ندوة مستجدات الفكر الإسلامي المعصر والمستقبل التاسعة
تحت عنوان
الإعلام القيمي .. بين الفكر والتجربة
ورقة مقدمة من هشام جعفر
بعنوان
من إسلام أون لاين إلى أون إسلام
"ميراث الخبرة"
دولة الكويت
وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
من 2 – 4/4/1432هـ
من 7 – 9 مارس 2011م
تعتبر الإنترنت وسيلة الاتصال الأسرع نموا في تاريخ البشرية. ففي حين احتاج الراديو إلى 38 عاما للحصول على 50 مليون مستخدم لاستقبال برامجه، احتاج التلفزيون إلى 13 عاما للوصول إلى العدد نفسه، فيما احتاج تلفزيون الكابلات إلى 10 أعوام. أما شبكة الإنترنت فلم تحتج سوى إلى 5 أعوام للوصول إلى ذلك العدد، وأقل من 10 أعوام للوصول إلى 500 مليون مستخدم. وقد عرض للإنترنت في هذه الآونة جملة من التغيرات نحتاج معها للتعرف الموجز على مسيرتها ثم اتجاه تطورها والمفاهيم الجديدة التي تؤطر مستقبلها. ثم نقوم بتسكين هذه التطورات ضمن خبرة إسلام أونلاين.نت في التعامل مع هذه الوسيلة الجديدة من وسائط الإعلام.
أولا: إدراك طبيعة الأداة وخصوصية الأداء الإعلامي من خلالها (الإنترنت من المشاركة إلى ما بعد التفاعلية):
من أهم ما ينبغي البدء به في هذا المقام هو النظر لخصوصية الأداة الإعلامية التي نتعامل معها. ولو ارتكنا إلى المبدأ الذي ينص على أن تميز الأشياء والأحوال يتأتى بذكر ضدها؛ فيمكننا أن ننظر إلى تلك الصحف التي اعتبرت الإنترنت امتدادا للإعلام الورقي، ومن ثم لم تفعل أكثر من أنها نقلت كل أو بعض المحتوى الورقي الذي تقدمه إلى شاشة الحاسوب من دون مراعاة لخصوصية الوسيلة. ونفس الوضع ينطبق على المواقع التي تعاملت مع الإنترنت كبديل للحاوية الإليكترونية بالحاسوب Hard Disk؛ فجعلت تخزن على هذه الحاوية آلاف المواد الرقمية من كتب أو ملفات صوتية أو فيديو، أو تلك التي جعلت الإنترنت وسيطا إذاعيا محضا فأنشأت عبره إذاعة حية أو مسجلة. جميع هذه الاستخدامات لا يمكن إنكار قيمتها المادية والمعنوية الرفيعة، لكننا لا يمكن اعتبارها ممارسات تنم عن استيعاب خصائص هذه الوسيلة.
ولا شك في أن للإنترنت سمات عديدة من بينها تجاوز الحدود، وسرعة التفاعل مع الرؤى الأخرى والاطلاع عليها، وانخفاض تكلفة التعاطي مع عدة وسائل إعلام مختلفة عن طريقها.. إلخ، إلا أن ثمة خصائص لا يمكن لأية وسيلة أخرى أن تشاركها فيها. وكان الهدف الأول الملقى على عاتق الكوادر الفنية بالشبكة هو إدراك خصوصية الوسيلة والتعاطي مع المحتوى في ضوء هذه الخصوصية. وفي هذا الإطار برزت مجموعة من الخصائص التي حرصنا على تقصيها في عرض المحتوى. ومن هذه الخصائص ما يلي:
أ – التفاعلية: فمن أهم خصائص هذه الوسيلة أنها تتسم بطابع التفاعل الذي يمكن أن يربط المستخدم User بمنتج المحتوى ومحرره، بما يجعل ثمة نوع من التواصل الذي يجعل الزائر موجها للمادة التحريرية ومعلقا عليها ومناقشا لها ولا يقف فقط موقف المتلقي السلبي من هذا المحتوى. ولعل ذلك ما تجلى في عدة أمور تطبيقية أهمها إيلاء الاهتمام الكافي لاهتمامات المستخدم ومشاكله الحقيقية؛ ومن ثم تطوير آلية الوقوف على ما يريده الجمهور باتجاه تلبية الاحتياجات الحقيقية الإنمائية لهذا الجمهور ومعالجة مشكلات حياته، بالإضافة لخلق مساحة تواصل ما بين منتج المحتوى ومستهلكه عبر قنوات مثل البريد المتخصص للصفحات، وبريد عموم الموقع WebMaster، وساحات الحوار Discussion Boards، بالإضافة لما اعتمدت عليه الشبكة من وسائل مباشرة لمعرفة اتجاهات الزوار حيال الموقع ومضمونه وشكله من آليات الاستبيانات الدورية. وكل تلك الاعتبارات كانت تستخدم كل عام في التخطيط للعام الذي يليه، وهو ما جعل عملية إنتاج المحتوى عملية جدلية بين منتج المحتوى ومستقبله أو متلقيه.
