الاضطرابات الانفعالية المصاحبة لبعض مرضى التهاب العصب السابع
د. نبيلة أمين على أبو زيد أستاذ علم النفس المساعد - كلية البنات- جامعة عين شمس
المقدمة و أهمية المشكلة:
نشأت فكرة هذه الدراسة أساسا وتبلورت من خلال ما لمسته الباحثة عن قرب واستشعرت به من خلال خبرتها الشخصية بداية، بل و إن صح التعبير، انتشار هذا المرض لدى الكثيرين بصورة واضحة تتطلب في جوهرها ضرورة التعرف على الجوانب والمصاحبات السيئة على بعض جوانب الشخصية ومن ثم انعكاس تلك العواقب على حياة الفرد.
وقد أمر رسول الله (صلى الله عليه و سلم) بالتداوي وأخبر أنه ما من داء إلا وله شفاه، ولعل هذه الكلمات تحمل في طياتها أن هناك داء قد يعترض حياة الإنسان بين الحين والآخر وعلينا أن نجتهد لاكتشاف أسبابه وطرق تشخيصه وعلاجه.
(بدرية كمال 1994، ص 1)
فالعلاقة بين النفس والبدن قائمة منذ خلق الله الإنسان، فسلوك الإنسان نتاج التفاعل بينهما، فالإنسان يعيش ويمارس الحياة كوحدة متكاملة فريدة في إدراكه للواقعين الخارجي المحيط به والداخلي الذاتي، فنحن نسمع عن أمراض وتشخيصها وعلاجها إلا أنها بلا شك تسبب قلقا وخوفا لدى الفرد صحيح البنية وغيرة وتسبب رعبا عندما يكتشف الإنسان فجأة عدم قدرته على التحكم في الكلام أو الضحك أو الأكل أي أن الوجه فشل جزء منه في أداء وظائفه ومن ثم وجب عليه ومن معه أن يتصرف وبسرعة ليعود إلى طبيعته من هذا التشوه في الوجه.
فالشخصية الإنسانية نتاج لمكونات بدنية وعقلية وانفعالية وبيئية بينها تفاعل مستمر غير قابل للفصل إلا لأغراض الدراسة، فكل جانب من جوانب الشخصية يؤثر ويتأثر بالجوانب الأخرى والتشوهات البدنية الظاهرة تمثل بعدا أساسيا من أبعاد تكوين الجسم الإنساني.
ويشير "أريك فروم" لا نستطيع أن نفهم وظائف الفرد حتى نفهم كيف تتفاعل العوامل الشخصية مع البناء الحضاري والقدرات البيولوجية.
(Massey, 1981, P.193)
ولا أحسب أن هناك مرضى يحتاجون تدخلا نفسيا سريعا وجادا مثل مرضى التهاب العصب السابع لإصابة الإنسان به فجأة، فيصاب المريض بالفزع والرعب للتشوه اوجهي.
هدف الدراسة:
تحاول هذه الدراسة إلقاء الضوء على بعض نواحي من شخصية بعض المرضى الذي يعانون من التهاب العصب السابع، ولاشك أن هؤلاء المرضى يعانون ضغوطا حياتية كالتي يعانى منها الآخرين، هذا بالإضافة إلى الحالة النفسية التي يمرون بها أثناء فترة العلاج، فالخوف والأمل والترقب من نجاح العلاج والتقدم في الشفاء وعدم ترك آثارا تشوه الوجه، والتفكير في حياته الاجتماعية، ومواجهة الآخرين وأيضا عمله، لاشك أن ذلك في حد ذاته يثير الكثير من الاضطرابات النفسية لدى المريض.
لذلك يتحدد هدف البحث في:
1- تحديد ماهية الاضطرابات الانفعالية المصاحبة لبعض مرضى التهاب العصب السابع (الشلل الوجهي).
2- فهم طبيعة العلاقة بين الاضطرابات العضوية ممثلة في الفشل الوجهي والاضطرابات الانفعالية المصاحبة لها، فإدراك تلك العلاقة غاية في حد ذاتها للأخصائي النفسي حتى يمكنه معرفة الأسس التي تقوم عليها.
تساؤلات الدراسة:
تحاول الدراسة الحالية الإجابة على التساؤلات التالية:
1- هل هناك فروق دالة إحصائيا بين مرضي التهاب العصب السابع وغير المصابين من حيث الاكتئاب- الانطواء- القلق.
2- هل هناك فروق داله إحصائيا بين مرضى التهاب العصب السابع باختلاف السن (شباب- مسنين).
3- هل هناك فروق داله إحصائيا بين مرضي التهاب العصب السابع ومتغير الجنس (ذكور- إناث)...
المصدر - مجلة علم النفس - السنة السادسة عشرة - العدد الثالث والستون - يوليو/ أغسطس/ سبتمبر 2002
القلق الاجتماعي والعدوانية لدى الأطفال العلاقة بينهما وفي دور كل منهما في الرفض الاجتماعي
إعداد فاطمة الشريف الكتانى
مقدمة : انطلاقا من الدراسات الحديثة السابقة في مجال القلق الاجتماعي والعدوانية، والتي أجرى معظمها في المجتمع الأمريكي، قامت الباحثة بالبحث الحالي للوصول إلى الأهداف التالية:
أهداف البحث:
1- البحث في العلاقة بين القلق الاجتماعي والعدوانية (في البيت والمدرسة).
2- البحث في الفروق بين الأطفال، حسب جنسهم ومستواهم الدراسي، في كل من القلق الاجتماعي والعدوانية.
3- البحث في الفروق بين أطفال المجموعات السيسيومترية: المرفوضة والمهملة والمحبوبة والمثيرة للجدل والمتوسطة، في كل من القلق الاجتماعي والعدوانية.
عينة البحث:
شملت عينة البحث (364 طفلا) (179 إناث) (185 ذكور) تتراوح أعمارهم بين (9- 12 عاما) وهم من تلاميذ القسمين الرابع والخامس، موزعين على (11 قسم دراسي) من 3 مدارس ابتدائية حكومية تقع في أحياء شعبية بمدينة الرباط بالمغرب، ينتمي أغلبها إلى الوسط الاجتماعي المنخفض- والمنخفض المتوسط.
أدوات البحث:
1- مقياس القلق الاجتماعي المعدل للأطفال: إعداد- (La Greca, 1993) وقد أظهر التحليل العاملي لصورته الأصلية وجود 3 عوامل هي:
1) الخوف من التقييم السلبي.
2) التجنب والضيق الاجتماعي الجديد.
3) التجنب والضيق الاجتماعي العام.
2- أداة تقييم الطفل لعدوانية أقرانه: وذلك لمعرفة مدى عدوانية الطفل في المدرسة حسب تقدير أقرانه له. وقد أظهر التحليل العاملي وجود نوعين للعدوانية هما، العدوانية المادية والعدوانية العلائقية.
3- أداة تقييم الأمهات لعدوانية أطفالهن: وهى استمارة موجهة لأمهات أطفال عينة البحث، والهدف منها معرفة مدى عدوانية الطفل في البيت.
4- مقياس النية العدائية: مجموعة من الحكايات القصيرة الهدف منها معرفة مدى ميل الطفل إلى الانحياز العدائي عند تفسيره لموقف اجتماعي متخيل.
