ورشة العمل الاقليمية حول: " النوع الاجتماعي والتحول الديمقراطي في الوطن العربي "Gender and Democratization in the Arab Region"
11-13 آذار/مارس 2002
عمان، الأردن
المركز الإقليمي للأمن الإنساني
في المعهد الدبلوماسي الأردني
ورقة قطرية: " الجنوسة والدمقرطة في الأردن"
مقدمة من :
السيدة نانسي باكير
(الأردن)
* تم تغيير عنوان الورقة بعد الاستماع إلى كلمة صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال
" لا يمكن لأي حكومة ان تدعي بأنها ديمقراطية، اذا استثنت نصف شعبها من صناعة القرار"
كوفي أنان
اكتوبر 2000
مقدمة
من الحقائق البديهية والمعروفة للجميع والتي ترد في معظم الادبيات والتقارير الخاصة بالنساء ان "المرأة تكون نصف المجتمع الكوني ولذلك لا يمكن لاي مجتمع ان يتقدم ويتطور ونصفه عاطل او معطل او ضعيف". فالمرأة نصف العنصر البشري لهذا الكون (المعمورة)، ونصف الموارد البشرية لاي مجتمع، مما يصعب تهميشها او تهميش دورها في مجتمع يسعى لمواكبة متطلبات الحياة المعاصرة ومستحقات القرن الجديد. كما وان تعدد مسؤولياتها، في البيت والعمل والمجتمع يعطيها معرفة واسعة، وفريدة في حمل امانة المسؤولية، مما يؤهلها على التأثير بقوة على مجريات الحياة بشقيها العامة والخاصة، وفي القطاعات المختلفة.
تشير كتب التاريخ الى قصص نساء عظيمات تبوأن اعلى المناصب السياسية في بلادهن، وقد وصلت النساء الى سدة الحكم في حقبات تاريخية لم يكن للديمقراطية فيها عنوانا او شعارا او نظاما. وكان من المتوقع ان يتطور الوضع السياسي للمرأة كثيرا بعد بزوغ فجر الديمقراطية، الا ان هذا التوقع لم يحدث على الرغم من اطلاق الكثير من الدعوات وبروز العديد من الحركات. وفي عصرنا هذا نجد ان منطقة الشرق الاقصى تصدرت العالم بعدد النساء في سدة الحكم في دول ليست في قمة القائمة الديمقراطية، بل في دول تضم تعداد سكاني كبير وامكانات محدودة نسبيا كالفلبين، واندونيسيا، وبنغلادش وسابقا الهند، وهي ملاحظة تستوجب التمحيص والدراسة.
ولاعطاء صورة اكثر وضوحا عن واقع المرأة لا بد من التوقف عند عدد من الملاحظات:
اولا: المرأة على المستوى العالمي
ان مسيرة المرأة بمستوياتها العالمية والاقليمية والمحلية مرت بمحطات هامة ومفصلية على مدى عشرات السنين بل ومئات السنين، الا ان الاكثر اهمية هي العقود الثلاث الماضية واكثر تحديدا عقد التسعينات من القرن الماضي. ففي مؤتمر منظمة المرأة للتنمية والبيئة (مؤتمر المرأة العالمي نحو عالم اكثر صحة)، اجتمعت اكثر من الف وخمسمائة سيدة من 83 دولة، حضرن لوضع وتبني الاجندة 21 الخاصة بالمرأة، وهي مسودة الوثيقة التي تدعو الى " كوكب اكثر صحة وسلاما في القرن الحادي والعشرين"، وهكذا تسلحت المرأة بآلية مؤثرة استطاعت من خلالها ان تنجح في التسويق لفصل "المساواة الجندرية/الجنوسية/ النوع الاجتماعي "، في وثيقة رسمية للامم المتحدة ظهرت فيما بعد بعنوان الاجندة 21، واعلان ريو.
وشمل جوانب التركيز والالتزام في الاجندة 21 المتعلقة بتمكين المرأة وتعزيز وضعها عدة جوانب لعل اهمها:
* الاعتراف بدور المراة ، وشراكة المرأة للرجل
* سهولة وصول المرأة الى الموارد
* قضايا المرأة من حيث ارتباطها بالفقر والتعليم والعمل، والصحة والامن
* منظمات المرأة، وتمكينها في عمليات التنمية
* حقوق المراة ، والمعلوماتية، و الابعاد المؤسسية
ومنذ عام 1992 تصدرت القضية الجندرية العلنية الكثير من المؤتمرات و منها:
* المؤتمر الدولي لحقوق الانسان (فيينا 1993)
* المؤتمر العالمي للسكان والتنمية (القاهرة 1994 – ICPD )
* القمة الدولية للتنمية الاجتماعية (كوبنهاجن 1995- WSSD)
* المؤتمر الدولي الرابع للمرأة (بكين 1995)
* مؤتمر الامم المتحدة الثاني عن المستوطنات البشرية (استنبول 1996)
* القمة الدولية للغذاء (روما 1996)
* مؤتمرات المراجعة (ICPD +5 ، 1999)، و (WSSD+5، 2000)، و (5+Beijing، 2000). * وغير ذلك من لقاءات
ويبدو ان غالبية الاراء تتفق على ان مؤتمر بكين 1995 ، كان الاميز من هذه المؤتمرات حيث وضعت الوثيقة النهائية قاعدة العمل على الاساس الجندري/ النوع الاجتماعي، وتم تحديد العمل من خلال ستة مجالات هي:
* ان يكون الجندر/النوع الاجتماعي هو الاتجاه الغالب في التنمية المستدامة
* مشاركة المرأة في صناعة القرار في عمليات التنمية
* تعزيز قدرات المرأة
* مشاركة المجتمع المدني (الاهلي)
* البحث والتحليل العلمي في الجندر/ النوع الاجتماعي
* تمكين المرأة اقتصاديا
اما الاستراتيجيات الفعالة فقد تركزت في تغليب جانب الجند ر او النوع الاجتماعي في مكوناتها ومفرداتها،اضافة الى الشراكة بين الرجل والمرأة، وحقوق الانسان، ومدخل شمولي للتنمية.
