أسباب عملية، إعادة النظر بالفلسفة- بيير بورديو
بيير بورديو (1 أغسطس 1930 – 23 يناير 2002) عالم اجتماع فرنسي وأحد أبرز المراجع العالمية في علم الاجتماع. بدأ نجمه يبزغ بين المتخصصين انطلاقًا من الستينيات بعد إصداره كتاب الورثة (مع جون كلود باسرون)وكتاب إعادة الإنتاج (مع المؤلف نفسه)، وخصوصا بعد صدور كتابه التميز/التمييز في نهاية السبعينيات؛ وازدادت شهرته في آخر حياته بخروجه في مظاهرات ووقوفه مع فئات المحتجين والمضربين. اهتم بتناول أنماط السيطرة الاجتماعية بواسطة تحليل مادي للإنتاجات الثقافية يكفل إبراز آليات إعادة إنتاج البنيات الاجتماعية، وذلك بواسطة علم اجتماعي كلي يستنفر كل العتاد المنهجي المتراكم في كل مجالات المعرفة عبر اختلاف التخصصات
انتقد بورديو تغاضي الماركسية عن العوامل غير الاقتصادية، إذ أن الفاعلين المسيطرين، في نظره، بإمكانهم فرض منتجاتهم الثقافية (مثلا ذوقهم الفني) أو الرمزية (مثلا طريقة جلوسهم أو ضحكهم وما إلى ذلك). فللعنف الرمزي (أي قدرة المسيطرين على الحجب عن تعسف هذه المنتجات الرمزية وبالتالي على إظهارها على أنها شرعية) دور أساسي في فكر بيير بورديو. معنى ذلك أن كل سكان سوريا مثلا بما فيهم الفلاحون سيعتبرون لهجة الشام مهذبة أنيقة واللهجات الريفية غليظة جدًّا رغم أن اللهجة الشامية ليست لها قيمة أعلى بحد ذاتها. وإنما هي لغة المسيطرين من المثقفين والساسة عبر العصور وأصبح كل الناس يسلّمون بأنها أفضل وبأن لغة البادية رديئة. فهذه العملية التي تؤدي بالمغلوب إلى أن يحتقر لغته ونفسه وأن يتوق إلى امتلاك لغة الغالبين (أو غيرها من منتجاتهم الثقافية والرمزية) هي مظهر من مظاهر العنف الرمزي.
يرى بورديو أن العلاقات الاجتماعية، في المجتمعات الحديثة، تنقسم إلى حقول، أي فضاآت اجتماعية أساسها نشاط معيَّن (مثلا: الصحافة، الأدب، كرة القدم إلخ) يتنافس فيها الفاعلون لاحتلال مواقع السيطرة (مثلا، يريد الصحافي أن يشتغل في أنفذ جريدة وبعدها يحاول أن يحصل على أعلى منصب في تلك الجريدة...). فعلى غرار التصور الماركسي، يبدو العالَم الاجتماعي، عند بورديو، ذا طبيعة تنازُعيَّة، بيد أنه يؤكد أن التنازعات المكونة للعالم الاجتماعي تخص مختلف الحقول وليست مجرد صراع بين طبقات معينة وثابتة(على سبيل المثال ليست بين الاغنياء والفقراء فقط بل بين الاغنياء والاغنياء وأيضا بين الفقراء والفقراء).
الهابتوس من المفاهيم الأساسية في العمل النظري عند بورديو. ويتحدد باعتباره نسق الاستعدادات الدائمة والقابلة للنقل التي يكتسبها الفاعل الاجتماعي من خلال وجوده في حقل اجتماعي بالعالم الاجتماعي حيث يعيش. ويترجم هذا المصطلح في العربية بلفظ التطبع أو السجية أو السَّمْت. ولعل اللفظ الأخير أقرب لأداء المعنى المطلوب، من حيث إنه يدل أصلًا على الهيئة/الْحال، على الرغم من أن لفظ المَلَكة كما استعمله بالخصوص ابن خلدون يمكنه أداء المعنى نفسه. ويلعب هذا المفهوم دورا مركزيا في عمل بورديو النظري، إلى جانب مفهوم الحقل والعنف الرمزي. فالفاعل الاجتماعي يكتسب، بشكل غير واع، مجموعة من الاستعدادات من خلال انغماسه في محيطه الاجتماعي تمكِّنه من أن يكيف عمله مع ضرورات المعيش اليومي (مثلا، يطور الفلاح عادات ذهنية وسلوكية معينة يطبقها على كل المشاكل التي يواجهها في وسطه). ويختلف الهابتوس باختلاف الحقول التي هو طرف فيها وباختلاف الموقع الذي يحتله الفاعل الاجتماعي في مجاله الخاص.