ب – الوسائط المتعددة: الإنترنت في أحد أهم خصائصها تعبير عن تجمع كل الوسائط الاتصالية والإعلامية المختلفة في أداة جديدة وفريدة في خصائصها، حيث يمكن في هذا الصدد أن نقرن المعلومة النصية التي نرى أنه لابد من إنتاجها خصيصا لمواجهة حدث ما أو قضية ما؛ مع إمكان تدعيمها بملف صوتي أو ملف فيديو أو ملف توضيحي فلاشي، فضلا عن الحدود غير المتناهية في التعامل مع الصورة بتقنياتها المهنية الإعلامية المختلفة. وقد جندت شبكة إسلام أونلاين.نت لهذا الصدد عددا كبيرا من الكوادر الفنية المتخصصة في إنتاج هذه النوعية من المحتوى. وفي هذا الصدد كان المحتوى الذي تقدمه بمثابة توظيف لكل تلك الأدوات بما يخدم الغاية الإعلامية التي تتغياها الشبكة، مع وزن نسبي عال نسبيا للنص في حزمة المحتوى الذي يتم بثه.
ج – القدرة التخزينية العالية: تتميز الإنترنت عما عداها من وسائط الإعلام بالقدرة العالية على تخزين المحتوى وأرشفته في الوقت الذي يمكن فيه التعاطي مع المادة التي سبق إنتاجها باعتبارها تمثل عمقا إستراتيجيا معلوماتيا للزائر الذي لم نكن نكتفي حيال تعاطينا مع الأحداث التي تهمه عبر تغطية هذه الأحداث فقط، بل نزوده بقاعدة معلوماتية وتحليلية متكاملة حول تلك الأحداث تربطه بما أنتجته قريحة الخبراء فيما يتعلق بالمحتوى موضوع المعالجة؛ مع الاستعانة في هذا الصدد بآلية الارتباط التشعبي Hyper Linking التي تتيحها هذه الوسيلة.
د – قدرة الزائر على الاختيار من بين بدائل بالغة الضخامة: فالإنترنت في أحد تعريفاتها المحدودة الدلالة هي تجمع عدد ضخم جدا من المواقع التي تقدم كافة أنواع وأشكال المحتوى، وهذا ما يمثل تحد بالغ الأهمية. فما لم تكن الشبكة قادرة على تقديم محتوى يتسم بالتميز والصدقية واستيعاب الأطروحات الأخرى والالتزام في نفس الوقت بغاية الموقع؛ فإن النتيجة الحتمية لن تكون سوى ضغطة زر من قبل المستخدم تنقله من الشبكة إلى غيرها من المواقع. ولهذا تحرى فريق العمل في الشبكة مواصفات من قبيل المصداقية والإبهار والتفاعلية واستيعاب الأطروحات الأخرى والتجديد في العرض والتجديد في الأفكار بما يخرج بالشبكة عن الإطار الوعظي لصالح أفق أكثر رحابة تتيحه الأبعاد الإعلامية للإنترنت.