ثانيا: المرأة على المستوى الاقليمي
على الصعيد الاقليمي شهدت الحقبة الاخيرة من القرن الماضي اهتماما خاصا بالمرأة وقضاياها في معظم دول العالم النامية لتعزيز مشاركتها على اوسع نطاق في عمليات التنمية، وفي صياغة شكل المجتمع الذي تنتمي اليه وعلاقاته مع الغير.
وحققت المرأة في هذه الدول تقدما مضطردا (نسبيا) في معدلات التعليم والمستوى الصحي للنساء من جهة وفي ميدان العمالة من جهة اخرى، وذلك بفضل ما تقوم به المؤسسات الاجتماعية والثقافية والتعليمية والمؤسسة الاسرية وبعض وسائل الاتصال الجماهيري وغيرها من عمليات التنشئة الاجتماعية وتنمية الموارد البشرية التي يمكن استثمارها لاحداث التغيير المنشود في وضع المرأة وتفهم قضاياها سواء على صعيد زيادة الوعي بوضع المرأة ودورها الذي لا غنى عنه كشرط من شروط التنمية الحقيقية او على صعيد انعكاس مثل هذا الوعي على منظومة القيم والمواقف والاتجاهات الاجتماعية بشكل ايجابي وبالتالي حدوث التغيير النوعي المنشود الذي يتجسد فعليا وعمليا بصنع المشاركة المتوازنة وباسلوب تكاملي بين ادوار نصفي المجتمع لتلبية متطلبات ومستحقات التنمية على جميع الصعد.
ثالثا: المرأة على المستوى المحلي
وبخصوص المرأة الاردنية ظهرت سياسة ادماج المرأة في عملية التنمية وتعزيز مشاركتها في العمل في خطة التنمية الوطنية (1975- 1980) وذلك عن طريق زيادة فرص التعليم للمرأة وتنظيم برامج معينة لها للتدريب، كما تم التعبير عن هذه السياسة من خلال عقد مؤتمرات وندوات نظمت من قبل مؤسسات حكومية وغير حكومية بالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة نتيجة للسياسة التي استهدفت تهيئة مناخ افضل لمشاركة المرأة في العمل وذلك من خلال الخطط التنموية والتشريعات.
وقد جاء ذلك ادراكا بضرورة إدماج المرأة الأردنية في عملية التنمية حيث لا يمكن تهميش مشاركتها في الجهود التنموية الشاملة التي تحتاج إلى استنفار جميع الطاقات المتوفرة في المجتمع واصبح واضحا انه لا مجال للتقدم على جميع الأصعدة الا بقيام المرأة التي تشكل نصف الموارد البشرية المتاحة بدورها كاملا في معركة التنمية الطويلة الأمد. ومن هنا فان المـــــــــــرأة الأردنية لا يمكن ادماجها في عملية التنمية وتعميق وعيها بالمفهوم الصحيح وتعظيم مشاركتها واسهامها في العملية التنموية الا إذا كانت تملك الوسائل والإمكانيات للتأثير على جميع الأصعدة في المجتمع. كما وان دراسة قضايا المرأة يشكل موضوعا ثابتا ليس لأهميته وقيمته الجوهرية فقط بل أيضا لأنه المفتاح لفهم الأنماط الاقتصادية والثقافية والاجتماعية وتشكيلها، فالتغيير في وضع المرأة في أي جماعة أو بيان اجتماعي يمكن أن يكون مؤشرا حساسا ودقيقا للتغيير في مختلف الأوجه في المجتمع.
مع هذا التوجه شهد الاردن مؤتمرات وندوات وحلقات بحث عديدة (وقد اطلق على عمان عاصمة المؤتمرات نظرا لهذا النشاط الملحوظ) تؤيد ادماج المرأة في التنمية، ولا تكاد تخلو ورقة عمل تم مناقشتها خلالها إلا وركزت على دعوة الأجهزة لتحمل مسؤولياتها والمساعدة على خلق كل الظروف الموضوعية لتحسين واقع المرأة في المجتمع والتصدي للصعوبات التي تواجهها وتذليل العقبات التي تحول دون مشاركتها بفاعلية في عملية التنمية حيث يتطلب الاهتمام بالمرأة تكاتف الجهود السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية لخدمة قضاياها بإحساس من المسؤولية التي أكدتها المواثيق الدولية واشادت بها، تأكيدا لحقوق المرأة بمفهومها الشامل.
