مركز بحوث ودراسات المراة الليبية المائدة المستديرة الثانية تحت عنوان العنف العائلي . الأسباب والآثارالمنعقدة يوم 26 / 11 / 2005 بقاعة المكتبة القومية المركزية عنوان الورقة: مفهوم العنف الأسرى وأسبابهاسم الباحثة:بدرية العربي محمد الككلى مفهوم العنف الأسرى وأسبابه تعتبر
ظاهرة العنف من الظواهر القديمة في المجتمعات الإنسانية, فهي قديمة قدم
الإنسان الذي ارتبط وما زال يرتبط بروابط اجتماعية مع الوسط الذي فيه يؤثر
وبه يتأثر, إلا أن مظاهره وأشكاله تطورت وتنوعت بأنواع جديدة فأصبح منها:
العنف السياسي, والعنف الديني, والعنف الأسرى الذي تنوع وانقسم هو أيضاً إلى:-
العنف الأسرى ضد المرأة – العنف الأسرى ضد الأطفال – العنف الأسرى ضد المسنيين.
كما
أن ازدياد انتشاره أصبح أمراً مثيراً للدهشة سواء على مستوى العالم أم على
مستوى الوطن العربي, وباعتبار الجماهيرية جزء من الوطن العربي فقد كان لها
نصيب في انتشاره خصوصاً في فترة التسعينات بعد انتشار الفضائيات
والانترنت, لذلك أصبح من الأهمية مكان تناول ظاهرة العنف الأسرى باعتباره
أحد ملامح العنف الذي يؤثر بشكل كبير على استقرار المجتمع وتكوينه, وذلك
لأن ظاهرة العنف تعتبر مشكلة اقتصادية لما ينجم عنه من خسائر مادية كبيرة,
ويعد أيضاً مشكلة علمية لأنه إذا وجد هذا السلوك العنيف دل على عجز العلم
والإنسان عن تقديم فهم واقعي سليم للسلوك الانسانى, كذلك يعتبر مشكلة
مرضية لأنه يعد عرضاً من أعراض المرض الاجتماعي, وهو مشكلة اجتماعية من
حيث كونه مظهراً لسلوك منحرف لدى الفرد, ولذلك فقد تناولته المجتمعات
بالبحث في جميع المجالات وذلك الأمر أوجب تعدد التعريفات فيه, ولأنه ليس
بالامكان استعراض كل التعريفات فسوف تعرض معدة هذه الورقة بعض التعريفات
ذات العلاقة بالموضوع وهى كما يلي:-
عرف العنف لغوياً " بأنه الخرق بالأمر وقلة الرفق به, وهو ضد الرفق, وأُعنف الشيء: أي أخذه بشدة, والتعنيف هو التقريع واللوم “.(1)
وفى
المعجم الفلسفى :" العنف مضاد للرفق , ومرادف للشدة والقسوة , والعنيف هو
المتصف بالعنف , فكل فعل شديد يخالف طبيعة الشىء ويكون مفروضاً عليه من
خارج فهو بمعنى ما فعل عنيف " (2)
وعرف
فى العلوم الاجتماعية بأنه " استخدام الضبط أو القوة استخداماً غير مشروع
أو غير مطابق للقانون من شأنه التأثير على إرادة فرد ما ".(3)
___________________________________
1)-ابن منظور، لسان العرب، بيروت ، بيروت للطباعه والنشر ،1956، ص257
2)جميل صليبه ،المعجم الفلسفي ،ج2 ، بيروت ،دار الكتاب اللبناني ،1982 ص112
3) احمد زكي بدوي ،معجم مصطلحات العلوم الاجتماعيه ، بيروت ، مكتبة لبنان ،1986
ويعرفه
الشربينى بأنه : " الإكراه المادي الواقع علي شخص لإجباره علي سلوك أو
التزام ما وبعبارة أخري هو سؤ استعمال القوة ، ويعن جملة الاذي والضرر
الواقع علي السلامة الجسدية للشخص ( قتل – ضرب – جرح ) ، كما قد يستخدم
العنف ضد الأشياء ( تدمير – تخريب – إتلاف ) حيث تفترض هذه المصطلحات نوعا
معينا من العنف والعنف مرادف للشدة والقسوة ". ([1])
ومن
خلال ما سبق كله يمكن تعريف العنف: بأنه أي سلوك يؤدي إلي اياء شخص لشخص
اخر قد يكون هذا السلوك كلاميا يتضمن اشكالا بسيطة من الاعتداءات
الكلامية او التهديد وقد يكون السلوك فعليا حركيا كالضرب المبرح
والاغتصاب والحرق والقتل وقد يكون كلاهما وقد يؤدي الي حدوث الم جسدي او
نفسي او اصابة او معاناة او كل ذلك " .