5- مقياس الترشيحات السيسيومترية: يهدف هذا المقياس إلى تحديد وضعية الطفل الاجتماعية بين جماعة أقرانه في القسم الدراسي، من حيث مدى ميلهم له.
الإجراءات:
تم تطبيق المقاييس بعد تقنينها على أفراد العينة خلال الفترة من (11) أبريل إلى (24) مايو، وقد تم اختيار هذه الفترة بالذات لأنه يكون قد مضى على مرور العام الدراسي (8) أشهر، وأصبح التلاميذ يصفون بعضهم البعض جيدا، حيث أن بعض أدوات البحث تعتمد على الخبرات التي يكونها الأطفال داخل القسم مع أقرانهم.
الأساليب الإحصائية:
معامل الارتباط، اختبار (ت) t.test تحليل التباين البسيط.
أهم نتائج البحث:
و هذه النتائج سار بعضها في اتجاه توقع الفروض، في حين أن بعضها الآخر قد سار في اتجاه مخالف لتوقعات تلك الفروض، حيث أظهرت النتائج ما يلي:
1- لا توجد فروق ذات دلالة بين الإناث والذكور في القلق الاجتماعي. وأطفال القسم الرابع أكثر ميلا للقلق الاجتماعي مقارنة بأطفال القسم الخامس.
2- بالنسبة للعدوانية حسب تقدير الأقران، الإناث أكثر ميلا ...
المصدر - مجلة علم النفس - السنة السادسة عشرة - العدد الثالث والستون - يوليو/ أغسطس/ سبتمبر 2002
صعوبات التعلم: المشكلة، الأعراض، والخصائص أ. د. أنور محمد الشرقاوى - أستاذ علم النفس التربوي كلية التربية- جامعة عين شمس
مقدمة : موضوع صعوبات التعلم Learning Disabilities من الموضوعات التي شغلت اهتمام الباحثين والعلماء في مجال علم النفس بصفة عامة وعلم النفس التربوي بصفة خاصة، وقد تزايد هذا الاهتمام بوجه خاص مع منتصف الستينات وبداية السبعينات، وامتد البحث في هذا الموضوع إلى عدة فروع أخرى من العلم مثل الطب النفسي والعصبي والتوجيه والإرشاد النفسي، والصحة النفسية، ومجال ذوى الاحتياجات الخاصة، أو ما كان يشار إليهم منذ فترة قريبة بذوي الإعاقات الخاصة، والمعوقين.
ومع تقدم البحث في هذا الموضوع الحيوي، وانتشار مراكز البحث والمؤسسات المتخصصة في دراسة وعلاج حالات صعوبات التعلم من الجوانب المختلفة سواء الأكاديمية منها أو النمائية خفت حدة الخوف والقلق لدى أصحاب هذه الصعوبات وذويهم والقائمين على تربية ورعاية هذه الفئات. ولقد كان "البرت إينشتين" Albert Einstein عالم الرياضيات المشهور يعانى من بعض هذه الصعوبات في طفولته وما بعدها بعدة سنوات فلم يبدأ "إينشتين، الكلام حتى سن الثالثة من عمره، كما كان يجد صعوبة في تكوين الجمل حتى سن السابعة، وكان أدائه المدرسي بوجه عام دون المستوى المطلوب في مثل عمره. فلم يظهر أي تفوق في الحساب ولم تظهر لديه أي قدرات خاصة في أي من موضوعات الدراسة، بل كان يجد صعوبة واضحة في دراسة اللغات الأجنبية وتنبأ له أحد المدرسين بعدم التفوق في الدراسة. وامتدت صعوبات اللغة عند "إينشتين" حتى مرحلة متأخرة من العمر. كما كان يعانى من صعوبة الكتابة والتعبير. إما بالنسبة للمهارات المعرفية فقد كان يجد صعوبة في عملية التفكير، وخاصة فيما يتصل بالتعبير عن الأفكار(18).
ولم يكن "إينشتين، وحده الذي كان من ذوي صعوبات في التعلم، سواء في تعلم بعض المواد الدراسية، أو في أداء بعض العمليات المعرفية التي تتصل بالجانب النمائي لهذه العمليات. بل كان هناك بعض المشهورين سواء من العلماء أو السياسيين مثل "وودروويلسون" Woodrow Wilson الرئيس الثامن والعشرين للولايات المتحدة الأمريكية فقد كان يعانى من صعوبة تعلم بعض الحروف حتى سن التاسعة وكذلك صعوبة في تعلم القراءة حتى سن الحادية عشرة.
دولية صعوبات التعلم:
مشكلة صعوبات التعلم لدست مشكلة محلية ترتبط بمجتمع معين أو بدولة معينة أو بثقافة معينة أو بلغة معينة، بل هي مشكلة ذات طابع عام توجد لدى بعض المتعلمين من أجناس مختلفة ذات ثقافات ولغات متباينة. وقد أكد دولية المشكلة تراكم البحوث والدراسات التي أجريت في كثير من دول العالم على أطفال لديهم بعض الصعوبات في تعلم بعض المهارات الأكاديمية والمعرفية. وقد أكدت تقارير هذه البحوث التي أجريت على هؤلاء الأطفال أنه ليست لديهم أي مشكلات في الذكاء، ولكن لديهم صعوبات حادة في تعلم اللغة سواء في القراءة أو في الكتابة أو في النطق. كما يوجد لدى البعض الآخر منهم صعوبات في تعلم العمليات الحسابية. ونظرا لأن المشكلة لها طابع عالمي أو شامل universal في الثقافات المختلفة، فقد ظهرت في كثير من دول العالم بعض المؤسسات والمراكز البحثية التي تهتم بدراسة ولحث هذه المشكلة. كما ظهرت بعض الدوريات العلمية التي تخصصت في نشر البحوث والدراسات التي تهتم بهذا الموضوع الحيوي من وجهة النظر الدولية ومن المؤسسات الدولية التي تهتم اهتماما خاصا بهذا الموضوع "الأكاديمية الدولية للبحث في صعوبات التعلم" The International Academy for Researching Learning Disabilities (IARID) وهى مؤسسة مهنية يطلق عليها "ثالماس" Thalmas تهتم بوجه خاص بالبحوث والدراسات الدولية في موضوع صعوبات التعلم وتصدر دورية منتظمة لنشر نتائج هذه البحوث والدراسات (23).
وقد تبين من تقارير عدد لا بأس به من البحوث والدراسات التي نشرتها الدورية التي تصدر عن هذه الأكاديمية أن هناك مظاهر مشتركة واضحة لحالات صعوبات التعلم التي خضعت للدراسة والبحث رغم أن هذه الحالات كانت من ثقافات مختلفة مما يؤكد على أن المشكلة ليست محلية ترتبط بثقافة معيدة أو بلغة معينة، بل أنها تعد مشكلة ذات طابع يتصف بالعالمية أو الشمولية.
