باحث اجتماعي عضو زهبي
التخصص : علم اجتماع عدد المساهمات : 1494 نقاط : 3052 تاريخ التسجيل : 01/01/2010 العمر : 54
| موضوع: المجتمع الافتراضي دراسة في أزمة منظومة قيم الأسرة المصرية السبت مايو 25, 2013 4:16 am | |
| المجتمع الافتراضي دراسة في أزمة منظومة قيم الأسرة المصرية وليد رشاد زكي مقدمة: تلعب الأسرة دوراً بارزاً في المجتمع، وتعد أحد أهم خطوط الدفاع الاجتماعية الأولي كونها ابرز مؤسسات التنشئة الاجتماعية من ناحية، ومن ناحية أخري تلعب دورا في نقل معايير المجتمع وقيمه إلي أفراده، وعند استعراض المتغيرات الأساسية في هذه الورقة البحثية تأتي الأسرة لتمثل المتغير الرئيسي، وتأتي القيم الاجتماعية لتشكل المتغير التابع، وتلعب متغيرات وسيطة دورها في التأثير علي القيم الأسرية، منها تشكل المجتمع الافتراضي virtual community، الذي يضم علاقات وتفاعلات اجتماعية تمتد عبر الفضاء الرمزي cyber space، يضم هذا المجتمع في طياته مجموعة من الإفراد لا ينتمون إلي هوية واحدة أو قومية بذاتها، والمتأمل واقع الدلائل الرقمية يدرك أن هناك تزايد في مستخدمي الانترنت في مصر وأن هناك تزايد في أعداد المتفاعلون عبر الفضاء الرمزي من أفراد المجتمع المصري، وقد أسهمت التفاعلات التي تتم في المحيط الافتراضي عبر شبكة الانترنت في التأثير علي العديد من مناحي الحياة، كما ساهمت في تشكيل إطار ثقافي جديد يجمع بين المتفاعلين عبر الفضاء الافتراضي يعرف هذا الإطار الثقافي باسم الثقافة الرمزية cyber culture، وقد لعبت هذه الثقافة دورها في التأثير علي الثقافة المجتمعية بشكل عام بل والعديد من مؤسسات التنشئة الاجتماعية التي من أبرزها الأسرة بشكل خاص .وتأتي هذه الدراسة للتعرف علي تأثير الانخراط في تفاعلات الانترنت الافتراضية علي منظومة قيم الأسرة المصرية بالتركيز علي قيم بعينها مثل قيمة الحوار، وقيمة الطاعة، وقيمة التعاون. ومحاولة الوقوف علي الدلائل الرقمية لهذه التأثيرات من خلال الواقع الميداني. أولا: قضية الدراسة وأهدافها إن دراسة الجماعات الاجتماعية تشكل بوتقة اهتمام العديد من الدراسات في المجالات الأكاديمية المختلفة، ولقد عكف الباحثون في مختلف التخصصات علي دراسة الجماعات الاجتماعية مشكلاتها وبنائها ونظمها والقيم المتشكلة داخل الجماعات والتأثيرات المختلفة بين الجماعات بعضها البعض، إلا أن المستحدثات التكنولوجية وخاصة الانترنت ساهم في تشكل مجتمع جديد هو المجتمع الافتراضي الذي يمتد تأثيره من داخله إلي التفاعلات الواقعية، وتشير الدلائل إلي أن هذا المجتمع الجديد يناله التحدي في دراسة تفاعلاته وفي إخضاعه للدراسة العلمية والبحث وفي دراسة تأثيره علي التفاعلات الأسرية موضوع الدراسة الراهنة. لقد ساهم الإنترنت والذي يعد أحد منجزات الثورة الاتصالية في تشكيل فضاء جديد وهو الفضاء الرمزي Cyber space الذي يعد إطاراً جديداً لعلاقات اجتماعية عابرة للقوميات والأماكن فالمتعارف عليه أن الجماعة الاجتماعية مجموعة من الأفراد يجمع بينهم قيم مشتركة وشعور بالانتماء يعيشون في بيئة جغرافية مكانية واحدة تحكمهم قيم وأعراف يجتمعون عليها ويتفقون فيما بينهم علي وسائل الردع وقواعد الضبط الاجتماعي التي تحكم ما يحدث بينهم من علاقات، ولكن الإنترنت ساهم في تشكيل علاقات تتجاوز الإطار الفيزيقي المكاني وتفاعل الوجه بالوجه وشكل مستخدموه وخاصةً الذين يجمع بينهم اهتمامات مشتركة مجتمع يطلق عليه المجتمع الافتراضيVirtual Community(1) وهو شكل جديد من أشكال التفاعل الإنساني تتكون هذه التجمعات من مجموعة من الأفراد والذين يستعملون الحاسب الآلي للاتصال بينهم وذلك يختلف عن اتصال الوجه بالوجه(2). فقد نجح المجال الرمزي الذي شكله الإنترنت في الجمع بين أفراد ينتمون إلى هويات مختلفة ويعد هاورد رينجولد Haward Rhingold ((1993 من الأوائل الذين ساهموا في توجيه نظر العالم صوب دراسة المجتمعات الافتراضية وقد جاء ذلك في كتابه المجتمع الافتراضي والذي يؤكد فيه بأن هذه المجتمعات تجمعات اجتماعية تشكلت من أماكن متفرقة في أنحاء العالم أفرادها يتقاربون ويتواصلون فيما بينهم عبر شاشات الكمبيوتر والبريد الإلكتروني يتبادلون المعارف فيما بينهم ويكونون صداقات يجمع بين هؤلاء الأفراد اهتمام مشترك ويحدث بينهم ما يحدث في عالم الواقع من تفاعلات ولكن ليس عن قرب وتتم هذه التفاعلات عن طريق آلية اتصالية هي الانترنت الذي بدوره ساهم في حركات التشكل الافتراضية (3). تشكل دراسة تفاعلات المجتمع الافتراضي وعد كبير للباحثين وذلك كون هذا المجتمع يقدم تفسير لفهم نتائج التقنية الالكترونية علي التفاعل الاجتماعي(4) وفي هذا الإطار تتجه المحاولة إلي دراسة تأثير الانخراط في التفاعلات الافتراضية علي الأسرة، علي اعتبار أن كلا منهم نمط من أنماط التفاعل احدهما يتم علي مستوي واقعي والأخر يتم علي مستوي افتراضي، ولكل من المستويين قيمه الخاصة وأصول وقواعد التفاعل معه. وإذا كانت أنماط التفاعلات الأسرية متعددة فان هناك مجال جديد لتفاعلات اجتماعية تحدث علي خلفية موضوعات متباينة في الإطار الافتراضي. وكما تتباين موضوعات التفاعلات الاسرية تتباين ايضا مضامين التفاعلات الافتراضية فبعض موضوعات التفاعلات الافتراضية يكون في إطار اجتماعي يتناول هذا الإطار قضايا تتعلق بالصداقات حيث فتح المجال الافتراضي مجال جديد لتكوين الصداقات .كما يتناول هذا الإطار طرح المشكلات وسبل حلها وقضايا حياتية متباينة.وهناك قضايا سياسية ذات موضـوعات تتعلق بأمور السياسة تشمل تشكيل التظاهرات وظهور الحركات السياسية المناهضة لقرارات تتعلق بدولة بذاتها أو منظمة عالمية أو غيرها في هذا الإطار، فهناك تجمعات رمزية تتحدث عن الديمقراطية، وتناهض للديكتاتورية أو تقييد الحريات ويطلق علي هذا النوع من التفاعلات Cyber Politics. وهناك موضوعات تفاعلية تخص المرأة دون غيرها Cyber Feminism تتناول هذه الموضوعات حياة النساء و الحركات النسوية المناهضة للسلطة الأبوية والسيطرة علي الإناث، وتتضمن هذه الموضوعات أحاديث حول تأثير الإنترنت في حياة النساء. وهناك الموضوعات تتعلق بالنواحي الاقتصاديةCyber Economic تتناول موضوعات تتعلق بالقضايا الاقتصادية وحركات البيع والشراء والأسهم وأخبار البورصة وغيرها في ذات الشأن الاقتصادي.وهناك موضوعات دينية تطرح من خلال التفاعلات الافتراضية تسمح هذه التفاعلات بحوارات بين الأديان المختلفة أو حوار بين أنصار دين معين أو الاستجابة للأفكار الشرعية التي تتعلق بالأديان. وهناك موضوعات تعليمية فهناك تفاعلات وغرف محادثات حول التكنولوجيا يتعلم من خلالها الفرد بعض المهام التقنية ويسأل فيها عن معضلاته في تعامله مع الكمبيوتر وأشهر البرامج الحديثة وغيرها القضايا ذات الموضوعات التعليمة في مجال التكنولوجيا.وهناك مضامين جنسية Cyber Sex يتناول هذا النوع من التفاعلات قضايا جنسية، وممارسة ما يسمي بالجنس الافتراضي Virtual Sex، فقد سمح الانترنت بتشكيل جماعات تمارس الجنس عبر الفضاء الرمزي واتسع محيط العلاقات الجنسية عبر الشبكة ويشهد علي ذلك التنامي في المواقع الإباحية علي الشبكة، والمحادثات التي تمس الاهتمامات الجنسية الرخيصة. وهناك تجمعات افتراضية ذات موضوعات رياضية، هذه التجمعات تضم بالحديث حول أخبار الرياضية العالمية، وأحوال أبرز الرياضيون علي مستوي العالم، فالمجال العام الافتراضي له متغيراته التفاعلية المتعددة، كل هذه المضامين التفاعلية تستحوذ علي جزء من وقت المتفاعلين في السياق الافتراضي وقد تؤثر هذه التفاعلات بشكل ما علي مشاركات الأفراد الواقعية والتي منها تأثيره علي السياق الأسري. إن موضوعات المجال العام الافتراضي متباينة ولقد ساهم هذا المجال في تشكيل وعي الفئات الاجتماعية التي تتفاعل بداخله ويلعب أيضاً دوراً حيوياً في تكامل منظومة الثقافة والأهم في هذا الصدد هو أن البنية المعلوماتية الجديدة توفر تفاعل بين منظومات الثقافات المختلفة، فالثقافة التي تجمع بين الأفراد الذين يتفاعلون عبر شبكة المعلومات الدولية International net أطلق عليها لفظ الثقافة الرمزية Cyber culture وهي مجموعة متكاملة من النقلات النوعية على الصعيد الثقافي(5)، ولقد احتلت ثقافة الإنترنت مكاناً بارزاً لها عند دراسة التجمعات الافتراضية فهي ثقافة خاصة بالمجتمعات ما بعد القومية Post national community(6)، يشكل هذا النمط الثقافي الجديد إطار ثقافي خاص يجمع بين المنخرطين في المجال العام الافتراضي. و أهم ما يميز هذه التجمعات الافتراضية هي أنها متاحة للأفراد الذي يريدون المشاركة