الباحث: أ / ريما علوي حسن القديري
الدرجة العلمية: ماجستير
الجامعة: عدن
الكلية: الآداب
القسم: علم الإجتماع
بلد الدراسة: اليمن
لغة الدراسة: العربية
تاريخ الإقرار: 2006
نوع الدراسة: رسالة جامعية
ملخص الدارسة:
هدفت الدراسة إلى التعرف على العلاقة بين التنشئة الأسرية والانحراف وكذا معرفة الأسباب التي تؤدي إلى ضعف عملية التنشئة الأسرية وتحديد أثار وانعكاسات الانحراف على الفرد والأسرة والمجتمع.
فقد استخدمت الدراسة المنهج الوصفي والتحليلي للكشف عن التغيرات التي طرأت على طبيعة وبنية الأسرة ووصف وتشخيص التنشئة الأسرية وعلاقتها بالانحراف الاجتماعي والمنهج المقارن لإبراز أوجه الشبة والاختلاف بين الاتجاهات والقيم المختلفة للوالدين والأبناء بالإضافة إلى دراسة الحالة التي تعد جزء من هذه الدراسة والتي تقوم على أساس التعمق في دراسة الظاهرة وتساعد على تحديد مختف العوامل التي تؤثر فيها وتكشف عن العلاقات السببية بين أجزائها،كما أسندت الدراسة للحصول على البيانات والمعلومات من المصادر الأولية على أسلوب التحليل الإحصائي واستخدام الاستبانة والمقابلة لجمع البيانات عن متغيرات الدراسة الميدانية وذلك من عينة تتكون من ( 100) طالب من الذكور وأسرهم مأخوذة من طلاب محافظة أبين مديرية زنجبار " مجتمع الدراسة " والذي بلغ أجمالي الطلاب والطالبات طبقاً لإحصائية عدد الطلاب في مكتب التربية والتعليم مديرية زنجبار للعام الدراسي 2004- 2005 م ( 7574 طالب وطالبة ) منهم (3805) طالب مستخدمة في ذلك العينة العشوائية المقصودة وقد حوت الاستبانة على 53 سؤال موزعة على:-
المحور الأول: 30 سؤال على الطلاب عينة الدراسة).
المحور الثاني:- 23 سؤال على أسرة الطلاب (عينة الدراسة).
وقد خلصت الدراسة إلى أن تأثير التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية ساعدت على الانحراف من حيث أن انتشار رقعة الفقر وانخفاض دخل الأسرة وارتفاع عدد أفراد الأسرة والوضع الاجتماعي والتعليمي وصعوبة الحياة المعيشية التي تعيشها الأسرة بالإضافة إلى تراجع أدوار مؤسسات التنشئة الاجتماعية الأخرى وضعف دور المدرسة ووسائل الأعلام ومؤسسات الضبط الاجتماعي التقليدية والحديثة أثرت بشكل سلبي على تربة الناشئة الأمر الذي أوجد تربة خصبة لانحراف الطلاب في مجتمع الدراسة.
المقدمة:
تعد الأسرة من أهم الجماعات المرجعية المسئولة عن تربية الجيل وتقويمه والارتقاء به إلى مستويات ترتقي إلى طبيعة التحديات والأخطار التي تهدد استقرار الأسرة وأمنها الاجتماعي وتنميتها وحاضرها ومستقبلها، وتهدف عملية التربية الأسرية إلى تعميق المسئولية الاجتماعية عند الأبناء، تلك المسؤولية التي تجعلهم مدركين للمهام والواجبات التي تناط بهم، مستوعبين لطبيعة المرحلة الحضارية التاريخية التي يمر بها مجتمعهم، مسلحين بالوعي الاجتماعي والسياسي الذي يمكنهم من درء الأخطاء ومواجهة الصعاب وملمين بماهية ما ينتظره المجتمع منهم من أعمال وتضحيات جسيمة وعطاءات غير محدودة تضمن مسيرة المجتمع نحو تحقيق أهدافه العليا.
إن المسؤولية الاجتماعية التي ينبغي أن تنميها الأسرة عند أبنائها منذ السنوات المبكرة لحياتهم تكون عبر عملية التنشئة الأسرية هذه العملية التي تتكون من مراحل نظامية كل مرحلة منها تسهم في تعليم الناشئة المهارات الاجتماعية ولعب الأدوار الوظيفية وبلورتها في شخصياتهم واكتساب القيم الحميدة ونبذ السلوكيات والقيم الضالة، المنحرفة، والتمرس على الأعمال الجيدة وأدائها على نحو ينمي المجتمع ويمكنه من بلوغ الأهداف المتوخاة علماً بأن الأسرة كمؤسسة اجتماعية ليست وحدها مناطة بمهمة بلورة المسؤولية الاجتماعية عند الأبناء بل هناك مؤسسات أخرى تسهم في هذه العملية، وهي المدرسة وجماعة الأصدقاء والنادي ودور العبادة ووسائل الأعلام والبيئة الاجتماعية المتمثلة في هذه المؤسسات التي تعمق الوعي الاجتماعي والثقافي عند الأبناء حتى تجعل منة كائناً اجتماعياً يستجيب للمؤثرات البيئية ويخضع لأحكامها ونظمها وان التعاون والتنسيق بين هذه المؤسسات ينبغي أن يكون موجوداً عند قيام هذه المؤسسات بزرع مفردات المسؤولية الاجتماعية عند الناشئة لكي تكون هذه المفردات موحدة وفاعلة في التأثير على قيمهم وممارسا تهم وعلاقاتهم الاجتماعية.
