الخطابات الدينية والمذهبية تمثل أحد أبرز التعبيرات عن حالة الفكر الديني في المجتمعات المتعددة الأديان ، من حيث التجديد أو الجمود أو الغلو ، ومدى قدرة منتجي الخطابات - أيا كانوا - على طرح القضايا الفقهية والمجتمعية التي تثيرها الحياة المعاصرة بكل تعقيداتها ، والتي تطرح أسئلة وإشكاليات عديدة يواجهها المواطنون في الدولةالحديثة والمعاصرة ، في ظل تعقيدت وتشابكات بين عديد المتغيرات ، والأبعاد الشخصية والجماعية و " الطبقية " ، وبين الجوانب الوطنية والإقليمية والعولمية ، وهي أمور تزداد تداخلا وتركيبا في عصرنا .
ان الخطابات الدينية هي مرآة عصرها وعلامة عليه في مجتمع ما ، ولاسيما المجتمعات العربية الإسلامية التي تواجه موجات متتالية من الغلو الديني ، والتشدد والعنف اللفظي والمادي الذي مارسته بعض الجماعات الإسلامية الراديكالية .ثمة تراجع لخطابات التجديد الفقهي والدعوي لصالح تيار غلاب يعيد إنتاج وترداد منظومة من الأفكار والتفسيرات والتأويلات الدينية الوضعية البشرية تتسم بالتزمت وإعادة إنتاج القضاياوالأسئلة والآراء والإجابات القديمة التي طرحت في مراحل تاريخية ماضية ، ولايزال بعض منتجي الخطابات الدينية الوضعية يعيد تكرارها !
ثمة انتقادات وجهت ولاتزال لبعض الفكر والخطابات الدينية الإسلامية ، التقليدية بأنها تقف عقبة إزاء مشروعات وعمليات التنمية الإقتصادية والإجتماعيةوالثقافية .. إلخ .
من هنا شكل ولا يزال موضوع الخطاب الإسلامي والتنمية في المجتمع المصري أحد أهم قضايا الخطاب الديني والدرس الأكاديمي حوله .
كتاب الخطاب الإسلامي والتنمية في المجتمع المصري للدكتورة نجلاء محمود المصيلحي ، - وهو في الأصل أطروحة دكتوراه في علم الإجتماع - مقاربة جادة لموضوع نظريا ، وفي دراسة مؤسسات إنتاج الخطاب الإسلامي الرسمي ، وغير الرسمي ، ثم تحليل كمي وكيفي للخطاب الإسلامي إزاء قضايا التنمية الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والسياسية في بلادنا دراسة جادة تحتاج إليها المكتبة العربية ..