي إلى مجتمع منطقة الجميل بشعبية النقاط الخمس بالجماهيرية في السنوات الأخيرة، والحادثة نتيجة تأثير وسائل الإعلام وتنفيذ برامج التنمية وتأثير البيئة المحيطة، والكشف عن انعكاسات هذا التحديث على بناء الأسرة ووظائفها، وتوفير معلومات ونتائج للباحثين والمهتمين بالشأن الاجتماعي لتدعيم الإيجابيات وتعديل السلبيات في مجال الأسرة وأفرادها. ومن أهم نتائج الدراسة ما يلي:-
نتائج الدراسة في ضؤ التساؤلات:-
أولا: ما الخصائص الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لعينة البحث؟
فيما يتعلق بمتوسطات نتائج مقياس الخلفية تبين عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين درجات أفراد العينة على مقاييس الدراسة: مظاهر التحديث الاجتماعي المادي، ومظاهر التغير في وظيفة الأسرة الريفية، ومظاهر التغير في بناء الأسرة الريفية، وجوانب الوعي لدي أفراد العينة، ومظاهر التحديث للأسرة الريفية بالجميل، وتقويم مستقبل الظروف العامة في الجميل ومستقبل حياة الفرد، ووجدت بعض الفروق الدالة معنوياً بين المتوسطات كالتالي: -
*- هناك فروق بين متوسط درجات أفراد العينة لصالح أصحاب التعليمين المتوسط والجامعي.
*- وجدت فروق لصالح ذوي الدخل المتوسط، دون المنخفض والمرتفع على بعض المقاييس.
*- عدم وجـود فروق بين متوسط أفراد العينة على مقاييس الدراسة، وفق متغيرات العمر وعدد أفراد الأسرة.
*- وجدت بعض الفروق بين متوسطات درجات أفراد العينة على بعض المقاييـس وفق متغيرات نوع السكن لصلح الذين يسكنون في بيت من دور واحد، ودرجة تحضر مجتمع الدراسة لصالح الفرد المتحضر.
ثانياً: فيما يتعلق بمقاييس الدراسة -
أ)- ما مظاهر التحديث واتجاه التغير الاجتماعي والثقافي في الأسرة؟ جاءت النتائج كالتالي:-
*- كانت الأسرة النووية أكثر انتشارا فيما يخص نمط الأسرة.
*- اتضح أن الأب هو المسئول الأول عن اختيار شريك الحياة للأبناء، تليه الأم.
*- أوضحت الدراسة حدوث تغير في شروط الزواج وعاداته، يتمثل في تقدم سن الزواج، وأخذ رأى الأبناء في الارتباط، ولم يعد الزواج قاصرًا على أبناء الأسرة أو القبيلة، وظهر التعارف قبل الزواج.
*- فيما يخص الأسس التي يتم من خلالها اختيار شريك الحياة احتلت الأخلاق المرتبة الأولى، يليها التدين، ثم المستوى المادي.
*- أوضحت الدراسة تساوي نوع الذرية، فالأولاد مثل البنات، وكلهم من عطاء الله.
*- أوضحت الدراسة فيما يخص مشاركة الزوجين في أمور الحياة المختلفة أن تربية الأبناء من أهم المشاركات بين الزوجين، يليها الإنفاق علي الأسرة.
*- أثبتت الدراسة أن من أهم أسباب تأخر الزواج عند أفراد العينة عدم وجود شخص مناسب لديه إمكانيات مادية واجتماعية، يلي ذلك ارتفاع غلاء المهور.
*- اتضح أن البرامج الدينية بالنسبة للإناث هي المفضلة متابعتها؛ مما يدل على زيادة الوازع الديني لديهن، تليها البرامج الثقافية للجنسين.
*- اتضح أن المستشفيات العامة هي الأكثر لجوءا إليها عند المرض، تليها العيادات الخاصة.
*- استخدام الطب الشعبي في العلاج بين الحين والآخر؛ وذلك للاعتقاد في فاعليته عند البعض، ولعجز الطب الرسمي عند الآخرين.