وتلعب الأسرة دوراً كبيرا لما لها من أهمية في عملية التنشئة الاجتماعية السليمة والإشباع العاطفي والتأثير على شخصية الطفل والعمل على تدعيم المعايير المرتبطة بأدوار السلوك وتثبيت المعتقدات العامة المشتركة بالإضافة إلى الضبط الاجتماعي المتمثل بقيود وقواعد منظمة للسلوك تمارسه الأسرة بما يتناسب مع قيم المجتمع بحيث تحول هذه القيم من ارتكاب الأبناء للانحرافات.
وفي ضوء ذلك فقد أشارت الدراسة الميدانية إلى أن التأثير السلبي للتنشئة يلعب أيضاً دور كبير في عدم إخضاع الأبناء للقواعد المنظمة للسلوك واستجابتهم للمؤثرات البيئية السيئة، فضعف أساليب التنشئة الأسرية والجهل بالأساليب الصحيحة والسليمة في تنشئة الأبناء يؤدي إلى تدمير وإفساد عقولهم، كما أن ضعف الإمكانات المادية والاجتماعية والثقافية عند الأسرة تجعلها غير قادرة على تربية الأبناء وزرع قيمة المسؤولية الاجتماعية لديهم، إذ تضعف هذه الإمكانات دور الأسرة في عملية التنمية الاجتماعية وتطلق العنان للجماعات الأخرى وخاصة جماعة اللعب في التأثير السيئ على سلوك الأبناء وعلاقاتهم وقيمهم، كما أن انتماء الأبناء إلى جماعات مؤسسية أو مرجعية كالمدارس والمساجد والإعلام والمجتمع المحلي، وغيرها من الجماعات التي تزود الأبناء بخبرات وتجارب ومعلومات تتناقض مع الخبرات والمعلومات التي تزود بها الأسرة الأبناء الأمر الذي يجعلهم لا يتمسكون بقيمة المسؤولية الجماعية التي تغرسها الأسرة والذي قد تختلف قيمتها عند جماعة أخرى فيحدث التصادم والتقاطع بين قيم الأسرة وقيم الجماعات الأخرى، وهذا التقاطع يؤدي بدوره إلى تصدع شخصية الأبناء وضعف قدرتهم على بناء المجتمع. فالتنشئة الأسرية عملية لها أهمية ودور كبير في إكساب الأبناء القيم والاتجاهات والخصائص الاجتماعية التي تحقق النتيجة المرجوة وتهدف إلى الأعداد من أجل قيام الأبناء بأداء أدوارهم المستقبلية الناجحة.
وقد حوت الدراسة سبعة فصول، خصص الفصل الأول للاطار النظري للدراسة الذي شمل على موضوع الدراسة وأهميته، أهداف الدراسة وفرضياتها ومناهجها، والمفاهيم والمصطلحات العلمية التي تتعلق بالتنشئة الاجتماعية والتنشئة الأسرية، والانحراف الاجتماعي وانحراف الأحداث.
وركز الفصل الثاني على الاتجاهات النظرية في دراسة التنشئة الأسرية منها نظرية التحكم والسيطرة التي أشارت إلى أن العلاقات الأسرية الوطيدة تقلل من الانحرافات، ونظرية تصدع المعايير عند دور كايم، ونظرية البناء الاجتماعي اللا معيارية لروبرت ميرتون. كما تطرق هذا الفصل إلى أهم نتائج الدراسات السابقة اليمنية والعربية والأجنبية التي تناولت موضوع ومشكلة الدراسة.
ويهتم الفصل الثالث بموضوع التنشئة الاجتماعية ومؤسساتها الفكرية والتربوية اهنتم ببحث هذه الأنماط، لأن الأسرة لم تعد المؤسسة الوحيدة التي تقوم بعملية التنشئة الاجتمكاعية بل تشاركها في هذه العملية مؤسسات فكرية وتربوية رسمية وغير رسمية (منها المدرسة وجماعة الرفاق، ووسائل الإعلام (التلفاز)، والمؤسسات الدينية) ومؤسسات أخرى تؤثر سلباً وإيجاباً في وظيفة الأسرة ودورها التربوي بالإضافة إلى أهداف وأساليب التنشئة الاجتماعية.
أما الفصل الرابع فقد وجه الانتباه إلى واقع التنشئة الأسرية في اليمن مشيراً إلى معوقات النتشئة، واهم المتغيرات التي طرأت على الأسرة اليمنية، ودور الأسرة وأنماطها المختلفة في عملية التنشئة، والانحراف وأسبابه.