وجاء توقيع الاردن على الاتفاقية الدولية الخاصة بالقضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة عام 1989، والمصادقة عليها في عام 1992 مع بعض التحفظات، تأكيدا على التزامه واعلانا للعمل على النهوض بالمرأة الاردنية، وقامت العديد من المؤسسات الرسمية وغير الرسمية والمنظمات غير الحكومية وفي مقدمتها اللجنة الوطنية لشؤون المرأة بجهود واضحة ومؤثرة لترجمة ما جاء في الاتفاقية، وفي المشاركة الجادة في وضع وتنفيذ توصيات المؤتمرات الدولية الخاصة بالمرأة، بقناعة ودراية وهدوء تمشيا مع عملية التغيير الثقافي والقيمي والتي عادة ما تتصف بالبطء.
وقد ادت الجهود بتظافرها الى تحقيق الانجازات التي مهدت للمرأة ان تثبت جدارتها وان تتبوأ مكانة بارزة في المجتمع وتساهم بشكل فاعل في مسيرة التنمية. وقد كفلت القوانين والانظمة مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في مجالات العمل والتوظيف والضمان الاجتماعي، واعطيت المرأة حق المشاركة السياسية انتخابا وترشيحا، وفتحت امامها مجالات التعليم والتدريب. وترتب على كل ذلك تقليص فجوات الجنوسة (الفجوات الجندرية) بشكل ملفت للنظر، ففي مجال التعليم يشير الكتاب السنوي لوزارة التربية والتعليم وفي جدول تطور اعداد المدارس والطلبة والمعلمين الى ما يلي:
العام عدد المدارس الطلبة المعلمون
1952/53 958 124804ذ/45973أ 3039ذ/1403أ
1999/2000 4808 717869ذ/689860أ 24160ذ/39427أ
كانت نسبة الطلبة الى الطالبات عام 52 (73%)، وفي عام 99 بلغت النسبة حوالي (50%) ، اما بخصوص الهيئة التدريسية ، فقد بلغت نسبة المعلمين الى المعلمات في الاعوام 52 و99 (68%)، و(37%) على التوالي. وبلغت نسبة الاطفال في المدارس 94% للاناث، 95% للذكور، وفي مرحلة الحضانة 27% اناث، و30% ذكور، وتقلصت نسبة الامية لتصبح 7% للذكور و19% للاناث ومع الفارق الكبير في هذه النسبة، الا اننا وبالعودة الى عشرين سنة ماضية نجد ان النسبة كانت في حدود 50%، الا ان المرأة تتفوق على الرجل في معدل الاعمار ، حيث ان معدل عمر المرأة 5ر72، والرجل 7ر69 عاما. وتجدر الاشارة هنا الى ان تعليم المرأة قد ادى الى خفض معدل الخصوبة من 4ر7 الى 4 وذلك خلال العشرين سنة الماضية التي تم خلالها مكافحة امية المرأة. وخلال هذه الفترة الزمنية تضاعفت مشاركة المرأة في القوى العاملة ووصلت الى 14%.
اما أرقام دائرة الإحصاءات العامة لعام (1997) فتشير الى ان 87 بالمائة من القوى العاملة الأردنية هم من الذكور وان 13 بالمائة من الإناث. توظف المؤسسات الحكومية أو شبه الحكومية حوالي 37 بالمائة من القوى العاملة وهناك إقبال خاص من النساء على وظائف القطاع العام ، إذ يظهر مسح العمالة والبطالة الذي أجرته دائرة الإحصاءات العامة في عام 1999 ان 46 بالمائة من جميع النساء العاملات يعملن في القطاع العام. وتشير الدراسة نفسها إلى أن البطالة آخذة بالتزايد بين النساء اللواتي يزيد تحصيلهن على الثانوية العامة ، وهذا يثير أسئلة عن مدى ملائمة تعليم الإناث لفرص العمل المتاحة.
وتشير إحصائية صادرة عن وزارة العمل الأردنية عام 1994 إلى أن نسبة المرأة العاملة في الأردن لا تتجاوز (14%) من مجموع القوى العاملة الأردنية التي بلغت (851) ألف عامل وعاملة في سوق العمل الأردني تتركز في مواقع العمل التي تعنى بالمهن المتخصصة بنسبة (42%) من القوى العاملة النسائية بينما يشكل تواجدها في المهن ذات الطابع الكتابي ما نسبته (14%) وتشكل باقي المهن ما نسبته (44%).
ومع أن المرأة الأردنية بشكل عام حققت تقدماً كبيراً في مجال التعليم والمشاركة في العمل إلا أنه كما تشير الإحصائيات المتعلقة بالتعليم فإن هنالك اختلافاً واضحاً بين الرجل والمرأة بالنسبة لمستوى التحصيل العلمي واختيار حقول التعليم وهذا بدوره يشير إلى أن مشاركة المرأة في القوى العاملة سوف تبقى مقيدة بسبب محدودية التعليم والتدريب الذي يتاح للمرأة.