ثانيا: التطور التقني الذي طرأ على الأداة واستجابة الشبكة له:
المعروف أن سنة واحدة من عمر شبكة الإنترنت تساوي 4 سنوات من العمر الزمني الأرضي لغيرها من وسائل الإعلام. والمقصود بهذا أن الإنترنت تتطور بسرعة كبيرة، ولا يمر شهر أو بضعة أشهر إلا ويحدث تطور نوعي في طريقة عمل هذه الشبكة العنكبوتية جنبا إلى جنب مع التطورات الكمية البسيطة المتراكمة المرتبطة بها. وخلال عقدين من استخدام هذه الشبكة لغير الأغراض العسكرية تطورت الإنترنت تطورا كبيرا. ومنذ تلك اللحظة التاريخية التي دخلت فيها الإنترنت عالم البث المتاح للجميع من بوابة مؤتمر "العالم يريد أن يتواصل" الذي عقد في العاصمة الأمريكية واشنطن في 1972، وبدأ العمل على تطوير تقنية تسمح بالاستخدام التجاري لهذه الشبكة، ومنذ ذلك الحين تواصل الإعلام كحقل معرفي واجتماعي مع الإنترنت ليكون أحد أهم العلوم الإنسانية التي تتأثر به وتدفعه فعالياتها الإنسانية قدما. وتتالت القفزات والثورات ليحدث ذلك التأثير المستدام لتغيرات الإنترنت على وضع وسائل الإعلام ومستقبلياتها الفنية والاقتصادية. وكان من المهم أن نتابع الأبعاد الإعلامية التي تتيحها هذه التطورات. وفي هذا الصدد سنتحدث بقدر عال من الإيجاز حول أهم تلك التطورات ثم نتحدث عن استجابات إسلام أونلاين.نت لها.
أ – التطورات:
1 – ما بعد التفاعلية: من أهم التطورات النوعية التي شهدتها الإنترنت حالة ما بعد التفاعلية أو Post Interactivity، وهو مفهوم اصطلاحي يصف مجمل تلك المراحل الجديدة التي ولجت إليها شبكة الإنترنت منذ عام 2006؛ اعتمادا على ما أضافته إليها تقنيات Web 2.0 وWeb 3.0، وإن كانت إرهاصاتها قد بدأت تتبلور مع بداية الألفية الثالثة. والمصطلح يعني تجاوز تلك المرحلة "التفاعلية" من مراحل الإنترنت التي قامت على علاقة محدودة ما بين منتج المحتوى ومستهلكه باتجاه مرحلة جديدة أمكن فيها لكل متصفحي الإنترنت أن يكونوا بمثابة مرسلي المادة الإعلامية ومستقبليها في آن، أي أن الإنترنت كوسيلة إعلامية صارت تعبير عن تدفق المحتوى الإعلامي في اتجاهين أو أنه أصبح تدفق متعدد الاتجاهات Many to Many بعدما كان الغالب عليها تدفق المحتوى في اتجاه واحد One to Many.
تلك الحالة التي تجاوزت التفاعلية لصالح المشاركة المباشرة من متصفحي الإنترنت في إنتاج وتقديم محتوى هذه الشبكة العنكبوتية هي ما سنعرفه اليوم وتاريخيا باسم "الإنترنت ما بعد التفاعلية". ويتأسس هذا المصطلح على مجموعة من التطورات في البنية التحتية.