في أحد أنماطها، فالمدينة الافتراضية على حد زعم البرتا روبرت Alberta Ropertوميشيل جينكنسون Jenkinson Michael مدينة لا تنام فهناك دائماً أفراد مشتركين في التفاعلات الافتراضية حتى في منتصف الليل(7) - ولا غرابة في ذلك- فلقد أصبح الإنترنت بشكل عام جزء من حياة الناس والجماعات الافتراضية بأنماطها المختلفة باتت تشكل أهمية للعديد من المهتمين بالإنترنت على وجه خاص وذلك ما دعا ماريا باكردجيفا Maria Bakardjieva إلى أن تعلن أن الحاسوب أصبح أسلوب حياة وذلك في الفصل الذي أعدته بعنوان التكنولوجيا في حياتنا اليومية Technology in everyday life(8). إذا كان الأسرة تشكل جزء أساسي ومتغير رئيسي في تفاعلات إفرادها، فلقد أصبح المجتمع الافتراضي يشكل أيضا جزء من حياة بعض المتفاعلين في إطاره – مع ملاحظة خطورة التعميم- فلقد فتح الانترنت باب لتشكيل علاقات أسرية في واقعه الافتراضي تعرف باسم الأسرة الافتراضية virtual family وهذه الأسرة تسمح للفرد من اختيار أسرته والتي تعرف باسمه دون التقيد بسن معين تعيش هذه الأسرة الجديدة في بوتقة الوطن الافتراضي، وتبقي مجموعة من التساؤلات في هذا الشأن تستنفر التأمل حول واقع القيم الأسرية الواقعية منها ما مدي تأثير التفاعلات الافتراضية والقيم الآخذه في التشكل في الفضاء الرمزي علي قيم الأسرة الواقعية ؟(9) وهل ستؤدي التفاعلات الافتراضية علي غربة في التفاعلات الواقعية لدي بعض المستخدمين؟ هل ستؤدي إلي ارتباط أكثر أم تمزيق العلاقات بين البشر كما طرح بيترسون(10) وكيف يقدم الانترنت نموذج للتفاعل الاجتماعي بين الأفراد والجماعات والمنظمات كما طرح سليفن(11) وهل قيم الانترنت وواقعه الافتراضي تتكامل أم تتصارع مع القيم الأسرية ؟ تحتاج هذه الإجابات إلي جهد كبير من الباحثين سيحاول الباحث في هذه الدراسة التعرف علي واقع التفاعلات الأسرية في ظل انخراط بعض المتفاعلين في التفاعلات الافتراضية. أما عن أهداف الدراسة فقد تبلورت في محاولة تحقيق هدف رئيسي وهو التعرف علي تأثير التفاعلات الافتراضية التي تتم في محيط الفضاء الرمزي علي منظومة القيم الأسرية لدي المتفاعلين بالتركيز علي قيمة الطاعة والحوار والتعاون.ويتم تحقيق هذا الهدف من خلال تحقيق عدد من الأهداف الفرعية، والتي منها التعرف علي الأسباب والظروف الاجتماعية التي تدفع بعض أفراد المجتمع المصري إلي تكوين علاقات اجتماعية عبر الفضاء الرمزي، والتعرف علي طبيعة العلاقات الاجتماعية التقليدية كعلاقة الفرد بأسرته أو أصدقائه في ظل تفاعله في علاقات المجتمع الافتراضي، كما يهدف البحث للتعرف علي بعض ملامح الثقافة الرمزية (بالتركيز علي اللغة كأحد الملامح الثقافية) ودورها في التأثير علي منظومة الحوار الأسري. والتعرف علي المزايا الاجتماعية التي تظهر نتيجة الانخراط في هذا النمط من التفاعل والمشكلات الناجمة عنه. ثانيا: مفاهيم الدراسة ولقد أفرز التقدم التقني في مجال المعلومات إسهاماً أدى إلى انتفاضة في المفاهيم التي استحدثت خاصةً بعد اتساع الشبكة الدولية للمعلومات والتي تعد في حد ذاتها مفهوماً جديداً يضاف إليه مزيد من المفاهيم التي استلهمت وبرزت من خلال ثورة الاتصالات الحديثة ومن أبرز هذه المفاهيم والتي يحاول الباحث أن يجد لها تأثيراً عند دراسة تأثير التفاعلات الافتراضية علي منظومة القيم الأسرية وتؤدي دوراً في هذا الدراسة المفاهيم الآتية: 1- مفهوم المجتمع الافتراضي Virtual Community تنوعت التعريفات حول مفهوم الجماعات الافتراضية من ذوي التخصصات المختلفة ما بين مهتمين بعلوم الحاسب والاتصالات ومهتمين من علماء الاجتماع ورجال السياسة وقد عرفها Haward Rhingold1993 بأنها تجمعات اجتماعية تشكلت في أماكن متفرقة من أنحاء العالم يتقاربون ويتواصلون فيما بينهم عبر شاشات الكمبيوتر والبريد الإلكتروني يتبادلون المعارف فيما بينهم ويكونون صداقات يجمع بينهم اهتمام مشترك يحدث بينهم ما يحدث في عالم الواقع ولكن ليس عن قرب ولكن عبر شبكة المعلومات الدولية(12)، كما عرفها عرفها عمرو الجويلي 1996 "بأنها جماعات تشكلت إثر الثورة المعلوماتية التي أتاحت الفرصة إلى تقليص التباعد الجغرافي مما أتاح الفرصة للاتصال بين أفراد يقعون عبر مسافات متباعدة يجمع بين أفرادها نوع من الإحساس بالولاء والمشاركة(13) " وعرفهاJonathan Layzer 2000بأنها تجمعات تشكلت من خلال شبكة الإنترنت لا يقطن أعضائها في بوتقة جغرافية واحدة ولكنهم موزعون في أنحاء مختلفة ومنتشرة حول العالم يجمع بين هذه التجمعات اهتمامات مشتركة ومختلفة وتتعدد أنماط هذه التجمعات ما بين تجمعات تجارية وتجمعات طبية وتتسع لتشمل أنماط أخرى متعددة(14)، ويري (EV. Brenner 2000 أن مفهوم الجماعات الافتراضية هو مفهوم مركب يشير إلى علاقات تظهر بين الأفراد الذين يتشاركون عبر الإنترنت استغل هذا المجتمع التقنيات الإلكترونية وأدواتها في تحقيق وتنفيذ مشاركات اجتماعية)(15). وعرفها نبيل علي 2001 بأنها تجمعات اجتماعية تجمع بين أصحاب الاهتمامات المشتركة وأهل التخصص للواحد وأصحاب الرأي وجماعات السمر والدردشة* وتبادل المعلومات والنوادر ويمكن لأي عضو في هذه الجماعة أن يبث حديثه لجميع أعضائها دون استثناء أو يختص فريق منهم أو يسر لفريق بعينه ما يريد أن يحجبه عن الآخرين ويمكن للعضو أن يقدم نفسه تحت أسماء مستعارة بل ويمكن أن يتنكر العضو في شخصيات متعددة(16). وعرفها بسيوني إبراهيم حمادة2001علي أنها تجمعات اجتماعية تظهر عبر شبكة الإنترنت تشكلت في ضوء ثورة الاتصالات الحديثة تجمع بين ذوي الاهتمامات المشتركة يتواصلون فيما بينهم ويشعرون كأنهم في مجمع حقيقي(17) . وأشار أحمد زايد2003 تجمعات اجتماعية تظهر عبر شبكة الإنترنت عندما يدخل عدد كاف من الناس في مناقشات عبر فترة كافية من الزمن يجمع بينهم شعور إنساني كافي بحيث يشكلون مواقع للعلاقات الشخصية عبر الفضاء الإلكتروني(18). أما محمد محيي الدين (2004) يري أن مصطلح المجتمعات المتخلية من المصطلحات الشائعة والذي يشير إلى تلك الأنماط المتمفصلة من العلاقات والأدوار والمعايير والنظم واللغات التي تطور بوساطة الأفراد خلال عمليات الاتصال المباشر على الخط كما أشار إلى أن مصطلح المجتمعات المتخيلة لا يزال مصطلحاً علمياً شكلياً(19). من خلال الطرح السابق للمفاهيم التي تتعلق بالجماعات الافتراضية تجدر الإشارة إلى أنه هناك ثمة اتفاق حيث تبين أنها تجمعات اجتماعية لا مكانية بمعنى لا يشكل أعضائها تجمع مكاني فلا يجمع بين أعضائها إطاراً جغرافياً ولكن هذه التجمعات تنطلق لتشمل أفراد ينتمون إلى هويات وقوميات مختلفة. واتفقت المفاهيم الآنفة أنه ثمة وسيلة تجمع بين أعضاء هذه الجاليات التي تنتشر في الفضاء الرمزي وهي الشبكة الدولية للمعلومات. وهناك اتفاق بين جميع المفاهيم على وجود اهتمامات مشتركة بحيث يشترط لعضوية الفرد في أحد الجماعات الدخول إلى موقع الجماعة التي تتفق واهتماماته بحيث يتقابل مع أعضاء آخرين من نفس الاهتمام بشكل مستمر أو متقطع. ويمكن لأي عضو في الجماعة أن يدخل في مناقشات مع فرد واحد أو أكثر في مضامين تتفق واهتمامات الأفراد كما يمكن للفرد أن يشارك في أكثر من جماعة على حسب ميوله واهتماماته. من خلال هذه الرؤية السابقة يمكن القول أن هناك تقاطعات بين المجتمعات الحقيقية والمجتمعات الافتراضية، إذ أنه في الغالب يحدث بين المتفاعلين افتراضيا مثلما يحدث في الواقع الحقيقي ولكن ليس عن قرب، يستطيع المنخرط في هذه التفاعلات أن يتجه بالحديث في الوجهة التي تتناسب مع اهتماماته، واهتمامات المتشاركون معه في ذات الجماعة، تتيح هذه التجمعات حرية قد لا تكون متوافرة في الواقع المعاش مثلما هي في الفضاء الرمزي وقد امتد تعريف المفهوم إلى تقديم مفهوم إجرائي " فالجماعات الافتراضية عبارة عن تجمعات اجتماعية شبابية من الذكور والإناث يجمع بينهم اهتمامات مشتركة في موضوعات ترفيهية وسياسية واجتماعية وثقافية ويتقابلون بشكل جماعي أو فردي ويتواصلون عبر البريد الإلكتروني والإنترنت بالصوت أو الصوت والصورة عن طريق كاميرا الويب وعبر مقاهي الإنترنت من مستويات اجتماعية واقتصادية وجغرافية مختلفة. 