من
خلال ما سبق يتضح ان العنف شئ غير مرغوب فيه وهو يصيب بالذعر والخوف لما
يؤدي اليه من نتائج ، فكيف اذا كان هذا الامر يصل الي الاسرة التي من
المفترض ان تكون المكان الاكثر امانا وسكينة حيث الزوج والزوجة والأبناء
وقد قال تعالي في كتابه : " ومن اياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا
لتسكنوا اليها ، وجعل بينكم مودة ورحمة ، ان في ذلك لايات لقوم يتفكرون ."
([2])
وقد عرف العنف الاسري ومنهم
من اسماه بالعنف العائلي عدة تعريفات حيث عرف طريف العنف الاسري بانه :"
سلوك يصدره فرد من الاسرة صوب فرد اخر ، ينطوي علي الاعتداء بدنيا عليه ،
بدرجة بسيطة او شديدة ، بشكل متعمد املته مواقف الغضب او الاحباط او
الرغبة في الانتقام او الدفاع عن الذات او لاجباره علي اتيان افعال معينة
او منعة من اتيانها ، قد يترتب عليه الحاق اذي بدني او نفسي او كليهما به
" .([3])
اما التير فقد جاء بتعريف
للعنف العائلي بانه :" هو الافعال التي يقوم بها احد اعضاء الاسرة او
العائلة ويعني هذا بالتحديد الضرب بانواعه وحبس الحرية ، والحرمان من
حاجات اساسية ، والارغام علي القيام بفعل ضد رغبة الفرد والطرد والتسبب في
كسور او جروح ، والتسبب في اعاقة ، او قتل ". ([4])
ومن
خلال التعريفين السابقين يمكن تعريف العنف الأسري بانه : " هو السلوك الذي
يقوم به احد افراد الأسرة دون مبرر مقبول ، ويلحق ضررا ماديا او معنويا او
كليهما بفرد أخر من نفس الاسرة ، ويعني ذلك بالتحديد : الضرب بأنواعه ،
وحبس الحرية ، والحرمان من حاجات أساسية ، والإرغام علي القيام بفعل ضد
رغبة الفرد ، والطرد والسب والشتم والاعتداء والشتم والاعتداءات الجنسية
والتسبب في كسور او جروح جسدية او نفسية " .
أصبح
من الواضح بعد ما سبق كله ان مشكلة العنف الأسري مشكلة اجتماعية تؤثر في
جميع نواحي المجتمع لذلك وجب التصدي لها والعمل علي فهمها والبحث فيها
ووصولا الي وضع حلولا لها .
إن
الوعي الاجتماعي بمشكلة المجتمع هو مرحلة متقدمة من مراحل تطور الفكر
الإنساني بداء بمرحلة المعرفة الأولية أو ما يمكن أن يطلق عليها المعرفة
الحسية ، ومرورا بالمرحلة الفكرية أو التصورية الناقدة ثم الوصول إلي
مرحلة الوعي الحقيقي غير المزيف بالواقع وقضاياه.(1)
وظاهرة
العنف شانها شان غيرها من الظواهر الاجتماعية التي تحتاج إلي معرفة حجمها
الحقيقي والوعي بالعوامل الموضوعية لفهم الظاهرة وتحليلها ، وكذلك الوعي
بنمط الحياة المعيشية حتي يمكن تحليل الظاهرة من سياقها المجتمعي للوقوف
علي مسار تطورها ، والكشف عن أسبابها حتي يتسنى العمل علي الحد من
انتشارها .
لذلك سوف تستعرض معدة
هذه الورقة حجم المشكلة في تطورها بالنسبة للعالم بداية من الدول المتقدمة
مرورا بالدول النامية وصولا إلي الجماهيرية والتي تعتبر جزء من الدول
النامية
لقد انتشر العنف بشكل
واضح حيث وقعت أكثر من 17500 جريمة قتل بحق نساء وأطفال بين عامي 1967
و1973م ، ارتكبها رجال يمارسون العنف العائلي 60% منها وقعت في الولايات
المتحدة الأمريكية حيث يرتكبها الزوج او الصديق ، إلا أن عام 1994م شهد
أربع ملايين واقعة عنف عائلي وقد كانت 20% من تلك الحوادث قد أدت إلي
إصابات بليغة .(2)
______________________________
1)
احمد مجدي حجازي ، شادية علي قناوي – المخدرات وواقع العالم الثالث –
دراسة حالة لاحد المجتمعات العربية – مجلة القاهرة للخدمة الاجتماعية تصدر
عن المعهد العالي للخدمة الاجتماعية – ج 1 – ع 1 القاهرة 1995 م –
2) أليسا دلتافو ، العنف العائلي ، ترجمة نوال لايقة – دمشق – دار المدي – 1999م ص 9 .