وقد تبين من نتائج تقارير البحوث والدراسات الدولية التي نشرتها الأكاديمية الدولية للبحث في صعوبات التعلم أن المشكلة تتزايد في حالة وجود بيئات وثقافات وقيم وعادات مختلفة داخل المدرسة الواحدة وخاصة الصعوبات التي نتصل بتعدد لغات تلاميذ هذه المدارس ذات الثقافات والبيئات الاجتماعية واللغات المختلفة وتزداد حدة المشكلة حينما يكون لدى الطالب صعوبة خاصة سواء كانت أكاديمية أو نمائية. ولكن وجد من تقارير بحوث ودراسات هذه المؤسسة أن مشكلة تعدد الثقافات واللغات لا توجد إلا في دول معينة بذاتها، وتظل المشكلة موجودة داخل المؤسسة التعليمية التي لا يوجد بها تعدد في الثقافات واللغات ولاشك أن اتجاهات الآباء الثقافية يكون لها دورا مؤثرا في تزايد هذه المشكلات أو في زيادة حدتها لدى التلاميذ الذين يكون لديهم بعض الصعوبات (5).
ما هي صعوبات التعلم؟ وما أهمية تحديدها؟
عادة ما يثير هذا السؤال كثيرا من المشكلات للمتخصصين في هذا المجال من مجالات علم النفس التي تهم بالدرجة الأولى المهنيين الذين يعملون في مجالات الرعاية وعلاج المشكلات السلوكية والنفسية وخاصة حينما يواجهون الفئات المختلفة من الأفراد الذين يبحثون عن إجابة لهذا السؤال من الآباء، أعضاء جمعيات الخدمة والرعاية الاجتماعية، العاملين في المجال التربوي، المتخصصين في العلوم الطبيعية ولهم صلة بالعمل التربوي، وكذلك الأخصائيين في ميادين العمل الاجتماعي والنفسي، ونتمثل أهم مشكلات تحديد ماهية السؤال الذي يتعلق مباشرة بتعريف مصطلح صعوبات التعلم، Learning Disabilities بجانبين أساسيين:
الجانب الأول: يتعلق بالوصف الدقيق لجميع أشكال السلوك الذي يتصل بهذا المصطلح ويعتمد هذا الوصف الدقيق والشامل على مظاهر مشكلة الصعوبة كما ينظر إليها جميع المهتمين والمتخصصين في جميع المجالات المرتبطة بمشكلات وأعراض صعوبات التعلم.
الجانب الثاني: يتعلق بتحديد جميع مظاهر وأشكال السلوك السابق الإشارة إليه في الجانب الأول في مصطلحات سلوكية محددة بمكن قياسها بدقة وشمول، وخاصة ما يتصل بالسلوك الفعلي الذي يمارسه صاحب الصعوبة في لحظات ومواقف معينة ومحددة أثناء مواقف التعلم، والتأكد من عدد مرات وأوقات حدوثها مما يجعلنا نطلق على مظاهر هذا السلوك "سلوك صعوبة التعلم" Learning disability Behavior
وكما هو شائع ومعروف بين المتخصصين في المجالات العلمية المختلفة ومنها مجال علم النفس قد يوجد اختلاف بين المهتمين بموضوع صعوبات التعلم سواه من الأكاديميين أو المهنيين حول التعريف الدقيق والشامل لهذا المصطلح. وقد يرجع هذا الاختلاف جزئيا إلى عدم الاتفاق حول بعض الأسس النظرية الأساسية المكونة للمصطلح مثل دور الجهاز العصبي المركزي في صعوبات التعلم. وقد يرجع هذا الاختلاف إلى التغيرات الكثيرة التي تطرأ على تعريف المصطلح نتيجة المراجعات المستمرة لماهية المصطلح، وخاصة ما يتعلق بالتعريفات التي تتعامل بها المؤسسات والهيئات الحكومية المهتمة بالأفراد الذين يعانون من هذه الصعوبات والمشكلات السلوكية والنفسية الناشلة عنها (20).
وقد أشار "باتمان وهارنج" Bateman (1969) Clements Haring في التقرير الذي صدر عن فسم الصحة العامة بالولايات المتحدة الأمريكية إلى أن هناك عدة تفسيرات لهذا المصطلح ظهرت نتيجة الآراء والتوجهات المتباينة لمختلف المهنيين والمؤسسات المهتمة بهذه المشكلة. وخلال هذه الفترة التي تعددت فيها هذه التوجهات لم تستقر الآراء حول تعريف واحد شامل للخصائص التي يتضمدها هذا المصطلح. وكانت محاور هذه الاختلافات تتعلق بتوجيه التعريف نحو نماذج تشخيصي معين للصعوبات أو إلى اعتبار أن صعوبات التعلم تشتمل على تصنيفات فرعية تتضمن التأخر الدراسي، Retardation والتربية الخاصة، Special education والقصور العصبي، Neurological Impairment لمتغير مميز أو لسبب آخر، أو أن هذا المصطلح يتضمن أو يعنى جميع الخصائص التي تتضمنها المحاور السابقة (2).
المصدر - مجلة علم النفس - السنة السادسة عشرة - العدد الثالث والستون - يوليو/ أغسطس/ سبتمبر 2002
اضطراب الصمت الاختياري (التباكم) لدى الأطفال
د. عبد الرحمن سيد سليمان أستاذ الصحة النفسية - كلية التربية- جامعة عين شمس
مقدمة : محاولات تحديد المصطلح:
(أ) إشكالية التعريف:
الاختلاف حول ترجمة المصطلح الأجنبي Selective Mutism هو ما يلاحظه كل من يتعامل معه للوهلة الأولى. فقد حاول باحثون عديدون التصدي لتعريبه باعتباره مصطلحا حديثا نسبيا. وقد تناوله كل باحث من هؤلاء في ضوء وجهة نظر معينة، وحسب زاوية الرؤيا التي يفضلها هذا الباحث أو ذاك. لذلك يرى الباحث الحالي أن عرض بعض هذه المحاولات - على قلتها- خطوة مهمة في سبيل الوصول إلى اتفاق حول مرادف. عربي لهذا المصطلح الأجنبي، يرتضيه العاملون في المجال. وهذه المحاولات القليلة يمكن الإشارة إليها على النحو الآتى:
(1) يترجمه عادل الأشول (1987: 311) في موسوعته للتربية الخاصة الخرس الانتقائي أو الاختياري ويعنى به حالة مرضية نجد فيها الفرد يرفض الكلام، وقد يبدو غير قادر على السمع والكلام معا.
(2) ويعرّف جابر عبد الحميد وعلاء كفافي (1990: 1098- 1099) الصمت الانتقائي، كما يطلقان عليه - تعريفا معجميا يلقى الضوء على طبيعته ولعض أسبابه؟ بأنه اضطراب نادر يحدث في مرحلة الطفولة، يتميز بالرفض المستمر للحديث في معظم المواقف الاجتماعية، بما فيها مواقف الدراسة، على الرغم من قدرة الطفل على الكلام وعلى فهم اللغة. ولا يحدث في هذه الحال أي من الاضطرابات الجسمية أو العقلية الأخرى. وقد تكون الحماية الأمومية الزائدة والبقاء في المستشفي لفترة، أو الالتحاق بالمدرسة من العوامل التي تهيئ لهذا الاضطراب.
(3) ويرى محمود حمودة (1991: 281) أن البكم الاختياري- كما يطلق عليه- يتميز برفض الطفل أو المراهق الثابت للتحدث في واحد أو أكثر من المواقف الاجتماعية العظمى، مشتملا المدرسة، برغم قدرته على فهم اللغة وقدرته على الكلام، وليس ذلك عرضا للإرهاب الاجتماعي أو الاكتئاب أو اضطراب ذهاني مثل الفصام... والطفل المصاب بالبكم الاختياري يمكنه أن يتواصل بواسطة الإيماءات مثل هز الرأس، أو بواسطة مقاطع كلامية مختصرة بنغمة واحدة، والغالب أنه لا يتحدث في المدرسة، ولكنه يتحدث طبيعيا في البيت، ونادر، ما يرفض التحدث في المواقف الاجتماعية.. وهؤلاء الأطفال لديهم مهارات لغوية طبيعية غالبا.