رابعا: المرأة الاردنية في العمل السياسي
وفيما يتعلق بمشاركة المرأة الاردنية في العمل السياسي، تبين دراسة استطلاعية حديثة للدكتور محمد جهاد الشريدة بعنوان "المرأة الأردنية في المجال السياسي" صدرت في كانون ثاني 2002 لبحث موضوع مشاركة المرأة الاردنية في الانشطة السياسية الذي لا يزال يتأرجح بين التأكيد والمعارضة او الرفض، في مناخ تسعى من خلاله الكثير من الفعاليات والتنظيمات النسائية الى تأكيد هذا الحضور وترسيخه بصعوبة كبيرة.
وقد أمكن الاستخلاص من نتائج الدراسة أن نسبة ملحوظة من أبناء المجتمع الأردنيين يؤيدون عمل المرأة في المجال السياسي. وذلك يأتي على عكس ما يتوقعه البعض، من تأييد المجتمع لعمل المرأة في المجال السياسي ما زال متدنيا، ويلاحظ أيضا بان النسبة الغالبة على أفراد العينة يعتقدون بأنه لا يوجد تأثير لتكوين المرأة البيولوجي على العمل في المجال السياسي كما تبين بان النسبة الغالبية من أفراد العينة يعتقدون بان التأهيل العلمي العالي للمرأة يزيد من قدرتها ويحسن أداءها في العمل بالمجال السياسي إلا أن الملاحظ أيضا أن المجتمع ما زال يرى أن عمل المرأة في هذا الميدان يؤثر بشكل سلبي على دورها في تنشئة أطفالها والاهتمام بشؤون أسرتها.
وتبين أن ما يزيد على نصف حجم مجتمع البحث، لا يؤيد تخصيص حصة محددة للنساء في عضوية مجلس النواب كما أن أفراد العينة يعتقدون بان دور المرأة الأردنية في مناقشة القضايا السياسية ما زال حتى الآن غير فاعل. وهناك قضية جديرة بالإشارة إليها، وهي أن غالبية المجتمع الأردني يرى بان العقيدة الدينية لا تعارض عمل المرأة في المجال السياسي على عكس ما يروج له البعض.
وقد أوصت الدراسة على ضرورة أن تقوم وسائل الإعلام بتقديم قضايا المرأة بالصورة التي تؤدي إلى إحداث المزيد من التغيير الإيجابي في نظرة المجتمع واتجاهاته نحو المرأة ومشاركتها في مختلف جوانب حياته. وأن على التنظيمات النسائية الأردنية أن تطرح قضايا المرأة بالأسلوب الذي يخدم غاياتها ومن دون أن يكون طرحا استعدائيا للرجال خاصة وأن المجتمع الأردني ذكوريا كباقي مجتمعات العالم الثالث وأن على الأحزاب السياسية والمنظمات الشعبية والنقابية أن تأخذ دورها في طرح قضايا المرأة بالصورة التي تؤدي إلى النهوض بمستواها ومعالجة مشكلاتها.
- نصت الكثير من المعاهدات والاتفاقيات الدولية على منح المرأة حقوقها على قدم المساواة مع الرجل، ومنها ما يتعلق بالمجال السياسي، حيث تشير الفقرة (ب) من المادة 13 في ميثاق الامم المتحدة ( وهو بمثابة الدستور العالمي لجميع الدول الاعضاء، بما فيهم سويسرا التي انضمت مؤخرا) الى ان الجمعية العامة تنشئ دراسات وتضع توصيات بقصد "انماء التعاون الدولي في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والصحية، والاعانة على حقوق الانسان والحريات الاساسية للناس كافة بلا تمييز بينهم في الجنس او اللغة او الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء".
وتؤكد المادة (55) من الميثاق على "ان يشيع في العالم احترام حقوق الانسان والحريات الاساسية للجميع بلا تمييز بسبب الجنس او اللغة او الدين، ولا تفريق بين الرجال والنساء ومراعاة تلك الحقوق والحريات فعلا".
وقد نص الاعلان العالمي لحقوق الانسان صراحة على ان للرجال والنساء حقوق متساوية. واكدت العهود الدولية ذلك في المادة الثالثة من الحقوق المدنية والسياسية بان "الدول الاطراف في العهد تتعهد بضمان مساواة النساء في حق الاستمتاع بجميع الحقوق المدنية والسياسية المدونة في الاتفاقية الحالية". وفي المادة (25) ، " ان لكل مواطن الحق والفرصة دون أي تمييز ... في المشاركة في سير الحياة العامة مباشرة او عن طريق ممثلين، ان ينتخب وينتخب في انتخابات دورية اصلية وعامة…وان يكون له الحق في الحصول على الخدمة العامة في بلاده على اسس عامة من المساواة".
- ونعني هنا بمشاركة المرأة في المجال السياسي او الحياة السياسية: المشاركة التقليدية، وهي محصلة وجود المرأة في مراكز صنع القرار أي السلطات الثلاث :
التنفيذية والتشريعية والقضائية، او المشاركة غير التقليدية كالاحزاب وجماعات الضغط كالنقابات المهنية ووسائل الاتصال الجماهيري (الاعلام).