كما
أشارت المعلومات التي جمعها مكتب الإحصاء للأمم المتحدة أن امرأة واحدة من
كل أربع نساء في البلدان المتقدمة الصناعية قد تعرضت للضرب من شريك حياتها
وقد بداء الاهتمام بجمع المعلومات في البلدان النامية كذلك حيث أشار مسح
حوالي تسعون مجتمعا ريفيا صغيرا إن هناك مستوا مرتفعا من العنف الذي يرتكب
ضد النساء في أربع وسبعون منها أما الستة عشر مجتمعا الباقية فقد وصفت
بأنها خالية من حوادث العنف الأسري .(1)
أما في الجماهيرية فقد تمكنت معدة هذه الورقة من إحصاء حوالي 680 .(2)
حالة
عنف اسري وذلك بنيابة جنوب وشمال طرابلس وحدها منذ بداية 2001 ف وحتي مايو
2004 ف ، وقد تنوعت هذه الحالات من العنف النفسي إلي العنف المادي البسيط
فالشديد الذي يصل إلي القتل وان كان عدد حالات القتل يعتبر بسيطا مقارنة
بالدول الاخري فهو لم يتعدى العشر حالات الا ان هذا يعتبر مؤشرا لوجوده
كما أن هذه الحالات توزعت في مناطق متنوعة وبأحجام مختلفة كذلك شمل القائم
بالعنف كلا الجنسين وسوف توضح معدة هذه الورقة ذلك في جدولين
جدول رقم 1
+ 10 حالات قتل من محكمة الجنايات لم توضح أماكنهم
جدول رقم 2
ولان
معدة الورقة تقوم بالبحث في هذا الموضوع وما زالت في طور الدراسة النظرية
وبالتالي فإنها لم تصل إلي النتائج النهائية بعد ، فسوف تتحدث عن الأسباب
بشكل عام وذلك علي ضوء الدراسات السابقة وحديثها مع بعض المعنفات وكذلك من
خلال حضورها لبعض الجلسات والتحقيقات في هذا الموضوع ، وأيضا اضطلاعها علي
بعض القضايا وبالتالي فقد قسمت
______________________________
1)
اتفاقية القضاء علي كافة أشكال التمييز ضد المراة – صندوق الأمم المتحدة
للمرآة – المكتب الإقليمي لغرب أسيا –عمان ومنظمة الأمم المتحدة للأطفال –
المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا – عمان الأردن.
2) من واقع نيابات مدينة طرابلس ، قسم الجداول وكذلك محكمة الجنايات .
الأسباب إلي ثلاثة أقسام هي : أولا
: أسباب ذاتية ترجع إلي شخصية القائم بالعنف كأن يكون لديه خلل في الشخصية
بمعاناته من اضطرا بات نفسية او تعاطي المسكرات والمخدرات ، او يكون لديه
مرض عقلي .
ثانيا: أسباب اجتماعية (
الظروف الأسرية التي يقوم بها القائم بالعنف التي ربما تتمثل في الظروف
الاجتماعية الاقتصادية، مثل الفقر أو الدخل الضعيف الذي لا يكفي المتطلبات
الأسرية، أو حالة المسكن أو المنطقة التي يعيش فيها أو نمط الحياة الأسرية
بشكل عام، كثرة المشاحنات نتيجة لظغوط المحيطة أو عدم التوافق ألزواجي،
كذلك المستوي الثقافي وكيفية قضاء وقت الفراغ، والمستوي العلمي لأفراد
الأسرة ونوع المهنة التي يقوم بها القائم بالعنف، الو اعز الديني، العلاقة
بين الطرفين.
ثالثا: أسباب مجتمعية
( كالعنف المنتشر والأحداث العربية والعالمية التي تنتقل عبر الفضائيات
والانترنيت فالتغيرات التي تحدث في المجتمع الكبير تنتقل وبشكل غير مباشر
إلي المجتمعات الصغيرة.
بعض المقترحات للعلاج: 1.