2 – الإنفوميديا والتقارب الإعلامي: ومن أهم ظواهر التطور في البنية التحتية للإنترنت اليوم ما يطلق عليه الخبراء اسم الإنفوميديا والتقارب الإعلامي: قوام المرحلة التي نعيشها اليوم من مراحل الظاهرة الإعلامية أنه لم تعد ثمة فوارق بين وسائل الإعلام ووسائل الاتصال. ولم يعد ثمة انفصال بين وسائل الاتصال. وبالنظر إلى التليفزيون نجده يستخدم للدردشة والاتصال، وهو ما يعرف بالتليفزيون التفاعلي. وبالعكس صار الهاتف يستخدم كوسيلة إعلامية عبر رسائل المالتيميديا وخدمة التليفزيون الجوال الذي غزت تطبيقاته العالم. غير أن ذلك رهن بالجيل الثالث من أجهزة الهاتف النقال. كما أن الحاسوب اليوم يتصل بمنتهى اليسر بالتليفزيون والراديو والهاتف النقال والإنترنت. والتليفزيون به إمكانات التواصل مع الإنترنت، ويمكن تلاقي الناس عبره مع بعضهم حتى لو كان بعضهم يستخدم الإنترنت، أو يستخدم الهاتف النقال للدردشة النصية. كما يمكن تزويده بخواص الشبكات اللاسلكية المحدودة المغلقة، وبضغطة زر من حاسوبك يمكنك الاتصال بأي حاسوب أو جهاز اتصال أو تليفزيون موجود على سطح الكوكب ضمن خدمة دولية مضمونة بضوابط جودة. كما صار بالإمكان أن يغطي أي مراسل حدث ما ثم يرسله إلى موقعه على الإنترنت مباشرة طالما توفرت التجهيزات لذلك.
3 - الجيل الثاني للإنترنت Web 2.0: يشير مصطلح Web 2.0 لجيل ثان متصور من المجتمعات المبنية على أساس الويب وخدمات الاستضافة المرتبطة بها، بالإضافة إلى مواقع التشبيك الاجتماعي ومواقع الويكي (أسلوب ويكي لقواعد بيانات إدارة المحتوى) وقواعد بيانات الفهرسة الإليكترونية Folksonomies.
ولا تقوم فلسفة Web 2.0 فقط على اعتبار أن الإنترنت هي منصة نشر وتشبيك في الأساس وليس مستودع نشر فقط، بل يجاور ذلك عدة مكونات أخرى لرؤية Web 2.0 أهمها أن البيانات هي التي تقود عملية التجديد وبناء قالب المنصة الجديدة؛ في الوقت الذي يملك فيها المستخدم البيانات ويتحكم بها، كما أن الابتكار والتجديد داخل كل حزمة نظم والمواقع العاملة بها ينجم عن نوع من التشارك المقصود بين مجموعة كبيرة من مطورين البرامج المنتشرين في أنحاء العالم مع اتسامهم بدرجة عالية من الاستقلالية في عملهم بدون تبعية مؤسسية. ويرتبط بهذا النموذج من نماذج العمل وجود مفهوم مبسط للمشروعات الاقتصادية Business Models التي تمول هذه الحركة؛ وتقوم تلك المشروعات على أساس الاستفادة من المحتوى أو من الخدمات التي تحملها المواقع. كما أن هذه المواقع تعتمد على مجموعة من البرامج تزود بها زوار الموقع باعتبارها دوما النسخة المبدئية والتي تظل مبدئية مهما تطورت؛ وهو ما يعني أن مستخدمي هذه المواقع لن يجدوا حاجة لشراء أي برنامج ولا تكبد عناء البحث عن مفاتيح مزورة له. كما أن البرامج التي تستخدم في هذا الصدد تجد ربحها من خلال اتساع نطاق العلم بها خارج الدائرة الفردية (المنظمات الاقتصادية والطوعية والحكومية).
ولعل ما سبق من تطور قد أضاف للموقع تعزيزا قويا لخاصية الديمقراطية التي تتيح لمتلقي أي محتوى بالتعاطي معه إيجابيا وليس فقط تلقيه، عن طريق التعقيب عليه أو نقده من خلال استخدام نص أو بأي من الوسائط المتعددة، أو حتى برابط.
4 - الجيل الثالث للإنترنت Web 3.0: أن مصطلح Web 3.0 الذي يتداوله المعنيون بتطور البنية التحتية للإنترنت يطلق لتوصيف تطور مختلف حيال استخدام الويب والتفاعل في إطارها على أصعدة مختلفة، على رأسها عملية تحويل WWW إلى قاعدة بيانات هائلة، وتلك ليست سوى خطوة باتجاه تعظيم قدرة التطبيقات الحاسوبية المختلفة ومنتجات الذكاء الصناعي على الوصول للمحتوى بالغ الوفرة على الإنترنت، والذي تصل وفرته لدرجة السيولة التي تعوق سهولة الوصول لمحتوى ذي خصائص نوعية. هذا بالإضافة لما في ذلك من إمكانات تسويقية عالية.
