منظومة العلاقات الاجتماعية فى عصر المعلوماتية
(رؤية مستقبلية لبنية المجتمعات الإسلامية)
ضع ردا ليظهر الرابط
كان القرن العشرين هو قرن العلم والتكنولوجيا، وقد تحققت له هذه الخاصية بما تحقق
فيه من إنجازات علمية وتكنولوجية قد فاقت ما أنجزته البشرية فى القرون السابقة مجتمعة.
وقد كانت الثورة الرقمية أو ما يسمى بالمعلوماتية من أهم الإنجازات العلمية التى تحققت فى ذلك
القرن وتطورت بشكل مذهل فى الحقبة الأخيرة منه – بشكل خاص - من خلال تطور أنظمة الاتصالات
التفاعلية، متمثلة فى شبكة المعلومات (الإنترنت) والأجهزة المسموعة والمرئية التى فى طريقها لأن
تصبح تفاعلية بشكل مكتمل.
ونظرًا لما تتمتع به هذه الثورة الرقمية من مميزات كثيرة ومتنوعة، فقد استطاعت أن تجذب إليها
الإنسان بشكل مذهل، وبغض النظر عن السلبيات التى قد تصاحب هذه الظاهرة فيما يتعلق بالنواحى
الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتى يمكن التحكم فيها وفقًا لطبيعة المجتمع وعاداته وتقاليده وطبيعة
الضوابط الاجتماعية السائدة فيه، فإن هذه الثورة تقدم الكثير لراحة الإنسان أثناء القيام بأنشطته الحياتية
المختلفة فى مختلف مناحى الحياة.
ومع التطورات الكبيرة التى حدثت لهذه الثورة فى الحقبة الأخيرة من القرن العشرين، والتى أصبحت
واقعًا ملموسًا لأشياء كانت فى وقت ما ضربًا من الخيال، فإنه يتوقع لهذا التطور أن يتعاظم بشكل كبير
فى القرن الواحد والعشرين، وبالتالى فإن هناك تأثيرات كبيرة متوقعة على بنية المجتمع المادية والحسية
والنفسية والثقافية والاقتصادية والسياسية والبيئية.
وتعد الجوانب الاجتماعية من أهم الجوانب التى بدت تتفاعل مع الثورة المعلوماتية وتتأثر بها على
مختلف مكوناتها. ومنظومة العلاقات الاجتماعية من أهم هذه الجوانب التى تتأثر بأى تغيرات تطرأ على
المجتمع فى أى ناحية من نواحيه، فمما لاشك فيه أن العلاقات الاجتماعية بين أفراد الأسرة والمجتمع قد
بدت بشكل مختلف عما كانت عليه فى العصور السابقة نتيجة لمتغيرات كثيرة طرأت على المجتمع
المعاصر، وإن كان هذا التغير قد ارتبط بمجموعة من العوامل منها الضوابط الاجتماعية السائدة فى
المجتمع وعادات وتقاليد أفراده، وطبيعة الحياة التى يعيشونها، بجانب المرتكزات الرئيسية للمجتمع
اقتصاديًا وسياسيًا، فإنه مع الثورة المعلوماتية بدأ التأثير يأخذ منحى آخر لما يصحب هذه الثورة من
تغيرات فى أسلوب الحياة، ولما يتوقع أن تكون عليه فى القرن الواحد والعشرين، ومن أهم هذه التوقعات
تلك المرتبطة بأسلوب الحياة، وهو ما يمكن أن يغير من العلاقات الاجتماعية الإنسانية ويحولها إلى ما
يسمى العلاقات الإلكترونية.
وهنا يبرز سؤا ً لا عن موقع منظومة العلاقات الاجتماعية فى هذه الثورة؟ وما هو حجم التغيير المتوقع
أن يحدث لعناصر هذه المنظومة؟ وما هى المميزات التى تتميز بها المجتمعات الإسلامية والتى يمكن
استخدامها كحائط صد قوى للتغلب على الجوانب السلبية التى تصحب الثورة المعلوماتية من الناحية
الإنسانية والاجتماعية؟
وهذا هو محور هذه الدراسة التى تركز بشكل رئيسى على منظومة العلاقات الاجتماعية فى المجتمعات
الإسلامية فى عصر المعلوماتية، من خلال رؤية لمستقبل هذه المنظومة ومستقبل بنية هذه المجتمعات فى
القرن الواحد والعشرين.