العمل علي تكوين مؤسسات تهتم بشئون الأسرة توفر أماكن للمعنفين الذين لا
يقبل أهاليهم الرجوع إليهم ويكون بهذه المؤسسات أخصائيين اجتماعيين
واخصائين نفسين قادرين علي العلاج النفسي وقانونيين للعمل علي توضيح
الحقوق القانونية للمعنفين والدفاع عنهم كذلك يكون لهذه المؤسسات فروع
مكاتب للإرشاد والتوجيه في مجال الأسرة موزع علي مناطق الجماهيرية وتعمل
هذه المؤسسة علي نشر الوعي بين الأهالي لأهمية استقرار الأسرة.
2.
الحد تدريجيا من استخدام العقاب البدني للأطفال ومحاولة الوصول إلي طرق
أخري للعقاب بدل من الضرب كالحرمان من الأشياء المرغوبة للطفل علي إلا
تكون من الأشياء الأساسية.
3. العمل بأي شكل من منع الأطفال من مشاهدة العنف المعروض في الشاشات.
4. العمل علي الإقلال من الضغوط التي تقع علي عاتق الفرد والأسرة والتي تخلق الكثير من الخلافات داخل الأسرة.
5. العمل علي القضاء علي البطالة والفقر وتوافر رعاية صحية أسرية لأفراد المجتمع.
6. ضرورة العمل علي تغيير طريقة التسجيل والتعامل في المحاكم والنيابات مع مشكلة العنف الأسري.
7.
نشر الوعي بين أفراد المجتمع مع العمل علي تزويد الأفراد بمعلومات كافية
وصحيحة حول مدي انتشار العنف الأسري ودوافعه وسبل التعامل الفعال مع
مرتكبيه.
8. نشر الوعي بين الناس بكيفية تحكم الفرد في دفعاته العنيفة، وكيفية تجنبه الوقوع في تصرفات تتسم بالعنف.
قائمة المراجع: 1. القران الكريم.
2. ابن منظور – لسان العرب – بيروت – بيروت للطباعة والنشر – 1956م
3.
- اتفاقية القضاء علي كافة أشكال التمييز ضد المراة – صندوق الأمم المتحدة
للمرآة – المكتب الإقليمي لغرب أسيا –عمان ومنظمة الأمم المتحدة للأطفال –
المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا – عمان الأردن.
4. احمد زكي بدوي – معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية – بيروت – مكتبة لبنان – 1986م
5.
- احمد مجدي حجازي ، شادية علي قناوي – المخدرات وواقع العالم الثالث –
دراسة حالة لاحد المجتمعات العربية – مجلة القاهرة للخدمة الاجتماعية تصدر
عن المعهد العالي للخدمة الاجتماعية – ج 1 – ع 1 القاهرة 1995 م –
6. - أليسا دلتافو ، العنف العائلي ، ترجمة نوال لايقة – دمشق – دار المدي – 1999م ص 9 .
7. جميل صليبا – المعجم الفلسفي، ج2 –بيروت – دار الكتاب اللبناني -1982-
8. سجلات نيابات طرابلس – قسم الجداول وكذلك محكمة الجنايات.
9.
سيد كامل الشر بيني – دراسة نفسية مقارنة للاتجاه نحو العنف في الريف
والحضر – رسالة ماجستير غير منشورة – قسم علم النفس – كلية الآداب – جامعة
عين شمس -1991م
10. طريف
شوقي، العنف في الأسرة المصرية، ( التقرير الثاني ) دراسة نفسية
استكشافية، القاهرة، المركز القومي للبحوث الجنائية –قسم بحوث المعاملة
الجنائية، 2000م.
مصطفي التير ، العنف العائلي – الرياض – أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية ، 1997 م .
--------------------------------------------------------------------------------
1-
سيد كامل الشربيني – دراسة نفسية مقارنة للاتجاه نحو العنف في الريف
والحضر – رسالة ماجستير غير منشورة – قسم علم النفس – كلية الاداب – جامعة
عين شمس -1991م ص 20 ، 21.[1]
2 سورة الروم ، الاية 21
3- طريف شوقي ، العنف في الاسرة المصرية ، ( التقرير الثاني ) دراسة
نفسية استكشافية ، القاهرة ، المركز القومي للبحوث الجنائية –قسم بحوث
المعاملة الجنائية ، 2000م ، ص 24 .
- مصطفي التير ، العنف العائلي – الرياض – أكاديمية نايف العربية للعلوم الامنية ، 1997 – ص 122