(4) ويترجمه عبد العزيز الشخص والدماطي (1992: 162) في قاموسهما للتربية الخاصة وتأهيل غير العاديين: البكم- الخرس الاختياري ويذكران أنه أحد التصنيفات المذكورة في النظام الثالث للجمعية الأمريكية للطب النفسي والمعنون بـ "دليل تشخيص الاضطرابات النفسية وإحصائها". ويشيران إلى أن هذا المصطلح يعنى رفض الفرد للكلام والتحدث بحيث قد يبدو غير قادر على السمع والتحدث.
(5) ويعرف خليل فاضل (1996: 160) الخرس الاختياري بأنه حالة مرضية نفسية يعرفها أكثر أطباء النفس المختصين بالأطفال. ويشخصونها على أنها الرفض الكامل للكلام خارج البيت، أو في غير محيط الأسرة أو الأقرباء. ويعتبرها "خليل فاضل" حالة من حالات الاضطراب العاطفي والانفعالي، وأنها من أهم خصائص الأطفال الذين يصابون بالخجل والحساسية الفائقة، وعدم القدرة على إقامة علاقات مع الآخرين سواء كانوا أطفالا أم كبارا.
(6) ويترجم رشاد موسى وآخرون (1999: 86) في قاموسهم للصحة النفسية هذا المصطلح على أنه يعنى البكم أو الخرس الاختياري.
و المتتبع لمحاولات تحديد المصطلح السابقة الإشارة ليها وغيرها يمكنه الخروج بالملاحظات التالية:
1- إن هناك اختلافا بين الباحثين على استخدام مصطلح واحد للتعبير عن هذا الاضطراب؟ فمن العرض السابق لمحاولات تحديده نجد أن البعض يطلق عليه الصمت الانتقائي (جابر وكفافي، 1990) وربما يكون وراء هذه الترجمة الطبيعة الغالبة على الاضطراب، ونعني بها تفضيل السكوت في بعض المواقف. في حين يطلق عليه البعض الثاني البكم الاختياري (محمود حمودة، 1991) وربما يكون وراء هذه الترجمة النظرة الكلينيكية التي تعكس اهتمام الطب النفسي بالأعراض التشخيصية للاضطراب.
والبعض الثالث يطلق عليه الخرس الانتقائي أو الاختياري (عادل الأشول،1987) ليشير به إلى حالة من رفض الكلام. في حين يطلق عليه البعض الرابع البكم أو الخرس الاختياري (الشخص والدماطى، 1992) وربما يعكس هذا التعريف- كسابقه- النظرة التي تعتبر الأطفال المصابين به أطفالا ضمن فئة ذوى الحاجات الخاصة. والبعض الرابع يطلق عليه الحبسة الكلامية المتعمدة (الشربيني،1994).
2- أنه يتعين على من يتصدى لتعريف هذا المصطلح أن يشير إلى عدة أمور منها:
أ- أن رفض الكلام من قبل الطفل لا يكون دائما ولكن تحت ظروف بيئية أسرية أو مدرسية معينة.
ب- أن رفض الكلام من قبل الطفل يكون عمدا وعن قصد.
ج-أنه نادر الحدوث في مرحلة الطفولة (حيث تصل نسبة حدوثه إلى أقل من 1% من الأطفال المحولين لعيادات الإرشاد النفسي بالولايات المتحدة الأمريكية، كما لوحظ أنه يكثر بين الإناث.
و يرى الباحث الحالي أنه من الممكن إطلاق تسمية "التباكم" على هذا الاضطراب إذ أن كلمة "التباكم" تعني إدعاء البكم، فضلا عن أن الامتناع عن الكلام يتم على مستوى الوعي أو الشعور فهو فعل إرادي، ولا علاقة له بسوء وظائف الجهاز الكلامي.
3- أن كلمة الخرس هنا غير دقيقة؟ فمن ناحية يكون الامتناع عن الكلام ليس راجعا إلى عيب ولادي أو خلقي في جهاز الطفل الكلامي، ومن ناحية ثانية أن الطفل يرفض الكلام في حين أنه بالفعل قادر عليه، وعادة ما يكون الطفل ذي الصمت الاختياري، متوسط الذكاء، مهتما بالتواصل مع الآخرين، لكنه في نفس الوقت غير قادر على تحقيق ذلك الوجود "عطل نفسي" لهذا فهو قد يعبر عن نفسه بالإيماءة، و الحركة الصامتة، الرسم، هز الرأس، الهمس، أو حتى الكتابة أحيانا.
المصدر - مجلة علم النفس - السنة السادسة عشرة - العدد الثالث والستون - يوليو/ أغسطس/ سبتمبر 2002
أثر البعد الاجتماعي في التقاربية وصيغ التلامس لدى طلبة الجامعة (دراسة شبه تجريبية في الاتصال غير اللفظي)
د. عبد الخالق نجم البهادلى - مدرس علم النفس الاجتماعي - قسم علم النفس - كلية العلوم السلوكية- جامعة السميرة الكبرى طبرق- الجماهيرية الليبية
د. على مهدى كاظم أستاذ القياس والتقويم المساعد قسم علم النفس - كلية التربية- جامعة السلطان قابوس مسقط- سلطنة عمان
مشكلة البحث و أهميته
لكي نسترسل في حديثنا مع الآخر، فإننا نعول كثيرا على الرسائل التي تصلنا .. فخلال حديث طويل محاضرة مثلا، مثلا لا نستطيع الاستمرار فيها ما لم نستشعر تأثير كلامنا في الآخرين. ولكن هل نستطيع أن نستشعر هذا التأثير؟ وكيف؟ نعم يمكننا، وذلك من خلال وضع الجسم في الجلوس، ونظرات العين، وتعبيرات الوجه، والمسافة، وهزات الرأس، وحركة اليدين والكتفين. من هذه كلها وأخرى كثيرة نستطيع أن نستشعر تفاعل الآخر مع ما نقوله له، فنعرف: الاهتمام- عدم الاكتراث، الفهم - عدم الفهم، الود- البغض، المسالمة- العدوان، الأمن- الخوف، الجد- اللهو.... الخ. هذا ما يطلق عليه بالاتصال غير اللفظي communication nonverbal يعرّف الاتصال غير اللفظي بأنه كل الطرق التي يتم فيها الاتصال ما بين الأشخاص حينما يكونون في حضور بعضهم، باستخدام وسائل لا تتضمن كلمات (أحمد، 1994، 35).
لقد تزايد الاهتمام في الأربعين سنة الأخيرة بهذا المتغير/ المصطلح، وأجريت عليه آلاف الدراسات، إذ وجد (على سبيل المثال) في القرص المكتنز في الجامعة الأردنية أن هناك أكثر من ألف ومائتي دراسة أجريت عن هذا الموضوع باللغة الإنجليزية في الفترة الممتدة من 1983 -1995 فقط، ولنا أن نتساءل هنا عن كم البحوث التي أجريت باللغة العربية؟ إنها بعدد أصابع اليد.