2- مفهوم الواقـــع الافتراضـي Realty Virtual يرتبط مفهوم المجتمع الافتراضي بمجموعة من المفاهيم الأخرى فهناك ثورة مفاهيمية مرتبطة بالثورة التكنولوجية ومعالمها المختلفة إلا أن أبرزها الإنترنت ومن المفاهيم التي ترتبط بمفهوم المجتمع الافتراضي مفهوم الواقع الافتراضي Virtual Reality الذي أثار مجموعة من الرؤى في تحديد مفهومه فقد عرف المفهوم Ev-Brenner 2000 ليشيرإلى التفاعلات التي تحدث داخل البيئة الافتراضية ولا يقف هذا الواقع على التفاعلات التي تتم فقط داخل غرف المحادثات ولكن تتعدد أنماطه التي منها السينما الافتراضية والمسرح الافتراضي(20). أما نبيل علي2001 يري أن هذا المفهوم من المفاهيم المثيرة التي أضافتها تكنولوجيا المعلومات إلى قاموس حياتنا المعاصرة ويمكن النظر إليه على أنه " بيئة اصطناعية لممارسة الخبرات بصورة أقرب ما تكون إلى الواقع ما ضمن وراء شاشة الكمبيوتر يجوب الفرد عوالم الوهم متحرراً من قيود الجبر وقيود قوانين الطبيعة وقيود قوانين المجتمع والحال في هذا الواقع دون حواجز فلا عوائق تعوق الإنسان في هذا الواقع من أن يخترق الحوائط والجدران أو يهوى الإنسان فيه من أعلى الشواهق ليرتطم بالأرض دون أن يصاب بخدش أو إصابة وأن يتجول الإنسان داخل مفاعل نووي من دون أن تصهره حرارته العالية كما يمكن الواقع الافتراضي الإنسان من الإبحار في الأماكن المختلفة ومن الإبحار إلى أزمنة الماضي الغابرة واقتحام أزمة المستقبل القادمة أو الخلط بينهما فيما يعرف بالخلط الزمني Time scrambling "(21) من هذا التعريف يتبين أن الواقع الافتراضي لا يقف أمامه عامل الزمن إذ أن هذا الواقع يستطيع به الإنسان أن يخترق عامل الزمن إلي ما يريد الوصول إليه، وكذلك يمكن هذا العالم أن يخترق الإنسان الأماكن إلي ما يريد الوصول إليه، كل ذلك عبر شاشة الإنترنت. لقد طرح الإنترنت معارف جديدة معرفة لا تتعامل فقط مع ما هو محدد وما هو يقيني فقط بل تحمل هذه المعارف أيضاً ما هو محتمل وما هو زائف فالمعارف التي تتجلى عبر الإنترنت لا تتعامل فقط مع المقنن أو الصوري والمنطقي والرياضي والإمبريقي فقط بل أيضاً مع المعرفة السردية والوعي الجماعي والخبرات الواقعة والممارسات الفعلية والمعرفة التلقائية المباشرة والحدس بل أيضاً تتعامل مع عالم من الخيال Virtual world وقد كادت ثقافة الإنترنت Cyber Culture أن تسقط الحواجز الفاصلة بين الواقع والعوالم الرمزية المصنعة التي تحاكيه أو تتجاوزه وذلك باستخدام أساليب المحاكاة Simulation والخيالية Virtual Reality(23)، ويري شاكر عبد الحميد 2004 أن مصطلح الواقع الافتراضي يشير إلى العوالم البصرية الواقعية الثلاثية الأبعاد والمختلقة بواسطة الكمبيوتر والتي يقوم خلالها معالج Operator إنساني مجهز على نحو مناسب بالاستكشاف والتفاعل مع موضوعات مصورة (افتراضية) بالطريقة نفسها من خلال الشخص نفسه بالقيام بهذه الأنشطة في العالم الطبيعي فمن خلال استخدام مدى معين من أجهزة الإدخال المعلوماتي سواء خوذة أو قفازات بيانات أو بذلة بيانات يصبح من الممكن توليد المحاكاة أو المماثلة الخاصة بالعالم الثلاثي الأبعاد والتي يكون من خلالها الإنسان المشارك مندمجاً ومتفاعلاً في هذا العالم. إن الإنسان في هذه الحالة يبدو مندمجاً في بيئة افتراضية جديدة لديه وسائله الخاصة للتفاعل مع هذه البيئة الافتراضية - تبرز هذه الوسائل والآليات من خلال الشبكة الدولية للمعلومات- ويكون لديه القدرة على الوصول إلى الموضوعات الافتراضية وعلى رؤيتها وسماعها ولمسها ويكون قادراً على التفاعل مع أجهزة التحكم المختلفة والمناسبة(23). فالبيئة الافتراضية هي تلك البيئة التي يقوم فيها العائد أو المردود السيبرنطيقي Cybernetic feed back وكذلك أجهزة التحكم بالمحاكاة التفاعلية مع بيئة خاصة وتبدو مثل هذه البيئة كما لو كانت واقعية ويمكن التعامل معها واستخدامها كما لو كانت واقعية أيضاً لقد ظهرت تكنولوجيا الواقع الافتراضي وتطورت نتيجة للتطورات التي حدثت في المشروعات الخاصة ببرامج الفضاء والمشروعات العسكرية مع وجود أهداف خاصة للتحكم أو إمكان التحكم في العمليات الموجودة في مواقع بعيدة أو مواقع خطرة كما في الفضاء الخارجي وعمليات الاستكشاف لأعماق البحار والإشعاعات النووية وغيرها. ويري ديفيد بيل وآخرون 2004David Bell and others أن مصطلح الواقع الافتراضي Virtual Reality هو اختصار لكلمة VR ويشير إلى أنظمة كمبيوتر ثلاثية الأبعاد تقدم خبرات مرئية تحاكي الواقع يدرك فيها الشخص خبرات خيالية وكأنها واقعية(24). يتجلى من خلال الطرح أن الواقع الافتراضي الذي تشكل عبر الشبكة الدولية للمعلومات يهيم الأفراد في إطاره بحثا عن الحرية، والتعليم، والتثقيف، والانحراف والجريمة والحروب أحيانا أخري، ويقوم هذا الواقع بالدرجة الأولي علي فكرة المحاكاة التي قد تستهوي الفرد للإبحار في محيطات الواقع الافتراضي وذلك من أجل طلب إفادة أو هروب من مشكلات الحياة المعاصرة، في هذا الصدد يمكن بلورة مفهوم للواقع الافتراضي علي النحو التالي "واقع يحاكي الواقع الحقيقي يتجه إليه الأفراد عبر شبكة الانترنت، يشمل علي محاكاة واقعية، وأخري خيالية غير واقعية". 3- مفهوم الفضاء الرمزي Cyber Space يعد الفضاء الرمزي هو الإطار أو الحيز التي تتم في إطاره تفاعلات المجال العام الافتراضي ولقد تعددت المفاهيم النظرية حول المفهوم فقد طرح للمفهوم عبد الله بن عبد العزيز الموسي2002:علي انه هو مفهوم الفضاء من حيث الكلمات والعلاقات الإنسانية والبيانات والقوة ويشترك فيه الأفراد الذين يستعملون تقنية الحاسب كوسيلة اتصال(25)، وقد عرف الفضاء الرمزي نبيل علي 2003بأنه فضاء جديد تقطنه الجماعات تمارس فيه الصفقات وتقام فيه المؤسسات والمتاحف والمعارف ومنافذ البيع تعقد فيه التحالفات وتحاك فيه المؤتمرات تنقل فيه المعلومات بسرعة فائقة ورغم محاكاته لفضاء الواقع إلا أنه يختلف في طبوغرافيته وطبيعته وقوانينه وأعرافه عن فضاء الواقع فليس هناك سلطة مركزية تحكمه أو جهة رقابية تراجعه بل مجرد لجان أو مجموعات غير حكومية(26). كما عرفه أحمد زايد 2003 العالم الفضائي غير المرئي وغير المرتبط بمكان وزمان والذي تتداول داخله المعلومات الإلكترونية(27). وقد رسم صورة الفضاء الرمزي موقع Buzzle.com 2004حيث يتضمن مفهومه الفلسفة التي تقودنا إلى فهم العالم، والتقنيات الإعلامية التي ترتبط بالتغييرات في تصورات المكان والزمان، والفن والهندسة المعمارية، والرياضيات التي تخلق القدرة على قراءة المكان بشكل مختلف(28). ومن الملاحظ أن هذا الفضاء يشكل مجال جديد للبحث في العلوم الاجتماعية خاصةً وأن هذا الفضاء هو الحيز الذي يتم في إطار العلاقات الاجتماعية الافتراضية التي تضم في رحابها أفراد من قوميات وهويات مختلفة. وقد حاول الباحث صياغة مفهوم الفضاء الرمزي على أنه هو حيز يتم في إطاره تدفق المعلومات والمحادثات والمقابلات بين أفراد من الجنسين. 4- مفهوم القيم الاجتماعية: يعد مفهوم القيمة من المفاهيم الفضفاضة كونه يقع على الخط الفاصل بين العلم والفلسفة فهو مصطلح فلسفي النشأة يهتم بالبحث فيما ينبغي أن يكون ولقد استأثرت مجموعة من العلوم بمحاولة تقديم تعريف لمفهوم القيمة التي اختلفت بدورها عن القيم الفلسفية والجمالية وسوف ينتقي الباحث في هذا الشأن باقة من مفاهيم القيم المرتبطة بالناحية الاجتماعية. تعتبر القيم الحكم الذي يصدره الإنسان على شيء ما مهتدياً بمجموعة من المبادئ والمعايير التي أقرها المجتمع الذي يعيش فيه والذي يحدد المرغوب فيه والمرغوب عنه من السلوك. ويعرفها كلاكور على أنها "قانوناً أو مقياساً له شيء من الثبات على مر الزمن" أو بعبارة أخرى أعم تتضمن دستوراً ينظم نسق الأفعال والسلوك، كما عرفها هوبل Hobel بأنها "تعبر عن ما هو كائن بالفعل على أساس عددي ولا تعبر مطلقاً عما يجب أن يكون أو ما يعتقد الناس أن يحب أن يكون"(28) وقد أشار بدر الأنصاري إلى أن القيم في أصلها اعتقاد ولا يشترط البعض فيه أن يكون حقيقة فهو رؤية عن الخير والشر يمنحها الإنسان لنفسه دون سند سوى رغبته في الإيمان بها كما يشير إلى أنها عبارة عن الأحكام التي يصدرها الفرد وبدرجات معينة من التفضيل أو عدم التفضيل للموضوعات أو الأشياء وتتم العملية من خلال التفاعل بين الفرد ومعارفه وخبراته(29). اتضح من خلال الطرح السابق أن هناك جدل حول مفهوم القيم وهناك جدل أكثر حول تصنيف القيم حيث بعد التخصص أو المحتوي أو المقصد ولكن الباحث سوف يرتكز على دراسة بعض القيم التي قد تسهم في خلق رأسمال اجتماعي في المجتمع الافتراضي مثل الصداقة وقبول الآخر والانتماء والتعاون ويتحقق من خلال ذلك وصول الباحث إلى تحديد إجرائي للقيم على أنها "نمط من التفضيل أو عدم التفضيل لبعض القيم الأسرية كالحوار والطاعة والتعاون". ثالثاً: المجتمع الافتراضي والقيم الأسرية علي خلفية التنظير السيسيولوجي يعيش العالم في مستهل ألفية جديدة ترنو بالإنسان نحو علم جديد من الفكر والثقافة، يختلف أفق وفكر هذا