واذا قمنا بالنظر للارقام التالية لوجدنا ان هناك تمييزا سلبيا في حق المرأة وان وجودها على الساحة السياسية التقليدية وغير التقليدية لا يتناسب مع اعدادها وقدراتها وامكاناتها وطاقاتها، ولكن هذا الواقع قد يصاحبه فرضية اخرى تفرض نفسها من باب الموضوعية العلمية وهي : عدم رغبة النساء المتفوقات علميا الى الاندفاع نحو هذا المجال بل تفضيلهن مجالات اخرى كالقطاع الخاص (قطاع الاعمال)، اوالقطاع الاكاديمي وغيره ح
'والقطاعؠ'لاكاديميؠHغيرهؠ-
zوnenYK=
wƒk]wNwB
يث تعطي هذه المجالات مساحة اوسع لتحقيق الذات والطموح على اساس الكفاءة والجدارة.
جرى العرف في العقود الثلاث الماضية على وجود امرأة وزير في التشكيلات الوزارية المتعاقبة، وقد وصلت احدى النساء الاردنيات الى رتبة نائب لرئيس الوزراء، كما تم تعيين نساء في منصب امين عام او مدير عام دائرة ومستشار، وعين مؤخرا سفيرتان في دول اجنبية، وشهدت التسعينات ايضا تعيين 99 امرأة في مجالس بلدية وقروية، وانتخاب عشرة نساء في هذه المجالس. وتجدر الاشارة الى ان معظم النساء العاملات وتحديدا اكثر من نصف اجمالي العاملات هن في قطاع الصحة والتعليم والعمل الاجتماعي، حيث يعمل الرجل بنسبة 8% في هذه القطاعات. ومع ارتفاع نسبة النساء في قطاع التعليم الا ان نسبة النساء في مستوى صناعة القرار في وزارة التربية والتعليم هي 10%. وهناك توقعات وآمال بان نشهد مزيدا من الاختراقات الايجابية لصالح المرأة في السلطة التنفيذية وفي القطاعات المختلفة.
اما في السلطة التشريعية (مجلس الامة) والذي يتألف من مجلس الاعيان (المجلس المعين )، ومجلس النواب (المجلس المنتخب)، فقد نجحت في الانتخابات النيابية عام 1993 سيدة واحدة، ولم تتمكن (17) مرشحة في انتخابات عام 1997 من الفوز باي من المقاعد، وقد وصلت سيدة واحدة الى مقعد برلماني شاغر بسبب وفاة احد نواب المجلس تم انتخابها من قبل نواب المجلس (ولهذا دلالات على تقبل اعضاء المجلس النيابي لسيدة بينهم). وهنالك توقع بأن تترشح عشرة نساء للبرلمان القادم، معظمهم في عمان. اما مجلس الاعيان فانه يضم حاليا ثلاث سيدات، وقد ضم المجلس السابق ثلاث سيدات ايضا اي 8% من المقاعد.
وشهدت السلطة القضائية اقبالا نسويا حيث دخلت عدة نساء في الجهاز القضائي وقد تجاوز عددهن الان عشرة قاضيات ، وفي دراسة فنية عاجلة لقياس الانتاجية في عدد القضايا المنجزة من قبل القضاة تبين ان المرأة تنجز ضعف العمل المطلوب، حيث تواصل العمل في بيتها في معظم الحالات. ويبدو ان هذا الامر مألوف ليس فقط في السك القضائي بل وفي قطاعات اخرى حيث تعمل المرأة ساعات اطول، ولعل ضرورة اثبات الوجود يوميا هو احد اسباب مواصلة العمل الرسمي في المنزل.
اما وضع المرأة في المجال السياسي غير التقليدي كالاحزاب وجماعات الضغط كالنقابات ووسائل الاتصال الجماهيري كالاعلام (المرئي والمسموع والمقرؤ) فهو على النحو التالي: تشكل النساء في جميع الاحزاب فقط 10%. تشارك المرأة الاردنية في النقابات المهنية وتشير ارقام دائرة الاحصاءات العامة لسنة 1999 الى ان نسبة النساء في نقابة الممرضين والممرضات 73%، وفي نقابة الصيادلة 43%، واطباء الاسنان 31% والمهندسين الزراعيين 27% ونقابة الصحفيين 17% (وحسب ارقام النقابة لديهم 80 امرأة من 600، اي ان النسبة حوالي 13%)، ونقابة المحامين 16% والمهندسين 8%.
ولا اشير هنا الى ان التمييز ضد المرأة في المجال السياسي سببه الرجل، خاصة وان حال الرجل في المجال السياسي ليس بافضل من حال المرأة، كما وان التمييز يتم على صعد عدة قد يكون اقلها اهمية التمييز على اساس الجندر.