*- جاء عدم توفر أماكن للترفيه ومدارس للأطفال في مقدمة المشاكل الرئيسية التي يعاني منها أفراد العينة.
*- زيارة الأقارب في المناسبات فقط.
*- مشاركة أفراد المجتمع أقاربهم في المناسبات الاجتماعية.
*- أوضحت النتائج أن للمرأة حق الخلع أو الطلاق من الرجل متى كانت لديها أسباب لذلك.
*- أوضحت الدراسة أن السبب الرئيسي في الطلاق يرجع إلى غياب التوافق الثقافي والعلمي، وتدخل الغير في شئون الزوجين.
*- أكدت الدراسة فيما يخص بعض المشكلات الاجتماعية، التي نجمت عن التغير الاجتماعي - أن مشكلة ضعف الرقابة على سلوك الأبناء هي الأكثر انتشارا.
*- بينت الدراسة أن أهم معوقات التحديث الاجتماعي كانت علي التوالي: التمسك بالقيم التقليدية في التنشئة الاجتماعية، الصراع علي الأدوار بين الزوجين.
ب) ما مظاهر التحديث في وظيفة الأسرة بمنطقة الجميل؟ وجاءت نتائجها كالتالي:-
*- أكدت الدراسة أن الأسرة تعمل على اكتشاف مواهب الأبناء منذ الصغر.
*- التزام أفراد الأسرة بالقيم الدينية.
*- الأسرة هي من تزود الأبناء بالثقافات المختلفة.
*- الأسرة هي التي تعمل على تمتع الأبناء بالاتزان الانفعالي؛ من خلال منحهم الحنان والدعم المعنوي.
*- هناك تأثير واضح لوسائل الإعلام على تغيير سلوكيات الأبناء وقيمهم.
*- بينت الدراسة أنه أحيانا تكون علاقة الأبناء بأصدقائهم أقوى من علاقاتهم بأسرهم.
*- أظهرت الدراسة أن المدرسة من المؤسسات الموازية للأسرة، ومن الممكن أن تقوم بالدور المنوط بالأسرة في خدمة الأبناء.
*- أفادت نسبة عالية من أفراد العينة أنه لا توجد أي مؤسسة تعد بديلا عن الأسرة في تربية الأولاد وتنشئتهم.
*- أوضحت الدراسة أن السلوك العدواني الذي يكتسبه الأبناء يعود إلى كلا الأبوين.
ج – ما مظاهر التحديث وملامح التغير الاجتماعي والثقافي في بناء الأسرة الريفية؟
أظهرت الدراسة أن هناك تغيرًا في بناء الأسرة يمكن أن نلاحظه من خلال النقاط التالية:
= أمور تتعلق باختيار الزواج وتعدده.
*- إن الغالبية العظمى من أفراد العينة اختاروا شريك حياتهم بأنفسهم.
*- قلة عدد الذكور المتزوجين أكثر من مرة وبأكثر من زوجة.
*- أكثر من نصف عدد الذكور لا يرون مانعًا من تعدد الزوجات.
= تدخل الوالدين في زواج الأبناء كانت نتائجه:-
*- يفضل حوالي ثلثي أفراد العينة زواج أولادهم مبكراً.
*- الرغبة في إنجاب عدد كبير من الأبناء.
*- حوالي ربع العينة يفضلون زواج أبنائهم من الأقارب.
= الحرية الاجتماعية للفرد كانت نتائجها كالتالي:-
*- توجد نسبة قليلة جدا ممن يعيشون مع الأقارب.
* - أكثر من ثلثي أفراد العينة علاقتهم بالأبناء قوية، ويتبعون الأسلوب الديمقراطي في التربية.
*- صرح كل أفراد العينة تقريبًا باقتناء أبنائهم منزلا مستقلا بعد الزواج.
*- حوالي نصف العينة يؤكدون أن لكل فرد من الأسرة دوره الذي يؤديه وفقا لقناعاته.
