لو أردنا القرب من حضارة مصر القديمة فيجب علينا أولا وقبل أي شئ القراءة في المعتقدات الدينية والفلسفات الإلهية التي كانت تشكل وجدان وكيان المصري القديم بدئا من الملك الفرعون العظيم حتى راعي أو زارع حرث أرضه في علاء الشمس. حيث أن الدين كان القوة المسيطرة على المصري القديم وحتى أدبه وفنه وقصصه كلها بالتقريب قد أستمدت من الدين والآلهة. هيا بنا نتعرف على بعض الآلهة التي كان يؤمن بها المصري القديم مثل: آلهة السماء - آلهة الشمس - آلهة الزرع - الآلهة الحيوانية - آلهة العلاقات الجنسية - الآلهة البشرية - أوزير - إيزيس وحورس - الآلهة الصغرى - الكهنة - عقيدة الخلود - "
كتاب الموتى"
إن عبادة الإله
حور هي من أقدم المعبودات المصرية ، ودخلت مصر من الجنوب عن طريق
النوبة ، وعبادة الإله
أوزيريس يرجع أصلها إلى بلدة
أبو صير القريبة من
سمنود . وعبادة إله
الشمس رع يرجع أصلها إلى بلدة
عين شمس القريبة من
القاهرة. ومن المحتمل أن الجنس الجديد قد زحف على البلاد من شمال
سوريا عن طريق
فلسطين و
سيناء وأحضر معه مدنية أرقى من مدنية الجنس الأصلي الحامي الذي لم يعرف إلا الآلات والأواني الحجرية. أما الغزاة أو النازحون ، فيقال أنهم أدخلوا الى البلاد معرفة
المعادن وبحاصة
النحاس ، و
السياسة . وقد اتفقت المصادر التاريخية على أن الملك
مينا هو أول حاكم موحد . ونجد اللغة والزراعة والديانة التي نمت وترعرت في البلاد مصبوعة بصبغة أهلها الأصليين منذ أقدم عهودهم ، ولكنها مدينة للآسيويين الفاتحين بإحضار الحيوانات المنزلية
كالثور و
الخنزير و
الحمار و
الماعز ، وكذلك استحضار أقدم الحبوب مثل
الشعير و
القمح.
كانت الجماعات أو القبيلة في حالتها الساذجة تلتف حول صورة
حيوان أو
نبات سواء أكان حقيقيا أو رمزيا ، وكانت تتخذ ذلك لها بمثابة
إله أو
وثن تعبده ، وبعد ذلك أخذت القبائل تتجمع وكونت مدنا لكل منها حكومتها.
وهذه المقاطعات كانت في بادئ الأمر مستقلة ، وان كان حكامها لم يطلق عليهم الملوك ، وتجمعت مقاطعات الوجه البحري إلى مملكتين ، الأولى في الغرب وعصامتها
بحدت وربما كانت هي نفسها
دمنهور حاليا ، والثانية في الشرق وعاصمتها
أبو صير بالقرب من
سمنود حاليا. وكان اله المملكة الأولى
حور واله الثانية
عنزتي وقد صار
أوزيريس فيما بعد. واندمجت هاتان المملكتان في مملكة واحدة أطلق عليها الوجه البحري وكانت العاصمة الجديدة في بادئ الأمر
سايس صا الحجر الحالية في
الغربية مركز
كفر الزيات ، وكانت الإلهة الرسمية
نبت ، ثم أصبحت العاصمة فيما بعد
بحدت في
دمنهور ، وكان الإله الرسمي فيها هو
حور.