العالم عن فكر وثقافة العصور المنصرمة، فإذا كانت العهود السابقة هي عهود الإيمان والثقة واليقين، فان هذه المرحلة أهم ملامحها عدم الثقة وعدم اليقين، إذ تتجه هذه المرحلة نحو تفتيت ما هو نظري علي المستوي الكلي ويتجه التفسير نحو التفسيرات الجزئية المفتتة عن الواقع الاجتماعي، أحيانا يصدقها الواقع وأحيانا يكذبها الذي تنطلق منه لتخرج تفسيرات أخري تقطع مسافة لمحاولة فهم وتفسير ما هو اجتماعي. فالتنظير السسيولوجي عاش تحت وطأة التفسيرات الكلية لفترة كبيرة، وخرج في هذا الإطار نظريات كبري تحاول هذه النظريات أن تفسر أنساق قومية من خلال مقولات ذات طابع كلي، منها ما يؤكد أن المجتمع في حالة من التوازن ومنها ما يؤكد علي عمليات الصراع – وجميع التفسيرات ترتبط بالدرجة الأولي بالمجتمعات والأنساق التي خرجت منها – وجميع التوجهات النظرية قطعت شوطا في تفسير الواقع الاجتماعي الغربي، إلا أن هذه التفسيرات قد وجدت قبولا لها في مصر فسعي المفكرون نحو تبني هذه الاتجاهات سواء المحافظة منها أو الراديكالية محاولة للإصلاح وتفسير العمليات الاجتماعية التي تحدث في المحيط المصري. إذا كان هناك تفتيت علي المستوي النظري التقليدي، فان الفكر والثقافة ينحوان منحي التعددية النظرية في حقبة العولمة وظرف ما بعد الحداثة، في هذا السبيل سيحاول الباحث أن يقدم تصور نظري مقترح قد يسهم في فهم ما هو اجتماعي علي المستوي الافتراضي في صورة مجموعة من المقولات. المقولة الأولي :القيم الاجتماعية بين التفكك وإعادة التشكل إن المرحلة الراهنة عالمياً وعربياً أداتها الرئيسية هي تكنولوجيا المعلومات ومنظومة الحاسبات والاتصالات، والمنتج الرئيس الذي تنتجه هو المعرفة، والمادة الأولية هي الموارد الذهنية(30) ويمكن القول عند توصيف المرحلة الراهنة بأنها مرحلة تفكك العلاقة بين الثقافة والمجتمع، والمقصود بتفكك العلاقة بين ما هو ثقافي وما هو اجتماعي هو انحلال الوسائط التقليدية بينهم تلك الوسائط التي كانت تشد أحدهما علي الأخر عبر الفعل الاجتماعي(31) فالمرحلة الراهنة تشهد حالة تشظي الاجتماعي والثقافي والتفكك، والتفتت، واللاهدف واللامعني(32) إن ظاهرة التفتت عامة لها تفسيرها السيسولوجي، ولكن من المؤكد أن وحدات التحليل التقليدية كالأسرة أو القبيلة أو الدولة أو الطبقة أو المهنة لم تعد بالضرورة وسيطا نشيطا في توضيح العلاقة بين ما هو ثقافي وما هو اجتماعي(33) خاصة في ظل الظروف العالمية التي تشهد تحولات بظهور متغيرات جديدة فاعلة تلعب فيها المعرفة والمعلومات دوراً رائداً، ومن أبرز هذه المتغيرات الإنترنت، الذي ارتبطت ثقافته بثقافة ما بعد الحداثة، والتي ارتبطت أيضا بحدوث تحولات كثيرة تضمنت المسافة إلي حدود الإلغاء، وانتهاء الحقبة التاريخية الحضارية محددة المكان وظهور حضارة جديدة وثقافة جديدة تتفاعل مع كرة أرضية لا مركز لها وكل ذلك بفضل تطور تكنولوجيا المعلومات(34) الذي أدي اتساعها إلي توقف التمايزات بين ما هو ثقافي وما هو اجتماعي من جراء التفكك المستمر لبني المجتمعات(35). أن المتأمل في حقيقة المجتمعات الافتراضية والتوسعات في تشكلاتها، يدرك أن هذه المجتمعات لا تتعامل مع نسق قومي مغلق محدد الأبعاد وواضح المعالم، بل تؤكد هذه المجتمعات علي فكرة تفتت النسق القومي، إذ أن حدود هذه المجتمعات لم تظهر من داخل الجماعات القديمة أو الدولة القومية ولكن تخطت حدود الدولة القومية والنسق القومي لتلحق بنسق عالمي جديد Cyber System، وهذا النسق ليس نسق مغلق، ولكن هو نسق عالمي يجمع بين الأفراد الذين ينخرطوا في تجمعات افتراضية. لقد انطلق الفضاء الرمزي، في حقبة اهتزت فيها دعائم الثقة، وثار العقل علي نفسه في سياق من الأحداث الاجتماعية المأسوية، وبقوة دفع من التطورات والإنجازات العلمية الطبيعة منها والإنسانية، وتغير مقومات الفكر وأسس الثقافة.ودفع ذلك إلي عملية إحلال وتغيرات في النموذج الإرشادى، Paradigm فكل حقيقة تاريخية كما طرح توماس كون ومع كل ثورة علمية يظهر نموذج إرشادي، ولكن سرعان ما ينهار هذا النموذج ليحل محله نموذج أخر(36) يتضح من خلال هذا الطرح أن المجتمعات الافتراضية لا ترتبط بنموذج قديم ولكن ترتبط بنموذج جديد تتجلي ملامحه الفكرية في اتجاه ما بعد الحداثة. إن التفتت المستمر الذي لحق بالأنساق المغلقة والدولة القومية، دفع إلي محاولة تفسير الجدل الدائر بين ما هو كوكبي وما هو إقليمي، وذلك يبرر تفسير ما يحدث اقليماً في إطار من العالمية(37) وفي هذا الطرح يظهر تيارات جديدة علي المستوي العالمي تتمايز هذه التيارات في جوهرها عن الكيانات القومية التي بدورها تقع تحت ضغط عمليات من التفتت من أجل تجمع عالمي جديد(38) يقوم هذا التجمع العالمي الجديد علي عمليات رفض للفرضيات الكبرى(39) والخروج عن دائرة الدولة القومية، وتشير الدلائل أن التجمعات الجديدة علي المستوي الافتراضي هي نتاج لعمليات التفتت المستمر التي تخضع لها القوميات والمجتمعات الإقليمية، ونتيجة أيضا لبزوغ فضاء جديد تشكلت جبناته وملامحه بفضل التقدم التكنولوجي وثورة المعلومات التي تعد من أسباب ونتاج ما بعد الحداثة.فموجات التفكك وإعادة التشكيل لحقت بموضوع القيم، فان هناك قيم يعاد تشكلها علي المستوي الواقعي وذلك بسبب موجات وعمليات العولمة الجارية، ومن خلال الجدل الدائر في خضم العولمة هناك إعادة تشكل للقيم لدي المنخرطين في التفاعلات الافتراضية، إذ انه يمكن القول أن هناك تحولات في منظومة قيم بعض الأفراد المنخرطين في التفاعلات الافتراضية وهذا ما سيحاول الباحث التحقق منه في الواقع الميداني. إن اتجاه ما بعد الحداثة بمقولاته ينطبق علي المجتمعات الافتراضية وفضائها الجديد اللانهائي الأطراف إذا أن هذه الحقبة النظرية لها سماتها التي قد نجد لها سبيل إلي تفسير واقع العلاقات الاجتماعية الافتراضية، فهي تتسم بالانقطاع واللامركزية والإخفاء.والتفكك والتمرد والالتباس. سيحاول الباحث الربط بين هذه السمات وبين واقع المجتمعات الافتراضية علي النحو التالي. 1- الانقطاع : إن المتأمل حقيقة التجمعات الافتراضية علي تشكلاتها المختلفة-يدرك أن هذه العلاقات والانخراط المستمر فيها يؤدي إلي قطيعة علي المستوي الاجتماعي، فهذه العلاقات الافتراضية تؤدي إلي انقطاع العلاقة مع الأصدقاء، جار السكن بل مع الأسرة أحيانا بما قد يؤثر علي بعض القيم الأسرية. وتستهلك وقت الفرد في علاقات تخرج به عن إطار العلاقات الفيزيقية لتسبح بالفرد في فضاء جديد هو الفضاء الرمزي. 2- تعدد المراكز وتبادلها : تتسم التفاعلات الاجتماعية علي المستوي الافتراضي بتعددية المراكز وتبادلها، فهذه العلاقات لا مركز لها، كلها علاقات تخرج من السيطرة، فمن داخل المنتديات أو غرف المحادثات لا يوجد سلطة مركزية توجه الحديث، فكل فرد يستطيع أن يكون مركز الجماعة في أحيان كثيرة، وكل فرد يستطيع أن يقود الحوار مرة أو مرات فهذه التفاعلات تفاعلات لا يحتكرها شخص يهيمن أو من يقوم بفرض سيطرة علي الحوار ولكن الجماعات الافتراضية كلها تفاعلات لا مركزية، فتبادل الأدوار وارد في هذه التجمعات إذ تسمح هذه التفاعلات بتعدد المراكز في الوقت ذاته، من هنا فمن الممكن أن يكون للجماعة الافتراضية أكثر من مركز في موضوع الاهتمام الواحد وهذا المركز ليس حكرا علي فرد مهيمن ولكن يخضع للتبادل حسب رغبة الداخل في الحوار في معظم الأحوال. 3-الإخفاء: إن العلاقات الاجتماعية الافتراضية في معظمها تجمعات خفيه مجهولة الهوية- إلا في القليل منها – فالفرد الذي ينخرط هذه التفاعلات له الحق أن يخفي نفسه تحت مسميات مختلفة، أو ينفضل من هويته، وأحياناً يدخل التفاعلات باسم مشهور من المشاهير،، وأحيانا يدخل الذكور بأسماء الإناث والعكس، وأحيانا ويدخل بأسماء فكاهية....الخ فهوية الفرد أو شخصية تختفي في ظل هذه التفاعلات بل وتتباين في قوالب عديدة.فلا يستطيع الداخل في هذه التفاعلات أن يعرف من الذي يتحدث إلي من؟ وعنصر تجهل الهوية يفرض تحديا نظريا في دراسة هذه الجماعات التي قد تتعدد هويات أفرادها أو تزيف في صور متعددة بعكس التفاعلات الأسرية التي تتم في السياق الواقعي تتسم في تفاعلاتها بالوضوح وعدم الإخفاء. 4-التفكك: طرح جراي كروجGray Krug في فصله المعنون بالتكنولوجيا كثقافةTechnology as Culture إن ابتكار الواقع الافتراضي وعوالمه الالكترونية أدي إلي تفكيك العلاقات الفيزيائية بين الأفراد-يقصد بذلك أن تفاعلات الواقع الافتراضي التي تتم في إطار الإنترنت أثرت بدورها علي تفكيك العلاقة بين التفاعلات التي تقوم علي أساس الوجه بالوجه(40).