ظل بورديو يؤكد أن مكتسبات البحث العلمي يجب أن تسلط على تحليل شروط اشتغال الباحث نفسه بما هو ذات منتجة للمعرفة، أي لا بد من ممارسة تفكير انعكاسي على ضوء نتائج العلم، خصوصا العلم الاجتماعي. ومن هنا تأتي ضرورة أن يقوم الباحث الاجتماعي بتحليل عملَه وخطابه ونشاطه تحليلا انعكاسيًا (ذاتيًا). ولعل أبرز تطبيق لهذا يوجد في كتاب الإنسان الأكاديمي الذي تناول فيه بورديو مجموع الشروط التي تحدد بروز واشتغال المتخصص كأستاذ جامعي أو مثقف أكاديمي. وتتمثل أهمية الانعكاسية في كونها تجعل الباحث يستعمل الاكتشافات المترتبة على ممارسته العلمية ليغربل دوره وليكشف العوامل الناتجة عن تاريخه الشخصي التي تشرط حاله كذات مفكرة والتي تؤثر على ممارسته العلمية وتشوش رؤيته للمجتمع بدون وعي في غالب الأحيان. ولذا يعد التحليل الانعكاسي شرطًا لا غنى عنه لكل ممارسة علمية حقيقية.
أنتج بيير بورديو أكثر من 30 كتابًا ومئات من المقالات والدراسات التي ترجمت إلى أبرز الألسن في العالم والتي جعلته يتبوأ مكانة بارزة بين الأسماء البارزة في علم الاجتماع والفكر النقدي منذ نهاية الستينيات من القرن الماضي.
اجتماعيات الجزائر (1958)
الوَرَثَة. الطلبة والثقافة (1964)
إعادة الإنتاج. أصول نظرية في نظام التعليم (1970)؛
التمييز-التميز. النقد الاجتماعي لِحُكم الذوق (1979)؛
الْحِس العملي (1980)؛
ما معنَى أن تتكلم. اقتصاد التبادلات اللغوية (1982)؛
درس في الدرس (1982)؛
مسائل في علم الاجتماع (1984)؛
الإنسان الأكاديمي (1984)؛
أشياء مَقُولة (1987)؛
الأنطولوجيا السياسية عند مارتن هيدغر (1988)؛
إجابات. من أجل انسيات انعكاسية (1992)؛
قواعد الفن. تكوُّن وبنية الْحقل الْأدبي (1992)؛
بؤس العالَم (1993)؛
عِلَلٌ عَمَلية. في نظرية الفعل (1994)؛
في التلفزة (1996)؛
تأملات باسكالية (1997)؛
السيطرة الذكورية (1998)؛
البنيات الاجتماعية للاقتصاد (2000)؛
علم العلم والانعكاسية (2001)؛
تدخلات. العلم الاجتماعي والعمل السياسي 1961-2001، (2002)؛
حفلة رقص العُزَّاب: أزمة المجتمع القروي ببيارن، 2002؛
توطئة لتحليل-ذاتي (2004)؛
أعماله المترجمة إلى العربية
درس في الدرس (عبد السلام بنعبد العالي)،1986؛
حرفة عالم الاجتماع (نظير جاهل)، 1993؛
العنف الرمزي. بحث في أصول علم الاجتماع التربوي (نظير جاهل)،1994؛
أسئلة علم الاجتماع (إبراهيم فتحي)، 1995؛
أسئلة علم الاجتماع. في علم الاجتماع الانعكاسي (عبد الجليل الكور)،1997؛
قواعد الفن (إبراهيم فتحي)، 1998؛
عن التلفزيون وآليات التلاعب بالعقول (درويش الحلوجي)، 1999 ؛
أسباب عملية، إعادة النظر بالفلسفة، (أنور مغيث)، 1998؛ ثم بعنوان:العقلانية العملية. حول الأسباب العملية ونظريتها (عادل العوا)، 2000؛
السيطرة الذكورية (أحمد حسان)،2001 ؛
بؤس العالم (محمد صبح)، 2001 ؛
إعادة الإنتاج، (ماهر تريميش)، 2008؛
:arrow: :arrow: :arrow: :arrow:
http://www.4shared.com/document/PJ1q-LKC/____-__.html?