خامسا: الصعوبات والمعيقات
ان الاسباب المعيقة للمشاركة النسائية الفاعلة على الصعيد السياسي في اطاره التقليدي او في اطاره الخاص كثيرة ومنوعة ومتجذرة ويمكن ادراجها تحت مجموعة عوامل هي:
أ- العوامل الاجتماعية
يؤثر المجتمع الاردني بقيمه ومبادئه وانماط علاقاته في تحديد موقع المراة اجتماعيا، فالثقافة السائدة ابوية ، ذكورية، عشائرية، جهوية، وعائلية. فتقع المرأة في دائرة سلطة شبه مطلقة تتجسد في الاب او الاخ او الزوج، فرأس العائلة وقائد العشيرة يحدد نطاق عمل المرأة ومساحتها الخاصة، وهذا العامل يتفاوت في اعاقته وبشكل نسبي من منطقة الى اخرى، مما يؤدي الى دخول المرأة المعترك السياسي (تقليديا او غير تقليدي) على استحياء وبحذر شديد، خاصة وان هذا لمجال يحتاج الى تميز نوعي في التعليم والتدريب والمهارات التي لا تتوفر لشريحة واسعة من النساء. كما ان العرف قد رسخ ان منافسة الرجل للرجل هو تحد، ومنافسة المرأة للرجل هو تطاول عليه، مع ضرورة الاعتراف بوجود رجال تدعم وتفخر بالمرأة وومسيرتها وتقدمها ولكن ضمن الحدود التي يرسمها المجتمع فتخضع لها. وهكذا فان النظام الابوي يضع العقبات امام وصول المرأة الى مراكز القرار السياسي، ويجعل من واجب المرأة وضع كافة طاقاتها وقدراتها لخدمة اهداف وعمل الرجل على حساب ذاتها، كما يحد من خياراتها، ويحدد نمط مشاركتها في الانتخابات ترشيحا وانتخابا.
ب- العوامل الاقتصادية
تتطلب مشاركة المرأة على الصعيد السياسي بعامة والانتخابات وما يترتب عليها من فعاليات كلفة مالية عالية حيث تعجز المرأة في مجاراتها نظرا لعدم تمتعها بالاستقلالية المالية في معظم الحالات، كما وان المساهمة في المجالات الاخرى من العمل السياسي تتطلب التزاما من حيث الوقت، ويشكل ذلك صعوبة امام المرأة المتزوجة والعاملة. وهي من العوامل التي تفسر غياب المرأة في التنظيمات التي تفرض التزاما من الوقت والعمل.
ج- العوامل الثقافية والاعلامية
يمكن استخلاص النظرة الراسخة في الاذهان نحو المرأة من نتائج بعض البحوث المتصلة بصورة المرأة وادوارها التي تركز عليها مختلف وسائل الاعلام العربية، ونوعية الموضوعات المقدمة للمرأة العربية والقيم التي تكرسها هذه الوسائل بالنسبة لها باعتبارها من ادوات التنشيئة والتشكيل المؤثرة عليها وعلى المجتمع برمته. وتشير بعض المقتطفات من هذه الدراسات/البحوث الى ان الاعلام حيث يدري او لا يدري يسهم في الاساءة الى المرأة بنشر ثقافة مجتزئة وغير صحيحة عنها:
تقول ليلى عبد المجيد في بحثها (1990) " ان مضمون وسائل الاعلام العربية الموجهة للمرأة يدور اغلبه حول الادوار والاهتمامات التقليدية للمرأة وان هناك تركيزا نسبيا على قضايا المرأة ذات الطابع الاجتماعي، وان معالجة هذه القضايا تتسم في الاغلب بالسطحية و لا تهتم بالاسباب المجتمعة لهذه القضايا، كما ان مضمون وسائل الاعلام العربية الموجهة للمرأة في اغلبه لا يهتم بادماجها في عملية التنمية الشاملة بالاضافة الى ان هنالك اهمال لقضية المشاركة السياسية للمرأة ومشاركتها في العمل النقابي، الا في بعض الاستثنناءات. كما لاحظت على صعيد القيم والادوار بان وسائل الاعلام العربية تظهر ان "قيمة العمل في حياة المرأة لم تظهر بالقدر اللازم والمطلوب بالاضافة الى ان قيمة المساواة لم تتجسد، فوسائل الاعلام تصور المرأة في صورة ادنى من الرجل وتابعة له وانها مخلوق ناقص ولا تعتبر انسانا قائما بذاته وان الرجل ينبغى ان يكون وصيا عليها وعلى ملكيتها، ومع استثناءات بسيطة فقط فيما تقدمه وسائل الاعلام العربي حول العلاقة بين الرجل والمرأة تنحو نحو الندية والمساواة."
فالمرأة العربية تقدم في اغلب الاحيان في ادوار هامشية وتصورعلى ان دورها في الحياة ثانوي باستمرار. وقد كشف التحليل ان وسائل الاعلام العربية( عدا استثناءات قليلة) تركز على دور المرأة كربة بيت او المرأة التي لا تعمل في مهنة واضحة وان هذا يقابله في معظم الاحيان ضعف اهتمام هذه الوسائل بدور المرأة كمبدعة وكمنتجة ومشاركة في الحياة العامة، والحياة السياسية. وقد ادى ذلك الى الترسيخ الذهني المجتمعي للصورة النمطية السلبية عن المرأة وفي المجالات المختلفة وبالاخص في المجال السياسي الذي يستوجب الكثير من المتطلبات.
وفي بحث لهاجر صادق ذكرت انه على الرغم من التركيز على المرأة ودورها في المجتمع ومن تخصيص سنة دولية للمرأة عام 1975 وتخصيص عقد كامل لها وعلى الرغم من عقد الندوات والمؤتمرات وحلقات البحث العديدة وتركيزها على اهمية التوعية بادوار المرأة حول العديد من القضايا والامور التي تهمها كجزء اساسي وفاعل في المجتمع، ورغم الاهتمام بالتوصيات الصادرة عن كل هذه المؤتمرات التي تعنى بقضية رفع المستوى الثقافي والتعليمي للمرأة وضرورة انخراطها في عملية التنمية نلاحظ ان البرامج الموجهة للاسرة ما زالت بعيدة عن العملية التثقيفية للمرأة حيث أن المادة المقدمة تدور حول الالتزامات المنزلية، ومسؤولية المرأة أمام الزوج والأطفال دون توضيح المسؤولية المشتركة بين المرأة والرجل تجاه الأسرة والمنزل والمجتمع.