إن الشبكة العنكبوتية تضم اليوم قدرا من المعلومات والبيانات تجاوز في حجمه إمكانية القياس بالميجابايت أو الجيجابايت ليقدر بمقياس التيرابايت، وهو ما جعل المعلومات النفيسة تختبئ بتشفيرها ولغاتها المتباينة عن حواسيب مستخدمي الشبكة. وتقوم Web 3.0 بتغيير هذه الحقيقة، حيث إن المواقع الكبرى لن تكون إلا تلك المواقع التي تقدم خدمات الويب، وستكون قادرة على استخلاص المعلومات الثمينة المختبئة داخل الشبكة العنكبوتية ونشرها على العالم. وكما يرى البعض فإن Web 3.0 هي إنترنت خدمات المحتوى وتنظيمه أكثر منها إنترنت بث المحتوى.
5 – إطلالة خاصة على المواقع ثلاثية الأبعاد: تكاثرت المواقع التي تعتمد البيئة التقنية ثلاثية الأبعاد؛ متأثرة باتجاه جديد للوجود الافتراضي ألهمت أكثر من جهة للعمل في مجال المواقع المتخيلة ثلاثية الأبعاد، منها Second Life وDisney's Toontown وغيرها الكثير من المواقع. وهي ظاهرة تنمو باطراد. ويعد موقع Second Life أبرز المواقع المعبرة عن هذه الموجة، وهو ما يبرر الحديث عنه بصورة تعتبره أنموذجا لذلك العالم المتنامي.
ويعمل موقع Second Life - وأمثاله من المواقع التخيلية - عن طريق تلك البرامج التي تسمى برامج وكيلة Client Programs يتم تنصيبها في أجهزة الحاسوب؛ فتتيح لمستخدمه دخول هذا العالم، ومن ثم اختيار شكل إنساني كامل Avatar يعبر عنه أو عن أحلامه؛ ليبدأ بعدها في ممارسة النشاط الاجتماعي (إعلامي – سياسي – ثقافي – اقتصادي.. إلخ) الذي من أجله دخل هذا العالم، ويقيم شبكة علاقات اجتماعية جديدة قد تحاكي أو تخالف شبكة علاقاته في العالم الحقيقي. ويوجد بهذا الموقع عملة افتراضية تمسى "دولار ليندون"، ويمكن مقايضتها بكل العملات العالمية من الأسواق المختلفة وبخاصة في الأسواق الأمريكية والأوربية التي يمثل سكانها الغالبية الساحقة من المشتركين في Second Life والمقيمين به. والطريف أن الأسبوع الأخير من أكتوبر 2007 شهد شراء شبكة CNN مكتبا لها هناك ينتظر افتتاحه بحلول الخامس من نوفمبر 2007.
ووفقا لإحصاء موقع Second Life؛ فإن إجمالي المقيمين بعالم Second Life بلغ في 31 أكتوبر 2007، حوالي 10 مليون و600 ألف مقيما، يتواجد منهم على مدار الساعة ما متوسطه 8000 مقيما. وبلغ حجم التعاملات الآنية في هذا الموقع حوالي 3,567,766,213 دولارا ليندونيا، وقد صار لهذه العملة بورصة خاصة على الموقع تتيح البيع والشراء. وهو ما يعكس حجم الإقبال على هذا الموقع وحجم الجدية التي يتمتع بها حضوره اقتصاديا.
ب – الاستجابات:
يمكن القول بأن إسلام أونلاين.نت استجابت لهذه التطورات من خلال 4 آليات، وهي:
1 – صفحة عيون المشاهد: تأسست صفحة "عيون المشاهد" مع العدوان الإسرائيلي على لبنان في عام 2006 بهدف توثيق جرائم الحرب والتعذيب والتخريب في أماكن وقوعها عبر تفعيل فكرة المواطن الصحفي، بحيث يكون كل مواطن عين ناقلة للأحداث من حوله. وقد نجحت الصفحة بشكل كبير في خلق أدوار إيجابية للمواطنين اللبنانيين أخرجتهم من حالة العجز والسلبية إلى الفعل المقاوم بالقلم والكاميرا معا. ومع نهاية الحرب تحولت عيون المشاهد من صفحة خاصة إلى دائمة تتابع المواقف والأحداث الجارية والمناسبات الدينية المختلفة، سعيا لتشكيل إعلام بديل أو إعلام الناس المتسم بالاستقلالية والقرب الشديد من الحدث.