وعن أهمية الاتصال غير اللفظي، اتضح بأنه ليس أكثر من 30 أو 45 بالمائة من القصد "المعنى" الاجتماعي للمحادثة يصل عن طريق الكلمات، أما الباقي من المائة فهو يصل بوسائل مرافقة للكلام مثل نبرة الصوت، والتغير في مقام الصوت، ومعدل الكلام، والمدة، والوقفات، ويضاف إلى هذا كله الإيماءات الجسمية والملابس؟ ونواحي أخرى تتجسد في مظهر الشخص والرائحة والجاذبية الجسمية والتقاربية (1997، Kung).
وقد تحسس الباحثان أهمية الموضوع من خلال ما يحدث في الحياة اليومية في معظم الدول العربية والإسلامية، من الازدحام والتدافع الذي يحدث في بعض الدوائر والمؤسسات وفي وسائط النقل، حيث لا يجد كثير من المواطنين أي حرج في أن يدفع الآخر أو يسحبه أو حتى يصعد عليه، في حين تختفي هذه الظاهرة في معظم الدول الغربية. ويعتقد الباحثان في أن تفسير هذه الظاهرة ربما يكمن في الاتصال غير اللفظي.
وبهذا يعتبر الاتصال غير اللفظي ضروريا لنجاح عملية الاتصال، إذ أنه يقوم بضبط التقنيات اللفظية من أجل تدعيم الاتصال، وهنا نقول لك راقب ما تقوم به عندما لا تتحدث (1995، Griffin & McGahee)؟ فنحن ندرس الاتصال غير اللفظي لنتوصل إلى طرائق محددة تجعل الاتصال أكثر فعالية من خلال مهارات السلوك غير اللفظي والكلام والإصغاء والكتابة (1993، Griffin)، وتكاد أهمية دراسة الاتصال غير اللفظي توجد حيثما يوجد تفاعل بين الأشخاص، ولعل التعليم يجسد ذلك تماما. فقد وجدت إحدى الدراسات أن أطفال الروضة يستطيعون أن يميزوا ما إذا كانت المعلمة محرجة أم لا ؟ كما يعمد الروس (وخصوصا الاتحاد السوفيتي السابق) عند تصميم القاعات الدراسية للتعليم الابتدائي، أن تكون الأرضية بين صفوف طاولات الطلبة منخفضة بحيث إن المعلمة عندما تسير في القاعة يكون مستوى رأسها بمستوى رؤوس التلاميذ، لأن الأطفال يتقبلون ما يأتيهم من مستواهم أفضل مما لو جاءهم من فوق. كما وجدت ورقة عمل قدمت في مؤتمر (ISAAC)، أن الطفل الذي يعاني من تخلف عقلي شديد وإعاقات متعددة، يقوم بالاتصال بواسطة الإيماءات واللغة البدنية (Brodin, 1990)
وفي البحث الحالي ستتم دراسة قناتين فقط من قنوات الاتصال غير اللفظي هما : التقاربية proximity والتلامس touching على أنهما المتغيران التابعان.
فالتقاربية ومفاهيم أخرى متصلة بها مثل المجال الشخصي personal space والإقليمية "حدود الشخص " territoriality مصطلحات تصف المسافة الفيزيقية المناسبة التي نتركها بيننا و بين الآخرين، وهي من المواضيع المهمة في علم النفس وعلوم أخرى ذات صلة بالموضوع، وأول من درس هذه الظاهرة فرانك ويلس N.F (1966) Willis الذي وجد أن الأشخاص يميلون إلى أن تكون المسافة بينهم كبيرة عندما يكون المتصل في مقابلة رسمية مع غرباء، وتكون هذه المسافة أصغر لو كانوا يتصلون مع أصدقاء، كما أن مكان الوقوف الذي يختاره الآخر هو بداية المحادثة وهو جزء من الاتصال، فإذا اختار نقطة غير مناسبة- مثلا، غريب يقترب كثيرا، أو صديق يقف بعيدا- فهذا الاختيار له تأثيراته العامة في عملية الاتصال، فيمكن أن يجعل الاتصال مريبا، أو على الأقل غير واضح "غامض"،1978،Lindgran, 214)) وأوضحت دراسة (أحمد، 1994) التي أجريت على 42 أستاذا أن الطاولة في قاعة المحاضرات تعتبر حاجزا طبيعيا لتحديد المنطقة الحدودية للدكتور وللطلبة؟ وأشارت عينة بحث كوتش وبريجيز إلى أن التقاربية مع المعلم مهمة، وأنها تخدم عدة وظائف للطلبة المنتمين إلى أصول عرقية مختلفة في أوقات مختلفة خلال المحاضرة (Gotch & Brydges, 1990) وفي دراسة أخرى، اعتقد المعلمون العاملون بأن حركة المعلم داخل القاعة وحول الطلبة مهمة جدا، بعكس ما اعتقد به المعلمون المتقاعدون (Simmon, 1992). ولهذا تؤدي المسافة دورا مهما في عملية الاتصال اللغوي، فهي تساهم مساهمة فعالة في نقل المشاعر والإيحاءات الخاصة، كما أن قرب المسافة يتيح الفرصة للاقتراب الجسدي والتلامس (أحمد، 1994).
أما التلامس فهو أيضا قناة مهمة للاتصال غير اللفظي، فالتلامس الجسدي المستمر بين الطفل الرضيع والقائم على رعايته له أهميته الخاصة في تكوين مشاعر مودة قوية عند الطفل (دافيدوف، 1992، 131). ولكن فاعلية استعمال التلامس تعتمد على التطابق مع التوقعات على أساس: أين؟ وكيف؟ ومن؟ قام بلمس الطفل، (Neill, 1991) وربما عرف الأمريكيون أهمية التلامس بين الآباء وأطفالهم، لذلك وضعوا لافتات في الشوارع وقد كتب عليها Hug your son بمعنى "احضن ابنك" وهو ما يقابل عندنا نحن العرب "احضن ابنك في صغره، يحضنك في كبرك". ووجد اومارا أن أهمية التلامس البشري واختلافه كانت موضوع العديد من البحوث، وان التلامس يختلف من ثقافة إلى أخرى وهو طريقة للتحدث في العديد من دول أمريكا اللاتينية (O'Mara, 1990) وقد اختار الباحثان في هذه الدراسة قناتي "التقاربية" و"التلامس" على أساس العلاقة المنطقية بين هاتين القناتين، فالتقاربية يمكن أن تبتعد ليبلغ مداها أمتارا، ويمكن أن تقترب لتكون صفرا، وإذا ما أصبحت صفرا فيكون لدينا تلامس.
ومن متغيرات البحث الأساسية- المتغير المستقل- هو "البعد الاجتماعي" والذي يمثل شبكة العلاقات الإنسانية التي تربط طالب الجامعة بمن هم حوله في الجامعة من أساتذة وطلبة وزملاء، وفي البيت من أفراد الأسرة، فإن أي شكل من أشكال العلاقات الاجتماعية هذه له تأثيره الحاسم في التقاربية و التلامس أما ما هو شكل هذا التأثير؟ فهذا ما نحاول معرفته من خلال بحثنا الحالي.