= دور المعايير الاجتماعية نتج عنها ما يلي:
*- أكثر من ثلاثة أرباع أفراد العينة يوافقون على عمل المرأة.
*- اتضح أن نسبة كبيرة يتقيدون بالمعايير الاجتماعية.
*- أكثر من نصف العينة يبتعدون عن التقليد والتبعية للموروثات التي تعيق التحديث المنشود.
ومن ناحية أخرى كانت هناك بعض النتائج التي تدل على تمسك أفراد العينة بالعادات والتقاليد المعوقة للتغيير والتجديد.
*- نصف أفراد العينة يحاولون تحقيق أهدافهم بأية وسيلة.
= درجة الولاء الاجتماعي كانت نتائجه كالتالي:-
*- ولاء أفراد العينة للأسرة احتل المرتبة الأولي.
*- تشابهت درجة الولاء لدي أفراد العينة في باقي العلاقات الاجتماعية الأخرى، وهذا دليل على تماسك أفراد الأسرة الريفية الليبية، وهو نوع من القيم والأصالة المتجذرة منذ الأزل.
= أسباب تنظيم النسل اتضحت نتائجها كالتالي:-
*- الرغبة في تنظيم النسل ظهرت بقوة خاصة عند الإناث.
*- كانت الأسباب الصحية هي الأقوى في تنظيم النسل.
= أسلوب التربية من نتائجه الآتي:-
*- اتبع أغلب أفراد العينة أسلوب الإقناع والمرونة في التربية.
*- ابتعد أفراد العينة عن أسلوب العنف والعقاب مع الأبناء، وهذا أحد مؤشرات التحديث في زمن الوعي والعلم والثقافة.
= تناول الأبناء للطعام من خلاله قد اتضح أن:-
*- نسبة كبيرة من أفراد العينة يتناولون طعامهم مع الأبناء.
*- النسبة الأقل من الأبناء هم من يتناولون الطعام وحدهم، وقد يعود ذلك إلي تماسك الأسرة وعاداتها الموروثة.
= الذي يتولي حل المشكلات بين الأبناء:-
اتضح من النتائج السابقة أن الوالدين هما من يقوم بذلك، بحكم المسئولية تجاه الأبناء، وأيضا الحرص عليهم.
= عدم وقوع الأبناء في الخطأ:
اتضح أن أبرز ما يقف وراء ذلك هو تمييزهم بين الصواب والخطأ، وهذا أعلي نسبة في النتائج.
د – ما مدى وعى أفراد العينة بالجوانب الإيجابية والسلبية للتغير في بناء الأسرة ووظائفها؟
أظهرت الدراسة فيما يخص جوانب الوعي لدي أفراد العينة النتائج التالية:
*- هناك وعي بمكانة المرأة والاعتراف بوجودها في أماكن العمل المختلفة.
*- اختيار الابن لتخصصه العلمي دون تدخل أو ضغط من الأسرة.
*- وجود مساواة بين البنت والولد، ولا يوجد أي نوع من التميز أو التفضيل بينهما داخل الأسرة.
*- كل فرد مهتم بحاله في أسرة اليوم، وولاء الفرد لعمله أكثر من ولائه لأسرته.
*- العلاقات الاجتماعية لازالت تتأرجح بين السطحية والقوة، وهذا يبين تأثر مجتمع الدراسة بمؤشرات التحديث وتمسكه بالقيم في الوقت نفسه.
*- لازالت هناك هواة واسعة بين تفكير الكبار والصغار.
*- منافسة وسائل الإعلام للأسرة في عملية التنشئة الاجتماعية.
*- أغلب أفراد المجتمع يمتلك حرية الرأي والتصرف في أمور مختلفة، وهذا أيضا ينم عما أحدثه التغير من أثر علي مجتمع الدراسة.
هـ - ما مظاهر التحديث في وظيفة الأسرة بمنطقة الجميل؟
قد تم معرفة النتائج من خلال المحاور التالية.
= انتشار الوعي الثقافي:
*- الاعتماد على الطب الحديث في أثناء المرض.