2 - أجندة الفعاليات: تم إطلاق هذه الصفحة في مايو 2007 كأحد الخدمات المعلوماتية على شبكة إسلام أونلاين.نت، وهي تهدف إلى حصر وتوفير بيانات الفعاليات والأحداث والأنشطة في العالمين العربي والإسلامي، فضلا عن الفعاليات العالمية التي تهم الجمهور العربي، من مؤتمرات، وندوات، ومهرجانات، ومعارض، وملتقيات، وذلك من خلال ما يتم رصده من قبل القائمين على الخدمة، أو ما يتم استقباله من مساهمات الجمهور، حيث تتيح الصفحة للجمهور إمكانية إضافة الفعاليات، وكذلك تعديل البيانات في حالة حدوث أي تغيير.
كما تحاول هذه الخدمة، القيام بدور همزة الوصل بين الجمهور من ناحية، وبين المؤسسات والكيانات التي ترعى وتقيم أنشطة وفعاليات من ناحية أخرى، خاصة تلك الكيانات التي لا تمتلك مواقع على الإنترنت، أو التي لا تحظى مواقعها بنسبة مشاهدة عالية.
3 - الخيمة الرمضانية في Second Life: بداية التجربة تمت من خلال التفكير في إنشاء خيمة على الطراز العربي بجانب أكبر المساجد الذي يعرف باسم Chebi Mosque الذي تم إنشاؤه على طراز مسجد قرطبة في إسبانيا، وكان اختيار المكان موفقا من حيث كون المسجد يلقى كثيرا من الزوار الذين يبلغ عددهم قرابة 2000 زائر يوميا، واستعان الموقع بمتطوعين لتصميم الخيمة من حيث الشكل الثلاثي الأبعاد، كما تمت إضافة مؤثرات بصرية وسمعية في الخيمة تحمل أجواء الشهر الكريم.
وكانت فلسفة الخيمة ثقافية تثقيفية في آن. فأما البعد الثقافي لفلسفة الخيمة فتمثل في حرص المكلفين بتنفيذ المشروع على نقل روح شهر رمضان لذلك العالم المتخيل بدلا من تشبعه بثقافة واحدة يشعر المسلمون مرتادوه في إطارها بالغربة. وأما عن البعد التثقيفي فتمثل في استثمار هذه البيئة لتعريف المسلمين وغير المسلمين بهذا الشهر وفضائله المادية والروحية، فضلا عن استكشاف آفاق الحضور الإسلامي التثقيفي المعلوماتي في العالم المتخيل بصفة عامة.
4 – خدمة التعليق على المقالات: في إطار تطور الإنترنت باتجاه نمط الإعلام متعدد الاتجاهات Many to Many؛ كان من المحتم أن تتجه إسلام أونلاين.نت نحو استيعاب جمهورها بدلا من أن يتجه للبحث عن ذاته وتقديرها في مواقع أخرى قد لا تكون بنفس الثراء ونفس الرسالية، وكانت ثاني الخطوات التي انتهجتها إسلام أونلاين.نت في هذا الإطار – بعد صفحة عيون المشاهد تتمثل في توفير خدمة التفاعل المباشر لجمهورها مع المحتوى من خلال توفير إمكانية التعليق على هذا المحتوى أو الإضافة له أو نقده أو تزكيته، وكانت حجم المشاركات قوية وتقدر بالعشرات، بل وبدأت إسلام أونلاين.نت في تطوير نوعية جديدة من المحتوى تستوعب هذه الإمكانية، ولم تعد فلسفة الصفحات المتخصصة مجرد إنتاج محتوى، بل صارت إنتاج إمكانية اشتراك من الجمهور في المحتوى.