ويهتم الفصل الخامس والسادس والسابع بالدراسة الميدانية، حيث تناول الفصل الخامس خطوات الدراسة الميدانية وإجراءاتها، وفي الفصل السادس تناول خصائص أفراد عينة الدراسة، والفصل السابع انفرد بمعرفة اتجاهات ومواقف أفراد عينة الدراسة المبحوثة تجاه التنشئة الأسرية وأثرها على انحراف الطلاب في المدارس.
وحقيقة أن هناك بعض الصعوبات التي واجهت الباحثة في مقابلة العينات وأسرهم، لعل من أهمها جمع المعلومات الميدانية من المبحوثين الذين لم يكونوا في منطقة واحدة! بل كانوا في مناطق متباعدة الأطراف، الأمر الذي جعل الباحثة تنتقل من منطقة إلى أخرى بحثاً عن الطلاب عينة الدراسة وأسرهم التي شملتهم الدراسة الميدانية.
وقد وجدت الباحثة صعوبات في مقابلة أسر الطلاب عينة الدراسة، ومن ثم الحصول على المعلومات التي تؤثر في الإجابات التي يمكن أن تدلي بها الأسر المبحوثة للباحثة.
ولقد كانت المقابلات الميدانية للطلاب عينة الدراسة المبحوثة وأسرهم تتم على مرحلتين: أولاً مقابلة الطلاب في مدارسهم، وثانياً الانتقال لمقابلة أسرهم في المنازل، وتلك المقابلات جعلت الباحثة تنتقل من منطقة (قرية) ريفية إلى أخرى، وقد تكبدت الباحثة عناء الجهد والوقت أثناء التنقل، غير أن هدف البحث كان أسمى من كل الجهود المضنية التي بذلتها الباحثة في جمع المعلومات وتصنيفها وتحليلها.
أولا: موضوع الدراسة وأهميته
يتزايد الاهتمام يوم بعد يوم بدور الأسرة في التنشئة الاجتماعية وعلاقتها بانحراف الأبناء، ولما للانحراف من تأثير بصورة عامة على المجتمع، فأن دراسة التنشئة الأسرية بدأت تتفق تماماً مع ما انتهت إليه أراء علماء النفس والاجتماع والأنتربولوجيا والدراسات السيكولوجية من أهمية الأسرة والتفاعل الأسري في حياة الأبناء إذ تعتبر الأسرة هي أول من يتلقى الطفل وينشئه، كما أنها الوسيط التربوي الذي يقوم بنقل التراث الاجتماعي والثقافي من المجتمع إلى الأبناء وتستمر في حياة الأبناء ليس في مرحلة الطفولة فقط بل يمتد أثرها طوال حياته. ويبدو أن ما يسود المجتمع من قيم ومعايير اجتماعية ينعكس على وضع الأسرة ومعاييرها الأخلاقية ويؤثر في أساليبها عند التعامل مع الأبناء، وكذلك الحال بخصوص مستوى الأسرة المعيشي الذي يؤثر عادة بالنظام الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع، وينعكس بشكل أو بآخر على أساليب تنشئتها لأبنائها، ومن ثم على سلوكيات الأبناء وشخصياتهم مستقبلاً([1]).
وتأتي أهمية هذه الدراسة كونها تكشف عن أسباب الانحراف المرتبطة بالأسرة كإحدى أهم مؤسسات التنشئة الاجتماعية، كما تكمن أهميتها في أنها تتجه نحو الفئة التي تركز عليها المجتمعات البشرية والتي تجعل من الأبناء مشروع مستقبل تدعمه القيم والمعارف التي تمرر إليه من خلال مؤسسات التنشئة الاجتماعية.
إن الدراسات اليمنية السابقة حسب علم الباحثة لم تتطرق إلى أسباب الانحراف المرتبطة بالأسرة كإحدى أهم مؤسسات التنشئة الاجتماعية، حيث أن بعض الدراسات قد ركزت على التغيرات الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع..
وتجدها الباحثة ضرورة لتكشف عن تلك الأسباب لتشكل تمهيد لعمل مقارنة مع الدراسات السابقة المتعلقة بالموضوع، وذلك من أجل وضع معالجات لهذه الظاهرة.
ثانياً: أهداف الدراسة:
إبراز الدور الذي تقوم به الأسرة في تنشئة الأبناء.
التعرف على العلاقة بين التنشئة الأسرية والانحراف.
معرفة الأسباب التي تؤدي إلى ضعف عملية التنشئة الأسرية.
تحديد أثار وانعكاسات الانحراف على الفرد والأسرة والمجتمع.
وضع بعض التصورات الهادفة للدفع بالتنشئة الأسرية الإيجابية للحد من انحراف الأبناء.
ثالثاً:- فرضيات الدراسة:-
تؤدي التنشئة الأسرية السلبية إلى انحراف الأبناء.
عدم اشباع الحاجات الاقتصادية الاجتماعية والنفسية عند الأبناء يؤدي إلى الانحراف
تلعب مؤسسات التنشئة الاجتماعية "المدرسة، الجامع، الإعلام، رفاق اللعب.دوراً في عملية الانحراف.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - مصطفى الخشاب، علم الاجتماع العائلي، الدار القومية، القاهرة، 1966م، ص11.