وفي الوقت الذي اتحدت فيه
الدلتا إلى مملكة واحدة ، تكونت مملكة أخرى في الوجه القبلي مؤلفة من اتحاد عدة مقاطعات عاصمتها بلدة
نقادة على مسافة كبيرة من شمالي
الأقصر ، وكان الإله المعترف به هو
ست مناهض الإله
حور ، والظاهر أن الدلتا كانت أقوى من
الصعيد ، ولذلك كان ملوك الدلتا أول من فكروا في اتحاد كل
مصر تحت سيطرة حاكم واحد. ووحدثت أول ثورة مصرية في الوجه القبلي في
نقادة و
امبرس (
البلاص حاليا) احتجاجا على تسلط الدلتا وانفصل شطراها عن بعض ، فأصبح الوجه البحري للإله حور والوجه القبلي للإله ست وأصبحت مملكة حور أكثر بطشا من مملكة أوزير حتى أنها توصلت إلى إخضاع مملكة ست في الوجه القبلي وقامت بتنظيم وحدة البلاد متخذة عين شمس عاصمة للملك.
ويبدو أن بعض الألهة في الوجه البحري مثل أوزير وحو قد انتقلوا حاملين معهم اسم محل عبادتهم إلى الوجه القبلي. ولذلك نجد اسم المدينة مكررا في القطرين ، فنجد مثلا بلدة عين شمس في الوجه البحري تحت اسم هليوبوليس وبلدة اخرى تحمل نفس الاسم في الوجه القبلي وهي أرمنت وهكذا. ثم قامت عين شمس تطفي نار ثورة دينية في الأشمونيين في مصر الوسطى ، وقد كان الغرض من هذه الثورة أن تحل عبادة إلهها محل عبادة الشمس.
ثم ظهرت مملكتان مستقلتان من جديد في البلاد ، الأولى في الوجه البحري وعاصمتها
بوتو المعروفة الآن
بتل الفراعنة في شمال
دسوق ، والثانية في الوجه القبلي وعاصمتها
قفط ثم
نخن وهي المعروفة الآن باسم
الكوم الأحمر في اتجاه
الكاب ، غير أن حور ابن أوزير وهو الذي أخضع نهائيا الوجه القبلي متغلبا على ست ، أصبح الإله الرسمي لكل من هاتين المملكتين.
وقد وحدت البلاد من جديد للمرة الثالثة والأخيرة تحت سلطان عظيم من عظماء أهالي طيبة بالقرب من
العرابة المدفونة مركز
البلينا. وقد جاء ذكر هذا العظيم في جدول الملوك الذي كتب في عهد الدولة الحديثة باسم
مينا ، وقد أطلق عليه اليونان لفظ
مينيس. وقد بنى عاصمة جديدة على مقربة من
عين شمس العاصمة القديمة ، وقد سماها
من-نفر أي الميناء الجميل وهي التي أطلق عليها اليونان اسم
منفيس (
البدرشين و
ميت رهينة) وكان الاله
بتاح هو الإله المحلي. ولم يذك رالمصريون إلا أن ملوك الوجه القبلي كانت عاصمتهم نخن. وملوك عاصمة الوجه البحري كانت بوتو ويعرفون كذلك أن ملك الوجه القبلي كان يليس التاج الأبيض وكانت تحميه الألهة
النسر نخبت ملك الوجه البحري كانت يلبس التاج الأحمر وتحميه الألهة الصل
وزيت أي
الثعبان. وذكر إسم مينا ضمن الملوك بحجر بلرم وذلك لأنه محفوظ في بلرمو عاصمة صقلية.
منذ عهد
الأسرة الطينية حوالي
3200 ق.م –
3000 ق.م نرى الأشكال الإلهية المركبة مثل رأس
حيوان وجسم
إنسان والعكس ويفسر لنا بوضوح انتقال الرمز الى اله بعيد ، كما نشاهد اله العاصمة متميز عن رمز المقاطعة.
وكانت العاصمة تسمى البيت "بر" أو القصر "حت" أو المدينة "فوت" أو الهيكل "زبات" أو المحراب "سخم" أو العمود "إيون" أو الصولجان "واست" للإله كذا. تسمى عاصمة المقاطعة بيت الإله مثال ذلك بوزريس معناها بيت أوزير وبوباسطة وعناها بيت الإلهة
باست.