فتشكل فضاء الرمزي أدي إلي تفكك في العلاقات الفيزيقية بين الأفراد وتشكل نوع جديد من أنواع العلاقات الاجتماعية علي المستوي الافتراضي، وتشير الدلائل الواقعية أن هناك مزيد من الاتجاه نحو التفاعلات الافتراضية وعلي الخصوص في ظل التحديات الطارئة علي الواقع المعاش. ولقد طرح ألبرت بورجمان Albert Borgman فكرة في هذا الصدد مؤداها أن حاسبتنا تبعدنا عن عالماً- قدم في هذه الفكرة أن الإنترنت يلعب دوراً في التأثير علي الأشخاص، وذلك لأنه أتاح فرصة تكوين علاقات اجتماعية سهلة عبر فضائه(41) ساهمت هذه العلاقات وهذه السهولة في تكوينها إلي تفكك ما هو تقليدي من العلاقات الاجتماعية وتشكل ما هو افتراضي علي المستوي العالمي إن موجات الهدم والتفكك التي لحقت بالبني التقليدية للمجتمعات لحقت أيضا من خلال الملاحظات علي الأسرة، وخاصة في ظل بزوغ العولمة الاتصالية، كل ذلك لعب بدوره دورا في إعادة تشكل قيم الأسرة علي الصعيد الواقعي. 5- التمــرد: لقد فتح الفضاء الرمزي مجال جديد للتمرد والحركات الثورية والتحررية، إذا أن من ضمن تشكيلة التفاعلات الافتراضية تفاعلات تمردية، فالفرد يستطيع أن يقول ما يريد خارج الضوابط التقليدية للمجتمعات، وخاصة في المجتمعات السلطوية، فلقد فسح الإنترنت لمجال جديد للتفاعلات تقوم علي الحرية وتخرج عن سيطرة الدولة، فالمجال مفتوح في الفضاء الرمزي للاتفاق علي الثورات أو التظاهرات من دون قيود المكان، ويدرك المتأمل لحركات التمرد علي المستويات القومية أو العالمية أن الإنترنت وتجمعاته الافتراضية يشكل آلية رئيسية تساهم في تقارب المسافات والاهتمامات والاتفاق علي مناهضة بعض القضايا أو المطالبة ببعض الحقوق.فهناك تحولات قيمة تبرز محاولات للخروج عن القيم التقليدية فهناك إذا كان من الممكن قوله نوع من الثورة القيمية علي ما هو تقليدي في المجتمع الافتراضي. إن التمرد علي ما هو تقليدي فتح الباب أمام تمردات أسرية من الأبناء خاصة الذين يعيشون في مرحلة المراهقة – حسب الافتراضات النظرية لمرحلة المراهقة- فان بوابة التمرد الافتراضية لها مردود علي التمردات الأسرية وهذا ما ستحاول الدلائل الميدانية التأكيد عليه أو إحباطه. يتضح من خلال الطرح أن هناك تفكك في الأبنية التقليدية والنسق القديم، وقد أصبح ارتباط الأفراد بالنسق القديم أضعف، وخاصة أن المواطن العربي الآن في أزمة راهنة وذلك نتيجة هدر الإمكانيات وغياب المؤسسات التي تعد الضابط وراء مواجهة بعض قضايا الإنسان العربي ناهيك عن مشكلات الشباب الحياتية والتي تكمن في مشكلات حياته متعددة منها البطالة، وما يترتب عليها من مشكلات ترتبط بالواقع المادي للشباب، ومشكلات الزواج، ومشكلات التعليم وغيرها، كل ذلك لعب دوراً بارزاً في حدوث وهن، وهذا الوهن بدوره أدي إلي حدوث خلل بنيوي داخل أنساق العلاقات الاجتماعية والقيم الاجتماعية والأسرية، وتفكك النسق القـديم دفع هذا التفكيك في النسق القديم إلي حـدوث توترات أدت هـذه التوترات إلي البحث عن ميكانزيمات لخفـض حدة هذه التوترات دفع ذلك الأفراد إلي البحث عن نسق جديد يتحصـن فيه الأفـراد بما فيه من قيم جديدة، وهذا النسق الجديد هو الفضاء الرمزي الذي تشـكلت فيه علاقات بين أفراد لا يعرف بعضهم البعض فيه مجالاً خصباً للتفاعل دون قيود الزمان أو المكان وتحرر من القيم التقـليدية أدى ذلك إلي مزيد من ولوج الأفراد إلي التجمعات الافتراضية. المقولة الثانية: العولمة وتفتت الزمان وإعادة تشكل المكان تشكل العولمة اللحظة التاريخية التي شهدت-ولا تزال-علي ميلاد الجماعات الاجتماعية الافتراضية، تلك اللحظة التي شهدت تغيرات كوكبية علي إطار واسع، بات فيه العالم قرية صغيرة وتشكلت هذه اللحظة التاريخية بناء علي متغيرات متعددة أسماها هو التقدم في وسائل الاتصال التي أدنت العالم أدناه بأقصاه، ويشهد ذلك علي تقلص جغرافيا المكان وصورة الزمان، ومن منطلق حركات التشكيل الجديدة لأنساق عالمية أو بالأحرى إلي نسق عالمي جديد، ترتب علي هذا النسق الجديد فاعلين جدد، هؤلاء الفاعلين الجدد لا ينضمون إلي قومية واحدة، ولا مجتمع واحد، بل تشكل هؤلاء الفاعلين الجدد من مجتمعات وقويات مختلفة، يتواصلون ويتقاربون بوسائط تكنولوجية أبرزها الشبكة الدولية للمعلومات الذي قدم تسهيلات لهؤلاء الفاعلين الجدد من الانخراط في مجتمعات كوكبية تخرج من إطار المحلية وتخرج من تحت سيطرة الدولة القومية.بل تضيق بهؤلاء والدولة القومية ليخرجوا إلي فضاء جديد هو الفضاء الرمزي، وعلاقات جديدة تتجاوز العلاقات القومية إلي علاقات أخرى، علي المستوي الافتراضي وليس الواقعي. لقد برزت التجمعات الافتراضية، مع بزوغ مجموعة من الظواهر الحياتية، والتطورات والممارسات التكنولوجية والعلمية والمستجدات الفكرية، والتي تدفع في اتجاه زيادة ترابط العالم وتقاربه وانكماشه الأمر الذي يعني إلغاء الحدود والفواصل بين الأفراد والمجتمعات والثقافات والدول(42) وكل ذلك حدث جراء العولمة التي فتحت المجال أمام تشكل كوناً بديلاً لملايين البشر، هذا الكون يعتبر بديلاً للكون المحدود(43) فالإنسان المعاصر والنخب المعاصرة قد تحررت وتحركت نحو فضاءات جديدة، تقلصت مع هذه الانطلاقة للإنسان المعاصر عنصر المسافة، وتقلصت مع البزوغ نحو الكونية علاقات الوجه بالوجه، فهناك تقاطعات اجتماعية عديدة ظهرت خلال تغير وانكماش المسافة والتقاربات بين ما هو محلي وما هو عالمي(44) فتضيق الهوة المكانية هي السمة الأساسية للمجتمعات الافتراضية، وهي السمة الأكثر وضوحاً في الواقع الافتراضي ذلك الواقع الذي يختزل المكان والزمان، يستطيع الفرد من خلال هذا الواقع الافتراضي أن يختزل الزمن إلي الوراء، ويبحث من خلال نظارات الواقع الافتراضي في إدراج الماضي المغلقة، كما يستطيع الإنسان من خلال هذا الواقع أن يتجه نحو المستقبل ويجوب في عالم المستقبل، فالواقع الافتراضي واقع محرر من الزمان وغير مرتبط بمكان.ويتأتى تقلص الزمان وتغير علاقات المكان من خلال الضغط المتواصل التي تتعرض له المجتمعات والحياة الواقعية فهذا الظرف قد اقترن بتغيرات في بنية النسق العالمي الراهن ذلك النسق الذي يشهد تغيرات و تحولات في أنموذجاته فقد تحول النموذج المجتمع الصناعي إلي نموذج فكري جديد هو نموذج مجتمع المعلومات العالميGlobal information society ينهض هذا المجتمع الجديد علي أساس ما أحدثته ثورة الاتصالات الكبرى التي منها الإنترنت(45) فثورة الاتصالات لها تأثيرها الفعال في تقليص حدود المكان وضغط الزمان والمكان الذي بدوره يعطي شعوراً بان العالم أصغر وتصبح أفاق الزمن التي بإمكاننا أن نفكر عندها بشأن العمل الاجتماعي أشد قصراً(46). تعد الشبكة الدولية للمعلومات وسيلة اتصالية أحدثت انقلاب في مفهوم التواصل الإنساني سواء من حيث تنوع وسائله أو اتساع نطاقه وسرعة إيقاعه، فمن خلال الإنترنت يمكن للفرد التواجد عن بعد أو ما يعرف بنقل الحضور Transmission of presence وذلك بفضل نظم التحكم الآلي والربوت، وتجري حالياً إضافة تكنولوجيا ما يعرف باسم الرؤوس الناطقةTalking head التي تنوب عمن غابوا عن الحضور فعليا من خلال قيامها بدور البديل أو الدوبلير الرقمي، وهي الوسائل التي قامت عليها تكنولوجيا "عقد المؤتمرات عن بعد" وأتاحت للمرء أن يشارك الآخرين لقاءاتهم عن بعد، وعقد العمليات الجراحية عن بعد، وتتبادل أكثر العلاقات الإنسانية حميمة عن بعد أو ما يطلق عليهVirtual sex ولن يقتصر نقل الحضور علي دنيا الواقع الحقيقي بل أمتد أيضاً إلي عوالم الواقع الافتراضي Virtual Reality، حيث يمكن أن ينتقل الأفراد وهم قائمون في أماكنهم، للتجوال في مراكز التسوق والتسكع في المدن الافتراضيةVirtual Cities ومعايشة ما يجري فيها من أحداث من خلال نقل الواقع عن طريق كاميرات الفيديو ويب التي تنقل أحداث هذا الواقع لحظة بلحظة(47). يتضح من خلال الطروحات السابقة أن هناك ملامح جديدة للمعلوماتية التي انتشرت مع عصر العولمة، فقد أسست بنية تحتية معلوماتية تقوم علي أساس الحواسيب الآليةالتي بدورها أدت إلي تضيق فكرتي الزمان والمكان(48)، فالفرد يستطيع أن يدخل في تفاعلاته الافتراضية في الوقت الذي يشاء مع الأفراد الذي يرغب أن يتواصل معهم في أي مكان في أنحاء المعمورة، كل ذلك عبر جهاز كمبيوتر يتصل بشبكة معلومات ربما تؤثر التواصلات العالمية علي واقع الأسرة والعلاقات الأسرية وهذا ما سيحاول الباحث الإجابة عليه في الإطار الميداني الذي من الممكن أن يؤكد عليه أو يحبطه، من هنا يختم الباحث هذه الفكرة النظرية بتوضيح أن المجتمعات الافتراضية جماعات غير محدودة المكان ولا يقف أمامها عامل الزمان.