خلاصة القول أن أهمية بحثنا هذا تتجلى فيما يأتي:
1- أهمية موضوع الاتصال غير اللفظي في علم النفس، وفي واقع الحياة عموما.
2- دخول الاتصال غير اللفظي كمتغير مهم في عدد كبير من الدراسات النفسية والتربوية والاجتماعية.
3- انعقاد مؤتمرات دولية عديدة تناولت الاتصال غير اللفظي بمختلف قنواته.
4- قلة الدراسات العربية، وعلية نأمل أن تكون دراستنا هذه ممهدة لدراسات أخرى في البيئة العربية.
المصدر - مجلة علم النفس - السنة السادسة عشرة - العدد الثالث والستون - يوليو/ أغسطس/ سبتمبر 2002
الفروق الثقافية في الذكاء د. محمد إبراهيم جودة هلال أستاذ علم النفس التربوي المساعد - كلية التربية ببنها- جامعة الزقازيق
مقدمة : لقد كان فهم طبيعة الذكاء البشرى. وابتكار طرق لتقييمه يمثلان مشكلات محورية في علم النفس منذ بدايته، ومع أن المقياس الأول للذكاء ابتكره عالم النفس الفرنسي بينيه (Binet)، ومع أن عالم النفس الألماني شتيرن Stern هو الذي قام ببعض أفضل الأعمال المبكرة في علم النفس الفارق، فإن الباحثين البريطانيين والأمريكيين هم الذين أتوا بسرعة للسيطرة على هذا الميدان.
ثم قام عدة باحثين بالولايات المتحدة وعلى رأسهم تيرمان Terman بترجمة وتطبيق هذا المقياس، وفي إنجلترا قام بيرت Burt بمجهود مماثل، كما تقدم سبيرمان Spearman بنظرية عن الذكاء ذات عاملين (عام، خاص)، ولم يقتنع ثورندايك Thorndike بهذا، إذ اعتقد بأن هناك قدرات مستقلة كثيرة وليست قدرة عامة، واستمر الخلاف طوال الجيلين التاليين، ففي أمريكا أخذ كيلى Kelley موقع ثورندايك وتلاه ثيرستون Thurstone وأخيرا جيلفورد Guilford، وفي إنجلترا تقدم بيرت وتلاه فيرنون Vernon، الذي دفع بنظرية سبيرمان إلى الأمام مع إجراء تعديلات عليها لتشمل عوامل أخرى ثم قام بترتيبها في تسلسل هرمي، مسيطر عليه العامل "g" ثم جاءت نظرية كاتل Cattel محتوية على كلتا النظريتين، البريطانية ذات التسلسل الهرمي، والأمريكية المتعددة العوامل، وكانت نظريته شبه هرمية، ذات عاملين عامين عند القمة وهما الذكاء السائل (GF) والذكاء المتبلر(GC) ، ثم اختلفت الصياغات الحديثة لنظرية القدرات السائلة والمبتلرة بعض الشيء، حيث أكد هورن Horn, 1985، بأنه قد حدد هوية عشرة عوامل كهذه، ونتيجة للثورة المعرفية في علم النفس، واستئصال النزعة السلوكية كنزعة إدراكية، بدأ التحول من السمة إلى العملية وتركز الاهتمام أكثر بعمليات التفكير الذكي، كما جد واضعوا النظريات المعرفية التوجه Cognitively oriented theories في فهم أبنية القدرة، من خلال ربط الأداء في اختبارات القدرة بالأداء في المهام المصممة لقياس العمليات المعرفية. (12-2918). ونتيجة لذلك فقد ظهر العديد من النظريات المعرفية في الذكاء والتي من أهمها، النظرية الثلاثية Trairchic Theory لستيرنبرج Sternberg، والنموذج الرباعي لفؤاد أبو حطب، لنظرية جاردنر Gardner.
ونظرا لأن العوالم التي تعيش فيها المجتمعات المختلفة عوالم متميزة، وليست مجرد نفس العالم بمعان مختلفة (16-497) ومن المعروف أن فروق الأداء بين الشعوب يمكن أن تنشأ من القابلية المحدودة للقياس لمواقف الإثارة والموضوعات، فقد تحول البحث في علم النفس المعرفي إلى سلسلة من الموضوعات المشبعة بالثقافة، وإيجاد طريقة لتوثيق وتثبيت حقيقة الفروق الجماعية في الأداء المعرفي (16-498) وفهم الاختلاف في النواحي العقلية ولأن الثقافة تتحكم في تكرار وقوع الأحداث، وتملي الوقت الذي ينقضي في أداء بعض المهام، وتتحكم في مستوى صعوبتها في مختلف البيئات، ولأن الثقافة نظام معرفي منسق في تصورات جماعية، وشكل فرعى من أشكال العقل، فقد ظهرت الدراسات عبر الثقافية في الذكاء والتي تهتم في المقام الأول بقياس الفروق بين الشعوب، وتهتم في المقام الثاني بتفسير أسباب تلك الفروق.
ولكن تعترض هذه الدراسات كثير من الصعوبات المنهجية، فمن الصعب أن نحدد خصائص الثقافات، وأن نحصل على عينات ممثلة، بالإضافة إلى مشكلة الاختبارات التي تبنى في إطار ثقافة فرعية معيدة (4-576)، كذلك قيود نظريات الذكاء، التي يفترض أن تنطبق على الجميع في كل مكان وهى ليست كذلك، وقد يكون من المفيد لو أن هناك رأيا إفريقيا عن الذكاء ورأيا أمريكيا شماليا، وأمريكيا جنوبيا- مثلا. ولكن هذا لا يوجد، مما يضع الباحث الذي يحاول دراسة الذكاء في الثقافات المختلفة في مأزق يحاول أن يتغلب عليه (17- 61) وهذا ما سوف يحاول الباحث- قدر استطاعته- توضيحه.
تحديد المصطلحات ...
المصدر - مجلة علم النفس - السنة السادسة عشرة - العدد الثالث والستون - يوليو/ أغسطس/ سبتمبر 2002
مصدر الضبط وعلاقته بكل من التفاؤل والتشاؤم لدى الأطفال
د. محمد قاسم عبد الله - كلية التربية - جامعة الملك خالد
الملخص : استهدفت هذه الدراسة تعرف مصدر الضبط لدى الأطفال وعلاقته بكل من التفاؤل والتشاؤم، واستكشاف الفروق بين الجنسين فيها . وشملت عينة البحث 230 طفلا ( 115 ذكور 115 إناث ) في13 سنة بمتوسط قدره ( - مرحلة الطفولة المتأخرة،تتراوح أعمارهم بين، 118،11 ). وقد تم سحب أفراد هذه العينة من عدد من المدارس الابتدائية السورية، واستخدمت أداتان في هذه الدراسة : مصدر الضبط، والثانية مقياس والقائمة العربية للتفاؤل والتشاؤم . وبينت النتائج أنه لا توجد فروق جوهرية بين الذكور والإناث في التشاؤم وفي الضبط المجهول، في حين كان هناك فرق دال إحصائيا في مصدر الضبط الخارجي (الإناث أعلى ).أما عن العلاقة بين مص در الضبط وكل من التفاؤل والتشاؤم، فقد ظهر ارتباط موجب ودال إحصائيا، بين مصدر الضبط الداخلي والتفاؤل، وبين التشاؤم وكل من الضبط الخارجي والمجهول . وقد ظهر ارتباط سالب بين الضبط المجهول والتفاؤل.