*- حرص الآباء على تعليم أبنائهم، وإلحاقهم بالتعليم المناسب لهم.
*- متابعة برامج التلفزيون المختلفة، وخاصة الثقافية والإخبارية منها.
*- استعمال الإنترنت، إلي جانب ممارسة بعض الهوايات.
*- عدم الاطلاع وقراءة الصحف اليومية بصورة مستمرة، وهذا قد يعود الي ندرة وصول الصحف اليومية إلي منطقة الجميل وبصفة منظمة .
= التعاون الواعي بين الأزواج:-
*- نسبة الأزواج الذين يقومون بالمساعدة في أعمال البيت قليلة.
*- الإيمان بتحديد النسل لعدة أسباب.
= أساليب حل المنازعات.
*- لجوء الناس لحل مشاكلهم عبر القضاء.
*- تدخل الأب في صداقات ابنه محدود.
* استعمال الآباء أسلوب التوبيخ في عقاب الأبناء موجود إلي حد ما.
= التعلق بمظاهر الأبهة الاجتماعية:-
*- إقامة الأفراح في صالات خاصة.
*- التذمر من الزيارات دون موعد سابق لها.
*- الحرص علي اقتناء المنازل الحديثة والصحية.
*- الحرص علي قرب العمل من البيت، وأن يكون لعملهم هيبة وقوة.
= مشاركة المرأة في ميادين العمل. –
*- تولي المرأة مناصب قيادية.
*- قيام المرأة باختيار أثاث البيت.
*- التذمر من غلاء المهور.
= تدخل الوالدين في زواج الأبناء:-
*- قلة الزيارات بين الأقارب.
*- ضعف الولاء للقبيلة.
*- يمنح الآباء فرص اختيار الزواج للأبناء.
*- الحرص علي رؤية الزوج والزوجة قبل الزواج.
*- حرص المرأة علي الزواج من رجل غني.
ملخص لأهم النتائج :ـ
بعد العرض والتحليل السابق للنتائج يمكن تلخيصها في الآتي:
1) تغير أسلوب وشكل العقاب الذي كان يتبع من الآباء على الأبناء من القسوة والعنف إلى اللين والمرونة ، وميل الوالدين للتسامح والحنان المتزايد تجاه أطفالهما.وهذه النتائج جاءت متفقة مع النتائج التي توصلت لها دراسة عزة علي كريم (2003)
2) أن الأسرة بوصفها بناء وهيكلاً اجتماعياً قد تأثرت بمجموعة من العناصر الثقافية، خاصة المرتبطة بالمرأة كالتعليم، والعمل، والتدرج الاجتماعي وعلاقاتها . وهذا ما توصلت له دراسة دراسة ماكدونالد (2000) أيضا .
3) انتشار التعليم، ووسائل الإعلام والاتصالات الحديثة، وتحسين مستوى معيشة السكان أهم العوامل التي أثرت على الأسرة التقليدية من حيث البناء والوظيفة والدور. وهو ما يتفق مع نتائج دراسة قائد أحمد الشريجي (1997)، ودراسة ضوء الترهوني (1999)
4) أدى التغير إلى موافقة رب الأسرة على عمل المرأة ، كما تبدلت في الوقت نفسه الأسس والمعايير الحاكمة للاختيار في الزواج، حيث لم يعد زواج الأقارب ضرورياً لدى أغلب مفردات العينة.
5) أن مجموعة التحولات الاجتماعية والثقافية التي حدثت داخل الأسرة؛ بسبب الانتقال إلى نمط حضري - لم تكن متكاملة ، حيث وجودت تحولات معينة طرأت على بعض الملامح دون تحولات ملامح أخرى، مؤكدة في ذلك استمرارية بعض القيم الريفية المعبرة وتواصلها إزاء فعالية البناء الأسرى التقليدي(الأسرة الممتدة) و ارتداء الزى التقليدي لدي بعض النسوة كبار السن مثلا . وهذه النتائج تتفق مع ما توصلت له دراسة بسمة فتحي (1991).
