فريق الادارة المدير العام
عدد المساهمات : 3110 نقاط : 8100 تاريخ التسجيل : 04/12/2009
| موضوع: كتاب "مفهوم الإنسان عند ماركس" لإريك فروم. الجمعة سبتمبر 23, 2011 2:47 pm | |
| ماذا يفشل الدين، على الأقل، كما يفهم ويطبق في المجتمعات التي لا يزال الدين يلعب فيها دورا أساسيا في الحياة العامة والخاصة للناس، في تخليص الإنسان في هذه المجتمعات من اغترابه؛ من ضياعه عن ذاته، وتحوله إلى شىء أو آلة ؟ لماذا يزداد اغتراب الإنسان في هذه المجتمعات كلما زاد تدينه، ولا يقل هذا الاغتراب، كما هو مأمول ومتوقع ؟ إن نجاح أي دين يبقى مرهونا دائما بقدرته على التحقيق الكامل لإنسانية الإنسان، فلماذا يخفق الدين في القيام بعملية التغيير الاجتماعي اللازمة لإنجاز هذا التحقيق ؟ لماذا تتجه حياة الإنسان بخطى سريعة رغم تدينه، نحو الانطفاء الكامل المادي والروحي أيضا ؟ لماذا يخلو المجتمع الذي يعيش فيه، ليس فقط من الانجازات الاقتصادية والمادية المهمة، ولكن أيضا من العناصر الروحية لأفكار العدالة والمساواة والحرية، والتي هي في تصوري، أفكار متأصلة أو يفترض أن تكون متأصلة في جذر كل دين ؟ أليس مدعاة للأسى والحزن مثلا أن يبحث الإنسان المسلم في تراثه ودينه عن تقاليد ثابتة ومستقرة للحرية والكرامة والأخوة الإنسانية، فلا يعثر لها على أثر، في نفس الوقت الذي تقدم له فيه، التقاليد الروحية الغربية، أفضل بديل ممكن لهذه التقاليد حتى الآن ؟ ما هو كنه تلك القوة اللاعاقلة العمياء التي تعمل دون كلل أو ملال على تفريغ الدين من طاقته التقدمية الروحية والأخلاقية وربطه برؤية محافظة شعائرية خارجية ورسمية ؟ إن الدين قبل أن يكون طاعة وامتثالا هو أولا ثورة واحتجاج، وقبل أن يكون حبسا للتيارات الهادرة بعنفوان وصخب في أعماق الحياة والإنسان. هو تحرير لهذه الطاقات الكامنة وتفتيح وتحقيق واقعي وتاريخي لها. ثم منذ متى كان النص، أي نص، مقدما على الإنسان ؟ وهل الجامع أو الكنيسة أهم من الإنسان ؟ هل كل المشكلات صالحة للعرض على الكتاب والسنة والإجماع والقياس ؟ أليست هناك مشكلات تحتاج لحلول دنيوية واقعية وتتطلب استخدام العقل بدلا من هذا الإلحاح الغريب والمريب على البقاء في حدود النص الشرعي وحده ؟ من الذي أوقعنا، من داخل الدين نفسه، في هذا الشرك. في هذه الدوامة الرهيبة العمياء التي تؤدي إلى تزييف مفاهيم الدين ؟ من الذي جعلنا ندور في هذه العجلة المرعبة حتى ليوشك أن يكون الدين نفسه، لا إنسانيا، أو ضد الإنسان ؟ إنه لا الامتلاك ولا السلطة ولا حتى الإشباع الحسي يمكنه أن يسبب السعادة للإنسان أو يكسب حياته معنى. فمتى، وأين وكيف إذن تمكنت منا شهوة السلطة التي يتعارض أدنى وجود لها مع جوهر الدين بالذات ؟ إن الإنسان الحق، كما يقول فروم هو الإنسان لأجل ذاته. الإنسان الممتلىء لأنه فارغ. والكبير لأنه يمتلك القليل. ولعمري فإن هذا أدق تعريف ممكن للإنسان المتدين يمكن أن نصادفه. فهل هذا هو نوع الإنسان الذي نلتقي به في مجتمعاتنا المتدينة ؟
إلى المهمومين حقا بتحقيق الدين القويم والخروج به من ليل الإمكانية الطويل إلى نهار التحقق (التعبير الشعري الجميل لهيجل)، أصرخ / أشهد بأسئلتي تلك، أمامهم. وإلى هؤلاء وحدهم أهدي كتاب "مفهوم الإنسان عند ماركس" لإريك فروم.
http://www.mediafire.com/?fbpzeatv4fhymcv | |
|