المصدر - الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية
بعض الخصائص النفسية و السلوكية للتلاميذ ذوي صعوبات التعلم
أ.د. أمان محمود - د. سامية صابر
الملخص : تهدف الدراسة للتعرف على بعض الخصائص النفسية والسلوكية -تقدير السلوك. مركزية الذات، القلق النفسي-، للتلاميذ ذوي صعوبات التعلم على عينة مكونة من 80 طفلا منهم 30 طفلا عاديون، ( 50 ) طفلا من ذوي صعوبات التعلم، تراوحت أعمارهم ما بين 8- 12 سنة شملت الذكور - والإناث من طلاب مرحلة التعليم الابتدائي والمتوسط بالكويت.
أشارت نتائج الدراسة إلى أن الأطفال ذوي صعوبات التعلم يحصلون على درجات مرتفعة على أبعاد القلق النفسي (الانفعالي، الفسيولوجي، المعرفي) بينما يحصل الأطفال العاديون على درجات مرتفعة على أبعاد مركزية الذات (الاجتماعي/ المزاجي)، تقدير السلوك (شخصي، تآزر حركي، التوجيه، لغة منطوقة، فهم سماعي.
أشارت النتائج إلى أن ذكور الأطفال ذوي صعوبات التعلم يحصلون على درجات مرتفعة على بعد الجسمية (مركزية الذات ). وبعد السلوك الشخصي (تقدير السلوك)، بينما يحصل إناث الأطفال على درجات مرتفعة في القلق النفسي العام.
ولم تشر النتائج إلى وجود فروق بين الأطفال ذوى صعوبات التعلم باختلاف نوع المرحلة التعليمية ابتدائي، متوسط على أبعاد الدراسة، كذا باختلاف وجودهم بالفصول الدراسية (العادية والفصول الخاصة) على أبعاد الدراسة.
المصدر - الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية
دور الرسوم المتحركة في إكساب طفل ما قبل المدرسة بعض القيم المرغوب فيها
إعداد : ليلى سعيد الجهني - محاضر في قسم التربية وعلم النفس - كلية التربية للبنات في المدينة المنورة
مستخلص :
هدفت الدراسة إلى استكشاف الدور الذي قد تلعبه الرسوم المتحركة في إكساب طفل ما قبل المدرسة بعض القيم المرغوب فيها . ركزت الدراسة على ثلاث نقاط لتحديد الأبعاد التي يمكن من خلالها زيادة فعالية توظيف الرسوم المتحركة في إكساب طفل ما قبل المدرسة بعض القيم
المرغوب فيها. والنقاط هي :
-1 الطفولة المبكرة / 2. القيم / 3. الرسوم المتحركة.
المقدمة :
قد يشعر البالغون بالسخرية من أنفسهم عندما يستحوذ أحد أفلام الرسوم المتحركة على اهتمامهم، غير أنه ما أن تحين منهم التفاتة عابرة لاطفالهم حتى يجدوهم مسمرين أمام الشاشة يتابعون أحداث الفيلم باستمتاع وتركيز وانفعال (زكي، 1989 م، ص 149 ). ويرجع ذلك إلى أن الرسوم
المتحركة تستمد عناصرها الرئيسة من واقع الإنسان والحيوان والجماد، حيث يعمد فنانوها إلى تحريك تلك العناصر واستنطاقها بطريقة تخرج عن المألوف.
ولعل تعلق الأطفال بالرسوم المتحركة من الأمور التي تسهل ملاحظتها، إذ يحرصون على متابعة شخصياتها المتحركة الناطقة القادمة من عالم الإنسان، أو الحيوان، أو الجماد المعتمدة في معاجلتها الفنية على الإيقاع والحركة السريعين. إضافة إلى اللون والصوت، بغرض توضيح بعض الأمور
.( للطفل، وتعريفه بما قد ينفعه أو يضره في البيئة الواقعية المحسوسة المحيطة به (هندي، 1998 ص : 55
وتتفق نتائج أكثر من دراسة عربية على المكانة التي نختلها الرسوم المتحركة في نفوس الأطفال. ففي دراسة عبد الرحمن تبين أن ( 534 ) طفلا يمثلون ( 53.1 )% من أفراد العينة، ينهون واجباتهم المدرسية قبل بداية عرض الرسوم المتحركة؟ كي يتفرغوا لمشاهدتها (هندي. ص : 49 ). وفي دراسة الشال التي بلغ عدد أفراد عينتها ( 400 ) أفراد. وتراوحت أعمارهم بين ( 5) و( 15 ) عاما، كانت الرسوم المتحركة السبب الأول من أسباب إعجاب أفراد العينة ببرامج الأطفال المقدمة في التلفزيون المصري . كما أظهرت الدراسة نفسها، أن الرسوم المتحركة المسجلة على أشرطة الفيديو كادت تكون المادة الوحيدة التي يقبل عليها أفراد العينة، إذ اح تلت المرتبة الأولى بتكرار أكبر من تكرار ما يليها من مواد (الشال، 1987 م، ص : 138 ). وفي دراسة أجرتها شعبة مراقبة البحوث النفسية التابعة لوزارة التربية في الكويت، احتلت الرسوم u1575 المتحركة المرتبة الأولى بالنسبة للبرامج التي تجذب الأطفال مراقبة البحوث النفسية، 1990 م، ص: 170 ونظرا لهذه المكانة التي تحتلها الرسوم المتحركة لدى الأطفال، وإقبالهم على مشاهدتها ومتابعتها، فإن محطات التلفزة العربية الأرضية والفضائية تكرس لها حيزا لا يستهان به من الفترات المخصصة للأطفال وبرامجهم خلال دوراتها . فعلى سبيل المثال، تستحوذ الرسوم المتحركة على نسبة ( 66.7(% %)، من مجموع برامج الأطفال التي تقدمها القناة الأولى لتلفزيون المملكة العربية السعودية، خلال أيام الأسبوع. وترتفع تلك النسبة إلى ( 85.8 خلال نهاية الأسبوع وأيام الإجازات . وتبلغ نسبة الرسوم المتحركة ( 73.5 %)، من مجمع برامج الأطفال التي تقدمها قناة الكويت الفضائية . أما في قناة دبي الفضائية فتصل نسبتها إلى. ( 64.7 %) في حين تستحوذ الرسوم المتحركة التي تقدمها قناة سلطنة عمان الفضائية على نسبة ( 50 %)، من مجموع برامج الأطفال (معوض، 1994 م، ص : 7 وفي عام 1993 م قدمت محطات التلفزة اللبنانية، التي يبلغ عددها ( 13 ) محطة، عبر قنواتها المختلفة، خلال دورة أسبوعية واحدة، ( 96 ) فقرة من الرسوم المتحركة مقابل ( 4) فقرات محلية. في حين قدمت القناة السابعة التونسية، عام 1996 م خلال دوراتها البرامجية، ( 16 ) فقرة من الرسوم المتحركة مقابل ( 5) فقرات محلية (عبد الكافي، 1997 م، ص 1
وفي ظل قلة أفلام الرسوم المتحركة المنتجة عربيا، تتجه محطات التلفزة العربية إلى استيرادها من دول أجنبية على رأسها : اليابان، والولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وفرنسا (معوض، : 7). وقد أشارت دراسة أجريت في عدة د ول عربية إلى أن الرسوم المتحركة، احتلت المرتبة