6) انخفاض نسبة المشتغلين بالأعمال المتصلة بالزراعة وتربية الحيوان، أو ما يسمي بالفلاحين المتفرغين.
7) أغلب سكان مدينة الجميل يقيمون في مساكن جيدة وحديثة، من حيث النوع .وهذا يتفق مع نتائج دراسة. لوجلي صالح الزوي (1990).
8) أما عن السلطة في الأسرة، ونمط المشاركة - فترى الباحثة أن الرجل في الأسرة الليبية ترجع إليه معظم القرارات، وقد وجدت الباحثة أنه قد حدث تحول فيما يخص اتخاذ القرارات داخل الأسرة الريفية خاصة النووية منها في منطقة الدراسة.
9) في بعض الأحيان يشترك الزوجان معا، في اتخاذ القرارات المتعلقة بالأسرة ،خاصة النووية منها ، ولكن لازال لرب الأسرة قراراته المنفردة في بعض الأسر ، وترى الباحثة أنه على الرغم من الميل نحو الاستقلال – والتحول عن نظام السلطة الأبوية المطلقة، فإن الأسرة الريفية الليبية مازالت تتسم بدرجة عالية من التماسك الأسري.وهذا ما يتفق مع نتائج دراسة نورية حمد الحوري (1985).
10)أظهرت نتائج الدراسة أن الغالبية العظمي لأفراد العينة توافق على تنظيم حجم الأسرة،خاصة فئة صغار السن، ويفضلون أن يكون عدد أطفال أسرهم لا يزيد عن ثلاثة أطفال.وتلك النتائج تتفق مع دراسة منصور محمد سالم المجبري (2008) و دراسة محمد أحمد الثني (1995)
11) أن خصائص مجتمع الجميل متقاربة أو متشابهة من حيث الظروف السكنية، مع تحسن الظروف الاقتصادية لأسر المبحوثين وعدم وجود تفاوت بين أسر مجتمع البحث، وأن العلاقة بين الآباء والأبناء تتجه نحو الحداثة لصالح الإناث، وحصولهن على استقلالية واقتحام أكثر كلما تقدمن في العمر؛ وهذا يبرهن على تحسن مكانة المرأة في المجتمع الليبي بصفة عامة ومجتمع الجميل بصفة خاصة. وهذه النتائج تتفق مع ما جاءت به نتائج دراسة مفتاح علي حسين بالحاج (2007).
12) أن الأسرة الممتدة تأثرت بالتغيرات، وأصبحت في الغالب ذات نمط نووي أكثر من كونها أسرة ممتدة، وهي غير منعزلة بنائياً، أو بمعني آخر للأسرة علاقات غير محدودة. وهذا يتفق مع نتائج دراسة نوري أحمد شقلابو (2000)
13) أن مجتمع الجميل مازال متمسكا ببعض قيمه السابقة ذات الصلة الوثيقة بالقيم التقليدية، وهي العادات والتقاليد والدين. وهذا ما يتفق مع نتائج دراسة محمد أبو القاسم علي (1996)
14) يتدرج موقف الفرد من بعض الجماعات التي ينتمي إليها من حيث درجة الولاء لها؛ تبعا لقوة وطبيعة العلاقة التي تربطه بها،الأسرة، ويليها الأصدقاء ، فالأقارب.
وأخيراً تصل الباحثة إلي أـن هناك عدة معوقات تحد البعض من تكوين أسرة
وقد جاءت مرتفعة، وهي: (انخفاض مستوى الدخل لدي البعض، والوضع الاقتصادي لا يسمح بتوفير سكن خاص، والرغبة في رفع المستوى التعليمي والوظيفي للشباب والفتيات، وغياب الخدمة الاجتماعية والنفسية في مجال الأسرة، وارتفاع المهور وتكاليف الزواج، وعدم تأهيل الشباب والفتيات للزواج ، وعدم مقدرة الشباب على تلبية طموح الزوجات مستقبلا). كما تصل الباحثة إلي أن كل ما طرأ من تغير في بعض القيم المدروسة كان في جله تغير.