ورغم كل المحاولات في تغيير النظرة للمرأة وتغير نظرة المرأة لنفسها. فمجتمعنا ما زال مجتمعا رجوليا يظهر فيه الرجل من حيث يدري أو لا يدري في حياته اليومية تفوقا ما أو تسلطا بحجة تكوينه الفسيولوجي الذي منحه هذا الحق بشكل يجسد إقرار التبعية المطلقة له في البيت وفي الحياة العامة الى من هو أقل منه وهي المرأة.
وقد توصلت صالحة سنقر 1990 إلى ملاحظة أن الإعلام يعمل وفق أنظمة ومعايير وقيم لها دلالات ثقافية متباينة بين مجتمع وآخر، بعضها تقليدي وبعضها عصري، وأن بعضها لا يزال يرتكز على الكم اكثر من الكيف وتلبية متطلبات التنمية المستقبلية ويسعى إلى تنمية قطاع المرأة من خارجه وكأنه وحدة لا تتأثر عضويا ببيئة المجتمع، ويهمل دور المرأة الريفية ومشاركتها في العملية الإنتاجية والتنمية الاقتصادية وأن بعض وسائل الإعلام تحرص على التكيف مع الواقع اكثر من تغييره ورسم علاقة الرجل بالمرأة على أساس الجنس والنظر إلى جسدها كأسلوب جذب للجمهور مكونا قيما مشوهة تفتقر إلى الأصالة وتبتعد عن المفهوم الإنساني.
د- العوامل السياسية
ينظر البعض الى ان قضية المرأة قضية سياسية، وبطبيعة الحال ترتبط بالارادة السياسية في كل قطر عربي، بحيث تكون هذه الارادة مرآة حقيقية لمدى ايمانها بقضايا المرأة ، ولجديتها في التعبير عنها عبر اصدارات التشريعات الخاصة بها والتطبيق الفعلي لها. ومن جهة اخرى تؤثر متطلبات العمل السياسي على المرأة من خلال ما يتضمنه هذا العمل من تقسيمات مناطقية واقليمية ودوائر اانتخابية والتحاق المرأة بزوجها ومنطقته وانتماءاته السياسية والتمحور حول العشيرة والقبيلة والمنطقة الجغرافية التي تحدد الموقع مسبقا، كما ان العوامل السياسية ترتبط ارتباطا وثيقا بالعوامل التي تمت الاشارة اليها اعلاه.
سادسا: التوصيات والتدابير المقترحة لتفعيل مشاركة المرأة في العمل السياسي
1- ان قضية المرأة لا تنفصل بالكامل عن قضايا المجتمع كله، وان معالجتها تتم من خلال نظرة شاملة للمجتمع، ينهض بها رجاله ونساؤه على حد سواء، ولكن قد يتطلب الامر زيادة التركيز على النهوض بقضايا المرأة باعتبارها الاضعف والاقل مساهمة ومشاركة في البناء والتنمية والمجال السياسي، وخاصة من خلال قمم المرأة العربية والنشاطات العديدة المصاحبة لها.
وامام هذا الواقع دعت قرينة رئيس جمهورية مصر العربية السيدات الاول في الدول العربية لحضور المؤتمر الاول لقمة المرأة العربية تحت شعار: تحديات الحاضر وآفاق المستقبل في نوفمبر 2000، وقد تم الاتفاق على عقد منتديات خاصة بالمرأة في موضوعات وقضايا تهم المرأة: المرأة والقانون/ البحرين 2001، المرأة والمهجر/الاردن 2001، المرأة والسياسة/تونس 2001، والمرأة والاعلام/الامارات 2002.
وقد ساهمت جلالة الملكة رانيا المعظمة بدعم قضايا المرأة بكل الحب والرعاية و الالتزام، وستدعو جلالتها باذن الله للمؤتمر الثاني لقمة المرأة العربية لتعقد في عمان في الربع الاخير من هذا العام، حيث تكثف الجهود تحضيرا لهذا اللقاء الهام الذي يؤمل بان يواصل المساعي المباركة لنهضة المرأة العربية وتقدمها.
خرجت هذه المنتديات بتوصيات واعلانات وبيانات متخصصة بموضوع كل منتدى، واذا تعاونت الدول العربية على تحقيق ما جاء فيها من توصيات فان ذلك سيسجل انجازا عظيما مؤثرا قادرا على احداث التغيير الذي نريد.
التأكيد على توصيات منتدى المرأة والسياسة والتي جاء فيها:
* احترام ما نصت عليه الدساتير العربية من مبادىء اساسية تضمن المساواة في الحقوق والواجبات بين الرجال والنساء سواء في المشاركة السياسية او الحياة العامة.