ديانة القوم أساسها ديانات المقطاعات المختلفة ، وكل اله كانت له منطقة نفوذ ثابتة محدودة في بادئ الأمر ، وهناك آلهة ذات الأهمية النسبية تشاطر الإله الأعظم العبادة بصفتها إما زوجا له أو إبنا ، وأحيانا كان لها عبادة مستقلة وسلطان. فالإلهة
حكت التي كانت تتقمص
ضفدعة لها أهمية عظمى بصفتها إلهة السحر وإلهة الولادة والبعث. و
مالك الحزين الذي سماه اليونان
الفنكس واسمه بالمصرية
بنو كان مقر عبادته وتقديسه عين شمس وكهنة هذه الجهة كانوا يرون فيه إما الإله أوزير أو روح الإله رع. وفي طيبة نجد الألهة العظيمة
موت و
رت أي الأم العظيمة وتقصد بصفتها زوجة للإله آمون وكذلك نجد
خنسو ابنا لموت وآمون ومنهم جميعا تألف
ثالوث طيبة.
والآلهة عند قدماء المصريين كئنات معينة معروفة اتخذ كل منها شكلا ثابتا باقيا لا يتغير ، وقد انفصلت هذه الآلهة عن عالم الأشباح وقد عبد الإنسان بعض الحيوانات لأن فيهم قوة سحرية خاصة ، أو استعطافا لها وقدم خضوعه قرب إليها القربان لينجو من مخالبها وشرورها.
والإسنان له روح مادية تسمى كا تسكن معه في القبر وروح نورانية تسمى با تصعد إلى السماء. أما الآلهة فتختلف عن بني الإنسان وذلك أن الإله يمكنه في كل لحظة أن يترك الجسم الذي يسكن فيه ونتقل إلى حسم آخر كنما يريد لأنه لم يكن عرضة للموت فيما عدا الإله أوزيريس.
ويعتقد المصري القديمة أن الإله قوة أبدية ، وأن الإنسان دائما في حاجة إلى مساعدة الإله. والقوى الطبيعية صارت آلهة مثل:
الشمس ، و
القمر ، و إله الأرض جب وإلهة السماء نت والإله شو إله الفضاء الذي يفصل بين السماء والأرض. وهناك أساطير مختلفة عن الخلق.
وقد خلقت إقامة الشعائر والطقوس الدينية صلة لا يمكن فصم عراها بين الإله المعبود والإنسان العابد ، وكانت هناك طبقات مختلفة للكهنة.
وكان السحر له تأثير في الديانة المصرية. ومن الأساطير المهمة أسطورة الإله رع وفتكه ببني الإنسان أنهم تآمروا عليه ، وقام
تحوت بتخدير
حتحور التي أخذت شكل سخمت اللبؤة لتقضي على بني البشر ، وبذلك لم تقض على البشر.
وقد مثل المصري العدالة التي تقوم على مبادئها كل المدنية المصرية وحسن سير الجماعة. منذ فجر التاريخ في هيئة إلهة إمرأة وأطلق عليها إسم
معات ونسبتها بنت الإله رع إله الكون وزوجها الإله تحوت المنشئ لكل مدنية العالم. والواقع أن نشأة المدنية المصرية التي قوامها العلم والعدل والإدارة الحسنة في نظام الحكم ، يرجع إلى أصل ديني أو اجتهد المصري أن يعزوه إلى أصل ديني وذلك للأن الدين كان متغلغلا فيكل مرافق حياته. فمثل إله العلم تحوت بالطائر إبيس أو القمر وفي يده قلم وقرطاس. ومثل إلهة العدل بإمرأة تحمل ريشة فوق رأسها رمز الرقة والعدالةِ. أما الإدارة ونظام الحكم فكان ممثلا في الإلهة
سشات (ومعناها التي تكتب). تمثل على شكل إمرأة جالسة على كرسيها وبيدها
قلم و
قرطاس.