.( الأولى في قائمة المواد التي تستوردها محطات التلفزة في تلك الدول، بنسبة بلغت ( 20.7 %) (العبد، 1989 م، ص: 79 وتكمن المشكلة في أن الرسوم المتحركة المستوردة، تحمل في طياتها قيم ومبادئ الحضارة التي أنتجتها. وقد تتعارض هذه القيم، مع تلك التي ينبغي للطفل العربي المسلم أن يتمثلها . وعندما تقترن هذه النقطة بما تتمتع به الرسوم المتحركة من جاذبية و إخراج متقن، يقرب شخصياتها من الطفل، ويجعل منها قدوة ومثلا يحتذيهما؟ ندرك مدى خطورة ما قد تتضمنه من قيم ضارة، يمكن أن تؤثر في الطفل، خاصة مع تكرار عرضها (انظر: كرم الدين، 1998 م، ص : 5 الحارثي و محمود 1995 م، ص 54 ). ويزداد تأثير الرسوم المتحركة المستوردة عندما تكون مدبلجة إلى اللغة العربية، إذ إن نطق شخصياتها بلغة الطفل، يضفي عليها u1602 قدرا أكبر من الصدق، ويضمن درجة أعلى من تمثله لقيمها (سليم، 1997 م، ص: 28 ولا ينبغي أن يغيب عن الأذهان أن الرسوم المتحركة تهيأ الطفل لتقبل ما تقترحه من قيم، عندما تقدمها عبر شخصيات محببة قريبة من عالم الطفل، بأسلوب درامي يعمد إلى استثارة مشاعره حتى يتعاطف معها . ومن هنا تنبع خطورة الرسوم المتحركة ، إذا لم تكن مبنية على أسس تربوية سليمة قوية نابعة من ثقافة وحاجات مجتمع الطفل المشاهد، خاصة أن الأطفال يتصفون بحكم تكوينهم بأنهم ذوو قدرات إدراكية وخبرات محدودة، تجعلهم يستجيبون للمثيرات التي يتعرضون لها دون تمحيص (هندي، ص: 7 وانطلاقا مما سبق، تسعى الدراسة الحالية إلى استشراف الدور الذي قد تلعبه الرسوم المتحركة في إكساب طفل ما قبل المدرسة بعض القيم المرغوب فيها، وذلك من خلال التركيز على المحاور التالية :
-1 الطفولة المبكرة : ويتناول هذا المحور تحديد المقصود بالطفولة المبكرة وأهميتها.
-2 القيم : ويتناول هذا المحور تعريف القيم، وتحديد أهميتها، وكيفية تكوينها.
-3 الرسوم المتحركة : ويتناول هذا المحور الكشف عن طبيعة القيم التي تحملها الرسوم المتحركة المقدمة للأطفال، وجاذبية الرسوم المتحركة، والرسوم المتحركة والتعليم، وصولا إلى تحديد الأبعاد التي قد تسهم في تفعيل تو ظيف الرسوم المتحركة في إكساب طفل ما قبل المدرسة القيم المرغوب فيها...
الاختلافات في أشكال اللعب الرمزي لدى عينة من أطفال ما قبل المدرسة وعلاقته بالاستعداد القرائي د. عزة خليل عبد الفتاح - مدرس بكلية البنات- قسم تربية الأطفال جامعة عين شمس
مقدمة : يفترض التربويون وجود علاقة مباشرة بين اللعب والتعلم، فاللعب يعتبر عملية ذات قوة تربوية بحيث يرى البعض أن التعلم سوف يظهر بصورة تلقائية. كما ترى "سوزان ايزاكس Susan Isaacs أن اللعب لبس فقط وسيلة يقوم من خلالها الأطفال باستكشاف عالمهم، ولكنها تراه أكثر من ذلك، إنه النشاط الذي يحقق التوازن النفسي في سنوات العمر المبكرة (نيفيل بينيت وآخرين، Nevill Bennett et al. 1997، 1، 3). كما اعتقد بياجيه (1951) أن اللعب هو أساس كل الأشكال العليا من الأنشطة العقلية، ولهذا فهو يعمل كجسر للمرور من الذكاء الحركي إلى ذكاء العمليات العقلية المعقدة والمجردة.
وهكذا يحتل اللعب مكانة حيوية في النمو العقلي عند الأطفال، بل ويستمر تأثيره حتى عند الكبار (جان بياجيه Jean Piaget 1951. 110، 113) ولذا فإن علماء النفس المحدثين يجمعون على أن اللعب يعتبر نقطة البدء للنمو المعرفي لدى الأطفال، وهم يرون أن الاستكشاف وأشكال التفكير الأخرى تنمو من أنشطة الأطفال التلقائية، ولذا فإن في مرحلة الطفولة المبكرة، لا يوجد تقسيم ما ببن اللعب والعمل في عقل الأطفال: فأيا ما كان يفعله، فإنه يتعلم منه، وما نطلق عليه لعبا، يعتبر في الواقع عملا، فالطفل يركز بكل حواسه على النشاط الذي يشترك فيه بكل كيانه. إن هذا التركيز هو ما يجعل من الموقف شاملا للتعليم واللعب في آن واحد (كاثلين مانينج وآخر Kathleen Maning، 1992، 12).
فاللعب يمكن الأطفال من:
- استكشاف عالمهم.
- وأن ينمو الفهم الاجتماعي والثقافي.
- ويعاون الأطفال على التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم.
- ويتيح الفرص لحل المشكلات.
- كما يساعد على تنمية اللغة ومهارات ومفاهيم القراءة والكتابة.
وترى "ايزنبيرج" أن اللعب يساهم في نمو الأطفال من زوايا متعددة، فهو يساهم في النمو المعرفي، والنمو اللغوي، والنمو الاجتماعي، والنمو الانفعالي، ونمو الابتكار، والنمو الحركي (ايزينبرج وآخر، Isenberg et al. ،1993، 35).
إن هذه المعتقدات السابقة حول دور اللعب في التعلم وقيمته، وأهمية دمجه داخل برامج ومناهج مرحلة ما قبل المدرسة، تعتبر شائعة ومستقرة لدى التربويين، إلا أنه من الواجب ألا نغفل أن هذه المعتقدات حول دور اللعب في التعلم، لم تكن في الواقع وليدة للأدلة التجريبية، وبالتالي فإن موقع اللعب في المناهج، والمساحة التي يحتلها اللعب قد ظلا يمثلان إشكالية (نيفيل بينين وآخرين، 1997، 1) أن دراسة لعب الأطفال قد اعتبر بمثابة "البقرة المقدسة" من حيث ارتباطه بنمو الأطفال والتربية في الطفولة المبكرة عموما. فالافتراض القائل بأن اللعب له دور هام في النمو، بالرغم من وجود أدلة تجريبية قليلة على ذلك، يعتبر مثالا على هذا الموقف.
وبالمثل فإن المؤسسات المعنية بالطفولة المبكرة مثل "المنظمة الدولية لتربية الأطفال الصغار" National association for the education of young children تزعم بأن الأطفال الصغار يتعلمون بصورة أفضل من خلال اللعب. ومن جديد نجد أن هذه المقولة تستند إلى أد