عدل سابقا من قبل باحث اجتماعي في السبت أكتوبر 24, 2015 2:47 am عدل 1 مرات | |
|
باحث اجتماعي عضو زهبي
التخصص : علم اجتماع عدد المساهمات : 1494 نقاط : 3052 تاريخ التسجيل : 01/01/2010 العمر : 54
| موضوع: رد: المجتمع الافتراضي دراسة في أزمة منظومة قيم الأسرة المصرية السبت مايو 25, 2013 4:19 am | |
| المقولة الثالثة: قيمة الفردية محور العلاقات الافتراضية إن التعامل مع التكنولوجيا الحديثة والتي من أبرز معالهما الشبكة الدولية للمعلومات، قد خلق عالم جديد من التفاعلات التي تسود فيها قيمة الفردية، وذلك ما حدا بمجموعة من التساؤلات في هذا العنصر أبرزها أيهما يتبع الأخر النظام الاجتماعي الذي يتكون من أفراد أم النظام المعلوماتى الآلي الذي يتكون من أشياء؟ أم انه يصعب الفعل بين حدودهما؟ وإذا كان كلاً منها يحاكي الأخر، يبرز تساؤل أيضا مؤداه ما هي العلاقة بين الفردية والاجتماعية في المحيط الإنساني الكثير التمزق، هل يمكن للفردية الحاضرة الغائبة أن تحل محل الفردية الحاضرة الغائبة التي تمثل في الواقع الافتراضي، وأوساط الإنترنت(49). لقد تعددت التفسيرات حول الحقبة الاجتماعية التاريخية التي يعيشها العالم الآن، تلك الحقبة التي تشهد تغيرات واسعة النطاق وتمزقات في الأبنية الاجتماعي وحلول الفردية، لدرجة أن البعض وصف هذه المرحلة الاجتماعية من مراحل التطور المعلوماتى بمجتمع الخدمة الذاتية، الذي يري الباحث أن هذا اللفظ يمكن أن يمثل واقع التفاعلات الاجتماعية التي تتم في إطار الإنترنت، فقد حل في المجتمع علاقات جديدة، وهي العلاقات بين الأفراد، التي بدورها حلت محل علاقات الإنتاج، فالتنظير السسيولوجي في فلسفية الجديدة، وتفتت أنساقه الكبرى، يرفض فكرة المجموع يؤكد علي فكرة الفردية، وهذا ما حدا بالبعض إلي اعتبار حقبة ما بعد الحداثة، هي حقبة الفردية والعزلة والوحدانية.إن الفردية باتت تشكل المحور الأساسي للعلاقات الاجتماعية الافتراضية، وقد نتجت هذه الفردية في ظل بزوغ متغيرات تكنولوجية حديثة، ساهمت هذه التكنولوجيات بدورها في النزوع نحو العزلة، والفردية، - ويتضح ذلك علي الأرجح - عند معرفة أن التقنيات الحديثة في ميدان التكنولوجيا قد ساهمت في التأثير علي العديد من الكيانات الاجتماعية، فقد غيرت التكنولوجيا من حياة الأفراد والمجتمعات، وقد غيرت من طابع الأفراد، وأكدت علي عنصر الفردية ذلك لأنها فتحت الباب أمام الناس وأتاحت الفرصة لاستخدام الحاسبات من المنازل وبذلك فقد نجم عن تكنولوجيا الحاسبات والإنترنت علي وجه الخصوص - ازدياد احتمال تواجد الأفراد في منازلهم، و المكوث كأفراد أمام شاشات الكمبيوتر والإنترنت(50). إن الفرد الذي ينخرط في مجتمعات اجتماعية افتراضية يدخل هذه المجتمعات بصفة فردية، عبر حاسبة الشخصي، وبذلك ينقطع عن السياق الاجتماعي الحقيق المحيط به وسياقه الأسري، وذلك يؤكد علي تفتت العلاقات الاجتماعية التقليدية، فلاستمرار والنزوع إلي الإنترنت يدعم الفردية الذي بدوره يشكل تأثير علي علاقة الفرد بالأسرة أو الأصدقاء، فالفرد من خلال التفاعلات الافتراضية، يهيم في عالم كوكبي عالمي، لا يتطلب منه الحضور الجسدي، فهو حاضر جسدياً أمام الكمبيوتر، غائب اجتماعياً من سياقه الاجتماعي وعلاقاته التقليدية، وحاضر افتراضي في جماعاته الافتراضية، فهذا يدعم فكره التمزق لما دون ذلك من علاقات الفرد التقليدية. وقد أشار مارجال جونزليزMargial Gonzalez أن أهم السمات التي تميز علاقات الانترنت هي الفردية، إذ أن الفرد في تفاعلاته التي يدخل فيها، ومحادثاته مع الأفراد الآخرين الذين يشاركونه نفس اهتماماته، يجلس وحيداً أما جهاز وشاشة كمبيوتر، يجوب من خلالها العالم ويتفاعل مع أفراد من هويات مختلفة، فالوحدة أو الفردية هي أساس التفاعلات الافتراضية وسياقاتها المختلفة(51). وفي هذا الصدد طرح رضوان جودت أن هناك وجهة نظر تشاؤمية تشمل في النظر إلي الفردية علي اعتبار أنها قوة مصحوبة خارجه عن كل سيطرة، وهي بذلك تشكل قوة تدميرية، وتخريبية، فعندما يعيش كل فرد علي اعتبار أنه نظير ذاته، تصبح في هذه اللحظة ً الذات هي نقطة اختزال المجتمع(52). رابعا: الإجراءات المنهجية واهم النتائج من خلال استعراض ومسح بعض التراث في هذا المجال من الدراسات والبحوث تبين ندرة الدراسات العربية، لذلك فإن هذا البحث ينتمي إلي قائمة البحوث الاستكشافية أو الاستطلاعية Exploratory فالتركيز الأساسي لهذا النوع من الدراسات ينصب حول اكتشاف أفكار جديدة واستبصارات متباينة تفيد في فهم المشكلة المدروسة وتمهد مستقبلية أكثر عمقاً خاصة وأن دراسة الجماعات الافتراضية تعاني من ندرة علي مستوي البحوث النظرية والتطبيقية وسيحاول الباحث من خلال هذه الدراسة تقديم رؤية عن موضوعات التفاعلات الاجتماعية التي تتم في إطار الإنترنت وابرز الموضوعات التي تتم في الفضاء الرمزي. ينطلق البحث الحالي بالاستناد إلي منهج المسح الاجتماعي، فقد طرح Earl Babbie أن هذا المنهج يستخدم لأغراض الاستكشاف والوصف وبذلك يتناسب مع الدراسات الاستكشافية، ويتخذ هذا المنهج من الأفراد وحدات للتحليل، ويتسع ليشمل الجماعات الاجتماعية كوحدات للتحليل(53) ولقد قام الباحث بإجراء مسح بالعينة علي مجموعة الأفراد الذين يدخلون نفي التفاعلات الافتراضية وذلك من خلال مقاهي الانترنت التي شكلت بالنسبة للباحث مجتمع الدراسة الميدانية علي أن يكون هؤلاء المتفاعلين الذين يتم عليهم المسح من مقاهي ذات مستويات اقتصادية اجتماعية متباينة من أجل التعرف علي أبرز ملامح التجمعات الاجتماعية الرمزية. وتقتضي الدراسة الاستطلاعية مرونة في الأدوات التي تستخدمها علي هذا الأساس يحاول الباحث الاعتماد علي استمارة الاستبيان، وذلك من خلال تصميم استمارة تراعي الهدف الرئيسي للبحث والتساؤلات الفرعية. يعد تحديد عينة من مستخدمي الإنترنت كما طرح Ruggiero أهم المشكلات التي تواجه الباحثين في هذا المجال وأوضح أن هناك استحالة عملية في تحديد عينة عشوائية علي الإنترنت.(54) وقد قرر الباحث أن يطبق الدراسة الميدانية في مقاهي الإنترنت بالقاهرة الكبرى والسويس، وقام الباحث بتطبيق الاستمارة علي عينة قواها 202 مفردة وقد مثلت هذه المقاهي أماكن مختلفة تشكل تنويعات متباينة ومستويات مختلفة شملت مقاهي من مستوي راقي بالقاهرة. ومقاهي من مستوي متوسط بالقاهرة، ومقاهي من مستوي شعبي بالقاهرة، ومقاهي من مستوي راقي بالسويس. قام الباحث بتطبيقي 26% من استمارات العمل الميداني بالمناطق الراقية بمحافظة القاهرة بواقع 53 مفردة توزعت هذه المفردات ما بين المهندسين وأرض الجولف، في حين قام الباحث بتطبيق 35.6% من العمل الميداني في المناطق المتوسطة بمحافظة القاهرة والجيزة بمناطق الهرم وحلوان وميدان النعام، كما قام الباحث بتطبيق 50 مفردة من استمارات العمل الميداني بالمناطق الشعبية بالقاهرة بالمطرية وعين شمس، وطبقت 27 مفردة بمحافظة السويس علي اعتبار أنها محافظة حضرية مستواها الراقي يقل عن مستوي الراقي بالقاهرة وبذلك يصبح مجال الدراسة الميدانية متوزع من أقصي مستوي راقي بالقاهرة إلي اقل من الرقي بالسويس إلي المتوسط والشعبي، ويتأتى اختلاف النسب في الأماكن المختلفة وذلك علي حسب مدي انتشار مقاهي الإنترنت من ناحية في هذه المنطقة ومدي توافر العينة من ناحية أخري. يقع أغلب عينة الدراسة في فئة الذكور إذ أن 74.3% من الذكور في حين أن 25.7% من الإناث، ويتأتي نسبة انخفاض الإناث في عينة الدراسة إلي طبيعة الإطار الذي سحبت من العينة حيث تردد الذكور علي مقاهي الإنترنت أكثر من الإناث.