* توفير المناخ الملائم لدعم قيم لمساواة وتأكيد روح المواطنة لتحقيق المشاركة الفعلية للمرأة في الحياة السياسية بمنأى عن كل تمييز
* تأمين حقوق المرأة العربية في هيكل وآليات السلطة وموقع صنع القرار على مختلف المستويات
* دعوة المراكز العلمية العربية المتخصصة الى اعطاء الموضوعات المتصلة بالمشاركة السياسية للمرأة الاهتمام اللازم مع الاخذ في الاعتبار منهجية النوع الاجتماعي.
* وضع خطة عمل عربية مشتركة تهدف الى ترسيخ حقوق المرأةتشريعا وممارسة بالاعتماد على مناهج واضحة لتطوير الافكار والعقليات...
* تبني سياسات وبرامج وآليات من شأنها ان تعزز تمثيل المرأة في المجالس البرلمانية والمحلية تحقيقا لمفهوم الديمقراطية بما في ذلك الاخذ المرحلي بنظام الحصص...
* تنمية قدرات المرأة العربية في ميدان العمل السياسي عن طريق برامج التثقيف الفكري والتدريب السياسي والتوعية ضمن برامج الاحزاب مع السعي الى تبادل التجارب والخبرات بين الاحزاب العربية.
* اقتراح بانشاء آليات وطنية مرتبطة بالسلطة العليا تعنى بشؤون المرأة تقترح السياسات وتضع الخطط والبرامج الهادفة وتنسق الجهود الحكومية.
2- نظرا لاهمية الاعلام ودوره في النهوض بالمرأة، ولدعم الصورة الحقيقية والواقعية للمرأة جاء في الفقرة (368) من استراتيجية الامم المتحدة للنهوض بالمرأة الاهتمام باجراء دراسة بشأن القوالب النمطية لصورة المرأة ...ولاتخاذ الخطوات اللازمة لتعزيز الحد من نمطية القوالب لصورتها في وسائل الاعلام. فوسائل الإعلام قادرة على خدمة المجتمعات وترسيخ النهج الديمقراطي بابراز الدور الحقيقي والجانب المنتج والايجابي للمرأة. كما وأنها قادرة على تمكين المشاركة السياسية للمرأة على قدم المساواة مع الرجل السواء،من خلال تشكيل مساحة عامة من الآراء الداعمة لها.
3- ونظرا لوجود المرأة وبكثافة في سلك التعليم وخاصة في مرحلة التعليم المؤنث (مراحل التعليم في السنوات الاولى تم تأنيثها أي ان هيئة التدريس هن من المعلمات بهدف منح الاطفال امتداد للدفء الاسري) وهي السنوات الاخطر في حياة الطفل، كما انها الفترة القادرة على اجراء التغيير، وبما ان المطلوب هنا دورا متفهما مقتنعا بالتطوير وتغيير الاوضاع الاجتماعية والسياسية والقانونية، فان هذا الدور يتطلب التوعية والتأهيل والتدريب النوعي القادر على احداث التغيير، والا فان جهل المرأة وسلبيتها في نقل ما نقل اليها، سيكرس الاجحاف والظلم والقمع بحق نفسها ونصف المجتمع الانثوي مدار ورشتنا هذه. وبالاضافة الى التدريب والتوعية لا بد من تطوير المناهج والكتب المدرسية لتحقق هذا التوجه.
4- هنالك محاولات على قلتها للتجهيل والقمع تقوم بها فئة تدعي التفقه الديني والافتاء مما يتطلب الصحوة لذلك، وخاصة من خلال الفقيهات المستنيرات لازالة الشوائب والافتراءات علىالدين الاسلامي الحنيف الذي يستغل في بعض الحالات لزرع مفاهيم متطرفة دخيلة، فالدعوة هنا الى الباحثين والباحثات في اصول الدين والشريعة للقيام بدورهم لدرء التجهيل، و ابراز الاراء الشفافة التي تتضمن الحس الانساني كآراء الامام الشيخ محمد عبده حين يقول " ان الخلية الاساس في المجتمع: العائلة حيث للمرأة دور كبير فيها...ولكن كيف يمكن ان تلعب هذا الدور وتتحمل المسؤولية وهي مضطهدة مستلبة في انسانيتها غارقة في الجهل وظلمات الخرافات والاساطير، محجوبة عن الدنيا، تشاركها في زوجها زوجات اخريات يحلن حياتها وحياة اولادها الى جحيم لا ينتج الا التأخر، وكل ذلك باسم الدين" وطبعا الدين منه براء.
5- اما التوصية الاخيرة فهي ما دعت اليه معالي السيدة ليلى شرف في مقابلة صحفية بان على الحركة النسائية ان تمزج بين الخدمات الاجتماعية وممارسة الحياة العامة والمساهمة في فعالياتها الثقافية والسياسية.... والمرأة بحاجة الى تغيير نفسها من الداخل، وان تصقل دورا جديدا لها، وان تكون قريبة من الرأي العام، واذا لم تغير نفسها وشخصها فلن تستطيع ان تنقل صورتها الى الرأي العام.
6-هنالك الكثير من القضايا والعقبات والتحديات التي تواجه المرأة العربية تشبه تلك التي تواجهها المرأة الغربية، مما يتطلب تواصلا بينهما للاستفادة من التجارب والخبرات والنجاحات من جهة، وتعميق حوار الثقافات والحضارات من جهة اخرى، في ضؤ التوجه العالمي نحو ترسيخ هذا النشاط الفكرى الهام.