وقد تمخض عن الدراسة عدة نتائج يمكن طرحها في السياق التالي. أولا: أوضحت النتائج أن أهم المتغيرات التي تدفع الأفراد من عينة الدراسة إلي الانخراط في المجتمع الافتراضي متغير تكوين الصداقات حيث أحتل المرتبة الأولي لدي عينة الدراسة حيث أشار 8,74% أنهم يتجهون إلي التفاعلات الافتراضية من أجل تكون صداقات، وهذا ما يؤكد علي ما طرحه الباحث في الإطار النظري، حيث شكل الإنترنت مجال جديد وفضاء جديد لتكوين صداقات قد تتخطي هذه الصداقات حدود الدولة القومية والمجتمع الافتراضي حيث أن العالم الافتراضي هو عالم كوني عالمي والمواطن الذي يقطن فيه هو مواطن عالمي أو مواطن سيبرنطيقي وفي ظل التفتت الذي يحدث علي مستوي العلاقات الاجتماعية في المحيط الواقعي نظرا لأعباء الحياة اليومية وسرعة أداءها في الوقت نفسه يتنامي الفضاء الرمزي الذي شكل بدوره إطار جديد للعلاقات الاجتماعية. وتشكل التسلية والترفية متغير رئيس في انخراط عينة البحث في المجتمعات الافتراضية حيث اتجه إليها نسبة 4,62%من عينه البحث وهو ما يؤكد أيضا أنه في الوقت الذي تتزايد فيه المشكلات الحياتية وتشد من وطأتها علي البشر، فهناك فضاء جديد رحب يقدم للإفراد عناصر التسلية والترفية تخرج بالفرد من دائرة المشكلات الحياتية إلي عالم افتراضي علي هواه ويتيح أيضا إمكانية المشاركة في ألعاب افتراضية أو زيارة مدن علي سبيل الترفية، فارتياد الأفراد لهذه الجماعات يشكل عنصراً جديداً من عناصر التسلية والترفية ولكن علي غير المعهود. وقد احتل عنصر تمضية وقت الفراغ العنصر الثالث كمتغير في اتجاه الأفراد من عينة البحث إلي الدخول في التفاعلات الافتراضية حيث شكل نسبة 30.2%. فقد أتاحت التفاعلات الافتراضية فرصة أمام المبحوثين لقضاء وقت الفراغ خارجاً من الإطار التقليدي لتمضية الوقت. ولعل الدخول في منتديات وتفاعلات الإنترنت التي تتم في موضوعات بعينها تناسب اهتمام الأشخاص شكل مجال جديد لاكتساب معارف جديدة، وهذا ما أشار إليه نسبة 2,27% من عينة البحث ليحتل بذلك هذا المتغير المرتبة الرابعة. أما التثقيف يشكل المرتبة الخامسة التي تجعل الأفراد من عينة البحث يدخلون في تفاعلات افتراضية، وذلك بنسبة 4,6%، حيث فتحت الجماعات الافتراضية مجال جديد نحو التثقف، وذلك من خلال ما تطرحه المنتديات من معلومات ومسابقات وحوارات ثقافية وندوات ومنتديات عبر الفضاء الرمزي، وقد أشار نسبة 4,5% من عينة البحث أنهم يتجهون نحو الإنترنت وجماعاته الافتراضية من أجل تعلم مهارات جديدة لتمثل بذلك المرتبة السادسة.وقد أشار نسبة 5,4% من عينة البحث أن الإنترنت أتاح الفرصة أمام الأفراد لكي يعبروا عن رأيهم بحرية، وبذلك يخرج هؤلاء الأفراد من السلطة التقليدية للمجتمعات، حيث فضاء السيبر المترامي الذي لا سلطة فيه، يجعل الأفراد يقولون ما يريدون بعيداً عن قيود الزمان والمكان، وخروجاً عن سلطة الحكومات.احتل التسوق نسبة 5,2%، ليحتل بذلك المرتبة الأخيرة، ليشير ذلك إلي حقيقة من خلال عينة الدراسة مؤادها، أن لازال المتغير الاقتصادي يلعب دوراً قليلاً في التفاعلات الافتراضية فحركة البيع والشراء من خلال الجماعات الافتراضية لازالت قليلة، يرجع ذلك إلي الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها معظم أبناء المجتمع من جهة، وعدم الثقة في مصداقية الإنترنت من جهة أخري وعدم توافر البنية الاقتصادية علي الإنترنت بالشكل الكافي الذي تسمح بهذه التفاعلات في مجتمعات. ثانيا: أتضح من خلال النتائج أن من أبرز ملامح اللغة في التجمعات الافتراضية الركون إلي استخدام ألفاظ مختزلة، فاختصار الكلمات هو السمة السائدة، وهذا يتناسب مع طبيعة هذه التفاعلات فقد نجح المتفاعلين عبر شبكة المعلومات في خلق لغة مشتركة تقوم علي بعض الحروف أو الرموز أحياناً، تعد بمثابة حلقة وصل بين المتفاعلين، توفر هذه الألفاظ المختزلة – والتي تعد أحد ملامح الثقافة الرمزية – الفرصة لتفاعلات سريعة تتناسب مع طبيعة هذه الجماعات، وتوفر الجهد خاصة في التفاعلات الافتراضية التي تتم من خلال لوحة المفاتيح. والمتأمل واقع اللغة في المجتمع الافتراضي يدرك أن أسلوب الحوار مختلف عن أسلوب الحوار الأسري من حيث المترادفات اللغوية، وتشير الملاحظات إلي هوة في الاستخدامات اللغوية والحوارية بين جيل الشباب المستخدم للانترنت وتفاعلاته وبين جيل الكبار – غير المستخدمين منهم- بما يشكل الحوار الافتراضي ثقافة فرعية خاصة باللغة تؤثر علي التفاعلات الأسرية وتمثل فجوة بين الأجيال. ثالثا: تبين من منعطف النتائج أن نسبة 4,62% أشاروا إلي إمكانية قيام صداقة من داخل التفاعلات الافتراضية، وكان من ابرز الأسباب الدافعة نحو تكوين صداقات افتراضية هو تمضية لوقت ثم استمرارية علاقات الانترنت، ثم مشاركة نفس الاهتمامات. وعلي الرغم من ذلك فإن نسبة 96%من المبحوثين يفضلون الصداقات الواقعية الحقيقة، ولقد فتحت التفاعلات الافتراضية فرص تكوين صداقات بين الجنسين قد تجد محاذير لها في الواقع.وتشكل الصداقة الافتراضية قيمة مضافة إلي إطار العلاقات الاجتماعية للأفراد تهيم بالأفراد إلي استهلاك وقت اكبر في المجتمع الافتراضي وتؤثر علي قيمة الحوار الأسرية وستحاول النقطة التالية أن تبرز التأثيرات المحتملة علي القيم الأسرية . رابعا: وعن تأثير التفاعلات الافتراضية علي منظومة العلاقات الأسرية أتضح أن نسبة 8,72%من عينة الدراسة يتجهون إلي الإنترنت لا يؤثر علي علاقة الفرد بأسرته، في حين أعرب ما يزيد عن ربع عينة الدراسة عن حدوث مشكلات أسرية بسبب الدخول في المجتمعات الافتراضية وذلك بنسبة 2,27% وعن سؤال المبحوثين الذين يرون أن المجتمعات الافتراضية تؤثر علي علاقات الفرد بأسرته حول أبعاد هذا التأثير، أتضح أن أبرز ملامح المشكلات تمثلت في التأثير علي ميزانية الأسرة نتيجة الدخول علي الإنترنت بنسبة 6,63%، في حين أكد أكثر من نصف عينة الدراسة بنسبة 4,56%، يرون أن علاقات الإنترنت تقلل من مساحة الحوار في الأسرة، ويبرز من ذلك أن هناك تأثير علي قيمة الحوار الأسري من خلال الانخراط في التفاعلات الافتراضية، وهنا يؤكد الباحث علي مقولة الفردية التي تم طرحها في سياق الإطار النظري إذ أن الفرد عندما يدخل في تفاعل علي الإنترنت يدخل كفرد ومن هنا يقلل مساحة الحوار في الأسرة. وعن سؤال المبحوثين عن مدي قبولهم لاحتياجات أو طلبات الأسرة أثناء الانخراط في المجتمعات الافتراضية، وأتضح أن النسبة الغالبة 7,82% من عينة الدراسة يتركوا المحادثات الافتراضية من أجل تحقيق طلب الأسرة، في حين أن نسبة قليلة تصل إلي 3% فقط يعتذرون عن طلب الأسرة لانخراطهم في التجمعات الافتراضية، وأعرب 4,14% من عينة الدراسة أنهم يؤجلون طلب الأسرة ولا يرفضونه إلي حين الانتهاء من الحديث الافتراضي.تؤكد هذه النسبة في إطار عينة الدراسة إلي أن قيمة التعاون الأسري لم تتأثر بشكل كبير مقارنة بقيمة الحوار إذ أن التعاون الأسري لم تتأثر بشكل كبير بمتغيرات التفاعلات الافتراضية. خامسا: تبين أن هناك إيجابيات تعود علي الفرد من جراء التفاعلات الافتراضية فقد اشار3,68%من عينة الدراسة أن أفضل مزايا التفاعلات الافتراضية أنها تساعد الفرد علي التعرف علي أفراد جدد وتكوين صداقات من خلال التأملات الرقمية أتضح أن 1,38% من عينة الدراسة يرون أنها تسهم في كسر الملل.أشار ما يقرب من ربع العينة إلي أن التجمعات الافتراضية تنطوي علي ميزه وهي تناولها لمضامين مختلفة تمس جميع الاهتمامات. فالفرد ينضم إلي هذه التجمعات طواعية وليس مقهوراً.وتبين أن نسبة9,14% يتجهون نحو التجمعات الافتراضية من أجل البحث عن الحرية التي تعد مفقودة في الواقع إلي حد كبير فهذه الجماعات فتحت المجال للحرية التي قد يفرض عليها القيود في الواقع المعاش . سادسا: المجتمع الافتراضي ليس كله خير فهناك عدة سلبيات انطوت عليها هذه التفاعلات فأتضح نصف العينة يرون أن التفاعلات الافتراضية تستهلك قدر كبير من المصروف أو الدخل الشهري الذي تحققه الأسرة لأبنائها، وقد أشار ما يزيد عن ربع العينة أن التفاعلات الافتراضية تعد مضيعة الوقت، وتسهم في هدر طاقات الشباب.وقد أشار8,17%من عينة الدراسة أن هذه التجمعات تفصل الفرد عن الواقع، فهذه الجماعات تخلق واقع جديد وتجعل الفرد يعيش في عالم وهمي أيسر ما يطلق علي هذا الواقع أنه افتراضي أو تخيلي ويسبح الفرد من خلال هذا الواقع في فضاء جديد قد يبعد الفرد عن مشاركاته الواقعية وتزداد الخطورة من هذه التجمعات عندما تؤثر علي العادات والتقاليد التي أقرها المجتمع والتي تعد أحد خطوط الدفاع وأحد مصادر الضبط الاجتماعي فقد أشار إلي ذلك نسبة4,14%. وكان من ابرز المشكلات في غرف المحادثات هو استخدام ألفاظ غير أخلاقية بنسبة 82.7% ثم سرقة البريد الالكتروني بنسبة 40.6%. سابعا: أشار ما يقرب من نصف العينة أن هناك أحساس بفكرة المجتمع فأفراد العينة المنخرطين في أنماط هذه التفاعلات المختلفة يشعرون بأنهم ينضمون إلي مجتمع حقيقي مثل المجتمع الواقعي رغم ما يكتنف هذه العلاقات من عدم مصداقية. ثامنا: وعن الفرق بين التجمعات الافتراضية والتجمعات الواقعية التي يصدق فيها القول علي الأسرة. فقد أشار ما يزيد عن نصف عينة الدراسة أن الجماعات الحقيقية أكثر مصداقية من الجماعات الافتراضية، وقد اتجه ما يزيد عن ربع العينة أن الجماعات الحقيقية أكثر تفاهم وتفاعل من الجماعات الافتراضية، وقد أشار نسبة4,11% أن الجماعات الافتراضية تتيح الحرية لأعضائها أكثر من الجماعات الحقيقية، وقد اتجه نسبة12.4% ألي أنه لا توجد فروق بين الجماعات الافتراضية والواقعية. في النهاية يمكن القول بأن دراسة المجتمعات الافتراضية تمثل وعد كبير للباحثين في الميادين الأكاديمية المختلفة, علي الرغم مما تحمله داخلها من تحديات جمة عند إخضاعها للدراسة والبحث , والتحدي الذي يواجه العلماء المنشغلين بالعلم الاجتماعي الآن هو تطوير آليات ومنهجيات جديدة لدراسة المجتمع السابح في الفضاء الرمزي ودراسة منجزات تكنولوجيا الواقع الافتراضي والفضاء الرمزي الذي أعاد النظر فيما هو اجتماعي, خاصة وأن هذا الفضاء غير علاقات البشر وعادات معظم الناس والقيم الاجتماعية هو اجتماعي ؟ وتبقي العديد من الدروب غير ممهدة في ميدان علاقات المجال العام الافتراضي تحتاج إلي مزيد من البحث والدراسة. الهوامش 1- أحمد زايد، عولمة الحداثة وتفكيك الثقافات الوطنية، عالم الفكر، مجلد 32، يوليو سبتمبر، 2002، ص16. 2- Ann Peterson , Bishop, Community for the new century, Journal of Adolescent & Adult Literacy, vol. 34, issue 5 – Feb 2000, P. 472. 3- Rhingold, Haward, Virtual Community, 1993, http//:www.com. user/h(R)Vcboal 5- نبيل علي وآخرون , صورة الثقافة العربية والإسلامية على الإنترنت وخطة تنفيذية مقترحة لإقامة شبكة مواقع خدمات للإعلام الثقافي العربي , المنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة , إدارة البرامج العامة والاتصال , تونس , 1999 , ص 1:ص3 6- Irvein,Martin Global cyber culture, reconsidered, cyberspace Identities, and the Global information city, www.georgetown.edu/ faculty/Irven/articles/globalculture.html 7- Michael, Jenkinson, Alberta Report , Welcome to the virtual world, Western report, Vol. 21 , issue 3 , 1/3/94, P.24. 8- Bakardjieva , Maria , Internet Society. The Internet in every day life, Sage publications , London , 2005 , P.37. 9- نبيل علي، تحديات عصر المعلومات، مكتبة الأسرة، الأعمال العلمية، 2003، ص79 : 85. 10- Ann Petereson, Bishop, community for the new century op. cit, P. 72. 11- Selvin ,James , The internet and society , Polity press , UK. 2000 , P.5. 12- Rhingold , Haward, Virtual Community op, cit. 13- عمرو الجويلي –العلاقات الدولية في عصر المعلومات – مقدمة نظرية – السياسة الدولية – السنة الثانية والثلاثون – العدد 123 – يناير 1996 – ص 14- Layzer ,Jonathan ,and others , collecting user requirements , in a virtual population: A case study, USA, 2000, www.user page un bc. Edv / Nbuch wiet / Papers, lazr. Htm. 15- EV. Brenner, Report from the field virtual community in the business world , information today , vol 17 , issue 11 , Dec. 2000, P. 67 , 68. 16- نبيل علي، الثقافة العربية وعصر المعلومات، رؤية لمستقبل الخطاب الثقافي العربي، عالم المعرفة، عدد 265، 2001، ص105. 17- بسيوني إبراهيم حمادة، حرية الإعلام الإلكتروني الدولي وسيادة الدولة، مع إشارة خاصة إلى الوضع في الدول النامية، كراسات التنمية، مركز الدراسات وبحوث الدول النامية، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2001، ص34-35. 18-أحمد زايد، عولمة الحداثة وتفكيك الثقافات الوطنية، عالم الفكر، المجلد 3، يوليو–سبتمبر 2003 – ص16. 19-محمد محيي الدين، محمد محيي الدين، المشكلات النظرية والمنهجية للبحث السسيوأثنوجرافي في المجتمعات المتخلية، مجلة العلوم الاجتماعية المجلد 32، العدد 4، 2004، ص810. 20- Ev. Brenner , Report from the field virtual community in the business world , information today op cit, P.98. 21-نبيل علي، الثقافة العربية وعصر المعلومات، مرجع سابق، ص 107 : 109. 22- نبيل علي، تحديات عصر المعلومات، مرجع سابق – ص257. 23- شاكر عبد الحميد، عصر الصورة الإيجابيات والسلبيات، عالم المعرفة، عدد 211، يناير 2002 ، ص 28 – 29. 24- Bell, David and others, Cyber Culture The Key Concepts, Routledage, London, New York – 2004 – P.178. 25- عبد الله بن عبد العزيز الموسي، التعليم الإلكتروني، مفهومه، خصائصه، فوائده، عوائقه، ورقة عمل مقدمة إلى ندوة مدرسة المستقبل، 2002 www.Ksu.Edv.sa/seminars/future-school/papers/almosa paper.rtf 26-نبيل علي، تحديات عصر المعلومات، مكتبة الأسرة، الأعمال العلمية، 2003، ص254. 27-أحمد زايد، مرجع سابق، ص100 28-www.buzzle.com/editorials/5-25-2004-54652-asp 29- فوزية دياب – القيم والعادات الاجتماعية – مكتبة الأسرة – الأعمال الفكرية – 2003 صـ 57 . 30- بدر محمد الأنصاري – الأدب العربي وقيم عصر المعلومات من المنظور العربي – ورقة بحث مقدمة إلى ندوة الأدب المقارن ودوره في تقارب الشعوب – جامعة حلب – كلية الآداب – سوريا – 2005 www.baderan soria – info . 31- السيد نصر الدين السيد، إطلالات علي الزمن الآتي، مكتبة الأسرة، الأعمال العلمية، الهيئة المصرية العامة لكتاب، 1998، ص ص14 25. 32- الطاهر لبيب، ثقافة بلا مثقفين من الملمحي إلي التراجيدي، المستقبل العربي، عدد26، ص ص15: 26. 33- علي محمد رحومه، الإنترنت والمنظومة التكنواجتماعية بحث تحليلي في الآلية التقنية للإنترنت نمزجة منظوماتها الاجتماعية، مركز دراسات الوحدة العربية، سلسة أطروحة دكتوراه (53)، بيروت2005، ص114. 34- الطاهر لبيب، مرجع مسابقة، ص 25: 26. 35- فيصل دارج، ثقافة قومية عربية مفقودة تعبر عصرين للعولمة، 2004 www.kefaya oRg/reports/0404/faysaldarag.htm. 36- Dominic, Strineti, -the Big Nothig? contemporary culture and the European journal of Social sciences , vol , issue3, P362 37- توماس كون، ترجمة شوقي جلال، بنية الثورات العلمية، عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والآداب والفنون، الكويت، العدد168- 1992، ص7: 15. 38-إسماعيل صبري عبد الله، توصيف الأوضاع العالمية المعاصرة، أوراق مصرية، 2020، العدد3، يناير، 1999، ص89. 39-عبد الله عبد الدايم، القومية العربية أمام الأحداث القومية في العالم-شئون عربية، عدد 71 سنة 1992، ص17. 40- Richard, Rorty, -philosophical conviction ,Nation-spring Book-vol-278-issue-23-2004-p-56 www.Nizwa.com.volume28/P273-276htm 41- Gary Krug, communication, Technology and culture change, SAGE Publications, London-Thousand Oaks, New Delhi, P-2. 42- borgmann, Albert society in the postmodern era-the Washington Quartey,winter2000 P189-200 43- العولمة واستثمار التكنولوجيا، 2003 WWW.arabtopics.com/modles/News/article.php 44- تيمونز روبيرت، إيمي هايت، ترجمة سمر الشبكشي، من الحداثة إلي العولمة، رؤي ووجهات نظر في قضية التطور والتغيير الاجتماعي، الجزء الأول، عالم المعرفة، عدد309نوفمبر، 2004- ص19. 45- jerry Varsava Globalization and culture marthan your money s'worth-university of Toronto quarterly-spring-2002-Nol71 issue 2-P704 46- السيد يس، إعادة اختراع السياسة من الحداثة إلي العولمة، ميريت للطباعة دار نشر، القاهرة-2006، صـ174. 47- تيمونز روبيرتس، أيمي هايت، ترجمة سمر الشبكي، من الحداثة إلي العولمة، رؤي ووجهات نظر في قضية التطور والتغيير الاجتماعي، الجزء الأول، عالم المعرفة، عدد309نوفمبر، 2004، ص ص171: 172. 48- نبيل علي، نادية حجازي، الفجوة الرقمية، رؤية عربية لمجتمع المعرفة، عالم المعرفة، عدد318، أغسطس 2005- ص164، 165. 49- السيد يس، الحوار الحضاري في عصر العولمة، سلسلة الفكر، مكتبة الأسرة، 2002 ص262. 50-رضوان جودت، المجتمع ما بعد الحداثي، سيسولوجيا الموضة، فضاءات للفكر والثقافة، العدد السادس، 2002. www.fdaat.com 51- Kumar, Kishan ,from post industrial to post modernism society- Book review-by Furaker, Bengt- Acta sociological vol-41-issuel-1998-P78 52-Gonzalez, Margil - postmodernism, Historical-materilismandchicama/culturalstudies - Science and society- vol68.No2- summer 2004-P164-165. 53- رضوان جودت، مرجع سابق. 54- Babbie, Earl, the basics of social research- third edition, wadsworth-2003-P52 55- رشا عبد الله، الإنترنت في مصر والعالم العربي، دراسة ميدانية ورؤية مستقبلية، آفاق للطباعة والنشر، 2005، ص 141. | |
|